Quantcast
Channel: الأرض والفلاح
Viewing all 1888 articles
Browse latest View live

مشكلات الفلاحين والنهوض بالقطاع الزراعى

$
0
0
مشكلات الفلاحين  والنهوض بالقطاع الزراعى

تقديم:

يصدر مركز الأرض تقرير "مشكلات الفلاحين والنهوض بالقطاع الزراعى" ويعد هذا التقرير رقم " 73 " من سلسلة الارض والفلاح التى يصدرها المركز ، ويهدف إلى التعرف على أوضاع الفلاحين ومشكلاتهم ويحاول بلورة رؤية لتطوير قطاع المحاصيل الزراعية وذلك من أجل دعم حقوق الفلاحين وتطوير منظماتهم المستقلة.

ويعتمد التقرير على بعض الدراسات والتقارير ذات الصلة بقطاع الزراعة وبعض الأخبار المنشورة بالجرائد المصرية خلال الفترة من 1/1/2016 حتى 30/9/2016 وكذا على بعض قضايا وشكاوى المركز.

ويكشف التقرير عن حجم الفساد الضخم الذى تمارسه أجهزة الدولة لصالح كبار الملاك وأصحاب النفوذ ، ويبين الدور السلبى للأحزاب والجمعيات التعاونية الأهلية والنقابات فى دعم حقوق الفلاحين ولم يتطرق التقرير إلى أسباب ضعف هذه المؤسسات التى تعود فى جانب منها إلى وصاية الدولة والقيود التى تفرضها على تحركات تلك المؤسسات وسط الفلاحين.

ويبين التقرير ضعف أداء الصحف والإعلام المصرى بشكل عام خاصة فيما يتعلق بصحة البيانات أو الانحيازات المفضوحة لكبار الملاك وأصحاب النفوذ والفاسدين تحت دعاوى الحياد والموضوعية أو بتحميل الفلاحين الأزمات ومطالبتهم بالكف عن المطالبة بحقوقهم باعتبارها مطالب فئوية.

الأمر الذى يؤدى إلى ضرورة قيام الفلاحين بأنفسهم بتكوين وتقوية تنظيماتهم المستقلة التى تضمن مشاركتهم فى إدارة البلاد وتضمن لهم توفير الدعم لمستلزمات الإنتاج وحماية أراضيهم الزراعية ومساكنهم وتحسين نوعية حياتهم وأوضاعهم المعيشية.

ويبين التقرير أن الخطط المقترحة ضمن محتوياته لإصلاح وتطوير قطاع الزراعة وتحسين أوضاع الفلاحين تحتاج إلى برامج ورؤى بديلة ، لكنه يؤكد أن هذه البرامج تتطلب مجهودا بحثيا يدرس التطورات التى لحقت بأوضاع الفلاحين الاقتصادية والاجتماعية خاصة تصنيف الملاك الزراعيين وأدوارهم ومعرفة الخريطة الطبقية لملاك أقل من فدان حتى أكثر من خمسين فدانًا فى الأراضى القديمة. وكذلك معرفة الخريطة الطبقية للملاك فى الأراضى المستصلحة ودور الشركات الزراعية وحجم إنتاجها الزراعى وطبيعة رأسمالها ومكوناتها، وكذلك معرفة طرق الزراعة وأنواع الآلات وطرق التسويق وحجم تجارة مستلزمات الإنتاج وأدوار التجار والشركات المتحكمين فى تداولها واستيرادها وحجم العمل الزراعى بكل محصول وحجم العمالة الزراعية وأنواعها وتطور التنظيمات الاجتماعية ودورها وشبكة العلاقات الاجتماعية المتحكمة فى اتخاذ القرارات فى الريف.

هذا ويستعرض التقرير فى القسم الأول وتحت عنوان "مستقبل الزراعة المصرية وإمكانية النهوض" التحديات التى        تواجه قطاع الزراعة منذ تطبيق سياسات تحرير الزراعة والمتعلقة بتناقص الرقعة الزراعية وإهدار مورد المياه وتدهور العلاقات الاجتماعية وتخلف عملية الإنتاج الزراعي وازدياد الفجوة بين إنتاجنا الزراعى وحاجاتنا الغذائية.

ويكشف التقرير عن تخلف طرق الإنتاج والتسويق الزراعى، وتدني مستوي التعليم الزراعي، وانحياز السياسات وموظفى الدولة للفساد والفاسدين مما أدى إلى تدهور أوضاع قطاع الزراعة وحياة الفلاحين المعيشية.

ويستعرض التقرير مضمون برنامج تحرير قطاع الزراعة، الذي تضمن عددًا من الإجراءات أهمها تحرير أسواق الأرض ومستلزمات الإنتاج الزراعي، والدورة الزراعية، وانسحاب الدولة من معظم الأنشطة والخدمات الإنتاجية، وغيرها من الإجراءات والسياسات التي أدى تطبيقها إلى آثار سلبية عديدة فى مجمل أوضاع القطاع الزراعي والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلاحين.

ويبين التقرير أن المساحة الزراعية لمصر التى تبلغ نحو 5.5 مليون فدان أرض قديمة ، و2.8 مليون فدان أرض زراعية تم استصلاحها منذ عام 1952 ، ومنها مليون فدان مستصلحة بين أعوام 1952 حتى عام 1970 وهي ما باتت تعرف باسم الأراضي القديمة الجديدة يتم إهدارها بشكل متوالٍ بسبب التجريف والبناء وقد بلغ حجم هذا الإهدار نحو 1,5فدان حتى عام 2015.

كما يتم إهدار جزء كبير من الموارد المائية التى تبلغ نحو 55 مليار متر مكعب من النيل تستخدم الزراعة منها نحو 45 مليارًا، ويعاد استخدام 12,9 مليار من مياه الصرف الزراعي و4.8 مليار من المخزون الجوفي وما يقرب من المليار من مياه الأمطار أي أن إجمالي ما تستخدمه الزراعة نحو 62.7 مليار متر لكن السياسات الحكومية تؤدى إلى إهدار جزء كبير من هذه المياه بسبب تضارب السياسات وانحيازها لرجال الأعمال وكبار الملاك.

ويكشف التقرير الخلل البين بين الواردات والصادرات الزراعية الذى يؤدى إلى مزيد من انتاج الازمات وارتفاع الاسعار خاصة بالنسبة لمحاصيل القمح، الذرة، السكر خام، الفول، العدس، البطاطس، الحمص، والشحوم والزيوت، ومنتجات اللحوم والأسماك وخلافه، والمنتجات الغذائية الأخرى حيث يبين التقرير أن إجمالي الصادرات الزراعية بلغ عام 2012 نحو 27  مليار جنيه، بينما بلغت الواردت نحو 58 مليار جنيه.

ويكشف التقرير أن السياسات والممارسات الزراعية أدت إلى تخلف طرق الزراعة وإهدار قدر كبير من إنتاجنا الزراعي بداية من عمليات إعداد الأرض للزراعة، حتى عمليات الحصاد، وهذه الممارسات البدائية تفقدنا أكثر من 40% من إنتاجنا الزراعى، كما أن أسلوب الري منخفض الكفاءة يتسبب في إهدار أجزاء كبيرة من المياه والأرض والإنتاج المحصولى.

ويبين القسم الثانى من التقرير وتحت عنوان: "تخريب الأراضى الزراعية وإهدار حقوق الفلاحين" المشكلات المتعلقة بمنازعات مليكة الأرض خاصة التى تديرها هيئة الأوقاف والإصلاح الزراعى والمجتمعات العمرانية والأراضى المستصلحة وأملاك الدولة.

ويكشف التقرير عن حجم الفساد الضخم بهيئات الدولة وطرق التعسف والتحايل التى تقوم بها هذه المؤسسات لسلب الفلاحين حقوقهم فى أمان وزراعة أراضيهم ومساكنهم.

حيث تقوم معظم هذه المؤسسات فى أغلب الأحيان بالتواطؤ مع كبار الملاك وأصحاب النفوذ لسرقة أراضى الفلاحين مستخدمةً القوانين والمستندات المزورة لسرقة أراضي صغار المزارعين لحساب كبار الملاك والنافذين بأجهزة الدولة.

ويتعرض معظم الفلاحين جراء هذه السياسات للحبس والتعذيب وإساءة المعاملة ، ويتهدد عشرات الآلاف من المزارعين القاطنين بمئات العزب للطرد من مساكنهم التى بنوها قبل بداية القرن الماضى بدعوى أنها مملوكة لهيئات وأشخاص ظهروا كمدعي ملكية بعد تطبيق قانون الأرض عام 1996م ، ويتكرر سيناريو واحد تقريبا فى معظم المنازعات التى تديرها هيئات الدولة ضد صغار الفلاحين ولصالح مدعي الملكية وهو:

-        تلفيق قضايا سرقة ضد صغار المزارعين.

-        رفع قضايا بالمحاكم والنيابات ضدهم واتهام الفلاحين باغتصاب أراضيهم.

-        استصدار قرارات تمكين مزورة لصالح مدعي الملكية.

-        مطاردة الفلاحين وأسرهم وحبسهم وإجبار أغلبهم على التنازل عن الأرض تحت ضغط التعذيب والتهديد بتلفيق قضايا مقاومة السلطات.

ويوضح التقرير معاناة صغار المزارعين فى الأراضى المستصلحة ومشاكلهم المتعلقة بارتفاع أقساط الأرض والكهرباء ومستلزمات الإنتاج وربط دفع هذه الأقساط بالطرد من أراضيهم ، ويكشف التقرير عن بروز منازعات جديدة بين هيئات الدولة المختلفة بادعاء أن بعضهم أحق من الأخرى فى تسلم أقساط ثمن الأرض أو ثمن المياه التى  يفرضونها على الفلاحين بالمخالفة للقانون.

ويبين التقرير ارتفاع إيجارات الأرض الزراعية إلى أكثر من خمسين ضعف ما كانت عليه قبل تطبيق القانون 96 لسنة 92 ، حيث لم تكن قيمة إيجار الفدان تتجاوز مائة جنيه فى العام ، وقد وصل فى بعض الأراضى إلى أكثر من عشرة آلاف جنيه ، كما قامت الهيئات الحكومية برفع الإيجار السنوى إلى أكثر من أربعة آلاف جنيه .

وأكد التقرير أن ارتفاع أسعار البنزين والسولار لأكثر من 100% أدى إلى ارتفاع تكاليف الزراعة وأثر بالسلب فى دخول الفلاحين.

ويكشف التقرير فى القسم الثالث وتحت عنوان: "الفساد يواصل سرقة أراضى وثروات المحروسة" عن قضيتين شهيرتين لوقائع فساد ضخمة تم إثارتهما خلال العام أولهما هو تقرير الفساد الذى أصدره الجهاز المركزى للمحاسبات والمشهور باسم تقرير "جنينة" ، والذى أكد أن هناك مئات المليارات تم إهدارها وسرقتها بسبب الفساد الحكومى .

حيث أشار هذا التقرير إلى فساد أجهزة الحكم المحلى لمدينة السادات وأكتوبر والمنيا والفيوم وأسيوط والعبور والشيخ زايد والقاهرة الجديدة وديوان عام معظم المحافظات.

وقدر تكلفة الفساد بمبالغ وصلت إلى أكثر من 789 مليار جنيه كما تم إهدار مئات الآلاف من الأفدنة بسبب هذا الفساد لصالح بعض كبار الملاك ورجال الأعمال النافذين بمؤسسات الدولة ، وقد احتل قطاع الأوقاف قدرًا كبيرًا من هذا الفساد وذلك بسبب الفساد المالى والإدارى وانعدام الدور الرقابى وإهدار الكثير من أراضى هيئة الأوقاف وبما يزيد على 26 ألف فدان ، وذكر التقرير أن الأوقاف تدير أكثر من 165 ألف فدان فيها ما يزيد على 104 آلاف فدان مؤجرة لصغار المستأجرين الذين يبلغ عددهم 137 ألف مزارع.

وأشار تقرير "جنينة" إلى وقائع فساد ضخمة بأجهزة وزارة الزراعة وأجهزة الحكم المحلى وإلى قيامه بإبلاغ النائب بكافة الوقائع التى  أثبتها التقرير ، هذا والجدير بالذكر أن رئيس الجمهورية أقال رئيس الجهاز المركزى ، كما قامت النيابة العامة بتحريك جنحة بلاغ كاذب ضده.

كما يستعرض التقرير واقعة الفساد المشهورة "بتوريد القمح الوهمى" حيث قام بعض أصحاب الشون والمخازن بتوريد وهمى للقمح بلغت قيمته نحو 5 مليارات جنيه ورغم مسئولية الحكومة عن هذا الفساد والخراب لمشاركتها عبر وزرائها ورئيس وزرائها فى التغطية عليه وحمايته فإن التحقيقات لم تسفر إلا عن التصالح مع بعض الفاسدين وبقاء الحكومة ورئيسها فى كراسيهم لتدل سلطة يوليو على دعمهما للفساد والمفسدين.  

ويتناول التقرير فى القسم الرابع وتحت عنوان: "نقص مياه الرى وإهمال أجهزة الدولة" أسباب تكرار مشكلة نقص مياه الرى التى يعانى منها الفلاحون المصريون كل عام خاصة فى فصل الصيف والتى تعود إلى عدم قيام وزارتى الرى والزراعة بدورهما فى إنشاء وتطهير الترع والمساقى، وقد صرح مسئولوها إبان الأزمة بأن الأسباب الحقيقية تعود إلى سوء تعامل المزارعين مع المياه ومخالفتهم لقرارات زراعة الأرز وعدم الترشيد فى استخدام المياه وتهافت المزارعين فى وقت واحد لرى أراضيهم أو زراعة نفس المحصول أو تراكم أكوام القمامة بالترع وطالبوا المزارعين بالصبر والتحمل وعدم القلق!

وتبرز أهم مظاهر المشكلة فى جفاف الترع وموت الزرع والشتلات وتأخر زراعة المحاصيل الصيفية مما يؤثر بالسلب فى الإنتاجية ، وقد تعامل بعض المزارعين مع المشكلة برى أراضيهم من مياه الصرف أو رى أراضيهم بالخراطيم.

وتعود أسباب المشكلة إلى إهمال الدولة فى تطهير الترع والمساقى وعدم العدالة فى توزيع المياه خاصة فى الأراضى الجديدة والتى تترك الدولة كبار المزارعين يروون مزارعهم التى تقع على أول الترع ويتركون المزارع التى يملكها صغار الفلاحين وتقع فى نهايات الترع عرضة للبوار، كما تعود أسباب المشكلة إلى إهمال صيانة ماكينات واستهلاك جزء كبير من مياه الرى فى القرى السياحية وملاعب الجولف وحدائق المدن الجديدة وحمامات السباحة، وقد وصل انقطاع المياه فى معظم محافظات مصر من أسبوعين إلى نحو شهرين مما أثر فى تخلف زراعة الذرة وعدد آخر من المحاصيل وانخفاض إنتاجية العديد من المحاصيل الأخرى وموت شتلات الأرز وإتلاف محاصيل كثيرة.

وطبقًا للتقرير فإن الفلاحين تقدموا بشكاوى واستغاثات للمسئولين بوزارة الرى والمحافظين ورئيس الجمهورية. كما قاموا بتنظيم وقفات احتجاجية أمام وزارة الرى ودواوين المحافظات والمراكز ورفعوا اللافتات التى تعرض مشكلتهم وطالبوا بالتحرك لحل مشكلتهم لكن لا حياة لمن تنادى!

ويكشف التقرير فى القسم الخامس وتحت عنوان:" نقص الأسمدة وارتفاع أسعارها وإعادة إنتاج الفساد" عن استمرار أزمة نقص الأسمدة وارتفاع أسعارها كعادة كل عام ، حيث زادت أسعار السماد فى السوق السوداء لشيكارة اليوريا لأكثر من مائتي جنيه وشيكارة النترات لأكثر من 190 جنيهًا ، وقد اختلفت أسعار السماد فى السوق السوداء من منطقة لأخرى ومن تاجر لآخر، وهى زيادة جعلت من أسعار الأسمدة ترتفع عن مثيلتها فى السوق العالمية.

ورغم قيام وزارة الزراعة برفع أسعار السماد خلال العام الماضى لأكثر من 33% فإن الأزمة واصلت استمرارها هذا العام لأن أسباب تفاقمها يعود إلى المضاربة والاحتكار وعدم العدالة فى التوزيع وانتشار الفساد، كما تعود إلى غياب الرقابة على الأسواق وعدم محاسبة التجار والمحتكرين لأسواق توزيع وإنتاج السماد.

وأرجع بعض المسئولين الأزمة إلى عدم وجود سيارات نقل! متجاهلين الأسباب الحقيقية للأزمة المتعلقة بسوء إدارة الأزمة وافتعالها من قبل بعض المسئولين والمحتكرين وتزايد الفساد بالمؤسسات ذات الصلة بإنتاج وتوزيع السماد.

وأظهر التقرير أن هناك بعض أنواع السماد المغشوش فى السوق السوداء أو غير جيد مما يؤدى إلى ضعف الإنتاج ، كما اشتكى الفلاحون من تقليل المخصصات للفدان من أربع شكاير إلى ثلاث شكاير مما اضطرهم إلى استكمال حصتهم من السوق الحرة الأمر الذى يؤدى إلى انخفاض دخولهم.

وقد تراوحت ردود فعل المسئولين على الأزمة فبعضهم أرجعها إلى سوء إدارة بعض الجمعيات فى التوزيع وعدم توفيرها المخازن اللازمة ورفضهم تحمل مسئولية تسلم السماد وتوزيعه على الفلاحين !

ويتناول القسم السادس من التقرير وتحت عنوان: "التقاوى المغشوشة وغياب الرقابة على الأسواق" مخاطر استخدام التقاوى الفاسدة خاصة تقاوى البطاطس وتقاوى الذرة التى وزعتها بعض الشركات على الفلاحين تحت وصاية وزارة الزراعة، وأكد التقرير أنه على الرغم من تقدم الفلاحين بمحاضر رسمية ضد الشركات المنتجة لهذه التقاوى فإن الجهات المسئولة حفظت المحاضر وغطت على الفساد المستشرى.

كما أن اللجان التى تشكلت لفحص شكوى الفلاحين من تقاوى البطاطس الفاسدة أكدت خلو وسلامة التقاوى وأرجعت العيب على الفلاحين لاستخدامهم الخاطئ فى زراعة البطاطس بتقطيعها الجائر أو زراعتها فى أرض رطبة أو باستخدام طرق تخزين خاطئة! ومن ناحية أخرى ورغم ثبوت غش تقاوى الذرة واعتراف اللجنة الحكومية بفسادها وعدم إنباتها بعض زراعتها أو إنباتها لكنها غير منتجة ، فإن مسئول الشركة رفض تعويض الفلاحين ، وتسببت التقاوى الفاسدة فى تدمير التربة وخسارة فادحة للفلاحين خاصة أن تقاوى البطاطس المشار إليها لا تنتجها شركات مصرية وتتحكم فى استيرادها عدة شركات ذات نفوذ ومتخصصة فى استيراد هذا النوع من البذور ، وتكسب أكثر من ضعف سعرها لاحتكارها استيراد هذا النوع من التقاوى.

وأشار التقرير إلى ارتفاع أسعار التقاوى لأكثر من النصف بسبب ارتفاع أسعار الدولار ، وأكد غياب دور الأجهزة الرقابية وفساد معظمها، كما أكد غياب دور التعاونيات بل على العكس كان دور بعضها سلبيا ويدعم مصالح التجار والفاسدين .

وطبقًا للتقرير فقد تعرض الفلاحون لخسائر فادحة أدت إلى انخفاض دخولهم خاصة فى ظل ارتفاع أسعار الإيجار ومستلزمات الإنتاج ، وتعامل الإعلام بسلبية مع هذه القضية نتيجة تحكم الشركات فى وسائل الإعلام .

ويستعرض التقرير فى القسم السابع وتحت عنوان: "آثار استخدام المبيدات المغشوشة والمهربة فى الغذاء والإنسان" مخاطر استخدام المبيدات وآثارها السلبية فى صحة المواطنين والإنتاج الزراعى ويفيد التقرير بوجود كميات من المبيدات بمخازن بنك التنمية وبعض الموانى منذ أكثر من عشرين سنة لم يتم التصرف فيها حتى الآن خوفًا من مخاطر التخلص غير الآمن.

ويؤكد التقرير وجود مبيدات مغشوشة بالأسواق ومهربة تصل إلى أكثر من 50% من المبيدات المستخدمة ، كما يكشف عن غياب الرقابة على منتجى وموزعى المبيدات وانتشار الفساد بأجهزة الحكومة ذات الصلة بالرقابة على الأسواق وارتفاع أسعار المبيدات إلى أكثر من 50% بسبب ارتفاع أسعار الدولار وبسبب اعتماد أكثر من 50% من الاحتياجات المصرية على المبيدات المستوردة.

ويظهر التقرير سلبية المؤسسات الحكومية فى التعامل مع مشكلة ارتفاع أسعار المبيدات وغشه وتهريبه وغيابها شبه الكامل عن هذه الأسواق أو الإرشاد ويؤدى ذلك إلى إنتاج محاصيل غير صحية ويؤدى عدم ترشيد استخدام المبيدات واستخدام مبيدات مغشوشة إلى أمراض عديدة وخطيرة أهمها السرطان بأنواعه والفشل الكلوى والكبد الوبائى.

ويوضح التقرير الدور السلبى لمؤسسات الدولة فى التعامل مع ظاهرة غش وتهريب المبيدات وعدم الرقابة على المصانع التى تنتج هذه المبيدات بالإضافة إلى غياب أى دور للأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات.

هذا وقد تجاهل الإعلام المصرى بشكل عام التطرق إلى مثل هذه القضايا الأمر الذى يؤكد ضرورة قيام الفلاحين بتنظيم أنفسهم والاعتماد على قدراتهم الذاتية لتشكيل تنظيماتهم المستقلة.

ويكشف التقرير فى القسم الثامن وتحت عنوان: "أسعار العلف تتزايد إلى أكثر من الضعف والحكومة تتجاهل"عن آثار ارتفاع أسعار الدولار واختفائه من الأسواق فى رفع قيمة الأعلاف إلى أكثر من الضعف.ومن ناحية أخرى يكشف التقرير أهمية العلف بالنسبة للثروة الحيوانية والداجنة ورغم ذلك فمازالت أجهزة الدولة ترفض بناء مصانع لإنتاج الأعلاف.

ويكشف التقرير عن قيام أجهزة الدولة بإدخال بعض الأقماح المحتوية على الأرجوت والفول الصويا منتهى الصلاحية والتى يعتمد عليهما إنتاج الأعلاف، ويؤكد التقرير أنه وعلى الرغم من اهتمام الإعلام المصرى بأزمة نقص وارتفاع أسعار الدولار فإن مصادر قليلة اهتمت بآثار ذلك فى أزمة الأعلاف أو إنتاج الثروة الحيوانية والداجنة.

وقد ضربت أزمة الأعلاف بكافة مربى ومنتجى الأعلاف والدواجن والماشية ورفعت أسعار اللحوم والدواجن إلى الضعف وكعادة الحكومة وإعلامها لم تهتم بمعالجة أسباب الأزمة لكنها واصلت تصريحاتها التى تبين غياب الرؤية والانحياز للفاسدين.

ويتناول التقرير فى القسم التاسع وتحت عنوان: "بنك التنمية وخراب بيوت الفلاحين" أسباب تعثر صغار المزارعين فى دفع الديون التى احتال البنك وراكمها عليهم التى تعود إلى القروض الدوارة وافتقار البنك لرؤية واضحة لدعم الاقتصاد الزراعى أو حقوق صغار الفلاحين بالإضافة إلى انحياز سياساته إلى دعم كبار الملاك والمستثمرين، وخلافًا للأعوام السابقة لم يرصد أو تحقق أى جريدة فى الكم الهائل للقضايا الكيدية التى رفعها البنك على صغار المزارعين ومخالفة أحكام الحبس الصادرة ضدهم للقانون ، وتناول التقرير رفض وتعنت البنك فى تسلم بعض الأقماح من الفلاحين بدعوى أنها مخالفة أو ليست على درجة من النقاوة التى يتطلبها البنك.

ويستعرض التقرير الأراء المختلفة لقرار نقل تبعية بنك التنمية من وزارة الزراعة إلى البنك المركزى ، كما يبين أن بنك التنمية تخلى عن دوره فى تنمية الاقتصاد الزراعى منذ سبعينيات القرن الماضى وأصبح مرابى المزارعين وإليه لتخريب الزراعة وتدمير أوضاع الفلاحين ونهب حقوقهم.

ويتناول التقرير بعض الأحكام القضائية التى صدرت لصالح الفلاحين ضد البنك والتى تلزمه بتعويض الفلاحين عن الأضرار التى لحقت بهم جراء نصب البنك عليهم وقد حكمت لهم المحاكم بمبالغ تزيد على ثلاثة ملايين جنيه.

ويكشف التقرير فى القسم العاشر وتحت عنوان: "التعاونيات الزراعية ... جثث ميتة فى الريف" عن المؤمرات التى تعرضت له التعاونيات منذ أكثر من ثلاثين عاما والتى أفقدتها مقدراتها وذلك بسبب استيلاء بنك التنمية والائتمان الزراعي على ممتلكاتها وأموالها مع منتصف سبعينيات القرن الماضي إضافة إلى استمرار سريان قانون عاجز وضعها مكبلة تحت تصرف الجهات الإدارية، وأدى في نهاية الأمر إلى اغتيالها واغتيال آمال وأحلام ملايين الفلاحين في العيش الكريموكنتيجة لهذا فقدت التعاونيات الزراعية مكانتها وانحسرت قدراتها وتضاءلت أنشطتها.

ويتناول التقرير تاريخ التعاونيات منذ قيام عمر لطفى عام 1910 بافتتاحأاول شركة تعاونية زراعية أنشئت تحت إشرافه فى " شبرا النملة " بمحافظة الغربية تلتها فى العام نفسه إنشاء 10 شركات تعاونية أخرى كانت جميعها من النوع متعدد الأغراض ، وحتى صدور أول قانون تعاونى مصري عام 1923 ، وانتهاء بصدور قانون التعاون الزراعى رقم 122 لسنة 1980 والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1981 .

واحتوى هذا القانون الأخير على بعض المخالفات الدستورية ومنها أن قانون التعاون الزراعي يخلو من النصوص التي تنظم الرقابة الذاتية للجمعيات التعاونية، كما أن المادة (65) تعطى للجهات الحكومية والقضائية حق الوصاية والولاية على التعاونيات.

ويشير التقرير إلى أن عدد الجمعيات التعاونية الزراعية في مصر يبلغ 6334 جمعية تضم جميع الحائزين للأراضي الزراعية والذين يبلغ عددهم 5.7 ملايين حائز (مالك) لمساحة زراعية  تقدر بنحو 5.7 مليون فدان يشكلون بأسرهم بنحو 57% من سكان مصر.

ويؤكد التقرير أن التنظيمات التعاونية الزراعية التى كانت تعد قاطرة التنمية للقطاع الزراعي، انهارت مع تحول سياسات الدولة إلى الاقتصاد الحر خاصة بعد أن استولت السلطات على أموالها وحولتها لبنك التنمية والائتمان الزراعى.

ويبين التقرير أن انتخابات أعضاء مجالس الجمعيات التعاونية التى جرت خلال هذا العام لم يشعر بها أحد من المهتمين بدعم قطاع الزراعة والفلاحين بسبب تجاهل الإعلام تنمية القطاع الزراعى وتحسين أوضاع الفلاحين ، وهو الأمر الذى يؤكد ضرورة قيام الفلاحين بأنفسهم بتكوين تنظيماتهم لاستعادة مقدرات التعاونيات التى هى فى الأصل ملك لهم ومن أسهمهم التى دفعوها منذ عشرات السنين.

ويعرض التقرير فى القسم الحادى عشر وتحت عنوان: "ملاحظات ختامية" بعضالتوصيات التى يأتى أهمها بضرورة قيام تنظيمات الفلاحين والمهتمين بدعم حقوقهم ببلورة برنامج وخطط عمل يمكن تطبيقها على أن تضمن هذه البرامج :

-   كفالة الحقوق المدنية للفلاحين مثل الحق فى المشاركة وتشكيل الأحزاب والجمعيات والنقابات بحرية ودون وصاية حكومية وكفالة حقوق المزارعين فى التنظيم والتجمع والتظاهر والإضراب والتعبير والرأى والاعتقاد وتعديل قانون العمد والمشايخ وكافة القوانين المنظمة لمؤسسات الفلاحين ليصبح الانتخاب الحر المباشر هو الوسيلة الوحيدة لإدارة مؤسساتهم وذلك لخلق مجتمع أكثر عدالة وإنسانية يكفل لكل مواطنيه الحرية والأمان والمساواة .

-   إعادة توزيع ثروات البلاد على صغار الفلاحين والمستأجرين والمنتجين وتدعيم حقوقهم فى الزراعة الآمنة والحياة الكريمة وهذه البرامج البديلة توجب محاكمة المحتكرين لأسواق مستلزمات الإنتاج وتسويق المحاصيل والمبيدات والبذور ، وتدعم دخول المستأجرين وصغار الملاك وتكفل حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية وتوفر الخدمات العامة والرعاية الصحية والتعليمية لهم ولأسرهم .

-   كفالة الخدمات العامة بالريف وذلك بتوصيل الكهرباء والطرق المرصوفة ومياه الشرب النظيفة والصرف الصحى وجميع الخدمات العامة بكل منازل القرى المصرية وتجديد جميع شبكات الخدمات العامة السابقة لتدهورها.

-   إلزام الدولة بتحمل مسئوليتها لتوفير الضمان الاجتماعى والرعاية الصحية والعلاج المجانى خاصة للمستأجرين وصغار الملاك المالكين لثلاثة أفدنة فأقل عبر إنشاء مستشفيات حكومية متطورة بكل قرية مصرية ، كما يجب توفير الرعاية التعليمية المجانية لكل أبناء الريف حتى إنهاء المرحلة الثانوية مع تطوير وتحسين أوضاع المدارس والمدرسين لوقف تسرب الأطفال وتدهور عملية التعليم فى الريف .

-   توفير فرص عمل لائقة لكل أبناء الريف من خلال تطوير الزراعة والصناعات المرتبطة بالإنتاج الزراعى ، ومعالجة المشاكل الناتجة عن البطالة ودعم الحقوق الثقافية لنهضة وتنوير الريف من خلال رفع الوصاية عن مراكز الشباب الريفية وإنشاء نوادٍ رياضية وفنية وإقامة دور للسينما والمسرح بكل قرية ومركز ومدينة وتطوير المؤسسات الحكومية وغير الحكومية الثقافية التى تعمل فى الريف بحيث تقوم بأدوار تنويرية وتثقيفية وتعليمية للنهوض بالريف.

-   توفير مياه رى كافية لأراضى المزارعين وشق قنوات جديدة وتطهير الترع والمساقى وتجديد وصيانة الموارد المائية وإعمال قواعد عدالة توزيع المياه بين المزارعين لحل مشكلات نقص وانقطاع المياه عن بعض المناطق .

-   تعديل قانون التعاون الزراعى بحيث يسمح للفلاحين بتشكيل روابطهم وجمعياتهم بحرية واستقلالية عن أجهزة الدولة وتسليم ممثلى الفلاحين المنتجين مقرات الجمعيات التعاونية الزراعية ومخازن الجمعيات مع رفع وصاية وتداخلات وزارة الزراعة على عمل الجمعيات لتمكينهم من تنمية الريف على أن تهدف هذه التعاونيات فى المستقبل فى تجميع أراضى صغار المزارعين فى شكل تعاونيات يديرها الفلاحون بأنفسهم.

-   تعديل قانون العلاقة بين المالك والمستأجر للأراضى زراعية لتحديد مدة الإيجار لا تقل عن خمس سنوات وقيمة إيجارية عادلة تحدد حسب جودة الأرض والعائد الفعلى لها بحيث لا يقل دخل المستأجر فى الشهر من الزراعة عن الحد الأدنى للدخل بالنسبة لأسرة مكونة من خمسة أفراد بمبلغ لا يقل عن 3000 جنيه شهريًا.

-   الإفراج عن جميع الفلاحين المحبوسين بسبب تعثرهم فى سداد ديون بنك التنمية والائتمان الزراعى وإسقاط كل الأحكام الصادرة ضدهم خاصة ممن يقل أصل دينهم عن 100 ألف جنيه وتقليل الفوائد على القروض الزراعية الجديدة بحيث لا تزيد على 2% .

-    تمليك أراضى الدولة ( أوقاف – إصلاح- أملاك دولة ) للفلاحين واضعى اليد ، وتمليك المساكن والعزب التى يقطنها الفلاحون مع إعطاء الأولوية للمستأجرين الذين طردوا من أراضيهم عام 97 بسبب تطبيق القانون 96لـ 92 ودعم حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية لتمكينهم من العيش الكريم .

-   توفير ودعم تكاليف ومستلزمات الإنتاج الزراعى للفلاحين والمساواة بينهم وبين رجال الأعمال وأصحاب الشركات التى قدمت الدولة لهم خلال عشرات السنين الفائتة كل الإعفاءت من الضرائب وخدمات التشغيل .

-   محاكمة المحتكرين بقطاع الزراعة سواء بالنسبة للإنتاج أو لتسويق المحاصيل أو مستلزمات الإنتاج الزراعى والسماح للفلاحين بتشكيل جمعيات وروابط لمزارعي كل محصول للتنسيق والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم فى مواجهة السوق المتوحشة والفساد .

 

إننا نعلم أن تلك التوصيات لا يمكن تحقيقها إلا عبر برامج بديلة يضعها ممثلون لصغار المزارعين والعمال الزراعيين وجميع العاملين بأجر ولن يتم ذلك إلا عبر تنظيمات قوية وفاعلة يتم التنسيق بينها لتحديث وتطوير زراعة تكفل لصغار المزارعين والمنتجين وجميع العاملين بأجر الحياة الكريمة والأمان. كما أننا نعلم أيضًا أنه طريق طويل، لكننا على ثقة بقدرة منتجينا وعمالنا وفلاحينا على تجاوز صعاب تلك المرحلة وتحقيق شعارات ثورة يناير فى العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية .


العمال الزراعيين فى مصر والمستقبل المجهول مقتل 79 عامل زراعى وإصابة 190 آخرين فى طريقهم لعملهم فى المزارع

$
0
0
العمال الزراعيين فى مصر والمستقبل المجهول مقتل 79 عامل زراعى وإصابة 190 آخرين  فى طريقهم لعملهم فى المزارع

تقديم

نظرًا  لظروف العمل السيئة التى يعانى منها العمال الزراعيون فإن المركز يصدر هذا التقرير لبدء نقاش بين المهتمين فى مصر لتحسين شروط عملهم لتوعيتهم ومساعدتهم على تنظيم أنفسهم وتحقيق أهدافهم فى العمل اللائق والعيش الكريم.

ويهدف التقرير إلى التعرف على أوضاع العاملين فى قطاع الزراعة وظروف عملهم ومشاكلهم وأثر السياسات العامة والزراعية فى دخولهم وحياتهم ، ويحاول التعرف على التنويعات المختلفة داخل هذا القطاع من حيث طبيعة عملهم وموسميته أو دوامه وأماكن عملهم بالشركات الحكومية أو الخاصة وتقسيماتهم من الناحية العمرية وهم: [أطفال وبالغون - ذكور وإناث] كما يهدف إلى التعرف على أوضاع الأطفال العاملين فى قطاع الزراعة ويرصد الحوادث التى تعرض لها العاملون فى قطاع الزراعة بسبب النقل من المزارع لمنازلهم أو العكس خلال الفترة التى يغطيها التقرير من 1/1/2016 حتى 30/9/2016.

واستخدم التقرير المنهج الوصفى التحليلى بالاعتماد على العديد من الدراسات التى تعرضت لأوضاع هذا القطاع بالإضافة إلى ما نشر خلال عام 2016 بالجرائد والمواقع الإلكترونية عن حجم المشكلة وظروف عمل الأطفال والعمال الزراعيين إضافة إلى لقاءات ميدانية مع خبراء فى هذا المجال وبعض النقابيين المتخصصين فى موضوع التقرير.

وقد تم تقسيم التقرير إلى خمسة أقسام كالتالى:

القسم الأول يبين تأثير السياسات فى أوضاع قطاع العاملين فى قطاع الزراعة وذلك منذ يوليو 52 وحتى عام 2016.

ويكشف هذا القسم عن الملامح العامة للسياسات والتشريعات التى أصدرتها الحكومات المتتالية عبر مراحل ثلاث مختلفة الأولى تمتد من عام 1952 وحتى عام 1975 ، والثانية تبدأ من عام 1975 حتى عام 2011 ، والثالثة من عام 2011 حتى الوقت الراهن ، ويبين التقرير الآثار السلبية لهذه السياسات فى مجمل أوضاع العاملين بالزراعة.

وفى القسم الثانى يكشف التقرير عن واقع العمالة الزراعية ومشاكلها منذ عام 1992 وحتى الآن حيث أكد أنهم يعانون من عدم الاستقرار في فرص العمل، نتيجة موسمية العمل الزراعي ، كما يعانون من استغلال ونهب مقاولي الأنفار خاصة مع استمرار وتوسع ظاهرة عمال التراحيل الذين يبحثون عن فرصة خارج قراهم وانخفاض الأجور الحقيقية عن باقى العاملين بأجر بالإضافة لتدهور أوضاعهم المعيشية ودخولهم وتعرضهم للإصابات وغياب أى ضمانة قانونية أو تأمينية أو صحية.

وفى القسم الثالث يتعرض التقرير إلى ظاهرة عمل الأطفال باعتبارها أحد القطاعات النوعية المهمة داخل قطاع العاملين الزراعيين ، وذلك فى محاولة من المركز لدحض الاهتمام الزائف من الحكومات الغربية والمؤسسات الدولية والمحلية والحكومة المصرية بحقوق الأطفال ، ويستعرض أوضاع الأطفال العاملين فى مصر والعالم وظروف تشغيلهم والقوانين والاتفاقيات الدولية التى تنظم عملهم.

ويستعرض بعض الملاحظات السلبية الواردة بالقوانين المصرية مثل قوانين الطفل والعمل والنقابات العمالية والتأمينات الاجتماعية والتى تفتح بابا واسعا لاستغلال الأطفال العاملين وتؤدى إلى تهرب أصحاب الشركات وكبار الملاك من تحمل مسئوليتهم فى حماية حقوق هؤلاء العاملين.

وأكد التقرير أنه على الرغم من كل جهود المنظمات الدولية واتفاقياتها وتوصايتها ومؤتمراتها والتزام الحكومة المصرية بتنفيذ بنودها ومع كل أدوار المؤسسات الحكومية والأهلية فى مصر لتحسين ظروف عمل الأطفال أو وقف استغلالهم ورغم صدور التشريعات والدساتير التى تؤكد حماية حقوق الأطفال العاملين ، فمازال أطفالنا يتم استغلالهم من قبل أصحاب الأعمال بسبب سياسات حكومية تنحاز لمصالح رجال الأعمال والفاسدين وتعيد إنتاج هذه الظاهرة ليس لشىء إلا لأن مجهودات كل هذه المؤسسات لا تهدف إلى تغيير السياسات بل تهدف إلى ترميم سياسات أنظمة ثبت فشلها فى تحسين حياة كل العاملين بأجر.

وفى القسم الرابع يرصد التقرير بعض الحوادث التى وقعت للعمال الزراعيين خلال الفترة التى يغطيها التقرير وذلك أثناء ذهابهم إلى المزارع أو العودة إلى منازلهم .

ويكشف عن مقتل 79 عاملاً زراعيًا ما بين عمال وعاملات بالغين وفتيان وفتيات وإصابة 190 آخرين وذلك بسبب حوادث طرق لسيارات ومعديات متهالكة وغير صالحة للاستخدام وحوادث أخرى ناجمة عن تسمم غذائى فى إحدى المزارع أو نشوب حرائق.

ويؤكد التقرير أن عدد الحوادث التى يتعرض لها العاملون بقطاع الزراعة تزيد على ذلك بكثير، لأن هذه الفئات لا يهتم بها إعلام مؤسسات الدولة المشغول بدعم أصحاب الشركات وكبار الملاك، فنادرًا ما يشير إلى مثل هذه الحوادث ، وإن أشار إليها فيكون على حرج وفى صفحة الحوادث وفى مكان لا يمكن رؤيته.

ويؤكد التقرير فى قسمه الخامس بعض الملاحظات الختامية والتوصيات حيث يؤكد أن عمل الأطفال هو جزء من مشكلة أكبر تخص كل العاملين بالزراعة وكل العاملين بأجر ولن يتم وقف استغلالهم أو تحسين شروط حياتهم إلا من خلال تنظيمات العاملين بالزراعة المستقلة التى يمكنها الدفاع عن مصالحهم فى مواجهة استغلال أصحاب المزارع ومقاولى الأنفار وأصحاب الشركات ويمكنها أيضًا مقاومة الفساد المنتشر بأجهزة الدولة.

ويجب أن تدير هذه التنظيمات قيادات عمالية فاعلة ومستقلة ولها مصلحة مباشرة فى تحقيق أهداف هذه التنظيمات عبر عملية طويلة من النضال وليس الاستجداء من أصحاب الأعمال أو السلطات .

إننا نعلم أن هذا الطريق الطويل يحتاج إلى جهود نضالية وبحثية متواصلة لكننا على ثقة بقدرة كل العاملين بأجر ومن ضمنهم العاملون بقطاع الزراعة بتخطي صعاب هذه المرحلة ومواجهة استبداد وعسف السلطات والشركات ورجال الأعمال لتحسين شروط حياتهم وعملهم وتغيير موازين القوى فى مجتمعنا كى يسع كل طبقاته ويكفل لهم الحرية والعيش الكريم والمساواة.


أولاً: العمال الزراعيون .. قطاعات منسية

يحاول هذا الجزء توضيح العلاقة بين السياسات وأوضاع العمال الزراعيين ؛ حيث تؤثر توجهات مؤسسات الدولة فى مجمل الأوضاع الزراعية والصناعية والتجارية وبالتالى فى حياة وأجور وظروف كل العاملين بأجر.

ويعد قطاع الإنتاج الزراعي فى مقدمة القطاعات الاقتصادية التى استهدفتها مجمل التحولات الاقتصادية التى شهدتها مصر منذ يوليو 1952 وحتى الآن ،  وذلك لاستيعابه الجزء الأكبر من قوة العمل ولأن غالبية المصريين مازالوا يعيشون فى الريف ، كما أن هيكل بناء القوة فى المجتمع المصرى ولسنوات طويلة ارتبط بنمط توزيع ملكية وحيازة الأراضى الزراعية ، يضاف الى هذا أن أي عملية تنموية تستهدف التوسع فى القطاع الصناعي تعتمد على تطوير وزيادة إنتاجية  قطاع الزراعة الذى يمدها بجزء كبير من المواد الخام التى يحتاجها الكثير من الصناعات ، وفائض العمالة الذى يمكن أن يتحول إلى القطاع الصناعي إذا تمت إعادة تأهيله  وتدريبه ، بالإضافة إلى حصيلة النقد الأجنبى من الصادرات الزراعية التى تسهم فى مواجهة احتياجات الاستثمار الصناعي.

فمع صدور قانون الإصلاح الزراعي الأول وحتى 1975 استهدفت السلطة الحد من النفوذ السياسى والاجتماعى للشريحة العليا من كبار الملاك ، وخلق قدر من الشرعية السياسية ، والمساندة الجماهيرية لسلطة يوليو ، ووقف نمو التمردات والتوترات الاجتماعية ، وتحرير جزء من فائض الدخل المتولد من النشاط الزراعي لدعم موارد الدولة بهدف إعادة استثماره فى التصنيع والمجالات الأخرى ، وقد استطاعت مؤسسات الدولة بعد ذلك وطوال تلك الحقبة وحتى الآن وعبر سلسلة قوانين الإصلاح الزراعي المتتالية أن تحقق الأهداف العامة لتلك السياسات وذلك على مراحل عدة ومن خلال:

المرحلة الأولى تمتد من عام 52 وحتى عام 1975[1]:

واعتمدت هذه المرحلة على:

1-  تنظيم ملكية الأرض بوضع سقف أعلى للملكية وتحدد بــــ 50 فدانًا للفرد و100 للأسرة ، وبلغت جملة الأراضى التى فرضت عليها الحراسة نحو 12,5% من إجمالى الأراضى الزراعية بما يوازى 71,381 فدان وهو ما يعنى أن هدف تلك الإجراءات لم يكن إعادة بناء هيكل الملكية والحيازة الزراعية بشكل جذري بقدر ما استهدف تصفية النفوذ السياسى لكبار الملاك ، ولصالح أغنياء الفلاحين الفئة من 10 أفدنة حتى 100 فدان والذين زادت نسبتهم العددية من 2,8 % من إجمالى الحائزين قبل تطبيق القانون إلى 36,1% فى عام 1961، وارتفعت نسبة مساحات حيازتهم الزراعية من 36,1% من إجمالى المساحة الزراعية قبل تطبيق القانون إلى 39,3% عام 1961، وفى المقابل ظلت نسبة  أعداد أصحاب الحيازات القزمية (أقل من 5 أفدنة ) كما هى تقريبا بدون زيادة وإن كانت نسبة حيازتها ارتفعت من 35,4% من إجمالى  الأراضى الزراعية قبل تطبيق القانون إلى 52,1 % عام 1961، وتشير نفس الإحصاءات إلى أن فئة الحائزين لخمسة أفدنة ظلت نسبتها من حيث العدد ومساحة الحيازة كما هى بدون تغيير كبير ، وهو ما يعنى أن النسبة الغالبة من الأراضى التى خضعت لقوانين الإصلاح (12,5%) ذهبت بكاملها إلى أصحاب الحيازات القزمية التى ارتفعت مساحات حيازاتهم بمقدار 16,7%.

وتشير هذه التطورات فى نمط توزيع الحيازات الزراعية إلى أن جيوش المعدمين التى تشكل الكتلة الرئيسية من العمالة الزراعية لم تستفد من قوانين نزع وإعادة توزيع الملكية المرتبطة بقوانين الإصلاح الزراعي .

2-  تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر ، حيث كان نمط إيجار الأرض هو النمط السائد للاستغلال الزراعي، وهو ما مس مصالح الجزء الأكبر من صغار الحائزين ومتوسطيهم وقد نص القانون على جعل قيمة الإيجار 7 أمثال ضريبة الأرض الزراعية وهو ما أدى إلى الهبوط بقيمة الإيجار وإعادة توزيع الدخل المتولد عنه لصالح المستأجرين وعلى حساب الملاك الغائبين. وهو ما ضمن للنظام السياسى الوليد قدرا واسعا من التأييد السياسى فى الريف إلا أن انخفاض القيمة الإيجارية عن العائد من الزراعة على الذمة أدى إلى عودة كثير من الملاك لزراعة أراضيهم بدلا من تأجيرها ، وهو ما أدى إلى تحويل المستأجرين السابقين إلى عمال زراعيين ، كما أدى تزايد النفوذ السياسى والاجتماعى لأغنياء الريف ورغبتهم فى الحصول على أعلى عائد من إيجار أراضيهم إلى تأجيرها خارج نطاق القانون بقيمة إيجارية أعلى وهو ما دفع مزيد من صغار الحائزين إلى اللجوء إلى العمل الزراعي بجانب حيازاتهم الصغيرة لتوفير دخل يساعدهم على الاستمرار فى الحياة والاستمرار فى الحفاظ على حيازاتهم القزمية  ، هذه المتغيرات أدت فى النهاية إلى زيادة المعروض من اليد العاملة مما أدى إلى انخفاض أجورهم حتى عن الحد الأدنى الذى حدده قانون الإصلاح الزراعي الأول الذى كان المكسب الوحيد الذى فازت به العمالة الزراعية.

        والخلاصة إن مجمل السياسات الزراعية التى استمرت على امتداد الفترة من 52 وحتى 1975 أدت بشكل عام إلى قدر من الانتعاش الاقتصادى فى الريف نتيجة التغيير الجزئي فى نمط توزيع الدخول لكن هذا الانتعاش لم يمس بشكل حقيقي أوضاع العمالة  الزراعية من المعدمين  الذين تزايدت أعدادهم وانخفضت أجورهم بشكل واضح ، ولولا عمليات التصنيع والمشروعات القومية الضخمة مثل السد العالي والتى امتصت جزءاً لا بأس به من هذه العمالة طوال النصف الثانى من الخمسينيات وحتى نهاية النصف الأول من الستينيات لوصلت الأوضاع إلى حد الكارثة.

        ومع هزيمة يوليو67 وتوقف كل عمليات التنمية والتوسع الصناعي وتوجيه كل الموارد للمجهود الحربي عاد شبح كارثة الفقر فى الريف وفائض العملة الزراعية مرة أخرى للتزايد ، والتى أمكن الامتصاص الجزئي لنتائجها من خلال استيعاب الجيش لأعداد هائلة من المجندين لاسترداد الأرض المحتلة ، لكن مع حلول أكتوبر 1973 وعودة هؤلاء المقاتلين من الحرب لقراهم ، وفى ظل وجود بناء اقتصادي غير قادر على استيعابهم خاصة فى الريف ، ومع تنامي تحول قطاعات متزايدة من صغار الحائزين إلى قوة عمل أجيرة ، وفى ظل الزيادة الطبيعية فى قوة العمل الناتجة عن زيادة السكان أصبحت كارثة العمالة الزراعية أشبه بقنبلة موقوتة قابلة للانفجار.

 المرحلة الثانية الممتدة من 1975وحتى يناير 2011

تميزت تلك السياسات بالسعي إلى تخليص الاقتصاد المصرى من السياسات السابقة التى كانت تسمح بتدخل مؤسسات الدولة فى إدارة الحياة الاقتصادية والحد من قدرتها على السيطرة على الفائض الاقتصادى وإعادة استخدامه ، وإطلاق قوى السوق الرأسمالى بما يسهم فى إعادة رسم خريطة الدخل لصالح القوى الرأسمالية العالمية والمحلية ، وإعادة صياغة وتشكيل هيكل الاقتصاد المصرى لكي يكون مستعدا لاستقبال الاستثمارات الأجنبية ، وتعميق التحالف الاقتصادى والسياسي مع الغرب، وقد دشنت تلك السياسات بورقة أكتوبر والقانون رقم 43لسنة 74 والمعروف بقانون استثمار رأس المال العربي الاجنبى.

       مرة ثانية كان قطاع الإنتاج الزراعي والريف هو قاعدة إنجاز تلك التحولات العميقة ،  وهو ما تم عبر سلسلة طويلة من السياسات والتشريعات التى استهدفت:

1-تدعيم اتجاهات مركزة الأرض الزراعية فى يد الرأسمالية الزراعية بصفتها وسيلة الإنتاج الأساسية ، وهو ما تم عبر سلسلة القوانين الخاصة بتصفية أوضاع الحراسة ورفع التعويضات للمضارين حتى وصلت إلى الأسعار السائدة فى نهاية السبعينيات  وبدون حد أقصى ، وإعادة ما تمت مصادرته ولم يتم التصرف فيه بالبيع لأصحابه ، وهو ما أدى إلى استعادة 140 ألف فدان حتى عام 1985 وأكثر من 20 ألف فدان من أراضى الأوقاف ، وإذا افترضنا أن تلك المساحات وزعت بمعدل فدانين لكل مستأجر فمعنى عودتها لملاكها القدامى طرد أكثر من ثمانين ألف مستأجر وتحويلهم إلى معدمين وبالتالى قلت دخول أفرادها الذين يزيد عددهم على نصف مليون عامل (المستأجرون وأسرهم) ودخلوا سوق العمل الزراعي ، هذا العدد الذى سوف يرتفع بالتأكيد لأن توزيع أراضى الإصلاح والأوقاف كان يتم فى حيازات أقل . فى هذا الاتجاه أيضا استهدفت الرأسمالية الزراعية السيطرة على الأراضى المستصلحة ونهبها حيث كانت هناك مساحات تصل إلى 312/400 فدان مازالت فى حوزة شركات القطاع العام التى تزرعها على الذمة ، تم نهبها عن طريق إخراج عمليات الإصلاح من دائرة التخطيط المركزي ودعوة القطاع الخاص المحلى الأجنبى للاستثمار فى هذا المجال ، وتخريب شركات الاستصلاح حتى أصبح الاستمرار فى زراعتها عبئا يستنزف موارد الدولة، كما تم الاستيلاء بالقوة أو تحت غطاء قانوني على مساحات أخرى من الأراضى المستصلحة ، وهو ما انتهى إلى إقرار الحكومة بيع تلك الأراضى سواء كانت مستصلحة أو قابلة للاستصلاح ، بعد رفع الحد الأقصى للملكية فى الأراضى المستصلحة إلى 200 فدان للفرد وحتى 50 ألف فدان للشركات المساهمة ، وتشير الإحصاءات إلى أن الرأسمالية الزراعية استطاعت عن طريق الجمعيات التى شكلتها حيازة 288,729 فدانًا حتى عام 1982 فقط ، يضاف إلى هذا تعديل قوانين العلاقة بين المالك والمستأجر ورفع القيمة الإيجارية وهو ما تم على حساب صغار الحائزين وأصحاب الحيازات القزمية الذين طردوا من أراضيهم فى كل قرى مصر وتوافدوا على سوق العمل الزراعي منضمين إلى المعدمين من أبناء الريف المصرى. حيث تقدر إحصائيات التعدد الزراعى أن نحو 900 ألف مستأجر طردوا من أراضيهم التى قدرت بنحو مليون فدان على الأقل بسبب تطبيق القانون 96 لسنة 92 .

2- إطلاق حرية الاستثمار الرأسمالى فى الريف دون أدنى تدخل من الدولة ، وهو ما لعب الدور الأساسى فيه بنك التنمية والائتمان الزراعي الذى وفر مصادر تمويل مناسبة للرأسمالية الزراعية  وسحب العديد من الوظائف والأدوار التى كانت تقوم بها مؤسسات تعبئة الفائض القديمة والمسماة بالجمعيات الزراعية ، كما ألغيت الدورة الزراعية ، وكذلك التسليم الإجبارى للمحاصيل التقليدية . وفى الوقت نفسه كبلت الحيازات الصغير بالديون والقروض لدى البنك وتحول أصحابها فى النهاية إلى معدمين ، أو اضطروا للعمل لتغطية ديونهم لدى البنك.

3- دعم مواقع الرأسمالية الزراعية فى البناء السياسى ، وتشير نتائج الانتخابات البرلمانية المتتالية إلى ارتفاع نسبة تواجدهم فى البرلمان  بل بين قادة الأحزاب السياسة وفى المجالس المحلية التى سيطرت عليها عائلات أغنياء الريف ولم يخرج مجلس الوزراء من دائرة تواجدهم حيث حافظوا  على تواجدهم بوزيرين على الأقل يرتبطون بمصالح مباشرة مع الرأسمالية الزراعية. وهو ما دعم فى النهاية النفوذ الاقتصادى لدى كبار الحائزين وأغنياء الفلاحين الذين استطاعوا توفير الحماية السياسية لفرض سطوتهم واستغلالهم على العمالة الزراعية المجردة من أى حماية قانونية أو سياسية .

 وعلى امتداد تلك الفترة أدت هذه السياسات بشكل عام إلى مزيد من الإفقار والتمايز الاجتماعى داخل الريف المصرى دفع ثمنه أفقر الفقراء من المعدمين الذين يشكلون جسم العمالة الزراعية وكتلتها الرئيسية ، لكن الفورة النفطية ووجود توجه دولي لإعادة تدوير أموال النفط باتجاه الغرب واستخدام العمالة المصرية كقاعدة لتنفيذ هذا التوجه ،أسهم فى امتصاص فائض هذه العمالة إلى حد كبير عبر طوفان الهجرة (الشرعية وغير الشرعية ) إلى بلدان الخليج والعراق وليبيا والذى شمل الملايين من المصريين من سكان الريف وكان عمال الزراعة كتلتهم الرئيسية ، بالإضافة للهجرة إلى المدن خاصة فى المهن التى تحتاج لجهد بدني وقليل من التأهيل لسد فراغ العمالة الحضرية المهاجرة لدول النفط.

وأسهمت الهجرة بشكل نسبى فى الحد من مشكلة فائض العمالة الزراعية فى الريف ، حتى إنه مع بداية الثمانينيات أصبحت هناك ندرة فى العمالة الزراعية فى العديد من أنحاء الريف المصرى ، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبى فى أجورها ،  إلا أن الهجرة  على المدى الطويل ساعدت على الحفاظ على أوضاع بنية التخلف فى الريف المصرى وقطاع الزراعة ، وبالتالى ديمومة علاقات النهب والاستغلال التى تتعرض لها العمالة الزراعية.حيث أشارت العديد من الدراسات الميدانية إلى أن عوائد العمالة الزراعية المهاجرة لبلاد النفط ( سواء من المعدمين أو أصحاب الحيازات القزمية) ساهمت إلى حد كبير فى دعم أوضاع القطاع العائلي المعتمد على زراعة الحيازات القزمية والصغيرة ، والتى لا تمكنهم فى النهاية من الحياة بدون اللجوء للعمل لدى الغير كعمال زراعة أجراء ،لاستكمال احتياجاتهم النقدية ، هذا التغير فى تزايد أعداد الحائز/الأجير ارتبط  به بناء كامل من علاقات الإنتاج والمفاهيم الاجتماعية المتخلفة حيث تتسم هذه الفئة بالمحافظة وعدم الجسارة فيما يتعلق بالنضال من أجل تحسين شروط حياتها خشية خسارة حيازتها من الأرض ، وفى الوقت نفسه تشكل فائض قوة عمل داخل القرية ما دعم تدهور شروط العمل خاصة فيما يتعلق بسقف الأجور ، لهذا أسهمت هجرة العمالة الزراعية لدول النفط على المدى الطويل فى دعم أوضاع تخلف قطاع الزراعة والريف وبالتالى عدم تحسن ظروف وشروط العمل الزراعي بشكل حقيقي رغم تحسنها النسبي أثناء فترة الهجرة ، لكن مع تراجع عائدات النفط وبالتالى تراجع معدلات الهجرة ثم توقفها تماما تنامي فائض العمالة الزراعية مرة أخرى وهى الظاهرة التى أصبح يعانى منها الريف المصرى منذ منتصف التسعينيات.

 وفاقم من الآثار الكارثية لإعادة تنامي فائض العمل فى تلك المرحلة ظهور متغيرات أخرى لعل أهمها :

-    اتساع نطاق ظاهرة البطالة على مستوى الريف/الحضر التى وصلت إلى 10,6% من إجمالى قوة العمل فى عام 2006 طبقا لإحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن عام 2006، وزادت فى عام 2010 إلى نحو 12% وبالتالى تراجع قدرة المدينة أو القطاعات الاقتصادية الأخرى عن امتصاص أي قدر من فائض بطالة العمالة الزراعية التى كانت تهاجر الى المدينة.

-        تزايد الاعتماد على التقنيات الحديثة فى كل الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية وهو ما كان له أثره السلبي المباشر فى عمال الزراعة الذين يعانون من انخفاض التأهيل ويعتمدون بشكل أساسى على أعمال ترتبط بالجهد البدني . ويظهر هذا الاستخدام الواسع  للآلات فى الإنتاج الزراعي على نحو خاص فى المناطق المُستصلحة مثل سهل الطينة والوادي الجديد وسيناء وتوشكي بجنوب الوادي ، فإصلاح هذه الأراضى لا يمكن أن يتم إلا باستخدام آلات ميكانيكية سواء أكانت للتسوية أم للري حيث تعتمد عمليات الاستصلاح فى هذه المناطق كُليةً على الآلات الميكانيكية ، يضاف إلى هذا أن استخدام الآلات الزراعية يتطلب توفير العمالة الفنية المدربة حتى  تقوم بتشغيلها  وصيانتها ، وهو تأهيل غير متوافر بين عمال الزراعة التقليديين ، ويحتاج  بدرجة أكبر للشباب الحاصل على التعليم الفني  ، فى الوقت الذى تعانى فيه الكتلة الرئيسية من العمالة الزراعية من الأمية ؛ حيث تشير معظم المسوح والدراسات إلى ارتفاع نسب الأمية ؛ بينهم ففى دراسة أجريت في 15 قرية بخمس محافظات عامي 1992 و1993 ، وجد أن 77 % من عينة العمال الأجراء المعدمين أميون، وأن نسبة الحاصلين منهم على شهادات لا تتجاوز 4,5 % (الشهادات هنا لا تزيد على الإعدادية).

-    تزايد نهم الرأسمالية الزراعية لزيادة نصيبها من الأرض الزراعية وبالتالى استخدام جميع الأساليب القانونية وغير القانونية بما فيها العنف وجيوش المجرمين فى الاستيلاء على الحيازات القزمية والصغيرة (سواء فى الأراضى القديمة أو المستصلحة ) وطرد الفلاحين منها وتحويلهم إلى معدمين وقد استولت هذه الرأسمالية على معظم الأراضى التى كان يديرها الإصلاح الزراعى خلاف ما يزيد على 25 ألف فدان من أراضى الأوقاف.

-    اتساع نطاق الفقر وزيادة معدلاته خاصة فى الريف مع انهيار التعليم وارتفاع تكلفته  مما أدى إلى لجوء الكثير من الأسر الريفية إلى الدفع بأبنائها إلى سوق العمل وهو ما أدى إلى زيادة فائض العمالة من جهة ، بالإضافة إلى أن دخول هؤلاء الأطفال لسوق العمل وعملهم بأجور أقل ضاعف من تدهور أجور العمالة الزراعية .

المرحلة الثالثة بدأت مع تفجر الأوضاع فى عام 2011 وحتى عام 2016:

بصرف النظر عن مكونات التحالف الذى أدار التحرك العفوى للجماهير فى يناير 2011 أو الأسباب التى دفعت الأوضاع إلى سيطرة طغمة من القيادات العسكرية على إدارة البلاد  ، وبصرف النظر عما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمدنية بعد الانتفاض الثورى وحتى الان، فإن ما يهمنا هو تأثير تلك السياسات فى أوضاع العاملين فى قطاع الزراعة ، حيث واكب تلك المرحلة ونتيجة السياسات إلى بروز فئات جديد من الرأسمالية من أصحاب النفوذ المرتبطين بالسلطة الحاكمة قاموا بنهب ضخم ومنظم للأراضى والثروات الزراعية ، وأدى ذلك إلى ضياع جزء كبير من الأراضى فى البناء وبالتالى ضياع آلاف فرص العمل التى كانت متاحة أمام العمال الزراعيين وازدادت بالتالى أعداد العاطلين ، وقام التحالف الحاكم وتحت وهم مخاطر الحرب الإقليمية إلى إهمال قطاع الزراعة بل تعمد تخريب أجزاء منه لتلتهم قطاعات الرأسمالية المرتبطة به ثروات البلاد وتتزايد أرباحهم من التجارة الخارجية والمحلية ؛ حيث يشير تقرير للجهاز المركزى للمحاسبات إلى أن تكلفة الفساد وصلت إلى أكثر من 600 مليار خلال السنوات الخمس الأخيرة ويعود أكثر من 90% من هذا الفساد إلى قطاع الزراعة.

كما أن هذه السياسات أسفرت عن عدم زراعة محاصيل استراتيجية خاصة بالنسبة للتشغيل مثل محصول القطن فبعد أن كانت مصر تزرع ما يزيد على 1,5 مليون فدان قطن فى العام زرعت خلال 2016 نحو 130 ألف فدان ، وبالتالى فإن آلاف العاملين فى زراعات مثل القطن والذرة والقمح وقصب السكر قد انضموا لملايين العاطلين خاصة فى ظل بيع شركات القطاع العام وانسحاب الدولة من مجالات الإنتاج أو إنشاء المصانع ، وأصبح سوق العمل الرسمى لا يستوعب إلا المتعلمين وأصحاب الكفاءات الخاصة ( كمبيوتر ولغات).

وطبقًا لمشاهدات ميدانية فى القرى - تحتاج إلى دراسات وأبحاث مستقلة - فإن المتاح فى سوق العمل أمام ملايين العمال الزراعيين خلافًا للعمل الزراعى الذى لا يستوعب 10% من حجم العاطلين هى الوظائف الخدمية الخاصة ( قيادة التوكتوك – المقاهى – تنظيف الشوارع – خدمة المنازل – بيع الخضر والبقالة ) أما العمالة الزراعية التى تهاجر للمدن لا تجد أمامها إلا المهن المتعلقة بالإنشاءات وهم ( أنفار ومساعدون فى مجالات البناء) بالإضافة إلى انضمام أغلبهم إلى عمال الخدمات فى المدن ( عمال مقاه – سائقو توكتوك – خدمات للمنازل ومطاعم ومحال لبيع الخضر والفاكهة) هذا خلاف أن تدهور الأوضاع على المستوى الإقليمى ( العراق – ليبيا- سوريا – دول الخليج) أدى إلى انضمام آلاف العائدين إلى البلاد والذين ينتمى معظهم للريف إلى سوق العمل المكتظ أصلاً بالعمالة .

وطبقًا لتلك المشاهدات فإن نمط توزيع الحيازات لم يتغير منذ عام 1997 وتطبيق قانون تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر الذى أعاد الأرض الزراعية إلى مالكها ، والذى أدى إلى ارتفاع أسعار إيجارات الأرض لأكثر من مائة ضعف عما كانت عليه قبل تطبيق قانون تحرير الأرض ، بالإضافة إلى أن ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعى وأسهم كل ذلك فى ترك عدد كبير من المستأجرين للأرض الزراعية وانضمامهم إلى سوق العمل الزراعى أو غيره من أسواق العمل الهامشى.

ولا يفوتنا ونحن نستعرض تأثير السياسات فى حجم العمل الزراعى وأوضاع العمالة أن ننوه إلى غياب المعلومات أو الإحصائيات عن توجهات السلطة فى الوقت الراهن أو المستقبل ؛ فسياساتها ومشروعاتها وقراراتها المتضاربة والمتعلقة بالإعلان عن مشروعات كبرى أو رفضها الكشف عن ميزانيات وزارة الدفاع وما يمثله الإنتاج الحربى بالنسبة لقطاع الزراعة أو الصناعات والأنشطة الغذائية الأخرى أو إعلانها فى مشروعات طموحة دون دراسات أو رؤية تؤدى فى النهاية إلى توغل الفساد والنهب ، وتدعم مواقع ونفوذ الرأسمالية المرتبطة بها بتنويعاتها المختلفة ما يؤثر بالسلب فى أسواق العمل خاصة سوق العمل الزراعى.

وتؤدى هذه السياسات إلى دعم مواقع الرأسمالية الفاسدة فى البناء السياسى والبرلمانى والمحلى حيث يزيد عدد الضباط المعينين فى البرلمان الحالى على ثلث أعضاء المجلس، كما تؤدى السياسات الراهنة إلى توقف السلطة عن دعم قطاعات الصناعة أو الزراعة ما يؤدى إلى تدهور أوضاع قطاعات العاملين بأجر ومن ضمنهم العاملون فى قطاع الزراعة.

إن تأكيد مثل هذه المشاهدات الميدانية والمؤشرات عن الوضع الراهن الاقتصادى الاجتماعى السياسى الثقافى فى الريف يحتاج إلى عشرات الدراسات العلمية للتعرف على ظروف وأوضاع هذه القطاعات كى نتمكن فى النهاية من القيام بدورنا فى توعيتهم بأنسب الطرق وأقصرها لبناء تنظيماتهم التى يمكنها وحدها وقف استغلالهم وتحسين شروط حياتهم.

وفى النهاية لا يسعنا إلا القول بأن مجمل السياسات الزراعية أو التى اهتمت بشئون العمال الزراعيين فى مصر منذ عام 1952 وحتى الآن أسقطت من اهتماماتها أى توجه فعلى نحو تحسين شروط العمل أو التأهيل أو أجور العمالة الزراعية بل إنها أسهمت فى تزايد معدلات تدهور أوضاعها .


ثانياً: واقع العمالة الزراعية ومشاكلها

 تشير كل الإحصاءات الرسمية إلى أن سكان الريف مازالوا يشكلون الكتلة الرئيسية من السكان بنسبة تقدر بنحو 70% ، لهذا فإن كل المشكلات التى يعانى منها الريف وقطاع الإنتاج الزراعي تحديدًا ، والذى يمثل النشاط الاقتصادى لنحو خمسة ملايين  من قوة العمل المصرية ذات تأثير حاسم فى مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى المجتمع.

فى هذا السياق تأتى أهمية مشكلات العمالة الزراعية من حيث ثقلها السكاني والاجتماعى والاقتصادي فهي تعانى من :

1-               من أعلى درجات عدم الاستقرار في فرص العمل، نتيجة موسمية العمل الزراعي من جهة ، وتزايد أعداد العمالة الراغبة فى العمل مقارنة بفرص العمل المتاحة أو الطلب عليها ، وتؤكد دراسة أجراها مركز الدراسات الاقتصادية الزراعية في عام 1992 أن أيام العمل الزراعي أصبحت لا تتجاوز 174,3 يوم لكل مشتغل في المتوسط بعد أن كانت 182,8 يوم لكل مشتغل في عام 86 / 1987، وذلك بمعدل انخفاض يقدر بـ 6,9 % ومعنى هذا أن عدد أيام العمل الفعلية لعمال الزراعة كانت عام 86 / 1987 لا تتجاوز 63,5%، ثم تناقصت في 91 / 1992 إلى 59,1 % من إجمالي عدد أيام العمل الممكنة نظريًا التي تقدر بـ 295 يومًا لكل مشتغل في المتوسط. ومع تطور الزراعة وتحديثها واستخدام الآلات قلت فرص العمل عن هذه المعدلات وبالتالى قلت ساعات العمل الفعلية.

2-               استغلال ونهب مقاولي الأنفار خاصة مع استمرار وتوسع ظاهرة عمال التراحيل الذين يبحثون عن فرصة خارج قراهم، وهؤلاء هم أفقر فقراء الريف المصري ؛ حيث يعملون تحت سيطرة مقاولي الأنفار ويتنقلون من مكان لآخر فى وسائل نقل غير آدمية ، ولمدد تتراوح بين ستة أسابيع لتصل أحيانا إلى عام كامل. وهم يعملون في المزارع الرأسمالية الكبيرة وفي مشاريع البنية الأساسية الكبرى وفي صناعة التشييد والبناء. ويبلغ عددهم نحو خمسة ملايين من العمال ( نقابة العاملين بالتشييد والبناء - ونقابة عمال الزراعة والرى). ومع تزايد حالة الكساد سوف يتزايد نزوحهم إلى الإعمال المؤقتة على أطراف المدن التى أصبحت تشهد ما يعرف بسوق الرجالة، وحيث يتقاتلون على فرصة عمل ربما لا تستمر أكثر من يوم أحيانا .

3-      انخفاض الأجور الحقيقية للعمال الزراعيين كما تشير تقديرات البنك الدولي بنحو 60 % في الفترة من 1985 إلى 1991. أما البيانات الرسمية فتشير إلى أن الأجر الحقيقي قد انخفض في الفترة نفسها تقريبا (1986 – 1992) بنسبة 50,8 %، بالرغم من زيادة الأجر النقدي بنسبة 15,7 %، وهو الانخفاض المستمر نتيجة التضخم وارتفاع الأسعار الذى يعانى منه المجتمع المصرى ... وهنا تجب الإشارة إلى أنه رغم معاناة كل الطبقات الفقيرة من انخفاض القيمة الحقيقة لأجورها فإن معدلات إفقار عمال الزراعة كانت أعلى بما لا يقارن من مثيلتها لدى عمال القطاعات الإنتاجية الأخرى  ، فقد أوضحت إحدى الدراسات أن دخل العمال الزراعيين الدائمين (المعدمين) في 1991 / 1992 كان يوازي 37,2 % من الدخل المتوسط لخط الفقر، أما دخل العمال الزراعيين المؤقتين (الفلاحون الفقراء الذين يعملون موسميا لدى الغير) من حيازتهم ومن العمل المأجور مجتمعين فيمثل 60,3 % من دخل خط الفقر ، أى إن دخول عمال الزراعة على وجه العموم أقل من حد خط الفقر .

ومع ارتفاع أسعار السلع الأساسية خلال الفترة من (2000 – 2016) التى زادت إلى أكثر من عشرة أضعاف فى بعض السلع مثل اللحوم والدواجن والسكر وغيرها من السلع الأساسية يتضح لنا حجم التدهور فى أجور تلك العمالة التى لم تزد أجورها خلال تلك الفترة بأكثر من ثلاثة أضعاف.

4-               ساعات العمل الطويلة التى قد تصل أحيانا إلى 11ساعة متواصلة يتخللها ساعة للغداء.

5-               لا يتمتعون بأي مميزات من تأمينات اجتماعية أو تأمين صحي أو بدلات وحوافز وعلاوات. وحتى من يعمل منهم عمالة دائمة فى المزارع الكبرى محروم من أي شكل من أشكال الرعاية الصحية أثناء العمل ، بل من أجورهم أثناء فترة المرض أو الإصابة ، ونظراً لأن طبيعة العمل تسير بنظام اليومية فمن الممكن أن يتم فصل مئات العمال دفعة واحدة وقطع مصدر دخلهم الوحيد بدون أن يكون هناك أدنى مسئولية تجاه هؤلاء العمال .

6-                تدني مستوى ونمط معيشة أسر هؤلاء العمال ، فعلى سبيل المثال تبين دراسة حديثة أجريت في 15 قرية بخمس محافظات انخفاض متوسط استهلاك الفرد من اللحوم والطيور والأسماك والألبان والبيض في أسر العمال الأجراء والحائزين الأجراء (وهؤلاء تحددهم الدراسة بالحائزين لأقل من فدان) بالمقارنة باستهلاك الحائزين لأكثر من 10 أفدنة كما يبين الجدول.



الفئة

متوسط استهلاك الفرد فى السنة بالكيلو

اللحوم

الطيور

الأسماك

الألبان

البيض(بيضة)

عمال زراعيون

4,5

2,4

5,6

22,4

53

حائزون لأقل من فدان

9,9

10,2

7,6

28,7

127

حائزون لا أكثر من 10 أفدنة

36,7

30,4

4,8

113,7

254

7-               تعرض الفئات الأضعف من العمالة الزراعية الممثلة فى الأطفال والنساء لدرجات أعلى من الاستغلال ، فمتوسط أجر المرأة والطفل يمثل نحو 35 % و30,5 % على التوالي من متوسط أجر الرجل. وفي ظل الدخل المنخفض الذي تحصل عليه أسر العمال الزراعيين في الريف تضطر النساء والأطفال للقبول بهذه الأجور المتدنية، وهو ما يؤدي بدوره إلى تخفيض أجور العمال الزراعيين من الرجال ، وسوف يستعرض هذا  التقرير فى الجزء الثالث حجم ظاهرة عمل الأطفال فى قطاع الزراعة.

8-               ما يعانونه من المخاطر والإصابات والأمراض التى يتعرضون لها أثناء العمل وبسببه سواء كانت تلك المخاطر والإصابات بيولوجية نتيجة الإصابة بالأمراض التى تصيب العاملين فى قطاع الزراعة التى تنتقل عن طريق ملامسة الحيوانات والطيور أو التعامل معها ، او المخاطر الطبيعية الناتجة عن العمل لساعات طويلة فى الحرارة والرطوبة، البرودة ، أشعة الشمس ، أو المخاطر الكيميائية نتيجة التسمم بمبيدات الآفات والمواد الكيميائية الزراعية، أو المخاطر الميكانيكية نتيجة التعرض للإصابة بالآلات الزراعية مثل الجرارات وآلات الحصاد التى تقف وراء أعلى معدلات الإصابة والوفاة بين عمال الزراعة  ، نهاية بحوادث الطرق أثناء نقل العمال وخاصة عمال التراحيل.ورغم كل هذه المخاطر فإنهم محرمون من أي نوع من الرعاية أو التأمين الصحي ، وسوف يستعرض التقرير فى الجزء الرابع بعض الحوادث التى راح ضحيتها نحو 79 عاملا زراعيا وأصيب أكثر من 189 آخرين.

9-               التحرش والاستغلال الجنسي الذى تتعرض له النساء على نحو خاص من أصحاب المزارع أو المقاولين أو الرجال الذين يعملون معهم خاصة عند اضطرار النساء والفتيات للعمل بعيدا عن قراهم لمدة طويلة  .

        ورغم كل تلك المعاناة التى تعانى منها العمالة الزراعية فأنها لا تشكل كتلة واحدة متجانسة ، وهو ما يعقد أساليب التعامل معها أو رصد المتغيرات الطارئة على أوضاعها ، أو حتى وضع تصورات لنضالها السياسى فى المستقبل.

     فهي تتنوع بين رجال ونساء وأطفال ويستخدم فارق الأجر بين الرجال والنساء والأطفال مع ندرة العمل وارتفاع فائض قوة العمل فى فرض شروط عمل أكثر قسوة يعانى منها الجميع وإيجاد حالة من التنافس فيما بينهم  ، حيث يلجأ أصحاب المزارع إلى استخدام الأطفال والنساء خاصة فى أعمال الحصاد والجني بأجور أقل ، فى الوقت الذى يتزايد فيه الاعتماد على الآلات الزراعية فى عمليات تجهيز الأرض والري وهو يقلل من فرص عمل الرجال ويضعهم تحت ضغوط وشروط عمل أقسى ، واستنادا إلى مسح شامل قام به الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء للتعرف على الأطفال العاملين فى مصر من الفئة العمرية من 6 إلى 14 عاما ، وجد أن أعدادهم تصل إلى نحو مليونين و 786 طفلا عام 2002 ، وقدرهم المجلس القومى التابع لأجهزة حكومية إلى أكثر من 2,6 مليون عامل يعمل معظمهم فى النشاط الزراعي بنسبة 64% ، منهم 73% ذكور و 27% إناث يعملون بأقل الأجور و 5 إلى 7 جنيهات في اليوم الواحد ، ورغم أن الكتلة الرئيسية من الأطفال العاملين يعملون فى قطاع الزراعة  فإن قانون حماية الطفل استبعدهم من حمايته بنص المادة 103.

لكن الواقع الراهن يؤكد تزايد هذه النسب بدرجات كبيرة ، كما يؤكد زيادة أجورهم إلى نحو 50 جنيهًا فى اليوم ولكن مع زيادة التضخم وارتفاع أسعار السلع الغذائية والمعيشية تقل هذه الأجور عن مثيلتها التى رصدتها دراسة المجلس فى عام 2002.

       ويهمنا أن نشير إلى أن هذا ليس هو التنوع الوحيد بين كتلة عمال الزراعة فهناك عمال معدمون أي لا يملكون إلا بيع قوة عملهم كمصدر وحيد للدخل ، وهناك عمال زراعة لديهم مصادر دخول مكملة إلا أنهم يلجأون للعمل المأجور كعمال زراعة لاستكمال احتياجاتهم النقدية ، ومنهم أصحاب حيازات قزمية وصغيرة ، أو أصحاب أنشطة اقتصادية صغيرة ومتناهية الصغر (دكان بقالة فى القرية)، بل إن  منهم من  يعمل كعمالة دائمة فى المؤسسات الحكومية كعمال خدمات أو صغار موظفين ويستكملون أيضا احتياجاتهم النقدية بالعمل الزراعي المأجور.

      أيضا هناك عمالة موسمية وهى الجزء الأكبر وعمالة دائمة ، وحتى العمالة الدائمة هناك منها من يعمل فى مزارع الرأسمالية الزراعية (فى الغالب باليومية ) وهناك من يعمل لدى الشركات الحكومية (بعضهم أيضا يعمل باليومية ) وبعضهم مثبت ويتمتع ببعض الحماية التأمينية .

        وحتى العمالة الزراعية الموسمية وهى الكتلة الرئيسية هناك من يعمل فقط فى أنشطة متعلقة بالإنتاج الزراعي وهناك من يعمل بجانب هذا ، وفى حالة مواسم انحسار العمل الزراعي فى أعمال وأنشطة حرفية أخرى يرتبط معظمها بقطاع التشييد والبناء ، بل إن تلك الانشطة قد تمارس داخل القرية ، وقد تلجأ أعداد من العمالة للمغادرة للعواصم والمدن الكبرى للبحث عن فرصة عمل أثناء مواسم  انحسار العمل الزراعي لبضعة أسابيع أو أشهر ، ثم تعود للقرية مرة أخرى .

      أما التنوع الأخير فيرتبط باتساع ظاهرة البطالة فى مصر ودخول أعداد كبيرة من الحاصلين على شهادات التعليم الفني لسوق العمل الزراعي إلى جانب الأعداد الضخمة من الأميين.

     هذا التنوع المعقد على خلفية النوع والفئة العمرية ، وديمومة العمل أو موسميته ، وتعدد مصادر دخل العامل أو أحاديته من العمل الزراعي المأجور، أو تنوع أنواع العمل بين زراعي وغير زراعي ، واختلاف أصحاب الأعمال بين حكومة وقطاع خاص ، شركات أو أفراد ، عمل مباشر أو عبر مقاول ، عمل داخل القرية أو خارجها ، هذا التنوع فى خريطة العمالة الزراعية للأسف الشديد يضعنا أمام وضع بالغ التعقيد لدراسة أوضاع العمالة الزراعية فى مصر خاصة مع غياب الدراسات العلمية لتفاصيل هذه الخريطة ، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى التعميم الخاطئ فى التعامل معها ككتلة واحدة متجانسة .

     ورغم هذا التعقد والتنوع فى خريطة قوة العمل الزراعي فإنه يمكن القول إن جميع فئاتها تعانى بشكل عام من تزايد تدهور أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية ، وتعانى من أكثر شروط العمل قسوة والتى يغيب فى ظلها أي شكل من أشكال الحماية والرعاية ، كما أنها تعانى من تزايد معدلات البطالة وتضاؤل فرص العمل ، ولقد أصبح هذا القطاع المهم من قوة العمل المصرية يشكل قاعدة جيش المهمشين فى مصر الذى أصبح يموج بالغضب وعدم القدرة على تحمل مزيد من تدنى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتدهورها.

    ورغم أن العمالة الزراعية مثلها مثل كل أبناء المجتمع المصري تعانى من أزمة فشل مؤسسات الدولة وعدم قدرتها على إنجاز عملية التحديث والتنمية ، إلى جانب تميز التاريخ السياسي والاجتماعي للمجتمع المصري على امتداد مراحله المختلفة بعلاقة غير متكافئة بين الدولة (كجهاز ومؤسسة وما تشيعه من قيم وثقافة سياسية تعضد مكانتها ) والإنسان المصري (أفراداً / جماعات) ، تلك العلاقة التي تميزت إلى درجة كبيرة بالسطوة  والاستبداد والاستغلال ومؤخرًا دخول وزارة الدفاع فى أنشطة اقتصادية عديدة تشكل نحو 30% من الأنشطة الاقتصادية التى تعتمد أنشطتها فى الأساس على جهود أبناء المصريين من المجندين ، وعلى الرغم من أن عوائد تلك الأنشطة لا تعود إلى دخول هؤلاء المجندين ، وفى أحسن الأحوال لا يتم إصدار أى معلومات حول حجم وميزانيات هذا الإنتاج الضخم أو على من تعود تلك الفوائض والأرباح ، وهو الأمر الذى يزيد من تعقيد خريطة الاقتصاد بشكل عام وقطاع العاملين بشكل خاص ودورهم الاجتماعى فى التغيير ، لهذا يعد اجتياح مؤسسات الدولة للمجال العام وتقليص المجال الخاص وعدم ضمان حمايته أحد أهم ملامح الواقع السياسى الراهن فى مصر ، إلا انه يضاف إلى هذا الظروف والواقع  الاجتماعى للعمالة الزراعية من ظروف عمل لا تسمح لها بالوجود فى جماعات كبيرة ، وغياب أي منظمات نقابية ، والعمل الموسمي الذى يتغير فيه صاحب العمل ومكانه بشكل دائم ، وارتفاع نسبة الأمية والمعاناة الدائمة من ندرة فرص العمل والانشغال الدائم بالبحث عنها..الخ كل هذه الظروف تدعم تأخر أو تراجع ظهور أي نشاط سياسي أو اجتماعي منظم لهذا القطاع من العمالة المصرية دفاعا عن مصالحها أو تحسين أوضاعها ، وبالتالى تضعف قدرتها على التأثير فى عملية صنع السياسات أو التوازن الاجتماعى بما يسمح بتحقيق جزء من هذه المصالح. هذه الوضعية تشير فى الحقيقة إلى مستقبل وأيام صعبة وقاسية تنتظر هذا القطاع من قوة العمل المصرية. 

ولا يمكن النهوض بأوضاع هؤلاء العمال إلا عبر تنظيماتهم المستقلة البعيدة عن وصاية الدولة أو الأحزاب الرجعية أو المتذيلة لسياسات السلطة الحاكمة.


ثالثاً: عمل الأطفال فى قطاع الزراعة

يعد عمل الأطفال فى القطاع الزراعى من القطاعات النوعية المهمة داخل قطاع العمل الزراعي كما تعود أهميته من ناحية أخرى إلى محاولات مؤسسات الدولة إظهار نفسها أمام أسواق التجارة العاملية بادعاء أن إنتاجها يخلو من استخدام عمل الأطفال فى الأنشطة الاقتصادية الخطرة ، أو لمحاولاتها جلب المنح الدولية باعتبار أن الأخيرة تشترط الاهتمام بقطاعات حقوق الإنسان ومن ضمنها حقوق الأطفال ، وانطلاقًا من ذلك يهتم الإعلام ومؤسسات الدولة والمجتمع المدنى بحقوق الأطفال أو النساء العاملين دون غيرهم من العمالة ، ولا يهدف هذا الاهتمام إلى تغيير سياسات الدولة أو تقوية منظمات العمال للدفاع بأنفسهم عن مصالحهم ضد رجال الأعمال وكبار الملاك الزراعيين والشركات ومؤسسات الدولة لكنه يرتبط بنطاق ضيق من الأنشطة تعتمد على المساعدات المباشرة لعدد من الأطفال ، وقد آثرنا أن نلقى الضوء على عمل الأطفال فى قطاع الزراعة باعتبارهم أكثر قطاعات العمل الزراعى معاناة واستغلالا ويتعرضون لصور كثيرة من الاستغلال تمارسها السلطات والشركات الزراعية وكبار الملاك المتحكمين فى اتخاذ القرار:

وسوف يستعرض التقرير تلك المشكلة على المستوى الدولى والمحلى وذلك على النحو التالى:

أولاً- وضع عمل الأطفال على المستوى الدولى                                       

انطلاقًا من سياسات المؤسسات الدولية بدعم المتأثرين سلبيا من تطبيق سياسات تحرير الاقتصاد باعتبارهم ضحايا، اهتمت العديد من هذه المنظمات بظاهرة عمل الأطفال حيث قدرت منظمة العمل الدولية بأن هناك نحو 250 مليون طفل بين سن الخامسة والرابعة عشرة يعملون في الدول النامية وحدها ومحرومون من التعليم المناسب والصحة الجيدة والحريات الأساسية، ويدفع كل طفل من هؤلاء ثمنا فادحا لهذه المعاناة حيث أن نحو 50% منهم أو مايقدر بــــ120 مليونًا يعملون كل الوقت في حين يدمج العدد الباقي مابين العمل والدراسة ، ويعمل نحو 70% تقريبا من الأطفال في أعمال غبر إنسانية ، وهناك من بين هذا العدد الكلي نحو 50 إلى60 طفلا بين سن الخامسة والحادية عشرة ممن يعملون في ظروف خطيرة ؛ نظرا لصغر سن هؤلاء الأطفال وهشاشة أجسادهم وهذا ما يؤثر فى حياتهم وصحتهم.

وتشير تقديرات منظمة العمل الدولية لعام 2000 إلى أن طفلا من أصل 8 أطفال في العالم أي 179 مليون طفل يقوم بأعمال خطرة وضارة في حين يقوم 8,4 مليون طفل بأعمال تستحق الإدانة قطعاً؛ مثل العبودية والدعارة والتجنيد والإباحية،وكشفت دراسة أعدتها المنظمة عن أن أكثر من 55 مليون طفل تحت سن 15 سنة يستخدمون كعمال في عدد كبير من الدول كدول إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا ؛ حيث يشتغلون بطرق غير شرعية وفى أعمال منافية مثل الدعارة والسلاح.

  بينما تشير التقديرات العالمية لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة والأمومة لعام 2002 إلى أن عدد الأطفال العاملين في العالم وصل إلى 325 مليون طفل تتراوح أعمارهم مابين 14-15 سنة ، و8 ملايين منهم يستخدمون فى الدعارة والسخرة والصراعات المسلحة.

وطبقًا لتقديرات اليونيسف هناك نحو 150 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و14 عاماً يعملون في البلدان النامية، ونحو 16% من جميع الأطفال في هذه الفئة العمرية، ينخرطون في أعمال خطرة.

وعلى الرغم من أن الأرقام الإجمالية تشير إلى أن الفتيان المنخرطين في عمل الأطفال أكثر من الفتيات، فإن العديد من أنواع الأعمال التي تنخرط فيها الفتيات غير واضحة للعيان إلا أن الكثير من الدراسات والتقارير أكدت أنهم يعملون فى الدعارة والسخرة ، كما تشير تقديرات اليونيسف عام 2011 إلى أن نحو 90% من الأطفال الذين يعملون في المنازل هم من الفتيات.

وفى سياق متصل أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) ومنظمة العمل الدولية برامج تعليمية لكي يستخدمها صانعو القرار ومصممو ومنفذو البرامج والباحثون والإحصائيون في المجال الزراعي لضمان شمول تدابير مكافحة عمل الأطفال في برامج التنمية الزراعية والريفية، وخصوصًا تلك التي تستهدف عائلات المزارعين الصغيرة. وأطلقت المنظمتان الدورة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة تشغيل الأطفال وتغطي الدورة التعليمية جميع القطاعات الزراعية وهي المحاصيل، والمواشي، والحراجة، ومصائد الأسماك، والزراعة المائية.

وذكر تقرير أصدرته الفاو أنه على المستوى العالمي يعمل نحو 60% من الأطفال العاملين – البالغ عددهم 100 مليون شاب وفتاة – في القطاع الزراعي، ويعمل عدد منهم في أسوأ أشكال عمل الأطفال وهي الأعمال الخطرة التي تعرض صحتهم وسلامتهم للخطر.

ويشير التقرير العالمي لعمل الأطفال عام 2002 إلى أن السبب الرئيسي في اختفاء الأرقام الحقيقية لعمل الأطفال في المنطقة العربية ؛ يعود لعدم اعتراف الحكومات بالمشكلة ، ولا تعلن عن البيانات والإحصائيات الخاصة بهذه القضيةبادعاء أن هذه البلدان لا يعمل بها أطفال ويتمتعون بجميع حقوقهم !!

هذا وقد نشطت العديد من منظمات المجتمع المدنى الدولية والإقليمية فى التفاعل مع تلك الظاهرة بدعوى العمل للحد منها أو لتحسين ظروف عمل هؤلاء الأطفال بمشاركة المعنيين بهذا المجال من مجالات حقوق الطفل حكوميين وغير حكوميين ، إلا أن تلك المجهودات خلال عشرات السنين الماضية لم تسفر عن أي نتائج إيجابية لأن أسباب المشكلة تتعلق بالسياسات العامة التى تعيد إنتاج الظاهرة وهى أسباب مازالت موجودة ولم يتم تغييرها حتى الآن ولن يتم تغييرها بالطرق التى تتبعها تلك المنظمات.

الاتفاقيات والمواثيق الدولية

لم تتوقف مجهودات المنظمات الدولية عند تنفيذ مشروعات وبرامج للحد من ظاهرة عمل الأطفال بل بادرت بإقرار اتفاقيات ومواثيق دولية وقعت عليها معظم حكومات العالم وكان من بين ذلك:

اتفاقية حقوق الطفل

•         أقرت المادة 32 من اتفاقية حقوق الطفل ، التي صادقت عليها مصر في 6 يوليو1990 بحق الطفل في "حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيراً أو يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي...

•         كما تلزم الاتفاقية الدولة باتخاذ التدابير التشريعية والإدارية اللازمة لضمان تنفيذ المادة 32 بما في ذلك "وضع نظام مناسب لساعات العمل وظروفه، و"فرض عقوبات أو جزاءات أخرى مناسبة...

•         وتتعرض عدة أحكام أخرى من الاتفاقية لمعاملة الأطفال العاملين، بما في ذلك الحق الذي تضمنه الدولة في الانتفاع بـ"مرافق علاج الأمراض وإعادة التأهيل الصحي والتعليم الابتدائي الإلزامي المجاني، والراحة ووقت الفراغ وتحظر الاتفاقية تعرض أي طفل "للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة"، شأنها في ذلك شأن "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صادقت عليه مصر في ( 12 يناير 1982).

اتفاقية منظمة العمل الدولية

•         وفى السياق نفسه اعتمدت منظمة العمل الدولية في يونيو/حزيران 1999 الاتفاقية رقم 182، وهي الاتفاقية الخاصة بأسوأ أشكال عمل الأطفال، والتي تلزم الدول الأطراف فيها "باتخاذ إجراءات فورية وفعالة لضمان حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والقضاء عليها باعتبار ذلك مسألةً عاجلة

•         أما "أسوأ أشكال عمل الأطفال"، بموجب تلك الاتفاقية، فمن بينها "العمل قسراً فى الريف المصرى أو لدى ذويهم " وكذلك "الأعمال التي يحتمل ـ إما بسبب طبيعتها أو بسبب الظروف التي تُؤدَّى فيها ـ أن تعود بالضرر على صحة الأطفال أو سلامتهم أو أخلاقهم " وهو ما يحدث عادة مع هذه الفئة باعتبارها الفئة الأضعف والأفقر!!!

•         أما أنواع العمل التي تشملها الفئة الأخيرة فتبتُّ فيها وتحددها الدول الأطراف بالتشاور مع منظمات أصحاب العمل والعمال، آخذة في اعتبارها المواثيق الدولية، خاصة توصية منظمة العمل الدولية رقم 190، بعنوان أسوأ أشكال عمل الأطفال وكانت هذه التوصية قد صدرت في عام 1999 بمصاحبة الاتفاقية رقم 182، وتنص على ضرورة النظر في عدة أمور منها الأعمال التي تعرض الأطفال للأذى البدني، و"العمل في بيئة غير صحية قد تؤدي إلى تعريض الأطفال مثلاً للمواد أو العوامل أو العمليات الخطرة، أو إلى ما يضر بالصحة من درجات الحرارة، أو مستويات الضجيج أو الذبذبات و"إلى العمل في ظروف بالغة الصعوبة، مثل العمل ساعاتٍ طويلة أو العمل الذي لا يسمح بإمكانية العودة إلى المنزل كل يوم .

وعلى الرغم من كل هذه الجهود التى تبذلها المنظمات الدولية فى إصدار الاتفاقيات الملزمة والرصد وتنفيذ المشاريع التى تستهدف تحسين حياة هؤلاء الأطفال أو وقف تشغيلهم فى الأعمال الخطرة فإن الظاهرة مازالت فى تزايد مستمر نتيجة السياسات الدولية وانحيازها لمصالح الشركات الكبرى الدولية وتوافق مصالحها مع مصالح الحكومات المحلية وللأسف وبسبب هذه السياسات تتم إعادة إنتاج الظاهرة ويتم استغلال الأطفال بشكل متواصل.

ثانياً- وضع عمل الأطفال فى مصر

أفاد مسح أجراه الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء بارتفاع معدل الأطفال العاملين حيث بلغ 86% من بين الأسر ذات الدخل المنخفض ، كما أشار المسح الديموغرافى الصحى إلى أن المستوى الاجتماعى والاقتصادي للأسر التى لديها أبناء عاملون كان أدنى من مستوى الأسر التى لا يعمل أبناؤها.

وطبقًا لأرقام نفس الجهاز عام 2013 فإن عدد الأطفال في مصر تجاوز أكثر من ثلث عدد السكان حيث بلغ إجمالي عدد الأطفال أقل من 18 سنة في مصر 30,6 مليون طفل ، ووصل عدد الذكور إلى ما يعادل 15,8 مليون طفل بنسبة 18,9٪، وعدد الإناث 14,7٪ مليون طفلة بنسبة 17,5٪، في حين وصلت نسبة الأطفال العاملين في الفئة العمرية من 5 إلي 17 سنة حوالى 9,3٪ بينما يوجد 61,9٪ من إجمالي الأطفال العاملين يعملون لدي الأسرة دون أجر، كما بلغت أعلي نسبة للأطفال العاملين في الفئة العمرية من 15 إلي 17 سنة بنسبة 88,9٪ حيث مثلت النسبة للذكور أكثر من أربعة أضعاف الإناث.

ووفقاً لإحصائيات الجهاز فإن 40٪ من الأطفال العاملين لم يلتحقوا أصلاً بالمدارس بسبب ارتفاع نفقات التعليم وعدم كفاية دخل الأسرة لتحمل نفقات التعليم و40,9٪ من الأطفال العاملين توقفوا بعض الوقت عن المدرسة، والعمل بسبب تأثير إصابات العمل مقابل 2,4٪ توقفوا تماماً عن العمل والمدرسة.

كما كشف الجهاز عن وجود 26,4٪ أطفال فقراء موزعين بنسبة 12,3٪ في الحضر و36,3٪ في الريف، وأن نسبة الأطفال الفقراء المحرومين من المأوي تمثل 13,5٪ ، و7٪ محرومون من الصرف الصحي ، ونسبة 3,6٪ محرومون من المياه النقية ، ونسبة 11,8٪ محرومون من الغذاء ونسبة 4,9٪ محرومون من التعليم.

كما أفادت نفس إحصائيات الجهاز بأن حجم عمل الأطفال  يبلغ نحو 1,6 مليون طفل، منهم 83% يعملون فى الريف مقابل 16% فى المدن، وأن 46% من إجمالى هؤلاء الأطفال العاملين يتراوح عددهم بين 15 و 17 سنة ، وأن 78% منهم من الذكور و 21% من الإناث ، وأن عدد ساعات العمل التي  يقضيها هؤلاء الأطفال في العمل  تتعدي أكثر من 9 ساعات يومياً في المتوسط ، وأكثر من ستة أيام في الأسبوع ، أي أن  عدد ساعات العمل  بالنسبة للطفل قد يتجاوز عدد ساعات عمل للكبار.

 ووفقا لدراسات عديدة لمنظمات غير حكومية ، فإن حجم عمل  الأطفال يبلغ نحو 3 ملايين عامل ، وطبقا للمسح  القومي لظاهرة عمل الأطفال في مصر والصادر عن المجلس القومي للطفولة والأمومة فإن  هناك 2,76 مليون طفل عامل في مصر، يمثلون نحو ٢٦% أي أكثر من خمس الأطفال في الشريحة العمرية من ١٦:١٤ سنة.

وفى هذا السياق قدرت منظمة العمل الدولية حجم الأطفال العاملين بقطاع الزراعة بنحو 2,2 مليون طفل، بنسبة تصل  إلى 26% من إجمالى العاملين فى مصر.

ورغم تباين  الإحصائيات  السابقة وعدم دقتها فإن جميعها يشير إلي ارتفاع حجم عمل الأطفال في مصر.

وطبقًا لهذه الأرقام فإن التناقض يبدو واضحاً في تلك الإحصاءات حتي تلك الصادرة من جهات حكومية.

ومن ناحية أخرى يتعرض الأطفال العاملون لصور عديدة من الاستغلال وإساءة المعاملة والإهانة والممارسات غير الأخلاقية من خلال تشغيلهم في أعمال غير مؤهلين لها جسدياً ونفسياً ، كما تتعرض الفتيات منهم لأبشع وسائل الإيذاء الجسدى والنفسى.

وأكد تقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء تعرض الأطفال العاملين لظروف عمل غير إنسانية حيث يتعرضون لفترة طويلة من الانحناء وتتعرض صدورهم للغبار والأدخنة ، وتتعرض أجسادهم للبرودة أو الحرارة الشديدة، فضلا عن التعرض للمواد الخطرة من المواد الكيماوية، والمبيدات والأصباغ، فضلا عن عدم توافر دورات مياه ، والتعامل مع معدات خطرة، وتجدر الإشارة إلى أنه فيما يتصل بالعمالة المنزلية أو "الخدمة المنزلية"، فلا تتوفر أي بيانات حولها نتيجة كونها مهنة تتم في الخفاء، ويصعب تقديرها نظرا لاستثناء قانون العمل لحقوق هذه الفئة المهمة، وأكثرهم من الفتيات الأطفال.

كما كشف الجهاز عن أن الكثير من عمل الأطفال يدور في المهن اليدوية والخطرة والمتعلقة علي سبيل المثال بإصلاح السيارات أو العمل في مجال المعمار والبناء أو الإنشاءات أو أعمال الزراعة الشاقة أو المحاجر التي يرتادها معظم الأطفال في الصعيد بسبب ارتفاع الأجرة اليومية التي تقدم لهم بالقياس للعمل الزراعى.

كما كشفت دراسة حديثة لوزارة القوي العاملة عن أن الفقر والجهل وراء تفشي تلك الظاهرة حيث يعمل الأطفال في ظروف صعبة تعرض حياتهم للخطر ويعملون فترات طويلة تتجاوز أوقات العمل للكبار من العمال.

وأوضحت تلك الدراسة أن جميع الأطفال العاملين تقريباً لا يتمتعون بأي حماية قانونية ويعملون بصورة غير رسمية ودون وثائق عمل أو شهادات صحية وأن ثلث هؤلاء يعانون من المعاملة السيئة ويتعرضون لأشكال مختلفة من العنف الذي يلقونه من أصحاب الورش والعمل والمشرفين عليهم.

ويعمل الأطفال العاملون بقطاع الزراعة في معظم العمليات الزراعية بداية من إعداد الأرض وزراعة التقاوي والشتلات إلى العزيق بالمنقرة ونقاوة الحشائش والري والتسميد والمشاركة في رش المبيدات أو مقاومة دودة ورق القطن حتي جمع وحصاد المحاصيل بالإضافة إلي عمليات مابعد الحصاد مثل الفرز والتدريج والتعبئة ونقل تلك العبوات، بالإضافة إلي تطهير حظائر المواشي ونقل التربة أي يقومون بالأعمال التي يجب أن يقوم بها العمال الكبار ولكن بأجور زهيدة وهي أعمال شاقة وفي ظروف قاسية وخطيرة تعرضهم للمخاطر (عاهات ـ إصابات عمل(

وتؤثر فى قدراتهم الجسمانية وحالاتهم الصحية وإصابتهم بالتسمم وبالأمراض المختلفة (الالتهابات الصدرية ، الالتهاب الكبدي ، البلهارسيا ، الأمراض الجلدية ،..إلخ) هذا بالإضافة إلى العمل في الورش الموجودة بالقري.

بالإضافة إلي أن "أطفال التراحيل" الذين يبحثون عن فرص العمل خارج قراهم ويضطرون إلي الإقامة في معسكرات بالقرب من المشروعات التي يعملون بها أو ينتقلون إليها بحثا عن فرص العمل المتقطعة فيتم نقلهم في عربات أو معديات متهالكة وغير مأمونة ويتعرضون للحوادث حيث قتل نحو 79 عاملاً زراعيًا معظمهم من الأطفال خلال الفترة من 1/1/2016 حتى 30/9/2016 ، هذا فضلا عن عشرات الحوادث الأخري على الطرق الزراعية والمعديات وبالمزارع والتي راح ضحيتها عدد كبير من هؤلاء الأطفال.

وقد تبين من دراسة أجريت عام 2000على أكثر من مليون طفل يستخدمون موسميا كعمال لجمع القطن فوجد أنهم يعملون بشكل نمطي 11ساعة يوميا وسبعة أيام أسبوعيا فى درجات حرارة تصل  40درجة مئوية ، أيضا عمل الأطفال فى حقول القطن بعد رش المبيدات الحشرية الخطيرة بفترة وجيزة يعرضهم للعديد من المخاطر الصحية، وأن جميع الأطفال أبلغوا عن تعرضهم بشكل روتيني للضرب بعصا خشبية من جانب مشرفي العمال.

كما يتعرض الأطفال العاملون في خدمة المنازل للإهمال والاستغلال والقهر والحرمان؛ حيث يعملون ساعات عمل كثيرة وغير محددة ، كما إنه غالبا ما يتعرض الطفل للإيذاء النفسي والبدني بالضرب والإهانة وغالبا العدوان الجنسى أيضا وفى بعض الأحيان تتعرض الفتيات للاستغلال أسوأ من الفتيان.

كما تشير العديد من الدراسات التى تناولت هذه الظاهرة إلى العديد من المخاطر التى يتعرض لها الأطفال العاملون بالزراعة ومنها على سبيل المثال :-

1-   ظروف وشروط عمل شاقة تتضمن مخاطر حقيقية ، مثل استخدامهم لأدوات عمل تسبب لهم الإصابات ( الجروح والكسور ) وتعرضهم لمخاطر التعامل مع المبيدات الزراعية ( التسمم والأمراض الخطيرة ) وكذلك للمخاطر الناتجة عن طول يوم العمل ، والإرهاق الشديد ، والمعاملة السيئة من المشرفين ، وأصحاب العمل ، وما يصاحب كل ذلك من أمراض مزمنة.

2-   الاستغلال الاقتصادى ، والذى يتجلى فى عدد من الأوضاع مثل بدء العمل فى سن مبكرة ( أقل من 7 سنوات ) ، وهو ما يمثل تحديا صارخا لأحكام قانون الطفل , واستمرار ظاهرة مقاولى الأنفار ( يستحوذون على جزء من أجر الأطفال ) ، وانخفاض أجور الأطفال ، وزيادة عدد ساعات العمل اليومية بالمخالفة لأحكام قانون الطفل ومستويات العمل الدولية . وحرمان الأطفال من كافة أشكال الحقوق المتعلقة بالأجازات والراحات الأسبوعية ، وحقهم فى الحصول على أجورهم عنها وذلك بالمخالفة للاتفاقيات الدولية والتشريع المصرى.

3-   مخاطر طبيعية مختلفة ( العوامل والظروف المناخية ، الحر الشديد ، البرد الشديد ...إلخ ) ولمخاطر كيميائية وبيولوجية . وتؤثر هذه المخاطر فى الأطفال ( إصابتهم بضربات الشمس والدوخة ، والإغماء بسبب عدم توفر وسائل الحماية من الشمس).

4-   وتعد الأعمال المشار إليها سابقًا التى يقوم بها الأطفال فعلاً من أسوأ وأخطر أشكال العمل التى يقوم بها الأطفال ، والتى تلحق أفدح الأضرار بسلامتهم وصحتهم . ويضاعف من الضرر غياب الرعاية الصحية الكافية وفضلاً عن عدم توافر وسائل الوقاية والحماية وعدم قيام أصحاب العمل بإجراء الفحص الطبى الدورى على الأطفال بالمخالفة للتشريعات العالمية والمحلية وكذلك عدم توافر الخدمات الضرورية فى أماكن العمل ( المياه النقية ، دورات مياه ، الوجبة الغذائية ، المواصلات الآمنة ...الخ ).

ثالثاً: ملاحظات على الإطار القانونى المنظم لعمل الأطفال فى مصر

أ‌-     قانون الطفل

رغم الدعاية الحكومية وغير الحكومية بإيجابية قانون الطفل الذى جمع شتات التشريعات الخاصة بالطفولة فى مدونة واحدة، فإنه لم يتضمن تعديلات جذرية تسهم فى وقف استغلال الأطفال ، بل إن هذه التعديلات لا تزال متعارضة مع المعايير الدولية بشأن عمل الأطفال، فالقانون يحتفظ بذات الأحكام المتعلقة بعمل الأطفال فيما عدا حكمين:

الأول: رفع سن الطفولة إلى 18 سنة تماشياً مع اتفاقية حقوق الطفل.

الثانى: رفع سن عمل الأطفال من 12 سنة إلى 14 سنة.

ولكن مع استثناءين خطيرين:

- السماح بتدريب الأطفال اعتبارا من 12 سنة، وهى ثغرة يتسلل منها أصحاب الأعمال لتشغيل الأطفال واستغلالهم عند هذه السن تحت ذريعة تدريبهم.

- السماح للأطفال بين 12 – 14 سنة بالاشتغال فى أعمال موسمية لا تضر بصحتهم، أو نموهم العقلى، أو تخل بمواظبتهم على الدراسة.

ويتضح أن الأعمال الموسمية تكون عادة فى الزراعة التى لا يخضع العاملون بها صغاراً أو كباراً لأحكام قانون العمل.

ب‌-   قانون العمل

يعد قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 أسوأ تشريع اجتماعى فى الخمسين سنة الأخيرة، وقد جاء ليواكب تطور سياسات التحرر الاقتصادى فى مجال علاقات العمل، إذ يتحول العمل إلى سلعة تخضع لآليات السوق، ويجرى التوسع فى مجال العمالة المؤقتة، وإطلاق حرية فصل العمال وإزالة العقبات التى كانت تحد من ذلك، وتجريد العمال من أي إجراءات حمائية، ومصادرة حق الإضراب والتجمع عملياً...

وجرى إخضاع الأطفال العاملين لأحكام قانون العمل، بما يجعل أوضاعهم أسوأ عن ذى قبل ، وقد سارت أوضاع الأطفال العاملين بسبب النصوص الحمائية التى يتضمنها القانون حيث تعد أقل فى مستوياتها عن النصوص المقررة فى قانون الطفل رقم 12 لسنه 96.

إذ خفف القانون سن الطفولة إلى 17 سنة بينما هو فى قانون الطفل 18 سنة، ويتعارض هذا النص أيضاً مع اتفاقية حقوق الطفل التى تعرف الطفل بأنه كل إنسان لا يتجاوز سن الثامنة عشرة من عمره.

وقد جعل القانون سن العمل 14 سنة، وهو ما يتعارض مع إعادة السنة السادسة إلى مرحلة التعليم الابتدائى حيث تصبح السن 15 سنة عند انتهاء التعليم الأساسى، كذلك فإن تشغيل الأطفال اعتباراً من 14 سنة يتعارض مع بعض المزايا التى يتمتع بها العامل فى مجال التأمينات والحماية النقابية إذ إن سن الالتحاق بالنقابات هى 15 سنة وسن التأمين الاجتماعى على العامل هو 18 سنة كما يتعارض القانون فى شأن سن العمل مع اتفاقيتى العمل الدولية الصادرتين عام 1973 والأولى رقم 138 والتى ترفع الحد الأدنى لسن العمل فى سائر الأنشطة الاقتصادية صناعية وغيرها إلى 15 سنة وأجازت تخفيضه إلى 14 سنة بالنسبة للدول النامية وحظرت تشغيل الأحداث فى الأعمال التى يحتمل أن تشكل خطورة على صحتهم قبل 18 سنة ، والثانية رقم 146 وأوصت برفع الحد الأدنى لسن تشغيل الأطفال إلى 16 عاماً وأن تتخذ الدول النامية الإجراءات الكفيلة بعدم تشغيل الأطفال قبل 15 سنة فى أى نشاط اقتصادى.

ويستثنى قانون العمل أيضًا العاملين فى الزراعة (الفلاحة البحتة) من الخضوع لأحكامه، بما يعنى تجريد الأطفال العاملين فى هذا النشاط من الحماية.

وفيما عدا ذلك فإن قانون العمل يتضمن الأحكام الواردة بقانون الطفل ذاتها فى مجال حظر عمل الأطفال دون 14 سنة، وعدم تشغيلهم أكثر من 6 ساعات يومياً، وعدم تكليفهم بإعمال إضافية، أو تشغيلهم أيام الراحات والإجازات .

وهذا وقد جاء قانون العمل مكرسا لجميع أشكال استغلال الأطفال ومنتهكاً للمادة 32 من اتفاقية حقوق الطفل التي تقضى بحق الطفل في الحماية من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يعوق تعليمه أو يكون ضاراً بصحته ونموه.

وقد استثنى قانون العمل فى المادة ( 4 ) من الباب الأول الأطفال العاملين في خدم المنازل والأطفال العاملين لدى ذويهم ، وكذلك المادة ( 103 ) الفصل السادس استثنت الأطفال العاملين بالزراعة بالرغم من أنهم الشريحة الكبرى من عمل الأطفال في مصر.

كما جاء التدرج فى القانون كباب خلفي لعمل الأطفال دون أي ضوابط أو محددات للسن للمتدرجين أو طبيعة الأعمال التي سيقومون بها حيث نصت المادة 141 من قانون العمل في الباب الخامس " يعد متدرجا كل من يلتحق لدى صاحب عمل بقصد تعلم مهنة أو صنعة " وأعطت المادة 143 لصاحب العمل الحق في إنهاء اتفاق التدرج إذا ثبت لديه عدم صلاحية المتدرج أو عدم استعداده لتعلم المهنة أو الصنعة بصورة حسنة وهو الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه لتشغيل الأطفال واستغلالهم وإنهاء عملهم وقتما يشاء صاحب العمل.

ج- قانون النقابات العمالية

اعتبر قانون العمل أن الأطفال العاملين من سن 14 إلى 18 جزء من القوى العاملة وأخضعهم لأحكام هذا القانون ، لذا فهناك ضرورة لتوفير الحماية النقابية لهم خاصة أنهم محرومون من المشاركة الفاعلة داخل التنظيم النقابى ، حيث إن قانون النقابات رقم 35 لسنه 1976 وتعديلاته، وكذلك قانون العمل يجعلنا نلحظ عكس ذلك. فقانون العمل نظم عمل الأطفال بالفصل الثانى من الباب السادس تحت عنوان (تشغيل الأحداث) حيث ذهب المشرع فى هذا الفصل إلى تنظيم أحوال وظروف عمل الأطفال من سن الثانية عشرة حتى السابعة عشرة ، أما من هم دون سن الثانية عشرة فقد ذهب المشرع إلى حظر تشغيلهم أو تدريبهم.

وعلى الرغم من ذلك ومنذ زمن فإن آلاف الأطفال يعملون دون هذه السن فى منشآت عديدة ، وقد اتجهت الدولة فى تشريعاتها إلى الاكتفاء بالنص على حظر تشغيلهم وتدريبهم ، بل إن المشرع عندما وضع العقوبات المتعلقة بمخالفة نصوص القانون وضع عقوبات للحظر الوارد فى الفصل الأول من الباب السادس ، وكذلك للفصل الثالث من الباب نفسه وجاء على الفصل المتعلق بالأحداث وهو الفصل الثانى من الباب نفسه ولم يضع أى عقوبات.

الأمر الذى أدى إلى استمرار عمل الأطفال دون هذه السن ، واستمرار استغلالهم دون أى حماية قانونية تذكر.

كما اشترط القانون مرحلة عمرية معينة للانتظام داخل النقابات ، ثم مرحلة عمرية أخرى للتمتع بعضوية الجمعية العمومية وأحقية الانتخاب، ثم مرحلة عمرية ثالثة للتمتع بأحقية الترشيح لمجالس إدارة المنظمات النقابية . ومن هنا كان يحق عليه مادام سمح بتشغيل الأطفال أن يعطيهم الحق فى عضوية المنظمة النقابية وحق الانتخاب والترشيح لمجلس إداراتها ماداموا قد صاروا أعضاء بها.

وجدير بالذكر أن جميع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالنقابات لم تحدد أى سن للانضمام للنقابات ولم تشترط مرحلة عمرية معينة للترشيح لعضوية مجلس إدارة المنظمات النقابية.

د- قانون التأمينات الاجتماعية

يشترط للخضوع لقانون التأمينات الاجتماعية أن يكون سن المؤمن عليه 18 سنة فأكثر، سواء كان يعمل بالحكومة أو القطاع الخاص، وقد فسر البعض هذا بأن الغرض من ذلك عدم الإثقال على أصحاب العمل ، وأن الحدث لن يضار لأن أجره قليل ونسبة اشتراكه ضئيلة...

وتسقط هذه المادة الجائرة الحماية التأمينية عن الأطفال العاملين من سن 12 : 18 سنة ، كما أن ظروف الفقر التى يعيش فيها أكثر من 50% من المصريين ستؤدى إلى الدفع بالمزيد من عمل الأطفال , لذا كان واجب على المشرع تعديل هذه المادة حتى تمتد الحماية التأمينية لكل الأطفال والأحداث الذين يعملون.

تعويض إصابات العمل للعمالة المتدرجة والتلاميذ الصناعيين

رغم أن القانون 79 لسنة 1975 أكد أن تسرى أحكام تأمين إصابات العمل على العاملين الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة والمتدرجين والتلاميذ الصناعيين والطلاب المشتغلين فى مشروعات التشغيل الصيفى ، لكنه جاء فى نص المادة ( 54 ) من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 79 لسنه 1975 وأكد أن يكون معاش العجز الكامل أو الوفاة لمن لا يتقاضى أجرا من هذه الفئات عشرة جنيهات شهريًا !!! وبالتالى أخرج كل العمالة الموسمية وغير الرسمية من أحكامه.

ويسرى فى شأن هذا المعاش حكم المادة (51) الفقرة الثانية حيث يزداد المعاش بنسبة 5% كل خمس سنوات حتى بلوغ المؤمن عليه سن الستين .. طبعاً إذا كان الطفل أو العامل غير الرسمى مؤمناً عليه – وإذا قلت نسبة العجز عن 100% فلا يستحق معاشاً أو تعويضاً ..

وبالتالى أعفى المشرع أصحاب الأعمال الذين يتدرب لديهم هؤلاء المتدرجون من سداد اشتراكات التأمين الاجتماعى تشجيعاً لهم على إلحاقهم بالعمل فى منشآتهم لتعلم مهنة إذا كانوا لا يتقاضون أجراً ..

ولكن المشرع أغمض عينيه عن الذين يتقاضون أجرا وهم الأغلبية الكاسحة من العمال غير المنتظمين أو المؤقتين ... وتقع مسئولية حصرهم على إدارات تفتيش العمل ، وهى إجراءات ضعيفة الإمكانيات البشرية ولا يمكن تطبيقها فى ظل انتشار الفساد والمحسوبية.

ناهيك عن أنه فى كثير من الأحوال يدعى صاحب العمل أن هؤلاء من أفراد أسرته ، فضلاً عن سهولة إخفاء هؤلاء الأطفال فى أى أماكن مجاورة ، وهم لا يخضعون لقواعد الفحص الطبى الدورى التى تفرضها قوانين الوقاية من أمراض المهنة ويسقط الكثير منهم صرعى الأمراض فى سن مبكرة تخرجهم من سوق العمل حيث إن 25% من إصابات العمل تقع بين الأطفال.

وختامًا يود المركز أن يؤكد أنه ورغم كل جهود المنظمات الدولية واتفاقياتها وتوصايتها ومؤتمراتها والتزام الحكومة المصرية بتنفيذ بنودها ومع كل أدوار المؤسسات الحكومية والأهلية فى مصر لتحسين ظروف عمل الأطفال أو وقف استغلالهم ورغم صدور التشريعات والدساتير التى تؤكد حماية حقوق الأطفال العاملين ، فمازال أطفالنا يتم استغلالهم من قبل أصحاب الأعمال بسبب سياسات حكومية تنحاز لمصالح رجال الأعمال والفاسدين ، وتعيد إنتاج هذه الظاهرة ليس لشىء إلا لأن مجهودات كل هذه المؤسسات لا تهدف إلى تغيير السياسات بل تهدف إلى معالجتها وعيوبها وتتعامل مع الأطفال العاملين كضحايا وأرقام وبالتالى تتغافل عن إنشاء وتقوية ودعم تنظيماتهم المستقلة التى يمكنها وحدها وقف استغلال أصحاب الأعمال وتحسين شروط حياة كل العاملين بأجر.


رابعاً: حوادث العمال الزراعيين (عمال التراحيل)

منذ ظهور الملكية الخاصة لا يعرف عمال الزراعة معنى للرفاهية وهم يدورون ويعملون كل يوم للحصول على قوت يومهم ، وعلى مدار التاريخ الطويل تم تجاهل حقوقهم واستبداد السلطات ضدهم واستغلالهم ليس لشىء إلا لضعف وعيهم بطرق الخلاص وصنع مستقبل أفضل لحياتهم.

وأغلب هؤلاء العمال من كبار السن أو الأطفال أو النساء ، يستهلكون صحتهم فى الأعمال الشاقة، ويوجدون على أرصفة الشوارع فى القرى والمدن على مدار 11 ساعة فى انتظار أن يرفق بحالهم مقاول الأنفار ليأخذهم للعمل فى إحدى المزارع الكبيرة أو العمارات ليسدوا رمقهم ورمق أسرهم.

وليت الحال يصل بهم إلى هذا الحد من المعاناة ، بل إنهم أول من يموتون فى حوادث الطرق نتيجة للسياسات التى ترفض معالجة أسباب المشكلة وتربطها فقط بالإهمال والرعونة وعدم صلاحية المعديات أو السيارات التى تنقلهم من بيوتهم إلى المزارع أو العكس.

ولا تزال الطرق في مصر تحصد أرواح الآلاف من المواطنين الأبرياء، فلا يكاد يمر يوم حتى نفاجأ بكارثة تحل علينا من جديد تحصد أرواح الصغير والكبير، ينتج عنها ضحايا وخسائر اقتصادية فادحة، بينما تطير تصريحات المسئولين عن أهمية تطوير الطرق فى الهواء حيث لا تسمن ولا تغني من جوع، حتى أصبحت أرواح المواطنين بلا قيمة.

فلا عجب من تصدر مصر قائمة دول العالم في حوادث الطرق، برصيد من الضحايا يزيد على 15 ألف قتيل سنويًا ونحو 50 ألف مصاب، ويأتي ذلك بسبب رعونة القيادة وسوء حالة الكثير من الطرق وتهالك السيارات ووسائل النقل المختلفة والسياسات الحكومية المنحازة للتجار والفاسدين والتى ترفض عن عمد تحديث وتطوير وتنمية أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية.

ويذكر أنه قد وقعت في السنوات الماضية حوادث قطارات قتل فيها ركاب بأعداد كبيرة، بسبب تراخٍ في تطبيق معايير السلامة والصيانة للقطارات وإشارات المرور ومع ذلك تتكرر مثل هذه الحوادث وتتكرر التصريحات دون أمل فى الاصلاح.

وبحسب آخر إحصائية معلنة صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) عام 2011، فإن مصر أعلى دولة في منطقة الشرق الأوسط، من حيث نسبة الإصابات، والوفيات الناتجة عن حوادث الطرق والتى بلغ عدد الوفيات في ذلك العام 7115 حالة، بمعدل 8,8 حالة لكل 100 ألف نسمة، وبمعدل 19,5 حالة وفاة كل يوم.

وفى هذا السياق يرصد مركز الأرض جزءًا من معاناة هؤلاء العمال أثناء انتقالهم من بيوتهم إلى المزارع أو العكس فى سيارات أو بمعديات متهالكة وذلك خلال الفترة من 1/1/2016 حتى 30/9/2016 ، ويكشف التقرير عن مقتل 79 عاملا زراعيا ما بين عمال وعاملات بالغين وأطفال وفتيات وإصابة 190 آخرين وكان هناك بعض الحوادث ناجمة عن تسمم غذائى أو نشوب حريق فى إحدى المزارع.

وتركزت الحوادث بمحافظات عديدة واحتلت محافظة البحيرة أعلى نسبة حوادث وكان نصيبها "10" حوادث، ومحافظة بنى سويف "3" حوادث، ومحافظة المنوفية حادثتين، وكل من محافظات البحر الأحمر وكفر الشيخ والجيزة وأسيوط والإسماعيلية والمنيا والشرقية حادثة واحدة.

وجاءت محافظة البحيرة كأعلى نسبة للحوادث (10 حوادث)، ومحافظات البحر الأحمر وكفر الشيخ والجيزة وأسيوط والإسماعيلية والمنيا والشرقية أقل نسبة (حادثة واحدة).

وكانت أهم الجرائد والمواقع التى رصدت تلك الحوادث هى اليوم السابع ، مباشر ، أخبار مصر ، المصرى اليوم ، الموجز ، بوابة الأهرام، مصراوى، أسرار الأسبوع ، مصر العربية ، صدى البلد ، البحيرة نيوز.

ووقعت تلك الحوادث على مدار الفترة التى يغطيها التقرير ففى شهر يناير وقعت "7" حوادث، وشهر مارس وقعت حادثة واحدة، وشهر إبريل وقعت حادثتان، وشهر مايو وقعت "3" حوادث، وشهر يونية وقعت "5" حوادث، وشهر يوليو وقع حادث واحد، وشهر سبتمبر وقعت "3" حوادث، وبذلك احتل شهر يناير أعلى نسبة حوادث (7 حوادث)، وشهر مارس ويوليو أقل نسبة حوادث ولم تقع حوادث بشهور فبراير وأغسطس.

والمركز على يقين بأن عدد الحوادث التى يتعرض لها العاملون بقطاع الزراعة تزيد على ذلك بكثير، لأن هذه الفئات لا يهتم بحقوقها إعلام مؤسسات الدولة المشغول بدعم أصحاب الشركات وكبار الملاك، فنادرًا ما يشير إلى مثل هذه الحوادث وإن أشارت إليها إحدى الجرائد فيكون على حرج وفى صفحة الحوادث وفى مكان لا يمكن رؤيته.

واستكمالاً لتجاهل هذا الإعلام لمشكلات هؤلاء العاملين فإن معظم الأخبار أشارت إلى أنه جارٍ عرض المصابين والجثث على النيابة ولم تذكر قرارات النيابة التى تحقق مع الضحايا! ، وذكرت بعض الجرائد أنه تحرر محضر بذلك ولم تهتم جرائد أخرى بذكر معلومة المحضر! ، كما اهتمت جرائد برصد نقل الجثث للمشرحة والمصابين للمستشفيات، ولم تهتم كل الجرائد برصد أسباب تلك الحوادث وتكرارها ومسئولية أصحاب الشركات والمزارع عنها، ويتسق ذلك مع رؤية الإعلام بتجاهل حقوق هؤلاء العاملين.

ونظرًا لوقوع حوادث معديات كثيرة خلال العام راح ضحيتها مئات المواطنين ومن بينهم عمال زراعيون فقد اهتمت بعض الجرائد بعمل بعض التحقيقات عن حالة المعديات التى تزيد على آلاف المعديات التى تصل بين شطى النيل ، والتى أكدت جميعها تهالك هذه المعديات وعدم صيانتها أو تجديد رخصها وعدم صلاحيتها للعمل، وعدم الرقابة أو التفتيش من الجهات الحكومية المختلفة والمسئولة عن سلامة النقل لدرجة أن إحدى الجرائد تناولت تلك الأخبار تحت عنوان "نعوش عائمة فى مياه النيل".

وطبقًا لمعظم الأخبار التى تناولت تلك الحوادث ، فإن الخبر لا يتناول إلا عدة أسطر عن المعلومة المتعلقة بمقتل كذا عامل وإصابة آخرين ، ويتناول باقى الخبر السبب الواهى للحادثة وهى رعونة السائق أو تهالك وسائل النقل أو الإهمال، ولم يتناول من بعيد حجم الكارثة وأسبابها ومسئولية الحكومة وأصحاب المزارع والشركات عن تكرارها وإعادة إنتاجها ، ثم يتواصل الخبر ليرصد مجهودات رجال الشرطة الذين قاموا بتحرير المحضر لإثبات الواقعة! ، ويستعرض مجهود المسئولين الحكوميين الذين تابعوا نقل الضحايا إلى المستشفيات وفى أحسن الأحوال تعزية أهاليهم.

ولا غرو فى أن تقوم الصحيفة بتمجيد أحد المحافظين أو الوزراء الذين تحركوا ليدفعوا لأهل العامل المتوفى عدة آلاف من الجنيهات وهكذا كانت كل الأخبار تقريبًا!

وتكشف هذه الرؤية الانحيازات المفضوحة للإعلام ومؤسسات الحكومة لأصحاب الشركات والمزارع الكبيرة التى ينتقل إليها هؤلاء العمال للعمل فيها ومسئوليتهم عن نقلهم الآمن من بيوتهم إلى المزارع والعكس.

بل إن قانون العمل الذى يتواطأ هو الآخر على حقوق العمال الزراعيين يرفض طبقا لنصوصه صرف تعويضات أو معاشات لأن هؤلاء العمال لا يتمتعون بأى حماية قانونية فلا عقود عمل ولا تأمين اجتماعى أو صحى ولا حتى هناك شهود تؤكد أنهم كانوا ذاهبين إلى العمل فى شركة أو مزرعة فلان صاحب النفوذ والأطيان ، الأمر الذى اضطرنا إلى تلخيص الخبر لخلوه من المعلومة وحذف كل الأكاذيب الأخرى التى فردت لها الأخبار المنشورة عدة أسطر فى استعراض لأدوار أجهزة الشرطة ووكلاء النيابة والمحققين.

وعلى جانب آخر لم تهتم أى من الأحزاب أو النقابات بأى من هذه الحوادث أو معالجة أسبابها نظرًا لانشغال معظم الأحزاب بقضايا الديمقراطية والحقوق المدنية ، كما كشفت الأخبار عن عدم اهتمام الأحزاب بتوعية هؤلاء العمال ليشكلوا تنظيماتهم المستقلة ، ولم يبذلوا جهودًا بحثية لدراسة أوضاع تلك العمالة ودراسة أماكن تواجدهم وطبيعة عملهم وحجم مشاكلهم أو للتواصل معهم لتمكينهم من تشكيل تنظيماتهم التى من دونها لا يمكن تحسين أحوال العمال الزراعيين للأفضل.

ورغم جهود الجمعيات الأهلية والمؤسسات العاملة فى هذا المجال فى رصد مشاكل العمال الزراعيين فإن حجم الظاهرة يتزايد وظروف عملهم تزداد سوءًا وتدهورًا ، وهذا ناتج من رؤية هذه الجمعيات لهذه القطاعات التى تعدها مادة لأنشطتهم وفى أحسن الأحوال تسعى لتحسين أوضاعهم عن طريق الهبات والمساعدات المباشرة دون أن تهتم بمساعدتهم لتشكيل تنظيماتهم المستقلة التى يمكنها وحدها أن توقف استغلال أصحاب الشركات وملاك المزارع الكبيرة وفساد وإهمال السلطات، الأمر الذى يؤكد ضرورة تشكيل تلك القطاعات لتنظيماتها المستقلة للتمكن من الدفاع عن مصالحها لوقف استغلالهم من قبل أصحاب الأعمال أو مؤسسات الدولة.

وسوف نستعرض فى عجالة أهم الأخبار التى جاءت بالصحف خلال الفترة التى يغطيها التقرير وذلك على النحو الآتى:


بتاريخ 1/1/2016 لقى 15 شخصًا على الأقل حتفهم إثر غرق عبارة سنديون التابعة لمركز فوه بكفر الشيخ1 والمنتهية ترخيصها وكان من بين الغرقى عدة أطفال كانوا ذاهبين إلى عملهم فى المزارع، والجدير بالذكر أن معظم الغرقى كانوا يعبرون من شاطئ قرية ديروط التابعة لمركز المحمودية بمحافظة البحيرة إلى قرية سنديون للعمل فى مزارعها.

لقى شخصان مصرعهما وأصيب 17 آخرون بجروح وسحجات وكدمات[2] إثر وقوع حادث تصادم بين سيارتين نقل عند الكيلو 90 بدائرة قسم شرطة غرب النوبارية.

وبالانتقال والفحص تبين حدوث تصادم سيارة نقل محملة بالعمالة الزراعية وسيارة نقل أخرى.

وأسفر الحادث عن وفاة عاملين زراعيين وهما " فارس إبراهيم أحمد شعبان، 16 سنة، وحمدي أحمد حسب الله، 20 سنة ، ويقيمان بكوم الفرج بمركز أبو المطامير،"  وكذا إصابة (17) من الأطفال العاملين بالزراعة بكسور وجروح وكدمات واشتباه مابعد الارتجاج ، ويقيمون جميعًا بكوم الفرج مركز أبو المطامير.

وتم نقل الجثتين لمشرحة مستشفى النوبارية العام والمصابين لمستشفى جراحات اليوم الواحد بوادي النطرون للعلاج، وتحرر محضر بذلك.

بتاريخ 25/1/2016  لقي عامل زراعى مصرعه وأصيب 6 آخرون بحالة تسمم غذائى داخل مزرعة بمركز بدر بالبحيرة[3]

وقد تلقى مركز شرطة بدر من مستشفى الرسالة التخصصى بمدينة بدر إخطارا بوصول كل من ا . ز . ا (28 عاما) جثة هامدة , وم . ا. إ (35 عاما) , أ . ع . ع (12 عاما) , ع . ع . ش (37 عاما) وغيرهم من المصابين ويقيمون بكفر الشيخ  وجميعهم عمال زراعيون بمزرعة موز بمركز بدر مصابين بحالة إعياء شديد وآلام بالبطن (ادعاء تسمم غذائي)  وتم تحويلهم لمستشفى المنشاوى التخصصى بطنطا.

وقرر مالك المزرعة تناول المتوفى والمصابين ثمار الموز من المزرعة التي بها آثار رش مبيدات وعقب ذلك شعروا بحالة إعياء وتم نقلهم للمستشفى ولم يتهم أحد من أهاليهم وتحرر المحضر اللازم وأخطرت النيابة العامة فتولت التحقيق.

فى يوم واحد توفى 27 ضحية حصيلة عدة حوادث وذلك[4] بتاريخ 31/1/2016 حيث توفى ستة مواطنين، وإصابة ثلاثة آخرين في حادث تصادم قطار بسيارة بمركز العياط، بمحافظة الجيزة اليوم الأحد.

وبالمعاينة الأولية للحادث أظهرت أن عامل المزلقان لم يكن قد وضع السلاسل وسمح لسيارة ربع نقل بالمرور فاصطدمت بالقطار وكانت السيارة تنقل بعض العمال الزراعيين إلى الحقول.

كما وقع حادث تصادم لأكثر من 25 سيارة على طريق الجيش الصحراوي[5] الشرقي ببني سويف أسفر عن وفاة 15 شخصًا و20 مصابًا، وقامت سيارات الإسعاف بنقل المتوفين والمصابين إلى المستشفى لاتخاذ الإجراءات اللازمة وكان من بينهم عدة عمال رزاعيين.

وفي البحيرة لقي مواطنان مصرعهما، وأصيب 16 آخرون[6] في حادث تصادم بالطريق الدولي الساحلي في مدينة رشيد بمحافظة البحيرة بين سيارتين كانت تقل إحداهما عمالاً رزاعيين ، وتم نقل المتوفين والمصابين إلى مستشفى رشيد العام.

وبالمنوفية لقي 4 أشخاص مصرعهم وأصيب 8 آخرون بينهم طفلان[7]،  في حادث تصادم على طريق السادات كفر داود، وتم نقل المصابين والمتوفين لمستشفى السادات، وبالانتقال والفحص، تبين تصادم سيارتين أجرة وملاكي ومصرع 4 أشخاص وإصابة 4 آخرين بينهم طفلان يعملان بالزراعة ، وتم نقلهم إلى المستشفى وتحرير محضر بالواقعة.

بتاريخ 14/3/2016 لقى 3 أطفال مصرعهم حرقاً أثناء عملهم برفع مخلفات زراعية بقرية موشا فى أسيوط[8]، حيث شب حريق هائل في مخلفات مزرعة بقرية موشا دائرة المركز، وبانتقال فريق الإسعاف والدفاع المدنى تبين نشوب الحريق بمخلفات الزراعة "بوص" ومات الأطفال أثناء عملهم وتمكنت الحماية المدنية من السيطرة على الحريق

وتم التحفظ على الجثث بمستشفى الإيمان العام وجار تحرير المحضر اللازم.

بتاريخ 12/4/2016 لقى 5 أشخاص مصرعهم وأصيب 21 آخرون , نتيجه تصادم سيارتين أجرة ونقل قادمة من مدينة فاقوس فى حادث مروع على طريق الإسماعيلية[9] حيث تبين أن التصادم وقعبين سيارة بيجو أجرة وأخرى نقل تحمل عمالاً زراعيين بمنطقة الصالحية ما أدى إلى مصرع 5 أشخاص من بينهم 3 من مدينة فاقوس وإصابة 21 آخرين من بينهم أطفال كانوا يتجهون إلى العمل بإحدى المزارع الكبيرة.

بتاريخ 18/4/2016 شيع أهالى مركز بنى ناصر ببنى سويف جثامين عشرة عمال زراعيين ضحايا حادث طريق "سفاجا ـ سوهاج" في بني سويف[10] والذين لقوا مصرعهم فى حادث تصادم بين سيارتين بطريق "سفاجا ـ سوهاج" بالبحر الأحمر.

بتاريخ 12/5/2016 أصيب عشرة من عمال الزراعة فى حادث انقلاب سيارتهم بطريق الإسكندرية الصحراوى البحيرة [11] وأسفر الحادث عن إصابة قائد السيارة وعشرة من عمال الزراعة المقيمين بقرية العشر آلاف مركز أبو المطامير بجروح وكدمات واشتباه كسور، وتم نقلهم لمستشفى جراحات اليوم الواحد بوادى النطرون وتحرر محضر بذلك ، وجار العرض على النيابة العامة!!

بتاريخ 15/5/2015 لقى طفل مصرعه أثناء عمله وذلك بسبب حريق مخلفات أرض زراعية في بني سويف[12] بقرية طنسا التابعة لمركز ناصر شمال بني سويف، وانتقلت قوات الشرطة برئاسة رئيس المباحث، إلى محل الواقعة، على رأس قوة من رجال الإطفاء للسيطرة على الحريق ومنع امتداده للأراضي الزراعية المجاورة.

وتبين من المعاينة الأولية للحادث مصرع "محمود عرفة عوض" 12 سنة عامل فيما نفق عدد من رءوس الماشية.

بتاريخ 17/5/2016 لقى اثنان من عمال التراحيل[13] مصرعهما وأصيب 8 آخرون بكسور وجروح متفرقة بأنحاء الجسد إثر وقوع حادث سير داخل نطاق محافظة البحيرة ، نتيجة انقلاب سيارة نقل محملة بالعمالة الزراعية على طريق 107 – الدلنجات ( فرعى ) بوادى النطرون

أصيب 9 أشخاص من عمال الزراعة [14] جراء وقوع حادث تصادم بطريق أبوالعطا - أبو بكر أمام قرية أبو العطا دائرة قسم شرطة غرب النوبارية.

وأسفر الحادث عن إصابة قائدى السيارتين و7 من مستقلى السيارة الأولى جميعهم من العمال الزراعيين ويقيمون بأبو المطامير- بجروح وسحجات وكدمات واشتباه كسور، وتم نقلهم لمستشفى جراحات اليوم الواحد بوادى النطرون للعلاج، وتحرر المحضر اللازم وجار العرض على النيابة العامة.!!

بتاريخ 19/6/2016 لقى عامل زراعى مصرعه وأصيب 10 آخرون[15] في انقلاب سيارة عمال تراحيل بطريق شبين الكوم السادات، بمحافظة المنوفية، وتم نقل المصابين إلى المستشفى.

بتاريخ 23/6/2016 لقيت سيدة مصرعها وأصيب 15 من العمال الزراعيين[16] في حادث انقلاب سيارة بالبحيرة عند الكيلو 116 اتجاه القاهرة، وبالانتقال تبين أنه أثناء سير سيارة ميكروباص بالطريق المشار إليه انفجر الإطار الخلفي الأيمن للسيارة ما أدى إلى اختلال عجلة القيادة بيد سائقها وانقلابها على جانب الطريق.

بتاريخ 28/6/2016 لقى طفلان مصرعهما في حادث سقوط سيارة من أعلي معدية نيلية بالمنيا[17] إثر استقلالهما لسيارة نقل محملة بالطوب الحجري وسقوطها من أعلي معدية نيلية، أمام قرية السرارية، التابعة لمركز سمالوط، شمال محافظة المنيا، بسبب حدوث عطل مفاجئ بالفرامل.

ما أدى إلى سقوط سيارة بلوك حجري من أعلي معدية مكادي، أمام قرية السرارية، بالبر الشرقي للنيل، ما أسفر عن مصرع الطفلين غرقاً، ويرجح أنهما كانا يعملان عليها، فيما نجا السائق!!

 وبانتقال أجهزة الأمن إلي مكان الحادث، وبالمعاينة تبين أن المعدية كانت راسية علي البر وأن سائق السيارة دخل من الباب المواجه للمرسي من الناحية الشرقية، وبسبب حدوث خلل وعطل في الفرامل انزلقت السيارة وسقطت من الباب الآخر المطل علي المجري المائي للنهر، ما أسفر عن غرق الطفلين وجارى انتشال جثتيهما.

بتاريخ 28/6/2016 تم انتشال جثة عامل سقط من معدية كفر درويش ببنى سويف [18] بعد أن لقي عامل مصرعه ونجا 3 آخرون من الغرق، إثر سقوط سيارة نقل تابعة لشركة مقاولات من معدية قرية كفر درويش بمركز الفشن ببني سويف، نتيجة كسر في الحاجز وسلسلة الأمان.

تلقى اللواء محمود العشيري، مدير أمن بني سويف، بلاغا بسقوط سيارة محملة بالحديد من أعلى معدية بنهر النيل بقرية كفر درويش التابعة لمركز الفشن، ما أدى إلى غرق أحد العاملين بالشركات التي تنفذ أعمالا بمحطة كهرباء قرية سنور، ونجاة السائق وعاملين آخرين، وجار إنقاذ سائق السيارة المحملة بالحديد من الغرق.

وتبين من التحريات أن سبب الحادث يرجع إلى أن سائق السيارة المحملة بالحديد النقل لم يستطع إمساك فرامل السيارة، ما أدى إلى سقوطها في النيل.

بتاريخ 26/7/2016 لقى عاملان زراعيان مصرعهما، وأصيب 14 آخرون فى حادث تصادم، بين سيارة ربع نقل محملة بعمال زراعيين[19] فى طريق عودتهم لمنازلهم وبين سيارة أخرى ملاكى.

تبين حدوث مصادمة بين سيارة ملاكى وسيارة ربع نقل يستقلها عمال زراعيون فى طريقهم لمحل إقامتهم بالبحيرة أثناء سير السيارة الأولى بالطريق المشار إليه فوجئ قائدها بالسيارة الثانية القادمة فى الاتجاه المقابل تنحرف تجاهه وتصطدم بها ثم انحرفت السيارة الأولى وانقلبت يسار الطريق.

بتاريخ 30/9/2016 " لقى عامل زراعى مصرعه[20] كما أصيب 6 آخرون بكسور وجروح وسحجات وكدمات متفرقة بالجسم بحادث انقلاب سيارة محملة بالعمالة الزراعية بطريق  المحمودية إدكو أمام كوبرى الوكيل، وتم نقل الجثة والمصابين لمستشفيات إدكو والإسكندرية.

بتاريخ 30/9/2016 لقي 3 أشخاص يعملون بالزراعة مصرعهم[21] وأصيب 8 آخرون بكسور وجروح متفرقة بأنحاء الجسم اثر وقوع حادث تصادم بنطاق محافظ البحيرة.

بتاريخ 30/9/2016 لقى عاملان زراعيان مصرعهما وأصيب 16 آخرون بإصابات خطيرةفى حادث تصادم مروع بالشرقية[22]، بين سيارة نصف نقل محملة بعمال زراعيين كانوا فى طريقهم للعمل بمزارع الصالحية الجديدة وأثناء عبورهم المفارق فوجئ قائدها بجرار زراعى قادم من الاتجاه المعاكس بسرعة فائقة واصطدم بسيارتهم، في طريق أبو شلبى الصالحية ، ما أسفر عن مصرع إسماعيل الدمياطى (52 عاما) ومحمد السيد محمد السباعى(20 عاما) وإصابة 16 آخرين وجميعهم عمال زراعيون وتتراوح أعمارهم ما بين 17 عاما، و36 عاما.




خامسًا: ملاحظات ختامية

استعرض التقرير فى أقسامه الخمسة أوضاع العاملين فى قطاع الزراعة وحاول فى قسمه الأول قدر المتاح من المعلومات والخبرات الميدانية أن يبين تأثير السياسات فى أوضاع قطاع العاملين وذلك فى الفترة من يوليو عام 1952 وحتى عام 2016.

واستعرض هذا القسم الملامح العامة للسياسات والتشريعات التى أصدرتها الحكومات المتتالية عبر مراحل ثلاث ، الأولى تبدأ من عام 1952 وحتى عام 1975 وقد تبين أن مجمل السياسات الزراعية أدت بشكل عام إلى قدر من الانتعاش الاقتصادى فى الريف نتيجة التغير الجزئى فى نمط توزيع الدخول لكن هذا الانتعاش لم يمس بشكل حقيقي أوضاع العمالة الزراعية من المعدمين  التى تزايدت أعدادها وانخفضت أجورها بشكل واضح ، ولولا عمليات التصنيع والمشروعات القومية الضخمة مثل السد العالي التى امتصت جزءاً لا بأس به من هذه العمالة طوال النصف الثانى من الخمسينيات وحتى نهاية النصف الأول من الستينيات لوصلت الأوضاع إلى حد الكارثة.

      ومع هزيمة يوليو عام1967 وتوقف كل عمليات التنمية والتوسع الصناعي وتوجيه أغلب موارد الدولة للمجهود الحربي عاد شبح كارثة الفقر فى الريف وفائض العمالة الزراعية مرة أخرى للتزايد ، والتى أمكن الامتصاص الجزئي لنتائجها من خلال استيعاب الجيش لأعداد هائلة من المجندين لاسترداد الأرض المحتلة ، ومع عود المقاتلين من حرب أكتوبر عام 1973 لقراهم ، وفى ظل عدم وجود بناء اقتصادي غير قادر على استيعابهم ، ومع تنامي تحول قطاعات متزايدة من صغار الحائزين  إلى قوة عمل أجيرة ، وفى ظل الزيادة الطبيعية فى قوة العمل الناتجة عن زيادة السكان أصبحت كارثة العمال الزراعيين أشبه بقنبلة موقوتة قابلة للانفجار.

ويبين التقرير أنه وفى الفترة من عام 1975 حتى عام 2011 سعت السلطة الحاكمة إلى تخليص الاقتصاد من السياسات السابقة التى كانت تسمح بتدخل مؤسسات الدولة فى إدارة الحياة الاقتصادية والحد من قدرتها على السيطرة على الفائض الاقتصادى وإعادة استخدامه ، وإطلاق قوى السوق الرأسمالى بما يسهم فى إعادة رسم خريطة الدخل لصالح القوى الرأسمالية العالمية والمحلية ، وإعادة صياغة وتشكيل هيكل الاقتصاد لكي يكون مستعدا لاستقبال الاستثمارات الأجنبية ، وتعميق التحالف الاقتصادى والسياسي مع الغرب، وقد دشنت تلك السياسات بورقة أكتوبر والقانون رقم 43لسنة 1974 والمعروف بقانون استثمار رأس المال العربي الاجنبى.

وفى قطاع الزراعة تم تدعيم ذلك بإعادة مركزه الأرض فى يد الرأسمالية الزراعية وإعادة الأرض التى تم الاستيلاء عليها إليهم وتعويضهم بأسعار السوق عن أراضيهم التى انتزعت منهم خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضى. 

وتم إطلاق حرية الاستثمار الرأسمالى فى الريف دون أدنى تدخل من الدولة ، وهو ما لعب الدور الأساسى فيه بنك التنمية والائتمان الزراعي الذى وفر مصادر تمويل مناسبة للرأسمالية الزراعية  وسحب العديد من الوظائف والأدوار التى كانت تقوم بها مؤسسات تعبئة الفائض القديمة والمسماة بالجمعيات الزراعية ، كما ألغيت الدورة الزراعية ، وكذلك التسليم الإجبارى للمحاصيل التقليدية . وفى الوقت نفسه كبلت الحيازات الصغير بالديون والقروض لدى البنك وتحول أصحابها فى النهاية إلى معدمين ، أو اضطروا للعمل لتغطية ديونهم لدى البنك.

وخلال هذه المرحلة تم دعم مواقع الرأسمالية الزراعية فى البناء السياسى ، وارتفعت نسبة تواجدهم فى البرلمان بل بين قادة الأحزاب السياسة وفى المجالس المحلية والتى سيطرت عليها عائلات أغنياء الريف ولم يخرج مجلس الوزراء من دائرة تواجدهم حيث حافظوا على تواجدهم بوزيرين على الأقل يرتبطون بمصالح مباشرة مع الرأسمالية الزراعية. وهو ما دعم فى النهاية النفوذ الاقتصادى لدى كبار الحائزين وأغنياء الفلاحين الذين استطاعوا توفير الحماية السياسية لفرض سطوتهم واستغلالهم على العمالة الزراعية المجردة من أى حماية قانونية أو سياسية .

 وعلى امتداد تلك الفترة أدت هذه السياسات إلى مزيد من الإفقار والتمايز الاجتماعى داخل الريف دفع ثمنه أفقر الفقراء من المعدمين الذين يشكلون جسم العمالة الزراعية وكتلتها الرئيسية ، لكن الفورة النفطية ووجود توجه دولي لإعادة تدوير أموال النفط باتجاه الغرب واستخدام العمالة المصرية كقاعدة لتنفيذ هذا التوجه ، أسهم فى امتصاص فائض هذه العمالة إلى حد كبير عبر طوفان الهجرة (الشرعية وغير الشرعية ) إلى بلدان الخليج والعراق وليبيا والذى شمل الملايين من المصريين من سكان الريف وكان عمال الزراعة كتلتهم الرئيسية ، بالإضافة للهجرة إلى المدن خاصة فى المهن التى تحتاج لجهد بدني وقليل من التأهيل لسد فراغ العمالة الحضرية المهاجرة لدول النفط.

وأسهمت الهجرة بشكل نسبى فى الحد من مشكلة فائض العمالة الزراعية فى الريف ، حتى إنه مع بداية الثمانينيات أصبحت هناك ندرة فى العمالة الزراعية ، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبى فى أجورها ،  إلا أن الهجرة على المدى الطويل ساعدت على الحفاظ على أوضاع بنية التخلف فى الريف وقطاع الزراعة ، وبالتالى ديمومة علاقات النهب والاستغلال التى يتعرض لها العمال الزراعيون.

وفاقم من الآثار الكارثية فى تلك الفترة اتساع نطاق ظاهرة البطالة على مستوى الريف/الحضر التى وصلت الى 10,6% من إجمالى قوة العمل فى عام 2006 وزادت فى عام 2010 إلى نحو 12% وبالتالى تراجعت قدرة المدينة أو القطاعات الاقتصادية الأخرى عن امتصاص أي قدر من فائض بطالة العمالة الزراعية التى كانت تهاجر إلى المدينة.

وتزايد الاعتماد على التقنيات الحديثة فى معظم الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية وهو ما كان له أثره السلبي المباشر فى عمال الزراعة الذين يعانون من انخفاض التأهيل ويعتمدون بشكل أساسى على أعمال ترتبط بالجهد البدني .

وتزايد نهم الرأسمالية الزراعية لزيادة نصيبها من الأرض الزراعية وبالتالى استخدمت جميع الأساليب القانونية وغير القانونية بما فيها العنف وجيوش المجرمين فى الاستيلاء على الحيازات القزمية والصغيرة (سواء فى الأراضى القديمة أو المستصلحة) وطرد الفلاحين منها وتحويلهم إلى معدمين وقد استولت هذه الرأسمالية على عشرات الآلاف من الأراضى التى كان يديرها الإصلاح الزراعى خلاف ما يزيد على 25 ألف فدان من أراضى الأوقاف.

وتم تكليل هذه المرحلة بتطبيق قانون تحرير إيجارات الأرض الزراعية وإعادة الأراضى المستأجرة لمالكيها وترتب على ذلك طرد نحو مليون مستأجر من الأراضى الزراعية وإعادتها للملاك بعد تطبيق القانون 96 لسنة 92 عام 1997 وتم على إثره تحرير قيمة الإيجار حتى وصلت من نحو 600 جنيه إيجار للفدان فى عام 1997 إلى نحو 10 آلاف جنيه للفدان فى الوقت الراهن.

وعلى إثر ذلك اتسع نطاق الفقر وزادت معدلاته فى الريف خاصة مع انهيار التعليم وارتفاع تكلفته ما أدى الى لجوء الكثير من الأسر الريفية إلى الدفع بأبنائها إلى سوق العمل وهو ما أدى إلى زيادة فائض العمالة من جهة ، بالإضافة إلى أن دخول هؤلاء الأطفال لسوق العمل وعملهم بأجور اقل وضاعف ذلك من تدهور أجور العمال الزراعيين.

وبدأت المرحلة الثالثة مع تفجر الأوضاع الاجتماعية عام 2011 وانتفاض الجماهير فى الشوارع ، وقد أدت السياسات المتبعة منذ ذلك الحين وحتى الوقت الراهن إلى زيادة نهب الأراضى الزراعية وتدهور إنتاج بعض المحاصيل الزراعية مثل القطن وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعى إلى أكثر من 100% وتدهور أوضاع القطاع الزراعى والريف بشكل عام وتزايد نسب البطالة وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ، وقد دخلت وزارة الدفاع فى الكثير من الأنشطة الزراعية والصناعية والتجارية لدرجة بلوغ حجم هذا التدخل والأنشطة إلى نحو 30% من حجم النشاط الاقتصادى دون مراقبة من أى أجهزة شعبية أو رقابية مما أسهم فى تزايد الفساد بدرجات غير مسبوقة فى الأجهزة الحكومية ولم تشهده مصر خلال مائة عام الماضية وقد قدرته جهات حكومية بما يزيد على 600 مليار جنيه خلال السنوات الخمس الماضية وأثر ذلك بالسلب فى مختلف الأوضاع الاقتصادية وفى الاجتماعية وأدى إلى ارتفاع أسعار السلع المعيشية وتدهور قطاعات الصحة والتعليم وأثر بالسلب فى دخول ملايين المواطنين خاصة العاملين بأجر من بينهم العاملون بقطاع الزراعة.

ولا يسعنا إلا القول بأن مجمل السياسات الزراعية أو التى اهتمت بشئون العمال الزراعيين فى مصر منذ عام 1952 وحتى الآن أسقطت من اهتماماتها أى توجه فعلى نحو تحسين شروط عملهم أو تأهيلهم أو أجورهم بل إنها أسهمت فى تزايد معدلات تدهور أوضاعهم.

وفى القسم الثانى يوضح التقرير واقع العمالة الزراعية ومشاكلها حيث أكد أنهم يعانون من عدم الاستقرار في فرص العمل، نتيجة  موسمية العمل الزراعي ، كما يعانون من استغلال ونهب مقاولي الأنفار خاصة مع استمرار وتوسع ظاهرة عمال التراحيل الذين يبحثون عن فرصة خارج قراهم وانخفاض أجورهم الحقيقية بنحو 60 % ، ويعملون ساعات عمل طويلة تصل أحيانا إلى 11ساعة متواصلة يتخللها ساعة للغداء ، ولا يتمتعون بأي تأمينات اجتماعية أو صحية أو بدلات وحوافز وعلاوات. وحتى من يعمل منهم عمالة دائمة  فى المزارع الكبرى محروم من أي شكل من أشكال الرعاية الصحية أثناء العمل ، بل من أجورهم أثناء فترة المرض أو الإصابة ، كما يتدنى مستوى ونمط معيشة أسر هؤلاء العمال ، وتتعرض الفئات الأضعف منهم والممثلة فى الأطفال والنساء لدرجات أعلى من الاستغلال ، فمتوسط أجر المرأة والطفل يمثل نحو 35 % و30,5 % على التوالي من متوسط أجر الرجل.

ويتعرضون لمخاطر وإصابات وأمراض كثيرة أثناء العمل وبسببه سواء أكانت تلك المخاطر والإصابات بيولوجية نتيجة الإصابة بالأمراض التى تنتقل عن طريق ملامسة الحيوانات والطيور أو التعامل معها ، أم مخاطر طبيعية أم كيمائية أم ميكانيكية ونهاية بحوادث الطرق أثناء انتقالهم إلى المزارع ، هذا خلاف حالات التحرش والاستغلال الجنسي التى تتعرض لها النساء على نحو خاص من أصحاب المزارع أو المقاولين أو الرجال الذين يعملون معهن خاصة عند اضطرار النساء والفتيات للعمل بعيدا عن قراهم لمدة طويلة  .

ورغم كل تلك المعاناة التى تعانى منها العمالة الزراعية فإنها لا تشكل كتلة واحدة متجانسة ، وهو ما يعقد أساليب التعامل معها أو رصد المتغيرات الطارئة على أوضاعها ، أو حتى وضع تصورات لنضالها السياسى فى المستقبل.

     فهي تتنوع بين رجال ونساء وأطفال ويستخدم فارق الأجر بين الرجال والنساء والأطفال مع ندرة العمل وارتفاع فائض قوة العمل فى فرض شروط عمل أكثر قسوة يعانى منها الجميع وإيجاد حالة من التنافس فيما بينهم.

ويهمنا أن نشير إلى أن هذا ليس هو التنوع الوحيد بين كتلة عمال الزراعة فهناك عمال معدمون أي لا يملكون إلا بيع قوة عملهم كمصدر وحيد للدخل ، وهناك عمال زراعة لديهم مصادر دخول مكملة إلا أنهم يلجأون للعمل المأجور كعمال زراعة لاستكمال احتياجاتهم النقدية ، ومنهم أصحاب حيازات قزمية وصغيرة ، أو أصحاب أنشطة اقتصادية صغيرة ومتناهية الصغر (دكان بقالة فى القرية)، بل إن  منهم من يعمل كعمالة دائمة فى المؤسسات الحكومية كعمال خدمات أو صغار موظفين ويستكملون أيضا احتياجاتهم النقدية بالعمل الزراعي المأجور.

هذا التنوع المعقد على خلفية النوع والفئة العمرية ، وديمومة العمل أو موسميته ، وتعدد مصادر دخل العامل أو أحاديته من العمل الزراعي المأجور، أو تنوع أنواع العمل بين زراعي وغير زراعي ، واختلاف أصحاب الأعمال بين حكومة وقطاع خاص ، شركات أو أفراد، عمل مباشر او عبر مقاول ، عمل داخل القرية أو خارجها ، يضعنا أمام وضع بالغ التعقيد لدراسة أوضاع العمالة الزراعية خاصة مع غياب الدراسات العلمية لتفاصيل هذه الخريطة ، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى التعميم الخاطئ فى التعامل معها ككتلة واحدة متجانسة .

     ورغم هذا التعقد فى خريطة قوة العمل الزراعي فإنه يمكن القول إن جميع فئاتها تعانى بشكل عام من تزايد تدهور أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية ، وتعانى من أكثر شروط العمل قسوة والتى يغيب فى ظلها أي شكل من أشكال الحماية والرعاية ، كما أنها تعانى من تزايد معدلات البطالة وتضاؤل فرص العمل ، ولقد أصبح هذا القطاع المهم من قوة العمل يشكل قاعدة جيش المهمشين الذى أصبح يموج بالغضب وعدم القدرة على تحمل مزيد من تدنى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتدهورها.

إلا إنه يضاف إلى هذا الظروف والواقع  الاجتماعى للعمالة الزراعية من ظروف عمل لا تسمح لها بالوجود فى جماعات كبير ، وغياب أي منظمات نقابية فاعلة ، والعمل الموسمي الذى يتغير فيه صاحب العمل ومكانه بشكل دائم ، وارتفاع نسبة الأمية والمعاناة الدائمة من ندرة فرص العمل والانشغال الدائم بالبحث عنها..إلخ ، كل هذه الظروف تدعم تأخر أو تراجع ظهور أي نشاط سياسي أو اجتماعي  منظم لهذا القطاع من العمال دفاعا عن مصالحهم أو تحسين أوضاعهم ، وبالتالى تضعف قدرتهم على التأثير فى عملية صنع السياسات أو التوازن الاجتماعى بما يسمح بتحقيق جزء من هذه المصالح ، وهذه الوضعية تشير فى الحقيقة الى مستقبل وأيام صعبة وقاسية تنتظر هذا القطاع من قوة العمل. 

وفى القسم الثالث يستعرض التقرير ظاهرة عمل الأطفال باعتبارها أحد القطاعات النوعية داخل قطاع العمال الزراعيين ، ويبين التقرير الاهتمام الزائف من الحكومات الغربية والمؤسسات الدولية والمحلية والحكومة المصرية بتحسين حقوق هذا القطاع ، حيث إن هذه الأخيرة تحاول إظهار نفسها أمام أسواق التجارة العالمية بأن إنتاجها يخلو من استخدام عمل الأطفال فى الأنشطة الاقتصادية الخطرة ، أو محاولاتها جلب المنح الدولية باعتبار أن الأخيرة تشترط الاهتمام بقطاعات حقوق الإنسان ومن ضمنها حقوق الأطفال ، ولا يهدف هذا الاهتمام الدولى أو المحلى إلى تغيير السياسات أو تقوية منظمات العمال للدفاع بأنفسهم عن مصالحهم ضد رجال الأعمال وكبار الملاك الزراعيين والشركات وفساد المؤسسات ذات الصلة بالقطاع ، لكنه يرتبط بنطاق ضيق من الأنشطة تعتمد على المساعدات المباشرة لعدد محدود من الأطفال.

وفى هذا السياق قدرت منظمة العمل الدولية بأن هناك نحو 250 مليون طفل بين سن الخامسة والرابعة عشرة يعملون في الدول النامية وحدها محرومون من التعليم المناسب والصحة الجيدة والحريات الأساسية، ويدفع كل طفل من هؤلاء ثمنا فادحا لهذه المعاناة حيث إن نحو 50% منهم أو ما يقدر بـــ120 مليونًا يعملون كل الوقت في حين يدمج العدد الباقي مابين العمل والدراسة ، ويعمل نحو 70% تقريبا من الأطفال في أعمال غبر إنسانية ، وهناك من بين هذا العدد الكلي نحو 50 إلى60 طفلا بين سن الخامسة والحادية عشرة ممن يعملون في ظروف خطيرة ؛ نظرا لصغر سن هؤلاء الأطفال وهشاشة أجسادهم وهذا ما يؤثر فى حياتهم وصحتهم.

ويشير التقرير العالمي لعمل الأطفال لعام 2002 إلى أن السبب الرئيسي في اختفاء الأرقام الحقيقة لعمل الأطفال في المنطقة العربية؛ يعود لعدم اعتراف هذه الحكومات بالمشكلة ، ولا تعلن البيانات والإحصائيات الخاصة بهذه القضيةفى محاولة منها لتغييب الاهتمام بحقوق الأطفال العاملين.

ويستعرض هذا القسم الاتفاقيات الدولية العديدة مثل اتفاقية حقوق الطفل واتفاقيات منظمة العمل الدولية وتوصيات الفاو ، ويؤكد بأنه وعلى الرغم من كل هذه الجهود التى تبذلها المنظمات الدولية فى إصدار الاتفاقيات الملزمة والرصد وتنفيذ المشاريع التىتستهدف تحسين حياة هؤلاء الأطفال أو وقف تشغيلهم فى الأعمال الخطرة فإن الظاهرة مازالت فى تزايد مستمر نتيجة السياسات الدولية وانحيازها لمصالح الشركات الدولية الكبرى وتوافق مصالحها مع مصالح الحكومات المحلية وللأسف وبسبب هذه السياسات تتم إعادة إنتاج الظاهرة ويتم استغلال الأطفال بشكل متواصل.

ويستعرض هذا القسم أوضاع عمل الأطفال فى مصر ويبين أن حجم عمل الأطفال يبلغ نحو 3 ملايين عامل طبقًا لتقارير غير رسمية ، وطبقا للمسح  القومي لظاهرة عمل الأطفال في مصر والصادر عن المجلس القومي للطفولة والأمومة فإن  هناك نحو 2,76 مليون طفل عامل في مصر، يمثلون نحو ٢٦% أي أكثر من خمس الأطفال في الشريحة العمرية من ١٦:١٤ سنة بينما قدرهم الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء بنحو 1,6 مليون طفل عامل.

وفى هذا السياق قدرت منظمة العمل الدولية حجم الأطفال العاملين بقطاع الزراعة بنحو 2.2 مليون طفل، بنسبة تصل  إلى 26% من إجمالى العاملين فى مصر ، ورغم تباين  الإحصائيات  السابقة وعدم دقتها فإن  جميعها يشير إلي ارتفاع حجم عمل الأطفال في مصر ومع ذلك يبدو التناقض واضحًا في تلك الإحصاءات حتي تلك الصادرة من جهة واحدة.

وقد أشار التقرير إلى مخاطر عديدة نتيجة عمل الأطفال فى قطاع الزراعة والتى يعود بعضها إلى :

-        ظروف وشروط عمل شاقة مثل استخدامهم لأدوات عمل تسبب لهم الإصابات ( الجروح والكسور ) وتعرضهم لمخاطر التعامل مع المبيدات الزراعية ( التسمم والأمراض الخطيرة ) وكذلك للمخاطر الناتجة عن طول يوم العمل ، والإرهاق الشديد ، والمعاملة السيئة من المشرفين ، وأصحاب العمل ، وما يصاحب كل ذلك من أمراض مزمنة.

-        الاستغلال الاقتصادى ، والذى يتجلى فى عدد من الأوضاع مثل بدء العمل فى سن مبكرة ( أقل من 7 سنوات ) ، واستمرار ظاهرة مقاولى الأنفار ( يستحوذون على جزء من أجر الأطفال ) ، وانخفاض أجور الأطفال ، وزيادة عدد ساعات العمل اليومية وحرمان الأطفال من كافة أشكال الحقوق المتعلقة بالأجازات والراحات الأسبوعية ، أو حقهم فى الحصول على أجورهم عنها.

-        مخاطر طبيعية مختلفة ( العوامل والظروف المناخية ، الحر الشديد ، البرد الشديد ... إلخ ) ومخاطر كيميائية وبيولوجية . وتؤثر هذه المخاطر فى الأطفال ( إصابتهم بضربات الشمس والدوخة ، والإغماء بسبب عدم توفر وسائل الحماية من الشمس)

-        وتعد الأعمال المشار إليها سابقاً التى يقوم بها الأطفال من أسوأ وأخطر أشكال العمل التى يقوم بها الأطفال والتى تلحق أفدح الأضرار بسلامتهم وصحتهم . ويضاعف من الضرر غياب الرعاية الصحية فضلاً عن عدم توافر وسائل الوقاية والحماية وعدم قيام أصحاب العمل بإجراء الفحص الطبى الدورى على الأطفال وكذلك عدم توافر الخدمات الضرورية فى أماكن العمل ( المياه النقية ، دورات مياه ، الوجبة الغذائية ، المواصلات الآمنة ...إلخ ).

ويستعرض التقرير بعض الملاحظات السلبية الواردة بقوانين الطفل والعمل والنقابات العمالية والتأمينات الاجتماعية التى تفتح بابا واسعا لاستغلال الأطفال العاملين وتؤدى إلى تهرب أصحاب الشركات وكبار الملاك من تحمل مسئولياتهم فى حماية حقوق هؤلاء العاملين.

وأكد التقرير أنه على الرغم من كل جهود المنظمات الدولية واتفاقياتها وتوصياتها ومؤتمراتها والتزام الحكومة المصرية بتنفيذ بنودها ومع كل أدوار المؤسسات الحكومية والأهلية فى مصر لتحسين ظروف عمل الأطفال أو وقف استغلالهم ورغم صدور التشريعات والدساتير التى تؤكد حماية حقوق الأطفال العاملين ، فمازال أطفالنا يتم استغلالهم من قبل أصحاب الأعمال بسبب سياسات حكومية تنحاز لمصالح رجال الأعمال والفاسدين وتعيد إنتاج هذه الظاهرة ليس لشىء إلا لأن مجهودات هذه المؤسسات لا تهدف إلى تغيير السياسات بل تهدف إلى ترميم سياسات أنظمة ثبت فشلها فى تحسين حياة البشر ، كما أن معظم هذه المؤسسات تتعامل مع الأطفال العاملين كضحايا وأرقام وبالتالى تتغافل عن إنشاء وتقوية ودعم تنظيماتهم المستقلة التى يمكنها وحدها وقف استغلالهم وتحسين شروط حياتهم.

وبالتالى لم تسفر هذه المجهودات خلال عشرات السنين الماضية عن أي نتائج إيجابية لأن السياسات الدولية والمحلية تعيد إنتاج الظاهرة وهى أسباب مازالت موجودة ولن يتم تغييرها بالطرق التى تتبعها تلك المنظمات.

وفى القسم الرابع يرصد التقرير بعض الحوادث التى وقعت للعمال الزراعيين أثناء ذهابهم إلى المزارع أو العودة منها إلى بيوتهم وذلك فى الفترة من يناير2016 حتى سبتمبر2016.

ويكشف التقرير عن مقتل 79 عاملا زراعيا ما بين عمال وعاملات بالغين وفتيان وفتيات وإصابة 190 آخرين وكان ذلك بسبب حوادث الطرق لسيارات ومعديات متهالكة وغير صالحة للاستخدام وحوادث أخرى ناجمة عن تسمم غذائى فى إحدى المزارع أو نشوب إحدى الحرائق.

ويؤكد التقرير أن عدد الحوادث التى يتعرض لها العاملون بقطاع الزراعة تزيد على ذلك بكثير، لأن هذه الفئات لا يهتم بها إعلام مؤسسات الدولة المشغول بدعم أصحاب الشركات وكبار الملاك، فنادرًا ما يشار إلى مثل هذه الحوادث ، وإن أشار إليها فيكون على حرج وفى صفحة الحوادث وفى مكان لا يمكن رؤيته.

ونظرًا لوقوع حوادث معديات كثيرة خلال العام راح ضحيتها مئات المواطنين ومن بينهم عمال زراعة فقد اهتمت بعض الجرائد بعمل بعض التحقيقات عن حالة المعديات التى تزيد على آلاف المعديات التى تصل بين شطى النيل ، والتى أكدت جميعها تهالك هذه المعديات وعدم صيانتها أو تجديد رخصها وعدم صلاحيتها للعمل، وعدم الرقابة أو التفتيش من الجهات الحكومية المختلفة والمسئولة عن سلامة النقل عليها.

وتكشف الأخبار التى نشرت حوادث العمال الزراعيين عن الانحيازات المفضوحة للإعلام لأصحاب الشركات والمزارع الكبيرة والفاسدين بمؤسسات الدولة ، حيث لم يشر أى خبر إلى مسئولية هؤلاء جميعا غير ضرورة توفير وسائل نقل آمنة للعمال وعلى حقوق العاملين فى تحرير عقود عمل وتأمين صحى واجتماعى وصرف تعويضات ومعاشات بسبب إصابات العمل أو الوفاة الناجمة عن العمل.

وعلى جانب آخر لم تهتم أى من الأحزاب أو النقابات بأى من هذه الحوادث نظرًا لانشغال معظمهم بقضايا الديمقراطية والحقوق المدنية ولم يقوموا خلال هذه الفترة بتوعية العمال الزراعيين ليشكلوا تنظيماتهم المستقلة ، كما لم يبذلوا جهودًا بحثية لدراسة أوضاع تلك العمالة وأماكن تواجدهم وطبيعة عملهم وحجم مشاكلهم أو يتواصلوا معهم لتمكينهم من تشكيل تلك التنظيمات التى من دونها لا يمكن لأحوال العمال الزراعيين أن تتحسن.

ورغم جهود بعض الجمعيات الأهلية والمؤسسات العاملة فى هذا المجال فى رصد مشاكل العمال والأطفال العاملين بقطاع الزراعة فإن حجم الظاهرة يتزايد وظروف عملهم تزداد سوءًا وتدهورًا ، وهذا ناتج من رؤية هذه الجمعيات لهذه القطاعات التى تعدها مادة لأنشطتهم وفى أحسن الأحوال تسعى لتحسين أوضاع بعض أفرادهم عن طريق الهبات والمساعدات المباشرة دون أن تهتم بتطوير وسائل مقاومة أسباب هذه الظاهرة.

ويؤكد المركز أن عمل الأطفال بالزراعة هو جزء من مشكلة أكبر تخص كل العاملين بالزراعة والعاملين بأجر ولن يتم وقف استغلال هؤلاء الأطفال أو تحسين شروط عملهم أو حياتهم إلا من خلال تنظيمات مستقلة للعاملين بالزراعة التى يمكنها الدفاع عن مصالحهم فى مواجهة استغلال أصحاب المزارع ومقاولي الأنفار وأصحاب الشركات ويمكنها أيضًا مقاومة الفساد المنتشر بأجهزة الدولة.

ولن يتم ذلك إلا عبر تنظيمات نوعية تتناسب مع أوضاع التنويعات داخل هذا القطاع  ( عمال زراعة موسميون – عمال زراعة دائمون – عمال زراعة بشركات زراعية ومثبتون – عمال زراعة بشركات زراعية وغير مثبتين – عمال زراعة بالأراضى القديمة – عمال زراعة بالأراضى المستصلحة الجديدة .. إلخ) ويمكن بعد ذلك التنسيق بين هذه التنظيمات النوعية فى تنظيم أكبر للعمال الزراعيين يراعى الأهداف المشتركة لكافة هذه التنظيمات والمتعلقة بتحسين شروط العمل والتأمين الصحى والاجتماعى والنضال من أجل كفالة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.

ويجب أن تدير هذه التنظيمات قيادات عمالية فاعلة ومستقلة ولها مصلحة مباشرة فى تحقيق أهداف هذه التنظيمات عبر عملية طويلة من النضال وليس الاستجداء من أصحاب الأعمال أو السلطات ، وتجب بلورة هذه الرؤية والتحركات عبر مؤتمر ينظمه المهتمون بتحسين حياة وعمل العمال الزراعيين والقيادات الواعية بحقوق ومصالح العمال الزراعيين وكل العاملين بأجر ، ويجب أن يبلور المؤتمر برنامجًا ورؤية وخطط نشاط وتنسيقات للمتابعة وتذليل العقبات.

إن تلك الأهداف والتحركات وغيرها من الأفكار هى التى يمكنها إجبار الحكومة والأحزاب السياسية والمنظمات الأهلية على تغيير سياساتها تجاه هذا القطاع وتلزمهم بتحقيق أهداف هذه التنظيمات دون مواربة أو تأجيل.

إننا نعلم أن هذا الطريق الطويل يحتاج إلى جهود نضالية وبحثية متواصلة لكننا على ثقة بقدرة كل العاملين بأجر ومن ضمنهم العاملون بقطاع الزراعة بتخطي صعاب هذه المرحلة ومواجهة استبداد وعسف السلطات والشركات ورجال الأعمال لتحسين شروط حياتهم وعملهم وتغيير المجتمع للأفضل كى يسع كل طبقاته ويكفل لهم الحرية والعيش الكريم والمساواة.


سادسًا : جدول حوادث العمال الزراعيين

خلال الفترة من يناير2016 حتى سبتمبر2016

م

المشكلة

عدد

القتلى

عدد المصابين

المحافظة

المصدر

التاريخ

1

مصرع 15 شخصًا إثر غرق عبارة سنديون بكفر الشيخ بينهم أطفال عاملون

15

-

كفر الشيخ

اليوم السابع

1/1/2016

2

مصرع شخصين وإصابة 13 من العمالة الزراعية بحادث تصادم بصحراوى النوبارية

2

17

البحيرة

مباشر

4/1/2016

3

مصرع وإصابة 4 عمال زراعيين بحالة تسمم غذائي داخل مزرعة بالبحيرة

1

6

البحيرة

أخبار مصر

25/1/2016

4

توفى ستة عمال، وإصابة ثلاثة آخرين في حادث تصادم قطار بسيارة بمركز العياط، بمحافظة الجيزة

6

3

الجيزة

المصرى اليوم

31/1/2016

5

حادث تصادم لأكثر من 25 سيارة على طريق الجيش الصحراوي الشرقي ببني سويف راح ضحيته أكثر من عشرة عمال

15

20

بنى سويف

المصرى اليوم

31/1/2016

6

لقي عاملان مصرعهما، وأصيب 16 آخرون في حادث تصادم بالطريق بالبحيرة

2

16

البحيرة

المصرى اليوم

31/1/2016

7

لقي 4 أشخاص مصرعهم وأصيب 4 آخرون بينهم طفلان عاملان في حادث تصادم بالمنوفية

4

8

المنوفية

المصرى اليوم

31/1/2016

8

مصرع 3 أطفال حرقاً أثناء عملهم بحريق مخلفات زراعية بقرية موشا فى أسيوط

3

-

أسيوط

اليوم السابع

14/3/2016

9

مصرع 5 عمال وإصابة 21 فى حادث تصادم سيارتين بطريق الإسماعيلية الزقازيق

5

21

الإسماعيلية

الموجز

12/4/2016

10

تشييع جثامين 10 عمال تراحيل ضحايا حادث طريق "سفاجا ـ سوهاج" في بني سويف

10

-

البحر الأحمر

بوابة الأهرام

18/4/2016

11

إصابة 10عمال زراعيين إثر انقلاب سيارتهم بصحراوى البحيرة

-

10

البحيرة

اليوم السابع

12/5/2016

12

لقى طفل عامل مصرعه في حريق بأرض زراعية في بني سويف

1

-

بنى سويف

مصراوى

15/5/2016

13

مصرع وإصابة 10 عمال زراعيين فى حادث سير بالبحيرة

2

8

البحيرة

أسرار الأسبوع

17/5/2016

14

إصابة 9 أشخاص من العمالة الزراعية فى تصادم بغرب النوبارية

-

9

البحيرة

اليوم السابع

3/6/2016

15

مصرع عامل وإصابة 10 في انقلاب سيارة عمال تراحيل بالمنوفية

1

10

المنوفية

مصراوى

19/6/2016

16

مصرع سيدة وإصابة 15 من العمال الزراعيين في حادث انقلاب سيارة بالبحيرة

1

15

البحيرة

المصرى اليوم

23/6/2016

17

لقى عاملان مصرعهما في حادث سقوط سيارة من أعلي معدية نيلية بالمنيا

2

-

المنيا

مصر العربية

28/6/2016

18

انتشال جثة عامل سقط من معدية كفر درويش ببنى سويف

1

3

بنى سويف

اليوم السابع

28/6/2016

19

مصرع عاملين وإصابة 14 فى حادث تصادم سيارتين غرب الإسكندرية

2

14

البحيرة

اليوم السابع

26/7/2016

20

" مصرع وإصابة 7 عمال زراعيين بحادث انقلاب سيارة بالبحيرة

1

6

البحيرة

صدى البلد

30/9/2016

21

مصرع وإصابة ١١ عاملا في حادثين منفصلين بزراعي البحيرة

3

8

البحيرة

البحيرة نيوز

30/9/2016

22

مصرع وإصابة 18 عاملا زراعيا فى حادث تصادم بالشرقية

2

16

الشرقية

مصراوى

30/9/2016

إجمالى الحوادث

79

190

 



[1] اعتمد هذا الجزء على دراسة للدكتور عماد صيام قدمت بورشة مركز الأرض عام 2010

1 اليوم السابع 1/1/2016

2 مباشر 4/1/2016

3 اخبار مصر 25/1/2016

4 المصرى اليوم 31/1/2016

5  المصدر السابق31/1/2016

6 المصدر السابق31/1/2016

7  المصدر السابق31/1/2016

8 اليوم السابع: 14/3/2016

9الموجز: 12/4/2016

10بوابة الأهرام: 18/4/2016

11اليوم السابع: 12/5/2016

12مصراوى: 15/5/2016

13  أسرار الأسبوع: 17/5/2016

14 اليوم السابع: 3/6/2016

15  مصراوى:  19/6/2016

16 المصرى اليوم: 23/6/2016

17مصر العربية: 28/6/2016

18 اليوم السابع: 28/6/2016

19 اليوم السابع: 26/6/2016

20 صدرى البلد: 30/9/2016

21 البحيرة نيوز: 30/9/2016

22  مصراوى: 30/9/2016

سلسة الأرض والفلاح العدد رقم (74) مارس 2017 أوضاع الفلاحين فى مصر مشكلات ورؤية للحل*

$
0
0

سلسة الأرض والفلاح

العدد رقم (74)

مارس 2017

أوضاع الفلاحين فى مصر

مشكلات ورؤية للحل*

إعداد الأستاذ/ عصام شعبان باحث فى الأنثروبولجيا الاجتماعية

تشمل الورقة أبرز المشكلات الفلاحية وهى:

-         مشاكل تتعلق بمستلزمات الزراعة (مشكلة الأسمدة نموذجا) وعلاقتها بالأوضاع الراهنة.

-         أوضاع الزراعة المصرية وعلاقتها بالبناء الاقتصادي.

-         الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للفلاحين والمرافق والخدمات.

-         بنك الائتمان الزراعي ومشاكل الديون.

-         نحو برنامج وطني لحل مشكلات الفلاحين والنهوض بالزراعة

تبرز أهمية الورقة المطروحة في فتح باب النقاش لمشكلات الفلاحين الحالية في ظل المستجدات والتغيرات المتعاقبة وهي تسعي للتعرف أيضا علي وضع وحالة الزراعة المصريهةوالمزارعين المصريين وما يعانونه من هموم وتحديات وتنتهي الورقة بتصور وبرنامج عمل يتضمن بعضا من مطالبهم العادلة.

يمكنكم الأطلاع على التقرير من : https://cdn.fbsbx.com/v/t59.2708-21/17017273_127967347729431_450300163907387392_n.docx/%D8%B3%D9%84%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B1%D8%B6.docx?oh=c67283f61cb74bb6e0782e26ecfa6845&oe=58C1FB86&dl=1

مركز الأرض: 76 شارع الجمهورية شقة 67 ـ الدور الثامن بجوار جامع الفتح ـ -القاهرة

ت: 01222492922 – 01128333586

lchr@lchr-eg.org:    بريد إلكترونى

www.lchr-eg.orgموقعنا على الإنترنت

http://www.facebook.com/pages/Land-Centre-for-Human-Rights-LCHR/318647481480115 صفحتنا على الفيس بوك:

صفحتنا على تويتر: https://twitter.com/intent/user?profile_id=98342559&screen_name=lchr_eg&tw_i=321605338610688000&tw_p=embeddedtimeline&tw_w=321586199514976256

سكايب   : 

  land.centre.for.human.rights

 

-          هذه الورقة قدمت بورشة المركز بمحافظة بنى سويف ونظرًا لأهميتها إن المركز يعيد نشرها.

من برامج "التكيف الهيكلى"إلى إجراءات "تعويم الجنيه المصرى"! * اعداد: أ/أحمد بهاء الدين شعبان*

$
0
0
من برامج

   يواجه الشعب المصرى، فى الفترة الأخيرة، ظروفاً بالغة الصعوبة، على كافة الأصعدة، ويعود هذا الوضع إلى قبول الحكومة للشروط والتعليمات الصادرة عن المراكز المالية العالمية، "صندوق النقد" و"البنك" الدوليين، وغيرهما، وتنفيذها، دفعةً واحدةً، لـ"حزمة" القرارات والإجراءات المطلوبة، وعلى رأسها إطلاق سعر الصرف للجنيه المصرى، (تعويم الجنيه)، وتَخَلَّى الدولة عن دعم الطاقة (بنزين، غاز، كهرباء،...)، وإلغاء دعم السلع الأساسية، وبيع جانب مهم مما تبقّى من شركات وبنوك الدولة، ورفع سعر الخدمات الأساسية، ... إلخ، مقابل الموافقة على منحها قرضاً بقيمة 12 مليار دولار، مُقسّماً على ثلاث سنوات، ووعود غائمة بتدفق الاستثمارات الأجنبية، وهو الأمر الذى يرى فيه النظام، والطبقة الرأسمالية الحاكمة، طوق النجاة من الأزمة الاقتصادية الخانقة، وخروجاً من النفق المظلم الذى يمر به الاقتصاد المصرى منذ سنوات عديدة !.

   وقد تركت هذه التطورات أكثر من أربعة أخماس المصريين يئنون من فداحة الضغوط التى أُخضعوا لها، دون تهيئةٍ مناسبةٍ، أو حمايةٍ حقيقيةٍ، أو استعدادٍ دقيقٍ، يقلل من حجم المعاناة، ويُسيطر على الآثار والتوابع السلبية، المُتَوقّعةَ، لمثل هذه الخطوات، وأبرزها الارتفاع الجنونى لأسعار السلع الأساسية، واختفاء مواد ضرورية لايمكن الاستغناء عنها كالأدوية، وتوقف حركة البيع لمستلزمات الإنتاج وقطع الغيار، وغير ذلك من مشكلات يرزح تحت عبئها المواطنون، فيما المسئولون: "لايبدو أنهم يشعرون بالأسى والألم مما اضطروا أن يفعلوه بنا، وإذ بهم يطربون لأنفسهم وأصواتهم، ويقهقهون كمن يضحك فى سرادق العزاء!"،(1)

 

هذه الورقة قدمت بورشة الارض ونقابة الاسماعلية باللقاء المنعقد ببيت الشباب 10/11 أغسطس 2017 ونظر لاهمية الورقة فأن المركز يعيد نشرها على صفحته .

وإذا كانت نتائج هذه الإجراءات القاصمة، التى نزلت نزول الصاعقة على الأغلبية العظمى من أبناء الشعب المصرى، قد ألقت بأعباء غير مسبوقة على كاهل عشرات الملايين من منتسبى  الطبقات الفقيرة، ومحدودة الدخل، بل وّمَسّت حياة الشرائح الوسطى والدنيا من الطبقة الوسطى، (بدليل تظاهر طُلاّب الجامعة الأمريكية احتجاجاً على بعض نتائجها)، فإنها عصفت، أول ماعصفت، بوضع الفلاحين المصريين، الذين دفعوا ضريبة هذه الإجراءات الخطيرة مرتين: الأولى لكونهم مواطنين مصريين، حل عليهم ماحلَّ على سائر أبناء الشعب من تدهور وتراجع، والثانية باعتبارهم الطبقة الاجتماعية الضعيفة، التى تعرضت لعسفٍ مستمرٍ، ولظلمٍ تاريخىٍ متواصل، على امتداد القرون والعقود، عدا فترات استثنائية محدودة !.

    الريف وسُكّانه:

   ووفقاً للإحصاءات الرسمية عن تعداد السكّان، الصادرة عام 2006 ، فقد بلغ عدد قاطنى ريف مصر 41 مليوناً، (57.36% من إجمالى عدد السكّان)، يُمارس منهم الزراعة 13 مليوناً، وقد مثّلوا، عام 2008 مايوازى نحو 27% من إجمالى قوة العمل فى مصر، كما تُشير البيانات إلى أن الإنتاج الزراعى المصرى، يوفر نحو ثلثى حاجات مصر الغذائية، وساهم فى تحقيق 13% من الناتج المحلّى الإجمالى عام 2009 – 2010، رغم التناقص المستمر فى نصيب الزراعة من الاستثمارات، وتراجعها من 9.4% عام 2003، إلى 4% عام 2008.(2)

   وقد توزعت حيازة الأرض الزراعية فى مصر، فى أول العقدين الأخيرين من القرن الماضى، عام 1981، إلى 90% بالمائة يملكون أقل من خمسة أفدنة، و9% بالمائة يملكون من خمسة إلى عشرين فداناً، فيما لم يزد مُلاك أكثر من عشرين فداناً عن واحد فى المائة فقط من حائزى الأرض الزراعية.

   ولم تتغير هذه النسبة كثيراً بعد عشرين عاماً، مع بداية الألفيّة الجديدة، عام 2000، فقد أصبحت: 90.4%، لحائزى أقل من خمسة أفدنة، و8.5% لحائزى من خمسة إلى عشرين فداناً، و1.1% لحائزى أكثر من عشرين فداناً.(3)

   إعادة الهيكلة:

وكما هو معلوم، ففى أعقاب تخلص الرئيس الأسبق "أنور السادات" من خصومه فى السلطة (مايو 1971)، ارتكن إلى التأييد الجماهيرى الواسع الذى تحصّل عليه فى أعقاب حرب 1973، لإحداث تحول اقتصادى وسياسى حاد، منذ منتصف عقد السبعينيات الماضى، بإعلان تبنيه لمجموعة السياسات الداخلية والخارجية (الجديدة)، المُغايرة لتوجهات النظام السابق: وأبرز ملامحها: الارتماء فى أحضان الولايات المتحدة الأمريكية، (مالكة الـ 99% من أوراق اللُعبة)، ومناهضة حركة التحرر العربى والعالمى، ومعاداة"الاتحاد السوفيتى"السابق، و"الكتلة الاشتراكية"، والصلح مع العدو الصهيونى وتوقيع "اتفاقيات كامب ديفيد"، ... إلخ.

   وأسس لهذا المسار، وواكبه، تطبيق السياسات المملاة، التى أطلق عليها مسميات عديدة، منها: "إعادة الهيكلة"، و"التكيف الاقتصادى"، و"تحرير الاقتصاد"، وغيرها من الأوصاف، التى تعنى فى النهاية، كف يد الدولة عن النهوض بأىٍ من أدوارها الاجتماعية لدعم الطبقات الضعيفة فى المجتمع، أو توجيه دفة الاقتصاد ولو عن بُعد، أو التصدى لتنظيم فوضى السوق، او للحد من الإضرار بحياة الملايين الغفيرة، أو التفريط فى المصالح العليا للشعوب والأوطان، مع بيع كل ممتلكات الشعب للقطاع الخاص الأجنبى، والمصرى (الذى كان قد تشكل فى ثنايا شبكة فساد عنكبوتية واسعة، تزاوج فيها رأس المال بالسلطة السياسية، مع بروز ظاهرة "رأسمالية المحاسيب"، التى انتعشت فى ظل الاستفادة المباشرة لأبناء وأقارب المسئولين الكبار فى جهاز الحكم من مناصب وسلطات وعلاقات ذويهم!.

   خطة ممنهجة لتصفية الزراعة:

   وإذا كانت طبقة العمال والمستخدمين الصغار، وما شابهها، قد واجهت مصيراً بالغ الصعوبة بتنفيذ سياسات "الخصخصة" و"تسريح العمالة"،تحت شعارات مُخادعو وبرّاقة: "المعاش المُبكِّر" و"إعادة تأهيل العمالة "، و"تصحيح المسار"، ...، مع البدء فى تنفيذ سياسة واضحة تستهدف تصفية وجود ودور القطاع العام، فقد واجه القطاع الزراعى الفلاّحى المصرى خطة ممنهجة، موازيه، على امتداد العقود الأربعة الماضية، استهدفت تفكيك وإنهاء الوضعية القانونية والاعتبارية، لنتائج إلإجراءات المتخذة فى عهد الرئيس الأسبق "جمال عبد الناصر"، والمترتبة على تطبيقات قوانين وقرارات "الإصلاح الزراعى"، عام 1952 وما بعده.

المدماك الأساسى لتصفية مكتسبات الفلاحين:

   وكان أبرز المحطات فى هذا السياق، "تحرير القيمة الإيجارية للأرض الزراعية"، بإصدار القانون (96) لسنة 1992، المُسمّى "قانون إصلاح العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر"، والذى قضى برفع القيمة الإيجارية من سبعة أمثال الضريبة المربوطة على الأرض الزراعية، إلى 22 مِثلاً، قبل أن يتم إطلاقها، دون سقف، بعد مرور خمس سنوات (فى 1997).

   ويمكن النظر إلى هذا القانون، باعتباره المدماك الأساسى لتصفية مكتسبات الفلاحين من العهد الناصرى، (بعد أن جرت تصفية مُنَظَّمة لمكتسبات الطبقة العاملة والطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل)، فحقوق مثل الإيجار الثابت، واعتبار المستأجر والمُشارك حائزاً للأرض كالمالك، والتصويت فى الجمعية، والاستفادة من دعم الدولة للأسمدة والتقاوى، وحق الاقتراض من البنوك الزراعية بفائدة محدودة، وغيرها من المكاسب، تم الارتداد عنها، وهو ما أدى إلى طرد نحو904 ألف مستأجر، الأمر الذى عَنِىَ: "أنه من أصل الخمسة ملايين أسرة مصرية، تضررت 431 ألف أسرة من جراء القانون". (4)

    ولكن الأفدح، هو أن تطبيق هذا القانون، فد أدى إلى "زيادة تفتيت الرقعة الزراعية، حيث أن نسبة الحائزين أقل من فدان كانت 36 بالمائة عام 1990، من جملة الحائزين، وأصبحت 43 بالمائة عام 2000 . (5)

الحصاد المُر:

   والآن، وبعد مرور مايقرب من ربع قرن على إصدار القانون رقم (96) لسنة 1992، ماهى ملامح حياة الفلاحين المصريين، وماهى النتيجة التى آلت إليها أوضاعهم بعد عقدين من بدء سريان هذا القانون، (1997)، وفى ظل انتهاج نظام الحكم لسياسات "تحرير الزراعة المصرية"؟!.

    يوضح أحد أئمة الكفاح الفلاحى، المناضل الراحل "عريان نصيف"، مفهوم عملية "التحرير" هذه، فى خمسة ملامح أساسية (6):

(1) تفكيك المؤسسات الموحدة المحلية فى الإطار الزراعى والفلاحى:

ومثّلها فى مصر "الاتحاد التعاونى الزراعى" المركزى، الذى كان يضم 3 مليون فلاح من خلال حوالى 5000 جمعية، استجابةً لتوصيات "منظمة التنمية الأمريكية" وبرنامج الـ "أيد"، وتم حلّه  بموجب القرار رقم 824 لعام 1976.

(2) اتباع سياسة "التصدير من أجل الاستيراد":

وهو ما يعنى زيادة المساحة المنزرعة بالمحاصيل التصديرية غير الاستراتيجية، على حساب زراعة المحاصيل الرئيسية الضرورية لتغطية الاحتياجات الغذائية للشعب، أو اللازمة للصناعة الوطنية، وبموجب هذا الأمر فقد فُرض على مصر الانصياع لتعليمات "هيئة التنمية الأمريكية" التى اعتبرت أن: "التوسع فى مساحة زراعة القمح يُعدُّ إخلالاً بسياسات الإصلاح الاقتصادى، وانحرافاً عن نتيجة البحوث المشتركة"، وكذلك لتوصيات "البنك الدولى"، فى أكتوبر 1994، التى أمرت بتخفيض المساحات المنزرعة بقصب السكر !".

(3) رفع يد الدولة عن العملية الزراعية، عن طريق:

-        الإلغاء الكامل لدعم مستلزمات الإنتاج من بذور وتقاوى وأسمدة، وترك أسعارها تتحدد وفق آليات السوق وتحكُّم التُجّار والقطاع الخاص.

-        إلغاء الدور التعاونى فى المجال الزراعى، والاعتماد على "بنك التنمية والائتمان" وفروعه فى القرى، و"تحرير" سعر الفائدة على القروض المالية للفلاحين، ...

-        إلغاء عملية تخطيط الإنتاج الزراعى، وتحديد الدولة للتركيب المحصولى السنوى وفقاً للاحتياجات والضرورات المحلية .

-        إلغاء دور الدولة فى عملية تسويق المحاصيل الزراعية، وترك التعامل فيها، داخلياً وخارجياً، للقوى الاحتكارية التى هيمنت عليها بالكامل !.

(4) آليات السوق تحكم ملكية وحيازة الأرض:

وهو ماتم على نحو ما أشرنا إليه من خلال إصدار وتطبيق القانون (96) لسنة 1992، كما تم إلغاء القانون رقم (15) لسنة 1963، والقاضى بحماية الأرض المصرية من هيمنة الأجانب عليها، وإصدار القانون رقم (6) لسنة 1995، الذى يُبيح للأجانب حق ملكية أى مساحات من أراضى مصر الصحراوية بالمجّان أو بإيجار رمزى!.

(5) الاعتماد على معونات "المانحين" والالتزام بشروطهم:

وفقاً لتصريح"جاك هوفر"، أحد واضعى السياسة الزراعية والغذائية الخارجية لأمريكا، فالغذاء لا يُوزع على الدول الأخرى على أساس مدى الاحتياج، وإنما "على أساس الاعتبارات التى تُمليها السياسة الخارجية الأمريكية".

فسياسات الدعم الغذائى أداة رئيسية من أدوات الهيمنة، وفرض الإذعان وتنفيذ التوجيهات التى تخدم مصالح أمريكا فى المقام الأول، ولم تقدم الولايات المتحدة لمصر، فى هذا المجال، على امتداد ربع قرن (1975 – 2000)، إلا نحو ثلاثة مليارات دولار، أى بمتوسط لايزيد عن 120 مليون دولار كل عام، وهو مبلغ زهيد لا يستأهل كل ماقُدِّمَ من تنازلات، ويتم استرداد أغلبه تنفيذاً لشرط الالتزام بشراء كل الآلات والسلع اللازمة للمشروعات الممولة من أمريكا، مهما ارتفعت أسعارها، وإنفاق جانباً ملحوظاً منها فى المرتبات الخيالية للـ "خبراء" الأمريكيين !.

   والأخطر تمثّل فى خضوع حسابات "بنك التنمية والائتمان الزراعى المصرى"، لرقابة "الهيئة الأمريكية للتنمية"، وحصول الولايات المتحدة على "أكبر قدر من البيانات عن الهيكل الزراعى المصرى"، بموجب ماتم بينها وبين الحكةمة المصرية من اتفاقات!.

التفريط فى ركائز الزراعة المصرية:

   وقد ترتب على انصياع الحكومات والنظم المصرية المتتالية للشروط الأمريكية، والتطبيق العشوائي لسياسات "تحرير" الزراعة المصرية، هدم ركائز التميّز المصرى فى هذا المجال، مثل زراعة القطن طويل التيلة الذى حظى بسمعة عالمية، وتسبّب فى التفريط فى حماية السلالات الزراعية المصرية، وخبرات الزراعة العضوية، والزراعة المعتمدة على البذور المحلية والأسمدة البلدية، ومقامة الآفات بأسليب غير كيماوية، الأمر الذى أفضى إلى تلويث التربة والحاصلات الزراعية، ونشر أمراض الكلى والسرطان بين مستخدميها، فضلاً عن تراجع إنتاجية ونوعية الثروة الحيوانية والداجنة، وفتح أبواب استيرادهما، بدلاً من تطوير الإنتاج المحلى.

   وساعد هذا المناخ، المُعبأ باللامبالاة والرخاوة والبيروقراطية والفساد، على توفير الفرصة للانقضاض على الأرض الزراعية المصرية الخصبة، فزحفت المبانى السكنية العشوائية، والمعامل، والمنشآت الصناعية، لكى تلتهم مئات الآلاف الأفدنة، من أجود وأخصب الأراضى المصرية، دون إحساس بفداحة الخسارة، وبالذات فيما يخص الأجيال الجديدة.(7)

أزمة المياه:

وضاعف من مشكلات الزراعة التناقص التدريجى فى نصيب الفرد المصرى من المياه.

فحصة مصر من مياه النيل، محدودة، (55 مليار متر مكعب)، كانت بهذه القيمة حينما كان عدد سكّان مصر بضعة ملايين معدودة، وظلت على هذا النحو والعدد يزحف حثيثاً باتجاه المائة مليون مواطن !.

   وتشير الإحصاءات إلى أن نصيب المصرى من المياه كان 2200 متراً مكعباً عام 1800، انخفض إلى 1500 متراً مكعباً عام 1980، ثم انخفض إلى 1035متراً مكعباً عام 1993، وإلى 900 متراً مكعباً عام 1997. (8).

   ولن يزيد نصيب الفرد عام 2017، الذى تجاوز فيه عدد سكّان مصر رقم الـ 92 مليون نسمة، عن ستمائة متراً مكعباً، آخذةً فى التناقص، ولن يُعَوِضَ الحاجة المتزايدة للمياه، إلا الترشيد الشديد فى استهلاك المتوفر منها، ووضع حد لسفه الاستخدام الترفى فى القيللات، والمنتجعات السياحية، وملاعب الجولف، والبحيرات الصناعية، وحمامات السباحة، وما شابه، واستكشاف مصادر جديدة، للمياه، وتطوير أنظمة الرى التقليدية، التى تستهلك كميات ضخمة من المياه دون مقابل مكافىء، إلى طرق الرى الحديثة، والحفاظ على نقاء المياه وحمايتها من كل أشكال التلوث.

مصر من أكبر مستوردى الغذاء:

    وكان من أسوأ النتائج، وأشد آثار هذه السياسات الخرقاء ضرراً: تحول مصر إلى أحد أكبر المستوردين فى العالم للسلع الغذائية الحيوية: القمح، والزيوت، واللحوم، والسكر، وغيرها مما لا يُستغنى عنه من الضرورات الأساسية للمجتمع.

وهو ما لخّصه العالم الراحل "د. مصطفى الجبيلى": لم تؤد هذه السياسات "إلى تضييق الفجوة الغذائية، بل على العكس فقد أدت إلى اتساعها كثيرا". (9)

الفساد يضرب الزراعة فى مصر:

ويضاف إلى ماتقدم، ماهو معروف من ترهل وفساد ينخر فى العديد من القطاعات الرسمية المعنية بقضية الأرض فى مصر، وقد كان آخر ما تَسَرَّب فى هذا الشأن، هو ما كشفته "الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة" بشأن التحقيق فى تقاضى عدد من المهندسين الزراعيين لرشوة بلغت مليارى جنيه، لتسهيل استيلاء 37 شخصا على  85 ألف فدان، فى زمام محافظات البحيرة الإسماعيلية والجيزة !.(10)

المُحصّلة الختامية:

أدى التدخل النشط، من خلال آليات السيطرة الاستعمارية الحديثة، وأدواتها الاقتصادية بالأساس، وفى ظل تراجع الوعى الوطنى، والتفريط المستمر فى عناصر السيادة الوطنية، وأهمها القدرة على إنتاج الحاجات الأساسية للبلاد، وفى مُقدمتها الغذاء، وامتلاك القرار فى السيادة على الأرض والمياه، إلى تدهور مُريع فى أحوال الزراعة المصرية والفلاحين المصريين، الذين امتلكوا على مدار الزمن سر الزراعة ومفاتيح صناعة الحضارة الإنسانية، منذ فجر التاريخ وحتى الآن.

وقد رصد تقرير لـ"الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء" ملامح تدهور واقع الطبقات المحرومة فى المجتمع، وتفاقم معاناة القطاع الفلاحى والريفى المصرى، على النحو التالى:

-         تزايدت نسبة الفقر فى مصر من 25.2% عام 2010 – 2011، إلى 27.8% عام 2015.

-         ارتفعت نسبة "الفقر المدقع" إلى 5.3% من سكّان مصر خلال عام 2015.

-         56.7% من سكّان ريف الوجه القبلى لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من المواد الغذائية وغير الغذائية، مقابل 19.7% بريف الوجه البحرى. وقد شهد حضر وريف الوجهين: القبلى والبحرى ارتفاعاً فى مستويات الفقر بين أعوام 2012 – 2013 و2015.(11)

-         81.8% من المصريين غير مشتركين، ولا يتمتعون بغطاء التأمينات الاجتماعية، "ومن ثم لا أمل فى معاش أو دخل" . (12)

"تحرير" سعر الجنيه، وانعكاساته السلبية:

   ولم يقف الوضع عند الحد الذى أشرنا إليه فى السطور السابقة، وإنما ازداد الأمر تردياً مع التخفيض الأخير فى قيمة الجنيه المصرى بنحو نصف قيمته دُفعة واحدة، وهو مايعنى ارتفاعاً موازياً لأسعار كل مدخلات عملية الإنتاج الزراعى، دون استثناء: الآلات والمعدات والتقاوى والأسمدة والكيماويات الزراعية، وهو ما أشرنا إليه عاليه، وأقر به وزير الصناعة والتجارة، المهندس طارق قابيل، باعترافه أن المستلزمات الأجنبية للإنتاج المصرى، تتراوح مابين 30 و50 بالمائة، وشملتها جميعاً عملية رفع الأسعار الجنونية الأخيرة!.

   كذلك فإن الاستمرار فى تخفيض الدعم الرسمى للطاقة الكهربية ومشتقات البترول على نحو ماحدث مؤخراً، مواكباً لـ"تعويم الجنيه"، والإعلان عن النيّة المبيتة لرفع جديد لأسعار الكهرباء والوقود، على لسان "عمرو الجارحى"، وزير التجارة والمالية (13)،  يُشير إلى توقع المزيد من المشكلات والتعثر، كما أن رفع سعر الفائدة البنكية إلى آفاق غير مسبوقة (16 – 20%)،  يعنى تحميل المقترضين البسطاء أعباءً إضافية باهظة، ويؤكد استمرار معاناة قطاع الزراعة وطبقة الفلاحين المصريين، الذين يخوضون المعركة دون نصير فاعل، أو آلية حماية ذات كفاءة.

الخاتمة:

   تعكس الرؤية التى تضمنتها السطور الماضية، الشعور بحجم الإجحاف، التاريخى والراهن، الذى وقع، وسيقع، على ملايين الفلاحين المصريين، الذين يلقون، وسيلقون، رغم عِظم عطائهم وتضحياتهم، المزيد من العسف والإجحاف.

   نقطة الضعف الرئيسية التى تُشجِّع الطبقات والفئات المُستَغِلة على الاستهانة بأوضاع الفلاحين، هى انفراط عقدهم، وعجزهم (أى الفلاحين)، عن تشكيل هيئات قوية (أحزاب. نقابات. اتحادات. تعاونيات....)، تُجَسِّدُ حضورهم النسبى فى المجتمع، وتلم شملهم، وتدافع عن حقوقهم، وترعى مصالحهم، وتزود عن آمالهم المشروعة فى الحياة الكريمة .

   ولهذا الحديث الضرورى مناسبة اخرى.

     الهوامش:

(1) إبراهيم عيسى، المسئولون الذين يتنططون، جريدة "المقال"، 6 نوفمبر 2016.

(2) صقر النور، الفلاحون والثورة فى مصر: فاعلون منسيون، مجلة "المستقبل العربى"، السنة 37، العدد 427، أيلول/ سبتمبر 2014، ص: 29، و"تقرير التنمية البشرية": التغلب على الحواجز: قابلية التنقُّل البشرى والتنمية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، نيويورك، 2009.

(3) المصدر نفسه.

(4) كرم صابر، ملامح تغيرات جديدة فى ريف مصر، المصدر السابق، ص:31.

(5) محمد أحمد على حسانين، الهجرة الداخلية فى مصر، دراسة فى الجغرافية البشرية، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2010، مذكورة فى المصدر السابق، ص: 32.

(6) عريان نصيف، السياسات الزراعية مابعد التكيف الهيكلى، فصل فى كتاب "أحوال الزراعة والفلاحين المصريين فى ظل التكيف الهيكلى: (دراسة حالة مصر)، تحرير   د. حسنين كشك، مركز البحوث العربية والأفريقية – القاهرة، منتدى العالم الثالث – داكار، مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات، القاهرة، 2007،   ص ص: 15 – 29.

(7) لمزيد من التفاصيل: "الحزب الاشتراكى المصرى"، و"لجنة التضامن الفلاحى"، موجز لأشكال المقاومة والمهمات الفلاحية فى مصر، إعداد بشير صقر، (دراسة غير منشورة)، القاهرة، نوفمبر 2011.

(8) أحمد بهاء الدين شعبان، صراع الطبقات فى مصر المعاصرة: مقدمات ثورة 25 يناير 3011، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2012، ص:12.

(9) عريان نصيف، مصدر سابق، ص: 21.

(10) جريدة "البورصة"، 30 نوفمبر 2016.

(11) جريدة "الدستور"، 17 أكتوبر 2016.

(12) جريدة "الأهرام"، 5 نوفمبر 2016.

(13) جريدة "المصرى اليوم"، 29 نوفمبر 2016.

بطلاب الغربية وعمال المحلة وشباب الاسكندرية.

 

سلسة الأرض والفلاح العدد رقم (74) مارس 2017 أوضاع الفلاحين فى مصر مشكلات ورؤية للحل*

$
0
0

سلسة الأرض والفلاح

العدد رقم (74)

مارس 2017

أوضاع الفلاحين فى مصر

مشكلات ورؤية للحل*

إعداد الأستاذ/ عصام شعبان باحث فى الأنثروبولجيا الاجتماعية

تشمل الورقة أبرز المشكلات الفلاحية وهى:

-         مشاكل تتعلق بمستلزمات الزراعة (مشكلة الأسمدة نموذجا) وعلاقتها بالأوضاع الراهنة.

-         أوضاع الزراعة المصرية وعلاقتها بالبناء الاقتصادي.

-         الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للفلاحين والمرافق والخدمات.

-         بنك الائتمان الزراعي ومشاكل الديون.

-         نحو برنامج وطني لحل مشكلات الفلاحين والنهوض بالزراعة

تبرز أهمية الورقة المطروحة في فتح باب النقاش لمشكلات الفلاحين الحالية في ظل المستجدات والتغيرات المتعاقبة وهي تسعي للتعرف أيضا علي وضع وحالة الزراعة المصريهةوالمزارعين المصريين وما يعانونه من هموم وتحديات وتنتهي الورقة بتصور وبرنامج عمل يتضمن بعضا من مطالبهم العادلة.

يمكنكم الأطلاع على التقرير من : https://cdn.fbsbx.com/v/t59.2708-21/17017273_127967347729431_450300163907387392_n.docx/%D8%B3%D9%84%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B1%D8%B6.docx?oh=c67283f61cb74bb6e0782e26ecfa6845&oe=58C1FB86&dl=1

مركز الأرض: 76 شارع الجمهورية شقة 67 ـ الدور الثامن بجوار جامع الفتح ـ -القاهرة

ت: 01222492922 – 01128333586

lchr@lchr-eg.org:    بريد إلكترونى

www.lchr-eg.orgموقعنا على الإنترنت

http://www.facebook.com/pages/Land-Centre-for-Human-Rights-LCHR/318647481480115 صفحتنا على الفيس بوك:

صفحتنا على تويتر: https://twitter.com/intent/user?profile_id=98342559&screen_name=lchr_eg&tw_i=321605338610688000&tw_p=embeddedtimeline&tw_w=321586199514976256

سكايب   : 

  land.centre.for.human.rights

 

-          هذه الورقة قدمت بورشة المركز بمحافظة بنى سويف ونظرًا لأهميتها إن المركز يعيد نشرها.

من برامج "التكيف الهيكلى"إلى إجراءات "تعويم الجنيه المصرى"! * اعداد: أ/أحمد بهاء الدين شعبان*

$
0
0
من برامج

   يواجه الشعب المصرى، فى الفترة الأخيرة، ظروفاً بالغة الصعوبة، على كافة الأصعدة، ويعود هذا الوضع إلى قبول الحكومة للشروط والتعليمات الصادرة عن المراكز المالية العالمية، "صندوق النقد" و"البنك" الدوليين، وغيرهما، وتنفيذها، دفعةً واحدةً، لـ"حزمة" القرارات والإجراءات المطلوبة، وعلى رأسها إطلاق سعر الصرف للجنيه المصرى، (تعويم الجنيه)، وتَخَلَّى الدولة عن دعم الطاقة (بنزين، غاز، كهرباء،...)، وإلغاء دعم السلع الأساسية، وبيع جانب مهم مما تبقّى من شركات وبنوك الدولة، ورفع سعر الخدمات الأساسية، ... إلخ، مقابل الموافقة على منحها قرضاً بقيمة 12 مليار دولار، مُقسّماً على ثلاث سنوات، ووعود غائمة بتدفق الاستثمارات الأجنبية، وهو الأمر الذى يرى فيه النظام، والطبقة الرأسمالية الحاكمة، طوق النجاة من الأزمة الاقتصادية الخانقة، وخروجاً من النفق المظلم الذى يمر به الاقتصاد المصرى منذ سنوات عديدة !.

   وقد تركت هذه التطورات أكثر من أربعة أخماس المصريين يئنون من فداحة الضغوط التى أُخضعوا لها، دون تهيئةٍ مناسبةٍ، أو حمايةٍ حقيقيةٍ، أو استعدادٍ دقيقٍ، يقلل من حجم المعاناة، ويُسيطر على الآثار والتوابع السلبية، المُتَوقّعةَ، لمثل هذه الخطوات، وأبرزها الارتفاع الجنونى لأسعار السلع الأساسية، واختفاء مواد ضرورية لايمكن الاستغناء عنها كالأدوية، وتوقف حركة البيع لمستلزمات الإنتاج وقطع الغيار، وغير ذلك من مشكلات يرزح تحت عبئها المواطنون، فيما المسئولون: "لايبدو أنهم يشعرون بالأسى والألم مما اضطروا أن يفعلوه بنا، وإذ بهم يطربون لأنفسهم وأصواتهم، ويقهقهون كمن يضحك فى سرادق العزاء!"،(1)

 

هذه الورقة قدمت بورشة الارض ونقابة الاسماعلية باللقاء المنعقد ببيت الشباب 10/11 أغسطس 2017 ونظر لاهمية الورقة فأن المركز يعيد نشرها على صفحته .

وإذا كانت نتائج هذه الإجراءات القاصمة، التى نزلت نزول الصاعقة على الأغلبية العظمى من أبناء الشعب المصرى، قد ألقت بأعباء غير مسبوقة على كاهل عشرات الملايين من منتسبى  الطبقات الفقيرة، ومحدودة الدخل، بل وّمَسّت حياة الشرائح الوسطى والدنيا من الطبقة الوسطى، (بدليل تظاهر طُلاّب الجامعة الأمريكية احتجاجاً على بعض نتائجها)، فإنها عصفت، أول ماعصفت، بوضع الفلاحين المصريين، الذين دفعوا ضريبة هذه الإجراءات الخطيرة مرتين: الأولى لكونهم مواطنين مصريين، حل عليهم ماحلَّ على سائر أبناء الشعب من تدهور وتراجع، والثانية باعتبارهم الطبقة الاجتماعية الضعيفة، التى تعرضت لعسفٍ مستمرٍ، ولظلمٍ تاريخىٍ متواصل، على امتداد القرون والعقود، عدا فترات استثنائية محدودة !.

    الريف وسُكّانه:

   ووفقاً للإحصاءات الرسمية عن تعداد السكّان، الصادرة عام 2006 ، فقد بلغ عدد قاطنى ريف مصر 41 مليوناً، (57.36% من إجمالى عدد السكّان)، يُمارس منهم الزراعة 13 مليوناً، وقد مثّلوا، عام 2008 مايوازى نحو 27% من إجمالى قوة العمل فى مصر، كما تُشير البيانات إلى أن الإنتاج الزراعى المصرى، يوفر نحو ثلثى حاجات مصر الغذائية، وساهم فى تحقيق 13% من الناتج المحلّى الإجمالى عام 2009 – 2010، رغم التناقص المستمر فى نصيب الزراعة من الاستثمارات، وتراجعها من 9.4% عام 2003، إلى 4% عام 2008.(2)

   وقد توزعت حيازة الأرض الزراعية فى مصر، فى أول العقدين الأخيرين من القرن الماضى، عام 1981، إلى 90% بالمائة يملكون أقل من خمسة أفدنة، و9% بالمائة يملكون من خمسة إلى عشرين فداناً، فيما لم يزد مُلاك أكثر من عشرين فداناً عن واحد فى المائة فقط من حائزى الأرض الزراعية.

   ولم تتغير هذه النسبة كثيراً بعد عشرين عاماً، مع بداية الألفيّة الجديدة، عام 2000، فقد أصبحت: 90.4%، لحائزى أقل من خمسة أفدنة، و8.5% لحائزى من خمسة إلى عشرين فداناً، و1.1% لحائزى أكثر من عشرين فداناً.(3)

   إعادة الهيكلة:

وكما هو معلوم، ففى أعقاب تخلص الرئيس الأسبق "أنور السادات" من خصومه فى السلطة (مايو 1971)، ارتكن إلى التأييد الجماهيرى الواسع الذى تحصّل عليه فى أعقاب حرب 1973، لإحداث تحول اقتصادى وسياسى حاد، منذ منتصف عقد السبعينيات الماضى، بإعلان تبنيه لمجموعة السياسات الداخلية والخارجية (الجديدة)، المُغايرة لتوجهات النظام السابق: وأبرز ملامحها: الارتماء فى أحضان الولايات المتحدة الأمريكية، (مالكة الـ 99% من أوراق اللُعبة)، ومناهضة حركة التحرر العربى والعالمى، ومعاداة"الاتحاد السوفيتى"السابق، و"الكتلة الاشتراكية"، والصلح مع العدو الصهيونى وتوقيع "اتفاقيات كامب ديفيد"، ... إلخ.

   وأسس لهذا المسار، وواكبه، تطبيق السياسات المملاة، التى أطلق عليها مسميات عديدة، منها: "إعادة الهيكلة"، و"التكيف الاقتصادى"، و"تحرير الاقتصاد"، وغيرها من الأوصاف، التى تعنى فى النهاية، كف يد الدولة عن النهوض بأىٍ من أدوارها الاجتماعية لدعم الطبقات الضعيفة فى المجتمع، أو توجيه دفة الاقتصاد ولو عن بُعد، أو التصدى لتنظيم فوضى السوق، او للحد من الإضرار بحياة الملايين الغفيرة، أو التفريط فى المصالح العليا للشعوب والأوطان، مع بيع كل ممتلكات الشعب للقطاع الخاص الأجنبى، والمصرى (الذى كان قد تشكل فى ثنايا شبكة فساد عنكبوتية واسعة، تزاوج فيها رأس المال بالسلطة السياسية، مع بروز ظاهرة "رأسمالية المحاسيب"، التى انتعشت فى ظل الاستفادة المباشرة لأبناء وأقارب المسئولين الكبار فى جهاز الحكم من مناصب وسلطات وعلاقات ذويهم!.

   خطة ممنهجة لتصفية الزراعة:

   وإذا كانت طبقة العمال والمستخدمين الصغار، وما شابهها، قد واجهت مصيراً بالغ الصعوبة بتنفيذ سياسات "الخصخصة" و"تسريح العمالة"،تحت شعارات مُخادعو وبرّاقة: "المعاش المُبكِّر" و"إعادة تأهيل العمالة "، و"تصحيح المسار"، ...، مع البدء فى تنفيذ سياسة واضحة تستهدف تصفية وجود ودور القطاع العام، فقد واجه القطاع الزراعى الفلاّحى المصرى خطة ممنهجة، موازيه، على امتداد العقود الأربعة الماضية، استهدفت تفكيك وإنهاء الوضعية القانونية والاعتبارية، لنتائج إلإجراءات المتخذة فى عهد الرئيس الأسبق "جمال عبد الناصر"، والمترتبة على تطبيقات قوانين وقرارات "الإصلاح الزراعى"، عام 1952 وما بعده.

المدماك الأساسى لتصفية مكتسبات الفلاحين:

   وكان أبرز المحطات فى هذا السياق، "تحرير القيمة الإيجارية للأرض الزراعية"، بإصدار القانون (96) لسنة 1992، المُسمّى "قانون إصلاح العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر"، والذى قضى برفع القيمة الإيجارية من سبعة أمثال الضريبة المربوطة على الأرض الزراعية، إلى 22 مِثلاً، قبل أن يتم إطلاقها، دون سقف، بعد مرور خمس سنوات (فى 1997).

   ويمكن النظر إلى هذا القانون، باعتباره المدماك الأساسى لتصفية مكتسبات الفلاحين من العهد الناصرى، (بعد أن جرت تصفية مُنَظَّمة لمكتسبات الطبقة العاملة والطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل)، فحقوق مثل الإيجار الثابت، واعتبار المستأجر والمُشارك حائزاً للأرض كالمالك، والتصويت فى الجمعية، والاستفادة من دعم الدولة للأسمدة والتقاوى، وحق الاقتراض من البنوك الزراعية بفائدة محدودة، وغيرها من المكاسب، تم الارتداد عنها، وهو ما أدى إلى طرد نحو904 ألف مستأجر، الأمر الذى عَنِىَ: "أنه من أصل الخمسة ملايين أسرة مصرية، تضررت 431 ألف أسرة من جراء القانون". (4)

    ولكن الأفدح، هو أن تطبيق هذا القانون، فد أدى إلى "زيادة تفتيت الرقعة الزراعية، حيث أن نسبة الحائزين أقل من فدان كانت 36 بالمائة عام 1990، من جملة الحائزين، وأصبحت 43 بالمائة عام 2000 . (5)

الحصاد المُر:

   والآن، وبعد مرور مايقرب من ربع قرن على إصدار القانون رقم (96) لسنة 1992، ماهى ملامح حياة الفلاحين المصريين، وماهى النتيجة التى آلت إليها أوضاعهم بعد عقدين من بدء سريان هذا القانون، (1997)، وفى ظل انتهاج نظام الحكم لسياسات "تحرير الزراعة المصرية"؟!.

    يوضح أحد أئمة الكفاح الفلاحى، المناضل الراحل "عريان نصيف"، مفهوم عملية "التحرير" هذه، فى خمسة ملامح أساسية (6):

(1) تفكيك المؤسسات الموحدة المحلية فى الإطار الزراعى والفلاحى:

ومثّلها فى مصر "الاتحاد التعاونى الزراعى" المركزى، الذى كان يضم 3 مليون فلاح من خلال حوالى 5000 جمعية، استجابةً لتوصيات "منظمة التنمية الأمريكية" وبرنامج الـ "أيد"، وتم حلّه  بموجب القرار رقم 824 لعام 1976.

(2) اتباع سياسة "التصدير من أجل الاستيراد":

وهو ما يعنى زيادة المساحة المنزرعة بالمحاصيل التصديرية غير الاستراتيجية، على حساب زراعة المحاصيل الرئيسية الضرورية لتغطية الاحتياجات الغذائية للشعب، أو اللازمة للصناعة الوطنية، وبموجب هذا الأمر فقد فُرض على مصر الانصياع لتعليمات "هيئة التنمية الأمريكية" التى اعتبرت أن: "التوسع فى مساحة زراعة القمح يُعدُّ إخلالاً بسياسات الإصلاح الاقتصادى، وانحرافاً عن نتيجة البحوث المشتركة"، وكذلك لتوصيات "البنك الدولى"، فى أكتوبر 1994، التى أمرت بتخفيض المساحات المنزرعة بقصب السكر !".

(3) رفع يد الدولة عن العملية الزراعية، عن طريق:

-        الإلغاء الكامل لدعم مستلزمات الإنتاج من بذور وتقاوى وأسمدة، وترك أسعارها تتحدد وفق آليات السوق وتحكُّم التُجّار والقطاع الخاص.

-        إلغاء الدور التعاونى فى المجال الزراعى، والاعتماد على "بنك التنمية والائتمان" وفروعه فى القرى، و"تحرير" سعر الفائدة على القروض المالية للفلاحين، ...

-        إلغاء عملية تخطيط الإنتاج الزراعى، وتحديد الدولة للتركيب المحصولى السنوى وفقاً للاحتياجات والضرورات المحلية .

-        إلغاء دور الدولة فى عملية تسويق المحاصيل الزراعية، وترك التعامل فيها، داخلياً وخارجياً، للقوى الاحتكارية التى هيمنت عليها بالكامل !.

(4) آليات السوق تحكم ملكية وحيازة الأرض:

وهو ماتم على نحو ما أشرنا إليه من خلال إصدار وتطبيق القانون (96) لسنة 1992، كما تم إلغاء القانون رقم (15) لسنة 1963، والقاضى بحماية الأرض المصرية من هيمنة الأجانب عليها، وإصدار القانون رقم (6) لسنة 1995، الذى يُبيح للأجانب حق ملكية أى مساحات من أراضى مصر الصحراوية بالمجّان أو بإيجار رمزى!.

(5) الاعتماد على معونات "المانحين" والالتزام بشروطهم:

وفقاً لتصريح"جاك هوفر"، أحد واضعى السياسة الزراعية والغذائية الخارجية لأمريكا، فالغذاء لا يُوزع على الدول الأخرى على أساس مدى الاحتياج، وإنما "على أساس الاعتبارات التى تُمليها السياسة الخارجية الأمريكية".

فسياسات الدعم الغذائى أداة رئيسية من أدوات الهيمنة، وفرض الإذعان وتنفيذ التوجيهات التى تخدم مصالح أمريكا فى المقام الأول، ولم تقدم الولايات المتحدة لمصر، فى هذا المجال، على امتداد ربع قرن (1975 – 2000)، إلا نحو ثلاثة مليارات دولار، أى بمتوسط لايزيد عن 120 مليون دولار كل عام، وهو مبلغ زهيد لا يستأهل كل ماقُدِّمَ من تنازلات، ويتم استرداد أغلبه تنفيذاً لشرط الالتزام بشراء كل الآلات والسلع اللازمة للمشروعات الممولة من أمريكا، مهما ارتفعت أسعارها، وإنفاق جانباً ملحوظاً منها فى المرتبات الخيالية للـ "خبراء" الأمريكيين !.

   والأخطر تمثّل فى خضوع حسابات "بنك التنمية والائتمان الزراعى المصرى"، لرقابة "الهيئة الأمريكية للتنمية"، وحصول الولايات المتحدة على "أكبر قدر من البيانات عن الهيكل الزراعى المصرى"، بموجب ماتم بينها وبين الحكةمة المصرية من اتفاقات!.

التفريط فى ركائز الزراعة المصرية:

   وقد ترتب على انصياع الحكومات والنظم المصرية المتتالية للشروط الأمريكية، والتطبيق العشوائي لسياسات "تحرير" الزراعة المصرية، هدم ركائز التميّز المصرى فى هذا المجال، مثل زراعة القطن طويل التيلة الذى حظى بسمعة عالمية، وتسبّب فى التفريط فى حماية السلالات الزراعية المصرية، وخبرات الزراعة العضوية، والزراعة المعتمدة على البذور المحلية والأسمدة البلدية، ومقامة الآفات بأسليب غير كيماوية، الأمر الذى أفضى إلى تلويث التربة والحاصلات الزراعية، ونشر أمراض الكلى والسرطان بين مستخدميها، فضلاً عن تراجع إنتاجية ونوعية الثروة الحيوانية والداجنة، وفتح أبواب استيرادهما، بدلاً من تطوير الإنتاج المحلى.

   وساعد هذا المناخ، المُعبأ باللامبالاة والرخاوة والبيروقراطية والفساد، على توفير الفرصة للانقضاض على الأرض الزراعية المصرية الخصبة، فزحفت المبانى السكنية العشوائية، والمعامل، والمنشآت الصناعية، لكى تلتهم مئات الآلاف الأفدنة، من أجود وأخصب الأراضى المصرية، دون إحساس بفداحة الخسارة، وبالذات فيما يخص الأجيال الجديدة.(7)

أزمة المياه:

وضاعف من مشكلات الزراعة التناقص التدريجى فى نصيب الفرد المصرى من المياه.

فحصة مصر من مياه النيل، محدودة، (55 مليار متر مكعب)، كانت بهذه القيمة حينما كان عدد سكّان مصر بضعة ملايين معدودة، وظلت على هذا النحو والعدد يزحف حثيثاً باتجاه المائة مليون مواطن !.

   وتشير الإحصاءات إلى أن نصيب المصرى من المياه كان 2200 متراً مكعباً عام 1800، انخفض إلى 1500 متراً مكعباً عام 1980، ثم انخفض إلى 1035متراً مكعباً عام 1993، وإلى 900 متراً مكعباً عام 1997. (8).

   ولن يزيد نصيب الفرد عام 2017، الذى تجاوز فيه عدد سكّان مصر رقم الـ 92 مليون نسمة، عن ستمائة متراً مكعباً، آخذةً فى التناقص، ولن يُعَوِضَ الحاجة المتزايدة للمياه، إلا الترشيد الشديد فى استهلاك المتوفر منها، ووضع حد لسفه الاستخدام الترفى فى القيللات، والمنتجعات السياحية، وملاعب الجولف، والبحيرات الصناعية، وحمامات السباحة، وما شابه، واستكشاف مصادر جديدة، للمياه، وتطوير أنظمة الرى التقليدية، التى تستهلك كميات ضخمة من المياه دون مقابل مكافىء، إلى طرق الرى الحديثة، والحفاظ على نقاء المياه وحمايتها من كل أشكال التلوث.

مصر من أكبر مستوردى الغذاء:

    وكان من أسوأ النتائج، وأشد آثار هذه السياسات الخرقاء ضرراً: تحول مصر إلى أحد أكبر المستوردين فى العالم للسلع الغذائية الحيوية: القمح، والزيوت، واللحوم، والسكر، وغيرها مما لا يُستغنى عنه من الضرورات الأساسية للمجتمع.

وهو ما لخّصه العالم الراحل "د. مصطفى الجبيلى": لم تؤد هذه السياسات "إلى تضييق الفجوة الغذائية، بل على العكس فقد أدت إلى اتساعها كثيرا". (9)

الفساد يضرب الزراعة فى مصر:

ويضاف إلى ماتقدم، ماهو معروف من ترهل وفساد ينخر فى العديد من القطاعات الرسمية المعنية بقضية الأرض فى مصر، وقد كان آخر ما تَسَرَّب فى هذا الشأن، هو ما كشفته "الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة" بشأن التحقيق فى تقاضى عدد من المهندسين الزراعيين لرشوة بلغت مليارى جنيه، لتسهيل استيلاء 37 شخصا على  85 ألف فدان، فى زمام محافظات البحيرة الإسماعيلية والجيزة !.(10)

المُحصّلة الختامية:

أدى التدخل النشط، من خلال آليات السيطرة الاستعمارية الحديثة، وأدواتها الاقتصادية بالأساس، وفى ظل تراجع الوعى الوطنى، والتفريط المستمر فى عناصر السيادة الوطنية، وأهمها القدرة على إنتاج الحاجات الأساسية للبلاد، وفى مُقدمتها الغذاء، وامتلاك القرار فى السيادة على الأرض والمياه، إلى تدهور مُريع فى أحوال الزراعة المصرية والفلاحين المصريين، الذين امتلكوا على مدار الزمن سر الزراعة ومفاتيح صناعة الحضارة الإنسانية، منذ فجر التاريخ وحتى الآن.

وقد رصد تقرير لـ"الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء" ملامح تدهور واقع الطبقات المحرومة فى المجتمع، وتفاقم معاناة القطاع الفلاحى والريفى المصرى، على النحو التالى:

-         تزايدت نسبة الفقر فى مصر من 25.2% عام 2010 – 2011، إلى 27.8% عام 2015.

-         ارتفعت نسبة "الفقر المدقع" إلى 5.3% من سكّان مصر خلال عام 2015.

-         56.7% من سكّان ريف الوجه القبلى لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من المواد الغذائية وغير الغذائية، مقابل 19.7% بريف الوجه البحرى. وقد شهد حضر وريف الوجهين: القبلى والبحرى ارتفاعاً فى مستويات الفقر بين أعوام 2012 – 2013 و2015.(11)

-         81.8% من المصريين غير مشتركين، ولا يتمتعون بغطاء التأمينات الاجتماعية، "ومن ثم لا أمل فى معاش أو دخل" . (12)

"تحرير" سعر الجنيه، وانعكاساته السلبية:

   ولم يقف الوضع عند الحد الذى أشرنا إليه فى السطور السابقة، وإنما ازداد الأمر تردياً مع التخفيض الأخير فى قيمة الجنيه المصرى بنحو نصف قيمته دُفعة واحدة، وهو مايعنى ارتفاعاً موازياً لأسعار كل مدخلات عملية الإنتاج الزراعى، دون استثناء: الآلات والمعدات والتقاوى والأسمدة والكيماويات الزراعية، وهو ما أشرنا إليه عاليه، وأقر به وزير الصناعة والتجارة، المهندس طارق قابيل، باعترافه أن المستلزمات الأجنبية للإنتاج المصرى، تتراوح مابين 30 و50 بالمائة، وشملتها جميعاً عملية رفع الأسعار الجنونية الأخيرة!.

   كذلك فإن الاستمرار فى تخفيض الدعم الرسمى للطاقة الكهربية ومشتقات البترول على نحو ماحدث مؤخراً، مواكباً لـ"تعويم الجنيه"، والإعلان عن النيّة المبيتة لرفع جديد لأسعار الكهرباء والوقود، على لسان "عمرو الجارحى"، وزير التجارة والمالية (13)،  يُشير إلى توقع المزيد من المشكلات والتعثر، كما أن رفع سعر الفائدة البنكية إلى آفاق غير مسبوقة (16 – 20%)،  يعنى تحميل المقترضين البسطاء أعباءً إضافية باهظة، ويؤكد استمرار معاناة قطاع الزراعة وطبقة الفلاحين المصريين، الذين يخوضون المعركة دون نصير فاعل، أو آلية حماية ذات كفاءة.

الخاتمة:

   تعكس الرؤية التى تضمنتها السطور الماضية، الشعور بحجم الإجحاف، التاريخى والراهن، الذى وقع، وسيقع، على ملايين الفلاحين المصريين، الذين يلقون، وسيلقون، رغم عِظم عطائهم وتضحياتهم، المزيد من العسف والإجحاف.

   نقطة الضعف الرئيسية التى تُشجِّع الطبقات والفئات المُستَغِلة على الاستهانة بأوضاع الفلاحين، هى انفراط عقدهم، وعجزهم (أى الفلاحين)، عن تشكيل هيئات قوية (أحزاب. نقابات. اتحادات. تعاونيات....)، تُجَسِّدُ حضورهم النسبى فى المجتمع، وتلم شملهم، وتدافع عن حقوقهم، وترعى مصالحهم، وتزود عن آمالهم المشروعة فى الحياة الكريمة .

   ولهذا الحديث الضرورى مناسبة اخرى.

     الهوامش:

(1) إبراهيم عيسى، المسئولون الذين يتنططون، جريدة "المقال"، 6 نوفمبر 2016.

(2) صقر النور، الفلاحون والثورة فى مصر: فاعلون منسيون، مجلة "المستقبل العربى"، السنة 37، العدد 427، أيلول/ سبتمبر 2014، ص: 29، و"تقرير التنمية البشرية": التغلب على الحواجز: قابلية التنقُّل البشرى والتنمية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، نيويورك، 2009.

(3) المصدر نفسه.

(4) كرم صابر، ملامح تغيرات جديدة فى ريف مصر، المصدر السابق، ص:31.

(5) محمد أحمد على حسانين، الهجرة الداخلية فى مصر، دراسة فى الجغرافية البشرية، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2010، مذكورة فى المصدر السابق، ص: 32.

(6) عريان نصيف، السياسات الزراعية مابعد التكيف الهيكلى، فصل فى كتاب "أحوال الزراعة والفلاحين المصريين فى ظل التكيف الهيكلى: (دراسة حالة مصر)، تحرير   د. حسنين كشك، مركز البحوث العربية والأفريقية – القاهرة، منتدى العالم الثالث – داكار، مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات، القاهرة، 2007،   ص ص: 15 – 29.

(7) لمزيد من التفاصيل: "الحزب الاشتراكى المصرى"، و"لجنة التضامن الفلاحى"، موجز لأشكال المقاومة والمهمات الفلاحية فى مصر، إعداد بشير صقر، (دراسة غير منشورة)، القاهرة، نوفمبر 2011.

(8) أحمد بهاء الدين شعبان، صراع الطبقات فى مصر المعاصرة: مقدمات ثورة 25 يناير 3011، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2012، ص:12.

(9) عريان نصيف، مصدر سابق، ص: 21.

(10) جريدة "البورصة"، 30 نوفمبر 2016.

(11) جريدة "الدستور"، 17 أكتوبر 2016.

(12) جريدة "الأهرام"، 5 نوفمبر 2016.

(13) جريدة "المصرى اليوم"، 29 نوفمبر 2016.

بطلاب الغربية وعمال المحلة وشباب الاسكندرية.

 

نبذة مختصرة عن الزراعة

التركيبة الاجتماعية والأوضاع الراهنة في الريف

$
0
0
التركيبة الاجتماعية والأوضاع الراهنة  في الريف

     سلسلة الأرض والفلاح   

        العدد رقم (70)

 


التركيبة الاجتماعية والأوضاع الراهنة

في الريف

 

 

إعـــــــداد

أ.د/ الخولي سالم إبراهيم الخولي

أستاذ علم الاجتماع الريفي - كلية الزراعة – جامعة الأزهر


القاهـــرة فـــى

يوليو2013

 

 

مركز الأرض : 76 شارع الجمهورية شقة 67 ـ الدور الثامن بجوار جامع الفتح ـ الأزبكية -القاهرة

      ت:27877014     ف:25915557 

lchr@lchr-eg.org:    بريد إلكترونىwww.lchr-eg.orgموقعنا على الإنترنت

http://www.facebook.com/pages/Land-Centre-for-Human-Rights-LCHR/318647481480115صفحتنا على الفيس بوك:  :

صفحتنا على تويتر : https://twitter.com/intent/user?profile_id=98342559&screen_name=lchr_eg&tw_i=321605338610688000&tw_p=embeddedtimeline&tw_w=321586199514976256

سكايب    :   land.centre.for.human.rights


الفهرس

 

تمهيد ....................................................

 

3 

اولاً: الأوضاع الراهنة بالريف المصري...

 

4

ثانياً: الفقر والجريمة..............................................

 

5

ثالثاً: البذخ والإسراف............................

 

8

رابعًا: العلاقات الاجتماعية

9

خامسًا: الشباب ومشاكله

10

سادسًا: السياسة الزراعية

11

سابعًا: التركيبة الإجتماعية في الريف المصري

13

 

 

 

 

 


تمهيد[1]:

يمثل المجتمع الريفي في مصر أهمية بالغة سواء من حيث عدد السكان حيث يعيش فيه حوالي 55% من إجمالي سكان مصر، وهو مصدر إنتاج الغذاء والمواد الخام التي تقوم عليها معظم الصناعات، كما أنه مصدر للقوى العاملة لكافة القطاعات، ولهذا كان من الضروري الإهتمام بالريف وتنميته، ولعل أحد مجالات ومداخل تنمية الريف الجهود التي يقوم بها مركز الأرض لحقوق الإنسان والذي يهتم بدراسة الريف ومشاكله من خلال عقد الندوات وورش العمل لتسليط الضوء على المشكلات المختلفة التي يعاني منها الريف المصري، وفي هذا الإطار تأتي هذه الورقة والتي تتناول "التركيبة الإجتماعية والأوضاع الراهنة في الريف" وذلك من حيث تشخيص الواقع المعاصر الذي تعيشه القرية المصرية خاصة بعد ثورة 25 يناير سواء من حيث: الأوضاع الإقتصادية بالريف الفقر والجريمة، الصحة والتلوث البيئي، البذخ والإسراف، العلاقات الاجتماعية، الشباب ومشاكله، السياسية الزراعية وإنعكاساتها على الريف.

ولقد ساهمت كل هذه الأوضاع الراهنة بالقرية في تغيير التركبية الإجتماعية فيها لأن التركيبة الإجتماعية تتشكل وتتكون في إطار الأوضاع القائمة، إن حال القرية المصرية اليوم يدعوا إلى مزيد من الدراسة والتشخيص والتحليل لرصد الظواهر الجديدة والغريبة عن القرية المصرية والتي عرفت بأصالتها وهويتها الثقافية المميزة لها على مر العصور، وفي ظل موجات التغير المتلاحقة التي أصابت القرية غيرت كثيراً من هذه الهوية، وأصبحت في شكل ماسخ لا طعم له ولا لون، فلاهي بقيت قرية كما هي، ولا هي أصبحت حضرية من كافة الجوانب والمظاهر، ولا يجب أن يقتصر الأمر على البحث والدراسة والتشخيص بل يجب أن توضع في بؤرة إهتمام السلطات بالدولة خاصة التنفيذية والتشريعية، من أجل وضع القوانين والتشريعات التي تعيد للقرية مكانتها وتضمن حقوق ومصالح الريفيين، والعمل على استكمال كل مقومات تنمية القرية المصرية لتعود إلى سابق عصرها قرية منتجة يسودها الحب والتعاون والسلام ليعم الخير على المجتمع المصري أجمع.

 


أولاً: الأوضاع الراهنة بالريف المصري:

1-    الأوضاع الاقتصادية: يمكن رصد عدد من الأوضاع الراهنة في المجال الاقتصادي هي على النحو التالي:

أ‌-  البطالة والتشغيل: يشهد الريف المصري تزايد أعداد العاطلين عن العمل في السنوات الأخيرة، خاصة من الشباب المتعلم، وذلك لأسباب عدة منها:

- تناقص مساحة الأرض الزراعية التي في حيازة الأسرة بحيث لم تعد تتناسب مع قوة العمل الزراعي، والتي كانت من قبل قادرة على استيعاب كل العمالة الأسرية ولهذا كانت معدلات البطالة في الريف أقل من الحضر.

- وقد زاد الطين بلة كما يقولون بعد ثورة 25 يناير حيث الهجمة الشرسة على الأراضي الزراعية وزراعتها بالمباني الخرسانية بدلاً من المزروعات، وجاء في بعض التقديرات أن مصر فقدت حوالي ربع مليون فدان تم البناء عليها أثناء وما بعد الثورة، ولازالت حركة المباني مستمرة إلى وقتنا الحالي في غياب تام للدولة.

- إنعدام أو قلة الاستثمارات الموجهة للريف لإقامة مشروعات قادرة على استيعاب العمالة، حيث أن معظم الاستثمارات كانت توجه إلى المدن الجديدة والمناطق الحضرية، وبالتالي حرم الريف من توفر مجالات لفرص عمل جديدة.

- خروج أعداد كبيرة من العاملين بالشركات والمصانع تحت مسمى المعاش المبكر بعد أن أغروهم بعدة آلاف من الجنيهات ذهبت في ظل الإرتفاع الجنوني للأسعار، دون استثمارها لتوفر له ولأبنائه فرص عمل، وبالتالي زادت معدلات البطالة.

- صعوبة الحصول على فرص عمل بدول المهجر سواء العربية أو الأوروبية بل شهدت السنوات الأخيرة الاستغناء عن أعداد كبيرة من العمالة المهاجرة لبعض الدول العربية خاصة من ليبيا في ظل ثورات الخريف العربي وليس الربيع، وتلويح بعض دول الخليج بطرد العمالة المصرية.

- تنامي الأنشطة الهامشية على حساب الأنشطة الإنتاجية حيث زاد التوجه إلى أعمال السمسرة والتجارة والمضاربة على الأراضي الزراعية، والتي تحقق مكاسب كبيرة للقائم بها دون أي إضافة حقيقية إلى الاقتصاد المصري ولهذا نجد أن رياح التحضر الزائف قد هبت على القرية المصرية، وانتشرت بها المحلات على اختلاف أنواعها. خاصة لبيع السلع الكمالية والترفيهية، وهو ما ساعد على تفريغ القرية من تراثها الثقافي المصري الأصيل، وأصبحت ممسوخة لا معنى لها ولا قيمة.

- كانت الزراعة والعمل بها هو الرباط المتين لأفراد الأسرة الريفية، بل بين أبناء القرية الواحدة، فمجال العمل واحد والاهتمامات مشتركة، وبالتالي زيادة الروابط وقوة الأسرة والمجتمع، لكن اليوم لم تعد الزراعة النشاط الاقتصادي الغالب، بل هجرها حتى من تربوا فيها، وتفرق أفراد الأسرة إلى مجالات ومهن مختلفة وهو ما أضعف العلاقات الإجتماعية بين أفراد الأسرة، وكذلك بين أبناء القرية الواحدة.

- أكذوبة الدولة في توجهها ودعهما للمشروعات الصغيرة والتي لا تتعدى مشروعات على الورق تعكس قيمة القروض التي تم دفعها لإقامة مشروعات صغيرة في كافة الأنشطة الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية، والتي لو تحققت بالفعل لاستوعبت أعداد كبيرة من العمالة وإمتصت أعداد العاطلين، لكن معظم هذه المشروعات وهمية ووجهت القروض إلى مجالات أخرى تماماً يعلمها المانحون لهذه القروض، حتى من صدق وأقام مشروع كان مصيره الفشل ودخل صاحبه السجن أو مازال مطارد نظراً لعدم وجود استراتيجية واضحة ومحددة للمشروعات الصغيرة في مصر.

ثانياً: الفقر والجريمة:         

يعاني الريف المصري دوماً من إرتفاع معدلات الفقر فيه أكثر من الحضر وذلك لأسباب عدة لا يتسع المجال لذكرها، وجاءت ثورة 25 يناير وتنفس الناس الصعداء وظنوا أن شعارات الثورة عيش حرية عدالة اجتماعية كفيلة بإخراجهم من دائرة الفقر والقهر الذي عاشوه وعانوا منه لسنوات طويلة، لكن حدث العكس حيث زادت دائرة الفقر واشتد طوق القهر، وتضاعفت معدلات الفقر وفقاً لأحدث الإحصائيات حتى وصلت في بعض محافظات الصعيد إلى حوالي 70%، ولاشك أن الفقر هو الباب الواسع للجريمة، وهذا ما حدث، فما تشهده القرية المصرية اليوم من شتى ألوان الجريمة، حتى أصبح القتل والتمثيل بالجثث أمر هين ومألوف بين الناس. وما أكثر مثل هذه الحوادث التي تناقلتها الأخبار وتبثها شاشات التليفزيون.

ناهيك عن جرائم السرقة بالأكراه والسطو المسلح الذي يقوم به بعض الشباب وخطف الأطفال والنساء وطلب الفدية، وجرائم الإتجار بالمخدرات والتعاطي، حيث تباع المخدرات عيانا جهاراً نهاراً بكافة أنواعها في القرى وعلى الطرق السريعة دون رادع من ضمير أو عرف أو قانون.

ويضاف إلى رصيد الجرائم جريمة التعدي على الأرض الزراعية بالبناء، وسرقة التيار الكهربائي ومياه الشرب، والتعدي على أملاك الدولة، وكلها جرائم تتم على مسمع ومرأى من الجميع، وذلك بسبب ضعف الدولة بل غيابها تماماً، وأصبح الأمر مستباح لكل شخص يفعل ما يشاء حيثما يشاء.

وقد كان الساسة والمحللون يحذرون قبل ثورة 25 يناير من ثورة الجياع، غير أن الثورة قامت ولم تكن ثورة جياع بل كانت ثورة على الظلم والاستبداد، واستبشر الجميع خيراً بالقضاء على الجوع والفقر والمرض ثالوث التخلف الذي يحاصر الريف المصري، لكن هذا لم يحدث، بل حدث العكس حيث بدأت بشائر ثورة الجياع في الظهور بسبب غياب الرؤية والقيادة الرشيدة والارتفاع الجنوني للأسعار، وغياب الأمن والرقابة على الأسواق، ولازال المناخ ملائم لظهور أشكال جديدة من العنف والجريمة كلما زادت حدة الفقر والجوع.

ولعل من أخطر ما يواجهه الريفيون ويزداد خطره النقص الشديد في مياه الري والذي أصبح يهدد زراعات كثيرة بالموت والجفاف، وقد كان رد فعل المزارعين شديد في بعض المناطق منها قطع الطرق والتعدي على المصالح الحكومية، وإذا كنا لا نؤيد مثل هذه التصرفات بأي حال من الأحوال، لكن يجب على المسئولين سرعة التحرك بوعى لمواجهة هذه المشكلة، أما سياسة الهروب والتهرب بين المسئولين فسوف يزيد الأمر تعقيداً، ولا ندري ما سوف تصل إليه الأمور مستقبلاً بعد الإنتهاء من بناء سد النهضة الأثيوبي حيث على ما يبدو أن نهضة مصر إتسع نطاقها حتى وصلت إلى أثيوبيا.

أن الوضع الأمنى في القرية اليوم أصبح في غاية السوء وبعد أن كان الريفيون يتركون ماكينات الري ومواشيهم في الحقول، لم يعد هذا الأمر قائما في ظل السرقات المتكررة بسبب الجوع والفقر والغياب الأمني، وأصبح على كل أسرة أن توفر الأمن والحماية لها ولممتلكاتها، وبالتالي ظهرت تجارة السلاح وأصبح الكثير من الريفيين لديهم أسلحة نارية على اختلاف أنواعها. وهو ما ساعد على كسر حاجز الخوف وشجع على الاستخدام المفرط للقوة، وخرجت الأمور حتى عن سيطرة المجالس واللجان العرفية التي كانت كافية لحل المشكلات والصراعات التي كانت سائدة في القرية المصرية.

الصحة والتلوث البيئي:        

من المفترض أنه مع التقدم الصحي تنخفض معدلات الإصابة بالأمراض خاصة في الريف، لكن ذلك لم يحدث (على الرغم من إرتفاع العمر المتوقع عند الميلاد لكل من الذكور والإناث) حيث زادت الأمراض خاصة أمراض إلتهاب الكبد الوبائي (فيروس C)، والفشل الكلوي، وأمراض السرطان وأمراض الجهاز التنفسي، والضعف الجنسي وغيرها من الأمراض حيث سجلت مصر المرتبة الأولى على مستوى العالم في الإصابة بها، وترتفع نسب الإصابة بهذه الأمراض بالريف أعلى من الحضر، ولعل أحد أسباب إرتفاع معدلات الإصابة بهذه الأمراض ناتج عن التلوث البيئي بكافة صوره وأشكاله في الريف المصري، خاصة المجاري المائية من الترع والمصارف والتي أصبحت المكان المفضل للتخلص من الحيوانات والطيور النافقة، وصرف مجاري البيوت فيها، وإلقاء علب المبيدات الفارغة وغيرها من المخلفات، حتى أصبحت مصدر للإصابة بالعديد من الأمراض، ولعل المسئولية في ذلك مشتركة بين الريفيين والمسئولين سواء من حيث انخفاض الوعي البيئي لدى الريفيين بخطورة مثل هذه الممارسات، وعدم توفر البدائل لديهم للتخلص من المخلفات، ثم غياب الرقابة الحكومية بل إنتهاء دور الدولة خاصة بعد ثورة 25 يناير والغياب الكامل للدولة في كافة مناحي الحياة.

ثم التلوث الناتج عن الإفراط في إستخدام المبيدات والأسمدة الكيماوية والمخصبات ومنظمات النمو والهرمونات حيث أصبحت الزراعة المصرية حقل تجارب ومستباحة لاستخدام العديد من المبيدات المحرمة دولياً، وقد تزايد ذلك أيضا في ظل الغياب الكامل لدور الدولة بعد ثورة 25 يناير من الرقابة على أسواق الاتجار في مستلزمات الإنتاج الزراعي، ونتيجة لذلك زادت الأمراض الخطيرة وأصبحت تهدد صحة المصريين، إضافة إلى التأثير السلبي على الصادرات المصرية من الخضر والفاكهة بسبب تجاوز الحدود المسموح بها في نسب المتبقيات من المبيدات والأسمدة الكيماوية، ولو أفرطنا في الحديث عن التلوث وصوره ومصادره في القرية المصرية والآثار المترتبة عليه لاحتاج الأمر إلى جلسات وجلسات، ولكن تلك لمحة سريعة عن التلوث البيئي في القرية المصرية وأثره على صحة الريفيين.

إن جزء من مصادر تلوث البيئة الريفية يرجع إلى أساليب التخلص من المخلفات الزراعية والتي تكون إما بالحرق أو الرمى في المجاري المائية أو غيرها، على الرغم أن هذه المخلفات ثروة قومية لو أحسن استخدامها وتدويرها، لإنتاج أسمدة عضوية (الكمبوست) بدلا من الإفراط في إستخدام الأسمدة الكيماوية مرتفعة الثمن وتسبب أضرار صحية كبيرة، كذلك إنتاج أعلاف غير تقليدية مثل السيلاج وغيره، وكل ذلك من السهل أن يقوم به المزارع المصري وبأقل التكاليف ولكن غياب الرؤية وضعف الإرادة، وسوء الإدارة هما السبب في ذلك، على الرغم من توفر كل مقومات الإستفادة من المخلفات وتدويرها، بما يقلل من مصادر تلوث البيئة، ويحقق عائد مادي عالي للمزارع.


ثالثاً: البذخ والإسراف:

هناك ملاحظة هامة خرجت بها من معايشة المجتمع المصري بصفة عامة وهي أنه مجتمع التناقضات، حيث أنه من المفترض مع إرتفاع معدلات الفقر أن يزداد الترشيد في الاستهلاك والحد من البذخ والإسراف، لكن وما يحدث هو العكس، ويكفي دليلاً على البذخ والإسراف في القرية ما يحدث في الأفراح والمآتم، حيث المغالاة الشديدة في المهور وتكاليف الزواج، وتبدأ بالشبكة والتي يشترط فيها عدد من الجرامات ليس بقليل، ثم تكاليف الخطوبة من طعام وشراب ومسرح وفرقة وأنوار وزينات، وتجهيز المسكن وجهاز العروسين، والذي فاق كل ما يتخيله عاقل، فغسالات الملابس الأوتوماتيكية والعادية وغسالة الأطفال، والأثاث أقله ثلاث غرف وقد يصل إلى الست غرف، والمفروشات والملابس تكفي لفتح محل وليس فرش شقة عروسة، وصولاً إلى ليلة الزواج حيث تقام الموائد وتعلق الزينات ويحجز الاستوديو والكوافير، والفرقة الغنائية وكلها تكاليف باهظة وبذخ وإسراف ليس له علاقة بشرع أو دين ولكنه تسلل إلى ثقافتنا المصرية عبر بوابة الهجرة الخارجية والعودة بأموال طائلة في أيدي الكثير ممن لم يكن لهم قيمة أو وزن في مجتمعهم، وأرادوا الرفعة وعلو المكانة من خلال المظاهر والتظاهر، وتبعهم في التقليد باقي أفراد المجتمع حتى أصبحت كل مظاهر الإسراف والبذخ جزء من ثقافة المجتمع الريفي، حتى بعد أن جفت منابع الهجرة الخارجية، إلا أن تبعات البذخ والإسراف لازالت مستمرة، ولو أن جزء من تحويلات العاملين بالخارج تم توجيهه إلى أنشطة استثمارية واقتصادية لعادت بالخير الوفير على أصحابها وعلى المجتمع أجمع، لكن غياب الرؤية، والتخطيط الجيد جعل المغارم الاجتماعية والقيمية التي لحقت بالمجتمع المصري عامة والريفي منه خاصة أكبر بكثير من المغانم الاقتصادية التي حققتها، ناهيك عن ما أحدثته الهجرة الخارجية للريفيين من إعادة تشكيل التركيبة الاجتماعية للقرية المصرية، وسوف يتم إلقاء الضوء على هذه الملاحظة في الجزء الأخير من هذه الورقة.

أما عن البذخ والإسراف في المآتم فقد يكون أقل إلى حد ما عما يحدث في الزواج والأفراح، ولكن هناك بعض القرى لازالت تحرص على إقامة سرادقات العزاء، وتحضر المقرئيين، وتذبح الذبائح، أو يصنع اهل القرية الطعام (الصواني) وقد يستمر العزاء أيام، والكثير من هذه الطقوس والممارسات ليس لها أصل في شرع أو دين، ولكنه يندرج تحت أبواب التقليد والمظاهر المزيفة.


رابعًا: العلاقات الاجتماعية:

لقد كان أهم ما يميز القرية المصرية قوة العلاقات الاجتماعية بين أفرادها، حتى تشعر بأن القرية أسرة أو عائلة واحدة، كلهم على قلب رجل واحد، متعاونين متماسكين في كل المواقف والأزمات، تضيق بينهم الفوارق والمسافات حتى بين الأغنياء والفقراء من أبناء القرية، يراعون مشاعر ومصالح بعضهم البعض، ويدعمون هذا التماسك والتربط بعلاقات العمل (المزاملة) والمشاركة في المشروعات والآلات، ثم روابط النسب والمصاهرة، وبالتالي إمتزجت علاقات المصالح بعلاقات الدم والمصاهرة وقد تجسدت كل هذه المعاني والعلاقات القوية في استحالة أن تجد عرس ومآتم في يوم واحد بالقرية، بل يؤجل العرس إلى ما بعد الأربعين مراعاة لمشاعر الآخرين، لكن ما تشهده القرية المصرية هذه الأيام أمر غريب ولافت للإنتباه، حتى أصبح يصعب ملاحقة سرعة هذه التغيرات التي لحقت بالقرية، ولا الآثار المترتبة عليها.

لقد أصبح اليوم من الشائع والمألوف أن تجد مسرح العروس يبعد أمتار قليلة عن سرادق العزاء في نفس الشارع، بل ربما في نفس العائلة، ويخرج الناس من أداء واجب العزاء إلى تكملة السهرة والسمر في حفل الزفاف، أي قوة تغيير هذه قلبت الموازين وغيرت من نوع وشكل العلاقات الاجتماعية بالقرية المصرية بل حتى في الأسرة.

وإن كان ذلك على مستوى القرية فالوضع أشد على مستوى الأسرة فبعد أن كان الأب في الأسرة الريفية هو من يملك مقاليد القوة والنفوذ على باقي أفراد الأسرة، وذلك بسبب حاجتهم إليه، ولا يستطيع أحد خاصة من الأبناء الخروج على أمره وعصيان أوامره، إنقلبت الأوضاع خاصة بعد التحرر الاقتصادي للأبناء بعيداً عن الأسرة، فمن هاجر وعمل بالخارج عاد بالأموال ليبني بيتا مستقلاً بعيداً عن الأسرة، وليس للأب أو غيره سلطان عليه بل هو حر في إتخاذ قراراته بعيداً عن الأسرة، وهو ما أدى إلى ضعف علاقات الترابط داخل الأسرة كما أن عدوى التقدم في وسائل الاتصال والتقنيات الحديثة وصلت إلى القرية والأسرة الريفية فبعد أن كان الود والتواصل والتزاور والمشاركة بين الريفيين هو السمة الغالبة على حياتهم في المناسبات وغير المناسبات، تبدل الوضع وغلبت المصالح الشخصية والنزاعات الفردية وتقطعت أواصر التواصل والتزاور وإكتفى باستخدام وسائل الاتصال سواء بالتليفون أو الفيس بوك وغيرها من التقنيات الحديثة في الاتصال ولاشك أن هذا التواصل لا يرقى في قوته ومضمونه إلى الاتصال المباشر والتزاور والمشاركة لبعضهم البعض.


خامسًا: الشباب ومشاكله:

الشباب هم الثروة التي تمتلكها أي امة تسعى إلى الرقي والانطلاق شريطة أن تحسن إستثمار هؤلاء الشباب من حيث تعليمهم وتدريبهم وإعدادهم ليكونوا مواطنين صالحين، ورغم كل المشاكل التي يعاني منها الشباب المصري بصفة عامة والريفي منه بصفة خاصة إلا أنه أذهل العالم أجمع بثورته العظيمة التي قام بها في 25 يناير، والتي استطاع بعبقريته إستخدام أدوات التواصل الإجتماعي الحديثة ليحشد نفسه ويصمد حتى أجبر النظام القائم على السقوط، وتوقع الجميع أن مصر قد تحررت من قيود الذل والظلم وسوف تبدأ عهداً جديداً من الديمقراطية والإنطلاق نحو مستقبل أفضل غير أن ذلك لم يتحقق منه شيء، وأصبحنا نعيش في نفق مظلم لا نعلم له نهاية.

والشباب في القرية المصرية ليسوا أحسن حظاً من غيرهم حيث تزداد معاناتهم من مشكلات البطالة والفقر وإرتفاع الأسعار وعدم القدرة على الزواج وتكوين أسرة، وهو ما أضعف من إنتمائهم للمجتمع، وفضل البعض منهم خوض تجربة الهجرة غير الشرعية إلى بلدان أوروبا هروباً من الواقع الأليم والمستقبل المظلم حتى ولو كان ثمن ذلك المغامرة بحياتهم وهذا ما حدث للكثير منهم حيث مات غرقاً في عرض البحر، ولاشك أن جزء من المسئولية في ذلك تقع على عاتق الدولة والتي عجزت أن توفر الحياة الكريمة لهؤلاء الشباب في بلدهم وقراهم.

أن واقع الشباب في القرية المصرية يدعوا إلى الأسى نتيجة حالة الضياع التي يعيشها، فلا عمل يرتزق منه ويضمن له الحياة الكريمة، ويشغل فيه وقته، ولا مراكز شباب قادرة على استيعاب كل الشباب المتعطل لتفريغ طاقاتهم في أنشطة رياضية أو ثقافية، ولا مجتمع قادر على إحتضان هؤلاء الشباب وتعويضهم كما يحدث في البلدان الراقية والمتقدمة، وبالتالي لم يجد الشباب أمامه غير الانحراف بصوره وأشكاله المتعددة، فتجارة المخدرات والحبوب المنشطة أصبحت تباع جهاراً نهاراً في القرى وعلى الطرق الرئيسية، والقهاوي ومحلات البلايستشين تعمل على مدى 24 ساعة ويسكنها البعض من هؤلاء الشباب، وجرائم الخطف والاغتصاب والسرقة والتحرش والتي كانت غريبة على القرية المصرية أصبحنا نسمع ونقرأ عنها كل يوم تحدث في القري المصرية من أقصى الجنوب إلى الشمال، ومن حصل منهم على قرض من أي جهة من الجهات المانحة للمشروعات الصغيرة فشل مشروعه ودخل السجن أو مهدد بدخوله لتعثره في سداد القرض، إن هذا الوضع لا يبشر بخير أبداً، وسوف يكتوى الجميع بنار هؤلاء الشباب الضائع، وتتحمل الدولة المسئولية كاملة عن ضياع هؤلاء الشباب.

سادسًا: السياسة الزراعية:

منذ ثمانينات القرن الماضي وتخرج علينا وزارة الزراعة المصرية بما يسمى باستراتيجية وزارة الزراعة أولها كان في الثمانينات، ثم في التسعينات، ثم حتى عام 2017، وأخيراً استراتيجية الوزارة حتى 2030، والحقيقة أن خيرة علماء مصر في الزراعة شاركوا في وضع هذه الاستراتيجيات ولكن للاسف جميعها لا تعدو حبراً على ورق، ولم تحقق أي من هذه الاستراتيجيات أكثر من 20% من المستهدف منها، وكانت النكبة الكبري على الزراعة المصرية مع سياسات التحرر الاقتصادي والتكيف الهيكلي والتي أضرت بالزراعة المصرية أكثر من إفادتها. ويكفي دليلا على ذلك تدهور المساحة المنزرعة والإنتاجية من أهم محصول زراعي هو القطن الذي كان يسمى بالذهب الأبيض.

إن الزراعة والتي كانت عمل أصيل يفتخر به كل من كان يعمل بها، والأرض الزراعية التي كانت تحتل سلم القيم الاجتماعية لدى الريفيين حتى شبهوها بالعرض "الأرض زي العرض" اللي يفرط في أرضه يفرط في عرضه" تغير كل ذلك وأصبحت الزراعة اليوم طاردة حتى للمزارعين الأصليين، وذلك لأسباب عديدة يأتى في مقدمتها فشل السياسات الزراعية على مدى عقود طويلة في أن تجعل المزارع الصغير بؤرة إهتمامها وهم القاعدة العريضة، بل عانى المزارع في ظل هذه السياسات والتي جاءت كلها لتعمل ضده وفي غير مصلحته وأصبح العمل بالزراعة غير مربح بالمرة في ظل زيادة تكاليف مستلزمات الإنتاج الزراعي ودون أن يقابلها زيادة في سعر بيع المنتجات الزراعية وإن حدث يستفاد منه بالدرجة الأولى التجار والسماسرة وما أكثرهم بسبب تدمير التعاونيات الزراعية والتي كانت بيت الأمن والأمان للمزارع المصري على مدى عقود طويلة.

لقد أصبح المزارع في ظل هذه الأوضاع والسياسات مهدد بالسجن نتيجة الديون لبنوك التنمية، أو الجوع هو وأسرته لتدني العائد من الإنتاج الزراعي، ولهذا أصبح من السهل عليه ترك العمل بالزراعة لأي عمل آخر، بل والتفريط بالأرض الزراعية وبيعها وإستثمار سعرها في أي مشروع آخر يدر عليه دخل أكبر.

لقد كان المزارع المصري في الماضي حريص كل الحرص أن يزرع أرضه بمحاصيل الحبوب حتى يحقق الأمن الغذائي لأسرته على مدار العام ولكن في ظل سياسة التحرر الاقتصادي أصبح المزارع حر في زراعة المحصول الذي يحقق له أعلى عائد من الربح، ولماذا يزرع القمح وتقوم زوجته بالخبيز في البيت والأفران التي تبيع الرغيف المدعوم موجودة الآن في كل القرى المصرية، وبالتالي يرى انه من الأفضل أن يزرع أي محصول آخر، وقد وصل الأمر في ظل هذه الحرية إلى حيرة المزارعين في إختيار المحاصيل التي يزرعونها.

وإذا كنا بصدد الحديث عن الزراعة ومشاكلها فللا يمكن إغفال الكارثة الكبري المنتظرة والتي تهدد الزراعة المصرية، وهي كارثة مياه الري والتي بدأت بشائرها في الظهور مع زراعة الموسم الصيفي لهذا العام حيث النقص الشديد في مياه الري فكيف يكون الحال؟ وكيف يمكن التعامل مع هذه الكارثة والتي تشير بعض تقديرات الخبراء إلى تهديد حوالي نصف المساحة المنزرعة في مصر بالتصحر والجفاف، إن الكارثة كبيرة، والآثار السلبية المتوقع أن تنجم عنها فادحة، ومع ذلك يتسم التعامل الوطني معها حتى على مستوى رئاسة الجمهورية بالسذاجة حتى أن أول تصريح صدر عن رئاسة الجمهورية أن سد النهضة الأثيوبي لن يؤثر على مصر وأمنها المائي وذلك بناء على تصريحات وتطمينات من الحكومة الأثيوبية للحكومة المصرية إن هذا الأمر خطير ويهدد أمن واستقرار المجتمع المصري كله ويجب التحرك وبسرعة لوقف هذا الخطر.


سابعًا: التركيبة الإجتماعية في الريف المصري:

لكل مجتمع تركيبته الإجتماعية الخاصة به والتي تميزه عن غيره من المجتمعات وهي نتاج لأوضاع كثيرة إجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية ودينية تمتزج مع بعضها البعض لتشكل تركيبة المجتمع ومن هذا تشكلت التركيبة الاجتماعية للقرية المصرية متضمنة عدد من الطبقات الاجتماعية كان المحدد الرئيسي في تشكيلها عاملين أساسيين هما ملكية الأرض الزراعية والانتساب إلى عائلة، ورغم ذلك كانت الفوارق بسيطة بين الطبقات الاجتماعية في الريف، وكانت شبه جامدة حيث يصعب الانتقال من طبقة إجتماعية إلى طبقة إجتماعية أخرى بسبب المحددين الرئيسيين للوضع الطبقي (الأرض الزراعية والعائلة) وفي ظل هذا الوضع الطبقي يعرف كل شخص في المجتمع الريفي وضعه ودوره ولا يستطيع أن يتعدى حدوده، وعاشت القرية في سلام وأمان.

غير أن رياح التغيير التى هبت على القرية المصرية أصابت ضمن ما أصابت التركيبة الإجتماعية فتحولت وتبدلت وأصبحت الأن لا شكل لها ولا لون ويصدق عليها المثل القائل "القوالب نامت والإنصاص قامت" ولعل ما سبق الإشارة إليه من الأوضاع الراهنة في القرية المصرية سواء الاقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقافية كانت سبباً في تغيير شكل التركيبة الإجتماعية للقرية المصرية ويمكن رصد عدد من مظاهر تغير التركيبة الإجتماعية في الريف المصري هي على النحو التالي:

- إتساع المسافة بين الطبقات الإجتماعية في الريف وزيادة عددها، وأصبح التدرج الطبقي في الريف يشبه إلى حد كبير التدرج الطبقي الإجتماعي في الحضر من حيث عدد طبقاته الإجتماعية، وإتساع المسافة بين الطبقات.

- لم تصبح ملكية الأرض الزراعية والانتساب لعائلة معينة الأساس في تحديد الوضع الطبقي بل دخلت محددات جديدة أهمها حجم الثروة المادية لدى الشخص والتي حصل عليها بأي طريق شرعي أو غير شرعي وإمتلاك المشروعات والتعليم وشغل المناصب القيادية، والعمل بالسياسة وحالة المسكن وإمتلاك وسائل الترفيه والسيارات الخاصة.

- ضعف الروابط والعلاقات الماسكة للتركيبة الإجتماعية نظرا لإعلاء المصالح الشخصية والنزاعات الفردية على مصلحة الجماعة والعائلة، ولم يعد لكبار السن نفس القدر من الاحترام والتقدير الذي كانوا يلقونه من قبل، وكثرت الخلافات والمشاحنات حتى داخل الأسرة الواحدة والعائلة، وضعفت آليات الضبط الإجتماعي غير الرسمي (لجان المصالحات).

- أصبحت بعض القرى المصرية جاذبة لأعداد من المهاجرين من المدن القريبة منها نظراً لإرتفاع إيجارات المساكن بالمدن مقارنة بالريف، مع توفر الكثير من الخدمات بهذه القرى، وقد أدى ذلك إلى حدوث مزج ثقافي بين الريف والحضر، وبدت على القرى مظاهر التحضر المزيف، وأخرج القرية عن هويتها الثقافية المعروفة عنها حيث أصبح الكثير من الريفيين يقلدون الوافدين من الحضر في بعض سلوكياتهم وتصرفاتهم والتي لا يتناسب البعض منها مع ثقافة الريف.

- لعل من العوامل التي ساعدت على إضعاف التركيبة الإجتماعية بالريف تحرر الشباب من سيطرة الأسرة خاصة في الإختيار الزواجي، والذي كان يتم من داخل العائلة، أو حتى من العائلات الأخرى بالقرية، وهو ما كان يدعم الروابط ويقوى من التركيبة الإجتماعية بعلاقات النسب والمصاهرة إضافة إلى علاقات الدم، وأصبح الزواج الخارجي سواء من خارج العائلة أو من خارج القرية هو السمة الغالبة للإختيار الزواجي.

- لعل من أهم مظاهر تفكك التركيبة الإجتماعية في الريف أيضا تفكك الأسرة الممتدة والتي كانت النوع الغالب للأسرة الريفية وظهور وإنتشار الأسر البسيطة (النووية) حيث إستقلال الأبناء بعد زواجهم في أسر خاصة بهم، بل ربما في مسكن خاص بعيد عن بيت العائلة، إن لم يكن في بعض الأحيان خارج القرية والإقامة في المدينة.

القرية المصرية متدينة بطبيعتها سواء من يدين منهم بالدين الإسلامي أو الدين المسيحي، وتشعر أن تدين الريفيين بالفطرة، غير أنه مع ظهور التيار الإسلامي ووصوله إلى الحكم كان له تأثير واضح في القرية المصرية، وذلك بسبب عشق الريفيين للدين، وبالتالي اللعب على وتر ومشاعر الدين يلقى قبول جارف لدى الريفيين خاصة في المناطق الفقيرة والتي ترتفع فيها نسبة الأمية والجهل واستغلت المساجد في هذا الإطار، غير أنه في بعض القرى التي بها نسبة عالية من التعليم والوعى تم التصدي لهذه التيارات، ونشبت الخلافات والصراعات، والتي أثرت سلباً على قوة العلاقات الإجتماعية بالقرية، ويتطلب الأمر إبعاد المؤسسات الدينية (المساجد –الكنائس) عن الصراعات السياسية، فالدين أرقى وأنقى من أن يزج به في صراعات سياسية لتحقيق مصالح شخصية ودنيوية، وأصبحنا اليوم نرى قرى غلب عليها التيار الإسلامي وقرى أخرى هي متدينة بطبيعتها وربما فهمها للدين أصح من غيرها ولكنها تتصدى لمحاولات إقحام الدين في السياسة.

إنه على مر الزمان والعصور يعيش في كثير من القرى المصرية المسلمون والأقباط جنبا إلى جنب تربطهم علاقات الحب والتسامح والتعاون، تتجسد فيهم روح الوحدة الوطنية الحقيقية بكل معانيها وصورها، وشكل نسيج القرية وتركيبتها الإجتماعية على هذا الأساس، إلا أنه في السنوات الأخيرة وخاصة بعد ثورة 25 يناير بدأت تطل برأسها القبيحة الفتنة الطائفية، ويغذيها بعض التيارات المتطرفة والمتشددة من الجانبين وهو أمر خطير لن يؤثر على التركيبة الإجتماعية بالقرية، بل على أمن وسلامة المجتمع المصري عامة، ويجب أن يعلو صوت العقل والحكمة في وأد هذه الفتنة قبل ظهورها.


 

سلسة " الارض والفلاح "00000 تعمل عل

زيادة الوعى بأوضاع حقوق الفلاحين فى الريف المصرى ،والمساهمه

فى تحسين تلك الاوضاع ،وتحاول ان ترصد أهم الانتهاكات التى

تتعرض لها حقوق الانسان فى الريف المصرى ، وأن تبين الاسباب

المختلفة التى تقف وراء تلك الانتهاكات ، كما تحاول السلسة الكشف

عن رؤى واحتياجات الفلاحين فى الريف والمساهمة فى رفع وعيهم 0

 

 

صدر من هذه السلسلة :

  1. من يفض الاشتباك فى جنوب مصر 0 "حكاية الإبن الطيب توماس"
  2. منازعات الأرض فى ريف مصر 0
  3. أحوال الفلاحين فى ريف مصر          عام 1998 م
  4. اوقفوا حبس الفقراء000نحو إسقاط الديون الغير مستحقة على الفلاحين 0
  5. أحداث العنف ،وأوضاع الفلاحين فى الريف المصرى0فى النصف الأول من عام 1999م0
  6. قصــة نجــع العـــرب "كارثة الموت فجأة "
  7. منازعات الفلاحين ضحايا ،وانتهاكات النصف الثانى من عام 1999 م0
  8. أزمة المياه فى مصر 0
  9. حقوق الفلاحين فى مصر "قضايا غائبة "  فى النصف الأول من عام 2000 0
  10. أنهيار دخول الفلاحين والتعدى على حقوقهم 0
  11. أثار قانون تحرير الأراضى الزراعية على الأوضاع التعليمية فى ريف مصر 0
  12. حقوق الفلاحين بين دعاوى الاصلاح وأوهام السوق
  13. الفلاحة المصرية أوضاع متدنية ومصير مجهول
  14. الأوضاع الصحية فى الريف المصرى أوضاع تحتاج لعلاج
  15. قانون الارض واثره على اوضاع السكن فى ريف مصر
  16. أثر القانون 96 على ااوضاع الفلاحين فى الريف المصرى.
  17. اوضاع الفلاحين وقطاع الزراعة فى ظل العولمة
  18. اوضاع المزارعات فى مصر بعد تطبيق قانون الارض "دراسة حالة قرية العمارية الشرقية"
  19. أثر  القانون 96 لـ92 على اوضاع الفلاحين فى ريف مصر الجزء الثانى
  20. بنك التنمية بين الفساد وسياسات افقار الفلاحين
  21. أحوال المزارعات فى ريف مــصردراسة حالة لعزبة رمزى السبيل- محافظة الشرقية
  22. فى أرضنا يموت البرتقال أوضاع الفلاحين فى الريف المصرى
  23. أحوال المزارعات فى ريف مصر " دراسة ميدانية لمركز الارض"
  24. ادارة الارض الزراعية بمن ولمن ؟000الارض ان ماغنتكش تسترك
  25. مشكلات الفلاحين فى ريف مصر عام 2003 
  26. فقد الارض الزراعية والعنف فى الريف  المصرى –دراسة حالة لقريتين
  27. اهدار الأراضى الزراعية  فى مصر وانتهاك حقوق الفلاحين الزراعة مصدر الحياة  ( دراسة حالة لخمس قرى مصرية)
  28. السيد رئيس الجمهورية من يقاوم الجراد الاحمر قبل أن يلتهم أرغفة الفقراء  وزرع الفلاحين ومواردنا الطبيعية
  29. المرأة والارض والعنف فى الريف المصرى " صفط العرفا قرية تبحث عن النور"
  30. المياه مصر الحياة
  31. ماذا جري في الريف المصري عام 2004
  32. مشكلات المياة في الريف المصري"دراسة حالة لقريتين
  33. شكاوي الفلاح الفصيح لوالي مصر عام 2005
  34. زراعات التصدير واتفاقيات التجارة وسياسات السوق الحرة تؤدي لخراب  بيوت الفلاحين2006
  35. أزمة أنفلونزا الطيور فى مصر2006
  36. الحمي القلاعية وباء يهاجم العالم  بين الحين والاخر  .2006
  37. الجانب الزراعى فى منظمة التجارة العالمية  2006
  38. القطاع الزراعى وبرامج التحرر الاقتصادى          مارس 2007
  39. مقتل 92 وأصابة 257 والقبض على 465 فلاح "العنف ومنازعات الأرض وإهدار أمان الزراعة للفلاحين عام 2006            مارس 2007
  40.  الأمن الغذائى .. البعد الغائب الحاضر فى حياة الفلاحين                                  مايو 2007

                                           41-  اتفاقية المشاركة المصرية الاوروبية ( الزراعة ... الفرص والتحديات                يونيو 200

42. قرية الحرية بين فقر الخدمات والبطالة و غياب العدالة                          نوفمبر 2007

43.  أزمة الأسمدة فى مصر ( المشكلة والحل )                                         نوفمبر 2007

44- أوجاع الزراعة والفلاحين فى مصر

مقتل 126 و إصابة 445 والقبض على 634 فلاح  خلال عام 2007           يناير 2008

45- المبيدات فى مصر بين سندان السياسة ومطرقة المصالح                    مايو 2008

46- الاوضاع الصحية فى الريف المصرى                                            يونيو 2008

47- المياه فى مصر بين واقع اليم ومستقبل خطير                                 سبتمبر 2008

48- تداعيات الأزمة المالية العالمية على الغذاء في مصر                      مارس 2009

(الواقع والتحديات والآفاق المستقبلية)

49- سياسات البنك الدولي في مصرتاريخ من المؤامرات الزراعة نموذجا  مارس 2009

50- أثر السياسة الإئتمانية الزراعية على القطاع الزراعى المصرى                     ديسمبر 2009

51- رياح التغير فى العالم هل سقطت الحكومة المصرية فى اختبار تجاوز الأزمة      مارس 2010

   منازعات الأرض خلال عام 2009مقتل 151 فلاحاً وإصابة 899 مواطناً

      وحبس 1204 آخرين

 52- دراسة مقارنة عن آثار اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية على حقوق صغار الفلاحين  مارس 2010

53- التغيرات المناخية وآثارها على العائد الفدانى للمنتجين الزراعيين                  يونيو 2010

 ) رؤية مستقبلية لعام 205)

54- التوسع الافقى اضافة ام اهدار ( رصد لأهم مشكلات المجتمع المصرى ودور    يوليو 2010

مشروعات التوسع الافقى فى حلها                                                               

55- رؤية الخبراء..... الفلاح ـ البنك ـ الزراعة والفرصة الأخيرة                           يونيو 2010

56- منازعات الأرض خلال النصف الأول من عام 2010مقتل 130  فلاحاً

وإصابة 850 مواطناً وحبس 1234  آخرين                                                    يوليو 2010

57- مياه نهر النيل والعطاشى فى مصر                                                      سبتمبر 2010

58- سيناريوهات حول مستقبل العمالة الزراعية فى مصر                               سبتمبر 2010

59- حول عمالة الاطفال والنساء فى الريف                                     اكتوبر 2010

60- حقوق الفلاحين المصريين                                                                           نوفمبر 2010

61- جرائم الريف والضحايا الفقراء حول الأرض والرزق والشرف  خلال النصف الثانى من

عام 2010  مقتل 167 فلاحاً وإصابة 1285 مواطناً وحبس 1987 آخرين            يناير 2011

62- بنك الفساد والظلم وسرقة عرق الفلاحين  المسمى بنك التنمية والائتمان الزراعى   فبراير 2011

63- الحالة الصحية فى الريف المصرى –الوقاية والعلاج                                   مارس 2011.

64- مشكلات السكن فى الريف المصرى                                                        مارس 2011

65- الارض الزراعية الفرص الضائعة والامل المنشود                                      يونيو 2011

66- نهضة الزراعة المصرية فى ظل الازمة الاقتصادية الراهنة                           مايو 2012

68- الموارد الزراعية والاستفادة القصوى منها                                               أكتوبر 2012

69-نبذة مختصرة عن الزراعة المصرية                                                  فبراير 2013

 

 

 

مركز الأرض لحقوق الإنسان

 

 

 

 

 

 

 

 


مركز الأرض لحقوق الإنسان مؤسسة لا تهدف إلى الربح

أنشىء فى ديسمبر عام 1996

لماذا مركز الأرض

 أنشئ مركز الأرض للدفاع عن قضايا الفلاحين والريف المصري من منظور حقوق الإنسان، بعد     أن تبين لمؤسسي المركز خلو  ساحة العمل الأهلي في مصر من المنظمات التي تعمل في هذا المجال. ومن بين القضايا والاحتياجات الحقيقية التي دفعت في اتجاه إنشاء المركز:

-معالجة عدم التوازن في الاهتمام بحقوق الفلاحين والمسألة الزراعية في مصر وتصحيح المسار في ظل الأوضاع الجديدة المتعلقة بتحرير سوق الأرض والأسعار مع دراسة أثر ونتائج هذه السياسات على حياة الفلاحين والاقتصاد الزراعي .                           

-عدم وجود بنية تشريعية تنظم أوضاع العاملين في قطاع الزراعة، وبالتالي تعرضهم لانتهاكات عديدة شبه يومية، سواء على صعيد حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية أو على صعيد الحقوق المدنية والسياسية.                          

 - اتساع الفجوة بين الريف والحضر في مصر، خاصة على صعيد الخدمات، مما يجعل قطاعاً عريضاً من سكان الريف عرضة لانتهاكات مضاعفة بسبب تردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

- تفاقم مشكلة عمالة الأطفال في الريف في القطاع الزراعي أو غيره من القطاعات، وزيادة معدلات الأمية والتسرب من المدارس بينهم.

- الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة الريفية، على صعيد الأسرة والعمل، أو بسبب الأوضاع الاجتماعية العامة.

مجالات عمل المركز:

-الدفاع عن  الفلاحين والعمال الزراعيين بسبب أوضاع العمالة الزراعية الدائمة والمؤقتة الناجمة عن غياب التنظيم القانوني، وخاصة فيما يتعلق بعقود العمل والإجازات واللوائح التي تنظم حقوقهم وواجباتهم.

 - دعم وتشجيع دور التنظيمات النقابية والتعاونيات والجمعيات والروابط الفلاحية.

- مواجهة ظاهرة عمالة الأطفال من حيث أسبابها ومظاهرها وآثارها من منظور حقوق الطفل.

- العمل على تمكين المرأة الريفية، وخاصة العاملات في قطاع الزراعة، لمواجهة الانتهاكات التي تتعرض لها بسبب وضعها النوعي والاجتماعي.

- الدفاع عن البيئة الزراعية وبيئة المجتمع الريفي ضد مخاطر التلوث، وتوعية الفلاحين بقضايا التلوث البيئي.

أهداف المركز

-المساهمة في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلاحين في ريف مصر .

-رصد انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث داخل القرية المصرية وخاصة المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

-تنمية وعى المواطنين بنشر ثقافة حقوق الإنسان وتشجيع  العمل المشترك والتنسيق بين مؤسسات المجتمع المدني ودعم استقلالها وتعزيز قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان .

المساهمة في صياغة برنامج الإصلاح الاقتصادي الزراعي في مصر بحيث يكفل للفلاحين حقوقهم ويؤمنهم في زراعة أراضيهم..

 الكشف عن رؤى واحتياجات الفئات المهمشة والفقيرة في مصر وأشراكهم في صناعة القرار وصياغة البرامج التي تطبق عليهم

آليات عمل المركز:

-تقديم المساعدة القانونية للفلاحين في القضايا ذات الصلة بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية أو المدنية والسياسية.

-إصدار التقارير والدراسات والبيانات لكشف الانتهاكات التي يتعرض لها الفلاحون والريف المصري.

- تنظيم دورات تدريبية وإصدار المطويات من أجل تنمية وعى المواطنين في القرية المصرية بالحقوق المتعلقة بقضاياهم.

-  تكوين شبكة من المتطوعين والمهتمين والنشطاء لدفع العمل الأهلي والتطوعي في مجال حقوق الإنسان.

-تنظيم الندوات وعقد ورش العمل لمناقشة القضايا المتعلقة بأوضاع الريف المصري السياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية.

- السعى لإقامة علاقات وطيدة مع المؤسسات المحلية والدولية المهتمة بالعمل في مجال التنمية وحقوق الإنسان للمساهمة في تحقيق أهدافنا

المركز يقدم الدعم القانونى مجاناً ويتلقى جميع الشكاوى المتعلقة

بحقوق الفلاحين والعمال والصيادين والمرأة والأطفال

 

 

 



[1] هذه الورقة قدمت بورشة " الخريطة الإجتماعية للفلاحين داخل الريف" والتى عقدها مركز الأرض فى يوم الخميس الموافق 20/6/2013 ونظراً لأهميتها فان المركز يعيد نشرها ضمن هذه السلسلة .

 

 


قراءة سريعة فى أوضاع الفلاحين عام 2014

$
0
0
قراءة سريعة فى أوضاع الفلاحين عام 2014

تقديم:

غابت حقوق الفلاحين عن المشهد السياسى فى مصر خلال عام 2014 وتدهورت بشكل غير مسبوق رغم الحديث الناعم للسلطة السياسية تجاههم ، وعلى الرغم من تكرار إعلامها وادعائها بأن المطالب الفئوية ليس أوانها الآن لكنها اعترفت بحقوقهم فى العيش بكرامة وفى زراعتهم بأمان فى وثيقة الدستور الذى لم يتم تفعيله حتى صدور التقرير ، وأجلت التزامها بحقوقهم حتى تستقر البلاد وتمادت فى إعلامها المزيف لتبرر تعدى قوات الأمن على حقوقهم فى التظاهر والإضراب والتنظيم وطالبت المنتجين وذوى الدخول المحددة بالانتظار حتى يحين الفرج.

وقد عانى الفلاحون من سياسات السلطة الحاكمة تجاه قطاع الرزاعة حيث رفعت أسعار السماد لأكثر من 30% وكذا رفعت سعر السولار والبنزين لأكثر من 100% ورفعت سعر إيجارات أراضى الدولة لأكثر من 100%.

وهكذا تحول الريف إلى مرتع للفقر وتجاهلت السلطة تلبية احتياجات صغار الفلاحين وأهدرت حقوقهم فى الخدمات العامة ، فلا شبكات صرف صحى جديدة ولا تطهير لمحطات المياه ولا بناء مستشفيات أو مدارس جديدة بل تردت الخدمات العامة فى مؤسساتها المختلفة كأنها تؤدبهم لخروجهم عام 2011 محتجين على الأوضاع المتردية.

 

وسوف نحاول فى هذا التقرير استعراض مشكلات صغار الفلاحين وأثر سياسات الدولة فى أوضاع حقوقهم فى الزراعة الآمنة والعيش الكريم ثم ننهى التقرير ببعض الملاحظات ، وقد اعتمد التقرير فى الأساس على الشكاوى التى وصلت إلى مركز الأرض عام 2014 وكذا بعض ملفات القضايا التى تابعها المركز أو رفعها للفلاحين.

وبالتالى فإن النماذج التى تعرض لا تعبر عن كل الحقيقة لكنها تعطى مؤشرات أو ملامح لما جرى خلال العام لحقوق فلاحينا فى العيش الكريم أو الزراعة الآمنة.

 


أولاً: حقوق ضائعة وأمان مفقود

 

سوف نستعرض فى هذا القسم أهم هذه المشكلات التى عانى منها صغار الفلاحين فى عجالة وذلك على النحو التالى:

 

1-  صغار الفلاحين المتعثرين فى سداد ديون بنك التنمية مازالوا مهددين بالحبس ومنهم بالفعل من يقضى عقوبة جنائية بسبب هذه القروض:

حسب تصريح وزير الزراعة فإن أكثر من 250 ألفًا متعثرٌ فى سداد ديونهم لبنك التنمية ، وأكد الوزير أنه لا إسقاط لديون الفلاحين بعد اليوم.

واستخدم الدين والشريعة فى فتواه لتقنين قهر الفقراء وظلمهم قائلاً: " إنه لن يتم إسقاط الديون عن الفلاحين، ومن اليوم لن يجرؤ أى مسؤول بالحكومة على إسقاط الديون ، والتى تسببت فى خسارة بنك التنمية ما يقرب من 4 مليارات جنيه، نتيجة فوضى ووعود الأنظمة السابقة ، وإن كافة الأديان والشرائع تدين إسقاط الدين، فهو أمانة فى رقبة كل مدين ".

وتجاهل الوزير أن أصول وأموال هذه البنك هى أسهم صغار الفلاحين التى استولى عليها حين تم تأسيسه وأن الديون التى يتحدث عنها هى نتيجة فساد موظفيه واحتيال البنك على فقراء الريف الذين لا يعلمون القراءة والكتابة.

ومن متابعة ملفات مئات شكاوى وقضايا لفلاحين متعثرين يؤكد المركز أن الفلاح الذى يقترض عشرة آلاف جنيه يسدد أكثر من عشرين ألفًا ويظل عليه أكثر من خمسين ألفًا بسبب القروض الدوارة والفوائد المرتفعة [ تقارير مركز الأرض لحقوق الإنسان حول ديون فلاحي بنك التنمية – موقع المركز الإليكترونى].

هذه القصص التى يستعرضها تقرير المركز وملفات القضايا ليست خيالية ، إنها حكايات من لحم ودم لبشر يقفون الآن بملابسهم الممزقة يستجيرون ويستغيثون من الظلم وسياسات ومؤسسات الحكومة المنحازة للأغنياء والفاسدين ، ولا تجد أسرهم إلا الله كى تشتكى له ظلم العباد والسلطات التى لا تعرف إلا الاتجار فى حقوقهم.

الشىء الغريب أن الوزارة التى يترأسها الوزير أصدرت عشرات المرات تصريحات صحفية وقرارات وزارية تفيد بإسقاط الديون وجدولتها ، لكن الشاهد يؤكد أنه حتى قبل خلع مبارك إلى الآن لم تكن مثل هذه الإجراءات إلا لاستهلاك وتزييف وعى المواطنين ورشوتهم إزاء أى انتخابات تجريها السلطة التى تعبر عن الفاسدين واللصوص والتجار.

وكان آخر هذه القرارات القرار رقم 141 الصادر منذ عدة شهور عن البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى الذى جاء فيه " وتمشيا مع سياسة الحكومة نحو رفع المعاناة عن كاهل الفلاحين وخاصة العملاء المتعثرين منهم، وحفاظا من البنك على الاستمرار فى الوقوف بجانب عملائه ومساعدتهم فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد، يتم إيقاف السير فى الإجراءات القانونية التى اتخذها البنك ضد عملائه وذلك حتى تاريخ 31/12/2014 كمهلة تترك للعملاء لإجراء التسويات اللازمة مع البنك وذلك فى ضوء القواعد المعتمدة فى هذا الشأن ".

فهذه هى قرارات البنك الذى يترأسه الوزير كما صدر فى عهده عدة قرارات أخرى بإيقاف السير فى الإجراءات ومازالت سارية حتى نهاية عام 2014 ، فماذا حدث ليصرح مؤخرًا بأنه " لا إسقاط للديون " وكيف خالف قرار مكتب النائب العام المساعد للتفتيش القضائى الذى صدر منذ عدة شهور تحت اسم كتاب دورى (رقم1) لسنة 2014 ، ومازال ساريًا والذى جاء فيه الآتى :

-          إرجاء التصرف فى المحاضر المحررة من بنك التنمية والائتمان الزراعى قبل الفلاحين عن جريمتى إصدار شيكات لا يقابلها رصيد قائم ، وقابل للسحب ، وخيانة الأمانة اعتبارًا من 10/12/2013 حتى 31/12/2014 .

-          على ممثل النيابة العامة أمام المحكمة أن يطلب تأجيل نظر الدعاوى المرفوعة عن هاتين الجريمتين سواء من النيابة العامة أو بطريق الادعاء المباشر فى خلال الفترة آنفة البيان .

-          الإرجاء والوقف المؤقت لتنفيذ الأحكام النهائية الصادرة فى القضية المرفوعة من البنك اعتبارا من 10/12/2013 التى بدأ التنفيذ فيها أو لم يبدأ .

-          السير فى الإجراءات القانونية التى اتخذها البنك ضد عملائه عن الجرائم المنسوبة إليهم حتى يوم 9/12/2013.

-          التصرف فى الأقضية الموقوف السير فى إجراءاتها ، والمؤجلة ، والمرجئ التنفيذ لأحكامها فى نهاية الفترة آنفة البيان على ضوء ما يتم من تسويات أو صلح بين البنك وعملائه وفقًا للقواعد القانونية فى هذا الشأن ، وذلك بعد الاستعلام رسميًا من الآخرين بما اتخذ من إجراءات .

وطبقًا لبعض الشكاوى التى وردت للمركز فإن هناك مئات الفلاحين يعانون من تهديدات بحبسهم بسبب تعثرهم فى سداد ديون البنك يقول " حمد عمران " من الدقهلية "فلاح" فى شكواه : أخذت عشرة آلاف من البنك منذ عشر سنوات وسددت عشرين ألفًا ومازال على عشرة آلاف جنيه ، وأكد أن الفلاح فى مصر يعانى مشاكل عدة أهمها مشكلة عدم قدرته على تسديد ديونه لبنك التنمية والائتمان الزراعي، وترجع أسباب المشكلة إلى ضعف ثمن الحاصلات الزراعية في الآونة الأخيرة بالمقارنة مع زيادة التكلفة وضعف المحصول مما أثر فى دخل الفلاح المصري فأصبح غير قادر على السداد وقبل الانتخابات الرئاسية تم الوعد بإلغاء ديون الفلاحين.

وأوضح أن بنك التنمية والائتمان الزراعى  قد أطلق مبادرة "دورى أربعة" التي كانت تتيح للمتعثرين إلغاء الغرامات والفوائد المستحقة لكن الفلاحين رفضوا ذلك لأنهم كانوا يريدون تسديد أصل الدين الأساسي وليس الفوائد التى تحولت إلى أصول دين إلا أنه بعد فترة تم إلغاء "دورى أربعة"، وأصبح أمام الفلاحين المتعثرين غير القادرين على السداد إما أن يبيعوا أراضيهم ويسددوا ما عليهم من دين تجاه بنك التنمية أو يلقوا فى السجن.

وأشار طه العسيلى من الجيزة "فلاح " إلى قيام البنك بإقراضه مبلغ ثلاثين ألف جنيه ورغم أنه سدد نصف المبلغ تقريبًا لكنهم يطالبونه بخمسين ألفًا كفوائد ومصاريف ، وأشار إلى أن إجمالي ديون المزارعين لدى البنك بلغت 4 مليارات جنيه وأنه تم وعدهم بأنه سيتم جدولة ديون الفلاحين مع إعطائهم فترة سماح تصل إلى عام تنتهي بنهاية 2014 لكن ذلك لم يحدث.

وقال إن تصريحات وزير الزراعة تؤكد غيابه عن أرض الواقع ومشاكل الفلاح الحقيقية فإذا كان الفلاح لديه القدرة على تسديد الديون فما هي المشكلة؟! ولكن الواقع الفعلي يقول إن الفلاح غير قادر على سداد مديونياته بسبب عدة أسباب منها انخفاض أسعار الحاصلات الزراعية في ظل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعى من التقاوي والأسمدة ، والطريقة الوحيدة المتاحة أمام الفلاح الآن هي أن يبيع أرضه لتسديد هذه الديون أو تقوم الحكومة والبنك بإسقاط هذه الديون.

وفي السياق نفسه قال ناصر مغاورى فلاح من بنى سويف : إن تصريحات رئيس البنك لم تنفذ ولم يتم إسقاط ديون الفلاحين وهناك ملاحقات قضائية للفلاحين الذين أصبحوا يعيشون في متاهة من تصريحات المسئولين المتناقضة، والتي لا تحدث في الحقيقة ومازالت مشاكل الفلاحين كما هي وديونهم كما هي مطالبا الرئيس السيسي التدخل وإسقاط الديون.

 

2-  ارتفاع أسعار الأسمدة فى ظل سوق حرة بدون معايير حمائية لصغار الفلاحين:

 ازدادت أزمة نقص وارتفاع الأسمدة خلال عام 2014 والمستمرة منذ أعوام وخلال هذا العام قامت الحكومة برفع أسعارها بما يزيد 30% من أسعارها الحالية.

حيث فاجأنا وزير الزراعة بزيادة طن السماد نحو 500 جنيه ليصل إلى 2000 جنيه ويعد هذا القرار الأخير طعنة لحقوق صغار الفلاحين ونموذجًا لسياسات متضاربة ومنحازة لمصالح التجار ، حيث يتحمل المزارع الصغير هذه الزيادات وتؤدى إلى انخفاض دخله ورفع أسعار الخضر والغذاء بالنسبة للمواطنين.

وهكذا تستمر مؤسسات الدولة فى اتباع سياسات ورؤى تؤدى إلى إفقار الفلاحين متجاهلة دورها فى دستور 2014 والمتعلق بتحسين حياتهم وحماية أمان زراعتهم ودعمهم.

والجدير بالذكر أن أزمة السماد السنوية والمتعلقة بنقصها وارتفاع أسعارها لها أبعاد مختلفة أهمها يتعلق بانعدام رؤية الحكومة لتطوير قطاع الزراعة وتحسين حياة المزارعين مما يؤدى إلى إعادة إنتاج الأزمة التى يعمقها التجار وبعض الفاسدين ليزيدوا من أرباحهم على حساب قطاع الزراعة وحقوق الزراع.

هذا على الرغم من أن إنتاج مصر من السماد يصل إلى 16 مليون طن كل عام ولا تزيد احتياجات زراعتنا السنوية على عشرة ملايين طن وتقوم بإنتاجها 6 شركات : اثنتان قطاع عام و4 قطاع خاص بنظام السوق الحرة ، وتحصل هذه الشركات على الخام والغاز والكهرباء بسعر مدعم وتفضل تصديره إلى الخارج لارتفاع أسعاره عن السوق المحلية حيث يصل خلال هذا الموسم إلى نحو 400 دولار للطن.

وبدلاً من بيع الغاز والمواد الخام للشركات بأسعارها العالمية أو فرض رسوم على تصدير السماد ، تقوم الحكومة بتحميل صغار المزارعين عبء الأزمة وإعفاء أصحاب المصانع والتجار والمصدرين من أى رسوم إضافية ويكتفى الوزير بتهديدهم بقطع الغاز فى حالة عدم تسليم الحصص إلى الجمعيات الزراعية.

ويؤدى قرار الحكومة الأخير إلى حرمان المزارعين من التمتع بثروات بلادهم من الغاز والكهرباء والمواد الخام التى تستفيد الشركات والتجار وأصحاب المصانع من أسعارها المدعومة ويبيعون الأسمدة فى السوق الحرة بنحو مائتي جنيه للشيكارة أى بمبلغ يصل إلى ضعف ثمنها الجديد.

والبعد الثانى للمشكلة يتمثل فى إصرار الحكومة على ترك أمر توزيع السماد إلى الجمعيات والتجار والبنك بنسب متفاوتة ، متجاهلة مطالبات الفلاحين الدائمة بأحقيتهم بأنفسهم فى تسلم حصص السماد عن طريق نقابتهم وجمعيتهم الأهلية وتسليم شون البنك ومقرات الجمعيات الزراعية والإصلاح والائتمان والاستصلاح لممثلى الفلاحين مادامت غير قادرة على تحمل مسئوليتها وحل الأزمة ، بل على العكس تقوم بدعم الفاسدين والتجار ، فلماذا يتحمل الشعب مرتبات هؤلاء الموظفين الذين يعملون لحساب التجار وأصحاب المصانع؟!

ألا يستدعى إخفاق الحكومة السنوى فى حل الأزمة إلى تسليم مقرات الجمعيات الزراعية وبنك التنمية ومقراته إلى نقابات الفلاحين لتدير شئون الزراعة وتطور قطاع الزراعة وتحمى مصالح صغار المزارعين وتوفر الغذاء للمصريين؟

والمركز يطالب الحكومة بالإفصاح عن أسماء المستفيدين من التجار وأصحاب المصانع وأصحاب الشركات والمصدرين من دعم الأسمدة الذى تصل قيمته إلى أكثر من مليارى جنيه سنويا ولا يستفيد منها صغار المزارعين ، ألا يجب البحث عن طريقة لإيقاف سرقة ونهب موارد بلادنا؟ ألا يجب محاكمة المستفيدين من الأزمة كل عام باعتبارهم سارقى أقوات الشعب والمسئولين عن تخريب قطاع الزراعة ؟!

وفى هذا السياق تلقى مركز الأرض عشرات الشكاوى التى تفيد قيام بعض موظفى البنك بالتواطؤ مع بعض مسئولى الجمعيات وموظفى الإدارات الزراعية بالنصب على الفلاحين وحرمانهم من حصتهم فى السماد وسلمته إلى التجار بدعوى عدم وجود شون أو ممثلين عنهم لتسلمهم حصصهم ، ويتساءل المزارعون :" كيف تصل الحصص إلى كبار المزارعين ومخازن التجار ، ولماذا نتحمل وحدنا نتائج فشلهم المتكرر كل عام؟ "

ففى قرى مركز دكرنس وشربين بالدقهلية يصرخ مستأجرو الأراضى الزراعية من رفض ممثل الجمعيات التعاونية تسليمهم حصة الأسمدة لأنهم غير مالكين للأرض ، ويتكرر الوضع نفسه فى محافظة الفيوم بمركز يوسف الصديق وبمحافظة الغربية بمركز دسوق.

وعلى الرغم من قيام المستأجرين بزراعة الأرض فإن مسئولى الجمعيات يسلمون السماد إلى مدعي الملكية وبالتالى يخالفون قرارات الوزارة بتسليم السماد إلى الزراع الفعليين ، ولكن من يحاسب من فى دولة لا يعى إعلامها إلا بالصراخ والعويل كى لا تسقط مؤسسات الدولة ، دون أن يعوا بأن حماية مؤسسات الدولة ضرورة كى تقوم بدورها فى تنمية وتحسين نوعية حياة المواطنين؟!

ويستغيث مزارعو مركز القرنة بالأقصر من قيام مسئولى الجمعيات والبنك من عدم تسلم حصص السماد المخصصة لهم ويقومون ببيعها فى السوق السوداء والتى وصل سعر شيكارة اليوريا فيها لأكثر من 200 جنيه ورغم ذلك لا يجدها المزارعون.

وفى مقابلة مع مزارعي المحاميد قبلى بأرمنت الأقصر يؤكد المزارعون أن حصصهم من السماد موجودة بالمخازن ، ورغم ذلك يماطل المسئولون لعدم صرفها ويقولون تم تحويلها إلى جمعية الديمقراط الزراعية ، وعندما ذهبوا إلى الجمعية المحالين إليها ، أكد مسئولوها أن الوزارة أرسلت لهم إشارة بإيقاف الصرف على الرغم من وجود أكثر من 30 طنا بالمخازن ، والمؤسف أن هذه الحصة سوف تتعرض للتلف ، ويؤكد المزارعون أن التجار يسحبون السماد من الأسواق حتى يرفعوا سعر الشيكارة إلى 250 جنيهًا.

ومن محافظة المنوفية يؤكد فلاحو طملاى المشكلة نفسها وتواطؤ موظفى الجمعية والبنك لعدم تسلم حصصهم من السماد ، وهكذا تؤدى سياسات الوزارة إلى رفع أسعار السماد وتلاعب التجار والفاسدين بالأسواق.

كما شهد عام 2014 نموذجًا آخر للفساد فى مجال تسليم السماد حيث أكد فلاحو قرى الزربينى بمحافظة البحيرة رفض الجمعية الزراعية بناحية أبو حمص بحيرة تسليمهم حصتهم من الأسمدة وبيعها فى السوق السوداء بدعوى عدم ملكيتهم للأرض مخالفين القرار الوزارى بتسليم السماد لحائزى الأراضى الفعليين.

وقامت الجمعية نفسها بتسليم السماد للمزارعين أنفسهم فى العامين الماضيين على ضوء محاضر اللجنة قروية ولجان المعاينة والتسميد ، وقد أكدت تلك المحاضر أن الفلاحين هم واضعو اليد والحائزون الفعليون للأرض تقريبًا منذ مائة عام.

ويتضرر الفلاحون من التصرفات الباطلة لأعضاء الجمعية المذكورة والإدارة الزراعية بالبحيرة التى تواطأت مؤخرًا مع مدعي الملكية ورفضت تسليم المزارعين السماد وتبيعه للتجار.

 

3-  ارتفاع إيجارات الانتفاع بالأراضى المستصلحة وثمن تمليكها إلى خمسة أضعاف:

فى محافظة سوهاج بمنطقة أولاد يحيى يتضرر المزارعون من قيام وزارة الزراعة برفع قيمة إيجارات الأرض التى قاموا باستصلاحها ودق الآبار على حسابهم وتحويلها من صحراء قحطاء إلى واحة خضراء دون أى دعم من جانب الدولة ، ومؤخرًا فوجئوا بقيام هيئة الأملاك برفع إيجار الفدان من 175 جنيهًا إلى 1200 جنيه فى العام ، ويؤكد المزارعون أن الأرض لا تعطى فائض ربح يغطى هذه الإيجارات ، ويطالبون بقيام لجنة محايدة من مراكز البحوث لمعاينة أراضيهم وحساب مصاريف الزراعة وأرباحها التى لا تغطى تكلفتها ويستغيثون بالمسئولين والأحزاب للوقوف بجانبهم حتى لا يضطروا إلى ترك أراضيهم بورًا مما سيؤثر فى تدهور حال قطاع الزراعة.

وفى السياق نفسه قامت هيئة الاستصلاح وتعمير الصحراء برفع أثمان الأرض التى سلمتها للمزارعين المتضررين من تطبيق القانون 96 لسنة 92 من نحو 15 ألف جنيه للقطعة التى تبلغ مساحتها فدانين ونصف إلى 50 ألف جنيه وقد تقدم مركز الأرض بطلبات للجان القضائية بوزارة الزراعة لأكثر من مائة فلاح بمنطقة وادى النطرون بمحافظة البحيرة وتم تحديد يوم 20/5/2014 للفصل فى طلبات المركز لتمليك الفلاحين الأرض بأسعارها الأولى وإلغاء قرار لجنة التقدير المغالى فيه خاصة أنهم من المتضررين من تطبيق قانون الأرض الذى أدى إلى تشردهم.

والجدير بالذكر أن المشكلة بدأت منذ نحو 17 عامًا عندما قامت الدولة بتسليم المتضررين وشباب الخريجين قطعة أرض مساحتها فدانان و 12 قيراطًا ومنزلاً عبارة عن حجرتين بمبلغ 15000 جنيه فقط (خمسة عشر ألف جنيه ) ويقسط هذا المبلغ على فترة ثلاثين عاماً وسلمت الدولة للخريجين خمسة أفدنة ومنزلاً بمبلغ 11000 جنيه فقط (أحد عشر ألف جنيه) ويسدد على ثلاثين عاماً .

وحيث إن بعض المتضررين تنازلوا عن هذه الأرض لعدم استطاعتهم الصرف على استصلاحها وزراعتها إلى جيرانهم الذين قاموا بسداد قيمة الأقساط المستحقة للجمعية الزراعية ولم يتوانوا عن بذل الجهد والمال لتحويل الأرض البور إلى أرض زراعية قابلة للإنتاج ، وبعد سنوات من العرق بدأت الأرض تتحول إلى أرض خضراء وترمى ببشائر الخير من الفول السودانى والذرة والطماطم وغيرها فقامت وزارة الزراعة بتقدير جديد لقيمة الأرض وصل إلى نحو 20 ألف جنيه للفدان ؛ وحيث إن هذه التقديرات مبالغ فيها ولا تمثل الحقيقة والوضع القائم على الطبيعة لأن الفلاحين دفعوا ثمن الأرض منذ أكثر من عشرين عامًا وقاموا باستكمال البنية الأساسية واستصلاح الأرض لإنتاج الخير منها.

كما أن المزارعين يعيشون فى حالة من القحط والبؤس فالقرية لا يوجد بها مياه شرب نقية أو صرف صحى أو مدارس واضطر المزارعون إلى حفر الآبار للحصول على الماء الذى يأتى ملوثاً ومحملاً بكافة الشوائب ، كما لا توجد وحدات صحية أو صيدليات أو مركز شباب أو سوق أو خدمات أخرى ، وبالرغم من أن هؤلاء المزارعين محرومون من جميع حقوقهم فى التمتع بالخدمات الأساسية إلا أنهم قانعون وصابرون ويقومون بزراعة أراضيهم الصغيرة ، وراضون عن حياتهم فبدلاً من أن تتركهم الدولة ليستكملوا إنتاج الخير وزراعة أرضهم تطالبهم بشراء الأرض مرة أخرى بمبالغ  مالية طائلة لا يستطيعون سدادها .

وبدلاً من قيام الدولة بدعم هؤلاء الفقراء ومساندتهم وتقديم الخدمات والرعاية بما فيها أمان أراضيهم الزراعية تطبيقًا لنصوص دستور 2014 ليساهموا فى تطوير وتقدم الإنتاج الزراعى تقوم بمخالفة القانون وتفرض إتاوات عليهم وتسىء استعمال السلطة وترعى الفاسدين وتنتهك وتتاجر بحقوق المواطنين.

وقد طالب المركز بعدم الاعتداد بتقدير لجان التقدير المغالى فيه ومطالبة أجهزة الدولة بتعويض الفلاحين عن سوء استخدام الدولة لسلطتها وانحرافها عن دورها فى دعم قطاع الزراعة وحماية حقوق المواطنين فى العيش بكرامة وأمان.

 

4- تزايد الفساد بهيئة الإصلاح الزراعى وسرقة أراضى الفلاحين المنتفعين بالمخالفة للقانون:

تجدد الصراع على ملكية بعض الأراضى بين بعض مدعي الملكية المدعومين من بعض الفاسدين بوزارة الزراعة وهيئة الأوقاف وبين صغار المزارعين حيث يقف فلاحو قرى الزربينى بمركز أبو حمص محافظة البحيرة فى مواجهة عسف بعض لواءات الشرطة وبعض النافذين الذى يدَّعون ملكيتهم لمئات الأفدنة التى استصلحها الفلاحون منذ خمسينيات القرن الماضى وسلمتهم الدولة عقودًا تفيد انتفاعهم بتلك القطع ومؤخرًا قاموا برفع مئات القضايا على المزارعين على الرغم من حصولهم على أحكام قضائية تفيد أحقيتهم فى الأرض.

وتحدث نقيب الفلاحين سعد غريب فى مقابلة مع باحثى المركز قائلاً : " إن أهالي القرية يزرعون مساحة أرض زراعية تقدر بـ402 فدان ببركة غطاس محافظة البحيرة وتعاملوا كملاك مع هيئة الإصلاح منذ عام 1971 حتى عام 1984 ، وكانوا يزرعون الأرض بعد توزيعها عليهم من قبل الهيئة طبقًا للقانون رقم 178 لـ1952 وقاموا بسداد  بعض أقساط ثمن الأرض ، لكنهم فوجئوا عام 1984 بأن الهيئة قامت بالإفراج عن الأرض الزراعية لأشخاص يدعون ملكيتهم بعد تفويض شركة أراضى كفر الزيات لهم باستلامها مع العلم أن أصحاب الشركة  الحقيقيين يونانيين الجنسية عادوا لبلادهم قبل عام 1960 ".

واستكمل محسن عبد الباقى محامى الفلاحين بأن مدعى الملكية ومنذ تطبيق قانون طرد المستأجرين عام 1997  يستخدمون البلطجية بمعاونة بعض الضباط فى محاولة لتهديد الفلاحين وطردهم من أراضى العزبة ومنازلها على الرغم من أن أجداد الفلاحين هم الذين قاموا باستصلاح الأرض وبناء المنازل.

ومن المحلة الكبرى بالغربية وبقرية الخزان بسامول يتضرر الفلاحون من سياسات الإصلاح الزراعى التى تواطأت مع هيئة الأوقاف ليستولى بعض النافذين فى حكومة مبارك البائدة على أكثر من 43 فدانًا من أراضيهم التى تسلمتها الأوقاف من الإصلاح ليستكمل الفلاحون زراعتها إلا أن الفلاحين فوجئوا بقيام مدعي الملكية بالادعاء بشراء الأرض وقاموا بإرهابهم وتهديدهم لطردهم من أراضيهم مستخدمين قوات الشرطة والاتهام الجاهز طوال الوقت "الإرهاب".

ويتضرر أكثر من مائتي أسرة بعزبة السادات والنصر بالغربية من سياسات وزارة الأوقاف التى أدت إلى إفقارهم وللأسف استعان هؤلاء النافذون بقوات من الشرطة فى محاولة للضغط على الفلاحين لتوقيع إقرارات تفيد تنازلهم عن أراضيهم وقد حرر المزارعون ضدهم المحضر رقم 5564 لسنة 2014 إدارى طنطا.

فى محافظة الفيوم مازالت عائلة والى تهدد فلاحي قوتة قارون بإجبارهم على ترك أراضيهم عبر تلفيق القضايا واستخدام الشرطة وأجهزة الدولة لتنفيذ مخططهم وللأسف نشرت جريدة الأهرام اتهامات للمزارعين بالبلطجة والأخونة فى محاولة لإرهابهم على لسان أحد ورثة عائلة والى ، ورغم أن نقابة المزارعين بقوتة أرسلت ردًا إلى جريدة الأهرام على مزاعمهم الكاذبة إلا أنه حتى صدور التقرير لم يتم نشر رد النقابة.

وفى محافظة القليوبية بقرية كفر الشرفا تواطأت هيئة الأوقاف مع هيئة الإصلاح لتستولى على أراضى الفلاحين التى تسلموها من الدولة فى الستينيات بنية تمليكها لهم وقد تقاعست هيئة الإصلاح ولم تستكمل إجراءات تمليكهم الأرض وتسليمها لهيئة الأوقاف التى تطارد الفلاحين وتحاول طردهم منها ، وكذا فإن فلاحي عزبة الأشراك والعزب المجاورة بمحافظ الغربية يواجهون عسف وزارة الأوقاف التى تواطأت مع مدعي الملكية الذين قاموا برفع مئات القضايا على المزارعين لطردهم من أراضيهم التى تقتات منها آلاف الأسر ، كما يقوم موظفو وزارة الزراعة بغلق المياه على أراضيهم ويمتنعون عن صرف التقاوى والسماد ، يفعلون كل ذلك فى محاولة لإجبارهم على ترك أراضيهم رغم أن هيئة الإصلاح وزعت عليهم الأرض فى الستينيات واستلمت جزءًا من ثمنها.

يشرح محامى فلاحى قرية الأشراك بمحافظة البحيرة تطور قضيتهم خاصة بعد عودة مدعي الملكية بقيادة المدعو " طلعت فهيم خطاب " للاستيلاء على أراضيهم وقيامه برفع نحو 200 قضية ضدهم وتحرير محاضر كيدية ملفقة لإجبارهم على تركهم أراضيهم ومنازلهم ، وأفاد الفلاحون بأن معظم القضايا تم تأجيلها لشهر أكتوبر 2014 لتقديم المستندات.

واستعرض ممثل نقابة الفلاحين السيد عبد الباسط طه مشاكل نقص وتلوث مياه الرى حيث يتحكم أتباع مدعى الملكية وبعض الموظفين فى قواسين المياه ويحرمونهم من أخذ نصيبهم مما يؤدى إلى رى زراعاتهم بمياه المصارف وتأثير ذلك فى صحتهم ، وأضاف عبد الباسط أن مياه الشرب الملوثة تؤدى إلى تساقط عشرات المتوفين والمرضى ما بين مريض بالسرطان والفيروس الكبدى لدرجة أن هناك أسرًا بكاملها مصابة بهذه الأمراض.

كما أشار عضو مجلس إدارة الجمعية الزراعية السيد السعيد عبد العزيز إلى فساد إدارات وزارة الزراعة ( الإصلاح – الأملاك – الرى ) بعد قيامها بتجميع الفلاحين وتقديم الشكاوى لهذه الجهات لحل مشكلاتهم لكنهم تواطأوا مع مدعى الملكية فأدى إلى مزيد من التعدى على حقوق الفلاحين .

وبين السيد صبحى هنية محامى الفلاحين أن معظم أوراق مدعى الملكية مزورة ولا تصلح دليلاً لملكيته حيث تم الاعتراض على قرارات لجنة القسمة كما تم تقديم مستندات ملكية الفلاحين الصادرة من هيئة الإصلاح الزراعى للفلاحين ( استمارات البحث – أقساط دفع الثمن – طلبات بتسليم عقود الملكية ).

وأشار هنية إلى اعتراض الفلاحين على عقود الملكية المزورة وتجاهل هيئات الدولة جهودهم خاصة بعد قيام أجدادهم وآبائهم باستصلاح هذه الأرض وبناء المنازل منذ أكثر من مائة عام وللأسف يرفض الخبراء وممثلو وزارة الزراعة والعدل حقوق الفلاحين فى تملكهم الأرض بسبب وضع اليد الطويل المكسب للملكية ويضربون بنصوص الدستور عرض الحائط.

وفى لقاء آخر مع فلاحي الإصلاح الزراعى بالأبعدية بمحافظة الفيوم استعرض فيها الأستاذ ناصر عبد الجليل المستشار القانونى لنقابة صغار المزارعين بالفيوم "أحقية الفلاحين فى تملك أراضيهم من هيئة الإصلاح الزراعى " حيث بين أنهم يضعون أياديهم أبًا عن جد على مساحات مختلفة من الأراضى تتراوح بين عشرين قيراطًا وفدانين بحوض ظهر تونس وبطن تونس بناحية الأبعدية مركز يوسف الصديق بالفيوم بعد أن استصلحوها وزرعوها ومازالوا يزرعونها حتى اليوم.

وفى عامى 66 ، 67 قامت هيئة الإصلاح الزراعى باستخراج بطاقات زراعية لهم من جمعية كرم التابعة لهيئة الإصلاح الزراعى بعد أن استولت عليها ضمن أطيان محمد أمين والى تطبيقًا لقوانين الإصلاح الزراعى وسلمتها للفلاحين بنية تمليكها لهم.

واستمر وضع أيادى الفلاحين على الأرض هادئًا وظاهرا ومستمرا واشتروا كراسات شروط البيع التى تنطبق شروطها عليهم فى تاريخ 2/5/1989م من الهيئة التى تقاعست ولم تستكمل إجراءات تمليكهم الأرض وخالفت بذلك نصوص قوانين الإصلاح الزراعى.

وقد فوجئوا بقيام عائلة والى ومنهم محمود محمد أمين والى وعمر إسماعيل إبراهيم وأحمد إبراهيم أبو جبل ومنى عبد الرحمن متولى ويوسف أمين والى ومحمد محمود أمين وخالد محمود أمين وأحمد محمد أمين يطالبونهم بالإيجار بزعم أنهم ملاك للأرض متجاهلين أحقيتهم فى تملك أراضيهم ، وتقدم الفلاحون باعتراضات لهيئة الإصلاح الزراعى الذى بين خبيرها أثناء مباشرة مأموريته بانطباق شروط شراء الأرض عليهم ، وأصدرت اللجنة القضائية أحكامًا فى الاعتراضات المقدمة من الفلاحين بعدم اختصاصها تطبيقًا لنصوص قانون المرافعات وقانون مجلس الدولة الذى أعطى لمحاكم مجلس الدولة الاختصاص فى الفصل فى هذه المنازعات وذلك تطبيقًا لنص المادة 13 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952م.

واستطرد عبد الجليل مؤكدًا أنه كان يجب على الهيئة أن تستكمل إجراءات تملك الفلاحين الأرض لكنها خالفت القانون بقرارها السلبى رغم وضوح نصوص قوانين الإصلاح الزراعى فى أحقيتهم بالشراء حيث إن هذه القطع تم الاستيلاء عليها من الإصلاح الزراعى ولم يقم ورثة والى بالتقدم بطلبات الإفراج عنها فى المواعيد التى رسمها القانون وبالتالى أصبح هذا الاستيلاء وفقًا للقوانين نهائيًا وكان يجب أن تتخذ الهيئة الإجراءات اللازمة لتمليك الأرض لصغار الفلاحين واضعي اليد عليها.

لكن الهيئة خالفت نصوص القانون رقم 3 لسنة 86 الذي أعطى الحق للفلاحين فى تملك أراضيهم وذلك منذ تقدمهم بطلبات الشراء فى 2/5/89 .

وأشار عبد الجليل إلى قيام الهيئة فى سابقة غريبة باستصدار قرار مخالف للقانون بالإفراج عن أراضى الفلاحين لعائلة والى الأمر الذى يعد قراره إخلالاً بالقانون ويستوجب الإلغاء لأحقية المزارعين واضعي اليد على الأرض فى تملك أراضيهم التى يضعون أياديهم عليها منذ عشرات السنين.

والجدير بالذكر أن مركز الأرض تقدم عن الفلاحين بالطعن رقم13275 لسنة 69ق أمام محكمة مجلس الدولة مطالبًا بأحقية الفلاحين فى تملك أراضيهم.

 

5- نقص وتلوث مياه الرى فى مناطق عديدة:

يؤكد تقرير البنك الدولى الأخير أن نقص المياه يهدد أكثر من 80 دولة وأن 40% من سكان العالم يشربون مياهًا لا تتوافر فيها أبسط قواعد الصحة ، ومن مساوئ منطقتنا التى نعيش فيها هو ندرة المياه وهو ما تؤكده معظم الدراسات التى تناولت  موضوع  أزمة المياه واختلفت وجهات النظر في التعامل مع هذه المسألة حيث تنطلق بعض وجهات النظر من زاوية اقتصادية " ضيقة " تعد المياه سلعة يجب أن تحقق ربحاً ، و من ثم يجب أن تباع لمن يطلبها ، و يرى هؤلاء أن المياه عنصر يتسم بالندرة النسبية ، حيث كميات المياه العذبة المتاحة على الأرض لا تتجاوز 0.06% من حجم المياه الكلي ، وفى ضوء التزايد السكاني المضطرد ، فإن ندرة المياه تعد أحد محددات النمو  الاقتصادى بشكل عام وخاصة النمو الزراعي ، ولقد حذر معهد المصادر المائية البريطاني من أن جميع دول العالم عرضة لأزمة مياه خطيرة اعتبارا من هذا العام وأنه حتى الدول الغنية بالمصادر المائية قد لا تستطيع تجنب هذه الأزمة . وفي الشرق الأوسط ، تشير مراكز الدراسات إلى أن  دول المنطقة تقف على حافة أزمة موارد طبيعية ، حتى إنه يمكن للصراع على المياه أن يتسبب في حروب محتملة . وجدير بالذكر أن مسألة المياه تحتل مكانا هاما في بنود مفاوضات التسوية السياسية الجارية الآن على قدم وساق بين إسرائيل والدول العربية ودول الجوار.

وركزت تقارير صحفية حول قضية المياه على اعتبار أنها بدأت تشكل ملامح أزمة حقيقية خلال القرن الحادي والعشرين، وحاولت أن تلقي الضوء على مشكلة المياه في مصر بشكل عام، وكمية ونوعية المياه المطلوب توافرها للاستخدام الزراعي واللازمة لإنجاز عمليات التوسع الأفقي  والرأسي واستمرار عملية التنمية الزراعية قدماً.

وكشفت وزارة الموارد المائية مؤخراً أن 90 ألف مواطن سنوياً يموتون بسبب الأمراض الناتجة عن تلوث المياه، من بينهم 19 ألف طفل، تعاني 98% من القرى من عدم وجود شبكات صرف صحي ، واعترفت بإهدار 14 مليار متر مكعب من المياه سنوياً تضيع في الصرف الزراعي والصناعي. تقوم الوزارة بخلط 5,5 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعي لإعادة استخدامها في الزارعة فقط مع حظر استعمالها في الشرب، واعترفت الوزارة أيضاً بالانخفاض المستمر في منسوب المياه الجوفية نتيجة للسحب الجائر، مما يضر بمخزون المياه الجوفية على المدى الطويل. تفقد مصر سنوياً من 15 ألفًا إلى 20 ألف فدان نتيجة للتعدي على الأراضي الزراعية.

والجدير بالذكر أن مشكلات المياه في مصر تتفاوت ما بين عدم توافر مياه الري وتلوث مياه الشرب وانعدام خدمات الصرف الصحي... إلخ ، وفي واقع الأمر إن هذه المشاكل في أغلبها مرتبطة بإهمال حكومي وغياب دور السلطة المركزية في التخطيط وغياب أو فساد المحليات لتوفير خدمات المياه بمناطق على حساب مناطق أخرى في ظل غياب تخطيط مركزي وفساد موظفي المحليات. لعل أهم المشكلات المائية لدى الفلاح المصري والتي تؤثر بالأساس على إنتاجه الزراعي وعلى الاقتصاد ككل هي مشاكل الري والصرف. وتوجد مشاكل عامة مرتبطة بمياه الري تتكرر في جميع المحافظات والقرى في شمال مصر وجنوبها . تنحصر المشكلة الأساسية للري دوماً في نقص كمية مياه الري وعدم وصولها بالقدر الكافي إلى مزارعي نهايات الترع مع قلتها في الترع الرئيسية. ومن ضمن المشكلات الأطوال الكبيرة للترع العمومية والفرعية، مما يؤدي إلى صعوبة التعامل معها نظراً لقلة عدد مفتشي الري بالمحافظة، هذا إلى جانب سرعة نمو حشائش القاع والحشائش الجانبية بدرجة عالية لنفس السبب السابق. وكذلك الانهيارات المتعددة في أجناب الترع نتيجة الممارسات الخاطئة للمزارعين، والتوسع في استصلاح الأراضي خارج الزمام، وعدم وجود بيانات دقيقة عن الاحتياج المائي للتركيب المحصولي السنوي نتيجة التحرر من الدورة الزراعية ، وعدم العدالة في توزيع مياه الري بين المحافظات ، وعدم وضع مساحة الأراضي الزراعية في الاعتبار عند التوزيع، بالإضافة إلى عدم تطهير الترع في الأوقات المناسبة، وعدم وجود إدارة لتطوير الري بكل محافظة مما يؤدي إلى نقص واضح في مياه الري، وعدم وجود إدارة للتوجيه المائي بكل محافظة. ويؤثر الفساد بدوره فى سوء التخطيط، حيث يتم التمييز بين كبار المزارعين وصغار المزارعين عند تقديم الخدمات المحلية.

ويتدخل الفساد بشكل سافر في أزمة نقص مياه الري، فعلى سبيل المثال في البدرشين والعياط باتت آلاف الأفدنة مهددة بالبوار بسبب استمرار نقص المياه وصعوبة وصولها إلى القنوات الفرعية المتفرعة من ترعة الدهشورية ؛ حيث أدى قيام أحد الوزراء السابقين بتكسية الترعة أمام قصره ومزرعته إلى حدوث خلل في منسوب المياه وصعوبة مرورها في الجزء الذي تمت تكسيته وتحول التكسية إلى حاجز مانع لمرور المياه بسبب ارتفاعه عن مستوى مجرى الترعة، وقامت مديرية الري بمساعدة الوزير السابق في تنفيذ عملية التكسية الخاطئة ولتلافي الخطأ قامت المديرية بضخ كميات كبيرة من المياه لتسهيل تخطيها الحاجز الخرساني الذي أُنشئ للتكسية.

 يضطر الفلاحون في بعض الأحيان لاستخدام مياه الصرف الصحي في الري نتيجة نقص المياه، فمثلاً يقوم مزارعو قرية الشيخ خليفة – كبرى قرى بني هلال بمركز منيا القمح ويتجاوز تعداد سكانها 20 ألف نسمة – وهم يعتمدون بصفة أساسية على أراضيهم في توفير قوت يومهم وتلبية احتياجات أسرهم ، يقومون بري آلاف الأفدنة بمياه الصرف الصحي نظراً للنقص الحاد في مياه الري أو اختلاطها بمياه الصرف ، وهو الأمر الذي يهدد أراضيهم بالبوار ، هذا بالإضافة إلى أن شوارع القرية ومنازل الأهالي تعوم فوق بركة من مياه الصرف الصحي والمياه الجوفية مما يهدد بالانهيار المحقق لهذه المنازل.

ولا يتعلق الأمر فقط بقرى الريف التقليدية، ولكن أيضاً بالأراضي حديثة الاستصلاح التي تم تسليمها لشباب الخريجين حيث يعانون من عدم تنفيذ الدولة لوعودها بتوفير المياه اللازمة، فعلى سبيل المثال قُطعت المياه عن أراضي 15 ألف شاب من الحاصلين على الأراضي في منطقة بنجر السكر بالعامرية منذ 1986، ولا تأتيهم المياه إلا مرة كل 60 يوماً وقام مراقب المشروع بقطعها عنهم تعنتاً، وذلك يخالف بنود العقد مع الدولة التي كانت تتضمن حصولهم على المياه مرة كل 15 يوماً بالتناوب. توجد بمنطقة العامرية سبع قرى ، منها خمس تفتقر لوجود المياه حتى ماتت الزراعة وتراكمت الديون على المزارعين وأصبحوا معرضين لخطر السجن، وقد صدرت بالفعل ضد نحو 700 من أهالي هذه القرى أحكام حجز وتبديد بسبب العجز عن سداد الأقساط ، ومع غياب دور الدولة في حفر الآبار لتوفير المياه الجوفية للرى يلجأ الأهالي في بعض الأحيان لحفر الآبار بأنفسهم، مما يعرضهم لأخطار جسيمة. على سبيل المثال حاول بعض المزارعين في منطقة الاستصلاح بالمنيا حفر بئر ولكن انهارت البئر بعد أن وصلوا إلى عمق عشرة أمتار وكانت النتيجة وفاتهم تحت الرمال.

ويسبب تفشي ظاهرة الرشوة والفساد الإداري فى بروز مشكلة أخرى كبرى من مشاكل المياه في الريف، وهي مشكلة عدم العدالة في توزيع مياه الري ، حيث لا يحصل كل فلاح على نصيبه من المياه حسب احتياجاته الزراعية. ويسبب عدم العدالة في خسارة زراعية تترك أثرها فى عملية التنمية الاقتصادية على المدى القصير والبعيد، حيث تتسبب في موت وضعف إنتاج المحاصيل وتدهور وملوحة وتصحر بعض الأراضي، وبطالة العمالة الزراعية، وهجرة الفلاح من القرية إلى المدينة بالإضافة إلى تكرار حوادث التعدي والقتل بين المزارعين وانتشار الأمراض الاجتماعية مثل الحقد والكراهية. ويتضرر صغار الفلاحين وأسرهم بالأساس من عدم عدالة التوزيع فتتدهور حالتهم الاقتصادية والاجتماعية والنفسية على وجه السواء، وتكون النتيجة أن يفقد الفلاح الصغير الثقة بالإدارة الحكومية ، وليس هناك مسئول عن هذا سوى وزارات الري والتخطيط والزراعة. ومن مظاهر عدم تحقق العدالة في توزيع المياه : عدم وصول المياه إلى نهاية الترع، قلة عدد أيام المناوبات، عدم انتظام المناوبات، قلة منسوب المياه، وجود خلافات ومشاكل بين المزارعين، سوء العلاقة بين مسئول الري والمزارعين، وعدم زراعة المحاصيل في المواعيد المناسبة، وضعف الإنتاج الزراعي للأراضي. وفي محافظة سوهاج على سبيل المثال توجد أراضي قرى بأكملها تموت عطشاً، وتوجد أراضٍ أخرى تصل لها المياه 5 أيام في الأسبوع وأراضٍ أخرى يومين فقط.

بالإضافة لكل ما سبق، يعاني الفلاح من أن مياه الشرب ملوثة تلوثًا كيماويًا بسبب أخطاء الحكومة الجسيمة في معالجة المياه أو في شبكات الصرف التي تختلط فيها مياه الصرف بمياه الشرب..إلخ. والتلوث الكيماوي للمياه هو أشد أنواع التلوث ضرراً، فكثير من النفايات الكيماوية تبقى زمنا طويلاً إما في صورة ذائبة أو عالقة في المياه، ويترسب البعض منها للقاع تدريجياً مكونا مواد أشد سمية ، كما أن بعض المواد يزداد تركيزها من خلال الدورات البيولوجية المتكررة علاوة على تلوث المياه الجوفية بمياه المجارى والبيارات. وتعاني أعداد كبيرة من الفلاحين من أمراض متعلقة بتلوث المياه، حيث تؤثر السميات مثل المبيدات والفلزات الثقيلة في مياه الشرب والمنتجات الغذائية وهذا يؤثر فى الصحة البشرية وكذلك فى الحيوانات والطيور والأسماك ، ومن الأمراض الشائعة بسبب تلوث المياه مرض الفشل الكلوي والتهاب الكبد الوبائي الذي تصل نسبة الإصابة به إلى نحو 10% في أنحاء مصر.

وفى هذا السياق نظمت نقابة الفلاحين ببنى سويف أمام مكتب المحافظ وقفة احتجاجية خلال شهر مارس الماضى اعتراضًا على قرار وزارة الرى بغلق مأخذ المياه لأراضيهم الواقعة فى خارج زمام بياض العرب بنى سويف شرق النيل التى تبلغ مساحتها أكثر من ألف فدان ويتعايش على إنتاجها مئات الأسر الفلاحية ، وتطالب النقابة بإلغاء القرار حرصًا على حقوق المزارعين وحماية أراضينا الزراعية.

كما يعانى فلاحو قرى الظهير الصحراوى من نقص المياه وفى لقاء عقده المركز حول هذا الموضوع أكد الفلاحون معاناتهم من مشاكل نقص المياه وإهمال وزارة الزراعة والرى وفساد موظفيهما وأكدوا أنهم يعانون من:

·                                                    قلة المياه وطول فترة المناوبة.

·     عدم قيام الجمعيات الزراعية بتطهير المساقى الفرعية والاكتفاء بالفروع الرئيسية مما يعوق وصول المياه إلى أراضيهم.

·     فقدان العدالة فى توزيع مناوبة المياه.

·     سوء إدارة المسئولين على توزيع المياه لأنهم يراعون مصالح المستثمرين الكبار ولا يعنيهم صغار المزارعين لأن تسليم الأراضى فى الطبيعة يؤدى إلى وجود المستثمرين على أوائل المساقى الفرعية الرئيسية مما يؤهلهم لأخذ كل المزايا الجغرافية والإدارية.

·     عدم إصغاء المسئولين لمطالب الفلاحين فى المطالبة باستمرارية مياه الرى لطبيعة الأراضى الصحراوية لأن انقطاعها أو وقفها يؤدى إلى إتلاف المحاصيل وقلة الإنتاج وسوء معيشة الفلاح فى كل أمور حياته.

وطالب المركز المسئولين بحل مشكلات قرى الظهير الصحراوى لضمان وصول المياه إلى أراضيهم بشكل كاف ، وتعويض الفلاحين عن الأضرار التى لحقت بهم بسبب إهمال موظفى الجمعيات ووزارة الزراعة والرى فى حل مشاكلهم.

 


6- ارتفاع إيجارات الأراضى الزراعية إلى خمسين ضعف ما كانت عليه قبل تطبيق القانون 96:

يعانى مستأجرو الأراضى الزراعية ، خلاف ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج ، من ارتفاع بالغ لإيجارات الأراضى الزراعية حيث وصل سعر إيجار الفدان فى بعض المناطق إلى نحو عشرة آلاف جنيه فى العام ويتراوح إيجار الفدان فى معظم أراضى الدولة بين أربعة آلاف وعشرة آلاف جنيه.

ففى مقابلة مع أهالى نجع راتب بناحية النغاميش بسوهاج أفادوا بأن آباءهم يزرعون أراضيهم منذ بدايات القرن الماضى وقد ملكهم عبد الناصر تلك الأراضى إلا أنهم فوجئوا بمطالبة هيئة الأوقاف بإيجارات مرتفعة عن زراعتهم لأراضيهم ، ويستطرد الأهالى بأنهم كانوا يدفعون إيجارًا لا يزيد على 30 جنيهًا فى العام باعتبارهم من استصلحوا هذه الأرض وحولوها إلى واحة خضراء ، ثم فوجئوا برفع الإيجار إلى 1200 جنيه فى العام ، وللأسف رفعت الهيئة المذكورة سعر الإيجار إلى 4200 جنيه للفدان.

واللافت أن أهالى النجع الذين يزرعون تلك الأرض لا تزيد حيازتهم على فدان واحد يقتات منه العشرات من أسرهم مما سيؤثر فى دخولهم ويعرضهم للمجاعة على حسب قولهم ، كما قامت هيئة الأوقاف برفع أسعار إيجارات الأرض الزراعية لأكثر من أربعة آلاف جنيه .

كما رفعت هيئة الإصلاح الزراعى إيجارات الأرض إلى أكثر من أربعة آلاف جنيه إيجارًا للفدان الواحد وذلك حسب الشكاوى التى وردت للمركز من محافظات عديدة ، ويؤكد المركز مخالفة هذا القرار لنصوص الدستور والمواثيق الدولية وعدم رؤية مصدريه للوضع الاجتماعى والاقتصادى فى الريف مما يؤدى إلى تدهور حال المواطنين وانخفاض دخولهم .

 

7- ارتفاع أسعار الطاقة يؤدى إلى تدهور دخول الفلاحين:

أثر ارتفاع أسعار البنزين والسولار فى تدنى دخول الفلاحين حيث ارتفاع سعر حرث الأرض وريه بالإضافة إلى تأثير ذلك فى ارتفاع أسعار نقل الخضراوات والفاكهة ، وأدى تطوير آلات الزراعية واعتماد معظم الفلاحين عليها إلى ارتفاع تكاليف عملية الزراعة بداية من الحرث حتى الجنى وأدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف عملية الرى التى تعتمد على السولار والكهرباء التى ارتفع سعرها خلال عام 2014 إلى أكثر من 50% فى بعض المناطق وبالتالى قلت دخول المستأجرين نتيجة هذا الارتفاع.

وأدى رفع أسعار الطاقة بما يزيد على 70% فى السولار والبنزين والغاز الطبيعى إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج الزراعى بسبب ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية من أسمدة ومبيدات وتقاوٍ وغيرها وكذلك ارتفاع سعر الخدمة الزراعية لاعتماد الزراعة على الميكنة الزراعية من جرارات حرث وماكينات رى وحصاد ، وزادت تكلفة نقل المحاصيل الزراعية بنسبة 25% والأسمدة بنسبة تزيد على 30% ، مما أدى إلى أعباء كثيرة على الفلاح المصرى الذى يهدد بالإضراب عن الزراعة هذا العام بسبب الخسائر الكبيرة التى تعرض لها.

وأشارت شكاوى عديدة للمركز إلى أن ارتفاع أسعار المواد البترولية ضربة جديدة لقطاع الزراعة، حيث تعتمد الزراعة على الماكينات الحديثة فى الرى والحصاد ويؤدى ارتفاع أسعار المواد البترولية إلى إضافة عبء جديد على المزارعين، وهو زيادة تكلفة مستلزمات الإنتاج، ليس فقط فى عمليات الرى والحصاد ولكن أيضا فى نقل السلع والمواد الغذائية من وإلى الأسواق وبين المحافظات، ويمتد تأثير ارتفاع أسعار المواد البترولية إلى المواطن أيضا، حيث يؤدى القرار إلى ارتفاع أسعار السلع والمنتجات الغذائية ذات الأصل الزراعي، وجدير بالذكر أن ارتفاع أسعار المواد البترولية سوف يؤثر بالدرجة الأولى فى أصحاب الحيازات الصغيرة وصغار المزارعين الذين يعانون أصلا من مشكلات عدم توافر مستلزمات الإنتاج من أسمدة وتقاوٍ ونقص وتلوث مياه الرى.

وأكدت الشكاوى أن ارتفاع أسعار المواد البترولية سوف يؤثر بشكل مباشر فى قطاع الزراعة، وخاصة السولار الذى هو عماد الزراعة المصرية ، ويستخدم فى قطاع الزراعة فى أعمال الرى والحصاد والحرث ونقل البضائع من المزارع إلى الأسواق وبين المحافظات، وزاد استخدام السولار فى الفترة الأخيرة فى تشغيل ماكينات الرى بعد انخفاض منسوب المياه بالترع. كما يؤدى ذلك إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج الزراعي، ومن ثم ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة، ففى سوق العبور مثلا تم رفع تكاليف نقل المحاصيل الزراعية من النوبارية إلى سوق العبور من 150 إلى 300 جنيه ، وبالتالى فإن الزيادة فى الأسعار قد تتعدى الضعف، لأن هناك زيادة فى مصاريف الرى والحرث والحصاد والنقل والتسويق وهذه الزيادات المتراكمة سوف تشكل عبئا كبيرا على المزارعين ومن ثم على المواطنين.

وأشارت الشكاوى إلى أن تبرير رفع أسعار المواد البترولية بأنه خطوة لتحقيق العدالة الاجتماعية هو كلام غير منطقى وليس له أساس من الصحة، لأن سعر السولار ارتفع بنسبة 78%، علما بأن السولار لا يستخدمه سوى الفقراء ومحدودى الدخل، سواء فى قطاع الزراعة أو النقل والمواصلات، وكان يجب على الحكومة إن كانت فعلا تريد تحقيق العدالة الاجتماعية أن ترفع أسعار بنزين 92 فقط وليس بنزين 80 أو السولار، وسوف تشهد الشهور القليلة القادمة زيادة كبيرة فى أسعار السلع الغذائية والحاصلات الزراعية.

يقول أنور عبد المعطى "فلاح" بقرية إنشاص البصل بالشرقية ناعيًا همه : أدى ارتفاع أسعار الوقود إلى ارتفاع أسعار المحاصيل خاصة المحاصيل الصيفية المائية مثل الأرز الذى يحتاج إلى ري يومى ، وتواكب هذا القرار مع موسم زراعة الأرز الذى يجب أن يكون مغطى بالمياه فالفلاح هو أكثر المتضررين من تلك الزيادة في سعر السولار لاعتماده على تشغيل ماكينات الرى والجرارات الزراعية.

أما عويس محمد "فلاح" من الشرقية فيقول: نحن من يدفع فاتورة ارتفاع أسعار الوقود لاعتمادنا عليه فى تشغيل ماكينات الحرث والرى والحصاد والنقل والتوزيع فقد ارتفعت تكلفة نقل المحاصيل إلى 50% هذا غير أن السولار غير متوافر فالطوابير طويلة بمحطات الوقود وبعد كل هذا الانتظار يتعذر الحصول عليه.

ويؤكد كلام سابقيه سيد منصور "مزارع" بمحافظة أسيوط ويذكر أن ارتفاع أسعار الوقود يترتب عليه ارتفاع جميع أسعار المستلزمات الزراعية وخاصة ارتفاع تسعيرة الآلات الزراعية المستخدمة وارتفاع أسعار الرى والحرث والدرس وسؤالى للحكومة: ماذا يفعل الفلاح أمام هذه الزيادات؟ ولماذا ارتفع سعر وقود الغلابة؟

ويختتم إسماعيل عماد الطباخ "مزارع" بمركز البدارى محافظة أسيوط الحديث قائلاً : ارتفاع أسعار الوقود أتى بالسلب على الفلاح والطبقات الفقيرة هى المتضررة إضافة إلى ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات والتقاوى والنقل وبعد كل هذا سعر بيع المحصول لا يغطى تكليفه.

ومن جانبه يقول سكرتير الجمعية التعاونية المركزية بكفر الشيخ : إن ارتفاع أسعار السولار والبنزين سوف يؤثر بشكل سلبى فى الفلاح لأن جميع الآلات التى يستخدمها الفلاح فى عمليات الحرث والرى والحصاد تعمل بالسولار، فزيادة سعر السولار والبنزين سوف يؤدى ذلك إلى زيادة سعر إيجار المعدات الزراعية، فبعد ما كان الفلاح يستأجر ماكينة الرى بنحو 200 جنيه أصبحت تقريبا 300 جنيه، وهناك بعض المحاصيل يحتاج إلى الرى يومًا بعد يوم أو كل يومين كل ذلك مصاريف يتحملها الفلاح. مشيراً إلى أن الأنظمة تتعدد ويبقى حق الفلاح مهضومًا فكل الأنظمة السابقة أهدرت حق الفلاح مع العلم أن الفلاح هو من دعم الرئيس الحالى ومن دعم الدستور أيضا وأن الفلاح ليس له مطالب غير توفير احتياجاته.

ويضيف أن فدان الأرز يحتاج إلى ماكينة الرى يوما بعد يوم وأن الفدان يأخذ تقريبا 20 جالون سولار كل ذلك مِنْ زيادة يتحملها الفلاح وأن فدان الأرز تكلف هذا العالم نحو 1500 جنيه بزيادة كبيرة عن العام الماضى وأن الحكومة لا تسمح للفلاح بتصديره لكى ترفع العبء عنه.
ويحذر من أن الفلاح مهدد فى مصدر رزقه ويجب على الحكومة اتخاذ الإجراءات اللازمة لحل المشكلة، فالفلاح فعلاً فى معاناة شديدة، فهو لم يخرج من أزمة الرى حتى تلاحقه أزمة الأسمدة والسولار والبنزين.

ويقول عمران أبو بطة ، عضو الجمعية التعاونية بكفر الشيخ، إن الفلاح سوف يتأثر بشكل كبير بسبب زيادة أسعار البنزين والسولار؛ حيث إنه أكثر المتضررين من هذا القرار، وإن كل الأسعار فى ارتفاع كبير ما عدا المحصول هو الذى ينقص سعره فمحصول القطن كان العام الماضى نحو 1500 جنيه أصبح 1000 جنيه هذا العام.

وأكد محمود العقباوى من شربين دقهلية أن المواد البترولية وخاصة السولار منها هى العمود الفقرى الذى تقوم عليه عملية زراعة المحاصيل فقبل هذه القرارات كانت تكلفة الفدان فى عملية الحرث تبلغ من 100 إلى 120 جنيهًا ، أما بعد القرارات فأصبحت تكلفت حرث الفدان 240 جنيها حتى عملية التجهيز وفى عملية الرى الحديث، والذى يعد من أرخص أنواع الرى فى مصر فقد يأخذ الفدان 40 جنيها للسولار بالرية الواحدة فى حين متوسط رى المحاصيل قد وصل من 2 إلى 3 ريات فى الأسبوع خاصة فى فصل الصيف، وفى ظل ارتفاع درجات الحرارة، وذلك فى التربة الرملية التى تنتج البطاطس والفاصوليا واللوبيا والطماطم والفلفل، أما فى التربة الطينية يأخذ الفدان متوسط من ريتين إلى 3 ريات فى الأسبوع حسب درجة تحمل المحصول المنزرع بتكلفة 60 جنيها للسولار بالفدان فى الرية الواحدة ، فى حين كانت التكلفة قبل قرارات ارتفاع الأسعار تبلغ الرية 30 جنيها للفدان، وقد يكون بذلك إجمالى متوسط عدد الريات التى يأخذها الفدان فى الأرض الرملية 21 رية، أما فى الأرض السمراء "الطينية" فقد وصل عدد الريات إلى 14 رية.

وقال صابر سويلم بمركز أبنوب : إن أسعار السولار والكهرباء الجديدة تسببت في رفع مصاريف الري من 48 جنيهًا إلى 72 جنيهًا بالإضافة إلى ورود معلومات عن وجود زيادة في أسعار السماد من 75 جنيها إلى مائة جنيه ناهيك عن ارتفاع سعر نقل المحاصيل والأيدي العاملة وديون البنوك التي باتت تهدد الفلاح بدخول السجن في ظل تخلي الحكومة عن مساعدة صغار المزارعين وتقديم الدعم على البطاقات الزراعية.

 

8- تزايد مشكلات قاطنى العزب والنجوع وحبسهم بسبب إيجارات منازلهم:

مازالت مشكلة تمليك المزارعين منازلهم بالعزب والقرى مستمرة وأدى ارتفاع إيجارات أراضى أملاك الدولة وحق الانتفاع إلى ارتفاع إيجارات البيوت التى أقامها صغار الفلاحين منذ عشرات السنين ، كما أدى قيام هيئة الأوقاف برفع إيجارات أراضيها التى أقام عليها الفلاحون منازلهم فى العزب والنجوع إلى تدنى دخولهم وحبس بعضهم بسبب تعثرهم فى سداد إيجارات البيوت أو ثمن الأرض المغالى فيه ؛ ففى قرية الفرعونية بمحافظة المنوفية يتضرر الأهالى من قيام هيئة الأوقاف بتحرير محاضر ضد الأهالى لطردهم من منازلهم التى أقامها أجدادهم بدعوى عدم دفعهم الإيجارات المتأخرة ويرفضون السماح لهم بتوصيل المرافق إلى بيوتهم ، كما يرفضون إعطاءهم عقودًا تفيد ملكيتهم لمنازلهم ويستغيث مئات الأسر من سياسات البلطجة التى تتبعها الوزارة وتؤدى إلى حبس عوائلهم.

ويحكى صلاح يونس من نجع راتب بمحافظة سوهاج عن تراجع وزارة الأوقاف عن قرارها رقم 252 الصادر عام 2011 بتمليكهم منازلهم التى أقامها أجدادهم والذى نص على إجراء تسوية مالية مع ملاك البيوت على أن تخصم هذه المساحات من الأراضى الزراعية بحيازات الهيئة وقامت الهيئة بالفعل بعمل معاينات تؤكد قدم إنشاء هذه المنازل وتم إحالة ملفاتهم إلى لجان التصالح إلا أن اللجنة رفضت المعاينة وظل قرارها حبيس الأدراج ، ويطالبون أهالى القرية بمبالغ طائلة ثمنًا لإيجارات منازلهم المتأخرين عن سدادها متجاهلين قيام آبائهم وأجدادهم ببناء هذه البيوت.

ومازالت هيئة الأوقاف تطارد مزارعى عزبة رشوان بمحافظة بنى سويف وتحبس العشرات منهم بدعوى امتناعهم عن دفع إيجارات منازلهم التى بناها أجدادهم فى مخالفة واضحة للقوانين والدستور الذى كفل حقوق المواطنين فى مأوى لأسرهم.

 

9- ارتفاع أسعار العلف وتدهور نوعيته يؤدى إلى انتقاص دخول المزارعين:

تواجه الثروة الداجنة فى مصر كل عام عدة أخطار خاصة مع قرب حلول فصل الشتاء، التى تتمثل فى "مرض إنفلونزا الطيور" هذا الوباء الذي يهدد الثروة الداجنة في مصر بالانقراض، بل يهدد حياة الإنسان نفسه ، وتعد الثروة الداجنة فى مصر من مقومات الاقتصاد المصري حيث يعتمد عليها قطاع استهلاك اللحوم ، كما أنها تعد بديلاً للحوم الحمراء لرخص سعرها فى مصر، حيث يصل حجم الاستثمار فى هذا المجال من 15 إلى 20 مليار جنيه، ويعمل بها أكثر من 1,5مليون عامل مصري، ويعتمد على هذه الصناعة أكثر من 100 حرفة ومهنة.

ورغم ذلك فهي تعاني من تدهور ملحوظ وعشوائية تؤدي إلى خسارة قادمة للدولة ومستثمري قطاع الدواجن؛ مما يعود بالضرر على المستهلك الذى يشترى سواء دواجن للحم أو بيض مائدة عالى السعر ومنخفض الجودة.

يقول رجب عبد العظيم صاحب مزارع دواجن : قطاع الدواجن فى مصر يعاني العديد من المشاكل التى يجب أن يجد لها المسئولون حلاً ، وفى مقدمتها "ارتفاع أسعار الأعلاف" التي تؤثر بشكل كبير فى أصحاب المزارع مثل الفول الصويا والذرة التى يتم استيرادها من الخارج، حيث وصل سعرها إلى 3500 جنيه للطن بسبب قرارت الحكومة الأخيرة برفع الدعم عن الوقود والبنزين.

وأضاف أن أسعار بيع الدواجن متفاوتة، ولا تتناسب مع تكلفة الإنتاج، مشيرًا إلى أن الذي يتحكم فى سعر بيع الدواجن "البورصة" بدون رعاية للمنتج.

وأشار إلى أن تربية الدواجن تعتمد على العشوائية ، ولا يمكن للمربي أن يعمل دراسة جدوى للمشروع حتى تتطور وينعكس آثارها على الاقتصاد المصرى ؛ لذلك يجب على الدولة التدخل في تحديد سعر الأعلاف حتى يستقر سعر الدواجن؛ مما يؤدى إلى تحقيق أرباح معقولة، وتحقيق توازن بين التكلفة وسعرالبيع للدواجن في الأسواق المحلية، وحتي يمكن أن يتم تصديرها بصورة جيدة.

ومن جانبه، يقول حسين سيد صاحب مزارع دواجن : المشكلة الرئيسية للثروة الداجنة فى مصر تتمركز بصورة كبيرة فى عدم ثبات سعر مكونات الأعلاف وتفاوت أسعارها بصورة كبيرة، حيث ترتفع وتنخفض دون مراعاة للأسعار واحتياجات الأسواق من اللحوم البيضاء وبدون دراسة حقيقية للسوق؛ مما يسبب خسائر عدة.

ويقول "عثمان محروس" مهندس زراعى : الإدارة تربي دواجن لبيض المائدة، مشيرا إلى أن مستلزمات الإنتاج تسبب أزمة كبيرة فى تربية الدواجن سواء التسمين أو البياضة، فأسعار مكونات الأعلاف من ذرة صفراء وكسب وفول صويا يتم استيرادها بأسعار عالية جدا؛ حيث إن الذرة الصفراء تمثل 65% من صناعة الأعلاف، وهى الركيزة الأساسية فى الصناعة الموجودة، كما يوجد تعدد فى مصادر الشركات التى تطرح الأمصال واللقاحات مما لا يعطى جودة فى الإنتاج للمدى المطلوب.

وأشار إلى ضرورة تفعيل البروتوكول الذي تم بين كلية الطب البيطرى وقسم الإنتاح الحيوانى بوزارة الزراعة ؛ حتى يتم تقليل الخسائر لأصحاب المزارع.

ويقول الدكتور سوريال صليب طبيب بيطرى ومشرف على مزارع دواجن : هناك أزمة كبيرة فى صناعة الدواجن أبرزها وأهمها نظام الاحتكار المتبع فى استيراد مستلزمات الإنتاج للمزارع، وأهمها الأعلاف التى تمثل 90% من تكلفة الدورة، فالأعلاف هى العنصر الحاكم فى الميزانية.

يقول سعد حسين من الوراق بالجيزة مربى مواش : إن التسمين يحتاج لسلالات للإنتاج فى أقل وقت لتصل إلى "2" كيلو وربع فى 36 يوما، مضيفًا أن التربية الحديثة تحتاج إلى إمكانيات لتربية الدواجن تتمثل في بطاريات محددة للتسمين أو البياضة، ويكون المكان مكيفا بالهواء وله مصادر تهوية جيدة ، وأكد أن ارتفاع أسعار العلف من الردة والكسب والتبن يؤدى إلى زيادة أسعار اللحوم.

 

10- ارتفاع أسعار المبيدات وعدم الرقابة على توزيعها يؤدى إلى تلوث الغذاء وانتشار الأمراض الوبائية:

تعد مبيدات الآفات من أهم عوامل التلوث البيئي التي لها تأثير ضار فى الإنسان وصحته وفى جميع الكائنات الحية في الطبيعة حيث استخدمت هذه المبيدات (الكيماوية) على نطاق واسع عقب نهاية الحرب العالمية الثانية لمكافحة الآفات الحشرية والقوارض والفطريات والأعشاب.

وقد ازداد استخدام المبيدات الحشرية زيادة كبيرة فى كثير من دول العالم ومنها مصر خلال العقدين الأخيرين ، ويذكر أن هناك الآن نحو 250 آفة وحشرة زراعية على المستوى العالمي قد اكتسبت المناعة ضد معظم أنواع المبيدات المختلفة.

 ولا شك في أن تناقص الرقعة الزراعية في العالم كله من شأنه يؤدى إلى زيادة استخدام المبيدات بهدف القضاء على الآفات والحشرات التي تهاجم الزراعات المختلفة أملاً في الحصول على الإنتاج الوفير من المحاصيل الزراعية، حيث يبلغ نصيب كل فرد حالياً 2650 متراً مربعا ً(نحو 0.6 فدان) ستصبح في غضون الربع القادم من القرن الحالي نحو 1600 متر مربع (نحو 0.4 فدان)  أي سوف تتناقص إلى النصف تقريباً ، ومن جهة أخرى يبلغ عدد سكان العالم حالياً نحو ستة مليارات نسمة سيصبح عام 2025 نحو تسعة مليارات نسمة وهذه الزيادة تشهدها بلدان العالم الثالث في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، كما يقدر فاقد الزراعة العالمية بسبب الآفات والحشرات بنحو بليون دولار سنوياً ما يجعل العلماء في هذه الظروف إلى ضرورة البحث عن سبل لرفع الإنتاجية الزراعية ومنها استخدام المبيدات في عمليات المقاومة حتى لا ينتشر الجوع في دول العالم الثالث.

ومن هنا يتضح أهمية استخدام المبيدات في تعظيم الإنتاجية الزراعية، ولكن مع الوضع في الاعتبار عدد من المحاذير والاشتراطات الدولية والإقليمية والمحلية عند الاستخدام الآمن لضمان الوصول إلى نتائج مرضية تساعد على توافر الغذاء اللازم وفى الوقت نفسه يكون آمنًا صحياً.

وتبلغ نسبة استخدام المبيدات في الدول النامية 7% من حجم الإنتاج  العالمي  لكنها الأكثر سمية وخطورة على الإنسان والحيوان والنبات، حيث إن غالبيتها من المبيدات المقلدة التي تعد من أكبر المشاكل في صناعة المبيدات والمعروفة بأعلى نسبة سمية وبحلول عام 2010 ستكون 76 % من المبيدات في العالم مقلدة.

ويؤكد المركز أن تلوث التربة الزراعية يعنى الفساد الذى يصيبها فيغير من صفاتها وخواصها الطبيعية أو الكيميائية أو الحيوية بشكل يجعلها تؤثر سلباً بصورة مباشرة أو غير مباشرة على من يعيش فوق سطحها من إنسان وحيوان ونبات وتعد أهم مصادر التلوث :

التلوث بالمبيدات: بالنظر إلى تاريخ استخدام مبيدات الآفات فإن تطور المبيدات التاريخي يوضح بصورة قاطعة نوعيتها – طرق التطبيق – مجالات الاستخدام – كيفية إحداث الأثر السام Mode of action وذلك بداية من المواد غير العضوية كالزرنيخ والرصاص وغيرهما ثم المواد ذات الأصل النباتي Botanical والمدخنات الغازية Fumigation ثم انتهاء بالمركبات المخلقة التابعة للمجموعات الفعالة سواء كلورنية وفسفورية وكاربامتية وبيرثرينات مخلقة صناعياً، وهذه المبيدات قد تكون متخصصة لآفة معينة أو قد تكون عامة أو متعددة الأغراض وتكافح أكثر من آفة.

وحتى يمكن الحد من الأضرار الناتجة عن مخلفات (متبقيات) المبيدات فلابد من القيام بتحليل مخلفات هذه المبيدات ، والمقصود بتحليل المخلفات إنما يتمثل في الكشف عن محتوى المبيد من المادة الفعالة والتأكد من مطابقتها لما هو معلم ومكتوب على النشرات وعلى العبوات وفى بطاقات التسجيل، وكذلك التأكد من مواصفات المادة الفعالة وكذلك المستحضر وتحليل المخلفات (المتبقيات ) فقد تتماثل طرق الكشف فيها ولكن الفرق يتمثل فى الدقة المطلوبة للتقدير وحدود المستويات المطلوب الكشف عنها حيث يسمح بنسبة من الخطأ في تحليل المستحضرات ولا يسمح بذلك في المتبقيات (المخلفات).

ويجب أن تراعى الشركات المنتجة وضع هذه المعلومات على العبوة مثل: مبيد الآفة ، مخلفات المبيد،  وصف المخلفات، التناول اليومي للمخلفات ،  أقصى تناول يومي افتراضية،  التناول اليومي المحسوب ، أقصى تناول يومي محسوب ، التناول اليومي المقبول للمبيد، مستوى المخلفات التي لا تحدث تأثيرات معاكسة ملحوظة ، العمليات الزراعية الجيدة،  وثيقة أو دليل الحدود القصوى لمخلفات المبيدات ، والآفة .

حيث إن هناك بعض درجة ذوبان المبيد : تميل المبيدات قليلة الذوبان فى الماء إلى البقاء فى التربة فترة أطول من المبيدات كثيرة الذوبان، فعلى سبيل المثال يمكن لمبيد D.D.T  أن يبقى فى الأرض 30سنة بسبب قلة درجة ذوبانه في الماء،  في حين يمكث مبيد الكاربو فوران فى الأرض لمدة أسبوع واحد لأن درجة ذوبانه فى الماء عالية.

وتعد مياه الري مصدرًا غير مباشر لتلوث التربة الزراعية ويأتى هذا من إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى أو صرف مياه الصرف الصحى والصناعى على المسطحات والمجارى المائية المستخدمة فى رى الأراضى الزراعية التى بدورها تحوى على عناصر ثقيلة سامة ومبيدات وأسمدة كيماوية لها الأثر فى تلوث التربة الزراعية.

ويجب أن نشير إلى أن مشكلة المبيدات الزراعية في مصر تتراوح بين  سوء أساليب تداول استخدام المبيدات التى تسمح بحرية تداول واستخدام المبيدات في السوق المصرية ،‏ الأمر الذي يصعب معه السيطرة علي عدد وأنواع المحاصيل المسموح باستخدام مبيدٍ ما عليها‏ ، كما تصعب متابعة ومراقبة متبقيات المبيدات في المنتجات الزراعية المعدة للاستهلاك،‏ وكذلك فترة ما بعد الحصاد في محاصيل الخضر والفاكهة بالذات‏،‏ إضافة إلى التجاوزات والسلوكيات الخاطئة والتاريخ المَرَضى للمزارعين وعمال الرش‏، وهي أمور بالغة الأهمية والخطورة‏.‏

كذا تؤدى الفوضى في سوق المبيدات من خلال عدد من التقارير الرسمية منها :  تقرير لجنة الشئون الصحية والبيئية ،  تقرير المجلس القومي للتعليم والبحث العلمي،  مجموعة الثمانية إلى مزيد من المخاطر على غذائنا وجودة أراضينا.

بالإضافة إلى تسببها فى انتشار مرض السرطان إذ وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية فإن مصر مازالت في «المنطقة الخضراء» «اللون الأخضر الغامق» الأقل إصابة بمرض السرطان، وتمثل نسبة الإصابة بالمرض في مصر نحو ١٥٠ حالة لكل ١٠٠ ألف نسمة سنوياً، وتتراوح بين ١٠٠ و١١٠ آلاف حالة سنوياً ، وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، إذا استمر الحال كما هو عليه الآن ستصل نسب الإصابة بالسرطان إلى الضعف إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمكافحة هذا المرض خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة. وهو الأمر الذي أكدته أوساط علمية طبية أن ثمة زيادة في نسبة الإصابة بالأورام السرطانية في مصر طيلة السنوات الماضية.

وفي مصر تكمن المشكلة في عدم وجود إحصاء على مستوى الجمهورية يمكن به معرفة نسبة الأورام في السنوات الماضية إلا أنه من الملاحظ زيادة عدد مراكز الأورام في مصر خلال السنوات الأخيرة، وحتى هذه اللحظة يتم الحصول على نسب ومعدلات الإصابة بالسرطان من أعداد المرضى الذين يترددون على معهد الأورام.

وتقدر المصادر الرسمية عدد المصابين بأمراض خطيرة مثل الفشل الكلوي أو الفيروس (C)، الفشل الكبدي، السرطان بأنها تزيد على 8 ملايين مواطن.

‏وتشكل المبيدات الزراعية بأنواعها المختلفة خطراً كبيراً على الإنسان والبيئة ؛ ولا تختصر خطورتها للمستعمل لها فقط ؛ بل تتجاوز ذلك بعد فسادها والتخلص منها عشوائياً ؛ وتقول تقارير صحفية بوجود أكثر من (345) مخزناً في السودان تحتوي على مبيدات فاسدة لا يعرف كيفية التخلص منها ، وبعد تناول أجهزة الإعلام للقضية ، انتبهت أجهزة الدولة مؤخرا إلى خطورة الأمر ، وعقد المجلس الزراعي التابع لمجلس الوزراء ملتقى حول الكيمياويات الزراعية مستعرضاً حالة المبيدات ، وبين القائمون على الأمر أن هدف الملتقى هو توعية المواطن والشركات ومحاولة إيجاد محور تعاون بين الأطراف المهتمة لمعالجة الأمر.

وقال وزير الدولة بمجلس الوزراء فى أحد المؤتمرات التى عقدت بمناسبة ترشيد استخدام المبيدات : إن الاستخدام السيئ للمبيدات أدى إلى آثار سالبة للإنسان والحيوان والبيئة ، وزاد قائلاً : آثار المواد الكيمياوية سالبة على الإنسان إذا استخدمت بطريقة خاطئة تؤثر فى الماء والهواء والتربة وأدى ذلك الاستخدام السيئ إلى تفشي بعض الأمراض ، وكشف المؤتمر عن دخول وخروج بعض المبيدات للسودان عبر التهريب ، وعدد مشاكل المبيدات التي تكمن في المتابعة في الحقل ، ووجود مخازن كاشفة ، ووجود براميل بالقرب من مصادر مياه ، وأقر المؤتمر بمشاكل صاحبت مشاريع البيوت المحمية في استخدامها المبيدات ، منوهاً باندثار ثقافة الزراعة الطبيعي. 

 وقال الخبير الزراعي " نبيل حامد حسن" : من المفترض أن ترجع المبيدات الفاسدة إلى أمريكا باعتبارها الدولة المصنعة لها ولديها محارق مبيدات بمواصفات حديثة "، كاشفاً عن عدم وجود محرقة بالسودان ، موضحا ًوجود(5) أطنان ويكلف حرق الطن من المبيدات (4) آلاف دولار ، وعرف المبيدات من ناحية قانونية بأنها (سموم اقتصادية) والسّميّة تعتمد على الجرعة ، وأشار إلى أنه لا توجد مادة كيمياوية غير سامة ؛ سواء كانت (طبيعية أو مصنعة) ، ومنها واسع المدى ومتخصص ، وبين أنواع السميات (6) أنواع هي (فائقة السمية ، شديدة السمية ، عالية السمية ، معتدلة السمية ، نسبياً غير سامة، من ناحية علمية)، وقال لانسمح كـ( لجنة فنية تابعة للمجلس القومي للمبيدات بدخول ( الفائقة ، الشديدة) ، كما لا نسمح بدخول مركبات مسرطنة أو بها شبه سرطنة أو مسببة للتشوهات الخلقية في الأجنة أو مسببة للتطفر أو الإجهاضات أو المسببة للإضرابات الهرمونية.

وبين أن أنواع التسمم درجات ؛ تبدأ من الصداع ، الغثيان ، التدميع ، إفراز اللعاب ، التقيؤ وهي تشبه أعراض العديد من الأمراض المعروفة ، وتتدرج حتى التشنجات والتبول والتبرز لا إرادياً والشلل والاضطرابات الهورمونية ، الأورام السرطانية ، الإجهاضات، الزهايمر، باركنسون والموت.

وأكد نبيل : هناك سوء استخدام على المستوى الحكومي نسبة لعدم توافر المخازن المناسبة وتأخر فتح العطاءات ، موضحاً أنه لابد من وجودها بالمخازن قبل الخريف ، بجانب ضعف المخزنجية ، وعدم وجود إحصائية حقيقية عن الموجود من كل نوع حتى يساعد في الكميات الواجب استيرادها كل عام ، وأشار إلى أن الجهات المسئولة تخفي المعلومات الحقيقية عما يوجد بمخازنها ، وتبالغ في الكميات المطلوبة ؛ بجانب عدم توافر المعامل المتخصصة لضبط الجودة وتأكيدها وضرورة إضافة لوائح جديدة لقانون المبيدات ومنتجات مكافحة الآفات ، وقلة عدد المتخصصين في مجالات المبيدات والسميات بما في ذلك داخل عضوية المجلس ، وأشار إلى أنه لابد من تغيير طريقة التعاقدات بخصوص شراء المبيدات ورشها، وطالب بتشجيع الشركات القادرة على تصنيع المبيدات وتجهيزاتها محلياً ؛ مما يعود بالفائدة الكبيرة لكل الجهات بجانب دعم جهات الرقابة على بيع المبيدات ومكافحة التهريب بكل السبل الممكنة.

وعلى مستوى شركات المبيدات أكد المؤتمر ضرورة الاعتماد على كل المتخصصين فى المجال ، والمشاركة في تجهيز المعامل المتخصصة والمعتمدة ، وتبني العقود التي تضمن التخلص من العبوات ، والمساعدة في إعادة مدارس المزارعين لكل مشروع مروي.

وطالب الجهات البحثية بتوفير المعلومات الأساسية عن كل الآفات والعمل بمفهوم الفريق والتركيز على دراسات الجدوى الاقتصادية لكل آفة.

وطالب إدارة المشاريع الزراعية بضرورة تأهيل مطارات الرش وإعادة تدريب المفتشين والتأكد من الكميات المطلوبة والالتزام بالحزم التقنية وعدم التصرف في المبيدات التالفة دون الرجوع إلى المجلس القومي للمبيدات ولجانه الفنية والالتزام بالجرعات الموصى بها . 

أكد تقرير رسمى قدم إلى المؤتمر أن إجمالى استهلاك مصر من المبيدات يصل إلى 8200 طن سنويا ، ونبه إلى ضرورة البدء فى تنفيذ مدونة السلوك المصرية لتداول المبيدات لضمان حماية الصحة العامة وسلامة الأغذية وعرض المؤتمر للمشاكل التى تواجه الاستخدام الآمن للمبيدات خلال مراحل التداول تمهيدا لوضع قرارات قابلة للتطبيق وتحل مشاكل الاستخدام للحفاظ على البيئة والصحة العامة وضمان جودة الإنتاج الزراعى.

وأشارت شكاوَى للمركز وتقارير صحفية إلى أن المبيدات المسرطنة أصبحت كابوسًا لمزارعي الغربية بعد قيام تجار السوق السوداء وتحديدًا بقرى قطور وطنطا والمحلة والسنطة باستيراد كميات كبيرة منها عن طريق التهريب من أماكن غير معلومة المصدر، وإنشاء مصانع بدون ترخيص لتعبئتها، وكتابة علامات تجارية "مضروبة" وإغراق الأسواق بها رغم تحذيرات مديرية الصحة.

وأشارت الشكاوى إلى أن الأنواع الرديئة من هذه السموم تفتك بالمزارعين وتسبب تدميرًا للبيئة والمنتجات الزراعية، ونظرًا لعدم وجود برامج توعية حقيقية للفلاح حول الأدوية الخطيرة التي يلجأ المزارع إلى شرائها من السوق السوداء جاهلا بخطورة استعمالها.

وحذرت إحد الشكاوى من أن استخدام المبيدات الزراعية بطريقة عشوائية تؤدي إلى أمراض سرطانية وتفتك بالبيئة وتسبب آثارًا جانبية شديدة التأثير، حيث يمتصها النبات وتصبح جزءًا من عصارته".

من جانبه أشار وكيل وزارة الصحة بالغربية إلى أنه أعلن مرارًا عدم التعامل مع أنواع مسرطنة من المبيدات الحشرية مثل مبيد حشري دايمولثوايت 40%، ملاثيون لايف، داينتول مستحلب ، وبودرة "د.د.ت" ومبيد "كارول" و"الدنيماكور" وبروميد الميثيلو" وهى أصناف محرم استخدامها وفقًا لقوائم وزارة الصحة والزراعة.

وتشير بعض الشكاوى إلى اضطرار المزارعين للجوء إلى السوق السوداء حيث إن معظمهم لا يجد مصدرًا آمنًا لشراء المبيدات، ويستعملون أصنافًا لا يعرفونها ويتضح بعد إصابتهم بأمراض سرطانية، مشيرين إلى أن على الوزارة توفير البدائل الآمنة وحماية المزارعين من تجار السوق السوداء وعصابات المبيدات المسرطنة.

 وفى أحد التقارير الصحفية أشار مدير إدارة مباحث تموين الغربية ، أن الإدارة تسعى جاهدة لمحاربة مصادر تلك المنتجات، حرصًا على حياة المواطنين، ويتم الضبط بشكل يومي ، ومن أمثلة وقائع الضبط : تم ضبط مصنع بدون ترخيص لتصنيع وتعبئة المبيدات الزراعية مستخدمًا خامات رديئة ومواد غير مصرح بتداولها من وزارة الزراعة لخطورتها على الصحة العامة، لما تسببه من أمراض سرطانية، ومحظور تداولها دوليًا ومحليًا، وتعبئتها داخل عبوات عليها علامات وبيانات تجارية لكبرى الشركات العالمية والمحلية.

 وأكد المصدر السابق ورود معلومات لدى ضباط الإدارة تفيد بقيام تاجر سوق سوداء بقرية شنراق مركز السنطة بإنشاء مصنع بدون ترخيص لتصنيع وتعبئة المبيدات الزراعية المغشوشة، والتي تسبب الأمراض السرطانية، وبمداهمة محل نشاطه تم ضبط برميل زنة 110 كيلو جرامات بداخله كمية من المبيدات مجهولة المصدر، ومعدة للتعبئة و80 عبوة 500 كيلو غير مصرح بتداوله و12 عبوة مبيد حشرى دايمولثوايت 40% زنة العبوة 900 جرام و124 عبوة مبيد حشري مدون عليها زنة العبوة 250 جرامًا و12عبوة ومنظم نمو زنة العبوة 150 جرامًا و18 عبوة مبيد زراعي زنة العبوة 500 جرام و20 عبوة مبيد حشري داينتول مستحلب 20% زنة العبوة 500 جرام محظور استخدامه وغير مصرح بتداوله تم التحفظ على المضبوطات، وتحرر المحضر 20634 جنح قسم ثاني طنطا.

 وأكد أن رجال مباحث التموين استطاعوا كشف سر انتشار أصناف من المبيدات المسرطنة بمحلات وأسواق المحافظة بعدد من المدن الرئيسية، إثر قيام صاحب شركة بأول طنطا لتجارة وتوزيع المبيدات المسرطنة مجهولة المصدر والمحظورة دوليًا ومحليًا، وبتقنين الأوضاع ، تم مداهمة مقر الشركة بمنطقة شعبية بطنطا، وتم ضبط ٤٥ كرتونة، من العبوات المحظور استخدامها، والتي يعاقب عليها القانون واعترف بعلمه بخطورتها الصحية وإتجاره فيها تم تحريز المضبوطات وتحرر محضر ٦٢٥٨ أول طنطا وجارٍ العرض على النيابة.

وأوضح مدير إدارة مباحث تموين الغربية أن جهود المباحث قد توصلت إلى ضبط أكبر كمية من المبيد بقرية شبرا النملة بمركز طنطا ليتم ضبط 13 طنًا و140 كيلو مبيدات فاسدة و4000 عبوة مبيدات زراعية مفرغة لمنتجات فاسدة ومسرطنة محظور بيعها وتداولها.

 ويشير إلى أنه "حينما وردت إلينا المعلومات التي أفادت بقيام أحد التجار وشقيقه بتجميع كميات كبيرة من المبيدات الزراعية المنتهية الصلاحية بمخزن بقرية شبرا النملة مركز طنطا، بقصد إعادة بيعه بعد تعبئته في عبوات بتواريخ إنتاج جديدة وعلامات تجارية مزورة، رغم علمهم بعد صلاحيتها وخطورتها الشديدة على الصحة العامة، تبين قيامه بخلط المبيدات لإخفاء معالمها، وتم ضبط ملصقات مزيفة لشركات إنتاج كبرى، والتحفظ على المضبوطات، وتحرر محضر 2344 جنح مركز طنطا".

كما استطاعت مباحث تموين الغربية من ضبط تاجر سوق سوداء إثر قيامه بإنشاء مصنع للمبيدات منتهية الصلاحية، وإعادة إنتاجها من مواد مشعة وخطيرة صحيًا بمنطقة استاد طنطا، وتدوين ماركات "مضروبة" ووهمية وتم ضبط عبوات من مبيد سيكوبمول بلجيكى الإنتاج وتبين فساده و3000 عبوة مبيد جرين جرسيلك ومبيد كوبر دي والعشرات من الماركات المزورة لشركات منتجة في هذا المجال وتم تحرير محضر 13458 جنح طنطا.

وفى هذا الإطار أشارت بعض الشكاوى إلى أن هناك نسبة تقدر بنحو 50% من الطعام المطروح في الأسواق معدل وراثياً ولا يعيه المستهلكون. وهناك مخاطر على الأبعاد العلمية والصحية المرتبطة بالأثر المحتمل لهذه المنتجات على صحة مستهلكيها، خاصة أن بعض الشركات المتعددة الجنسية تحتكر إنتاج البذور المعدلة جينياً وتروجها في أسواق العالم الثالث وتساعدها على ذلك جهات كهيئة المعونة الأمريكية، وعدم قدرة القانون فى مواجهة هذه الهيئات والشركات بعد دخول مصر في اتفاقية التجارة العالمية وعدم قدرتها على غلق أسواقها أمام منتجات هذه الشركات الاحتكارية، مما يؤدي إلى فقدان مصر لنصيبها في سوق الاستيراد الأوروبي الذي يضع القواعد والقيود الصارمة على دخول مثل هذه المنتجات إليه، والأبعاد المرتبطة بحقوق الفلاحين الفقراء غير القادرين على مقاومة نفوذ هذه الشركات.

ويؤكد المركز بأن لا يمكن تبرير إنتاج بذور مهجنة بدعوى أنها سوف تحل مشكلة الأمن الغذائي، لأن العالم لا يزال ممتلئاً بمصادر الثروة الغذائية التي لم يتم استغلالها بعد، مثلاً هناك 2500 نوع من أنواع الطحالب الغنية بالمكونات الغذائية والتي تجعلنا لسنا في حاجة للتعديل الجيني. حيث إن مشكلة الأمن الغذائي تُحلّ بتغيير أنماط الاستهلاك الغذائي وإعادة توزيع الغذاء المُنتج على وجه الأرض، كما يجب التفرقة بين التهجين الوراثي الذى يستخدمه الفلاحون عبر مئات السنين، والمختلف مع التعديل الجيني الأمر المستحدث وغير معروف المخاطر بعد.

 

وطبقًا لمعلومات بحوث الهندسة الوراثية فإن هناك وجودًا للأغذية معدلة جينياً في السوق المصرية، بدعوى أن تعداد سكان مصر يتزايد في حين أن الموارد الغذائية في الأرض قليلة، وتؤكد تقارير صحفية رفض المستهلكين الأوروبيين رفضا تاماً للأغذية المعدلة جينياً وقيامهم بالتظاهر وتنظيم الإضرابات ضد الشركات الأمريكية المتعددة الجنسية المنتجة لها، وعددت بعضًا من الأمثلة على هذه المنتجات مثل الذرة والطماطم والبطاطس والفول والترمس وحبوب الصويا وزيتها، وأكدت أنها تضر بصحة الإنسان والبيئة ضرراً شديداً. وأشارت هذه التقارير إلى أن السوق المصرية مليئة بالفعل بالمحاصيل المعدلة جينياً، مثل الذرة والفول والبطاطس والترمس بالإضافة للهامبرجر نفسه وهو مصنوع من حبوب الصويا المعدلة جينياً ويسبب السرطان. وأكدت أيضاً أن تجارب معهد الهندسة الوراثية الزراعية تترك أثرها فى الحقول المجاورة وتضر بالبيئة والصحة. وأشارت هذه التقارير إلى أن الفلاحين في الكثير من مناطق العالم يواجهون خطر الشركات المتعددة الجنسية التي تفرض عليهم زراعة البذور المعدلة جينياً.

ويهمنا أن نشير هنا إلى بحث قدمه المرحوم عريان نصيف محامى الفلاحين لمركز الأرض ذكر فيه أن مصر تحتاج إلى 700 ألف طن من البذور والتقاوي سنوياً بما يعادل 200 مليون جنيه، ومع تطبيق سياسات تحرير الزراعة في مصر تم تهميش دور الهيئات الزراعية في ضبط سوق البذور وصدر قرار وزاري ينص على حق أي شخص طبيعي أو معنوي في إنتاج أو إصدار أو تداول البذور. وتم بعد ذلك تطبيق سياسة الاستيراد من أمريكا من أجل التصدير لأوروبا، ويتم استيراد حبوب أمريكية من سلالات مستحدثة تعطي زيادة كبيرة في المحصول في العام الأول لكن هذه الزيادة تتدهور في العام التالي وتنقل الأمراض والآفات في العام الثالث- طبقاً لأبحاث د. طه الإبراشي. إن نقص الحبوب في العالم من شأنه أن يمنح الولايات المتحدة السلطة للسيطرة على العالم، وقد أسس وزير الزراعة الأسبق يوسف والي علاقة تبعية وثيقة بين سوق الحبوب المصرية والمورِّد الأمريكي ، حتى إن وزارة الزراعة فرضت على الفلاحين بذور قطن أمريكية. ولذلك لابد على السوق المصرية من مقاومة البذور والتقاوى الأمريكية من خلال الالتزام الحقيقي بمواد القانون رقم 53 لسنة 1956.

ويهمنا فى هذه السياق استعراض مشكلة تقاوى البطاطس التى أدت إلى إفقار مئات الفلاحين بمحافظة البحيرة حيث سلمتهم إحدى الشركات بذور البطاطس باعتبارها من أجود الأنواع ولكنها لم تنبت فى الأرض وأخرجت رائحة نتنة لم يتحملها أهالى المنطقة واضطر الفلاحون إلى تحرير محاضر بأقسام الشرطة ضد شركة البذور [ من شكاوى الفلاحين لمركز الأرض].

 

11- هدر مورد الأرض الزراعية وتأثير ذلك فى قطاع الزراعة وحقوق الأجيال ومستقبل بلادنا:

السمة التى امتازت بها مصر منذ فجر التاريخ تضيع ويتم إهدار جودة الأراضى الزراعية وخصوبتها التى تراكمت عبر الآلاف السنين على جانبى النيل.

تضيع الأراضى الآن بمنتهى السهولة ويتم اغتيال مستقبل الأجيال القادمة ومستقبل بلادنا ويتم هذا الهدر بسبب البناء على الأرض الزراعية وزحف العمران عليها مما أدى إلى ضياع أكثر من مليون فدان على مدار عشرات السنين الماضية وذلك بسبب تولى حكام فاسدين ومنحازين إلى رجال الأعمال وكبار الملاك والفاسدين.

مما أدى إلى تبوير الأرض الزراعية وخداع الفلاحين لبيع أراضيهم للتجار الذين بنوا عليها الأبراج السكنية والمصانع.

ولأن السياسات التى تطبق والثقافة السائدة تعظم الربح فقد اضطر الفلاحون أمام انخفاض دخولهم الزراعية وتردى مستوى معيشتهم وعدم وجود فرص عمل لأسرهم إلى بيع أراضيهم لعمل مشروعات أخرى تساعدهم على الحياة.

وأمام هذه السياسات المتجاهلة بناء مستقبل آمن للمصريين ضاعت أكثر من خُمْسِ مساحتنا الزراعية خلال الخمسين سنة الماضية ورغم محاولات الدولة منذ خمسينيات القرن الماضى استصلاح الصحراء وتعويض الأراضى المفقودة لكن التجار ولصوص المستقبل والفاسدين طبقوا نفس السياسات على الأراضى الجديدة.

فيكفى السير على طريق مصر إسكندرية الصحراوى لتكتشف المنتجعات التى يشرعون فى بنائها بدعوى تعمير الصحراء بعد صرفنا على استصلاح هذه الأراضى ملايين الجنيهات وضياع عرق وجهود آلاف الفلاحين ومادامت الدولة تطبق منهج الربح فلا حل لتلك الأزمة.

ومادام لا توجد رؤية واضحة لاستصلاح الأرض وزيادتها والمحافظة على الرقعة الزراعية ومعالجة الأسباب التى تؤدى إلى بناء المواطنين على الأرض فإن الأزمة ستظل مستمرة وتعيد إنتاجَ نفسِها بطرق مختلفة.

ويكفى أن نذكر أن معظم القرى المحيطة بالقاهرة الكبرى والمدن الرئيسية بالمحافظات قد تم هدر معظم أراضيها ، ومثالاً لذلك نقول إن قرية الوراق بالجيزة التى كان تزيد حيازتها الزراعية على خمسة آلاف فدان من أجود الأراضى الزراعية قد اضمحلت لتصل إلى مساحة لا تزيد على مائتي فدان بسبب الإتجار فى الأراضى ، وفى هذه الإطار يجب أن نذكر أن القوانين وحدها لا تكفى لإيقاف هدر الأرض الزراعية ، فالفاسدون بأجهزة الدولة يتمكنون من التحايل على النصوص ويهدرون مواردنا التى توارثناها عن أجدادنا بالمخالفة لكل أعراف وقوانين وثقافة بلادنا.

 

12- التعاونيات الزراعية جثث ميتة فى الريف وتؤدى عملها كملحق لوزارة الزراعة:

شهدت الفترة الأولى من خمسينيات القرن الماضى وحتى نهاية الستينيات سيطرة شاملة من الدولة على التعاونيات الزراعية، والتى استهدفت تعبئة الطاقات الإنتاجية والتجميع الزراعى فى محاولات لزيادة الإنتاج لاسيما فى إنتاج القطن، وكان ثمة استبعاد للمزارعين الصغار بالجمعيات التعاونية؛ مما أدى سيطرة كبار المزارعين على التعاونيات الزراعية فى المستوى المحلى للقرى وقدرتهم على التهرب من الدورة الزراعية.

وشهدت فترة التحول التى سميت بالانفتاح الاقتصادى فى بداية سبعينيات القرن الماضى تهميش التعاونيات الزراعية واستمرار سيطرة كبار المزارعين.

ثم شهدت فترة تطبيق برامج التكيف الهيكلى الاستبعاد التام للجمعيات التعاونية، خاصة بعد انتقال بعض أدوار الجمعية الزراعية إلى بنوك القرى فى نهاية سبعينيات القرن الماضى ، وأدى هذا الوضع إلى تدهور حال الجمعيات التعاونية الزراعية.

ورغم أن التعاون الزراعى يعد أحد الحلول المهمة التى يمكن أن تعمل على الخروج من أزمة بلادنا وحماية حقوق المزارعين لاسيما فى ضوء محدودية الموارد، وأيضًا تساعد على علاج بعض الاختلالات الاجتماعية وتدهور المخزون والرصيد الاجتماعى والقيمى التى جاءت كنتيجة للاعدالة واللامساوة فى شتى المناحى الاجتماعية والاقتصادية، وانتشار الفقر - إلا أن الواقع العملى ومنهج الدولة وسياستها تجاه هذا القطاع يؤكد أنها ماضية لقتل الميت المدفون بأركان القرى والمسمى بالجمعيات الزراعية.

ويعود الخلل فى دور التعاونيات إلى تخلى الدولة عن أدوارها منذ السبعينيات وحتى الآن فى دعم مختلف قطاعات الاقتصاد القومى وعلى رأسها القطاع الزراعى وتباهِى المسئولين بأن دور الدولة فى هذا القطاع أصبح مقصورًا على ميدان الإرشاد والبحوث الزراعية ، وتركت للقطاع الخاص مهام التمويل والتسويق والإنتاج وكافة المهام الأخرى المتعلقة بالإنتاج الزراعى وبذلك تقلص دور التعاونيات التى كانت تمثل ذراع الدولة فى القطاع الزراعى فى فترة الستينيات وانحصر فى بعض المهام الطارئة التى كانت الدولة تضطر للتدخل لإنجازها- أزمات السماد والتقاوى وأحيانا التسويق – معتمدة فى ذلك على التعاونيات.

وكنتيجة منطقية لهذا كله فقدت التعاونيات مكانتها وانحسرت قدراتها وتضاءل مدى أنشطتها وحلت محلها مؤسسات ومنظمات خاصة لا تستهدف إلا الربح.

وتعكس المؤشرات الواردة فى جدول (1) حجم التدهور الذى أصاب النشاط التعاونى خلال فترة التحول الأساسية بين أعوام 1996 – 2005.

جدول رقم (1)

المؤشر

1996

2005

عدد الجمعيات

عدد الأعضاء بالألف

حجم الأعمال بالمليون جنيه

عدد الجمعيات

عدد الأعضاء بالألف

حجم الأعمال بالبليون جنيه

المطلق

القياسي

المطلق

القياسي

الأسعار الجارية

الأسعار الثابتة

الزراعية

5502

3530

30000

6598

119

4000

113

25

13.00

الأسماك

95

90

1300

90

94

90

1

1

0.54

الإسكانية

1660

1500

10000

1987

119

2000

130

8

4.3

الاستهلاكية

7334

5100

700

4005

54

4000

78

1

0.54

الإنتاجية

464

67

474

482

103.8

58

86

1

0.54

الإجمالي

15055

10287

42474

13162

87

10148

98

36

19.5

 

ومن خلال الشكاوى والملاحظات الميدانية لمركزالأرض عام 2014 يتضح أن هذه الجمعيات ليست لها علاقة بتنمية زراعية أو دعم لحقوق المزارعين، ويقتصر دورها فى الحصر الذى تتطلبه وزارة الزراعة ، واستخراج الشهادات للمزارعين ، وتعد فى النهاية مراكز إدارية ملحقة بوزارة الزراعة وليست مجالس الإدارة التى يتم تغييرها كل فترة إلا مجموعة أسماء يتم ضبطها من قبل مديرى الجمعيات العاملين بالوزارة ، وللأسف فإن المئات من أعضاء مجالس إدارات الجمعيات الزراعية قد وافتهم المنية ومع ذلك مازالوا أعضاء بمجالس إدارة لجمعيات وهمية.

وفى رأينا أن الجثث الميتة لا يمكن بعث الروح فيها من جديد إلا من خلال سياسات بديلة تطبقها الدولة بهدف نهضة قطاع الزراعة وحماية حقوق الفلاحين وأن تتخلى بشكل نهائى عن انحيازها للشركات والتجار وكبار الملاك أو على الأقل توازِنْ بين مصالح صغار المزارعين وهؤلاء.

وفى رأينا أيضًا أن ذلك لا يمكن أن يتم فى ظل سيطرة حلف الفساد على أجهزة الدولة والذى أدى خلال السنين الماضية إلى تدهور القطاع وخراب بيوت الفلاحين ، ويمكننا فى هذا الإطار أن نتبين أن تجربة النقابات المستقلة يمكن أن تؤدى دورًا كبيرًا فى دعم هذا القطاع وتفعيله من أجل نهوض قطاع الزراعة ودعم حقوق الفلاحين فى العيش الآمن والزراعة الآمنة.


ثانيًا: الدور السلبى لوزارة الزراعة والرى وفساد بعض موظفيها وانحيازهم لكبار الملاك

 

أدى دور الحكومة السلبى تجاه حقوق الفلاحين فى الإرشاد ودعم قطاع الزراعة ورفضها شق قنوات جديدة وتوفير مياه الرى لأراضى المزارعين ودعم وتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعى وحماية أسواق صغار المزارعين من احتكار الشركات الكبيرة إلى تدنى دخول صغار المزارعين فمئات الترع فى المحافظات المختلفة لم يتم تطهيرها بدعوى عدم وجود ميزانيات.

كما أن الأراضى الزراعية المستصلحة تعانى مشاكل لا حصر لها بسبب نقص مياه الرى فى الترع وعدم انتظام المناوبات مما يؤدى إلى عدم وصول المياه إلى معظم الأراضى، أضف إلى ذلك ارتفاع أسعار السماد والكهرباء ومواتير ضخ المياه خاصة فى المناطق المستصلحة الأمر الذى أدى إلى حبس الفلاحين وموت زراعاتهم.

هذا بالإضافة إلى فساد بعض موظفي وزارة الزراعة الذى أدى إلى تسليم كبار الملاك عشرات الآلاف من الأفدنة بأثمان قليلة وفى الوقت نفسه تقوم فيه الوزارة بتحديد أسعار مغالى فيها لأراضى صغار المزارعين.

وفى الوقت الذى تدعى فيه الحكومة قلة مواردها وترفع أسعار الطاقة والكهرباء والسلع الأساسية لمعيشة المصريين تتجاهل مطالب اتحاد الفلاحين وشكاواهم المتعددة لإعادة تقييم أراضى الشركة المصرية الكويتية وجمعيات رجال الأعمال والشرطة وأصحاب النفوذ الذين استولوا على أكثر من 30 ألف فدان بمنطقة العياط بمبالغ زهيدة ، الأمر الذى دفع مركز الأرض ممثلا عن اتحاد الفلاحين بتقديم  بلاغ للنائب العام ضد وزير الزراعة الذى رفض مطالب الاتحاد بإعادة تقدير أسعار الأراضى التى استولت عليها الشركات المذكورة وإعادة فروقات الأسعار المقدرة بأكثر من خمسين مليار جنيه وإعادة توزيعها على صغار الزراع بالمنطقة.

والشىء المؤسف أن الوزارة التى تستغل ظروف البلاد والتهديدات والمخاطر التى تلاحقها تهدد عشرات الآلاف من صغار المزارعين فى مناطق مختلفة بدفع أثمان باهظة لأراضيهم التى تسلموها منذ عشرات السنين وتقدر مساحة هذه القطع بفدانين ونصف بمنطقة بنجر السكر بالإسكندرية ووادي النطرون بالبحيرة.

حيث رفعت ثمن القطعة من نحو 10 آلاف جنيه لأكثر من ستين ألف جنيه وتهدد غير القادرين بالحبس والاعتقال والتحريض على التظاهر، ويؤكد المركز مخالفة سياسات الوزارة لنصوص الدستورالتي أقرت حقوق المواطنين في الكرامة والعيش بأمان ودعم الدولة لاحتياجاتهم.

فى ظل هذا كله تترك رجال الأعمال يعبثون فى الوطن بنفس طريقتهم القديمة ، ولعل ملف نهب أراضى الدولة مازال واضحًا لمن يرغب فى معرفة توجهات السلطة الراهنة وليس أدل على ذلك مما نشر عن الحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر والتى تقدر قيمة الفروقات التى نهبت من أموال الدولة ما يزيد على 30 مليار جنيه.

والجدير بالذكر أنه وبتاريخ25/5/ 2014 تقدم مركز الأرض بشكوى لوزير الزراعة عن اتحاد الفلاحين مطالبا الوزير بتسلم أموال الدولة التى تركتها حكومة مبارك المخلوع من الوليد بن طلال فى منطقة توشكى حيث كلفت الدولة الفدان الواحد أكثر من 11 ألف جنيه وباعته للوليد بـ 50 جنيهًا وللأسف فإن السيد وزير الزراعة رد على شكوى المركز قائلاً " بخصوص الطلب المقدم من مركز الأرض أتشرف بإحاطة سيادتكم بأن هذا الموضوع منذ عام 1997 أى أكثر من 17 عامًا، وأن مجلس الوزراء قرر بجلسته المنعقدة بتاريخ 21/9/1997 أن يتم التصرف فى المساحات بغرض الاستصلاح والاستزراع ويكون سعر الفدان خمسين جنيهًا دون أن تتحمل الدولة أية تكاليف لمرافق البنية الأساسية الخاصة بمساحة مشروع جنوب الوادى ".

وكأن قرار مجلس وزراء المخلوع مبارك محصن عن الطعن ويمنع الوزير من المطالبة بحق الدولة الذى يزيد بأسعار اليوم عن أكثر من مائتى مليار جنيه ، ويكشف رد الوزير عن انحيازه للفاسدين خاصة أن موظفيه يطاردون الفلاحين فى مناطق وادى النظرون الذين يتأخرون عن سداد أقساط قطعة الأرض التى لا تزيد على فدانين ونصف وتقدر الوزارة ثمنها بمبلغ يزيد على ستين ألف جنيه ويستخدمون كافة الوسائل للضغط على المواطنين لنهب دخولهم.

والجدير بالذكر أن عقد الوليد المحرر لشركة الوليد يقضى بأن من حق الوليد فى حالة رغبته فى التوسع أن يشترى أى مساحة أخرى بسعر 50 جنيهًا فقط للفدان ، وله حق الامتلاك المطلق ، وغير خاضع لأية ضرائب أو رسوم من أى نوع ، وقد حصل بموجب العقد على ضمانات تؤمنه وتحميه من المصادرة أو نزع الملكية فى الحاضر أو المستقبل ، ونص العقد على إعفاء شامل وكامل من كافة الالتزامات أو الضرائب أو المسئوليات ، وأن الدولة هى المسئولة وحدها عن توفير المياه وتشغيل وصيانة القنوات وتوفير المضخات والبنية الأساسية من كافة النواحى خاصة المالية !!

ونص العقد أيضًا على أنه لا رقابة على الأرض والمشروعات من أية جهة مثل الحجر الصحى أو وزارة الزراعة ، والدولة مسئولة عن استخراج التراخيص وتوصيل المرافق عندما يطلب منها الوليد أو ممثلوه ذلك!!

ونصت بعض الملاحق على أن الدولة تلتزم بإدخال المرافق وتوصيل الطرق ( خط سريع بمسارين ) والكهرباء والصرف وأن شركة الوليد غير مقيدة فى العمليات الزراعية مثل اختيار المحاصيل واستخدام المدخلات والمخرجات وإدخال المعدات والطائرات وكافة التطبيقات الأخرى ، ولها أن تقوم بكل ذلك دون موافقات من الدولة ، ولن تخضع لأية قيود تتعلق بالرقابة أو الحجر الصحى ، ولا تحتاج لممارسة نشاطها فى كل المجالات المذكورة لأية موافقات رسمية ويكفيها خطاب صادر من شركة الوليد مكتوب على ورق أبيض بخط اليد ودون رسوم لأجهزة الدولة لتمنحها كافة الشهادات والسجلات والإعفاءات!!

وقد نشرت عشرات التقارير الصحفية المدعمة بالمستندات مئات الفضائح لأراض تمت سرقتها بتواطؤ فاسدين وأجهزة داخل الدولة وقد نشرت جريدة الأهرام على صفحاتها العديدة هذه الفضائح كان آخرها ما نشر يوم 22/12 والتى جاء فيه : واجهنا كبار المسئولين المختصين فى حماية أملاك الدولة ، الذين أكدوا أن الأوراق بعضها مزور وجزء منها صادر بالتواطؤ من بعض ضعاف النفوس ومنعدمى الضمير بالشهر العقارى وهيئة المساحة المصرية مع المافيا التى تجيد ترتيب أوراقها جيدًا، حيث بدأ نسج خيوط الواقعة منذ عدة أشهر للاستيلاء على مساحة ٢٩٤ألف متر مربع "٧٠فداناًبمنطقة كارفور خلف مستشفى الشرطة بالحديقة الدولية تصل قيمتها إلى أكثر من ٥ مليارات و٨٠٠مليون جنيه تمهيداً للاستيلاء على المنطقة بالكامل التى تصل مساحتها إلى ١٨٠فداناً

وبمواجهة المهندس السيد عبدالعظيم وكيل الوزارة ورئيس الإدارة المركزية للهيئة العامة للمساحة المصرية لمحافظات غرب الدلتا والصحراء الغربية بالمستندات قال:إن واقعة الاستيلاء على هذه المساحة ٧٠فداناً بمنطقة الحديقة الدولية التى يصل سعر متر الأرض بها حالياً إلى نحو٢٠ألف جنيه ، بدأت بصدوركشف تحديد مساحة لتعامل متعد على منافع عامة من هيئة المساحة بالطلب رقم ٢٧٨لسنة ٢٠١٣ قسم محرم بك وجاء ببياناته أن هذه الأرض تقع بمنطقة تخطيط كارفور خلف مستشفى الشرطة وهى مردومة من بحيرة مريوط وهذه البيانات لصالح التشكيل العصابى الذى يهدف إلى الاستيلاء على أراضى الدولة ، وعندما علمت بشبهة التواطؤ بصدور هذا الكشف أبلغت النيابة التى تجرى تحقيقات موسعة فى هذه الواقعة حيث إن الموظف الذى أصدر كشف التحديد حصل رسوماً (تقدر بألفي جنيهفقط فى حين رسومه تبلغ أكثر من ٢٢٠ ألف جنيه وعندما اجتمعت اللجنة العليا بهيئة المساحة بالقاهرة لاعتماد هذا الكشف رفضت التوقيع لعلمها أن الإشهار رقم ٧لسنة ١٩٤٧مزور وأتى به من الشهر العقارى بالمنصورة بعد رفض شهر عقارى الإسكندرية تلبية مطالب العصابة وأرسل خطاباً لرئيس القلم الهندسى موضحاً فيه أن مكتب المنصورة أفادهم بأن العقود أرقام ٧و٨و٩لسنة ٤٧ ليست سند ملكية وإنما هى أرقام تسلسل فى دفاتر الوارد للمكتب من محكمة كفر الدوار بالإضافة إلى أن الرسوم الحقيقية للكشف تم تحصيلها بتاريخ لاحق من صدوره وهذا مناقض للعمل المساحى مشيراً إلى أن بعض أعضاء اللجنة أحيلوا للنيابة للتحقيق معهم.

وليس الحال فى الإسكندرية ببعيد عن الغربية ، فالأرض التى تم تخصيصها لإقامة مركز شباب لأهالى قرية القرشية التابعة لمركز السنطة والبالغ مساحتها ٣ فدادين و١٢ قيراطا وتم دفع مبلغ ٥٠ ألف جنيه كدفعة من ثمن الأرض دفعتها وزارة الشباب والرياضة لصالح هيئة الأوقاف المالكة لتلك الأرض وقبلت الأوقاف ذلك البيع وتسلمت شيك الدفع ، مشفوعة بقرار تخصيص لصالح مركز الشباب أصدره ماهر الجندى محافظ الغربية آنذاك فى عام ١٩٩٧ ، إلا أنه ما من شفيع لهم عند بلطجية رجال الأعمال بعضهم نواب برلمان سابقون من فلول الحزب الوطنى الذين راقت لهم قطعة الأرض التى خصصت للشباب لعلهم يجدون فيها متنفسًا من ضيق الحياة التى أفسدوها ، وما عاد للحالمين بإيجاد مركز رياضى للشباب إلا أن يشمروا عن أيديهم ويواجهوا بصدور عارية بلطجة "الكباربعد أن تركتهم أجهزة الدولة ، متعففة عن الدخول فى صراع مع أصحاب النفوذ والقوة على قطعة أرض تعلق بها الحالمون ، ودفعت الدولة متمثلة فى وزارة الشباب والرياضة ثمنها.

وفى مقال لفاروق جويدة بجريدة الأهرام يوم 5/12/2014 مخاطبًا رئيس الوزراء " أولى هذه القضايا هو توزيع الأراضى على أصحاب المصالح والمنتفعين وكيف تم توزيع ثروة الأجيال القادمة بهذه الصورة الوحشية.. منذ سنوات حين كتبت عن أرض العياط الشهيرة ومساحتها 35 ألف فدان كنت أتصور أن هناك حكومة سوف تحاسب أو تسأل .. ولم أكن أتصور أن يدور ملف هذه الكارثة فى مكاتب المسئولين حتى الآن رغم أن أحد التقديرات أكد أن سعر هذه المساحة من الأراضى يتجاوز 50 مليار جنيه وفى رواية أخرى 74 مليار جنيه .. إلى أين وصلت هذه القضية لا أحد يعلم.

إن ملف الأراضى مازال حائرا بين المسئولين وحين خرج القاضى المستشار هشام جنينة معلنا حقيقة ما حدث فى الحزام الأخضر قامت عليه الدنيا ولم تقعد حتى الآن .. لا أحد يريد استرداد هذه الأراضى من أصحابها ولكننا فقط نريد حق الشعب فيها ..

أقول للمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء إلى متى تفتش الحكومة فى جيوب الغلابة والفقراء وبأى منطق تبيع شقة مساحتها 100 متر للشاب بسعر 600 ألف جنيه ومن أين يأتى بهذا المبلغ؟! وبأى منطق تطاردون الناس فى العشش الريفية تطالبونهم بالضريبة العقارية ويتسلل مأمورو الضرائب فى خرائب الريف كل ليلة لإثبات الضريبة .. أيهما كان أحق وأجدر بالحساب الذين حصلوا على مئات الآلاف من الأفدنة بأسعار زهيدة أو الذى أقام لأبنائه عشة تحميهم من برد الشتاء .. إن الرئيس عبد الفتاح السيسى وهو يطرح نفسه رئيسا جمع حوله فقراء هذا الوطن وقد تجاوزوا الآن 60 % من أبناء هذا الشعب .. فهل من العدل أن تباع لهم الشقة بسعر 600 ألف جنيه .. وهل من الحكمة أن تدخل الدولة فى منافسة مع القطاع الخاص لإشعال أسعار العقارات بهذه الصورة الوحشية؟!

يحدث كل هذا التواطؤ والفساد فى الوقت الذى تحرم فيه مؤسسات الدولة غالبية الفلاحين من تملك أراضى الإصلاح أو الأوقاف أو الاستصلاح بل تقوم بتأجيرها لهم بإيجار سنوى يقدر بنحو خمسة آلاف جنيه وكما تندر بعض الفلاحين قائلين : " يا ريتنا كنا أجانب أو عندنا جنسية تانية علشان يدونا قطعة أرض ببلاش".

ويؤكد المركز أن رائحة الفساد تملأ سماء البلاد وللأسف تنتشر فى كل المجالات والهيئات إذ لا يعقل فى بلد تدعى سلطاتها أنها أم " الوطنية " وأبوها أن تدير مصالحها بعض المكاتب الاستشارية التى تتبع جهات وحكومات غربية وعربية [ ملفات الغاز والأسمنت والبترول نماذج مثلاً ].

وتقول بعض الشكاوى لمركز الأرض إن هذه المكاتب الاستشارية هى من ترشح الوزارات وتقوم بدارسات الجدوى للمشروعات الكبرى وترشح القائمين بتنفيذها وتتلقى المليارات نتيجة هذه الجهود!


ثالثًا : انتهاك حقوق المزارعين فى العيش الكريم الآمن

 

خلال 2014 تزايد التدهور فى دخول المزارعين وكذا أوضاعهم التعليمية والصحية ورغم صدور دستور 2014 الذى أفرد نصوصًا كثيرة تكفل حقوق المواطنين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومع ذلك مازالت نسب الأمية فى تزايد مستمرة كما أن أوضاع المدارس وحالة التعليم العام والخاص والجامعى تزداد سوءًا من حيث جودة العملية نفسها أو أوضاع المبانى وأحوال المدرسين.

ولا يختلف الأمر بالنسبة للرعاية الصحية حيث لا يتم بناء مستشفيات جديدة وتترك الدولة العيادات الخاصة لتقوم بالرعاية الصحية دون رقابة أوتجهيز ، وبالطبع فإن المريض الذى لا يمكنه دفع ثمن علاجه فإنه سوف يموت من المرض أو يعجز.

هذا بالإضافة إلى سوء أوضاع الرعاية الصحية داخل المستشفيات العامة ويكفى أن نشير إلى وجود آلاف المرضى الذين ينتظرون دورهم لاستئصال عضو تالف أو إجراء جراحة عاجلة.

كما تشير المؤشرات والتقارير الصحفية إلى تزايد أعداد مرضى الفشل الكلوى والكبد الوبائى والسرطان بشكل بالغ فى ظل تجاهل مؤسسات الدولة أو عجزها عن مواجهة هذه الأمراض ، ولعل أبرز أسباب هذه الأمراض المتفشية هو تلوث مياه الشرب واختلاطها بالصرف فى معظم قرى مصر.

وتلقى مركز الأرض عشرات الشكاوى عام 2014 من مناطق مختلفة تفيد تدنى أوضاع الحقوق الاقتصادية والخدمات العامة ، فيصرخ أهالى قرية حاجر أبو داغر التابعة لأرمنت بمحافظة الأقصر قائلين " نعيش فى ظلام دامس رغم أن الكهرباء تمر فوق منازلنا ، ونشرب مياهًا ملوثة من الآبار رغم أن مياه الشرب النقية تمر من أمام قريتنا ... أغيثونا ، أولادنا يموتون من الفشل الكلوى والكبد ، ويهاجمنا الذباب والحشرات والعقارب والثعابين ، والمسئولون فى غياب ونائمون ، نشرب من الترع والمصارف رغم أن محطة المياه بأرمنت تكفى كل القرى ، لكن لا أحد فى هذه المدينة يسمع شكوانا ".

ويتساءل الأهالى : " أليست الكهرباء والمياه حقوقًا آدمية يكفلها الدستور والقانون ، نحن لا نطالب بتوصيل الصرف الصحى إلى منازلنا ، نحن نطالبكم بتوصيل المياه والكهرباء إلى الخرابة التى نعيش فيها وتسمونها نجعًا وتحكمونها بالنار والحديد؟! "

وفى محافظة سوهاج يتعرض نجع المصلحة بمركز دار السلام إلى حرائق مستمرة بسبب حريق محول الكهرباء يوم 13/8/2014 ، ورغم إخطار المطافى التى قامت بإطفائه فقد توجه الأهالى إلى رئيس إدارة الكهرباء ورئيس قطاع كهرباء سوهاج ليقوم بإصلاح المحول ، لكن الجميع أكد أن المحول متهالك ولا يكفى أحمال النجع.

يقول الأهالى : " النيران تشتعل باستمرار فى بيوتنا وأولادنا يتم كهربتهم من الأسلاك العارية والمحول تهالك لقدمه فعمره يزيد على 33 عامًا ولم يتم عمل صيانة أو تغير لأسلاكه خلال هذه المدة ، ولا يمر شهر إلا تتلف أجهزتنا وتشتعل النيران فوق أسطح منازلنا ، وهل يكفى رد الحكومة أن المحول لا يتحمل استهلاكنا وأن الأحمال زائدة ، لماذا لا تقومون بتزويد طاقته ، ومن مسئول عن تعويضنا عن أثاثنا وأبنائنا الذين يتم حرقهم كل شهر؟! أغيثونا من فضلكم ".

ومن ساحل سليم بمحافظة المنيا يقول الأهالى فى شكواهم للمركز : نحن سكان إحدى المناطق المجاور للمركز ونعيش فى ظلام دامس ودون مياه شرب نظيفة ، والمشكلة أنه بمجرد وصول الظلام فإن منطقتنا تتحول إلى وكر للعصابات ، وقد طالبنا المحافظ والمركز عشرات المرات بإدخال الكهرباء إلى منازلنا لكن لا حياة لمن تنادى.

ومن محافظة الجيزة بمنطقة بشتيل يصرخ أهالى عزبة أبو سعدة وشارع المسبك ولعبة من عدم توصيل الكهرباء أو مياه الشرب نظيفة أو صرف صحى إلى منازلهم ويضطرون لعدم خروج نسائهم وبناتهم وأطفالهم بعد المغرب ، مما يؤثر فى تعليمهم ومصالحهم ، ويؤدى ذلك إلى حبسهم فى بيوتهم منذ حلول الظلام ، ويتساءل الأهالى : " لِم لا يتم توصيل الكهرباء والمياه والصرف إلى منازلنا ، نحن لا نطالبكم بتوصيلها بشكل مجانى كما نص الدستور ولكن نقول لكم خذوا ثمن توصيلها إلينا .. ألا يهمكم سلامتنا وأمننا وصحة وتعليم أولادنا ، ألسنا مسئولين منكم باعتباركم حكومتنا الرشيدة؟! "

ويطالبنا أهالى قرية أولاد خلف بسوهاج برفع مطالبهم إلى المسئولين حيث يعانون من عدم وجود المرافق فى بيوتهم التى تتألف من حجرة وحمام وزريبة للمواشى، ومعظم البيوت مسقوفة بجريد النخل والبوص وقد فوجئوا بموظف الضرائب العقارية يطالبهم بمبالغ سنوية باهظة باعتبار أثمان بيوتهم تتعدى الـ200 ألف جنيه ، وقد حاولوا معه أن يقلل التقدير لأن بيوت قرية لا يوجد بها أنشطة تجارية أو صناعية أو ورش أو عيادات أو مكاتب أو مصانع أو أى نشاط سوى الفلاحة التى ضاقت على أولادهم فهجوا إلى المدن.

ويقولون : " نحن لا نطالبكم بتوصيل المرافق أو فتح مستشفيات أو مدارس أو جامعات فى قرانا ونجوعنا ، نحن نطالبكم بالكف عن فرض إتاوات جديدة علينا ".

كما أفادت بعض الشكاوى أن الحكومة تسعى بدأب فى السير بخطتها لاستنزاف قدرات المواطنين عن طريق إجراءات عديدة تستعد لتنفيذها وليس أدل على ذلك من قانون الضريبة العقارية الذى ستستولى فيه على 10% من قيمة الإيجارات وكذا مشروع قانون التصالح مع المخالفين فى إنشاء المبانى والذى تأمل بجمع أكثر من 100 مليار جنيه من جيوب المواطنين.

وفى هذا السياق قام موظفون تابعون للهيئة العامة لمياه الشرب والصرف الصحى بمحاولة لغلق المياه عن منازل قرية الرهاوى مركز إمبابة جيزة ، وذلك بعد رفض العديد من الأهالى دفع الرسوم التى فرضتها الشركة عليهم ، وهدد الموظفون الأهالى بضرورة دفع فواتير استهلاكهم لمياه الشرب الملوثة وإلا قاموا بإبلاغ مركز الشرطة بالقبض عليهم والحجز على منازلهم واضطروا إلى حبسهم.

هذا والجدير بالذكر أن الشركة تحركت بعد قيام عشرات الأهالى فى شهر نوفمبر بالتقدم بشكوى لمحافظ الجيزة لإصلاح ونقل محطة المياه التى تضخ مياهًا ملوثة لإنشائها بجوار مصرف الرهاوى الملئ بصرف ومخلفات مناطق الهرم وفيصل ، بالإضافة إلى اعتماد المحطة على مياه الآبار الارتوازية التى لا تبعد عن المصرف أكثر من 10 أمتار ويوجد بجوار المحطة مجمع سكنى شعبى يقوم بالصرف فى باطن الأرض مما يؤدى إلى اختلاط المياه الجوفية بمياه المجارى وبمياه الشرب وأدى ذلك إلى إصابة أكثر من 1900 مواطن بالعديد من الأمراض الوبائية مثل الفشل الكلوى والكبد الوبائى وانتشار الأمراض المعدية والمعوية وذلك بسبب مخالفة شروط إنشاء المحطة للقانون ومعايير الصحة والبيئة.

كما تقدم الأهالى بشكوى مماثلة منذ عدة أيام يتهمون فيها المسئولين بالمحافظة بإهدار 16 مليون جنيه على الدولة بعد شرائهم أربعة فدادين داخل الكتلة السكنية بالمناشى بدعوى إنشاء محطة مياه شرب ، وبتواطؤ من بعض التنفيذيين استولى بعض أصحاب النفوذ على قطعة الأرض وقاموا ببنائها وبدلاً من قيام محافظ الجيزة بدوره فى التحقيق مع الفاسدين وإصلاح محطة المياه بالرهاوى ونقلها من مكانها القذر إلى جوار نهر النيل يقوم عبر تابعيه بتهديد المواطنين بقطع المياه الملوثة وإجبارهم على دفع ثمنها وحبسهم لأنهم تجرأوا وتقدموا بشكاوى تفضح سياساتهم الفاشلة.

وقام عدد من المواطنين وعلى رأسهم ممثلو نقابة عمال حفر الآبار وجمعية تنوير الرهاوى بمناقشة الموظفين لوقف قطع المياه والتحقيق فى شكواهم ، لكن أحد الموظفين قال لهم " سوف تشربون الآن المياه الملوثة وتدفعون ثمن استهلاكهم وعندما نتحقق من صحة شكواكم سوف ننقل المحطة ".

وللأسف تجاهلت هيئة مياه الشرب الدعوى المرفوعة من مركز الأرض أمام القضاء الإدارى رقم 27635 لسنة 63ق والمحدد لنظرها جلسة 4/11/2014 والتى يطالب فيها بإلغاء قرار فرض رسوم تحصيل من جانب شركة المياه على أهالى قرية الرهاوى وذلك حتى يتم تشغيل المحطة بشكل صحى وسليم وتحرير عقود بين الهيئة وبين المواطنين خاصة أن تلوث المياه الشديد أدى إلى إصابة المئات بفيروس C والفشل الكلوى.

كما تجاهلوا البلاغ المقدم للمحامى العام لنيابات الجيزة للتحقيق مع الفاسدين بالهيئة الذين أهدروا ملايين الجنيهات بإنشاء محطة فاسدة لا تصلح مياهها للاستخدام الآدمى.

وتؤكد الشكاوى المقدمة للمركز بأن أحد أسباب تدهور الحالة الصحية وتدنى الدخول يعود إلى عدم العدالة وسوء التخطيط القومي وفساد المحليات على سبيل المثال : تعاني قرية الصوامعة غرب- إحدى قرى مركز طهطا بسوهاج ويبلغ تعداد سكانها أكثر من 12 ألف نسمة ويتبعها العديد من القرى، من تدهور الحالة الصحية لسكانها وكذا العديد من المشكلات منها المياه الملوثة التي تحمل نسبة كبيرة من المواد السامة وتتضرر القرية من عدم توصيل المياه النقية من "مرشح طهطا" وأصبحت المياه الجوفية الملوثة خطراً على الأهالي، ويغيب دور السلطة المحلية في حل هذه المشكلة. ويرجع سبب التلوث إلى زيادة المنجنيز عن الحد الأقصى للمواصفات القياسية لصلاحية مياه الشرب، وقد يساعد ذلك على انتشار أمراض الفشل الكلوي بين أهالي القرية.

ووصل الأمر إلى حرمان المدارس التي تخدم أطفال القرى من المياه، فعلى سبيل المثال يعاني الأطفال الملتحقون في أسيوط وصدفا وأبنوب وأبو تيج وديروط وساحل سليم والغنايم والقوصية ومنفلوط والفتح من انقطاع المياه والكهرباء أيضاً عنهم. بالإضافة لذلك، تم اكتشاف أن المواسير المؤدية للمدرسة الابتدائية بقرية شريف باشا ببني سويف مملوءة بالرمال مما يعوق سير المياه بها، وذلك يعني حرمان الأطفال في المدرسة من مياه الشرب والصرف الصحي أيضاً. ومثال آخر من عزبة السفير وعزبة شكري بالخانكة، حيث إن المدرسة الابتدائية الوحيدة بالمنطقة لم يتم مد وصلة المياه لها، ومقاول التنفيذ اعتمد على ضخ مياه الشرب للمدرسة من طلمبة "حبشية" جوفية المياه فيها نسبة ملوحة عالية جداً وغير مقبولة اللون والطعم، والأكثر من ذلك أن محطة مياه الخانكة لا تبعد إلا أمتاراً عن عزبتي السفير وشكري ولم يتم توصيل المياه إلى الأهالي رغم ادعاءات الحكومة بتوصيلها.

وتنتشر في الكثير من القرى ظاهرة بيع مياه الشرب مع غياب دور الدولة الرئيسي في توفير خدمات المياه ، في قرى البدرشين على سبيل المثال انتشرت ظاهرة بيع المياه في جراكن بواسطة شركات قطاع خاص ، وذلك بعد أن حرمتهم الدولة من حقهم في خدمات المياه المدعمة وجعلتهم يلجأون لشرائها. والمياه المباعة لا تتوافر فيها الشروط الصحية، فما يباع منها في قرية كفر طحا على سبيل المثال رديئة اللون والطعم وغير معروف درجة نقائها ونسبة الأملاح فيها ومعبأة في عبوات متسخة. يقوم الفلاحون في القرى التابعة لمركز الخانكة مثلهم مثل أهالي البدرشين بشراء احتياجاتهم من المياه المعبأة ، بل إن الأمر لديهم أسوأ من ذلك حيث إن من لا يقدر على شراء المياه المعبأة يشتريها في صفائح وجراكن بلاستيكية، وتنتشر في الشوارع سيارات وعربات كارو محملة بفناطيس للمياه أحضرها التجار من خارج حدود الخانكة، ويتكرر هذا المشهد يومياً في قرى مثل كفر عبيان وأبو زعبل وتوابعها عزبة الرمل وعزبة الأبيض وعزبة الصفيح. وبالطبع تزداد نسبة التلوث وعدم النقاء في هذه المياه وتهدد بأمراض الفشل الكلوي وخلافه.

تعاني أغلب القرى من مشكلة انقطاع المياه لأسباب فنية ويغيب دور الدولة في التخطيط لحلها ، وفي أغلب الأحيان يتدخل فساد المحليات والوزارات في عدم الحل. فمثلاً قرية هاو في قنا- وهي من أقدم قرى صعيد مصر وكان يطلق عليها "طيبة الصغرى" محرومة من كل الخدمات الأساسية في أية قرية بالإضافة لانقطاع مياه الشرب عنها، يقول أحد مواطنيها إن المياه في حالة انقطاع دائم صباحاً ومساءً وأن مرشح المياه الذي يغذي نجع حمادي بأكمله ليس ببعيد عن القرية ، ولكن المشكلة تكمن في أن نواب مجلس الشعب جعلوا مركز فرشوط يتقاسم المياه مع مركز نجع حمادي وتفوز فرشوط بالنصيب الأكبر من المياه لأنها تنخفض نسبياً عن نجع حمادي التي تبقى هي وقراها بلا مياه.

ومن المشاكل الجسيمة المتعلقة بمياه الشرب اختلاطها في الكثير من القرى بمياه الصرف الصحي. وأبلغ مثال على ذلك معظم قرى مركز أطفيح ، فهي تعاني من عدم وجود مياه صالحة للاستخدام الآدمي بسبب اختلاطها بمياه الصرف الصحي حيث لا توجد شبكة صرف صحي بالمركز، كما أن محطة المياه التي بدأ إنشاؤها منذ عامين لم يتم الانتهاء منها حتى الآن. ويرفع أهالي القرى صوتهم بالشكوى مؤكدين أن أزمة نظافة مياه الشرب أصابت سكان أطفيح بالفشل الكلوي وأمراض الكبد، وكالعادة لا يستمع أي من المسئولين لشكواهم كأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، على حد تعبير أحد المواطنين بقرية عرب منشأة سليمان التابعة لأطفيح.

وهذا يقودنا إلى مشكلة أخرى كبرى وهي أزمة الصرف الصحي، حيث يعاني الكثير من القرى من عدم توافر شبكات الصرف مما يجلب الكثير من الأزمات الصحية وغيرها المصاحبة لذلك. على سبيل المثال، في صعيد مصر قرية الكراتية – إحدى قرى مركز قوص وتعداد سكانها أكثر من 25 ألف نسمة وهي من القرى الزراعية الهامة بالمركز- ليس بها شبكة صرف صحي مما يهدد جدران المنازل بالانهيار خاصة أن هناك العديد منها بالطوب اللبن. والقرية واقعة في قوص لكنها تتبع مركز قفط انتخابياً ولذلك فإن المسئولين لا يهتمون بها سواء في قفط أو قوص. وتتصدر مشكلة الصرف الصحي واستمرار غرق الشوارع في المستنقعات وانهيار شبكة مياه الشرب قائمة القضايا التي تعاني منها قرية الراهب التابعة لمركز شبين الكوم بالمنوفية. فقد قامت الحكومة بإنشاء مشروع للصرف الصحي بالقرية ولكنه فشل بسبب انسداد الخطوط الرئيسية والفرعية وحاجة الشبكة إلى صيانة دائمة حتى لا تحدث انفجارات أو انسدادات خاصة بالخط الرئيسي. وقد تسبب انسداد المواسير في هذه القرية إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية داخل المنازل مما يهددها بالانهيار، كما تسبب تسرب المياه في ارتفاع منسوبها أسفل المباني. والأدهى من ذلك هو وجود أرض فضاء تابعة لسنترال القرية لم يتم استغلالها وأصبحت بركة للمياه وتهدد مباني السنترال بالتصدع وتبعث على أهالي القرية بالحشرات والتلوث البيئي. ويتقدم الأهالي بشكاوى مستمرة إلى المسئولين بالمحافظة إلا أن السلطات المحلية تقابل شكاواهم بإهمال شديد ، الأمر الذى يؤدى لانتشار الأمراض.

وبدلاً من قيام الشركة بدورها فى تطهير المحطة وضخ مياه شرب نظيفة قامت باتهام رئيس نقابة عمال الرهاوى بتحريض المواطنين على التظاهر وعدم دفع ثمن استهلاك المياه، وهددت باقى الأهالى بتحرير محاضر تظاهر ومقاومة سلطات حال عدم دفعهم أو اعتراضهم على المياه الملوثة التى تضخها المحطة.

وقد تقدم المركز بشكاوى المواطنين إلى رئيس الجمهورية ضد محافظ الجيزة ورئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحى وتابعيه بمحافظة الجيزة وطالبهم بوقف البلطجة والإتجار فى حقوق المواطنين ووقف فرض الإتاوات عليهم وتهديدهم بالحبس واتخاذ خطوات عاجلة لتجديد محطات المياه فى الريف المصرى وتوصيل مياه الشرب النظيفة إلى جميع القرى وعلى رأسها محطة مياه قرية الرهاوى بالجيزة كفالة لحقوقهم فى الرعاية الصحية والحياة الآمنة.

ويود المركز أن يشير إلى أن تلوث مياه الشرب وعدم توصيل المياه النظيفة إلى معظم القرى وعدم توصيل شبكات الصرف الصحى إلى أكثر من نصف قرى الريف يساهم فى تدهور الأوضاع الصحية ، الأمر الذى يؤدى إلى إصابة الفلاحين وأسرهم.


رابعًا : ملاحظات ختامية

 

لا يسع المركز فى النهاية إلا أن يؤكد ما جاء بالمقدمة من أن هناك انتهاكًا متواصلاً لحقوق الفلاحين وتعديًا على حقوقهم فى العيش الكريم الآمن ، ولا يسعنا إلا أن نعيد ما جاء ببيان اتحاد الفلاحين إبان الانتخابات الرئاسية كمطالب مشروعة بحقوقهم ، ونحن نعلم أن الرئيس الحالى وحكومته تعلم كيف يمكنها تحقيق هذه المطالب وتنزع فتيل الأزمة وإزالة الاحتقان الاجتماعى لينعم جميع المصريين بالأمان والاستقرار وسوف نعرض أهم هذه المطالب التى جاءت بمطالب اتحاد الفلاحين إبان الانتخابات الرئاسية التى جرت عام 2014:

1-    الاتحاد ونقاباته غير مسئول عن تصريحات النقابات الفلاحية التى تدعى تمثيل الفلاحين بخصوص انتخاب رئيس الجمهورية القادم.

2-    يؤمن الاتحاد بحق كل عضو ومزارع فى اختيار من يمثله بالانتخابات الرئاسية القادمة مع مراعاة معيار الاختيار السليم المتعلق بتطبيق مصالح صغار المزارعين ودعم حقوقهم فى الزراعة الآمنة وتوفير معيشة كريمة لأسرهم.

3-    يؤكد الاتحاد مطالب صغار المزارعين التى يجب على أى رئيس قادم تحقيقها وهى توزيع الأراضى الصحراوية على صغار الفلاحين وشباب الخريجين ، ومد هذه المناطق بالخدمات اللازمة للعيش الكريم على حساب الدولة تطبيقًا لنصوص الدستور ، وكذا تمليك فلاحي الإصلاح الزراعى والعزب والأوقاف الأراضى والمساكن التى يعيشون بها ، وكفالة حقوق صغار المزارعين فى العمل الزراعى الآمن بتوفير مياه الرى والأسمدة ومستلزمات الزراعة المدعومة من الدولة.

4-    حق صغار المزارعين فى معيشة كريمة بتوفير السكن الملائم والرعاية التعليمية والصحية لهم ولأسرهم وتوصيل مياه شرب النظيفة والصرف الصحى والكهرباء لجميع قرى الريف المصرى ورفع قيمة المعاشات للمزارعين الذين لا يحوزون أراضى زراعية ولا يستطيعون العمل نتيجة بلوغهم سن الستين.

5-    إلزام الرئيس القادم بعمل خطة محددة واضحة بوقت وإمكانيات لاستصلاح ملايين الأفدنة بمنطقة مرسى مطروح والصحراء الغربية ، وإلزامه بعمل محطات تحلية لمياه البحر المتوسط وتوزيع هذه الأراضى على صغار المزارعين وشباب الخريجين ودعمهم بوسائل المعيشة الكريمة لتطوير قطاع الزراعة وتحسين حياة أكثر من نصف سكان مصر.

6-    إلزام رئيس الجمهورية القادم فى برنامجه بتطوير قطاع البذور والتقاوى والبحوث الزراعية وعمل بنوك للحفاظ على نوعية البذور وإكثارها وإنتاج سلالات جديدة ودعم قطاع الثروة الحيوانية وضمان وصول هذا الدعم لصغار المزارعين لتحسين نوعية حياتهم وتطوير قدراتنا الزراعية وثرواتنا الحيوانية.

7-    تطوير وتحديث بنك التنمية والائتمان الزراعى بحيث يخدم قطاع الزراعة ويطورها ويحسن نوعية حياة الفلاح مع إسقاط جميع الأحكام الصادرة على صغار المزارعين وإعدام ديونهم أسوة بتجارب مصر فى الستينيات وتجارب الهند وشرق أسيا وأمريكا اللاتينية الحالية بإسقاط جميع ديون صغار المزارعين مع توفير وتسهيل القروض الجديدة بحيث لا تزيد على 4% كل عام أسوة بجميع تجارب التنمية فى العالم.

وهناك عشرات المطالب الفلاحية التى يجب على أى رئيس قادم الالتزام بها أمام مجتمع الريف الذى يزيد على نصف سكان مصر ، ولن نعدد فى رسالتنا هذه المطالب خاصة المتعلقة بعدم وجود بدائل وسياسات تكفل الأمن الزراعى للمصريين وتحسن نوعية حياتنا ومواجهة الفساد بقطاع الزراعة ... إننا نكتفى بهذه الرسالة لنبلغ السلطات والرئيس القادم أيًا كان ليضع حياتنا وأراضينا ومستقبل بلادنا ورؤيتنا ووجهة نظرنا ضمن برنامجه كى نضمن مستقبلاً آمنًا مستقرًا لبلادنا وحياة أفضل لجميع المصريين.

وختامًا لهذا التقرير وبعد استعراض المشاكل التى تعرض لها الفلاحون خلال عام 2014 يؤكد المركز لعلاج تلك المشاكل وكفالة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للريفيين يجب تبنى سياسات زراعية بديلة تحمى حقوقهم وتنهض بقطاع الزراعة وتوقف حبس المتعثرين فى سداد ديون بنك التنمية وتسعى إلى تملكهم أراضيهم ومنازلهم، وتمكنهم من عمل تعاونيات فى الأراضى المستصلحة الجديدة وتوفر مستلزمات الإنتاج الزراعى ومياه الرى وتخفض أسعار الإيجارات الزراعية وتكفل لهم الزراعة الآمنة.

كما يؤكد المركز ضرورة وضع خطة قومية لحل مشكلات التنمية وعلاج غياب العدالة الاجتماعية وتحسين دخول الفلاحين وتضمن تعليم أبنائهم ورعايتهم الصحية وتكفل لهم جميع الخدمات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية ؛ حيث يعيش أكثر من نصف سكان مصر بالريف والمناطق العشوائية التى تفتقر لمقومات الحياة الآدمية.

ويرى المركز أن طموحات المواطنين بعد ثورة 25 يناير تتلخص فى تحسين الخدمات العامة وتوفيرها وحل مشكلات البطالة التى تفاقمت وليس من العدالة تأجيل حل مشكلاتهم بدعوى مواجهة الإرهاب لأن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية تعتبر جزءًا من أسباب تفشى الجهل والعنف والإرهاب ، ويجب أن تعمل السلطات على تحسين نوعية حياة المواطنين وتحقيق مطالب ثورة يناير فى العيش والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.

وفى رأينا أنه لن تتحقق كل هذه المطالب إلا عبر تنظيمات الفلاحين المستقلة والفاعلة والديمقراطية.


 

سلسلة " الأرض والفلاح " تعمل على

زيادة الوعى بأوضاع حقوق الفلاحين فى الريف المصرى ، والمساهمة

فى تحسين تلك الأوضاع ، وتحاول أن ترصد أهم الانتهاكات التى

تتعرض لها حقوق الإنسان فى الريف المصرى ، وأن تبين الأسباب

المختلفة التى تقف وراء تلك الانتهاكات ، كما تحاول السلسة الكشف

عن رؤى واحتياجات الفلاحين فى الريف والمساهمة فى رفع وعيهم..

 

 

 

صدر من هذه السلسلة :

  1. من يفض الاشتباك فى جنوب مصر . "حكاية الإبن الطيب توماس"
  2. منازعات الأرض فى ريف مصر .
  3. أحوال الفلاحين فى ريف مصر    عام 1998 م.
  4. اوقفوا حبس الفقراء... نحو إسقاط الديون الغير مستحقة على الفلاحين .
  5. أحداث العنف ، وأوضاع الفلاحين فى الريف المصرىفى النصف الأول من عام 1999م.
  6. قصــة نجــع العـــرب "كارثة الموت فجأة "
  7. منازعات الفلاحين ضحايا ، وانتهاكات النصف الثانى من عام 1999 م.
  8. أزمة المياه فى مصر .
  9. حقوق الفلاحين فى مصر "قضايا غائبة "  فى النصف الأول من عام 2000 .
  10. انهيار دخول الفلاحين والتعدى على حقوقهم .
  11. آثار قانون تحرير الأراضى الزراعية على الأوضاع التعليمية فى ريف مصر .
  12. حقوق الفلاحين بين دعاوى الإصلاح وأوهام السوق.
  13. الفلاحة المصرية أوضاع متدنية ومصير مجهول.
  14. الأوضاع الصحية فى الريف المصرى أوضاع تحتاج لعلاج.
  15. قانون الأرض وأثره على أوضاع السكن فى ريف مصر
  16. أثر القانون 96 على أوضاع الفلاحين فى الريف المصرى.
  17. أوضاع الفلاحين وقطاع الزراعة فى ظل العولمة.
  18. أوضاع المزارعات فى مصر بعد تطبيق قانون الأرض "دراسة حالة قرية العمارية الشرقية".
  19. أثر  القانون 96 لـ92 على أوضاع الفلاحين فى ريف مصر الجزء الثانى.
  20. بنك التنمية بين الفساد وسياسات إفقار الفلاحين.
  21. أحوال المزارعات فى ريف مــصر دراسة حالة لعزبة رمزى السبيل- محافظة الشرقية.
  22. فى أرضنا يموت البرتقال ... أوضاع الفلاحين فى الريف المصرى .
  23. أحوال المزارعات فى ريف مصر " دراسة ميدانية لمركز الأرض".
  24. إدارة الأرض الزراعية بمن ولمن ؟... الأرض إن ماغنتكش تسترك .
  25. مشكلات الفلاحين فى ريف مصر عام 2003  .
  26. فقد الأرض الزراعية والعنف فى الريف  المصرى – دراسة حالة لقريتين.
  27. إهدار الأراضى الزراعية فى مصر وانتهاك حقوق الفلاحين ... الزراعة مصدر الحياة  ( دراسة حالة لخمس قرى مصرية) .
  28. السيد رئيس الجمهورية ... من يقاوم الجراد الأحمر قبل أن يلتهم أرغفة الفقراء وزرع الفلاحين ومواردنا الطبيعية.
  29. المرأة والأرض والعنف فى الريف المصرى " صفط العرفا قرية تبحث عن النور".
  30. المياه مصدر الحياة .
  31. ماذا جري في الريف المصري عام 2004.
  32. مشكلات المياه في الريف المصري"دراسة حالة لقريتين .
  33. شكاوى الفلاح الفصيح لوالي مصر عام 2005.
  34. زراعات التصدير واتفاقيات التجارة وسياسات السوق الحرة تؤدي لخراب  بيوت الفلاحين2006 .
  35. أزمة إنفلونزا الطيور فى مصر2006 .
  36. الحمي القلاعية وباء يهاجم العالم  بين الحين والآخر  .2006.
  37. الجانب الزراعى فى منظمة التجارة العالمية  2006.
  38. القطاع الزراعى وبرامج التحرر الاقتصادى مارس 2007 .
  39. مقتل 92 وإصابة 257 والقبض على 465 فلاح "العنف ومنازعات الأرض وإهدار أمان الزراعة للفلاحين عام 2006                                                                     مارس 2007 .
  40.  الأمن الغذائى .. البعد الغائب الحاضر فى حياة الفلاحين                                  مايو 2007

       41-  اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية ( الزراعة ... الفرص والتحديات    يونيو 200

42. قرية الحرية بين فقر الخدمات والبطالة و غياب العدالة                           نوفمبر 2007

43.  أزمة الأسمدة فى مصر ( المشكلة والحل )                                        نوفمبر 2007

44- أوجاع الزراعة والفلاحين فى مصر

مقتل 126 وإصابة 445 والقبض على 634 فلاح  خلال عام 2007           يناير 2008

45- المبيدات فى مصر بين سندان السياسة ومطرقة المصالح                      مايو 2008

46- الأوضاع الصحية فى الريف المصرى                                         يونيو 2008

47- المياه فى مصر بين واقع أليم ومستقبل خطير                              سبتمبر 2008

48- تداعيات الأزمة المالية العالمية على الغذاء في مصر                       مارس 2009

(الواقع والتحديات والآفاق المستقبلية)

49- سياسات البنك الدولي في مصرتاريخ من المؤامرات الزراعة نموذجا                  مارس 2009

50- أثر السياسة الإئتمانية الزراعية على القطاع الزراعى المصرى                        ديسمبر 2009

51- رياح التغير فى العالم هل سقطت الحكومة المصرية فى اختبار تجاوز الأزمة          مارس 2010

   منازعات الأرض خلال عام 2009مقتل 151 فلاحاً وإصابة 899 مواطناً

      وحبس 1204 آخرين

 52- دراسة مقارنة عن آثار اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية على حقوق صغار الفلاحين  مارس 2010

53- التغيرات المناخية وآثارها على العائد الفدانى للمنتجين الزراعيين                     يونيو 2010

 ) رؤية مستقبلية لعام 205)

54- التوسع الأفقى إضافة أم إهدار ( رصد لأهم مشكلات المجتمع المصرى ودور           يوليو 2010

مشروعات التوسع الأفقى فى حلها                                                                       

55- رؤية الخبراء..... الفلاح ـ البنك ـ الزراعة والفرصة الأخيرة                                   يونيو 2010

56- منازعات الأرض خلال النصف الأول من عام 2010مقتل 130  فلاحاً

وإصابة 850 مواطناً وحبس 1234  آخرين                                                             يوليو 2010

57- مياه نهر النيل والعطاشى فى مصر                                                 سبتمبر 2010

58- سيناريوهات حول مستقبل العمالة الزراعية فى مصر                              سبتمبر 2010

59- حول عمالة الأطفال والنساء فى الريف                                  اكتوبر 2010

60- حقوق الفلاحين المصريين                                                                     نوفمبر 2010

61- جرائم الريف والضحايا الفقراء حول الأرض والرزق والشرف  خلال النصف الثانى من

عام 2010  مقتل 167 فلاحاً وإصابة 1285 مواطناً وحبس 1987 آخرين            يناير 2011

62- بنك الفساد والظلم وسرقة عرق الفلاحين  المسمى بنك التنمية والائتمان الزراعى   فبراير 2011

63- الحالة الصحية فى الريف المصرى –الوقاية والعلاج                                   مارس 2011.

64- مشكلات السكن فى الريف المصرى                                                     مارس 2011

65- الأرض الزراعية الفرص الضائعة والأمل المنشود                                      يونيو 2011

66- نهضة الزراعة المصرية فى ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة                             مايو 2012

67- تحديث الزراعة أمان الحاضر وضمان المستقبل                                        أكتوبر 2012

68- الموارد الزراعية المصرية والاستفادة القصوى منها                                                نوفمبر 2012

69-نبذة مختصرة عن الزراعة المصرية                                                     فبراير 2013

70- التركيبة الاجتماعية والأوضاع الراهنة في الريف                                      فبراير 2013

 

 

 


مركز "الأرض " لحقوق الإنسان مؤسسة لا تهدف إلى الربح

أنشئ في ديسمبر عام 1996

لماذا مركز الأرض؟

أنشئ مركز الأرض للدفاع عن قضايا الفلاحين والريف المصري من منظور حقوق الإنسان، بعد أن تبين لمؤسسي المركز خلو ساحة العمل الأهلي في مصر من المنظمات التي تعمل في هذا المجال؛ ومن بين القضايا والاحتياجات الحقيقية التي دفعت في اتجاه إنشاء المركز:

- معالجة عدم التوازن في الاهتمام بحقوق الفلاحين والمسألة الزراعية في مصر، وتصحيح المسار في ظل الأوضاع الجديدة المتعلقة بتحرير سوق الأرض والأسعار، مع دراسة أثر ونتائج هذه السياسات في حياة الفلاحين والاقتصاد الزراعي.             

- عدم وجود بنية تشريعية تنظم أوضاع العاملين في قطاع الزراعة، وبالتالي تعرضهم لانتهاكات عديدة شبه يومية، سواء على صعيد حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية "أو "على صعيد الحقوق المدنية والسياسية.             

 - اتساع الفجوة بين الريف والحضر في مصر، خاصة على صعيد الخدمات، مما يجعل قطاعًا عريضًا من سكان الريف عرضة لانتهاكات مضاعفة بسبب تردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

- تفاقم مشكلة عمالة الأطفال في الريف في القطاع الزراعي أو غيره من القطاعات، وزيادة معدلات الأمية والتسرب من المدارس بينهم.

- الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة الريفية، على صعيد الأسرة والعمل، أو بسبب الأوضاع الاجتماعية العامة.

مجالات عمل المركز:

-الدفاع عن الفلاحين والعمال الزراعيين مما يتعرضون له من أوضاع العمالة الزراعية الدائمة والمؤقتة الناجمة عن غياب التنظيم القانوني، وخاصة فيما يتعلق بعقود العمل والأجازات واللوائح التي تنظم حقوقهم وواجباتهم.

 - دعم وتشجيع دور التنظيمات النقابية والتعاونيات والجمعيات والروابط الفلاحية.

- مواجهة ظاهرة عمالة الأطفال من حيث أسبابها ومظاهرها وآثارها من منظور حقوق الطفل.

- العمل على تمكين المرأة الريفية، وخاصة العاملات في قطاع الزراعة، لمواجهة الانتهاكات التي تتعرض لها بسبب وضعها النوعي والاجتماعي.

- الدفاع عن البيئة الزراعية وبيئة المجتمع الريفي ضد مخاطر التلوث، وتوعية الفلاحين بقضايا التلوث البيئي.

أهداف المركز:

-المساهمة في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلاحين في ريف مصر.

-رصد انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث داخل القرية المصرية وخاصة المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

-تنمية وعى المواطنين بنشر ثقافة حقوق الإنسان، وتشجيع العمل المشترك، والتنسيق بين مؤسسات المجتمع المدني ودعم استقلالها وتعزيز قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.

- المساهمة في صياغة برنامج الإصلاح الاقتصادي الزراعي في مصر، بحيث يكفل للفلاحين حقوقهم ويؤمنهم في زراعة أراضيهم.

- الكشف عن رؤى واحتياجات الفئات المهمشة والفقيرة في مصر وإشراكهم في صناعة القرار وصياغة البرامج التي تطبق عليهم.

آليات عمل المركز:

-تقديم المساعدة القانونية للفلاحين في القضايا ذات الصلة بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو المدنية والسياسية.

-إصدار التقارير والدراسات والبيانات لكشف الانتهاكات التي يتعرض لها الفلاحون فى الريف المصري.

- تنظيم دورات تدريبية وإصدار المطويات، من أجل تنمية وعى المواطنين في القرية المصرية بالحقوق المتعلقة بقضاياهم.

- تكوين شبكة من المتطوعين والمهتمين والنشطاء لدفع العمل الأهلي والتطوعي في مجال حقوق الإنسان.

-تنظيم الندوات وعقد ورش العمل لمناقشة القضايا المتعلقة بأوضاع الريف المصري السياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية.

- السعي لإقامة علاقات وطيدة مع المؤسسات المحلية والدولية المهتمة بالعمل في مجال التنمية وحقوق الإنسان؛ للمساهمة في تحقيق أهدافنا.

المركز يقوم بأنشطته بشكل تطوعى ويقدم الدعم القانوني ، ويتلقى جميع الشكاوى المتعلقة بحقوق الفلاحين والعمال والصيادين والمرأة والأطفال في الريف.

 

 

"هاوية السقوط "لماذا يتستر النظام الحاكم على جرائم الفساد ونهب ثروات المصريين؟

$
0
0

تقرير جديد لمركز الأرض

" هاوية السقوط "

لماذا يتستر النظام الحاكم على جرائم الفساد

ونهب ثروات المصريين؟

                                                          إلى أرواح الشهداء

لماذا نصدر هذه التقرير الذى يعتمد على معلومات وردت فى صفحات ومواقع وصحف مصرية بعد ثورة 25 يناير؟ لماذا نذكر بعض وقائع نهب ثروات المصريين ونستعرض اسماء هؤلاء اللصوص دون غيرهم من الآلاف الذين نهبوا وخربوا اقتصاد بلادنا وما زالوا أحرار يمارسون فسادهم فى حماية السلطة الراهنة، ولماذا لم تحقق تلك السلطة عبر أجهزتها الرقابية فى وقائع هذا الفساد وتحاكم الفاسدين وتعيد ثرواتنا؟

إلا تكفى هذه الثروات المنهوبة التى تزيد عن 1000 مليار جنية لبناء الآلاف المصانع واستصلاح ملايين الأفدانة وبناء محطات لتحلية مياه البحر المتوسط والأحمر وتوفير احتياجتنا من المياه؟ إلا تكفى لبناء شبكات صرف صحى ومحطات مياه شرب نقية ومحطات توليد كهرباء وتتيح الخدمات العامة لكل المصريين؟ إلا تكفى لبناء مئات المستشفيات وتجهيزها بأطقم بشرية والآلات طبية وأدوية تكفى لعلاج كل المصريين من الأمراض المزمنة التى زرعتها أنظمة الحكم المتوالية فى أجسادنا؟ إلا تكفى لبناء مئات المدن السكنية واتاحة السكن اللائق لجميع المصريين؟

لماذا أذن تصر هذه السلطات المتوالية لحكم بلادنا على إعادة أنتاج الأزمة رغم توافر مواردنا المتنوعة التى يمكنها أن تجعل من المحروسة واحة للخير والنماء والحب والسلام؟

كل هذه الأسئلة وغيرها هى ما دعتنا لإصدار هذه الورقة التى تحتوى على معلومات قديمة لكنها صالحة لآثارة الدهشة.

نعلم أن الفساد طال معظم قطاعات الدولة مثل المحليات، الصحة، التعليم، العدل، البيئة، الرى، الزراعة، الصناعة، الثروة المعدنية، الطاقة، الأمن، الثقافة، وغيرها من القطاعات، لكننا أثرنا أن نثير نموذج صغير للفساد المتفشى فى قطاع الأراضى لنكتشف سويًا حجم الدهشة من صمت وتجاهل وتبرير المدافعين عن النظام الذى يحمى الفاسدين، ويرفض استعادة أموالنا المنهوبة ويترك أجسادنا وعقولنا كى ينخر فيها الجهل والمرض والفقر.

فهل يحتاج المبرراتية المدافعين عن سياسيات السلطة إلى معلومات أكثر عن حجم الفساد وتواطئ رجال النظام فى تخريب بلادنا كى يعيدوا النظر فى موقفهم من أجل صالح بلادنا وحياة أهالينا؟

ما دعنا إلى أصدار هذه الورقة هو محاولة لحث منظمات المجتمع المدنى للإجابة عن هذه الأسئلة، ومعرفة اسباب تواطئ وعلاقة هؤلاء المدافعين عن سياسيات النظام الذى يهدر حقوق المصريين لصالح اللصوص الذين نزفوا عرق المصريين وثرواتهم ولا زالوا يتمتعون بنفس نفوذهم لمواصلة النهب.

والجدير بالذكر أن الرصد السريع داخل التقرير يحتوى على عناوين فقط لحجم الثروة المنهوبة واسماء بعض النهابين، إذا يكفى للقارئ أن يكتب اسم الناهب على الإنترنت ليكتشف حجم المعلومات عن الأموال والثروات التى سرقها أى لص منهم، وعلاقته بسلطة المخلوع، وتواطئ الأنظمة الحاكمة منذ يناير 2011 وحتى اليوم حتى لا تتم محاكمتهم وإعادة ثرواتنا المنهوبة.

ويأمل المركز بإصداره هذه الورقة أن يفتح مناقشات مع المهتمين بدعم حقوق المنتجين فى جدوى "حديث الإصلاح" وحقيقة "الإصطفاف" وطبيعتهما ومضمونهما خاصة فى ظل سيطرة هؤلاء النهايبن وغيرهم على مقدراتنا، ومواصلتهم الفساد دون رادع وبحماية نفس الفاسدين الذين داعموا فسادهم فى الماضى.

نعلم أن اللصوص تمكنوا عبر السنوات القليلة الفائتة من إتباع حيل قانونية تمكنهم من الاحتفاظ بثروتهم وعدم المسألة أمام القانون، ولكن أى قانون قادر وحده ليكون معايرًا للعدالة بين طبقات الشعب .. وأى قانون إذا كانت السلطة نفسها لا تحترم دستور أو قانون.

نصدر هذه الورقة كى نعلن موقفنا من سياسة "هاوية السقوط" التى تتبنها السلطات المتوالية منذ يناير 2011 وحتى اليوم لنحث أصدقائنا من النقابين وأعضاء الجمعيات على إعادة النظر فى رؤيتهم لطبيعة السلطة وحلفائهم وخصومهم، ومن آليات عملهم وبناء أسس ومعايير للعمل المشترك لبناء مستقبل أفضل لكافة المصريين.

ونأمل أن تهتم منظمات المجتمع المدنى بالبحث والنقاش لخلق رؤية وأطر وبدائل جديدة لتنظيم المواطنين من أجل حماية بلادنا من الخراب والنهب وتحقيق مطالب المصرين الذين خرجوا للشوارع فى يناير 2011 حالمين بالعيش والحرية والكرامة والمساواة وسوف نستعرض فى عجالة بعض قضايا الفساد التى نشرتها الصحف ومواقع الإنترنت، وذلك على النحو التالى:

أولاً: فساد بالوكالة

هناك العديد من الوسطاء التى تستخدمهم السلطة لتهريب أموالنا بطرق وحيل قانونية، وكان من ضمن هؤلاء، شخص يدعى سليمان البدرى، وهو أحد أهم الرجال المقربين إلي وزير الإسكان الأسبق إبراهيم سليمان، وحصل على 25 فدانا بالقاهرة الجديدة بثمن بخس، وحصل على قرض كبير من بنك مصر إكستريور بضمان تلك الأرض بعد إعادة تقييمها بالأسعار الفلكية، يذكر أن البدرى عين من قبل الوزير المذكور رئيسا لمجلس أمناء مدينة الشروق، كما يملك مقهى "العقاد" وهو المكان المخصص لرجال سليمان، كما يملك البدرى شركة للاستثمار العقارى تسمي  BDH ويقال أنه كان وراء إدارة توزيع القصور والأراضى على المسئولين، وقد خصصت الحكومة وبثمن بخس أراضى وفيلات وقصور إلى عدد كبير من المسئولين ومنهم:

عاطف عبيد:

رئيس الوزراء الأسبق، خصص له قصر فخم فى مارينا بالإضافة إلى فيللا ضخمة أشبه بالقصر فى قرية رمسيس بالكيلو 44 من طريق مصر الإسكندرية الصحراوى، كما منح عدة أراضى فى مناطق مختلفة اشتراها جميعها بثمن بخس.

 اللواء هتلر طنطاوى:

رئيس سابق لأكبر جهاز رقابي في مصر لمكافحة الفساد وهو هيئة الرقابة الإدارية، خصصت له أراضى شاسعة فى عدة مناطق، وقصر فخم فى التجمع الخامس تم بناؤه بالمخالفة، وقصر ثان لا يقل فخامة فى مارينا، وقصر ثالث فى قرية بدر المجاورة لمارينا، وفيلتان فى 6 أكتوبر، كما تسلم أولاد هتلر من ممتلكات الدولة ما يلى: 

-        تسلمت ابنته سما هتلر وزوجها محمد محمود وأولادهما ندى ونوران أرضا مساحتها 40 فدانا.

-       تسلمت ابنته منى هتلر وشقيقتها سما هتلر أرضا مساحتها 10 أفدنة.

-       تسلم ابنه وليد هتلر أرضا مساحتها 10 أفدنة.

يذكر أن مبارك كان قد منح هتلر طنطاوى وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عند إحالته إلى المعاش .

 

فاروق سيف النصر:

  وزير العدل الأسبق، خصص له قصر ضخم فى مارينا .

سيد طنطاوى:

شيخ الأزهر الأسبق، خصص له ولولديه، عمرو وأحمد، ثلاثة قصور فخمة وعلى مساحات واسعة بالتجمع الخامس، كما حصل ولداه المذكوران على 220 ألف متر بالدخيلة بسعر 35 قرشًا للمتر، علما أن الأرض المذكورة قد نزعت ملكيتها من مالكها الأصلي، لكنه مثل خالد فوده فى الفقرة (5) لا يملك أى جنسية أجنبية، كالتى يتمتع بها وجيه سياج، كى يستعيد حقه! يذكر أن سيد طنطاوى نشأ فى عائلة معدمة فى قرية سليم شرقى بمركز طما بمحافظة سوهاج.

الفريق أحمد شفيق:

وزير الطيران المدنى ورئيس الوزراء الأسبق، خصص له قصر فخم بالتجمع الخامس بجوار قصر هتلر طنطاوى .

سامح فهمى:

 وزير البترول الأسبق، خصص له قصر فخم على ربوة مرتفعة بالتجمع الخامس .

زكريا عزمى:

وزير ديوان مبارك، خصص له قصر فخم على مساحة 3000 متر مربع بالتجمع الخامس .

فتحى سرور:

رئيس مجلس الشعب فى عهد المخلوع، تسلم عدة قطع اشتراها بثمن بخس وأعاد بيعها بأسعار عالية بمساعدة سمير زكى وحقق من وراء ذلك ربحا قدره 15 مليون جنيها، خصصت الحكومة له قصرين بنفس الأسعار فى رويال هيلز وأعاد بيعهما بنفس الطريقة، كما خصصت الحكومة له قصرين بثمن بخس فى التجمع الخامس ويحتفظ بهما.

كمال الشاذلى:

عضو مجلس الشعب وأمين التنظيم السابق بالحزب الوطنى المنحل، تسلم وقبل أيام من خروجه من الوزارة مساحة 40 فدانا بمنطقة الحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر، واستثنى من شرط نسبة المبانى، أعاد الشاذلى بيع تلك المساحة بسعر 280 ألف جنيها للفدان (أى أنه حقق ربحًا صافيًا قدره 10 مليون جنيها) إلى الأمير السعودى مشعل عبد العزيز بمساعدة سمير زكى، كما خصص للشاذلى ولأولاده أيضا منتجع ضخم فى التجمع الخامس يضم ثلاثة قصور يحيطها سور فخم. 


 
اللواء حبيب العادلى:

وزير داخلية المخلوع، تسلم 32 فدانا بثمن بخس، وتم إمداد الأرض المذكورة بخط مياه على نفقة الدولة .


 
صفوت الشريف:

رئيس مجلس الشورى ووزير الإعلام السابق لمدة ربع قرن، تسلم وأولاده 33.5 فدانا على الطريق مباشرة، كما خصصت الحكومة لأحد أبنائه مساحة من شاطئ مارينا أقام عليه ما يسمى بشاطئ البشمك للمحميات وشاطئ الأبلاج الذى به كانترى كلوب وسباقات خيول وحمامات سباحة.

محمود محمد علي:

رئيس مصلحة الضرائب  السابق تسلم 40 فدانا بنى فى بعض مساحتها ثلاثة قصور، ويقدر قيمة كل قصر بمبلغ 15 مليون جنيه، بالإضافة إلى فيلا فى الساحل الشمال قيمتها 17 مليون جنيه،  وزع رئيس المصلحة بعض المساحة على عائلته كما يلى:

نشوى عبد الغنى محمود:

هى زوجة رئيس مصلحة الضرائب، وتسلمت خمسة أفدنة وهى موظفة فى البنك المركزى فرع الألفى، ومخصص لها سيارة فاخرة BMW سوداء بسائق على نفقة مصلحة الضرائب.

 

محمد محمود محمد على:

ابن رئيس مصلحة الضرائب، وتسلم 10 أفدنة ويملك سيارة شيروكى بيضاء .

ناصر الخرافى:

يحتل المرتبة الأربعين فى قائمة أغنى أغنياء العالم، فى منطقة مركز العياط بالجيزة، استولى بالفساد على الآلاف الأفدانة بسعر 200 جنيهًا للفدان، يذكر أن الفدان كان يباع للفلاحين فى هذا الوقت بالمنطقة المذكورة بسعر 15 ألف جنيها، الكارثة أن المساحة المذكورة عبارة عن منطقة أثرية وبها هرمان منهما هرم "سنوسرت" وتقدر قيمة فروقات الفساد بأكثر من 100 مليار جنية.

ثانيًا: 16 مليون فدان تم الاستيلاء عليها من مافيا الأراضى

وتقدر قيمتها بنحو 800 مليار

أتهم جمال زهران، نائب مجلس الشعب الحكومة بإهدار 800 مليار جنيه، شرح زهران المبلغ بأنه عبارة عن مساحات كثيرة وكبيرة من أراضى مصر وزعت على كبار المسئولين بالدولة ورجال أعمال يدورون فى فلكهم.

ودلل على كلامه بما أعلنه اللواء مهندس عمر الشوادفى، رئيس جهاز المركز الوطنى لاستخدامات الأراضى، حين قال أن نحو 16 مليون فدان قد تم الاستيلاء عليها من مافيا الأراضى وتقدر قيمتها بنحو 800 مليار جنيه وتمثل المساحة المنهوبة، أى الـ 16 مليون فدان، ما قيمته 67.2 ألف كم مربع، وهو ما يزيد عن مساحة الدول الخمس التالية مجتمعة، فلسطين التاريخية 26.6 ألف كم مربع، الكويت 17.8 ألف كم مربع، قطر 11.4 ألف كم مربع، لبنان 10.4 ألف كم مربع، البحرين 5.67 ألف كم مربع، يقع ضمن المبلغ المذكور، أى الـ 800 مليار، مبلغ يقدر بحدود 80 مليار جنيها، وهو عبارة عن الأسعار السوقية للأراضي التى باعتها الدولة بثمن بخس إلى ست مؤسسات وشخصيات وهم:

أحمد عز، مجدى راسخ، هشام طلعت مصطفى، محمد فريد خميس، محمد أبو العينين، الشركات الخليجية، الفطيم كابيتال الإماراتية، إعمار الإماراتية، داماك الإماراتية qec ،القطرية.

ثالثًا: نهب منظم لأراضي مصر من رجال المخلوع مبارك

خصصت الحكومة 100 كيلو متر ( 100 مليون متر مربع ) شمال غرب خليج السويس، وقسمها بين خمس جهات دون الإعلان عن مناقصات أو مزايدات، وذلك بواقع خمسة جنيهات عن كل متر مربع، إلا أن هذه الجهات لم تدفع جنيهاً واحدًا عن كل متر، وخصصت المنطقة المذكورة تحت ذريعة تنميتها .

وأكد هذه المعلومات دكتور ممدوح حمزة، الذى ذكر أن المنطقة المذكورة لم تشهد أى تنمية وما يحدث ما هو إلا تسقيع للأراضى وقدم إلى رئاسة الجمهورية ملفًا كاملاً عن الفساد فى وزارة الإسكان، ذاكرًا الجهات الخمس التى نهبت المنطقة المذكورة فى عهد المخلوع وهم:

أحمد عز:

تسلم 20 مليون متر مربع ( قيمتها السوقية 2.4 مليار جنيه ) أنشأ مصنعًا للصاج بمساحة 150 ألف متر مربع، وباع 150 ألف متر مربع إلى الملياردير الكويتى ناصر الخرافى بمبلغ 1500 جنيهًا للمتر المربع، ومازال يحتفظ بالمساحة المتبقية.

محمد فريد خميس:

تسلم 20 مليون متر مربع ( قيمتها السوقية 3.5 مليار جنيه ) وهو أحد كبار رجال الأعمال، ويملك شركة النساجون الشرقيون، أنشا مصنعًا للكيماويات بمساحة 20 ألف متر مربع وباع باقى المساحة فى صفقة ضخمة حققت عدة مليارات، كما تذكر بعض المصادر أن الوزير سليمان قد خصص أيضا لخميس 1500 فدانا .

محمد أبو العينين:

تسلم 20 مليون متر مربع ( قيمتها السوقية 1.3 مليار جنيه ) وهو عضو الحزب الوطنى ورجل الأعمال المعروف، وصاحب شركة كليوباترا للسيراميك، أنشأ مصنعًا للبورسلين على قطعته بمساحة 150 ألف متر مربع وممرا لهبوط طائراته الخاصة ( يملك ثلاث من نوع جولف ستريم ويقودها بنفسه، وتقدر مساحتها بنحو 50 ألف متر مربع، وباع كل المساحة الباقية فى صفقة بعدة مليارات.

 

نجيب سايروس:

تسلم 20 مليون متر مربع ( تقدر قيمتها السوقية بمبلغ 1.3 مليار جنيه ) أنشأ مصنعًا للأسمنت على قطعته بمساحة 200 ألف متر مربع، وباع كل المساحة الباقية فى صفقات بعدة مليارات .

الشركة الصينية:

وكان نصيبها أيضا مثل السابقين 20 مليون متر مربع، ولم يتم استغلالها حتى الآن .

رابعًِا: حيتان الفساد

هناك المئات من الفاسدين التى نشر الإعلام فضائح الصفقات والأراضى التى نهبوها، وكان من أبرزهم:

إبراهيم سليمان:

وزير الإسكان فى عهد المخلوع، وصاحب قرار البيع فى الأراضى والفيلات التى تبنيها الدولة،  دخل الوزير المذكور الحكومة فى أكتوبر 1994، وكان يعمل قبل ذلك أستاذًا فى كلية الهندسة بجامعة عين شمس بمرتب 585 جنيها، وخرج سليمان من الوزارة فى ديسمبر 2005، لكنه كان يمتلك عند خروجه ما يلى:

- عدد تسعة من السيارات الفاخرة .

- قصران بمصر الجديدة بجوار قصر الدكتاتور حسنى مبارك ( باع إبراهيم سليمان أحدهما فى 2006 إلى شريكه الجديد رجل الأعمال يحيى الكومى بمبلغ 45 مليون جنيه، ويسمى قصر النقراشى لأنه شيده على أنقاض قصر النقراشى باشا رئيس وزراء مصر الأسبق بعد هدمه بالمخالفة للقانون، ويذكر أن يحيى الكومى هو شريك الآن مع الوزير المذكور فى مصنع لإنتاج غاز الميثونول، وهو مشروع يحقق أرباحا فلكية .

- قصر فى "أبو سلطان" بمنطقة لسان الوزراء بمدينة فايد بالإسماعيلية .

- قصر فى مارينا يطل على البحر مباشرة .

- قصر بجزيرة الشعير بالقناطر الخيرية .

- قصر بمنطقة الجولف بالتجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، مقام على مساحة 6000 متر مربع بجوار قصور سيد طنطاوى الثلاثة.

-  قطعة أرض باسم زوجته منى المنيرى بالتجمع الخامس، ومساحتها 1393 مترًا مربعًا بثمن 842 ألف جنيهًا ويبلغ ثمنها السوقى 10 مليون جنيهًا .

- قطعة أرض باسم ابنه شريف بالمنطقة المميزة بأرض الجولف بالتجمع الخامس، ومساحتها 4458 مترا مربعا بثمن 1.5 مليون جنيهًا ويبلغ ثمنها السوقى 12 مليون جنيهًا.

- قطعة أرض بإسم إبنته جودى بالمنطقة المميزة بالتجمع الخامس، ومساحتها 733 مترًا مربعًا بثمن 752 ألف جنيهًا ويبلغ ثمنها السوقى 5 مليون جنيهًا .

- قطعه أرض بإسم إبنته دينا بالمنطقة المميزة بالتجمع الخامس، ومساحتها 2243 مترًا مربعًا بثمن 760 ألف جنيهًا ويبلغ ثمنها السوقى 13 مليون جنيهًا .

-30  ألف متر مربع فى مرسى علم بجوار قطعة صديقه محمد أبو العينين .

يذكر أن قانون هيئة المجتمعات العمرانية الجديد ينص على أنه لا يجوز للفرد الواحد وزوجته وأبنائهما القصر الحصول على أكثر من شقة واحدة أو قطعة أرض واحدة فى المدن الجديدة عن طريق التخصيص، ولكن الوزير الأسبق منح زوجته وأبنائه القصر 7 قطع وفيلات مساحتها جميعًا 10 آلاف متر فى القاهرة الجديدة ومارينا.

وكما منح مبارك المدعو هتلر طنطاوى وسام الجمهورية من الطبقة الأولى، فإننا نجده هنا أيضًا يمنح إبراهيم سليمان نفس الوسام فى فبراير 2006 غير عابئ بإدارته للفساد والتى جعلته على رأس قائمة الوزراء الأكثر فسادًا وتخريبًا لأراضى مصر، كما عينه مبارك فى عام 2008 رئيسًا لمجلس إدارة شركة الخدمات البحرية براتب شهرى 1.3 مليون جنيهًا رغم عدم خبرته فى هذا المجال.

إبراهيم كامل:

 أحد أقطاب الحزب الوطنى المنحل، ما أمكن حصره من أراضى مصر التى نهبها هو يلى:

- خصصت له الدولة أرضا فى الساحل الشمالى اشتراها بقروش عديدة، أنشأ كامل عليها قرية غزالة السياحية وقفز ثمن متر الأرض بها إلى عدة آلاف من الجنيهات .

- منحته الدولة 64 كيلو متر مربع لإنشاء مطار العلمين، رغم معرفة الحكومة جيدًا أن مساحة المطار لا تزيد عن 10% من المساحة المذكورة، لكن المخططين لإبراهيم كامل يعلمون أن المساحة المتبقية سيتم بيعها كقرى سياحية بأسعار فلكية، لم يدفع إبراهيم كامل فى تلك المساحة الكبيرة إلا مليونى جنيه من خلال قرض من أموال المودعين، خصصت له الدولة أرضًا فى منطقة سهل حشيش فأنشأ عليها شركة يرأس مجلس إدارتها لتطويرها سياحيًا .

لابد أن نذكر هنا أن إبراهيم كامل مدين بثلاثة مليار جنيهًا تقريبًا إلى بنك القاهرة، وتحديدًا فرع الألفى، ويتمتع بحماية مبارك شخصيًا، وكان رئيس بنك القاهرة السابق أحمد البرادعى، أحد رجال جمال مبارك، قال ما نصه " إبراهيم كامل خط أحمر لا يجرؤ أحد على تخطيه، خلاص، لا يأخذ قروضًا جديدة ولا نسأله عن القروض القديمة! ".

محمد أبو العينين:

أحد رجال نظام مبارك وحصل فى منطقة شمال غرب خليج السويس على القطع التالية: 

- تخصيص 5000 فدان فى منطقة شرق العوينات غير معلوم تفاصيلها .

- تخصيص 1520 فدان فى منطقة مرسى علم، وقد اشتراها بسعر دولار للمتر وسدد 20 % من المبلغ، ثم أعاد بيعها بأسعار فلكية للملياردير الكويتى ناصر الخرافى، وقدرت القيمة السوقية لهذه الأرض بمبلغ مليار و260 ألف جنيه .

- وضع يده على 500 فدان على طريق مصر الإسماعيلية، وهى أرض ملكًا للدولة ممثلة فى شركة مصر للإسكان والتعمير .

- تم تخصيص له 1500 فدان ( 6.3 مليون متر مربع ) بمنطقة الحزام الأخضر بمدينة العاشر من رمضان .

مجدى راسخ:

 والد زوجة علاء مبارك هايدى راسخ  ابن المخلوع، وخصصت الحكومة له مساحة 2200 فدان ( 9.2 مليون متر مربع ) وذلك فى أفضل أماكن مدينة الشيخ زايد بسعر 30 جنيها للمتر، لكن راسخ دفع مقدما بسيطًا ولم يسدد المبلغ المتبقى، تردد فى بداية عام 2006 عن وجود عرض من شخصية خليجية كبيرة بشراء تلك المساحة بمبلغ 10 مليار جنيها ( أى بسعر يزيد عن 1000 جنيها للمتر المربع )، ويذكر أن مجدى راسخ هو صاحب مشروع بيفرلى هيلز بمدينة الشيخ زايد، والذى حقق من ورائه المليارات الكثيرة، وله مساحات أخرى منتشرة فى عدة أماكن إستراتيجية بمصر .

هشام طلعت مصطفي:

أحد رجال المخلوع وقريب زوجته، وخصصت الحكومة 9 آلاف فدان ( 37.8 مليون متر مربع) فى منطقة شرق القاهرة لإنشاء منطقة سكنية باسم مدينتى بسعر يبلغ 5 جنيهات للمتر، تقدر القيمة السوقية للمتر المربع بها بمبلغ 3500 جنيه مما أهدر على الدولة مبلغًا قدره 28 مليار جنيه.

حسين سالم:

عراب المخلوع وخصصت الحكومة وبطريقة البلطجة ووضع اليد جزيرة نيلية بالأقصر إلى المدعو حسين سالم تسمى جزيرة التمساح، وذلك بمبلغ 9 مليون جنيها، وأنشأ عليها شركة التمساح للمشروعات السياحية .

تضم الجزيرة عشرات الأفدانة وسعرها الحقيقى لا يقدر بمال، وإن كان قد قدر من قبل المختصين بأكثر من مئة ضعف ليقترب من مليار جنيه، جزيرة التمساح تعتبر جوهرة لا تقدر بثمن بسبب موقعها الإستراتيجي المطل على مدينة الأقصر، والتى تضم وحدها ثلثى آثار العالم ويتقاطر عليها السياح من أرجاء المعمورة .

كما حصل وبنفس الأسلوب على أراضى شاسعة ومميزة فى شرم الشيخ وسدر، ويذكر أنه يمتلك خليج نعمة المنياء الأشهر بمدينة شرم، كما خصص لحسين سالم قصر ضخم أسطوانى الشكل مقام على مساحة 6000 متر مربع فى التجمع الخامس، هذا بالإضافة إلى عدد كبير من المساحات تنتشر فى مختلف الأماكن فى مصر، يذكر أن مبارك نزع فى منتصف التسعينات ملكية أحد الأراضى فى سيناء من ماليكيْها خالد فودة ووجيه سياج، صاحب فندق سياج بالهرم وأعطاهما إلى حسين سالم بثمن بخس، وأمضى سياج عشر سنوات فى المحاكم المصرية، وحصل على أحكام منها كثيرة لتمكين من أرضه، ورفضت سلطة مبارك تنفيذها وقامت بقطع الخدمات عن فندق سياج بالهرم، وتوجه سياج إلى المحاكم الدولية، وفى يوليو 2009 حكمت لصالحه بتغريم مصر بمبلغ 134 مليون دولار ( حوالى 750 مليون جنيه )، وأذعنت سلطة مبارك إلى تنفيذ الحكم، لكنه دفع هذه المبالغ، كما هو الحال دائمًا، من دماء الشعب المصرى!

ويعتبر حسين سالم شريك المخلوع فى شركة السلاح التى أنشأها فى باريس باسم "الأجنحة البيضاء"، وقد وردت تفاصيل تلك القصة فى كتاب "الحجاب" للصحفى الأكثر شهرة فى العالم بوب وودوارد والذى صدر فى عام 1985، كما استولى حسين سالم على مبالغ كبيرة من البنك الأهلى فى ثمانينات القرن الماضى وأخرجه مبارك من القضية ومن الأضواء حتى ينسى الناس القضية بعد أن أثارها النائب علوى حافظ البرلمان عام 1986، وعاد سالم فى التسعينات بأقدام ثابتة ليعمل فى السياحة فى سيناء من خلال تخصيص الأراضي له بثمن بخس، يدير بعضًا من المال الذى نهبه آل مبارك من خلال شركة شرق المتوسط التى قامت بتصدير الغاز إلى إسرائيل، ويقال أنه هرب أموالاً تقدر بمئات المليارات إلى بنوك أوروبا أبان ثورة 25 يناير.

شركة أرتوك:

خصصت الحكومة 1500 فدان للشركة بثمن بخس على طريق مصر الإسكندرية الصحراوى، والتى يمتلكها كل من إبراهيم نافع رئيس مجلس إدارة جريدة الأهرام وحسن حمدى عضو مجلس إدارة الجريدة ورئيس النادى الأهلى، وقد تمت الصفقة على أن يترك حسن حمدى أرض النادى الأهلى فى مدينة 6 أكتوبر فى مقابل إتمام تلك الصفقة .

دفعت الشركة جنيهات قليلة فى ثمن الفدان الواحد ثم قسمت المساحة الكلية إلى قطع متساوية بمساحة 30 فدان مع فيللا لكل قطعة، تم البيع بسعر 2 مليون جنيهًا للقطعة، وكان من ضمن العملاء المليونير السعودى عبد الرحمن الشربتلى، وكذلك السفير أحمد القطان مندوب السعودية فى الجامعة العربية.

أحمد بهجت:

أحد رجال نظام المخلوع، وخصصت الحكومة 2045 فدانا بمبلغ 454 مليون جنيه لأحمد بهجت من خلال شركته دريم لاند فى عام 1994، كان بهجت قد اقترض عدة مليارات من البنوك المصرية ولم يتمكن من سدادها ووضع اسمه ضمن قوائم الممنوعين من السفر للخارج، إلا أن جمال مبارك ابن المخلوع أخرجه للسفر إلى أمريكا للعلاج،  وتفجرت قضية أراضى دريم لاند بصورة سريعة فى 2 يونيه 2008، وأضطرت الشركة المذكورة لبيع 831 فدان وتقدر قيمتها السوقية بمبلغ 12 مليار جنيه، وهو جزء قليل إذا ما قورن ببقية الأراضى المذكورة.

 

أشرف مروان:

أحد رجال مبارك، وخصصت الحكومة 55 فدانًا لتأسيس نادى بالقاهرة الجديدة وفى قلب التجمع الخامس بتاريخ 29 أكتوبر 2000، ومورست الضغوط علي مروان من رجال إبراهيم سليمان وزيرالإسكان حينها حتى ترك المشروع، كانت عصابة الإسكان جاهزة فقد أصدر الوزير قرارًا بتكوين مجلس إدارة جديد للنادى برئاسة حسن خالد نائب الوزير للمجتمعات العمرانية الجديدة وعضوية خالد سويلم، الشريك الواجهة فى مكتب الوزير، ومحمد حسنى وداكر عبد اللاه وجاد محمد جاد.

قام أعضاء مجلس إدارة النادى بتسليم الأرض المذكورة إلى صديق الوزير عماد الحاذق لإقامة مشروع إستثمارى كبير مكون من فيللات، وتم بيع الفيللا فيه بمبلغ 850 ألف جنيهًا، قام أولاد حاذق بتعليق لافته كبيرة على المشروع، شارع 90 بالتجمع الخامس، تقول أن المشروع مكون من 100 فدان، وعندما قام مكتب هندسى بقياس المساحة الكلية وجد كارثة أكبر وهى أن مساحته تزيد عن 900 فدان، أكد المهندس المصيلحى، مسئول المساحة بالقاهرة الجديدة، صحة تلك المساحة الجديدة، وقال أن الوزير سليمان يملك الإجابة على ذلك!!، يذكر أن أولاد حاذق قد أنشئوا منطقة مميزة داخل تلك المساحة الكبيرة تسمىLakeView  وهى أغلى مناطق التجمع الخامس.

شركة المهندسين المصريين:

خصصت لها الحكومة 770 فدانا فى 27 يوليو 1994 وبسعر 50 جنيهًا للمتر على أن يسدد المبلغ بالتقسيط المريح ( 10 % عند التعقد ثم 15 % خلال سنة من التوقيع على العقد ثم فترة سماح مدتها ثلاث سنوات ثم يسدد الباقى على 5 أقساط متساوية ) المساحة المذكورة كانت 450 فدانًا بمدينة العبور، 240 فدانًا بمدينة الشروق، 80 فدانًا بالقاهرة الجديدة .

دفعت الشركة المذكورة خمسة جنيهات للمتر على أن يسدد الباقى على خمسة أقساط، لكن الشركة المذكورة دفعت 16 مليون جنيهًا فقط، وتم إعادة البيع للجمهور بسعر 750 جنيهًا للمتر المربع رغم أن الشركة المذكورة لم تسدد إلا القسط الأول فقط والمقدر قيمته 10%.

حققت الشركة أرباحًا صافية تزيد عن ثلاثة مليار ونصف المليار جنيها إلا أن الكارثة الأكبر كانت أنها اقترضت مليارى جنيه من البنك العقارى العربى، رئيس مجلس إدارته هو فتحى السباعى وهو من رجال إبراهيم سليمان وزير الإسكان حينها، مما عرض أموال المواطنين للضياع، وهو ما دفع البنك إلى شراء جزءًا من الأرض بسعر ألفى جنيه للمتر، ويذكر أن حوت السكر عاطف سلام كان قد اقترض من البنك المذكور 850 مليون جنيهًا وفعل المليونير الهارب عمرو النشرتى نفس الشيء، وهما من صبيان المخلوع، وحضر العديد من الوزراء زفاف ابنة النشرتى منذ شهور.

يحي الكومي:

خصصت الحكومة إليه قطعتى أرض فى التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة مساحتهما نحو 200 ألف متر بالقرب من الجامعة الأمريكية بالرغم من تخصيصهما كحدائق عامة، وقد اشتراهما الكومى بثمن بخس وتبلغ قيمتهما السوقية 300 مليون جنيه .

يذكر أن الكومى ظهرت عليه فجأة علامات الغنى الفاحش وأصبح من رجال أعمال المخلوع حيث انضم إلى قائمة رجال البترول وأصبح مديرًا لنادى الإسماعيلى، وفى ديسمبر 2009 تناولت الصحف تهمًا متبادلة بين الكومى وأميرة سعودية تدعى خلود بن العنزى، فقد اتهمته خلود، وهى طليقة الملياردير الوليد بن طلال، باقتحام منزلها وحررت محضرا بذلك فى قسم شرطة الدقى فى يوم 23 ديسمبر 2009، بينما اتهما الكومى فى بلاغ بقسم شرطة الشيخ زايد فى يوم 30 ديسمبر 2009 بسرقة مشغولات ذهبية وساعات مرصعة بالماس تقدر قيمتها بـ 20 مليون جنيهًا .

سمير زكي:

خصصت الدولة إليه الكثير من الأراضى وبأسعار شبه مجانية  ويعتبر سمير زكى حامل أسرار العقارات لمعظم وزراء المخلوع وسمسارهم المفضل، خاصة عند الرغبة فى تحويل ما نهبوه إلى نقد، بدأ حياته العملية كعامل فى أحد المجمعات الاستهلاكية ثم تركه، والتحق بمصنع اللؤلؤة لصناعة الزجاج فى ثمانينات القرن الماضى، تعرف زكى على أحد العاملين فى جهاز مدينة 6 أكتوبر ومنه إلى رئيس الجهاز ثم إلى سكرتارية كبار المسئولين بالدولة، ثم انفرج الباب على مصراعيه  حصل على ترخيص بإنشاء جمعية تعاونية باسم شركة 6 أكتوبر لاستصلاح الأراضى والتى حصلت علي:

-17  ألف فدان بسعر 5 ألاف جنيه للفدان، ثم باعها بـ 2 مليون جنيه للفدان بعد بناء فيلا عليه، كما حصل على ترخيص بإنشاء جمعية تعاونية تسمى الوادى الأخضر، والملفت للنظر أن كبار المؤسسين بتلك الجمعية هم من كبار رجال الدولة ،  وضع زكى يده على 5 آلاف فدان من هيئة التنمية الزراعية ودفع 200 جنيهًا ثمنًا للفدان الواحد، قام ببناء 56 فيللا على المساحة المذكورة بواقع خمسة أفدنة لكل فيللا .

-  وضع زكى يده على 35 ألف فدان فى أفضل مواقع مدينة 6 أكتوبر، كان الغرض المعلن لذلك هو استصلاح الأراضى، وأما الواقع فهو وزارة إسكان مصغرة يخصص ريعها لكبار رجال الدولة، دفع سمير زكى خمسة آلاف جنيه ثمنًا للفدان الواحد ثم أعاد بيعه بمبالغ فلكية وصلت فى بعض الحالات إلى مليون ونصف المليون جنيهًا، وخص كبار رجال الدولة بنصيبهم من القيمة الدفترية التى اشترى بها، وخصص لأحد أبنائه مساحة قدرها 140 فدانًا بأرض مدينة 6 أكتوبر وأقام عليها ميناء للبضائع .

الشركة الكويتية:  

خصصت الحكومة 26 ألف فدان من أجود الأراضى لشركة كويتية فى عام 2001 بسعر 200 جنيه للفدان، لم تقم الشركة باستزراع تلك المساحة مهدرة أكثر من 100 مليار جنيه، وهو الثمن الواقعى لتلك الأرض .

الشركة السليمانية:

 خصصت الحكومة 750 فدانا إلى الشركة على طريق مصر الإسكندرية الصحراوى التى يملكها سليمان عامر بسعر 50 جنيها للفدان، حيث حول تلك الأراضى إلى منتجعات سياحية وأراضى للجولف .

أميرة سعودية:

خصصت الحكومة لها 10 أفدنة فى القاهرة الجديدة لبناء مجموعة من القصور للأميرات، وقد دفعت 400 جنيهًا للفدان الواحد وقدرت القيمة السوقية للمتر الواحد بمبلغ 4500 جنيهًا، وقد حدث ذلك بالأمر المباشر وتم التنفيذ فى يوم واحد .

أحمد عبد الوهاب:

 خصصت الحكومة له 547 فدانًا، صاحب شركة كنوز للأنتيكات على طريق مصر الفيوم تقدم كمال أحمد باستجواب فى مجلس الشعب حول الصفقة لكن كمال الشاذلى، زعيم أغلبية حزب مبارك، تصدى له وأوقف الاستجواب، وهو ما يدل على أن المشترى واجهة لأحد كبار المسئولين بالدولة .

معتز رسلان:

 خصصت الحكومة له وهو سعودى كندى وكان تلميذا لإبراهيم سليمان فى هندسة عين شمس 63 فدانًا فى التجمع الخامس بسعر 150 للمتر المربع، دفع رسلان 10% عند التعاقد ثم 15% بعد عام من التعاقد وبقية المبلغ على عشر سنوات، علمًا أن الغرض من ذلك كان إنشاء مدينة للملاهى، لم يلتزم رسلان بإنشاء مدينة للملاهى ولم تسحب منه الأرض، فى عام 2008 عرض رسلان الأرض المذكورة للبيع بسعر 4500 جنيهًا للمتر المربع وهو ما يعنى تحقيق ثروة تقدر بمبلغ 1.2 مليار جنيه.


الخلاصة

تهدف الورقة بعد عرض هذه المعلومات المتوفرة على صفحات التواصل الاجتماعى بتفصيل أكبر إلى التساؤل عن مستقبلنا المجهول بعد قيام السلطات بممارسة الاستبداد والقهر والنهب دون رادع أو التزام بقانون أو دستور.

تطرح الورقة تسأولات عديدة يحتاج الإجابة عليها إلى تضافر جهود الحالمين بعالم أفضل لبلورة رؤية بديلة، وخطط للعمل المشترك للتخلص من هذا الفساد وتطهير وإعادة بناء المؤسسات خاصة فى ظل الحروب الأقليمية وصراعات القوى الاستعمارية التى نهبت وما زالت تواصل نهب ثرواتنا عبر وكلائها المحليين، ومن ضمن هذه الأسئلة:

هل يجب الاستمرار فى تبنى نفس الأفكار حول دور الطبقة المسيطرة فى حمل راية التغير وبناء مستقبلنا؟

من هم المستفيدين من بلورة هذه الرؤية البديلة، وإلا يجب طرح مبادرة جديدة لإيقاف السقوط وتدهور حقوق أهالينا، وأوضاع بلادنا من قبل المدافعين عن مصالح المهمشين والعمال وصغار الفلاحين والصيادين؟

وهل يمكن أن يهتم المستفيدين من استمرار هذا الفساد فى تغير الأسس والمفاهيم التى تعيد إنتاج الجهل والفقر والمرض فى أجساد غالبية المواطنين؟

وأى شراكة يمكن أن تبنى مع سلطة تتلاعب وتتحايل بالقانون وتستبد بحقوق المواطنين جهارًا نهارًا وتواصل سياسيات أفقارهم وتجويعهم؟

وهل يمكن أن يتم البناء والهدم والتطهير تحت وصاية وإشراف، وبمشاركة الفاسدين أو المتورطين بأشكال مختلفة فى الدفاع عن استمرار هذه السلطة فى ممارستها اللإنسانية؟

تحتاج الإجابات عن هذه الأسئلة وغيرها التنسيق والعمل المشترك بين المنظمات والنقابات والقوى السياسية من أجل بناء مستقبل أفضل لأبنائنا وكفالة شعارات ثورة يناير فى العيش والحرية والكرامة والعدالة الإنسانية، ومن جانبنا سوف يعمل المركز خلال عام 2016 فى المساهمة فى وضع أجابات لتلك الأسئلة وذلك من أجل غد ومستقبل أفضل لكل المصريين.

المجد للشهداء

عاش كفاح الشعب المصري

76 شارع الجمهورية شقة 67 ـ الدور الثامن بجوار جامع الفتح ـ الأزبكية -القاهرة

      ت:27877014     ف:25915557 

lchr@lchr-eg.org:    بريد إلكترونىwww.lchr-eg.orgموقعنا على الإنترنت

http://www.facebook.com/pages/Land-Centre-for-Human-Rights-LCHR/318647481480115صفحتنا على الفيس بوك: :

صفحتنا على تويتر: https://twitter.com/intent/user?profile_id=98342559&screen_name=lchr_eg&tw_i=321605338610688000&tw_p=embeddedtimeline&tw_w=321586199514976256

سكايب   :   land.centre.for.human.rights

 

مشكلات الفلاحين والنهوض بالقطاع الزراعى

$
0
0
مشكلات الفلاحين  والنهوض بالقطاع الزراعى

تقديم:

يصدر مركز الأرض تقرير "مشكلات الفلاحين والنهوض بالقطاع الزراعى" ويعد هذا التقرير رقم " 73 " من سلسلة الارض والفلاح التى يصدرها المركز ، ويهدف إلى التعرف على أوضاع الفلاحين ومشكلاتهم ويحاول بلورة رؤية لتطوير قطاع المحاصيل الزراعية وذلك من أجل دعم حقوق الفلاحين وتطوير منظماتهم المستقلة.

ويعتمد التقرير على بعض الدراسات والتقارير ذات الصلة بقطاع الزراعة وبعض الأخبار المنشورة بالجرائد المصرية خلال الفترة من 1/1/2016 حتى 30/9/2016 وكذا على بعض قضايا وشكاوى المركز.

ويكشف التقرير عن حجم الفساد الضخم الذى تمارسه أجهزة الدولة لصالح كبار الملاك وأصحاب النفوذ ، ويبين الدور السلبى للأحزاب والجمعيات التعاونية الأهلية والنقابات فى دعم حقوق الفلاحين ولم يتطرق التقرير إلى أسباب ضعف هذه المؤسسات التى تعود فى جانب منها إلى وصاية الدولة والقيود التى تفرضها على تحركات تلك المؤسسات وسط الفلاحين.

ويبين التقرير ضعف أداء الصحف والإعلام المصرى بشكل عام خاصة فيما يتعلق بصحة البيانات أو الانحيازات المفضوحة لكبار الملاك وأصحاب النفوذ والفاسدين تحت دعاوى الحياد والموضوعية أو بتحميل الفلاحين الأزمات ومطالبتهم بالكف عن المطالبة بحقوقهم باعتبارها مطالب فئوية.

الأمر الذى يؤدى إلى ضرورة قيام الفلاحين بأنفسهم بتكوين وتقوية تنظيماتهم المستقلة التى تضمن مشاركتهم فى إدارة البلاد وتضمن لهم توفير الدعم لمستلزمات الإنتاج وحماية أراضيهم الزراعية ومساكنهم وتحسين نوعية حياتهم وأوضاعهم المعيشية.

ويبين التقرير أن الخطط المقترحة ضمن محتوياته لإصلاح وتطوير قطاع الزراعة وتحسين أوضاع الفلاحين تحتاج إلى برامج ورؤى بديلة ، لكنه يؤكد أن هذه البرامج تتطلب مجهودا بحثيا يدرس التطورات التى لحقت بأوضاع الفلاحين الاقتصادية والاجتماعية خاصة تصنيف الملاك الزراعيين وأدوارهم ومعرفة الخريطة الطبقية لملاك أقل من فدان حتى أكثر من خمسين فدانًا فى الأراضى القديمة. وكذلك معرفة الخريطة الطبقية للملاك فى الأراضى المستصلحة ودور الشركات الزراعية وحجم إنتاجها الزراعى وطبيعة رأسمالها ومكوناتها، وكذلك معرفة طرق الزراعة وأنواع الآلات وطرق التسويق وحجم تجارة مستلزمات الإنتاج وأدوار التجار والشركات المتحكمين فى تداولها واستيرادها وحجم العمل الزراعى بكل محصول وحجم العمالة الزراعية وأنواعها وتطور التنظيمات الاجتماعية ودورها وشبكة العلاقات الاجتماعية المتحكمة فى اتخاذ القرارات فى الريف.

هذا ويستعرض التقرير فى القسم الأول وتحت عنوان "مستقبل الزراعة المصرية وإمكانية النهوض" التحديات التى        تواجه قطاع الزراعة منذ تطبيق سياسات تحرير الزراعة والمتعلقة بتناقص الرقعة الزراعية وإهدار مورد المياه وتدهور العلاقات الاجتماعية وتخلف عملية الإنتاج الزراعي وازدياد الفجوة بين إنتاجنا الزراعى وحاجاتنا الغذائية.

ويكشف التقرير عن تخلف طرق الإنتاج والتسويق الزراعى، وتدني مستوي التعليم الزراعي، وانحياز السياسات وموظفى الدولة للفساد والفاسدين مما أدى إلى تدهور أوضاع قطاع الزراعة وحياة الفلاحين المعيشية.

ويستعرض التقرير مضمون برنامج تحرير قطاع الزراعة، الذي تضمن عددًا من الإجراءات أهمها تحرير أسواق الأرض ومستلزمات الإنتاج الزراعي، والدورة الزراعية، وانسحاب الدولة من معظم الأنشطة والخدمات الإنتاجية، وغيرها من الإجراءات والسياسات التي أدى تطبيقها إلى آثار سلبية عديدة فى مجمل أوضاع القطاع الزراعي والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلاحين.

ويبين التقرير أن المساحة الزراعية لمصر التى تبلغ نحو 5.5 مليون فدان أرض قديمة ، و2.8 مليون فدان أرض زراعية تم استصلاحها منذ عام 1952 ، ومنها مليون فدان مستصلحة بين أعوام 1952 حتى عام 1970 وهي ما باتت تعرف باسم الأراضي القديمة الجديدة يتم إهدارها بشكل متوالٍ بسبب التجريف والبناء وقد بلغ حجم هذا الإهدار نحو 1,5فدان حتى عام 2015.

كما يتم إهدار جزء كبير من الموارد المائية التى تبلغ نحو 55 مليار متر مكعب من النيل تستخدم الزراعة منها نحو 45 مليارًا، ويعاد استخدام 12,9 مليار من مياه الصرف الزراعي و4.8 مليار من المخزون الجوفي وما يقرب من المليار من مياه الأمطار أي أن إجمالي ما تستخدمه الزراعة نحو 62.7 مليار متر لكن السياسات الحكومية تؤدى إلى إهدار جزء كبير من هذه المياه بسبب تضارب السياسات وانحيازها لرجال الأعمال وكبار الملاك.

ويكشف التقرير الخلل البين بين الواردات والصادرات الزراعية الذى يؤدى إلى مزيد من انتاج الازمات وارتفاع الاسعار خاصة بالنسبة لمحاصيل القمح، الذرة، السكر خام، الفول، العدس، البطاطس، الحمص، والشحوم والزيوت، ومنتجات اللحوم والأسماك وخلافه، والمنتجات الغذائية الأخرى حيث يبين التقرير أن إجمالي الصادرات الزراعية بلغ عام 2012 نحو 27  مليار جنيه، بينما بلغت الواردت نحو 58 مليار جنيه.

ويكشف التقرير أن السياسات والممارسات الزراعية أدت إلى تخلف طرق الزراعة وإهدار قدر كبير من إنتاجنا الزراعي بداية من عمليات إعداد الأرض للزراعة، حتى عمليات الحصاد، وهذه الممارسات البدائية تفقدنا أكثر من 40% من إنتاجنا الزراعى، كما أن أسلوب الري منخفض الكفاءة يتسبب في إهدار أجزاء كبيرة من المياه والأرض والإنتاج المحصولى.

ويبين القسم الثانى من التقرير وتحت عنوان: "تخريب الأراضى الزراعية وإهدار حقوق الفلاحين" المشكلات المتعلقة بمنازعات مليكة الأرض خاصة التى تديرها هيئة الأوقاف والإصلاح الزراعى والمجتمعات العمرانية والأراضى المستصلحة وأملاك الدولة.

ويكشف التقرير عن حجم الفساد الضخم بهيئات الدولة وطرق التعسف والتحايل التى تقوم بها هذه المؤسسات لسلب الفلاحين حقوقهم فى أمان وزراعة أراضيهم ومساكنهم.

حيث تقوم معظم هذه المؤسسات فى أغلب الأحيان بالتواطؤ مع كبار الملاك وأصحاب النفوذ لسرقة أراضى الفلاحين مستخدمةً القوانين والمستندات المزورة لسرقة أراضي صغار المزارعين لحساب كبار الملاك والنافذين بأجهزة الدولة.

ويتعرض معظم الفلاحين جراء هذه السياسات للحبس والتعذيب وإساءة المعاملة ، ويتهدد عشرات الآلاف من المزارعين القاطنين بمئات العزب للطرد من مساكنهم التى بنوها قبل بداية القرن الماضى بدعوى أنها مملوكة لهيئات وأشخاص ظهروا كمدعي ملكية بعد تطبيق قانون الأرض عام 1996م ، ويتكرر سيناريو واحد تقريبا فى معظم المنازعات التى تديرها هيئات الدولة ضد صغار الفلاحين ولصالح مدعي الملكية وهو:

-        تلفيق قضايا سرقة ضد صغار المزارعين.

-        رفع قضايا بالمحاكم والنيابات ضدهم واتهام الفلاحين باغتصاب أراضيهم.

-        استصدار قرارات تمكين مزورة لصالح مدعي الملكية.

-        مطاردة الفلاحين وأسرهم وحبسهم وإجبار أغلبهم على التنازل عن الأرض تحت ضغط التعذيب والتهديد بتلفيق قضايا مقاومة السلطات.

ويوضح التقرير معاناة صغار المزارعين فى الأراضى المستصلحة ومشاكلهم المتعلقة بارتفاع أقساط الأرض والكهرباء ومستلزمات الإنتاج وربط دفع هذه الأقساط بالطرد من أراضيهم ، ويكشف التقرير عن بروز منازعات جديدة بين هيئات الدولة المختلفة بادعاء أن بعضهم أحق من الأخرى فى تسلم أقساط ثمن الأرض أو ثمن المياه التى  يفرضونها على الفلاحين بالمخالفة للقانون.

ويبين التقرير ارتفاع إيجارات الأرض الزراعية إلى أكثر من خمسين ضعف ما كانت عليه قبل تطبيق القانون 96 لسنة 92 ، حيث لم تكن قيمة إيجار الفدان تتجاوز مائة جنيه فى العام ، وقد وصل فى بعض الأراضى إلى أكثر من عشرة آلاف جنيه ، كما قامت الهيئات الحكومية برفع الإيجار السنوى إلى أكثر من أربعة آلاف جنيه .

وأكد التقرير أن ارتفاع أسعار البنزين والسولار لأكثر من 100% أدى إلى ارتفاع تكاليف الزراعة وأثر بالسلب فى دخول الفلاحين.

ويكشف التقرير فى القسم الثالث وتحت عنوان: "الفساد يواصل سرقة أراضى وثروات المحروسة" عن قضيتين شهيرتين لوقائع فساد ضخمة تم إثارتهما خلال العام أولهما هو تقرير الفساد الذى أصدره الجهاز المركزى للمحاسبات والمشهور باسم تقرير "جنينة" ، والذى أكد أن هناك مئات المليارات تم إهدارها وسرقتها بسبب الفساد الحكومى .

حيث أشار هذا التقرير إلى فساد أجهزة الحكم المحلى لمدينة السادات وأكتوبر والمنيا والفيوم وأسيوط والعبور والشيخ زايد والقاهرة الجديدة وديوان عام معظم المحافظات.

وقدر تكلفة الفساد بمبالغ وصلت إلى أكثر من 789 مليار جنيه كما تم إهدار مئات الآلاف من الأفدنة بسبب هذا الفساد لصالح بعض كبار الملاك ورجال الأعمال النافذين بمؤسسات الدولة ، وقد احتل قطاع الأوقاف قدرًا كبيرًا من هذا الفساد وذلك بسبب الفساد المالى والإدارى وانعدام الدور الرقابى وإهدار الكثير من أراضى هيئة الأوقاف وبما يزيد على 26 ألف فدان ، وذكر التقرير أن الأوقاف تدير أكثر من 165 ألف فدان فيها ما يزيد على 104 آلاف فدان مؤجرة لصغار المستأجرين الذين يبلغ عددهم 137 ألف مزارع.

وأشار تقرير "جنينة" إلى وقائع فساد ضخمة بأجهزة وزارة الزراعة وأجهزة الحكم المحلى وإلى قيامه بإبلاغ النائب بكافة الوقائع التى  أثبتها التقرير ، هذا والجدير بالذكر أن رئيس الجمهورية أقال رئيس الجهاز المركزى ، كما قامت النيابة العامة بتحريك جنحة بلاغ كاذب ضده.

كما يستعرض التقرير واقعة الفساد المشهورة "بتوريد القمح الوهمى" حيث قام بعض أصحاب الشون والمخازن بتوريد وهمى للقمح بلغت قيمته نحو 5 مليارات جنيه ورغم مسئولية الحكومة عن هذا الفساد والخراب لمشاركتها عبر وزرائها ورئيس وزرائها فى التغطية عليه وحمايته فإن التحقيقات لم تسفر إلا عن التصالح مع بعض الفاسدين وبقاء الحكومة ورئيسها فى كراسيهم لتدل سلطة يوليو على دعمهما للفساد والمفسدين.  

ويتناول التقرير فى القسم الرابع وتحت عنوان: "نقص مياه الرى وإهمال أجهزة الدولة" أسباب تكرار مشكلة نقص مياه الرى التى يعانى منها الفلاحون المصريون كل عام خاصة فى فصل الصيف والتى تعود إلى عدم قيام وزارتى الرى والزراعة بدورهما فى إنشاء وتطهير الترع والمساقى، وقد صرح مسئولوها إبان الأزمة بأن الأسباب الحقيقية تعود إلى سوء تعامل المزارعين مع المياه ومخالفتهم لقرارات زراعة الأرز وعدم الترشيد فى استخدام المياه وتهافت المزارعين فى وقت واحد لرى أراضيهم أو زراعة نفس المحصول أو تراكم أكوام القمامة بالترع وطالبوا المزارعين بالصبر والتحمل وعدم القلق!

وتبرز أهم مظاهر المشكلة فى جفاف الترع وموت الزرع والشتلات وتأخر زراعة المحاصيل الصيفية مما يؤثر بالسلب فى الإنتاجية ، وقد تعامل بعض المزارعين مع المشكلة برى أراضيهم من مياه الصرف أو رى أراضيهم بالخراطيم.

وتعود أسباب المشكلة إلى إهمال الدولة فى تطهير الترع والمساقى وعدم العدالة فى توزيع المياه خاصة فى الأراضى الجديدة والتى تترك الدولة كبار المزارعين يروون مزارعهم التى تقع على أول الترع ويتركون المزارع التى يملكها صغار الفلاحين وتقع فى نهايات الترع عرضة للبوار، كما تعود أسباب المشكلة إلى إهمال صيانة ماكينات واستهلاك جزء كبير من مياه الرى فى القرى السياحية وملاعب الجولف وحدائق المدن الجديدة وحمامات السباحة، وقد وصل انقطاع المياه فى معظم محافظات مصر من أسبوعين إلى نحو شهرين مما أثر فى تخلف زراعة الذرة وعدد آخر من المحاصيل وانخفاض إنتاجية العديد من المحاصيل الأخرى وموت شتلات الأرز وإتلاف محاصيل كثيرة.

وطبقًا للتقرير فإن الفلاحين تقدموا بشكاوى واستغاثات للمسئولين بوزارة الرى والمحافظين ورئيس الجمهورية. كما قاموا بتنظيم وقفات احتجاجية أمام وزارة الرى ودواوين المحافظات والمراكز ورفعوا اللافتات التى تعرض مشكلتهم وطالبوا بالتحرك لحل مشكلتهم لكن لا حياة لمن تنادى!

ويكشف التقرير فى القسم الخامس وتحت عنوان:" نقص الأسمدة وارتفاع أسعارها وإعادة إنتاج الفساد" عن استمرار أزمة نقص الأسمدة وارتفاع أسعارها كعادة كل عام ، حيث زادت أسعار السماد فى السوق السوداء لشيكارة اليوريا لأكثر من مائتي جنيه وشيكارة النترات لأكثر من 190 جنيهًا ، وقد اختلفت أسعار السماد فى السوق السوداء من منطقة لأخرى ومن تاجر لآخر، وهى زيادة جعلت من أسعار الأسمدة ترتفع عن مثيلتها فى السوق العالمية.

ورغم قيام وزارة الزراعة برفع أسعار السماد خلال العام الماضى لأكثر من 33% فإن الأزمة واصلت استمرارها هذا العام لأن أسباب تفاقمها يعود إلى المضاربة والاحتكار وعدم العدالة فى التوزيع وانتشار الفساد، كما تعود إلى غياب الرقابة على الأسواق وعدم محاسبة التجار والمحتكرين لأسواق توزيع وإنتاج السماد.

وأرجع بعض المسئولين الأزمة إلى عدم وجود سيارات نقل! متجاهلين الأسباب الحقيقية للأزمة المتعلقة بسوء إدارة الأزمة وافتعالها من قبل بعض المسئولين والمحتكرين وتزايد الفساد بالمؤسسات ذات الصلة بإنتاج وتوزيع السماد.

وأظهر التقرير أن هناك بعض أنواع السماد المغشوش فى السوق السوداء أو غير جيد مما يؤدى إلى ضعف الإنتاج ، كما اشتكى الفلاحون من تقليل المخصصات للفدان من أربع شكاير إلى ثلاث شكاير مما اضطرهم إلى استكمال حصتهم من السوق الحرة الأمر الذى يؤدى إلى انخفاض دخولهم.

وقد تراوحت ردود فعل المسئولين على الأزمة فبعضهم أرجعها إلى سوء إدارة بعض الجمعيات فى التوزيع وعدم توفيرها المخازن اللازمة ورفضهم تحمل مسئولية تسلم السماد وتوزيعه على الفلاحين !

ويتناول القسم السادس من التقرير وتحت عنوان: "التقاوى المغشوشة وغياب الرقابة على الأسواق" مخاطر استخدام التقاوى الفاسدة خاصة تقاوى البطاطس وتقاوى الذرة التى وزعتها بعض الشركات على الفلاحين تحت وصاية وزارة الزراعة، وأكد التقرير أنه على الرغم من تقدم الفلاحين بمحاضر رسمية ضد الشركات المنتجة لهذه التقاوى فإن الجهات المسئولة حفظت المحاضر وغطت على الفساد المستشرى.

كما أن اللجان التى تشكلت لفحص شكوى الفلاحين من تقاوى البطاطس الفاسدة أكدت خلو وسلامة التقاوى وأرجعت العيب على الفلاحين لاستخدامهم الخاطئ فى زراعة البطاطس بتقطيعها الجائر أو زراعتها فى أرض رطبة أو باستخدام طرق تخزين خاطئة! ومن ناحية أخرى ورغم ثبوت غش تقاوى الذرة واعتراف اللجنة الحكومية بفسادها وعدم إنباتها بعض زراعتها أو إنباتها لكنها غير منتجة ، فإن مسئول الشركة رفض تعويض الفلاحين ، وتسببت التقاوى الفاسدة فى تدمير التربة وخسارة فادحة للفلاحين خاصة أن تقاوى البطاطس المشار إليها لا تنتجها شركات مصرية وتتحكم فى استيرادها عدة شركات ذات نفوذ ومتخصصة فى استيراد هذا النوع من البذور ، وتكسب أكثر من ضعف سعرها لاحتكارها استيراد هذا النوع من التقاوى.

وأشار التقرير إلى ارتفاع أسعار التقاوى لأكثر من النصف بسبب ارتفاع أسعار الدولار ، وأكد غياب دور الأجهزة الرقابية وفساد معظمها، كما أكد غياب دور التعاونيات بل على العكس كان دور بعضها سلبيا ويدعم مصالح التجار والفاسدين .

وطبقًا للتقرير فقد تعرض الفلاحون لخسائر فادحة أدت إلى انخفاض دخولهم خاصة فى ظل ارتفاع أسعار الإيجار ومستلزمات الإنتاج ، وتعامل الإعلام بسلبية مع هذه القضية نتيجة تحكم الشركات فى وسائل الإعلام .

ويستعرض التقرير فى القسم السابع وتحت عنوان: "آثار استخدام المبيدات المغشوشة والمهربة فى الغذاء والإنسان" مخاطر استخدام المبيدات وآثارها السلبية فى صحة المواطنين والإنتاج الزراعى ويفيد التقرير بوجود كميات من المبيدات بمخازن بنك التنمية وبعض الموانى منذ أكثر من عشرين سنة لم يتم التصرف فيها حتى الآن خوفًا من مخاطر التخلص غير الآمن.

ويؤكد التقرير وجود مبيدات مغشوشة بالأسواق ومهربة تصل إلى أكثر من 50% من المبيدات المستخدمة ، كما يكشف عن غياب الرقابة على منتجى وموزعى المبيدات وانتشار الفساد بأجهزة الحكومة ذات الصلة بالرقابة على الأسواق وارتفاع أسعار المبيدات إلى أكثر من 50% بسبب ارتفاع أسعار الدولار وبسبب اعتماد أكثر من 50% من الاحتياجات المصرية على المبيدات المستوردة.

ويظهر التقرير سلبية المؤسسات الحكومية فى التعامل مع مشكلة ارتفاع أسعار المبيدات وغشه وتهريبه وغيابها شبه الكامل عن هذه الأسواق أو الإرشاد ويؤدى ذلك إلى إنتاج محاصيل غير صحية ويؤدى عدم ترشيد استخدام المبيدات واستخدام مبيدات مغشوشة إلى أمراض عديدة وخطيرة أهمها السرطان بأنواعه والفشل الكلوى والكبد الوبائى.

ويوضح التقرير الدور السلبى لمؤسسات الدولة فى التعامل مع ظاهرة غش وتهريب المبيدات وعدم الرقابة على المصانع التى تنتج هذه المبيدات بالإضافة إلى غياب أى دور للأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات.

هذا وقد تجاهل الإعلام المصرى بشكل عام التطرق إلى مثل هذه القضايا الأمر الذى يؤكد ضرورة قيام الفلاحين بتنظيم أنفسهم والاعتماد على قدراتهم الذاتية لتشكيل تنظيماتهم المستقلة.

ويكشف التقرير فى القسم الثامن وتحت عنوان: "أسعار العلف تتزايد إلى أكثر من الضعف والحكومة تتجاهل"عن آثار ارتفاع أسعار الدولار واختفائه من الأسواق فى رفع قيمة الأعلاف إلى أكثر من الضعف.ومن ناحية أخرى يكشف التقرير أهمية العلف بالنسبة للثروة الحيوانية والداجنة ورغم ذلك فمازالت أجهزة الدولة ترفض بناء مصانع لإنتاج الأعلاف.

ويكشف التقرير عن قيام أجهزة الدولة بإدخال بعض الأقماح المحتوية على الأرجوت والفول الصويا منتهى الصلاحية والتى يعتمد عليهما إنتاج الأعلاف، ويؤكد التقرير أنه وعلى الرغم من اهتمام الإعلام المصرى بأزمة نقص وارتفاع أسعار الدولار فإن مصادر قليلة اهتمت بآثار ذلك فى أزمة الأعلاف أو إنتاج الثروة الحيوانية والداجنة.

وقد ضربت أزمة الأعلاف بكافة مربى ومنتجى الأعلاف والدواجن والماشية ورفعت أسعار اللحوم والدواجن إلى الضعف وكعادة الحكومة وإعلامها لم تهتم بمعالجة أسباب الأزمة لكنها واصلت تصريحاتها التى تبين غياب الرؤية والانحياز للفاسدين.

ويتناول التقرير فى القسم التاسع وتحت عنوان: "بنك التنمية وخراب بيوت الفلاحين" أسباب تعثر صغار المزارعين فى دفع الديون التى احتال البنك وراكمها عليهم التى تعود إلى القروض الدوارة وافتقار البنك لرؤية واضحة لدعم الاقتصاد الزراعى أو حقوق صغار الفلاحين بالإضافة إلى انحياز سياساته إلى دعم كبار الملاك والمستثمرين، وخلافًا للأعوام السابقة لم يرصد أو تحقق أى جريدة فى الكم الهائل للقضايا الكيدية التى رفعها البنك على صغار المزارعين ومخالفة أحكام الحبس الصادرة ضدهم للقانون ، وتناول التقرير رفض وتعنت البنك فى تسلم بعض الأقماح من الفلاحين بدعوى أنها مخالفة أو ليست على درجة من النقاوة التى يتطلبها البنك.

ويستعرض التقرير الأراء المختلفة لقرار نقل تبعية بنك التنمية من وزارة الزراعة إلى البنك المركزى ، كما يبين أن بنك التنمية تخلى عن دوره فى تنمية الاقتصاد الزراعى منذ سبعينيات القرن الماضى وأصبح مرابى المزارعين وإليه لتخريب الزراعة وتدمير أوضاع الفلاحين ونهب حقوقهم.

ويتناول التقرير بعض الأحكام القضائية التى صدرت لصالح الفلاحين ضد البنك والتى تلزمه بتعويض الفلاحين عن الأضرار التى لحقت بهم جراء نصب البنك عليهم وقد حكمت لهم المحاكم بمبالغ تزيد على ثلاثة ملايين جنيه.

ويكشف التقرير فى القسم العاشر وتحت عنوان: "التعاونيات الزراعية ... جثث ميتة فى الريف" عن المؤمرات التى تعرضت له التعاونيات منذ أكثر من ثلاثين عاما والتى أفقدتها مقدراتها وذلك بسبب استيلاء بنك التنمية والائتمان الزراعي على ممتلكاتها وأموالها مع منتصف سبعينيات القرن الماضي إضافة إلى استمرار سريان قانون عاجز وضعها مكبلة تحت تصرف الجهات الإدارية، وأدى في نهاية الأمر إلى اغتيالها واغتيال آمال وأحلام ملايين الفلاحين في العيش الكريموكنتيجة لهذا فقدت التعاونيات الزراعية مكانتها وانحسرت قدراتها وتضاءلت أنشطتها.

ويتناول التقرير تاريخ التعاونيات منذ قيام عمر لطفى عام 1910 بافتتاحأاول شركة تعاونية زراعية أنشئت تحت إشرافه فى " شبرا النملة " بمحافظة الغربية تلتها فى العام نفسه إنشاء 10 شركات تعاونية أخرى كانت جميعها من النوع متعدد الأغراض ، وحتى صدور أول قانون تعاونى مصري عام 1923 ، وانتهاء بصدور قانون التعاون الزراعى رقم 122 لسنة 1980 والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1981 .

واحتوى هذا القانون الأخير على بعض المخالفات الدستورية ومنها أن قانون التعاون الزراعي يخلو من النصوص التي تنظم الرقابة الذاتية للجمعيات التعاونية، كما أن المادة (65) تعطى للجهات الحكومية والقضائية حق الوصاية والولاية على التعاونيات.

ويشير التقرير إلى أن عدد الجمعيات التعاونية الزراعية في مصر يبلغ 6334 جمعية تضم جميع الحائزين للأراضي الزراعية والذين يبلغ عددهم 5.7 ملايين حائز (مالك) لمساحة زراعية  تقدر بنحو 5.7 مليون فدان يشكلون بأسرهم بنحو 57% من سكان مصر.

ويؤكد التقرير أن التنظيمات التعاونية الزراعية التى كانت تعد قاطرة التنمية للقطاع الزراعي، انهارت مع تحول سياسات الدولة إلى الاقتصاد الحر خاصة بعد أن استولت السلطات على أموالها وحولتها لبنك التنمية والائتمان الزراعى.

ويبين التقرير أن انتخابات أعضاء مجالس الجمعيات التعاونية التى جرت خلال هذا العام لم يشعر بها أحد من المهتمين بدعم قطاع الزراعة والفلاحين بسبب تجاهل الإعلام تنمية القطاع الزراعى وتحسين أوضاع الفلاحين ، وهو الأمر الذى يؤكد ضرورة قيام الفلاحين بأنفسهم بتكوين تنظيماتهم لاستعادة مقدرات التعاونيات التى هى فى الأصل ملك لهم ومن أسهمهم التى دفعوها منذ عشرات السنين.

ويعرض التقرير فى القسم الحادى عشر وتحت عنوان: "ملاحظات ختامية" بعضالتوصيات التى يأتى أهمها بضرورة قيام تنظيمات الفلاحين والمهتمين بدعم حقوقهم ببلورة برنامج وخطط عمل يمكن تطبيقها على أن تضمن هذه البرامج :

-   كفالة الحقوق المدنية للفلاحين مثل الحق فى المشاركة وتشكيل الأحزاب والجمعيات والنقابات بحرية ودون وصاية حكومية وكفالة حقوق المزارعين فى التنظيم والتجمع والتظاهر والإضراب والتعبير والرأى والاعتقاد وتعديل قانون العمد والمشايخ وكافة القوانين المنظمة لمؤسسات الفلاحين ليصبح الانتخاب الحر المباشر هو الوسيلة الوحيدة لإدارة مؤسساتهم وذلك لخلق مجتمع أكثر عدالة وإنسانية يكفل لكل مواطنيه الحرية والأمان والمساواة .

-   إعادة توزيع ثروات البلاد على صغار الفلاحين والمستأجرين والمنتجين وتدعيم حقوقهم فى الزراعة الآمنة والحياة الكريمة وهذه البرامج البديلة توجب محاكمة المحتكرين لأسواق مستلزمات الإنتاج وتسويق المحاصيل والمبيدات والبذور ، وتدعم دخول المستأجرين وصغار الملاك وتكفل حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية وتوفر الخدمات العامة والرعاية الصحية والتعليمية لهم ولأسرهم .

-   كفالة الخدمات العامة بالريف وذلك بتوصيل الكهرباء والطرق المرصوفة ومياه الشرب النظيفة والصرف الصحى وجميع الخدمات العامة بكل منازل القرى المصرية وتجديد جميع شبكات الخدمات العامة السابقة لتدهورها.

-   إلزام الدولة بتحمل مسئوليتها لتوفير الضمان الاجتماعى والرعاية الصحية والعلاج المجانى خاصة للمستأجرين وصغار الملاك المالكين لثلاثة أفدنة فأقل عبر إنشاء مستشفيات حكومية متطورة بكل قرية مصرية ، كما يجب توفير الرعاية التعليمية المجانية لكل أبناء الريف حتى إنهاء المرحلة الثانوية مع تطوير وتحسين أوضاع المدارس والمدرسين لوقف تسرب الأطفال وتدهور عملية التعليم فى الريف .

-   توفير فرص عمل لائقة لكل أبناء الريف من خلال تطوير الزراعة والصناعات المرتبطة بالإنتاج الزراعى ، ومعالجة المشاكل الناتجة عن البطالة ودعم الحقوق الثقافية لنهضة وتنوير الريف من خلال رفع الوصاية عن مراكز الشباب الريفية وإنشاء نوادٍ رياضية وفنية وإقامة دور للسينما والمسرح بكل قرية ومركز ومدينة وتطوير المؤسسات الحكومية وغير الحكومية الثقافية التى تعمل فى الريف بحيث تقوم بأدوار تنويرية وتثقيفية وتعليمية للنهوض بالريف.

-   توفير مياه رى كافية لأراضى المزارعين وشق قنوات جديدة وتطهير الترع والمساقى وتجديد وصيانة الموارد المائية وإعمال قواعد عدالة توزيع المياه بين المزارعين لحل مشكلات نقص وانقطاع المياه عن بعض المناطق .

-   تعديل قانون التعاون الزراعى بحيث يسمح للفلاحين بتشكيل روابطهم وجمعياتهم بحرية واستقلالية عن أجهزة الدولة وتسليم ممثلى الفلاحين المنتجين مقرات الجمعيات التعاونية الزراعية ومخازن الجمعيات مع رفع وصاية وتداخلات وزارة الزراعة على عمل الجمعيات لتمكينهم من تنمية الريف على أن تهدف هذه التعاونيات فى المستقبل فى تجميع أراضى صغار المزارعين فى شكل تعاونيات يديرها الفلاحون بأنفسهم.

-   تعديل قانون العلاقة بين المالك والمستأجر للأراضى زراعية لتحديد مدة الإيجار لا تقل عن خمس سنوات وقيمة إيجارية عادلة تحدد حسب جودة الأرض والعائد الفعلى لها بحيث لا يقل دخل المستأجر فى الشهر من الزراعة عن الحد الأدنى للدخل بالنسبة لأسرة مكونة من خمسة أفراد بمبلغ لا يقل عن 3000 جنيه شهريًا.

-   الإفراج عن جميع الفلاحين المحبوسين بسبب تعثرهم فى سداد ديون بنك التنمية والائتمان الزراعى وإسقاط كل الأحكام الصادرة ضدهم خاصة ممن يقل أصل دينهم عن 100 ألف جنيه وتقليل الفوائد على القروض الزراعية الجديدة بحيث لا تزيد على 2% .

-    تمليك أراضى الدولة ( أوقاف – إصلاح- أملاك دولة ) للفلاحين واضعى اليد ، وتمليك المساكن والعزب التى يقطنها الفلاحون مع إعطاء الأولوية للمستأجرين الذين طردوا من أراضيهم عام 97 بسبب تطبيق القانون 96لـ 92 ودعم حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية لتمكينهم من العيش الكريم .

-   توفير ودعم تكاليف ومستلزمات الإنتاج الزراعى للفلاحين والمساواة بينهم وبين رجال الأعمال وأصحاب الشركات التى قدمت الدولة لهم خلال عشرات السنين الفائتة كل الإعفاءت من الضرائب وخدمات التشغيل .

-   محاكمة المحتكرين بقطاع الزراعة سواء بالنسبة للإنتاج أو لتسويق المحاصيل أو مستلزمات الإنتاج الزراعى والسماح للفلاحين بتشكيل جمعيات وروابط لمزارعي كل محصول للتنسيق والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم فى مواجهة السوق المتوحشة والفساد .

 

إننا نعلم أن تلك التوصيات لا يمكن تحقيقها إلا عبر برامج بديلة يضعها ممثلون لصغار المزارعين والعمال الزراعيين وجميع العاملين بأجر ولن يتم ذلك إلا عبر تنظيمات قوية وفاعلة يتم التنسيق بينها لتحديث وتطوير زراعة تكفل لصغار المزارعين والمنتجين وجميع العاملين بأجر الحياة الكريمة والأمان. كما أننا نعلم أيضًا أنه طريق طويل، لكننا على ثقة بقدرة منتجينا وعمالنا وفلاحينا على تجاوز صعاب تلك المرحلة وتحقيق شعارات ثورة يناير فى العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية .

العمال الزراعيين فى مصر والمستقبل المجهول مقتل 79 عامل زراعى وإصابة 190 آخرين فى طريقهم لعملهم فى المزارع

$
0
0
العمال الزراعيين فى مصر والمستقبل المجهول مقتل 79 عامل زراعى وإصابة 190 آخرين  فى طريقهم لعملهم فى المزارع

تقديم

نظرًا  لظروف العمل السيئة التى يعانى منها العمال الزراعيون فإن المركز يصدر هذا التقرير لبدء نقاش بين المهتمين فى مصر لتحسين شروط عملهم لتوعيتهم ومساعدتهم على تنظيم أنفسهم وتحقيق أهدافهم فى العمل اللائق والعيش الكريم.

ويهدف التقرير إلى التعرف على أوضاع العاملين فى قطاع الزراعة وظروف عملهم ومشاكلهم وأثر السياسات العامة والزراعية فى دخولهم وحياتهم ، ويحاول التعرف على التنويعات المختلفة داخل هذا القطاع من حيث طبيعة عملهم وموسميته أو دوامه وأماكن عملهم بالشركات الحكومية أو الخاصة وتقسيماتهم من الناحية العمرية وهم: [أطفال وبالغون - ذكور وإناث] كما يهدف إلى التعرف على أوضاع الأطفال العاملين فى قطاع الزراعة ويرصد الحوادث التى تعرض لها العاملون فى قطاع الزراعة بسبب النقل من المزارع لمنازلهم أو العكس خلال الفترة التى يغطيها التقرير من 1/1/2016 حتى 30/9/2016.

واستخدم التقرير المنهج الوصفى التحليلى بالاعتماد على العديد من الدراسات التى تعرضت لأوضاع هذا القطاع بالإضافة إلى ما نشر خلال عام 2016 بالجرائد والمواقع الإلكترونية عن حجم المشكلة وظروف عمل الأطفال والعمال الزراعيين إضافة إلى لقاءات ميدانية مع خبراء فى هذا المجال وبعض النقابيين المتخصصين فى موضوع التقرير.

وقد تم تقسيم التقرير إلى خمسة أقسام كالتالى:

القسم الأول يبين تأثير السياسات فى أوضاع قطاع العاملين فى قطاع الزراعة وذلك منذ يوليو 52 وحتى عام 2016.

ويكشف هذا القسم عن الملامح العامة للسياسات والتشريعات التى أصدرتها الحكومات المتتالية عبر مراحل ثلاث مختلفة الأولى تمتد من عام 1952 وحتى عام 1975 ، والثانية تبدأ من عام 1975 حتى عام 2011 ، والثالثة من عام 2011 حتى الوقت الراهن ، ويبين التقرير الآثار السلبية لهذه السياسات فى مجمل أوضاع العاملين بالزراعة.

وفى القسم الثانى يكشف التقرير عن واقع العمالة الزراعية ومشاكلها منذ عام 1992 وحتى الآن حيث أكد أنهم يعانون من عدم الاستقرار في فرص العمل، نتيجة موسمية العمل الزراعي ، كما يعانون من استغلال ونهب مقاولي الأنفار خاصة مع استمرار وتوسع ظاهرة عمال التراحيل الذين يبحثون عن فرصة خارج قراهم وانخفاض الأجور الحقيقية عن باقى العاملين بأجر بالإضافة لتدهور أوضاعهم المعيشية ودخولهم وتعرضهم للإصابات وغياب أى ضمانة قانونية أو تأمينية أو صحية.

وفى القسم الثالث يتعرض التقرير إلى ظاهرة عمل الأطفال باعتبارها أحد القطاعات النوعية المهمة داخل قطاع العاملين الزراعيين ، وذلك فى محاولة من المركز لدحض الاهتمام الزائف من الحكومات الغربية والمؤسسات الدولية والمحلية والحكومة المصرية بحقوق الأطفال ، ويستعرض أوضاع الأطفال العاملين فى مصر والعالم وظروف تشغيلهم والقوانين والاتفاقيات الدولية التى تنظم عملهم.

ويستعرض بعض الملاحظات السلبية الواردة بالقوانين المصرية مثل قوانين الطفل والعمل والنقابات العمالية والتأمينات الاجتماعية والتى تفتح بابا واسعا لاستغلال الأطفال العاملين وتؤدى إلى تهرب أصحاب الشركات وكبار الملاك من تحمل مسئوليتهم فى حماية حقوق هؤلاء العاملين.

وأكد التقرير أنه على الرغم من كل جهود المنظمات الدولية واتفاقياتها وتوصايتها ومؤتمراتها والتزام الحكومة المصرية بتنفيذ بنودها ومع كل أدوار المؤسسات الحكومية والأهلية فى مصر لتحسين ظروف عمل الأطفال أو وقف استغلالهم ورغم صدور التشريعات والدساتير التى تؤكد حماية حقوق الأطفال العاملين ، فمازال أطفالنا يتم استغلالهم من قبل أصحاب الأعمال بسبب سياسات حكومية تنحاز لمصالح رجال الأعمال والفاسدين وتعيد إنتاج هذه الظاهرة ليس لشىء إلا لأن مجهودات كل هذه المؤسسات لا تهدف إلى تغيير السياسات بل تهدف إلى ترميم سياسات أنظمة ثبت فشلها فى تحسين حياة كل العاملين بأجر.

وفى القسم الرابع يرصد التقرير بعض الحوادث التى وقعت للعمال الزراعيين خلال الفترة التى يغطيها التقرير وذلك أثناء ذهابهم إلى المزارع أو العودة إلى منازلهم .

ويكشف عن مقتل 79 عاملاً زراعيًا ما بين عمال وعاملات بالغين وفتيان وفتيات وإصابة 190 آخرين وذلك بسبب حوادث طرق لسيارات ومعديات متهالكة وغير صالحة للاستخدام وحوادث أخرى ناجمة عن تسمم غذائى فى إحدى المزارع أو نشوب حرائق.

ويؤكد التقرير أن عدد الحوادث التى يتعرض لها العاملون بقطاع الزراعة تزيد على ذلك بكثير، لأن هذه الفئات لا يهتم بها إعلام مؤسسات الدولة المشغول بدعم أصحاب الشركات وكبار الملاك، فنادرًا ما يشير إلى مثل هذه الحوادث ، وإن أشار إليها فيكون على حرج وفى صفحة الحوادث وفى مكان لا يمكن رؤيته.

ويؤكد التقرير فى قسمه الخامس بعض الملاحظات الختامية والتوصيات حيث يؤكد أن عمل الأطفال هو جزء من مشكلة أكبر تخص كل العاملين بالزراعة وكل العاملين بأجر ولن يتم وقف استغلالهم أو تحسين شروط حياتهم إلا من خلال تنظيمات العاملين بالزراعة المستقلة التى يمكنها الدفاع عن مصالحهم فى مواجهة استغلال أصحاب المزارع ومقاولى الأنفار وأصحاب الشركات ويمكنها أيضًا مقاومة الفساد المنتشر بأجهزة الدولة.

ويجب أن تدير هذه التنظيمات قيادات عمالية فاعلة ومستقلة ولها مصلحة مباشرة فى تحقيق أهداف هذه التنظيمات عبر عملية طويلة من النضال وليس الاستجداء من أصحاب الأعمال أو السلطات .

إننا نعلم أن هذا الطريق الطويل يحتاج إلى جهود نضالية وبحثية متواصلة لكننا على ثقة بقدرة كل العاملين بأجر ومن ضمنهم العاملون بقطاع الزراعة بتخطي صعاب هذه المرحلة ومواجهة استبداد وعسف السلطات والشركات ورجال الأعمال لتحسين شروط حياتهم وعملهم وتغيير موازين القوى فى مجتمعنا كى يسع كل طبقاته ويكفل لهم الحرية والعيش الكريم والمساواة.


أولاً: العمال الزراعيون .. قطاعات منسية

يحاول هذا الجزء توضيح العلاقة بين السياسات وأوضاع العمال الزراعيين ؛ حيث تؤثر توجهات مؤسسات الدولة فى مجمل الأوضاع الزراعية والصناعية والتجارية وبالتالى فى حياة وأجور وظروف كل العاملين بأجر.

ويعد قطاع الإنتاج الزراعي فى مقدمة القطاعات الاقتصادية التى استهدفتها مجمل التحولات الاقتصادية التى شهدتها مصر منذ يوليو 1952 وحتى الآن ،  وذلك لاستيعابه الجزء الأكبر من قوة العمل ولأن غالبية المصريين مازالوا يعيشون فى الريف ، كما أن هيكل بناء القوة فى المجتمع المصرى ولسنوات طويلة ارتبط بنمط توزيع ملكية وحيازة الأراضى الزراعية ، يضاف الى هذا أن أي عملية تنموية تستهدف التوسع فى القطاع الصناعي تعتمد على تطوير وزيادة إنتاجية  قطاع الزراعة الذى يمدها بجزء كبير من المواد الخام التى يحتاجها الكثير من الصناعات ، وفائض العمالة الذى يمكن أن يتحول إلى القطاع الصناعي إذا تمت إعادة تأهيله  وتدريبه ، بالإضافة إلى حصيلة النقد الأجنبى من الصادرات الزراعية التى تسهم فى مواجهة احتياجات الاستثمار الصناعي.

فمع صدور قانون الإصلاح الزراعي الأول وحتى 1975 استهدفت السلطة الحد من النفوذ السياسى والاجتماعى للشريحة العليا من كبار الملاك ، وخلق قدر من الشرعية السياسية ، والمساندة الجماهيرية لسلطة يوليو ، ووقف نمو التمردات والتوترات الاجتماعية ، وتحرير جزء من فائض الدخل المتولد من النشاط الزراعي لدعم موارد الدولة بهدف إعادة استثماره فى التصنيع والمجالات الأخرى ، وقد استطاعت مؤسسات الدولة بعد ذلك وطوال تلك الحقبة وحتى الآن وعبر سلسلة قوانين الإصلاح الزراعي المتتالية أن تحقق الأهداف العامة لتلك السياسات وذلك على مراحل عدة ومن خلال:

المرحلة الأولى تمتد من عام 52 وحتى عام 1975[1]:

واعتمدت هذه المرحلة على:

1-  تنظيم ملكية الأرض بوضع سقف أعلى للملكية وتحدد بــــ 50 فدانًا للفرد و100 للأسرة ، وبلغت جملة الأراضى التى فرضت عليها الحراسة نحو 12,5% من إجمالى الأراضى الزراعية بما يوازى 71,381 فدان وهو ما يعنى أن هدف تلك الإجراءات لم يكن إعادة بناء هيكل الملكية والحيازة الزراعية بشكل جذري بقدر ما استهدف تصفية النفوذ السياسى لكبار الملاك ، ولصالح أغنياء الفلاحين الفئة من 10 أفدنة حتى 100 فدان والذين زادت نسبتهم العددية من 2,8 % من إجمالى الحائزين قبل تطبيق القانون إلى 36,1% فى عام 1961، وارتفعت نسبة مساحات حيازتهم الزراعية من 36,1% من إجمالى المساحة الزراعية قبل تطبيق القانون إلى 39,3% عام 1961، وفى المقابل ظلت نسبة  أعداد أصحاب الحيازات القزمية (أقل من 5 أفدنة ) كما هى تقريبا بدون زيادة وإن كانت نسبة حيازتها ارتفعت من 35,4% من إجمالى  الأراضى الزراعية قبل تطبيق القانون إلى 52,1 % عام 1961، وتشير نفس الإحصاءات إلى أن فئة الحائزين لخمسة أفدنة ظلت نسبتها من حيث العدد ومساحة الحيازة كما هى بدون تغيير كبير ، وهو ما يعنى أن النسبة الغالبة من الأراضى التى خضعت لقوانين الإصلاح (12,5%) ذهبت بكاملها إلى أصحاب الحيازات القزمية التى ارتفعت مساحات حيازاتهم بمقدار 16,7%.

وتشير هذه التطورات فى نمط توزيع الحيازات الزراعية إلى أن جيوش المعدمين التى تشكل الكتلة الرئيسية من العمالة الزراعية لم تستفد من قوانين نزع وإعادة توزيع الملكية المرتبطة بقوانين الإصلاح الزراعي .

2-  تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر ، حيث كان نمط إيجار الأرض هو النمط السائد للاستغلال الزراعي، وهو ما مس مصالح الجزء الأكبر من صغار الحائزين ومتوسطيهم وقد نص القانون على جعل قيمة الإيجار 7 أمثال ضريبة الأرض الزراعية وهو ما أدى إلى الهبوط بقيمة الإيجار وإعادة توزيع الدخل المتولد عنه لصالح المستأجرين وعلى حساب الملاك الغائبين. وهو ما ضمن للنظام السياسى الوليد قدرا واسعا من التأييد السياسى فى الريف إلا أن انخفاض القيمة الإيجارية عن العائد من الزراعة على الذمة أدى إلى عودة كثير من الملاك لزراعة أراضيهم بدلا من تأجيرها ، وهو ما أدى إلى تحويل المستأجرين السابقين إلى عمال زراعيين ، كما أدى تزايد النفوذ السياسى والاجتماعى لأغنياء الريف ورغبتهم فى الحصول على أعلى عائد من إيجار أراضيهم إلى تأجيرها خارج نطاق القانون بقيمة إيجارية أعلى وهو ما دفع مزيد من صغار الحائزين إلى اللجوء إلى العمل الزراعي بجانب حيازاتهم الصغيرة لتوفير دخل يساعدهم على الاستمرار فى الحياة والاستمرار فى الحفاظ على حيازاتهم القزمية  ، هذه المتغيرات أدت فى النهاية إلى زيادة المعروض من اليد العاملة مما أدى إلى انخفاض أجورهم حتى عن الحد الأدنى الذى حدده قانون الإصلاح الزراعي الأول الذى كان المكسب الوحيد الذى فازت به العمالة الزراعية.

        والخلاصة إن مجمل السياسات الزراعية التى استمرت على امتداد الفترة من 52 وحتى 1975 أدت بشكل عام إلى قدر من الانتعاش الاقتصادى فى الريف نتيجة التغيير الجزئي فى نمط توزيع الدخول لكن هذا الانتعاش لم يمس بشكل حقيقي أوضاع العمالة  الزراعية من المعدمين  الذين تزايدت أعدادهم وانخفضت أجورهم بشكل واضح ، ولولا عمليات التصنيع والمشروعات القومية الضخمة مثل السد العالي والتى امتصت جزءاً لا بأس به من هذه العمالة طوال النصف الثانى من الخمسينيات وحتى نهاية النصف الأول من الستينيات لوصلت الأوضاع إلى حد الكارثة.

        ومع هزيمة يوليو67 وتوقف كل عمليات التنمية والتوسع الصناعي وتوجيه كل الموارد للمجهود الحربي عاد شبح كارثة الفقر فى الريف وفائض العملة الزراعية مرة أخرى للتزايد ، والتى أمكن الامتصاص الجزئي لنتائجها من خلال استيعاب الجيش لأعداد هائلة من المجندين لاسترداد الأرض المحتلة ، لكن مع حلول أكتوبر 1973 وعودة هؤلاء المقاتلين من الحرب لقراهم ، وفى ظل وجود بناء اقتصادي غير قادر على استيعابهم خاصة فى الريف ، ومع تنامي تحول قطاعات متزايدة من صغار الحائزين إلى قوة عمل أجيرة ، وفى ظل الزيادة الطبيعية فى قوة العمل الناتجة عن زيادة السكان أصبحت كارثة العمالة الزراعية أشبه بقنبلة موقوتة قابلة للانفجار.

 المرحلة الثانية الممتدة من 1975وحتى يناير 2011

تميزت تلك السياسات بالسعي إلى تخليص الاقتصاد المصرى من السياسات السابقة التى كانت تسمح بتدخل مؤسسات الدولة فى إدارة الحياة الاقتصادية والحد من قدرتها على السيطرة على الفائض الاقتصادى وإعادة استخدامه ، وإطلاق قوى السوق الرأسمالى بما يسهم فى إعادة رسم خريطة الدخل لصالح القوى الرأسمالية العالمية والمحلية ، وإعادة صياغة وتشكيل هيكل الاقتصاد المصرى لكي يكون مستعدا لاستقبال الاستثمارات الأجنبية ، وتعميق التحالف الاقتصادى والسياسي مع الغرب، وقد دشنت تلك السياسات بورقة أكتوبر والقانون رقم 43لسنة 74 والمعروف بقانون استثمار رأس المال العربي الاجنبى.

       مرة ثانية كان قطاع الإنتاج الزراعي والريف هو قاعدة إنجاز تلك التحولات العميقة ،  وهو ما تم عبر سلسلة طويلة من السياسات والتشريعات التى استهدفت:

1-تدعيم اتجاهات مركزة الأرض الزراعية فى يد الرأسمالية الزراعية بصفتها وسيلة الإنتاج الأساسية ، وهو ما تم عبر سلسلة القوانين الخاصة بتصفية أوضاع الحراسة ورفع التعويضات للمضارين حتى وصلت إلى الأسعار السائدة فى نهاية السبعينيات  وبدون حد أقصى ، وإعادة ما تمت مصادرته ولم يتم التصرف فيه بالبيع لأصحابه ، وهو ما أدى إلى استعادة 140 ألف فدان حتى عام 1985 وأكثر من 20 ألف فدان من أراضى الأوقاف ، وإذا افترضنا أن تلك المساحات وزعت بمعدل فدانين لكل مستأجر فمعنى عودتها لملاكها القدامى طرد أكثر من ثمانين ألف مستأجر وتحويلهم إلى معدمين وبالتالى قلت دخول أفرادها الذين يزيد عددهم على نصف مليون عامل (المستأجرون وأسرهم) ودخلوا سوق العمل الزراعي ، هذا العدد الذى سوف يرتفع بالتأكيد لأن توزيع أراضى الإصلاح والأوقاف كان يتم فى حيازات أقل . فى هذا الاتجاه أيضا استهدفت الرأسمالية الزراعية السيطرة على الأراضى المستصلحة ونهبها حيث كانت هناك مساحات تصل إلى 312/400 فدان مازالت فى حوزة شركات القطاع العام التى تزرعها على الذمة ، تم نهبها عن طريق إخراج عمليات الإصلاح من دائرة التخطيط المركزي ودعوة القطاع الخاص المحلى الأجنبى للاستثمار فى هذا المجال ، وتخريب شركات الاستصلاح حتى أصبح الاستمرار فى زراعتها عبئا يستنزف موارد الدولة، كما تم الاستيلاء بالقوة أو تحت غطاء قانوني على مساحات أخرى من الأراضى المستصلحة ، وهو ما انتهى إلى إقرار الحكومة بيع تلك الأراضى سواء كانت مستصلحة أو قابلة للاستصلاح ، بعد رفع الحد الأقصى للملكية فى الأراضى المستصلحة إلى 200 فدان للفرد وحتى 50 ألف فدان للشركات المساهمة ، وتشير الإحصاءات إلى أن الرأسمالية الزراعية استطاعت عن طريق الجمعيات التى شكلتها حيازة 288,729 فدانًا حتى عام 1982 فقط ، يضاف إلى هذا تعديل قوانين العلاقة بين المالك والمستأجر ورفع القيمة الإيجارية وهو ما تم على حساب صغار الحائزين وأصحاب الحيازات القزمية الذين طردوا من أراضيهم فى كل قرى مصر وتوافدوا على سوق العمل الزراعي منضمين إلى المعدمين من أبناء الريف المصرى. حيث تقدر إحصائيات التعدد الزراعى أن نحو 900 ألف مستأجر طردوا من أراضيهم التى قدرت بنحو مليون فدان على الأقل بسبب تطبيق القانون 96 لسنة 92 .

2- إطلاق حرية الاستثمار الرأسمالى فى الريف دون أدنى تدخل من الدولة ، وهو ما لعب الدور الأساسى فيه بنك التنمية والائتمان الزراعي الذى وفر مصادر تمويل مناسبة للرأسمالية الزراعية  وسحب العديد من الوظائف والأدوار التى كانت تقوم بها مؤسسات تعبئة الفائض القديمة والمسماة بالجمعيات الزراعية ، كما ألغيت الدورة الزراعية ، وكذلك التسليم الإجبارى للمحاصيل التقليدية . وفى الوقت نفسه كبلت الحيازات الصغير بالديون والقروض لدى البنك وتحول أصحابها فى النهاية إلى معدمين ، أو اضطروا للعمل لتغطية ديونهم لدى البنك.

3- دعم مواقع الرأسمالية الزراعية فى البناء السياسى ، وتشير نتائج الانتخابات البرلمانية المتتالية إلى ارتفاع نسبة تواجدهم فى البرلمان  بل بين قادة الأحزاب السياسة وفى المجالس المحلية التى سيطرت عليها عائلات أغنياء الريف ولم يخرج مجلس الوزراء من دائرة تواجدهم حيث حافظوا  على تواجدهم بوزيرين على الأقل يرتبطون بمصالح مباشرة مع الرأسمالية الزراعية. وهو ما دعم فى النهاية النفوذ الاقتصادى لدى كبار الحائزين وأغنياء الفلاحين الذين استطاعوا توفير الحماية السياسية لفرض سطوتهم واستغلالهم على العمالة الزراعية المجردة من أى حماية قانونية أو سياسية .

 وعلى امتداد تلك الفترة أدت هذه السياسات بشكل عام إلى مزيد من الإفقار والتمايز الاجتماعى داخل الريف المصرى دفع ثمنه أفقر الفقراء من المعدمين الذين يشكلون جسم العمالة الزراعية وكتلتها الرئيسية ، لكن الفورة النفطية ووجود توجه دولي لإعادة تدوير أموال النفط باتجاه الغرب واستخدام العمالة المصرية كقاعدة لتنفيذ هذا التوجه ،أسهم فى امتصاص فائض هذه العمالة إلى حد كبير عبر طوفان الهجرة (الشرعية وغير الشرعية ) إلى بلدان الخليج والعراق وليبيا والذى شمل الملايين من المصريين من سكان الريف وكان عمال الزراعة كتلتهم الرئيسية ، بالإضافة للهجرة إلى المدن خاصة فى المهن التى تحتاج لجهد بدني وقليل من التأهيل لسد فراغ العمالة الحضرية المهاجرة لدول النفط.

وأسهمت الهجرة بشكل نسبى فى الحد من مشكلة فائض العمالة الزراعية فى الريف ، حتى إنه مع بداية الثمانينيات أصبحت هناك ندرة فى العمالة الزراعية فى العديد من أنحاء الريف المصرى ، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبى فى أجورها ،  إلا أن الهجرة  على المدى الطويل ساعدت على الحفاظ على أوضاع بنية التخلف فى الريف المصرى وقطاع الزراعة ، وبالتالى ديمومة علاقات النهب والاستغلال التى تتعرض لها العمالة الزراعية.حيث أشارت العديد من الدراسات الميدانية إلى أن عوائد العمالة الزراعية المهاجرة لبلاد النفط ( سواء من المعدمين أو أصحاب الحيازات القزمية) ساهمت إلى حد كبير فى دعم أوضاع القطاع العائلي المعتمد على زراعة الحيازات القزمية والصغيرة ، والتى لا تمكنهم فى النهاية من الحياة بدون اللجوء للعمل لدى الغير كعمال زراعة أجراء ،لاستكمال احتياجاتهم النقدية ، هذا التغير فى تزايد أعداد الحائز/الأجير ارتبط  به بناء كامل من علاقات الإنتاج والمفاهيم الاجتماعية المتخلفة حيث تتسم هذه الفئة بالمحافظة وعدم الجسارة فيما يتعلق بالنضال من أجل تحسين شروط حياتها خشية خسارة حيازتها من الأرض ، وفى الوقت نفسه تشكل فائض قوة عمل داخل القرية ما دعم تدهور شروط العمل خاصة فيما يتعلق بسقف الأجور ، لهذا أسهمت هجرة العمالة الزراعية لدول النفط على المدى الطويل فى دعم أوضاع تخلف قطاع الزراعة والريف وبالتالى عدم تحسن ظروف وشروط العمل الزراعي بشكل حقيقي رغم تحسنها النسبي أثناء فترة الهجرة ، لكن مع تراجع عائدات النفط وبالتالى تراجع معدلات الهجرة ثم توقفها تماما تنامي فائض العمالة الزراعية مرة أخرى وهى الظاهرة التى أصبح يعانى منها الريف المصرى منذ منتصف التسعينيات.

 وفاقم من الآثار الكارثية لإعادة تنامي فائض العمل فى تلك المرحلة ظهور متغيرات أخرى لعل أهمها :

-    اتساع نطاق ظاهرة البطالة على مستوى الريف/الحضر التى وصلت إلى 10,6% من إجمالى قوة العمل فى عام 2006 طبقا لإحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن عام 2006، وزادت فى عام 2010 إلى نحو 12% وبالتالى تراجع قدرة المدينة أو القطاعات الاقتصادية الأخرى عن امتصاص أي قدر من فائض بطالة العمالة الزراعية التى كانت تهاجر الى المدينة.

-        تزايد الاعتماد على التقنيات الحديثة فى كل الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية وهو ما كان له أثره السلبي المباشر فى عمال الزراعة الذين يعانون من انخفاض التأهيل ويعتمدون بشكل أساسى على أعمال ترتبط بالجهد البدني . ويظهر هذا الاستخدام الواسع  للآلات فى الإنتاج الزراعي على نحو خاص فى المناطق المُستصلحة مثل سهل الطينة والوادي الجديد وسيناء وتوشكي بجنوب الوادي ، فإصلاح هذه الأراضى لا يمكن أن يتم إلا باستخدام آلات ميكانيكية سواء أكانت للتسوية أم للري حيث تعتمد عمليات الاستصلاح فى هذه المناطق كُليةً على الآلات الميكانيكية ، يضاف إلى هذا أن استخدام الآلات الزراعية يتطلب توفير العمالة الفنية المدربة حتى  تقوم بتشغيلها  وصيانتها ، وهو تأهيل غير متوافر بين عمال الزراعة التقليديين ، ويحتاج  بدرجة أكبر للشباب الحاصل على التعليم الفني  ، فى الوقت الذى تعانى فيه الكتلة الرئيسية من العمالة الزراعية من الأمية ؛ حيث تشير معظم المسوح والدراسات إلى ارتفاع نسب الأمية ؛ بينهم ففى دراسة أجريت في 15 قرية بخمس محافظات عامي 1992 و1993 ، وجد أن 77 % من عينة العمال الأجراء المعدمين أميون، وأن نسبة الحاصلين منهم على شهادات لا تتجاوز 4,5 % (الشهادات هنا لا تزيد على الإعدادية).

-    تزايد نهم الرأسمالية الزراعية لزيادة نصيبها من الأرض الزراعية وبالتالى استخدام جميع الأساليب القانونية وغير القانونية بما فيها العنف وجيوش المجرمين فى الاستيلاء على الحيازات القزمية والصغيرة (سواء فى الأراضى القديمة أو المستصلحة ) وطرد الفلاحين منها وتحويلهم إلى معدمين وقد استولت هذه الرأسمالية على معظم الأراضى التى كان يديرها الإصلاح الزراعى خلاف ما يزيد على 25 ألف فدان من أراضى الأوقاف.

-    اتساع نطاق الفقر وزيادة معدلاته خاصة فى الريف مع انهيار التعليم وارتفاع تكلفته  مما أدى إلى لجوء الكثير من الأسر الريفية إلى الدفع بأبنائها إلى سوق العمل وهو ما أدى إلى زيادة فائض العمالة من جهة ، بالإضافة إلى أن دخول هؤلاء الأطفال لسوق العمل وعملهم بأجور أقل ضاعف من تدهور أجور العمالة الزراعية .

المرحلة الثالثة بدأت مع تفجر الأوضاع فى عام 2011 وحتى عام 2016:

بصرف النظر عن مكونات التحالف الذى أدار التحرك العفوى للجماهير فى يناير 2011 أو الأسباب التى دفعت الأوضاع إلى سيطرة طغمة من القيادات العسكرية على إدارة البلاد  ، وبصرف النظر عما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمدنية بعد الانتفاض الثورى وحتى الان، فإن ما يهمنا هو تأثير تلك السياسات فى أوضاع العاملين فى قطاع الزراعة ، حيث واكب تلك المرحلة ونتيجة السياسات إلى بروز فئات جديد من الرأسمالية من أصحاب النفوذ المرتبطين بالسلطة الحاكمة قاموا بنهب ضخم ومنظم للأراضى والثروات الزراعية ، وأدى ذلك إلى ضياع جزء كبير من الأراضى فى البناء وبالتالى ضياع آلاف فرص العمل التى كانت متاحة أمام العمال الزراعيين وازدادت بالتالى أعداد العاطلين ، وقام التحالف الحاكم وتحت وهم مخاطر الحرب الإقليمية إلى إهمال قطاع الزراعة بل تعمد تخريب أجزاء منه لتلتهم قطاعات الرأسمالية المرتبطة به ثروات البلاد وتتزايد أرباحهم من التجارة الخارجية والمحلية ؛ حيث يشير تقرير للجهاز المركزى للمحاسبات إلى أن تكلفة الفساد وصلت إلى أكثر من 600 مليار خلال السنوات الخمس الأخيرة ويعود أكثر من 90% من هذا الفساد إلى قطاع الزراعة.

كما أن هذه السياسات أسفرت عن عدم زراعة محاصيل استراتيجية خاصة بالنسبة للتشغيل مثل محصول القطن فبعد أن كانت مصر تزرع ما يزيد على 1,5 مليون فدان قطن فى العام زرعت خلال 2016 نحو 130 ألف فدان ، وبالتالى فإن آلاف العاملين فى زراعات مثل القطن والذرة والقمح وقصب السكر قد انضموا لملايين العاطلين خاصة فى ظل بيع شركات القطاع العام وانسحاب الدولة من مجالات الإنتاج أو إنشاء المصانع ، وأصبح سوق العمل الرسمى لا يستوعب إلا المتعلمين وأصحاب الكفاءات الخاصة ( كمبيوتر ولغات).

وطبقًا لمشاهدات ميدانية فى القرى - تحتاج إلى دراسات وأبحاث مستقلة - فإن المتاح فى سوق العمل أمام ملايين العمال الزراعيين خلافًا للعمل الزراعى الذى لا يستوعب 10% من حجم العاطلين هى الوظائف الخدمية الخاصة ( قيادة التوكتوك – المقاهى – تنظيف الشوارع – خدمة المنازل – بيع الخضر والبقالة ) أما العمالة الزراعية التى تهاجر للمدن لا تجد أمامها إلا المهن المتعلقة بالإنشاءات وهم ( أنفار ومساعدون فى مجالات البناء) بالإضافة إلى انضمام أغلبهم إلى عمال الخدمات فى المدن ( عمال مقاه – سائقو توكتوك – خدمات للمنازل ومطاعم ومحال لبيع الخضر والفاكهة) هذا خلاف أن تدهور الأوضاع على المستوى الإقليمى ( العراق – ليبيا- سوريا – دول الخليج) أدى إلى انضمام آلاف العائدين إلى البلاد والذين ينتمى معظهم للريف إلى سوق العمل المكتظ أصلاً بالعمالة .

وطبقًا لتلك المشاهدات فإن نمط توزيع الحيازات لم يتغير منذ عام 1997 وتطبيق قانون تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر الذى أعاد الأرض الزراعية إلى مالكها ، والذى أدى إلى ارتفاع أسعار إيجارات الأرض لأكثر من مائة ضعف عما كانت عليه قبل تطبيق قانون تحرير الأرض ، بالإضافة إلى أن ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعى وأسهم كل ذلك فى ترك عدد كبير من المستأجرين للأرض الزراعية وانضمامهم إلى سوق العمل الزراعى أو غيره من أسواق العمل الهامشى.

ولا يفوتنا ونحن نستعرض تأثير السياسات فى حجم العمل الزراعى وأوضاع العمالة أن ننوه إلى غياب المعلومات أو الإحصائيات عن توجهات السلطة فى الوقت الراهن أو المستقبل ؛ فسياساتها ومشروعاتها وقراراتها المتضاربة والمتعلقة بالإعلان عن مشروعات كبرى أو رفضها الكشف عن ميزانيات وزارة الدفاع وما يمثله الإنتاج الحربى بالنسبة لقطاع الزراعة أو الصناعات والأنشطة الغذائية الأخرى أو إعلانها فى مشروعات طموحة دون دراسات أو رؤية تؤدى فى النهاية إلى توغل الفساد والنهب ، وتدعم مواقع ونفوذ الرأسمالية المرتبطة بها بتنويعاتها المختلفة ما يؤثر بالسلب فى أسواق العمل خاصة سوق العمل الزراعى.

وتؤدى هذه السياسات إلى دعم مواقع الرأسمالية الفاسدة فى البناء السياسى والبرلمانى والمحلى حيث يزيد عدد الضباط المعينين فى البرلمان الحالى على ثلث أعضاء المجلس، كما تؤدى السياسات الراهنة إلى توقف السلطة عن دعم قطاعات الصناعة أو الزراعة ما يؤدى إلى تدهور أوضاع قطاعات العاملين بأجر ومن ضمنهم العاملون فى قطاع الزراعة.

إن تأكيد مثل هذه المشاهدات الميدانية والمؤشرات عن الوضع الراهن الاقتصادى الاجتماعى السياسى الثقافى فى الريف يحتاج إلى عشرات الدراسات العلمية للتعرف على ظروف وأوضاع هذه القطاعات كى نتمكن فى النهاية من القيام بدورنا فى توعيتهم بأنسب الطرق وأقصرها لبناء تنظيماتهم التى يمكنها وحدها وقف استغلالهم وتحسين شروط حياتهم.

وفى النهاية لا يسعنا إلا القول بأن مجمل السياسات الزراعية أو التى اهتمت بشئون العمال الزراعيين فى مصر منذ عام 1952 وحتى الآن أسقطت من اهتماماتها أى توجه فعلى نحو تحسين شروط العمل أو التأهيل أو أجور العمالة الزراعية بل إنها أسهمت فى تزايد معدلات تدهور أوضاعها .


ثانياً: واقع العمالة الزراعية ومشاكلها

 تشير كل الإحصاءات الرسمية إلى أن سكان الريف مازالوا يشكلون الكتلة الرئيسية من السكان بنسبة تقدر بنحو 70% ، لهذا فإن كل المشكلات التى يعانى منها الريف وقطاع الإنتاج الزراعي تحديدًا ، والذى يمثل النشاط الاقتصادى لنحو خمسة ملايين  من قوة العمل المصرية ذات تأثير حاسم فى مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى المجتمع.

فى هذا السياق تأتى أهمية مشكلات العمالة الزراعية من حيث ثقلها السكاني والاجتماعى والاقتصادي فهي تعانى من :

1-               من أعلى درجات عدم الاستقرار في فرص العمل، نتيجة موسمية العمل الزراعي من جهة ، وتزايد أعداد العمالة الراغبة فى العمل مقارنة بفرص العمل المتاحة أو الطلب عليها ، وتؤكد دراسة أجراها مركز الدراسات الاقتصادية الزراعية في عام 1992 أن أيام العمل الزراعي أصبحت لا تتجاوز 174,3 يوم لكل مشتغل في المتوسط بعد أن كانت 182,8 يوم لكل مشتغل في عام 86 / 1987، وذلك بمعدل انخفاض يقدر بـ 6,9 % ومعنى هذا أن عدد أيام العمل الفعلية لعمال الزراعة كانت عام 86 / 1987 لا تتجاوز 63,5%، ثم تناقصت في 91 / 1992 إلى 59,1 % من إجمالي عدد أيام العمل الممكنة نظريًا التي تقدر بـ 295 يومًا لكل مشتغل في المتوسط. ومع تطور الزراعة وتحديثها واستخدام الآلات قلت فرص العمل عن هذه المعدلات وبالتالى قلت ساعات العمل الفعلية.

2-               استغلال ونهب مقاولي الأنفار خاصة مع استمرار وتوسع ظاهرة عمال التراحيل الذين يبحثون عن فرصة خارج قراهم، وهؤلاء هم أفقر فقراء الريف المصري ؛ حيث يعملون تحت سيطرة مقاولي الأنفار ويتنقلون من مكان لآخر فى وسائل نقل غير آدمية ، ولمدد تتراوح بين ستة أسابيع لتصل أحيانا إلى عام كامل. وهم يعملون في المزارع الرأسمالية الكبيرة وفي مشاريع البنية الأساسية الكبرى وفي صناعة التشييد والبناء. ويبلغ عددهم نحو خمسة ملايين من العمال ( نقابة العاملين بالتشييد والبناء - ونقابة عمال الزراعة والرى). ومع تزايد حالة الكساد سوف يتزايد نزوحهم إلى الإعمال المؤقتة على أطراف المدن التى أصبحت تشهد ما يعرف بسوق الرجالة، وحيث يتقاتلون على فرصة عمل ربما لا تستمر أكثر من يوم أحيانا .

3-      انخفاض الأجور الحقيقية للعمال الزراعيين كما تشير تقديرات البنك الدولي بنحو 60 % في الفترة من 1985 إلى 1991. أما البيانات الرسمية فتشير إلى أن الأجر الحقيقي قد انخفض في الفترة نفسها تقريبا (1986 – 1992) بنسبة 50,8 %، بالرغم من زيادة الأجر النقدي بنسبة 15,7 %، وهو الانخفاض المستمر نتيجة التضخم وارتفاع الأسعار الذى يعانى منه المجتمع المصرى ... وهنا تجب الإشارة إلى أنه رغم معاناة كل الطبقات الفقيرة من انخفاض القيمة الحقيقة لأجورها فإن معدلات إفقار عمال الزراعة كانت أعلى بما لا يقارن من مثيلتها لدى عمال القطاعات الإنتاجية الأخرى  ، فقد أوضحت إحدى الدراسات أن دخل العمال الزراعيين الدائمين (المعدمين) في 1991 / 1992 كان يوازي 37,2 % من الدخل المتوسط لخط الفقر، أما دخل العمال الزراعيين المؤقتين (الفلاحون الفقراء الذين يعملون موسميا لدى الغير) من حيازتهم ومن العمل المأجور مجتمعين فيمثل 60,3 % من دخل خط الفقر ، أى إن دخول عمال الزراعة على وجه العموم أقل من حد خط الفقر .

ومع ارتفاع أسعار السلع الأساسية خلال الفترة من (2000 – 2016) التى زادت إلى أكثر من عشرة أضعاف فى بعض السلع مثل اللحوم والدواجن والسكر وغيرها من السلع الأساسية يتضح لنا حجم التدهور فى أجور تلك العمالة التى لم تزد أجورها خلال تلك الفترة بأكثر من ثلاثة أضعاف.

4-               ساعات العمل الطويلة التى قد تصل أحيانا إلى 11ساعة متواصلة يتخللها ساعة للغداء.

5-               لا يتمتعون بأي مميزات من تأمينات اجتماعية أو تأمين صحي أو بدلات وحوافز وعلاوات. وحتى من يعمل منهم عمالة دائمة فى المزارع الكبرى محروم من أي شكل من أشكال الرعاية الصحية أثناء العمل ، بل من أجورهم أثناء فترة المرض أو الإصابة ، ونظراً لأن طبيعة العمل تسير بنظام اليومية فمن الممكن أن يتم فصل مئات العمال دفعة واحدة وقطع مصدر دخلهم الوحيد بدون أن يكون هناك أدنى مسئولية تجاه هؤلاء العمال .

6-                تدني مستوى ونمط معيشة أسر هؤلاء العمال ، فعلى سبيل المثال تبين دراسة حديثة أجريت في 15 قرية بخمس محافظات انخفاض متوسط استهلاك الفرد من اللحوم والطيور والأسماك والألبان والبيض في أسر العمال الأجراء والحائزين الأجراء (وهؤلاء تحددهم الدراسة بالحائزين لأقل من فدان) بالمقارنة باستهلاك الحائزين لأكثر من 10 أفدنة كما يبين الجدول.



الفئة

متوسط استهلاك الفرد فى السنة بالكيلو

اللحوم

الطيور

الأسماك

الألبان

البيض(بيضة)

عمال زراعيون

4,5

2,4

5,6

22,4

53

حائزون لأقل من فدان

9,9

10,2

7,6

28,7

127

حائزون لا أكثر من 10 أفدنة

36,7

30,4

4,8

113,7

254

7-               تعرض الفئات الأضعف من العمالة الزراعية الممثلة فى الأطفال والنساء لدرجات أعلى من الاستغلال ، فمتوسط أجر المرأة والطفل يمثل نحو 35 % و30,5 % على التوالي من متوسط أجر الرجل. وفي ظل الدخل المنخفض الذي تحصل عليه أسر العمال الزراعيين في الريف تضطر النساء والأطفال للقبول بهذه الأجور المتدنية، وهو ما يؤدي بدوره إلى تخفيض أجور العمال الزراعيين من الرجال ، وسوف يستعرض هذا  التقرير فى الجزء الثالث حجم ظاهرة عمل الأطفال فى قطاع الزراعة.

8-               ما يعانونه من المخاطر والإصابات والأمراض التى يتعرضون لها أثناء العمل وبسببه سواء كانت تلك المخاطر والإصابات بيولوجية نتيجة الإصابة بالأمراض التى تصيب العاملين فى قطاع الزراعة التى تنتقل عن طريق ملامسة الحيوانات والطيور أو التعامل معها ، او المخاطر الطبيعية الناتجة عن العمل لساعات طويلة فى الحرارة والرطوبة، البرودة ، أشعة الشمس ، أو المخاطر الكيميائية نتيجة التسمم بمبيدات الآفات والمواد الكيميائية الزراعية، أو المخاطر الميكانيكية نتيجة التعرض للإصابة بالآلات الزراعية مثل الجرارات وآلات الحصاد التى تقف وراء أعلى معدلات الإصابة والوفاة بين عمال الزراعة  ، نهاية بحوادث الطرق أثناء نقل العمال وخاصة عمال التراحيل.ورغم كل هذه المخاطر فإنهم محرمون من أي نوع من الرعاية أو التأمين الصحي ، وسوف يستعرض التقرير فى الجزء الرابع بعض الحوادث التى راح ضحيتها نحو 79 عاملا زراعيا وأصيب أكثر من 189 آخرين.

9-               التحرش والاستغلال الجنسي الذى تتعرض له النساء على نحو خاص من أصحاب المزارع أو المقاولين أو الرجال الذين يعملون معهم خاصة عند اضطرار النساء والفتيات للعمل بعيدا عن قراهم لمدة طويلة  .

        ورغم كل تلك المعاناة التى تعانى منها العمالة الزراعية فأنها لا تشكل كتلة واحدة متجانسة ، وهو ما يعقد أساليب التعامل معها أو رصد المتغيرات الطارئة على أوضاعها ، أو حتى وضع تصورات لنضالها السياسى فى المستقبل.

     فهي تتنوع بين رجال ونساء وأطفال ويستخدم فارق الأجر بين الرجال والنساء والأطفال مع ندرة العمل وارتفاع فائض قوة العمل فى فرض شروط عمل أكثر قسوة يعانى منها الجميع وإيجاد حالة من التنافس فيما بينهم  ، حيث يلجأ أصحاب المزارع إلى استخدام الأطفال والنساء خاصة فى أعمال الحصاد والجني بأجور أقل ، فى الوقت الذى يتزايد فيه الاعتماد على الآلات الزراعية فى عمليات تجهيز الأرض والري وهو يقلل من فرص عمل الرجال ويضعهم تحت ضغوط وشروط عمل أقسى ، واستنادا إلى مسح شامل قام به الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء للتعرف على الأطفال العاملين فى مصر من الفئة العمرية من 6 إلى 14 عاما ، وجد أن أعدادهم تصل إلى نحو مليونين و 786 طفلا عام 2002 ، وقدرهم المجلس القومى التابع لأجهزة حكومية إلى أكثر من 2,6 مليون عامل يعمل معظمهم فى النشاط الزراعي بنسبة 64% ، منهم 73% ذكور و 27% إناث يعملون بأقل الأجور و 5 إلى 7 جنيهات في اليوم الواحد ، ورغم أن الكتلة الرئيسية من الأطفال العاملين يعملون فى قطاع الزراعة  فإن قانون حماية الطفل استبعدهم من حمايته بنص المادة 103.

لكن الواقع الراهن يؤكد تزايد هذه النسب بدرجات كبيرة ، كما يؤكد زيادة أجورهم إلى نحو 50 جنيهًا فى اليوم ولكن مع زيادة التضخم وارتفاع أسعار السلع الغذائية والمعيشية تقل هذه الأجور عن مثيلتها التى رصدتها دراسة المجلس فى عام 2002.

       ويهمنا أن نشير إلى أن هذا ليس هو التنوع الوحيد بين كتلة عمال الزراعة فهناك عمال معدمون أي لا يملكون إلا بيع قوة عملهم كمصدر وحيد للدخل ، وهناك عمال زراعة لديهم مصادر دخول مكملة إلا أنهم يلجأون للعمل المأجور كعمال زراعة لاستكمال احتياجاتهم النقدية ، ومنهم أصحاب حيازات قزمية وصغيرة ، أو أصحاب أنشطة اقتصادية صغيرة ومتناهية الصغر (دكان بقالة فى القرية)، بل إن  منهم من  يعمل كعمالة دائمة فى المؤسسات الحكومية كعمال خدمات أو صغار موظفين ويستكملون أيضا احتياجاتهم النقدية بالعمل الزراعي المأجور.

      أيضا هناك عمالة موسمية وهى الجزء الأكبر وعمالة دائمة ، وحتى العمالة الدائمة هناك منها من يعمل فى مزارع الرأسمالية الزراعية (فى الغالب باليومية ) وهناك من يعمل لدى الشركات الحكومية (بعضهم أيضا يعمل باليومية ) وبعضهم مثبت ويتمتع ببعض الحماية التأمينية .

        وحتى العمالة الزراعية الموسمية وهى الكتلة الرئيسية هناك من يعمل فقط فى أنشطة متعلقة بالإنتاج الزراعي وهناك من يعمل بجانب هذا ، وفى حالة مواسم انحسار العمل الزراعي فى أعمال وأنشطة حرفية أخرى يرتبط معظمها بقطاع التشييد والبناء ، بل إن تلك الانشطة قد تمارس داخل القرية ، وقد تلجأ أعداد من العمالة للمغادرة للعواصم والمدن الكبرى للبحث عن فرصة عمل أثناء مواسم  انحسار العمل الزراعي لبضعة أسابيع أو أشهر ، ثم تعود للقرية مرة أخرى .

      أما التنوع الأخير فيرتبط باتساع ظاهرة البطالة فى مصر ودخول أعداد كبيرة من الحاصلين على شهادات التعليم الفني لسوق العمل الزراعي إلى جانب الأعداد الضخمة من الأميين.

     هذا التنوع المعقد على خلفية النوع والفئة العمرية ، وديمومة العمل أو موسميته ، وتعدد مصادر دخل العامل أو أحاديته من العمل الزراعي المأجور، أو تنوع أنواع العمل بين زراعي وغير زراعي ، واختلاف أصحاب الأعمال بين حكومة وقطاع خاص ، شركات أو أفراد ، عمل مباشر أو عبر مقاول ، عمل داخل القرية أو خارجها ، هذا التنوع فى خريطة العمالة الزراعية للأسف الشديد يضعنا أمام وضع بالغ التعقيد لدراسة أوضاع العمالة الزراعية فى مصر خاصة مع غياب الدراسات العلمية لتفاصيل هذه الخريطة ، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى التعميم الخاطئ فى التعامل معها ككتلة واحدة متجانسة .

     ورغم هذا التعقد والتنوع فى خريطة قوة العمل الزراعي فإنه يمكن القول إن جميع فئاتها تعانى بشكل عام من تزايد تدهور أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية ، وتعانى من أكثر شروط العمل قسوة والتى يغيب فى ظلها أي شكل من أشكال الحماية والرعاية ، كما أنها تعانى من تزايد معدلات البطالة وتضاؤل فرص العمل ، ولقد أصبح هذا القطاع المهم من قوة العمل المصرية يشكل قاعدة جيش المهمشين فى مصر الذى أصبح يموج بالغضب وعدم القدرة على تحمل مزيد من تدنى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتدهورها.

    ورغم أن العمالة الزراعية مثلها مثل كل أبناء المجتمع المصري تعانى من أزمة فشل مؤسسات الدولة وعدم قدرتها على إنجاز عملية التحديث والتنمية ، إلى جانب تميز التاريخ السياسي والاجتماعي للمجتمع المصري على امتداد مراحله المختلفة بعلاقة غير متكافئة بين الدولة (كجهاز ومؤسسة وما تشيعه من قيم وثقافة سياسية تعضد مكانتها ) والإنسان المصري (أفراداً / جماعات) ، تلك العلاقة التي تميزت إلى درجة كبيرة بالسطوة  والاستبداد والاستغلال ومؤخرًا دخول وزارة الدفاع فى أنشطة اقتصادية عديدة تشكل نحو 30% من الأنشطة الاقتصادية التى تعتمد أنشطتها فى الأساس على جهود أبناء المصريين من المجندين ، وعلى الرغم من أن عوائد تلك الأنشطة لا تعود إلى دخول هؤلاء المجندين ، وفى أحسن الأحوال لا يتم إصدار أى معلومات حول حجم وميزانيات هذا الإنتاج الضخم أو على من تعود تلك الفوائض والأرباح ، وهو الأمر الذى يزيد من تعقيد خريطة الاقتصاد بشكل عام وقطاع العاملين بشكل خاص ودورهم الاجتماعى فى التغيير ، لهذا يعد اجتياح مؤسسات الدولة للمجال العام وتقليص المجال الخاص وعدم ضمان حمايته أحد أهم ملامح الواقع السياسى الراهن فى مصر ، إلا انه يضاف إلى هذا الظروف والواقع  الاجتماعى للعمالة الزراعية من ظروف عمل لا تسمح لها بالوجود فى جماعات كبيرة ، وغياب أي منظمات نقابية ، والعمل الموسمي الذى يتغير فيه صاحب العمل ومكانه بشكل دائم ، وارتفاع نسبة الأمية والمعاناة الدائمة من ندرة فرص العمل والانشغال الدائم بالبحث عنها..الخ كل هذه الظروف تدعم تأخر أو تراجع ظهور أي نشاط سياسي أو اجتماعي منظم لهذا القطاع من العمالة المصرية دفاعا عن مصالحها أو تحسين أوضاعها ، وبالتالى تضعف قدرتها على التأثير فى عملية صنع السياسات أو التوازن الاجتماعى بما يسمح بتحقيق جزء من هذه المصالح. هذه الوضعية تشير فى الحقيقة إلى مستقبل وأيام صعبة وقاسية تنتظر هذا القطاع من قوة العمل المصرية. 

ولا يمكن النهوض بأوضاع هؤلاء العمال إلا عبر تنظيماتهم المستقلة البعيدة عن وصاية الدولة أو الأحزاب الرجعية أو المتذيلة لسياسات السلطة الحاكمة.


ثالثاً: عمل الأطفال فى قطاع الزراعة

يعد عمل الأطفال فى القطاع الزراعى من القطاعات النوعية المهمة داخل قطاع العمل الزراعي كما تعود أهميته من ناحية أخرى إلى محاولات مؤسسات الدولة إظهار نفسها أمام أسواق التجارة العاملية بادعاء أن إنتاجها يخلو من استخدام عمل الأطفال فى الأنشطة الاقتصادية الخطرة ، أو لمحاولاتها جلب المنح الدولية باعتبار أن الأخيرة تشترط الاهتمام بقطاعات حقوق الإنسان ومن ضمنها حقوق الأطفال ، وانطلاقًا من ذلك يهتم الإعلام ومؤسسات الدولة والمجتمع المدنى بحقوق الأطفال أو النساء العاملين دون غيرهم من العمالة ، ولا يهدف هذا الاهتمام إلى تغيير سياسات الدولة أو تقوية منظمات العمال للدفاع بأنفسهم عن مصالحهم ضد رجال الأعمال وكبار الملاك الزراعيين والشركات ومؤسسات الدولة لكنه يرتبط بنطاق ضيق من الأنشطة تعتمد على المساعدات المباشرة لعدد من الأطفال ، وقد آثرنا أن نلقى الضوء على عمل الأطفال فى قطاع الزراعة باعتبارهم أكثر قطاعات العمل الزراعى معاناة واستغلالا ويتعرضون لصور كثيرة من الاستغلال تمارسها السلطات والشركات الزراعية وكبار الملاك المتحكمين فى اتخاذ القرار:

وسوف يستعرض التقرير تلك المشكلة على المستوى الدولى والمحلى وذلك على النحو التالى:

أولاً- وضع عمل الأطفال على المستوى الدولى                                       

انطلاقًا من سياسات المؤسسات الدولية بدعم المتأثرين سلبيا من تطبيق سياسات تحرير الاقتصاد باعتبارهم ضحايا، اهتمت العديد من هذه المنظمات بظاهرة عمل الأطفال حيث قدرت منظمة العمل الدولية بأن هناك نحو 250 مليون طفل بين سن الخامسة والرابعة عشرة يعملون في الدول النامية وحدها ومحرومون من التعليم المناسب والصحة الجيدة والحريات الأساسية، ويدفع كل طفل من هؤلاء ثمنا فادحا لهذه المعاناة حيث أن نحو 50% منهم أو مايقدر بــــ120 مليونًا يعملون كل الوقت في حين يدمج العدد الباقي مابين العمل والدراسة ، ويعمل نحو 70% تقريبا من الأطفال في أعمال غبر إنسانية ، وهناك من بين هذا العدد الكلي نحو 50 إلى60 طفلا بين سن الخامسة والحادية عشرة ممن يعملون في ظروف خطيرة ؛ نظرا لصغر سن هؤلاء الأطفال وهشاشة أجسادهم وهذا ما يؤثر فى حياتهم وصحتهم.

وتشير تقديرات منظمة العمل الدولية لعام 2000 إلى أن طفلا من أصل 8 أطفال في العالم أي 179 مليون طفل يقوم بأعمال خطرة وضارة في حين يقوم 8,4 مليون طفل بأعمال تستحق الإدانة قطعاً؛ مثل العبودية والدعارة والتجنيد والإباحية،وكشفت دراسة أعدتها المنظمة عن أن أكثر من 55 مليون طفل تحت سن 15 سنة يستخدمون كعمال في عدد كبير من الدول كدول إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا ؛ حيث يشتغلون بطرق غير شرعية وفى أعمال منافية مثل الدعارة والسلاح.

  بينما تشير التقديرات العالمية لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة والأمومة لعام 2002 إلى أن عدد الأطفال العاملين في العالم وصل إلى 325 مليون طفل تتراوح أعمارهم مابين 14-15 سنة ، و8 ملايين منهم يستخدمون فى الدعارة والسخرة والصراعات المسلحة.

وطبقًا لتقديرات اليونيسف هناك نحو 150 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و14 عاماً يعملون في البلدان النامية، ونحو 16% من جميع الأطفال في هذه الفئة العمرية، ينخرطون في أعمال خطرة.

وعلى الرغم من أن الأرقام الإجمالية تشير إلى أن الفتيان المنخرطين في عمل الأطفال أكثر من الفتيات، فإن العديد من أنواع الأعمال التي تنخرط فيها الفتيات غير واضحة للعيان إلا أن الكثير من الدراسات والتقارير أكدت أنهم يعملون فى الدعارة والسخرة ، كما تشير تقديرات اليونيسف عام 2011 إلى أن نحو 90% من الأطفال الذين يعملون في المنازل هم من الفتيات.

وفى سياق متصل أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) ومنظمة العمل الدولية برامج تعليمية لكي يستخدمها صانعو القرار ومصممو ومنفذو البرامج والباحثون والإحصائيون في المجال الزراعي لضمان شمول تدابير مكافحة عمل الأطفال في برامج التنمية الزراعية والريفية، وخصوصًا تلك التي تستهدف عائلات المزارعين الصغيرة. وأطلقت المنظمتان الدورة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة تشغيل الأطفال وتغطي الدورة التعليمية جميع القطاعات الزراعية وهي المحاصيل، والمواشي، والحراجة، ومصائد الأسماك، والزراعة المائية.

وذكر تقرير أصدرته الفاو أنه على المستوى العالمي يعمل نحو 60% من الأطفال العاملين – البالغ عددهم 100 مليون شاب وفتاة – في القطاع الزراعي، ويعمل عدد منهم في أسوأ أشكال عمل الأطفال وهي الأعمال الخطرة التي تعرض صحتهم وسلامتهم للخطر.

ويشير التقرير العالمي لعمل الأطفال عام 2002 إلى أن السبب الرئيسي في اختفاء الأرقام الحقيقية لعمل الأطفال في المنطقة العربية ؛ يعود لعدم اعتراف الحكومات بالمشكلة ، ولا تعلن عن البيانات والإحصائيات الخاصة بهذه القضيةبادعاء أن هذه البلدان لا يعمل بها أطفال ويتمتعون بجميع حقوقهم !!

هذا وقد نشطت العديد من منظمات المجتمع المدنى الدولية والإقليمية فى التفاعل مع تلك الظاهرة بدعوى العمل للحد منها أو لتحسين ظروف عمل هؤلاء الأطفال بمشاركة المعنيين بهذا المجال من مجالات حقوق الطفل حكوميين وغير حكوميين ، إلا أن تلك المجهودات خلال عشرات السنين الماضية لم تسفر عن أي نتائج إيجابية لأن أسباب المشكلة تتعلق بالسياسات العامة التى تعيد إنتاج الظاهرة وهى أسباب مازالت موجودة ولم يتم تغييرها حتى الآن ولن يتم تغييرها بالطرق التى تتبعها تلك المنظمات.

الاتفاقيات والمواثيق الدولية

لم تتوقف مجهودات المنظمات الدولية عند تنفيذ مشروعات وبرامج للحد من ظاهرة عمل الأطفال بل بادرت بإقرار اتفاقيات ومواثيق دولية وقعت عليها معظم حكومات العالم وكان من بين ذلك:

اتفاقية حقوق الطفل

•         أقرت المادة 32 من اتفاقية حقوق الطفل ، التي صادقت عليها مصر في 6 يوليو1990 بحق الطفل في "حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيراً أو يمثل إعاقة لتعليم الطفل، أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي...

•         كما تلزم الاتفاقية الدولة باتخاذ التدابير التشريعية والإدارية اللازمة لضمان تنفيذ المادة 32 بما في ذلك "وضع نظام مناسب لساعات العمل وظروفه، و"فرض عقوبات أو جزاءات أخرى مناسبة...

•         وتتعرض عدة أحكام أخرى من الاتفاقية لمعاملة الأطفال العاملين، بما في ذلك الحق الذي تضمنه الدولة في الانتفاع بـ"مرافق علاج الأمراض وإعادة التأهيل الصحي والتعليم الابتدائي الإلزامي المجاني، والراحة ووقت الفراغ وتحظر الاتفاقية تعرض أي طفل "للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة"، شأنها في ذلك شأن "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صادقت عليه مصر في ( 12 يناير 1982).

اتفاقية منظمة العمل الدولية

•         وفى السياق نفسه اعتمدت منظمة العمل الدولية في يونيو/حزيران 1999 الاتفاقية رقم 182، وهي الاتفاقية الخاصة بأسوأ أشكال عمل الأطفال، والتي تلزم الدول الأطراف فيها "باتخاذ إجراءات فورية وفعالة لضمان حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والقضاء عليها باعتبار ذلك مسألةً عاجلة

•         أما "أسوأ أشكال عمل الأطفال"، بموجب تلك الاتفاقية، فمن بينها "العمل قسراً فى الريف المصرى أو لدى ذويهم " وكذلك "الأعمال التي يحتمل ـ إما بسبب طبيعتها أو بسبب الظروف التي تُؤدَّى فيها ـ أن تعود بالضرر على صحة الأطفال أو سلامتهم أو أخلاقهم " وهو ما يحدث عادة مع هذه الفئة باعتبارها الفئة الأضعف والأفقر!!!

•         أما أنواع العمل التي تشملها الفئة الأخيرة فتبتُّ فيها وتحددها الدول الأطراف بالتشاور مع منظمات أصحاب العمل والعمال، آخذة في اعتبارها المواثيق الدولية، خاصة توصية منظمة العمل الدولية رقم 190، بعنوان أسوأ أشكال عمل الأطفال وكانت هذه التوصية قد صدرت في عام 1999 بمصاحبة الاتفاقية رقم 182، وتنص على ضرورة النظر في عدة أمور منها الأعمال التي تعرض الأطفال للأذى البدني، و"العمل في بيئة غير صحية قد تؤدي إلى تعريض الأطفال مثلاً للمواد أو العوامل أو العمليات الخطرة، أو إلى ما يضر بالصحة من درجات الحرارة، أو مستويات الضجيج أو الذبذبات و"إلى العمل في ظروف بالغة الصعوبة، مثل العمل ساعاتٍ طويلة أو العمل الذي لا يسمح بإمكانية العودة إلى المنزل كل يوم .

وعلى الرغم من كل هذه الجهود التى تبذلها المنظمات الدولية فى إصدار الاتفاقيات الملزمة والرصد وتنفيذ المشاريع التى تستهدف تحسين حياة هؤلاء الأطفال أو وقف تشغيلهم فى الأعمال الخطرة فإن الظاهرة مازالت فى تزايد مستمر نتيجة السياسات الدولية وانحيازها لمصالح الشركات الكبرى الدولية وتوافق مصالحها مع مصالح الحكومات المحلية وللأسف وبسبب هذه السياسات تتم إعادة إنتاج الظاهرة ويتم استغلال الأطفال بشكل متواصل.

ثانياً- وضع عمل الأطفال فى مصر

أفاد مسح أجراه الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء بارتفاع معدل الأطفال العاملين حيث بلغ 86% من بين الأسر ذات الدخل المنخفض ، كما أشار المسح الديموغرافى الصحى إلى أن المستوى الاجتماعى والاقتصادي للأسر التى لديها أبناء عاملون كان أدنى من مستوى الأسر التى لا يعمل أبناؤها.

وطبقًا لأرقام نفس الجهاز عام 2013 فإن عدد الأطفال في مصر تجاوز أكثر من ثلث عدد السكان حيث بلغ إجمالي عدد الأطفال أقل من 18 سنة في مصر 30,6 مليون طفل ، ووصل عدد الذكور إلى ما يعادل 15,8 مليون طفل بنسبة 18,9٪، وعدد الإناث 14,7٪ مليون طفلة بنسبة 17,5٪، في حين وصلت نسبة الأطفال العاملين في الفئة العمرية من 5 إلي 17 سنة حوالى 9,3٪ بينما يوجد 61,9٪ من إجمالي الأطفال العاملين يعملون لدي الأسرة دون أجر، كما بلغت أعلي نسبة للأطفال العاملين في الفئة العمرية من 15 إلي 17 سنة بنسبة 88,9٪ حيث مثلت النسبة للذكور أكثر من أربعة أضعاف الإناث.

ووفقاً لإحصائيات الجهاز فإن 40٪ من الأطفال العاملين لم يلتحقوا أصلاً بالمدارس بسبب ارتفاع نفقات التعليم وعدم كفاية دخل الأسرة لتحمل نفقات التعليم و40,9٪ من الأطفال العاملين توقفوا بعض الوقت عن المدرسة، والعمل بسبب تأثير إصابات العمل مقابل 2,4٪ توقفوا تماماً عن العمل والمدرسة.

كما كشف الجهاز عن وجود 26,4٪ أطفال فقراء موزعين بنسبة 12,3٪ في الحضر و36,3٪ في الريف، وأن نسبة الأطفال الفقراء المحرومين من المأوي تمثل 13,5٪ ، و7٪ محرومون من الصرف الصحي ، ونسبة 3,6٪ محرومون من المياه النقية ، ونسبة 11,8٪ محرومون من الغذاء ونسبة 4,9٪ محرومون من التعليم.

كما أفادت نفس إحصائيات الجهاز بأن حجم عمل الأطفال  يبلغ نحو 1,6 مليون طفل، منهم 83% يعملون فى الريف مقابل 16% فى المدن، وأن 46% من إجمالى هؤلاء الأطفال العاملين يتراوح عددهم بين 15 و 17 سنة ، وأن 78% منهم من الذكور و 21% من الإناث ، وأن عدد ساعات العمل التي  يقضيها هؤلاء الأطفال في العمل  تتعدي أكثر من 9 ساعات يومياً في المتوسط ، وأكثر من ستة أيام في الأسبوع ، أي أن  عدد ساعات العمل  بالنسبة للطفل قد يتجاوز عدد ساعات عمل للكبار.

 ووفقا لدراسات عديدة لمنظمات غير حكومية ، فإن حجم عمل  الأطفال يبلغ نحو 3 ملايين عامل ، وطبقا للمسح  القومي لظاهرة عمل الأطفال في مصر والصادر عن المجلس القومي للطفولة والأمومة فإن  هناك 2,76 مليون طفل عامل في مصر، يمثلون نحو ٢٦% أي أكثر من خمس الأطفال في الشريحة العمرية من ١٦:١٤ سنة.

وفى هذا السياق قدرت منظمة العمل الدولية حجم الأطفال العاملين بقطاع الزراعة بنحو 2,2 مليون طفل، بنسبة تصل  إلى 26% من إجمالى العاملين فى مصر.

ورغم تباين  الإحصائيات  السابقة وعدم دقتها فإن جميعها يشير إلي ارتفاع حجم عمل الأطفال في مصر.

وطبقًا لهذه الأرقام فإن التناقض يبدو واضحاً في تلك الإحصاءات حتي تلك الصادرة من جهات حكومية.

ومن ناحية أخرى يتعرض الأطفال العاملون لصور عديدة من الاستغلال وإساءة المعاملة والإهانة والممارسات غير الأخلاقية من خلال تشغيلهم في أعمال غير مؤهلين لها جسدياً ونفسياً ، كما تتعرض الفتيات منهم لأبشع وسائل الإيذاء الجسدى والنفسى.

وأكد تقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء تعرض الأطفال العاملين لظروف عمل غير إنسانية حيث يتعرضون لفترة طويلة من الانحناء وتتعرض صدورهم للغبار والأدخنة ، وتتعرض أجسادهم للبرودة أو الحرارة الشديدة، فضلا عن التعرض للمواد الخطرة من المواد الكيماوية، والمبيدات والأصباغ، فضلا عن عدم توافر دورات مياه ، والتعامل مع معدات خطرة، وتجدر الإشارة إلى أنه فيما يتصل بالعمالة المنزلية أو "الخدمة المنزلية"، فلا تتوفر أي بيانات حولها نتيجة كونها مهنة تتم في الخفاء، ويصعب تقديرها نظرا لاستثناء قانون العمل لحقوق هذه الفئة المهمة، وأكثرهم من الفتيات الأطفال.

كما كشف الجهاز عن أن الكثير من عمل الأطفال يدور في المهن اليدوية والخطرة والمتعلقة علي سبيل المثال بإصلاح السيارات أو العمل في مجال المعمار والبناء أو الإنشاءات أو أعمال الزراعة الشاقة أو المحاجر التي يرتادها معظم الأطفال في الصعيد بسبب ارتفاع الأجرة اليومية التي تقدم لهم بالقياس للعمل الزراعى.

كما كشفت دراسة حديثة لوزارة القوي العاملة عن أن الفقر والجهل وراء تفشي تلك الظاهرة حيث يعمل الأطفال في ظروف صعبة تعرض حياتهم للخطر ويعملون فترات طويلة تتجاوز أوقات العمل للكبار من العمال.

وأوضحت تلك الدراسة أن جميع الأطفال العاملين تقريباً لا يتمتعون بأي حماية قانونية ويعملون بصورة غير رسمية ودون وثائق عمل أو شهادات صحية وأن ثلث هؤلاء يعانون من المعاملة السيئة ويتعرضون لأشكال مختلفة من العنف الذي يلقونه من أصحاب الورش والعمل والمشرفين عليهم.

ويعمل الأطفال العاملون بقطاع الزراعة في معظم العمليات الزراعية بداية من إعداد الأرض وزراعة التقاوي والشتلات إلى العزيق بالمنقرة ونقاوة الحشائش والري والتسميد والمشاركة في رش المبيدات أو مقاومة دودة ورق القطن حتي جمع وحصاد المحاصيل بالإضافة إلي عمليات مابعد الحصاد مثل الفرز والتدريج والتعبئة ونقل تلك العبوات، بالإضافة إلي تطهير حظائر المواشي ونقل التربة أي يقومون بالأعمال التي يجب أن يقوم بها العمال الكبار ولكن بأجور زهيدة وهي أعمال شاقة وفي ظروف قاسية وخطيرة تعرضهم للمخاطر (عاهات ـ إصابات عمل(

وتؤثر فى قدراتهم الجسمانية وحالاتهم الصحية وإصابتهم بالتسمم وبالأمراض المختلفة (الالتهابات الصدرية ، الالتهاب الكبدي ، البلهارسيا ، الأمراض الجلدية ،..إلخ) هذا بالإضافة إلى العمل في الورش الموجودة بالقري.

بالإضافة إلي أن "أطفال التراحيل" الذين يبحثون عن فرص العمل خارج قراهم ويضطرون إلي الإقامة في معسكرات بالقرب من المشروعات التي يعملون بها أو ينتقلون إليها بحثا عن فرص العمل المتقطعة فيتم نقلهم في عربات أو معديات متهالكة وغير مأمونة ويتعرضون للحوادث حيث قتل نحو 79 عاملاً زراعيًا معظمهم من الأطفال خلال الفترة من 1/1/2016 حتى 30/9/2016 ، هذا فضلا عن عشرات الحوادث الأخري على الطرق الزراعية والمعديات وبالمزارع والتي راح ضحيتها عدد كبير من هؤلاء الأطفال.

وقد تبين من دراسة أجريت عام 2000على أكثر من مليون طفل يستخدمون موسميا كعمال لجمع القطن فوجد أنهم يعملون بشكل نمطي 11ساعة يوميا وسبعة أيام أسبوعيا فى درجات حرارة تصل  40درجة مئوية ، أيضا عمل الأطفال فى حقول القطن بعد رش المبيدات الحشرية الخطيرة بفترة وجيزة يعرضهم للعديد من المخاطر الصحية، وأن جميع الأطفال أبلغوا عن تعرضهم بشكل روتيني للضرب بعصا خشبية من جانب مشرفي العمال.

كما يتعرض الأطفال العاملون في خدمة المنازل للإهمال والاستغلال والقهر والحرمان؛ حيث يعملون ساعات عمل كثيرة وغير محددة ، كما إنه غالبا ما يتعرض الطفل للإيذاء النفسي والبدني بالضرب والإهانة وغالبا العدوان الجنسى أيضا وفى بعض الأحيان تتعرض الفتيات للاستغلال أسوأ من الفتيان.

كما تشير العديد من الدراسات التى تناولت هذه الظاهرة إلى العديد من المخاطر التى يتعرض لها الأطفال العاملون بالزراعة ومنها على سبيل المثال :-

1-   ظروف وشروط عمل شاقة تتضمن مخاطر حقيقية ، مثل استخدامهم لأدوات عمل تسبب لهم الإصابات ( الجروح والكسور ) وتعرضهم لمخاطر التعامل مع المبيدات الزراعية ( التسمم والأمراض الخطيرة ) وكذلك للمخاطر الناتجة عن طول يوم العمل ، والإرهاق الشديد ، والمعاملة السيئة من المشرفين ، وأصحاب العمل ، وما يصاحب كل ذلك من أمراض مزمنة.

2-   الاستغلال الاقتصادى ، والذى يتجلى فى عدد من الأوضاع مثل بدء العمل فى سن مبكرة ( أقل من 7 سنوات ) ، وهو ما يمثل تحديا صارخا لأحكام قانون الطفل , واستمرار ظاهرة مقاولى الأنفار ( يستحوذون على جزء من أجر الأطفال ) ، وانخفاض أجور الأطفال ، وزيادة عدد ساعات العمل اليومية بالمخالفة لأحكام قانون الطفل ومستويات العمل الدولية . وحرمان الأطفال من كافة أشكال الحقوق المتعلقة بالأجازات والراحات الأسبوعية ، وحقهم فى الحصول على أجورهم عنها وذلك بالمخالفة للاتفاقيات الدولية والتشريع المصرى.

3-   مخاطر طبيعية مختلفة ( العوامل والظروف المناخية ، الحر الشديد ، البرد الشديد ...إلخ ) ولمخاطر كيميائية وبيولوجية . وتؤثر هذه المخاطر فى الأطفال ( إصابتهم بضربات الشمس والدوخة ، والإغماء بسبب عدم توفر وسائل الحماية من الشمس).

4-   وتعد الأعمال المشار إليها سابقًا التى يقوم بها الأطفال فعلاً من أسوأ وأخطر أشكال العمل التى يقوم بها الأطفال ، والتى تلحق أفدح الأضرار بسلامتهم وصحتهم . ويضاعف من الضرر غياب الرعاية الصحية الكافية وفضلاً عن عدم توافر وسائل الوقاية والحماية وعدم قيام أصحاب العمل بإجراء الفحص الطبى الدورى على الأطفال بالمخالفة للتشريعات العالمية والمحلية وكذلك عدم توافر الخدمات الضرورية فى أماكن العمل ( المياه النقية ، دورات مياه ، الوجبة الغذائية ، المواصلات الآمنة ...الخ ).

ثالثاً: ملاحظات على الإطار القانونى المنظم لعمل الأطفال فى مصر

أ‌-     قانون الطفل

رغم الدعاية الحكومية وغير الحكومية بإيجابية قانون الطفل الذى جمع شتات التشريعات الخاصة بالطفولة فى مدونة واحدة، فإنه لم يتضمن تعديلات جذرية تسهم فى وقف استغلال الأطفال ، بل إن هذه التعديلات لا تزال متعارضة مع المعايير الدولية بشأن عمل الأطفال، فالقانون يحتفظ بذات الأحكام المتعلقة بعمل الأطفال فيما عدا حكمين:

الأول: رفع سن الطفولة إلى 18 سنة تماشياً مع اتفاقية حقوق الطفل.

الثانى: رفع سن عمل الأطفال من 12 سنة إلى 14 سنة.

ولكن مع استثناءين خطيرين:

- السماح بتدريب الأطفال اعتبارا من 12 سنة، وهى ثغرة يتسلل منها أصحاب الأعمال لتشغيل الأطفال واستغلالهم عند هذه السن تحت ذريعة تدريبهم.

- السماح للأطفال بين 12 – 14 سنة بالاشتغال فى أعمال موسمية لا تضر بصحتهم، أو نموهم العقلى، أو تخل بمواظبتهم على الدراسة.

ويتضح أن الأعمال الموسمية تكون عادة فى الزراعة التى لا يخضع العاملون بها صغاراً أو كباراً لأحكام قانون العمل.

ب‌-   قانون العمل

يعد قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 أسوأ تشريع اجتماعى فى الخمسين سنة الأخيرة، وقد جاء ليواكب تطور سياسات التحرر الاقتصادى فى مجال علاقات العمل، إذ يتحول العمل إلى سلعة تخضع لآليات السوق، ويجرى التوسع فى مجال العمالة المؤقتة، وإطلاق حرية فصل العمال وإزالة العقبات التى كانت تحد من ذلك، وتجريد العمال من أي إجراءات حمائية، ومصادرة حق الإضراب والتجمع عملياً...

وجرى إخضاع الأطفال العاملين لأحكام قانون العمل، بما يجعل أوضاعهم أسوأ عن ذى قبل ، وقد سارت أوضاع الأطفال العاملين بسبب النصوص الحمائية التى يتضمنها القانون حيث تعد أقل فى مستوياتها عن النصوص المقررة فى قانون الطفل رقم 12 لسنه 96.

إذ خفف القانون سن الطفولة إلى 17 سنة بينما هو فى قانون الطفل 18 سنة، ويتعارض هذا النص أيضاً مع اتفاقية حقوق الطفل التى تعرف الطفل بأنه كل إنسان لا يتجاوز سن الثامنة عشرة من عمره.

وقد جعل القانون سن العمل 14 سنة، وهو ما يتعارض مع إعادة السنة السادسة إلى مرحلة التعليم الابتدائى حيث تصبح السن 15 سنة عند انتهاء التعليم الأساسى، كذلك فإن تشغيل الأطفال اعتباراً من 14 سنة يتعارض مع بعض المزايا التى يتمتع بها العامل فى مجال التأمينات والحماية النقابية إذ إن سن الالتحاق بالنقابات هى 15 سنة وسن التأمين الاجتماعى على العامل هو 18 سنة كما يتعارض القانون فى شأن سن العمل مع اتفاقيتى العمل الدولية الصادرتين عام 1973 والأولى رقم 138 والتى ترفع الحد الأدنى لسن العمل فى سائر الأنشطة الاقتصادية صناعية وغيرها إلى 15 سنة وأجازت تخفيضه إلى 14 سنة بالنسبة للدول النامية وحظرت تشغيل الأحداث فى الأعمال التى يحتمل أن تشكل خطورة على صحتهم قبل 18 سنة ، والثانية رقم 146 وأوصت برفع الحد الأدنى لسن تشغيل الأطفال إلى 16 عاماً وأن تتخذ الدول النامية الإجراءات الكفيلة بعدم تشغيل الأطفال قبل 15 سنة فى أى نشاط اقتصادى.

ويستثنى قانون العمل أيضًا العاملين فى الزراعة (الفلاحة البحتة) من الخضوع لأحكامه، بما يعنى تجريد الأطفال العاملين فى هذا النشاط من الحماية.

وفيما عدا ذلك فإن قانون العمل يتضمن الأحكام الواردة بقانون الطفل ذاتها فى مجال حظر عمل الأطفال دون 14 سنة، وعدم تشغيلهم أكثر من 6 ساعات يومياً، وعدم تكليفهم بإعمال إضافية، أو تشغيلهم أيام الراحات والإجازات .

وهذا وقد جاء قانون العمل مكرسا لجميع أشكال استغلال الأطفال ومنتهكاً للمادة 32 من اتفاقية حقوق الطفل التي تقضى بحق الطفل في الحماية من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يعوق تعليمه أو يكون ضاراً بصحته ونموه.

وقد استثنى قانون العمل فى المادة ( 4 ) من الباب الأول الأطفال العاملين في خدم المنازل والأطفال العاملين لدى ذويهم ، وكذلك المادة ( 103 ) الفصل السادس استثنت الأطفال العاملين بالزراعة بالرغم من أنهم الشريحة الكبرى من عمل الأطفال في مصر.

كما جاء التدرج فى القانون كباب خلفي لعمل الأطفال دون أي ضوابط أو محددات للسن للمتدرجين أو طبيعة الأعمال التي سيقومون بها حيث نصت المادة 141 من قانون العمل في الباب الخامس " يعد متدرجا كل من يلتحق لدى صاحب عمل بقصد تعلم مهنة أو صنعة " وأعطت المادة 143 لصاحب العمل الحق في إنهاء اتفاق التدرج إذا ثبت لديه عدم صلاحية المتدرج أو عدم استعداده لتعلم المهنة أو الصنعة بصورة حسنة وهو الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه لتشغيل الأطفال واستغلالهم وإنهاء عملهم وقتما يشاء صاحب العمل.

ج- قانون النقابات العمالية

اعتبر قانون العمل أن الأطفال العاملين من سن 14 إلى 18 جزء من القوى العاملة وأخضعهم لأحكام هذا القانون ، لذا فهناك ضرورة لتوفير الحماية النقابية لهم خاصة أنهم محرومون من المشاركة الفاعلة داخل التنظيم النقابى ، حيث إن قانون النقابات رقم 35 لسنه 1976 وتعديلاته، وكذلك قانون العمل يجعلنا نلحظ عكس ذلك. فقانون العمل نظم عمل الأطفال بالفصل الثانى من الباب السادس تحت عنوان (تشغيل الأحداث) حيث ذهب المشرع فى هذا الفصل إلى تنظيم أحوال وظروف عمل الأطفال من سن الثانية عشرة حتى السابعة عشرة ، أما من هم دون سن الثانية عشرة فقد ذهب المشرع إلى حظر تشغيلهم أو تدريبهم.

وعلى الرغم من ذلك ومنذ زمن فإن آلاف الأطفال يعملون دون هذه السن فى منشآت عديدة ، وقد اتجهت الدولة فى تشريعاتها إلى الاكتفاء بالنص على حظر تشغيلهم وتدريبهم ، بل إن المشرع عندما وضع العقوبات المتعلقة بمخالفة نصوص القانون وضع عقوبات للحظر الوارد فى الفصل الأول من الباب السادس ، وكذلك للفصل الثالث من الباب نفسه وجاء على الفصل المتعلق بالأحداث وهو الفصل الثانى من الباب نفسه ولم يضع أى عقوبات.

الأمر الذى أدى إلى استمرار عمل الأطفال دون هذه السن ، واستمرار استغلالهم دون أى حماية قانونية تذكر.

كما اشترط القانون مرحلة عمرية معينة للانتظام داخل النقابات ، ثم مرحلة عمرية أخرى للتمتع بعضوية الجمعية العمومية وأحقية الانتخاب، ثم مرحلة عمرية ثالثة للتمتع بأحقية الترشيح لمجالس إدارة المنظمات النقابية . ومن هنا كان يحق عليه مادام سمح بتشغيل الأطفال أن يعطيهم الحق فى عضوية المنظمة النقابية وحق الانتخاب والترشيح لمجلس إداراتها ماداموا قد صاروا أعضاء بها.

وجدير بالذكر أن جميع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالنقابات لم تحدد أى سن للانضمام للنقابات ولم تشترط مرحلة عمرية معينة للترشيح لعضوية مجلس إدارة المنظمات النقابية.

د- قانون التأمينات الاجتماعية

يشترط للخضوع لقانون التأمينات الاجتماعية أن يكون سن المؤمن عليه 18 سنة فأكثر، سواء كان يعمل بالحكومة أو القطاع الخاص، وقد فسر البعض هذا بأن الغرض من ذلك عدم الإثقال على أصحاب العمل ، وأن الحدث لن يضار لأن أجره قليل ونسبة اشتراكه ضئيلة...

وتسقط هذه المادة الجائرة الحماية التأمينية عن الأطفال العاملين من سن 12 : 18 سنة ، كما أن ظروف الفقر التى يعيش فيها أكثر من 50% من المصريين ستؤدى إلى الدفع بالمزيد من عمل الأطفال , لذا كان واجب على المشرع تعديل هذه المادة حتى تمتد الحماية التأمينية لكل الأطفال والأحداث الذين يعملون.

تعويض إصابات العمل للعمالة المتدرجة والتلاميذ الصناعيين

رغم أن القانون 79 لسنة 1975 أكد أن تسرى أحكام تأمين إصابات العمل على العاملين الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة والمتدرجين والتلاميذ الصناعيين والطلاب المشتغلين فى مشروعات التشغيل الصيفى ، لكنه جاء فى نص المادة ( 54 ) من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 79 لسنه 1975 وأكد أن يكون معاش العجز الكامل أو الوفاة لمن لا يتقاضى أجرا من هذه الفئات عشرة جنيهات شهريًا !!! وبالتالى أخرج كل العمالة الموسمية وغير الرسمية من أحكامه.

ويسرى فى شأن هذا المعاش حكم المادة (51) الفقرة الثانية حيث يزداد المعاش بنسبة 5% كل خمس سنوات حتى بلوغ المؤمن عليه سن الستين .. طبعاً إذا كان الطفل أو العامل غير الرسمى مؤمناً عليه – وإذا قلت نسبة العجز عن 100% فلا يستحق معاشاً أو تعويضاً ..

وبالتالى أعفى المشرع أصحاب الأعمال الذين يتدرب لديهم هؤلاء المتدرجون من سداد اشتراكات التأمين الاجتماعى تشجيعاً لهم على إلحاقهم بالعمل فى منشآتهم لتعلم مهنة إذا كانوا لا يتقاضون أجراً ..

ولكن المشرع أغمض عينيه عن الذين يتقاضون أجرا وهم الأغلبية الكاسحة من العمال غير المنتظمين أو المؤقتين ... وتقع مسئولية حصرهم على إدارات تفتيش العمل ، وهى إجراءات ضعيفة الإمكانيات البشرية ولا يمكن تطبيقها فى ظل انتشار الفساد والمحسوبية.

ناهيك عن أنه فى كثير من الأحوال يدعى صاحب العمل أن هؤلاء من أفراد أسرته ، فضلاً عن سهولة إخفاء هؤلاء الأطفال فى أى أماكن مجاورة ، وهم لا يخضعون لقواعد الفحص الطبى الدورى التى تفرضها قوانين الوقاية من أمراض المهنة ويسقط الكثير منهم صرعى الأمراض فى سن مبكرة تخرجهم من سوق العمل حيث إن 25% من إصابات العمل تقع بين الأطفال.

وختامًا يود المركز أن يؤكد أنه ورغم كل جهود المنظمات الدولية واتفاقياتها وتوصايتها ومؤتمراتها والتزام الحكومة المصرية بتنفيذ بنودها ومع كل أدوار المؤسسات الحكومية والأهلية فى مصر لتحسين ظروف عمل الأطفال أو وقف استغلالهم ورغم صدور التشريعات والدساتير التى تؤكد حماية حقوق الأطفال العاملين ، فمازال أطفالنا يتم استغلالهم من قبل أصحاب الأعمال بسبب سياسات حكومية تنحاز لمصالح رجال الأعمال والفاسدين ، وتعيد إنتاج هذه الظاهرة ليس لشىء إلا لأن مجهودات كل هذه المؤسسات لا تهدف إلى تغيير السياسات بل تهدف إلى معالجتها وعيوبها وتتعامل مع الأطفال العاملين كضحايا وأرقام وبالتالى تتغافل عن إنشاء وتقوية ودعم تنظيماتهم المستقلة التى يمكنها وحدها وقف استغلال أصحاب الأعمال وتحسين شروط حياة كل العاملين بأجر.


رابعاً: حوادث العمال الزراعيين (عمال التراحيل)

منذ ظهور الملكية الخاصة لا يعرف عمال الزراعة معنى للرفاهية وهم يدورون ويعملون كل يوم للحصول على قوت يومهم ، وعلى مدار التاريخ الطويل تم تجاهل حقوقهم واستبداد السلطات ضدهم واستغلالهم ليس لشىء إلا لضعف وعيهم بطرق الخلاص وصنع مستقبل أفضل لحياتهم.

وأغلب هؤلاء العمال من كبار السن أو الأطفال أو النساء ، يستهلكون صحتهم فى الأعمال الشاقة، ويوجدون على أرصفة الشوارع فى القرى والمدن على مدار 11 ساعة فى انتظار أن يرفق بحالهم مقاول الأنفار ليأخذهم للعمل فى إحدى المزارع الكبيرة أو العمارات ليسدوا رمقهم ورمق أسرهم.

وليت الحال يصل بهم إلى هذا الحد من المعاناة ، بل إنهم أول من يموتون فى حوادث الطرق نتيجة للسياسات التى ترفض معالجة أسباب المشكلة وتربطها فقط بالإهمال والرعونة وعدم صلاحية المعديات أو السيارات التى تنقلهم من بيوتهم إلى المزارع أو العكس.

ولا تزال الطرق في مصر تحصد أرواح الآلاف من المواطنين الأبرياء، فلا يكاد يمر يوم حتى نفاجأ بكارثة تحل علينا من جديد تحصد أرواح الصغير والكبير، ينتج عنها ضحايا وخسائر اقتصادية فادحة، بينما تطير تصريحات المسئولين عن أهمية تطوير الطرق فى الهواء حيث لا تسمن ولا تغني من جوع، حتى أصبحت أرواح المواطنين بلا قيمة.

فلا عجب من تصدر مصر قائمة دول العالم في حوادث الطرق، برصيد من الضحايا يزيد على 15 ألف قتيل سنويًا ونحو 50 ألف مصاب، ويأتي ذلك بسبب رعونة القيادة وسوء حالة الكثير من الطرق وتهالك السيارات ووسائل النقل المختلفة والسياسات الحكومية المنحازة للتجار والفاسدين والتى ترفض عن عمد تحديث وتطوير وتنمية أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية.

ويذكر أنه قد وقعت في السنوات الماضية حوادث قطارات قتل فيها ركاب بأعداد كبيرة، بسبب تراخٍ في تطبيق معايير السلامة والصيانة للقطارات وإشارات المرور ومع ذلك تتكرر مثل هذه الحوادث وتتكرر التصريحات دون أمل فى الاصلاح.

وبحسب آخر إحصائية معلنة صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) عام 2011، فإن مصر أعلى دولة في منطقة الشرق الأوسط، من حيث نسبة الإصابات، والوفيات الناتجة عن حوادث الطرق والتى بلغ عدد الوفيات في ذلك العام 7115 حالة، بمعدل 8,8 حالة لكل 100 ألف نسمة، وبمعدل 19,5 حالة وفاة كل يوم.

وفى هذا السياق يرصد مركز الأرض جزءًا من معاناة هؤلاء العمال أثناء انتقالهم من بيوتهم إلى المزارع أو العكس فى سيارات أو بمعديات متهالكة وذلك خلال الفترة من 1/1/2016 حتى 30/9/2016 ، ويكشف التقرير عن مقتل 79 عاملا زراعيا ما بين عمال وعاملات بالغين وأطفال وفتيات وإصابة 190 آخرين وكان هناك بعض الحوادث ناجمة عن تسمم غذائى أو نشوب حريق فى إحدى المزارع.

وتركزت الحوادث بمحافظات عديدة واحتلت محافظة البحيرة أعلى نسبة حوادث وكان نصيبها "10" حوادث، ومحافظة بنى سويف "3" حوادث، ومحافظة المنوفية حادثتين، وكل من محافظات البحر الأحمر وكفر الشيخ والجيزة وأسيوط والإسماعيلية والمنيا والشرقية حادثة واحدة.

وجاءت محافظة البحيرة كأعلى نسبة للحوادث (10 حوادث)، ومحافظات البحر الأحمر وكفر الشيخ والجيزة وأسيوط والإسماعيلية والمنيا والشرقية أقل نسبة (حادثة واحدة).

وكانت أهم الجرائد والمواقع التى رصدت تلك الحوادث هى اليوم السابع ، مباشر ، أخبار مصر ، المصرى اليوم ، الموجز ، بوابة الأهرام، مصراوى، أسرار الأسبوع ، مصر العربية ، صدى البلد ، البحيرة نيوز.

ووقعت تلك الحوادث على مدار الفترة التى يغطيها التقرير ففى شهر يناير وقعت "7" حوادث، وشهر مارس وقعت حادثة واحدة، وشهر إبريل وقعت حادثتان، وشهر مايو وقعت "3" حوادث، وشهر يونية وقعت "5" حوادث، وشهر يوليو وقع حادث واحد، وشهر سبتمبر وقعت "3" حوادث، وبذلك احتل شهر يناير أعلى نسبة حوادث (7 حوادث)، وشهر مارس ويوليو أقل نسبة حوادث ولم تقع حوادث بشهور فبراير وأغسطس.

والمركز على يقين بأن عدد الحوادث التى يتعرض لها العاملون بقطاع الزراعة تزيد على ذلك بكثير، لأن هذه الفئات لا يهتم بحقوقها إعلام مؤسسات الدولة المشغول بدعم أصحاب الشركات وكبار الملاك، فنادرًا ما يشير إلى مثل هذه الحوادث وإن أشارت إليها إحدى الجرائد فيكون على حرج وفى صفحة الحوادث وفى مكان لا يمكن رؤيته.

واستكمالاً لتجاهل هذا الإعلام لمشكلات هؤلاء العاملين فإن معظم الأخبار أشارت إلى أنه جارٍ عرض المصابين والجثث على النيابة ولم تذكر قرارات النيابة التى تحقق مع الضحايا! ، وذكرت بعض الجرائد أنه تحرر محضر بذلك ولم تهتم جرائد أخرى بذكر معلومة المحضر! ، كما اهتمت جرائد برصد نقل الجثث للمشرحة والمصابين للمستشفيات، ولم تهتم كل الجرائد برصد أسباب تلك الحوادث وتكرارها ومسئولية أصحاب الشركات والمزارع عنها، ويتسق ذلك مع رؤية الإعلام بتجاهل حقوق هؤلاء العاملين.

ونظرًا لوقوع حوادث معديات كثيرة خلال العام راح ضحيتها مئات المواطنين ومن بينهم عمال زراعيون فقد اهتمت بعض الجرائد بعمل بعض التحقيقات عن حالة المعديات التى تزيد على آلاف المعديات التى تصل بين شطى النيل ، والتى أكدت جميعها تهالك هذه المعديات وعدم صيانتها أو تجديد رخصها وعدم صلاحيتها للعمل، وعدم الرقابة أو التفتيش من الجهات الحكومية المختلفة والمسئولة عن سلامة النقل لدرجة أن إحدى الجرائد تناولت تلك الأخبار تحت عنوان "نعوش عائمة فى مياه النيل".

وطبقًا لمعظم الأخبار التى تناولت تلك الحوادث ، فإن الخبر لا يتناول إلا عدة أسطر عن المعلومة المتعلقة بمقتل كذا عامل وإصابة آخرين ، ويتناول باقى الخبر السبب الواهى للحادثة وهى رعونة السائق أو تهالك وسائل النقل أو الإهمال، ولم يتناول من بعيد حجم الكارثة وأسبابها ومسئولية الحكومة وأصحاب المزارع والشركات عن تكرارها وإعادة إنتاجها ، ثم يتواصل الخبر ليرصد مجهودات رجال الشرطة الذين قاموا بتحرير المحضر لإثبات الواقعة! ، ويستعرض مجهود المسئولين الحكوميين الذين تابعوا نقل الضحايا إلى المستشفيات وفى أحسن الأحوال تعزية أهاليهم.

ولا غرو فى أن تقوم الصحيفة بتمجيد أحد المحافظين أو الوزراء الذين تحركوا ليدفعوا لأهل العامل المتوفى عدة آلاف من الجنيهات وهكذا كانت كل الأخبار تقريبًا!

وتكشف هذه الرؤية الانحيازات المفضوحة للإعلام ومؤسسات الحكومة لأصحاب الشركات والمزارع الكبيرة التى ينتقل إليها هؤلاء العمال للعمل فيها ومسئوليتهم عن نقلهم الآمن من بيوتهم إلى المزارع والعكس.

بل إن قانون العمل الذى يتواطأ هو الآخر على حقوق العمال الزراعيين يرفض طبقا لنصوصه صرف تعويضات أو معاشات لأن هؤلاء العمال لا يتمتعون بأى حماية قانونية فلا عقود عمل ولا تأمين اجتماعى أو صحى ولا حتى هناك شهود تؤكد أنهم كانوا ذاهبين إلى العمل فى شركة أو مزرعة فلان صاحب النفوذ والأطيان ، الأمر الذى اضطرنا إلى تلخيص الخبر لخلوه من المعلومة وحذف كل الأكاذيب الأخرى التى فردت لها الأخبار المنشورة عدة أسطر فى استعراض لأدوار أجهزة الشرطة ووكلاء النيابة والمحققين.

وعلى جانب آخر لم تهتم أى من الأحزاب أو النقابات بأى من هذه الحوادث أو معالجة أسبابها نظرًا لانشغال معظم الأحزاب بقضايا الديمقراطية والحقوق المدنية ، كما كشفت الأخبار عن عدم اهتمام الأحزاب بتوعية هؤلاء العمال ليشكلوا تنظيماتهم المستقلة ، ولم يبذلوا جهودًا بحثية لدراسة أوضاع تلك العمالة ودراسة أماكن تواجدهم وطبيعة عملهم وحجم مشاكلهم أو للتواصل معهم لتمكينهم من تشكيل تنظيماتهم التى من دونها لا يمكن تحسين أحوال العمال الزراعيين للأفضل.

ورغم جهود الجمعيات الأهلية والمؤسسات العاملة فى هذا المجال فى رصد مشاكل العمال الزراعيين فإن حجم الظاهرة يتزايد وظروف عملهم تزداد سوءًا وتدهورًا ، وهذا ناتج من رؤية هذه الجمعيات لهذه القطاعات التى تعدها مادة لأنشطتهم وفى أحسن الأحوال تسعى لتحسين أوضاعهم عن طريق الهبات والمساعدات المباشرة دون أن تهتم بمساعدتهم لتشكيل تنظيماتهم المستقلة التى يمكنها وحدها أن توقف استغلال أصحاب الشركات وملاك المزارع الكبيرة وفساد وإهمال السلطات، الأمر الذى يؤكد ضرورة تشكيل تلك القطاعات لتنظيماتها المستقلة للتمكن من الدفاع عن مصالحها لوقف استغلالهم من قبل أصحاب الأعمال أو مؤسسات الدولة.

وسوف نستعرض فى عجالة أهم الأخبار التى جاءت بالصحف خلال الفترة التى يغطيها التقرير وذلك على النحو الآتى:


بتاريخ 1/1/2016 لقى 15 شخصًا على الأقل حتفهم إثر غرق عبارة سنديون التابعة لمركز فوه بكفر الشيخ1 والمنتهية ترخيصها وكان من بين الغرقى عدة أطفال كانوا ذاهبين إلى عملهم فى المزارع، والجدير بالذكر أن معظم الغرقى كانوا يعبرون من شاطئ قرية ديروط التابعة لمركز المحمودية بمحافظة البحيرة إلى قرية سنديون للعمل فى مزارعها.

لقى شخصان مصرعهما وأصيب 17 آخرون بجروح وسحجات وكدمات[2] إثر وقوع حادث تصادم بين سيارتين نقل عند الكيلو 90 بدائرة قسم شرطة غرب النوبارية.

وبالانتقال والفحص تبين حدوث تصادم سيارة نقل محملة بالعمالة الزراعية وسيارة نقل أخرى.

وأسفر الحادث عن وفاة عاملين زراعيين وهما " فارس إبراهيم أحمد شعبان، 16 سنة، وحمدي أحمد حسب الله، 20 سنة ، ويقيمان بكوم الفرج بمركز أبو المطامير،"  وكذا إصابة (17) من الأطفال العاملين بالزراعة بكسور وجروح وكدمات واشتباه مابعد الارتجاج ، ويقيمون جميعًا بكوم الفرج مركز أبو المطامير.

وتم نقل الجثتين لمشرحة مستشفى النوبارية العام والمصابين لمستشفى جراحات اليوم الواحد بوادي النطرون للعلاج، وتحرر محضر بذلك.

بتاريخ 25/1/2016  لقي عامل زراعى مصرعه وأصيب 6 آخرون بحالة تسمم غذائى داخل مزرعة بمركز بدر بالبحيرة[3]

وقد تلقى مركز شرطة بدر من مستشفى الرسالة التخصصى بمدينة بدر إخطارا بوصول كل من ا . ز . ا (28 عاما) جثة هامدة , وم . ا. إ (35 عاما) , أ . ع . ع (12 عاما) , ع . ع . ش (37 عاما) وغيرهم من المصابين ويقيمون بكفر الشيخ  وجميعهم عمال زراعيون بمزرعة موز بمركز بدر مصابين بحالة إعياء شديد وآلام بالبطن (ادعاء تسمم غذائي)  وتم تحويلهم لمستشفى المنشاوى التخصصى بطنطا.

وقرر مالك المزرعة تناول المتوفى والمصابين ثمار الموز من المزرعة التي بها آثار رش مبيدات وعقب ذلك شعروا بحالة إعياء وتم نقلهم للمستشفى ولم يتهم أحد من أهاليهم وتحرر المحضر اللازم وأخطرت النيابة العامة فتولت التحقيق.

فى يوم واحد توفى 27 ضحية حصيلة عدة حوادث وذلك[4] بتاريخ 31/1/2016 حيث توفى ستة مواطنين، وإصابة ثلاثة آخرين في حادث تصادم قطار بسيارة بمركز العياط، بمحافظة الجيزة اليوم الأحد.

وبالمعاينة الأولية للحادث أظهرت أن عامل المزلقان لم يكن قد وضع السلاسل وسمح لسيارة ربع نقل بالمرور فاصطدمت بالقطار وكانت السيارة تنقل بعض العمال الزراعيين إلى الحقول.

كما وقع حادث تصادم لأكثر من 25 سيارة على طريق الجيش الصحراوي[5] الشرقي ببني سويف أسفر عن وفاة 15 شخصًا و20 مصابًا، وقامت سيارات الإسعاف بنقل المتوفين والمصابين إلى المستشفى لاتخاذ الإجراءات اللازمة وكان من بينهم عدة عمال رزاعيين.

وفي البحيرة لقي مواطنان مصرعهما، وأصيب 16 آخرون[6] في حادث تصادم بالطريق الدولي الساحلي في مدينة رشيد بمحافظة البحيرة بين سيارتين كانت تقل إحداهما عمالاً رزاعيين ، وتم نقل المتوفين والمصابين إلى مستشفى رشيد العام.

وبالمنوفية لقي 4 أشخاص مصرعهم وأصيب 8 آخرون بينهم طفلان[7]،  في حادث تصادم على طريق السادات كفر داود، وتم نقل المصابين والمتوفين لمستشفى السادات، وبالانتقال والفحص، تبين تصادم سيارتين أجرة وملاكي ومصرع 4 أشخاص وإصابة 4 آخرين بينهم طفلان يعملان بالزراعة ، وتم نقلهم إلى المستشفى وتحرير محضر بالواقعة.

بتاريخ 14/3/2016 لقى 3 أطفال مصرعهم حرقاً أثناء عملهم برفع مخلفات زراعية بقرية موشا فى أسيوط[8]، حيث شب حريق هائل في مخلفات مزرعة بقرية موشا دائرة المركز، وبانتقال فريق الإسعاف والدفاع المدنى تبين نشوب الحريق بمخلفات الزراعة "بوص" ومات الأطفال أثناء عملهم وتمكنت الحماية المدنية من السيطرة على الحريق

وتم التحفظ على الجثث بمستشفى الإيمان العام وجار تحرير المحضر اللازم.

بتاريخ 12/4/2016 لقى 5 أشخاص مصرعهم وأصيب 21 آخرون , نتيجه تصادم سيارتين أجرة ونقل قادمة من مدينة فاقوس فى حادث مروع على طريق الإسماعيلية[9] حيث تبين أن التصادم وقعبين سيارة بيجو أجرة وأخرى نقل تحمل عمالاً زراعيين بمنطقة الصالحية ما أدى إلى مصرع 5 أشخاص من بينهم 3 من مدينة فاقوس وإصابة 21 آخرين من بينهم أطفال كانوا يتجهون إلى العمل بإحدى المزارع الكبيرة.

بتاريخ 18/4/2016 شيع أهالى مركز بنى ناصر ببنى سويف جثامين عشرة عمال زراعيين ضحايا حادث طريق "سفاجا ـ سوهاج" في بني سويف[10] والذين لقوا مصرعهم فى حادث تصادم بين سيارتين بطريق "سفاجا ـ سوهاج" بالبحر الأحمر.

بتاريخ 12/5/2016 أصيب عشرة من عمال الزراعة فى حادث انقلاب سيارتهم بطريق الإسكندرية الصحراوى البحيرة [11] وأسفر الحادث عن إصابة قائد السيارة وعشرة من عمال الزراعة المقيمين بقرية العشر آلاف مركز أبو المطامير بجروح وكدمات واشتباه كسور، وتم نقلهم لمستشفى جراحات اليوم الواحد بوادى النطرون وتحرر محضر بذلك ، وجار العرض على النيابة العامة!!

بتاريخ 15/5/2015 لقى طفل مصرعه أثناء عمله وذلك بسبب حريق مخلفات أرض زراعية في بني سويف[12] بقرية طنسا التابعة لمركز ناصر شمال بني سويف، وانتقلت قوات الشرطة برئاسة رئيس المباحث، إلى محل الواقعة، على رأس قوة من رجال الإطفاء للسيطرة على الحريق ومنع امتداده للأراضي الزراعية المجاورة.

وتبين من المعاينة الأولية للحادث مصرع "محمود عرفة عوض" 12 سنة عامل فيما نفق عدد من رءوس الماشية.

بتاريخ 17/5/2016 لقى اثنان من عمال التراحيل[13] مصرعهما وأصيب 8 آخرون بكسور وجروح متفرقة بأنحاء الجسد إثر وقوع حادث سير داخل نطاق محافظة البحيرة ، نتيجة انقلاب سيارة نقل محملة بالعمالة الزراعية على طريق 107 – الدلنجات ( فرعى ) بوادى النطرون

أصيب 9 أشخاص من عمال الزراعة [14] جراء وقوع حادث تصادم بطريق أبوالعطا - أبو بكر أمام قرية أبو العطا دائرة قسم شرطة غرب النوبارية.

وأسفر الحادث عن إصابة قائدى السيارتين و7 من مستقلى السيارة الأولى جميعهم من العمال الزراعيين ويقيمون بأبو المطامير- بجروح وسحجات وكدمات واشتباه كسور، وتم نقلهم لمستشفى جراحات اليوم الواحد بوادى النطرون للعلاج، وتحرر المحضر اللازم وجار العرض على النيابة العامة.!!

بتاريخ 19/6/2016 لقى عامل زراعى مصرعه وأصيب 10 آخرون[15] في انقلاب سيارة عمال تراحيل بطريق شبين الكوم السادات، بمحافظة المنوفية، وتم نقل المصابين إلى المستشفى.

بتاريخ 23/6/2016 لقيت سيدة مصرعها وأصيب 15 من العمال الزراعيين[16] في حادث انقلاب سيارة بالبحيرة عند الكيلو 116 اتجاه القاهرة، وبالانتقال تبين أنه أثناء سير سيارة ميكروباص بالطريق المشار إليه انفجر الإطار الخلفي الأيمن للسيارة ما أدى إلى اختلال عجلة القيادة بيد سائقها وانقلابها على جانب الطريق.

بتاريخ 28/6/2016 لقى طفلان مصرعهما في حادث سقوط سيارة من أعلي معدية نيلية بالمنيا[17] إثر استقلالهما لسيارة نقل محملة بالطوب الحجري وسقوطها من أعلي معدية نيلية، أمام قرية السرارية، التابعة لمركز سمالوط، شمال محافظة المنيا، بسبب حدوث عطل مفاجئ بالفرامل.

ما أدى إلى سقوط سيارة بلوك حجري من أعلي معدية مكادي، أمام قرية السرارية، بالبر الشرقي للنيل، ما أسفر عن مصرع الطفلين غرقاً، ويرجح أنهما كانا يعملان عليها، فيما نجا السائق!!

 وبانتقال أجهزة الأمن إلي مكان الحادث، وبالمعاينة تبين أن المعدية كانت راسية علي البر وأن سائق السيارة دخل من الباب المواجه للمرسي من الناحية الشرقية، وبسبب حدوث خلل وعطل في الفرامل انزلقت السيارة وسقطت من الباب الآخر المطل علي المجري المائي للنهر، ما أسفر عن غرق الطفلين وجارى انتشال جثتيهما.

بتاريخ 28/6/2016 تم انتشال جثة عامل سقط من معدية كفر درويش ببنى سويف [18] بعد أن لقي عامل مصرعه ونجا 3 آخرون من الغرق، إثر سقوط سيارة نقل تابعة لشركة مقاولات من معدية قرية كفر درويش بمركز الفشن ببني سويف، نتيجة كسر في الحاجز وسلسلة الأمان.

تلقى اللواء محمود العشيري، مدير أمن بني سويف، بلاغا بسقوط سيارة محملة بالحديد من أعلى معدية بنهر النيل بقرية كفر درويش التابعة لمركز الفشن، ما أدى إلى غرق أحد العاملين بالشركات التي تنفذ أعمالا بمحطة كهرباء قرية سنور، ونجاة السائق وعاملين آخرين، وجار إنقاذ سائق السيارة المحملة بالحديد من الغرق.

وتبين من التحريات أن سبب الحادث يرجع إلى أن سائق السيارة المحملة بالحديد النقل لم يستطع إمساك فرامل السيارة، ما أدى إلى سقوطها في النيل.

بتاريخ 26/7/2016 لقى عاملان زراعيان مصرعهما، وأصيب 14 آخرون فى حادث تصادم، بين سيارة ربع نقل محملة بعمال زراعيين[19] فى طريق عودتهم لمنازلهم وبين سيارة أخرى ملاكى.

تبين حدوث مصادمة بين سيارة ملاكى وسيارة ربع نقل يستقلها عمال زراعيون فى طريقهم لمحل إقامتهم بالبحيرة أثناء سير السيارة الأولى بالطريق المشار إليه فوجئ قائدها بالسيارة الثانية القادمة فى الاتجاه المقابل تنحرف تجاهه وتصطدم بها ثم انحرفت السيارة الأولى وانقلبت يسار الطريق.

بتاريخ 30/9/2016 " لقى عامل زراعى مصرعه[20] كما أصيب 6 آخرون بكسور وجروح وسحجات وكدمات متفرقة بالجسم بحادث انقلاب سيارة محملة بالعمالة الزراعية بطريق  المحمودية إدكو أمام كوبرى الوكيل، وتم نقل الجثة والمصابين لمستشفيات إدكو والإسكندرية.

بتاريخ 30/9/2016 لقي 3 أشخاص يعملون بالزراعة مصرعهم[21] وأصيب 8 آخرون بكسور وجروح متفرقة بأنحاء الجسم اثر وقوع حادث تصادم بنطاق محافظ البحيرة.

بتاريخ 30/9/2016 لقى عاملان زراعيان مصرعهما وأصيب 16 آخرون بإصابات خطيرةفى حادث تصادم مروع بالشرقية[22]، بين سيارة نصف نقل محملة بعمال زراعيين كانوا فى طريقهم للعمل بمزارع الصالحية الجديدة وأثناء عبورهم المفارق فوجئ قائدها بجرار زراعى قادم من الاتجاه المعاكس بسرعة فائقة واصطدم بسيارتهم، في طريق أبو شلبى الصالحية ، ما أسفر عن مصرع إسماعيل الدمياطى (52 عاما) ومحمد السيد محمد السباعى(20 عاما) وإصابة 16 آخرين وجميعهم عمال زراعيون وتتراوح أعمارهم ما بين 17 عاما، و36 عاما.




خامسًا: ملاحظات ختامية

استعرض التقرير فى أقسامه الخمسة أوضاع العاملين فى قطاع الزراعة وحاول فى قسمه الأول قدر المتاح من المعلومات والخبرات الميدانية أن يبين تأثير السياسات فى أوضاع قطاع العاملين وذلك فى الفترة من يوليو عام 1952 وحتى عام 2016.

واستعرض هذا القسم الملامح العامة للسياسات والتشريعات التى أصدرتها الحكومات المتتالية عبر مراحل ثلاث ، الأولى تبدأ من عام 1952 وحتى عام 1975 وقد تبين أن مجمل السياسات الزراعية أدت بشكل عام إلى قدر من الانتعاش الاقتصادى فى الريف نتيجة التغير الجزئى فى نمط توزيع الدخول لكن هذا الانتعاش لم يمس بشكل حقيقي أوضاع العمالة الزراعية من المعدمين  التى تزايدت أعدادها وانخفضت أجورها بشكل واضح ، ولولا عمليات التصنيع والمشروعات القومية الضخمة مثل السد العالي التى امتصت جزءاً لا بأس به من هذه العمالة طوال النصف الثانى من الخمسينيات وحتى نهاية النصف الأول من الستينيات لوصلت الأوضاع إلى حد الكارثة.

      ومع هزيمة يوليو عام1967 وتوقف كل عمليات التنمية والتوسع الصناعي وتوجيه أغلب موارد الدولة للمجهود الحربي عاد شبح كارثة الفقر فى الريف وفائض العمالة الزراعية مرة أخرى للتزايد ، والتى أمكن الامتصاص الجزئي لنتائجها من خلال استيعاب الجيش لأعداد هائلة من المجندين لاسترداد الأرض المحتلة ، ومع عود المقاتلين من حرب أكتوبر عام 1973 لقراهم ، وفى ظل عدم وجود بناء اقتصادي غير قادر على استيعابهم ، ومع تنامي تحول قطاعات متزايدة من صغار الحائزين  إلى قوة عمل أجيرة ، وفى ظل الزيادة الطبيعية فى قوة العمل الناتجة عن زيادة السكان أصبحت كارثة العمال الزراعيين أشبه بقنبلة موقوتة قابلة للانفجار.

ويبين التقرير أنه وفى الفترة من عام 1975 حتى عام 2011 سعت السلطة الحاكمة إلى تخليص الاقتصاد من السياسات السابقة التى كانت تسمح بتدخل مؤسسات الدولة فى إدارة الحياة الاقتصادية والحد من قدرتها على السيطرة على الفائض الاقتصادى وإعادة استخدامه ، وإطلاق قوى السوق الرأسمالى بما يسهم فى إعادة رسم خريطة الدخل لصالح القوى الرأسمالية العالمية والمحلية ، وإعادة صياغة وتشكيل هيكل الاقتصاد لكي يكون مستعدا لاستقبال الاستثمارات الأجنبية ، وتعميق التحالف الاقتصادى والسياسي مع الغرب، وقد دشنت تلك السياسات بورقة أكتوبر والقانون رقم 43لسنة 1974 والمعروف بقانون استثمار رأس المال العربي الاجنبى.

وفى قطاع الزراعة تم تدعيم ذلك بإعادة مركزه الأرض فى يد الرأسمالية الزراعية وإعادة الأرض التى تم الاستيلاء عليها إليهم وتعويضهم بأسعار السوق عن أراضيهم التى انتزعت منهم خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضى. 

وتم إطلاق حرية الاستثمار الرأسمالى فى الريف دون أدنى تدخل من الدولة ، وهو ما لعب الدور الأساسى فيه بنك التنمية والائتمان الزراعي الذى وفر مصادر تمويل مناسبة للرأسمالية الزراعية  وسحب العديد من الوظائف والأدوار التى كانت تقوم بها مؤسسات تعبئة الفائض القديمة والمسماة بالجمعيات الزراعية ، كما ألغيت الدورة الزراعية ، وكذلك التسليم الإجبارى للمحاصيل التقليدية . وفى الوقت نفسه كبلت الحيازات الصغير بالديون والقروض لدى البنك وتحول أصحابها فى النهاية إلى معدمين ، أو اضطروا للعمل لتغطية ديونهم لدى البنك.

وخلال هذه المرحلة تم دعم مواقع الرأسمالية الزراعية فى البناء السياسى ، وارتفعت نسبة تواجدهم فى البرلمان بل بين قادة الأحزاب السياسة وفى المجالس المحلية والتى سيطرت عليها عائلات أغنياء الريف ولم يخرج مجلس الوزراء من دائرة تواجدهم حيث حافظوا على تواجدهم بوزيرين على الأقل يرتبطون بمصالح مباشرة مع الرأسمالية الزراعية. وهو ما دعم فى النهاية النفوذ الاقتصادى لدى كبار الحائزين وأغنياء الفلاحين الذين استطاعوا توفير الحماية السياسية لفرض سطوتهم واستغلالهم على العمالة الزراعية المجردة من أى حماية قانونية أو سياسية .

 وعلى امتداد تلك الفترة أدت هذه السياسات إلى مزيد من الإفقار والتمايز الاجتماعى داخل الريف دفع ثمنه أفقر الفقراء من المعدمين الذين يشكلون جسم العمالة الزراعية وكتلتها الرئيسية ، لكن الفورة النفطية ووجود توجه دولي لإعادة تدوير أموال النفط باتجاه الغرب واستخدام العمالة المصرية كقاعدة لتنفيذ هذا التوجه ، أسهم فى امتصاص فائض هذه العمالة إلى حد كبير عبر طوفان الهجرة (الشرعية وغير الشرعية ) إلى بلدان الخليج والعراق وليبيا والذى شمل الملايين من المصريين من سكان الريف وكان عمال الزراعة كتلتهم الرئيسية ، بالإضافة للهجرة إلى المدن خاصة فى المهن التى تحتاج لجهد بدني وقليل من التأهيل لسد فراغ العمالة الحضرية المهاجرة لدول النفط.

وأسهمت الهجرة بشكل نسبى فى الحد من مشكلة فائض العمالة الزراعية فى الريف ، حتى إنه مع بداية الثمانينيات أصبحت هناك ندرة فى العمالة الزراعية ، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبى فى أجورها ،  إلا أن الهجرة على المدى الطويل ساعدت على الحفاظ على أوضاع بنية التخلف فى الريف وقطاع الزراعة ، وبالتالى ديمومة علاقات النهب والاستغلال التى يتعرض لها العمال الزراعيون.

وفاقم من الآثار الكارثية فى تلك الفترة اتساع نطاق ظاهرة البطالة على مستوى الريف/الحضر التى وصلت الى 10,6% من إجمالى قوة العمل فى عام 2006 وزادت فى عام 2010 إلى نحو 12% وبالتالى تراجعت قدرة المدينة أو القطاعات الاقتصادية الأخرى عن امتصاص أي قدر من فائض بطالة العمالة الزراعية التى كانت تهاجر إلى المدينة.

وتزايد الاعتماد على التقنيات الحديثة فى معظم الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية وهو ما كان له أثره السلبي المباشر فى عمال الزراعة الذين يعانون من انخفاض التأهيل ويعتمدون بشكل أساسى على أعمال ترتبط بالجهد البدني .

وتزايد نهم الرأسمالية الزراعية لزيادة نصيبها من الأرض الزراعية وبالتالى استخدمت جميع الأساليب القانونية وغير القانونية بما فيها العنف وجيوش المجرمين فى الاستيلاء على الحيازات القزمية والصغيرة (سواء فى الأراضى القديمة أو المستصلحة) وطرد الفلاحين منها وتحويلهم إلى معدمين وقد استولت هذه الرأسمالية على عشرات الآلاف من الأراضى التى كان يديرها الإصلاح الزراعى خلاف ما يزيد على 25 ألف فدان من أراضى الأوقاف.

وتم تكليل هذه المرحلة بتطبيق قانون تحرير إيجارات الأرض الزراعية وإعادة الأراضى المستأجرة لمالكيها وترتب على ذلك طرد نحو مليون مستأجر من الأراضى الزراعية وإعادتها للملاك بعد تطبيق القانون 96 لسنة 92 عام 1997 وتم على إثره تحرير قيمة الإيجار حتى وصلت من نحو 600 جنيه إيجار للفدان فى عام 1997 إلى نحو 10 آلاف جنيه للفدان فى الوقت الراهن.

وعلى إثر ذلك اتسع نطاق الفقر وزادت معدلاته فى الريف خاصة مع انهيار التعليم وارتفاع تكلفته ما أدى الى لجوء الكثير من الأسر الريفية إلى الدفع بأبنائها إلى سوق العمل وهو ما أدى إلى زيادة فائض العمالة من جهة ، بالإضافة إلى أن دخول هؤلاء الأطفال لسوق العمل وعملهم بأجور اقل وضاعف ذلك من تدهور أجور العمال الزراعيين.

وبدأت المرحلة الثالثة مع تفجر الأوضاع الاجتماعية عام 2011 وانتفاض الجماهير فى الشوارع ، وقد أدت السياسات المتبعة منذ ذلك الحين وحتى الوقت الراهن إلى زيادة نهب الأراضى الزراعية وتدهور إنتاج بعض المحاصيل الزراعية مثل القطن وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعى إلى أكثر من 100% وتدهور أوضاع القطاع الزراعى والريف بشكل عام وتزايد نسب البطالة وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ، وقد دخلت وزارة الدفاع فى الكثير من الأنشطة الزراعية والصناعية والتجارية لدرجة بلوغ حجم هذا التدخل والأنشطة إلى نحو 30% من حجم النشاط الاقتصادى دون مراقبة من أى أجهزة شعبية أو رقابية مما أسهم فى تزايد الفساد بدرجات غير مسبوقة فى الأجهزة الحكومية ولم تشهده مصر خلال مائة عام الماضية وقد قدرته جهات حكومية بما يزيد على 600 مليار جنيه خلال السنوات الخمس الماضية وأثر ذلك بالسلب فى مختلف الأوضاع الاقتصادية وفى الاجتماعية وأدى إلى ارتفاع أسعار السلع المعيشية وتدهور قطاعات الصحة والتعليم وأثر بالسلب فى دخول ملايين المواطنين خاصة العاملين بأجر من بينهم العاملون بقطاع الزراعة.

ولا يسعنا إلا القول بأن مجمل السياسات الزراعية أو التى اهتمت بشئون العمال الزراعيين فى مصر منذ عام 1952 وحتى الآن أسقطت من اهتماماتها أى توجه فعلى نحو تحسين شروط عملهم أو تأهيلهم أو أجورهم بل إنها أسهمت فى تزايد معدلات تدهور أوضاعهم.

وفى القسم الثانى يوضح التقرير واقع العمالة الزراعية ومشاكلها حيث أكد أنهم يعانون من عدم الاستقرار في فرص العمل، نتيجة  موسمية العمل الزراعي ، كما يعانون من استغلال ونهب مقاولي الأنفار خاصة مع استمرار وتوسع ظاهرة عمال التراحيل الذين يبحثون عن فرصة خارج قراهم وانخفاض أجورهم الحقيقية بنحو 60 % ، ويعملون ساعات عمل طويلة تصل أحيانا إلى 11ساعة متواصلة يتخللها ساعة للغداء ، ولا يتمتعون بأي تأمينات اجتماعية أو صحية أو بدلات وحوافز وعلاوات. وحتى من يعمل منهم عمالة دائمة  فى المزارع الكبرى محروم من أي شكل من أشكال الرعاية الصحية أثناء العمل ، بل من أجورهم أثناء فترة المرض أو الإصابة ، كما يتدنى مستوى ونمط معيشة أسر هؤلاء العمال ، وتتعرض الفئات الأضعف منهم والممثلة فى الأطفال والنساء لدرجات أعلى من الاستغلال ، فمتوسط أجر المرأة والطفل يمثل نحو 35 % و30,5 % على التوالي من متوسط أجر الرجل.

ويتعرضون لمخاطر وإصابات وأمراض كثيرة أثناء العمل وبسببه سواء أكانت تلك المخاطر والإصابات بيولوجية نتيجة الإصابة بالأمراض التى تنتقل عن طريق ملامسة الحيوانات والطيور أو التعامل معها ، أم مخاطر طبيعية أم كيمائية أم ميكانيكية ونهاية بحوادث الطرق أثناء انتقالهم إلى المزارع ، هذا خلاف حالات التحرش والاستغلال الجنسي التى تتعرض لها النساء على نحو خاص من أصحاب المزارع أو المقاولين أو الرجال الذين يعملون معهن خاصة عند اضطرار النساء والفتيات للعمل بعيدا عن قراهم لمدة طويلة  .

ورغم كل تلك المعاناة التى تعانى منها العمالة الزراعية فإنها لا تشكل كتلة واحدة متجانسة ، وهو ما يعقد أساليب التعامل معها أو رصد المتغيرات الطارئة على أوضاعها ، أو حتى وضع تصورات لنضالها السياسى فى المستقبل.

     فهي تتنوع بين رجال ونساء وأطفال ويستخدم فارق الأجر بين الرجال والنساء والأطفال مع ندرة العمل وارتفاع فائض قوة العمل فى فرض شروط عمل أكثر قسوة يعانى منها الجميع وإيجاد حالة من التنافس فيما بينهم.

ويهمنا أن نشير إلى أن هذا ليس هو التنوع الوحيد بين كتلة عمال الزراعة فهناك عمال معدمون أي لا يملكون إلا بيع قوة عملهم كمصدر وحيد للدخل ، وهناك عمال زراعة لديهم مصادر دخول مكملة إلا أنهم يلجأون للعمل المأجور كعمال زراعة لاستكمال احتياجاتهم النقدية ، ومنهم أصحاب حيازات قزمية وصغيرة ، أو أصحاب أنشطة اقتصادية صغيرة ومتناهية الصغر (دكان بقالة فى القرية)، بل إن  منهم من يعمل كعمالة دائمة فى المؤسسات الحكومية كعمال خدمات أو صغار موظفين ويستكملون أيضا احتياجاتهم النقدية بالعمل الزراعي المأجور.

هذا التنوع المعقد على خلفية النوع والفئة العمرية ، وديمومة العمل أو موسميته ، وتعدد مصادر دخل العامل أو أحاديته من العمل الزراعي المأجور، أو تنوع أنواع العمل بين زراعي وغير زراعي ، واختلاف أصحاب الأعمال بين حكومة وقطاع خاص ، شركات أو أفراد، عمل مباشر او عبر مقاول ، عمل داخل القرية أو خارجها ، يضعنا أمام وضع بالغ التعقيد لدراسة أوضاع العمالة الزراعية خاصة مع غياب الدراسات العلمية لتفاصيل هذه الخريطة ، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى التعميم الخاطئ فى التعامل معها ككتلة واحدة متجانسة .

     ورغم هذا التعقد فى خريطة قوة العمل الزراعي فإنه يمكن القول إن جميع فئاتها تعانى بشكل عام من تزايد تدهور أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية ، وتعانى من أكثر شروط العمل قسوة والتى يغيب فى ظلها أي شكل من أشكال الحماية والرعاية ، كما أنها تعانى من تزايد معدلات البطالة وتضاؤل فرص العمل ، ولقد أصبح هذا القطاع المهم من قوة العمل يشكل قاعدة جيش المهمشين الذى أصبح يموج بالغضب وعدم القدرة على تحمل مزيد من تدنى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتدهورها.

إلا إنه يضاف إلى هذا الظروف والواقع  الاجتماعى للعمالة الزراعية من ظروف عمل لا تسمح لها بالوجود فى جماعات كبير ، وغياب أي منظمات نقابية فاعلة ، والعمل الموسمي الذى يتغير فيه صاحب العمل ومكانه بشكل دائم ، وارتفاع نسبة الأمية والمعاناة الدائمة من ندرة فرص العمل والانشغال الدائم بالبحث عنها..إلخ ، كل هذه الظروف تدعم تأخر أو تراجع ظهور أي نشاط سياسي أو اجتماعي  منظم لهذا القطاع من العمال دفاعا عن مصالحهم أو تحسين أوضاعهم ، وبالتالى تضعف قدرتهم على التأثير فى عملية صنع السياسات أو التوازن الاجتماعى بما يسمح بتحقيق جزء من هذه المصالح ، وهذه الوضعية تشير فى الحقيقة الى مستقبل وأيام صعبة وقاسية تنتظر هذا القطاع من قوة العمل. 

وفى القسم الثالث يستعرض التقرير ظاهرة عمل الأطفال باعتبارها أحد القطاعات النوعية داخل قطاع العمال الزراعيين ، ويبين التقرير الاهتمام الزائف من الحكومات الغربية والمؤسسات الدولية والمحلية والحكومة المصرية بتحسين حقوق هذا القطاع ، حيث إن هذه الأخيرة تحاول إظهار نفسها أمام أسواق التجارة العالمية بأن إنتاجها يخلو من استخدام عمل الأطفال فى الأنشطة الاقتصادية الخطرة ، أو محاولاتها جلب المنح الدولية باعتبار أن الأخيرة تشترط الاهتمام بقطاعات حقوق الإنسان ومن ضمنها حقوق الأطفال ، ولا يهدف هذا الاهتمام الدولى أو المحلى إلى تغيير السياسات أو تقوية منظمات العمال للدفاع بأنفسهم عن مصالحهم ضد رجال الأعمال وكبار الملاك الزراعيين والشركات وفساد المؤسسات ذات الصلة بالقطاع ، لكنه يرتبط بنطاق ضيق من الأنشطة تعتمد على المساعدات المباشرة لعدد محدود من الأطفال.

وفى هذا السياق قدرت منظمة العمل الدولية بأن هناك نحو 250 مليون طفل بين سن الخامسة والرابعة عشرة يعملون في الدول النامية وحدها محرومون من التعليم المناسب والصحة الجيدة والحريات الأساسية، ويدفع كل طفل من هؤلاء ثمنا فادحا لهذه المعاناة حيث إن نحو 50% منهم أو ما يقدر بـــ120 مليونًا يعملون كل الوقت في حين يدمج العدد الباقي مابين العمل والدراسة ، ويعمل نحو 70% تقريبا من الأطفال في أعمال غبر إنسانية ، وهناك من بين هذا العدد الكلي نحو 50 إلى60 طفلا بين سن الخامسة والحادية عشرة ممن يعملون في ظروف خطيرة ؛ نظرا لصغر سن هؤلاء الأطفال وهشاشة أجسادهم وهذا ما يؤثر فى حياتهم وصحتهم.

ويشير التقرير العالمي لعمل الأطفال لعام 2002 إلى أن السبب الرئيسي في اختفاء الأرقام الحقيقة لعمل الأطفال في المنطقة العربية؛ يعود لعدم اعتراف هذه الحكومات بالمشكلة ، ولا تعلن البيانات والإحصائيات الخاصة بهذه القضيةفى محاولة منها لتغييب الاهتمام بحقوق الأطفال العاملين.

ويستعرض هذا القسم الاتفاقيات الدولية العديدة مثل اتفاقية حقوق الطفل واتفاقيات منظمة العمل الدولية وتوصيات الفاو ، ويؤكد بأنه وعلى الرغم من كل هذه الجهود التى تبذلها المنظمات الدولية فى إصدار الاتفاقيات الملزمة والرصد وتنفيذ المشاريع التىتستهدف تحسين حياة هؤلاء الأطفال أو وقف تشغيلهم فى الأعمال الخطرة فإن الظاهرة مازالت فى تزايد مستمر نتيجة السياسات الدولية وانحيازها لمصالح الشركات الدولية الكبرى وتوافق مصالحها مع مصالح الحكومات المحلية وللأسف وبسبب هذه السياسات تتم إعادة إنتاج الظاهرة ويتم استغلال الأطفال بشكل متواصل.

ويستعرض هذا القسم أوضاع عمل الأطفال فى مصر ويبين أن حجم عمل الأطفال يبلغ نحو 3 ملايين عامل طبقًا لتقارير غير رسمية ، وطبقا للمسح  القومي لظاهرة عمل الأطفال في مصر والصادر عن المجلس القومي للطفولة والأمومة فإن  هناك نحو 2,76 مليون طفل عامل في مصر، يمثلون نحو ٢٦% أي أكثر من خمس الأطفال في الشريحة العمرية من ١٦:١٤ سنة بينما قدرهم الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء بنحو 1,6 مليون طفل عامل.

وفى هذا السياق قدرت منظمة العمل الدولية حجم الأطفال العاملين بقطاع الزراعة بنحو 2.2 مليون طفل، بنسبة تصل  إلى 26% من إجمالى العاملين فى مصر ، ورغم تباين  الإحصائيات  السابقة وعدم دقتها فإن  جميعها يشير إلي ارتفاع حجم عمل الأطفال في مصر ومع ذلك يبدو التناقض واضحًا في تلك الإحصاءات حتي تلك الصادرة من جهة واحدة.

وقد أشار التقرير إلى مخاطر عديدة نتيجة عمل الأطفال فى قطاع الزراعة والتى يعود بعضها إلى :

-        ظروف وشروط عمل شاقة مثل استخدامهم لأدوات عمل تسبب لهم الإصابات ( الجروح والكسور ) وتعرضهم لمخاطر التعامل مع المبيدات الزراعية ( التسمم والأمراض الخطيرة ) وكذلك للمخاطر الناتجة عن طول يوم العمل ، والإرهاق الشديد ، والمعاملة السيئة من المشرفين ، وأصحاب العمل ، وما يصاحب كل ذلك من أمراض مزمنة.

-        الاستغلال الاقتصادى ، والذى يتجلى فى عدد من الأوضاع مثل بدء العمل فى سن مبكرة ( أقل من 7 سنوات ) ، واستمرار ظاهرة مقاولى الأنفار ( يستحوذون على جزء من أجر الأطفال ) ، وانخفاض أجور الأطفال ، وزيادة عدد ساعات العمل اليومية وحرمان الأطفال من كافة أشكال الحقوق المتعلقة بالأجازات والراحات الأسبوعية ، أو حقهم فى الحصول على أجورهم عنها.

-        مخاطر طبيعية مختلفة ( العوامل والظروف المناخية ، الحر الشديد ، البرد الشديد ... إلخ ) ومخاطر كيميائية وبيولوجية . وتؤثر هذه المخاطر فى الأطفال ( إصابتهم بضربات الشمس والدوخة ، والإغماء بسبب عدم توفر وسائل الحماية من الشمس)

-        وتعد الأعمال المشار إليها سابقاً التى يقوم بها الأطفال من أسوأ وأخطر أشكال العمل التى يقوم بها الأطفال والتى تلحق أفدح الأضرار بسلامتهم وصحتهم . ويضاعف من الضرر غياب الرعاية الصحية فضلاً عن عدم توافر وسائل الوقاية والحماية وعدم قيام أصحاب العمل بإجراء الفحص الطبى الدورى على الأطفال وكذلك عدم توافر الخدمات الضرورية فى أماكن العمل ( المياه النقية ، دورات مياه ، الوجبة الغذائية ، المواصلات الآمنة ...إلخ ).

ويستعرض التقرير بعض الملاحظات السلبية الواردة بقوانين الطفل والعمل والنقابات العمالية والتأمينات الاجتماعية التى تفتح بابا واسعا لاستغلال الأطفال العاملين وتؤدى إلى تهرب أصحاب الشركات وكبار الملاك من تحمل مسئولياتهم فى حماية حقوق هؤلاء العاملين.

وأكد التقرير أنه على الرغم من كل جهود المنظمات الدولية واتفاقياتها وتوصياتها ومؤتمراتها والتزام الحكومة المصرية بتنفيذ بنودها ومع كل أدوار المؤسسات الحكومية والأهلية فى مصر لتحسين ظروف عمل الأطفال أو وقف استغلالهم ورغم صدور التشريعات والدساتير التى تؤكد حماية حقوق الأطفال العاملين ، فمازال أطفالنا يتم استغلالهم من قبل أصحاب الأعمال بسبب سياسات حكومية تنحاز لمصالح رجال الأعمال والفاسدين وتعيد إنتاج هذه الظاهرة ليس لشىء إلا لأن مجهودات هذه المؤسسات لا تهدف إلى تغيير السياسات بل تهدف إلى ترميم سياسات أنظمة ثبت فشلها فى تحسين حياة البشر ، كما أن معظم هذه المؤسسات تتعامل مع الأطفال العاملين كضحايا وأرقام وبالتالى تتغافل عن إنشاء وتقوية ودعم تنظيماتهم المستقلة التى يمكنها وحدها وقف استغلالهم وتحسين شروط حياتهم.

وبالتالى لم تسفر هذه المجهودات خلال عشرات السنين الماضية عن أي نتائج إيجابية لأن السياسات الدولية والمحلية تعيد إنتاج الظاهرة وهى أسباب مازالت موجودة ولن يتم تغييرها بالطرق التى تتبعها تلك المنظمات.

وفى القسم الرابع يرصد التقرير بعض الحوادث التى وقعت للعمال الزراعيين أثناء ذهابهم إلى المزارع أو العودة منها إلى بيوتهم وذلك فى الفترة من يناير2016 حتى سبتمبر2016.

ويكشف التقرير عن مقتل 79 عاملا زراعيا ما بين عمال وعاملات بالغين وفتيان وفتيات وإصابة 190 آخرين وكان ذلك بسبب حوادث الطرق لسيارات ومعديات متهالكة وغير صالحة للاستخدام وحوادث أخرى ناجمة عن تسمم غذائى فى إحدى المزارع أو نشوب إحدى الحرائق.

ويؤكد التقرير أن عدد الحوادث التى يتعرض لها العاملون بقطاع الزراعة تزيد على ذلك بكثير، لأن هذه الفئات لا يهتم بها إعلام مؤسسات الدولة المشغول بدعم أصحاب الشركات وكبار الملاك، فنادرًا ما يشار إلى مثل هذه الحوادث ، وإن أشار إليها فيكون على حرج وفى صفحة الحوادث وفى مكان لا يمكن رؤيته.

ونظرًا لوقوع حوادث معديات كثيرة خلال العام راح ضحيتها مئات المواطنين ومن بينهم عمال زراعة فقد اهتمت بعض الجرائد بعمل بعض التحقيقات عن حالة المعديات التى تزيد على آلاف المعديات التى تصل بين شطى النيل ، والتى أكدت جميعها تهالك هذه المعديات وعدم صيانتها أو تجديد رخصها وعدم صلاحيتها للعمل، وعدم الرقابة أو التفتيش من الجهات الحكومية المختلفة والمسئولة عن سلامة النقل عليها.

وتكشف الأخبار التى نشرت حوادث العمال الزراعيين عن الانحيازات المفضوحة للإعلام لأصحاب الشركات والمزارع الكبيرة والفاسدين بمؤسسات الدولة ، حيث لم يشر أى خبر إلى مسئولية هؤلاء جميعا غير ضرورة توفير وسائل نقل آمنة للعمال وعلى حقوق العاملين فى تحرير عقود عمل وتأمين صحى واجتماعى وصرف تعويضات ومعاشات بسبب إصابات العمل أو الوفاة الناجمة عن العمل.

وعلى جانب آخر لم تهتم أى من الأحزاب أو النقابات بأى من هذه الحوادث نظرًا لانشغال معظمهم بقضايا الديمقراطية والحقوق المدنية ولم يقوموا خلال هذه الفترة بتوعية العمال الزراعيين ليشكلوا تنظيماتهم المستقلة ، كما لم يبذلوا جهودًا بحثية لدراسة أوضاع تلك العمالة وأماكن تواجدهم وطبيعة عملهم وحجم مشاكلهم أو يتواصلوا معهم لتمكينهم من تشكيل تلك التنظيمات التى من دونها لا يمكن لأحوال العمال الزراعيين أن تتحسن.

ورغم جهود بعض الجمعيات الأهلية والمؤسسات العاملة فى هذا المجال فى رصد مشاكل العمال والأطفال العاملين بقطاع الزراعة فإن حجم الظاهرة يتزايد وظروف عملهم تزداد سوءًا وتدهورًا ، وهذا ناتج من رؤية هذه الجمعيات لهذه القطاعات التى تعدها مادة لأنشطتهم وفى أحسن الأحوال تسعى لتحسين أوضاع بعض أفرادهم عن طريق الهبات والمساعدات المباشرة دون أن تهتم بتطوير وسائل مقاومة أسباب هذه الظاهرة.

ويؤكد المركز أن عمل الأطفال بالزراعة هو جزء من مشكلة أكبر تخص كل العاملين بالزراعة والعاملين بأجر ولن يتم وقف استغلال هؤلاء الأطفال أو تحسين شروط عملهم أو حياتهم إلا من خلال تنظيمات مستقلة للعاملين بالزراعة التى يمكنها الدفاع عن مصالحهم فى مواجهة استغلال أصحاب المزارع ومقاولي الأنفار وأصحاب الشركات ويمكنها أيضًا مقاومة الفساد المنتشر بأجهزة الدولة.

ولن يتم ذلك إلا عبر تنظيمات نوعية تتناسب مع أوضاع التنويعات داخل هذا القطاع  ( عمال زراعة موسميون – عمال زراعة دائمون – عمال زراعة بشركات زراعية ومثبتون – عمال زراعة بشركات زراعية وغير مثبتين – عمال زراعة بالأراضى القديمة – عمال زراعة بالأراضى المستصلحة الجديدة .. إلخ) ويمكن بعد ذلك التنسيق بين هذه التنظيمات النوعية فى تنظيم أكبر للعمال الزراعيين يراعى الأهداف المشتركة لكافة هذه التنظيمات والمتعلقة بتحسين شروط العمل والتأمين الصحى والاجتماعى والنضال من أجل كفالة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.

ويجب أن تدير هذه التنظيمات قيادات عمالية فاعلة ومستقلة ولها مصلحة مباشرة فى تحقيق أهداف هذه التنظيمات عبر عملية طويلة من النضال وليس الاستجداء من أصحاب الأعمال أو السلطات ، وتجب بلورة هذه الرؤية والتحركات عبر مؤتمر ينظمه المهتمون بتحسين حياة وعمل العمال الزراعيين والقيادات الواعية بحقوق ومصالح العمال الزراعيين وكل العاملين بأجر ، ويجب أن يبلور المؤتمر برنامجًا ورؤية وخطط نشاط وتنسيقات للمتابعة وتذليل العقبات.

إن تلك الأهداف والتحركات وغيرها من الأفكار هى التى يمكنها إجبار الحكومة والأحزاب السياسية والمنظمات الأهلية على تغيير سياساتها تجاه هذا القطاع وتلزمهم بتحقيق أهداف هذه التنظيمات دون مواربة أو تأجيل.

إننا نعلم أن هذا الطريق الطويل يحتاج إلى جهود نضالية وبحثية متواصلة لكننا على ثقة بقدرة كل العاملين بأجر ومن ضمنهم العاملون بقطاع الزراعة بتخطي صعاب هذه المرحلة ومواجهة استبداد وعسف السلطات والشركات ورجال الأعمال لتحسين شروط حياتهم وعملهم وتغيير المجتمع للأفضل كى يسع كل طبقاته ويكفل لهم الحرية والعيش الكريم والمساواة.


سادسًا : جدول حوادث العمال الزراعيين

خلال الفترة من يناير2016 حتى سبتمبر2016

م

المشكلة

عدد

القتلى

عدد المصابين

المحافظة

المصدر

التاريخ

1

مصرع 15 شخصًا إثر غرق عبارة سنديون بكفر الشيخ بينهم أطفال عاملون

15

-

كفر الشيخ

اليوم السابع

1/1/2016

2

مصرع شخصين وإصابة 13 من العمالة الزراعية بحادث تصادم بصحراوى النوبارية

2

17

البحيرة

مباشر

4/1/2016

3

مصرع وإصابة 4 عمال زراعيين بحالة تسمم غذائي داخل مزرعة بالبحيرة

1

6

البحيرة

أخبار مصر

25/1/2016

4

توفى ستة عمال، وإصابة ثلاثة آخرين في حادث تصادم قطار بسيارة بمركز العياط، بمحافظة الجيزة

6

3

الجيزة

المصرى اليوم

31/1/2016

5

حادث تصادم لأكثر من 25 سيارة على طريق الجيش الصحراوي الشرقي ببني سويف راح ضحيته أكثر من عشرة عمال

15

20

بنى سويف

المصرى اليوم

31/1/2016

6

لقي عاملان مصرعهما، وأصيب 16 آخرون في حادث تصادم بالطريق بالبحيرة

2

16

البحيرة

المصرى اليوم

31/1/2016

7

لقي 4 أشخاص مصرعهم وأصيب 4 آخرون بينهم طفلان عاملان في حادث تصادم بالمنوفية

4

8

المنوفية

المصرى اليوم

31/1/2016

8

مصرع 3 أطفال حرقاً أثناء عملهم بحريق مخلفات زراعية بقرية موشا فى أسيوط

3

-

أسيوط

اليوم السابع

14/3/2016

9

مصرع 5 عمال وإصابة 21 فى حادث تصادم سيارتين بطريق الإسماعيلية الزقازيق

5

21

الإسماعيلية

الموجز

12/4/2016

10

تشييع جثامين 10 عمال تراحيل ضحايا حادث طريق "سفاجا ـ سوهاج" في بني سويف

10

-

البحر الأحمر

بوابة الأهرام

18/4/2016

11

إصابة 10عمال زراعيين إثر انقلاب سيارتهم بصحراوى البحيرة

-

10

البحيرة

اليوم السابع

12/5/2016

12

لقى طفل عامل مصرعه في حريق بأرض زراعية في بني سويف

1

-

بنى سويف

مصراوى

15/5/2016

13

مصرع وإصابة 10 عمال زراعيين فى حادث سير بالبحيرة

2

8

البحيرة

أسرار الأسبوع

17/5/2016

14

إصابة 9 أشخاص من العمالة الزراعية فى تصادم بغرب النوبارية

-

9

البحيرة

اليوم السابع

3/6/2016

15

مصرع عامل وإصابة 10 في انقلاب سيارة عمال تراحيل بالمنوفية

1

10

المنوفية

مصراوى

19/6/2016

16

مصرع سيدة وإصابة 15 من العمال الزراعيين في حادث انقلاب سيارة بالبحيرة

1

15

البحيرة

المصرى اليوم

23/6/2016

17

لقى عاملان مصرعهما في حادث سقوط سيارة من أعلي معدية نيلية بالمنيا

2

-

المنيا

مصر العربية

28/6/2016

18

انتشال جثة عامل سقط من معدية كفر درويش ببنى سويف

1

3

بنى سويف

اليوم السابع

28/6/2016

19

مصرع عاملين وإصابة 14 فى حادث تصادم سيارتين غرب الإسكندرية

2

14

البحيرة

اليوم السابع

26/7/2016

20

" مصرع وإصابة 7 عمال زراعيين بحادث انقلاب سيارة بالبحيرة

1

6

البحيرة

صدى البلد

30/9/2016

21

مصرع وإصابة ١١ عاملا في حادثين منفصلين بزراعي البحيرة

3

8

البحيرة

البحيرة نيوز

30/9/2016

22

مصرع وإصابة 18 عاملا زراعيا فى حادث تصادم بالشرقية

2

16

الشرقية

مصراوى

30/9/2016

إجمالى الحوادث

79

190

 



[1] اعتمد هذا الجزء على دراسة للدكتور عماد صيام قدمت بورشة مركز الأرض عام 2010

1 اليوم السابع 1/1/2016

2 مباشر 4/1/2016

3 اخبار مصر 25/1/2016

4 المصرى اليوم 31/1/2016

5  المصدر السابق31/1/2016

6 المصدر السابق31/1/2016

7  المصدر السابق31/1/2016

8 اليوم السابع: 14/3/2016

9الموجز: 12/4/2016

10بوابة الأهرام: 18/4/2016

11اليوم السابع: 12/5/2016

12مصراوى: 15/5/2016

13  أسرار الأسبوع: 17/5/2016

14 اليوم السابع: 3/6/2016

15  مصراوى:  19/6/2016

16 المصرى اليوم: 23/6/2016

17مصر العربية: 28/6/2016

18 اليوم السابع: 28/6/2016

19 اليوم السابع: 26/6/2016

20 صدرى البلد: 30/9/2016

21 البحيرة نيوز: 30/9/2016

22  مصراوى: 30/9/2016

سلسة الأرض والفلاح العدد رقم (74) مارس 2017 أوضاع الفلاحين فى مصر مشكلات ورؤية للحل*

$
0
0

سلسة الأرض والفلاح

العدد رقم (74)

مارس 2017

أوضاع الفلاحين فى مصر

مشكلات ورؤية للحل*

إعداد الأستاذ/ عصام شعبان باحث فى الأنثروبولجيا الاجتماعية

تشمل الورقة أبرز المشكلات الفلاحية وهى:

-         مشاكل تتعلق بمستلزمات الزراعة (مشكلة الأسمدة نموذجا) وعلاقتها بالأوضاع الراهنة.

-         أوضاع الزراعة المصرية وعلاقتها بالبناء الاقتصادي.

-         الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للفلاحين والمرافق والخدمات.

-         بنك الائتمان الزراعي ومشاكل الديون.

-         نحو برنامج وطني لحل مشكلات الفلاحين والنهوض بالزراعة

تبرز أهمية الورقة المطروحة في فتح باب النقاش لمشكلات الفلاحين الحالية في ظل المستجدات والتغيرات المتعاقبة وهي تسعي للتعرف أيضا علي وضع وحالة الزراعة المصريهةوالمزارعين المصريين وما يعانونه من هموم وتحديات وتنتهي الورقة بتصور وبرنامج عمل يتضمن بعضا من مطالبهم العادلة.

يمكنكم الأطلاع على التقرير من : https://cdn.fbsbx.com/v/t59.2708-21/17017273_127967347729431_450300163907387392_n.docx/%D8%B3%D9%84%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B1%D8%B6.docx?oh=c67283f61cb74bb6e0782e26ecfa6845&oe=58C1FB86&dl=1

مركز الأرض: 76 شارع الجمهورية شقة 67 ـ الدور الثامن بجوار جامع الفتح ـ -القاهرة

ت: 01222492922 – 01128333586

lchr@lchr-eg.org:    بريد إلكترونى

www.lchr-eg.orgموقعنا على الإنترنت

http://www.facebook.com/pages/Land-Centre-for-Human-Rights-LCHR/318647481480115 صفحتنا على الفيس بوك:

صفحتنا على تويتر: https://twitter.com/intent/user?profile_id=98342559&screen_name=lchr_eg&tw_i=321605338610688000&tw_p=embeddedtimeline&tw_w=321586199514976256

سكايب   : 

  land.centre.for.human.rights

 

-          هذه الورقة قدمت بورشة المركز بمحافظة بنى سويف ونظرًا لأهميتها إن المركز يعيد نشرها.

من برامج "التكيف الهيكلى"إلى إجراءات "تعويم الجنيه المصرى"! * اعداد: أ/أحمد بهاء الدين شعبان*

$
0
0
من برامج

   يواجه الشعب المصرى، فى الفترة الأخيرة، ظروفاً بالغة الصعوبة، على كافة الأصعدة، ويعود هذا الوضع إلى قبول الحكومة للشروط والتعليمات الصادرة عن المراكز المالية العالمية، "صندوق النقد" و"البنك" الدوليين، وغيرهما، وتنفيذها، دفعةً واحدةً، لـ"حزمة" القرارات والإجراءات المطلوبة، وعلى رأسها إطلاق سعر الصرف للجنيه المصرى، (تعويم الجنيه)، وتَخَلَّى الدولة عن دعم الطاقة (بنزين، غاز، كهرباء،...)، وإلغاء دعم السلع الأساسية، وبيع جانب مهم مما تبقّى من شركات وبنوك الدولة، ورفع سعر الخدمات الأساسية، ... إلخ، مقابل الموافقة على منحها قرضاً بقيمة 12 مليار دولار، مُقسّماً على ثلاث سنوات، ووعود غائمة بتدفق الاستثمارات الأجنبية، وهو الأمر الذى يرى فيه النظام، والطبقة الرأسمالية الحاكمة، طوق النجاة من الأزمة الاقتصادية الخانقة، وخروجاً من النفق المظلم الذى يمر به الاقتصاد المصرى منذ سنوات عديدة !.

   وقد تركت هذه التطورات أكثر من أربعة أخماس المصريين يئنون من فداحة الضغوط التى أُخضعوا لها، دون تهيئةٍ مناسبةٍ، أو حمايةٍ حقيقيةٍ، أو استعدادٍ دقيقٍ، يقلل من حجم المعاناة، ويُسيطر على الآثار والتوابع السلبية، المُتَوقّعةَ، لمثل هذه الخطوات، وأبرزها الارتفاع الجنونى لأسعار السلع الأساسية، واختفاء مواد ضرورية لايمكن الاستغناء عنها كالأدوية، وتوقف حركة البيع لمستلزمات الإنتاج وقطع الغيار، وغير ذلك من مشكلات يرزح تحت عبئها المواطنون، فيما المسئولون: "لايبدو أنهم يشعرون بالأسى والألم مما اضطروا أن يفعلوه بنا، وإذ بهم يطربون لأنفسهم وأصواتهم، ويقهقهون كمن يضحك فى سرادق العزاء!"،(1)

 

هذه الورقة قدمت بورشة الارض ونقابة الاسماعلية باللقاء المنعقد ببيت الشباب 10/11 أغسطس 2017 ونظر لاهمية الورقة فأن المركز يعيد نشرها على صفحته .

وإذا كانت نتائج هذه الإجراءات القاصمة، التى نزلت نزول الصاعقة على الأغلبية العظمى من أبناء الشعب المصرى، قد ألقت بأعباء غير مسبوقة على كاهل عشرات الملايين من منتسبى  الطبقات الفقيرة، ومحدودة الدخل، بل وّمَسّت حياة الشرائح الوسطى والدنيا من الطبقة الوسطى، (بدليل تظاهر طُلاّب الجامعة الأمريكية احتجاجاً على بعض نتائجها)، فإنها عصفت، أول ماعصفت، بوضع الفلاحين المصريين، الذين دفعوا ضريبة هذه الإجراءات الخطيرة مرتين: الأولى لكونهم مواطنين مصريين، حل عليهم ماحلَّ على سائر أبناء الشعب من تدهور وتراجع، والثانية باعتبارهم الطبقة الاجتماعية الضعيفة، التى تعرضت لعسفٍ مستمرٍ، ولظلمٍ تاريخىٍ متواصل، على امتداد القرون والعقود، عدا فترات استثنائية محدودة !.

    الريف وسُكّانه:

   ووفقاً للإحصاءات الرسمية عن تعداد السكّان، الصادرة عام 2006 ، فقد بلغ عدد قاطنى ريف مصر 41 مليوناً، (57.36% من إجمالى عدد السكّان)، يُمارس منهم الزراعة 13 مليوناً، وقد مثّلوا، عام 2008 مايوازى نحو 27% من إجمالى قوة العمل فى مصر، كما تُشير البيانات إلى أن الإنتاج الزراعى المصرى، يوفر نحو ثلثى حاجات مصر الغذائية، وساهم فى تحقيق 13% من الناتج المحلّى الإجمالى عام 2009 – 2010، رغم التناقص المستمر فى نصيب الزراعة من الاستثمارات، وتراجعها من 9.4% عام 2003، إلى 4% عام 2008.(2)

   وقد توزعت حيازة الأرض الزراعية فى مصر، فى أول العقدين الأخيرين من القرن الماضى، عام 1981، إلى 90% بالمائة يملكون أقل من خمسة أفدنة، و9% بالمائة يملكون من خمسة إلى عشرين فداناً، فيما لم يزد مُلاك أكثر من عشرين فداناً عن واحد فى المائة فقط من حائزى الأرض الزراعية.

   ولم تتغير هذه النسبة كثيراً بعد عشرين عاماً، مع بداية الألفيّة الجديدة، عام 2000، فقد أصبحت: 90.4%، لحائزى أقل من خمسة أفدنة، و8.5% لحائزى من خمسة إلى عشرين فداناً، و1.1% لحائزى أكثر من عشرين فداناً.(3)

   إعادة الهيكلة:

وكما هو معلوم، ففى أعقاب تخلص الرئيس الأسبق "أنور السادات" من خصومه فى السلطة (مايو 1971)، ارتكن إلى التأييد الجماهيرى الواسع الذى تحصّل عليه فى أعقاب حرب 1973، لإحداث تحول اقتصادى وسياسى حاد، منذ منتصف عقد السبعينيات الماضى، بإعلان تبنيه لمجموعة السياسات الداخلية والخارجية (الجديدة)، المُغايرة لتوجهات النظام السابق: وأبرز ملامحها: الارتماء فى أحضان الولايات المتحدة الأمريكية، (مالكة الـ 99% من أوراق اللُعبة)، ومناهضة حركة التحرر العربى والعالمى، ومعاداة"الاتحاد السوفيتى"السابق، و"الكتلة الاشتراكية"، والصلح مع العدو الصهيونى وتوقيع "اتفاقيات كامب ديفيد"، ... إلخ.

   وأسس لهذا المسار، وواكبه، تطبيق السياسات المملاة، التى أطلق عليها مسميات عديدة، منها: "إعادة الهيكلة"، و"التكيف الاقتصادى"، و"تحرير الاقتصاد"، وغيرها من الأوصاف، التى تعنى فى النهاية، كف يد الدولة عن النهوض بأىٍ من أدوارها الاجتماعية لدعم الطبقات الضعيفة فى المجتمع، أو توجيه دفة الاقتصاد ولو عن بُعد، أو التصدى لتنظيم فوضى السوق، او للحد من الإضرار بحياة الملايين الغفيرة، أو التفريط فى المصالح العليا للشعوب والأوطان، مع بيع كل ممتلكات الشعب للقطاع الخاص الأجنبى، والمصرى (الذى كان قد تشكل فى ثنايا شبكة فساد عنكبوتية واسعة، تزاوج فيها رأس المال بالسلطة السياسية، مع بروز ظاهرة "رأسمالية المحاسيب"، التى انتعشت فى ظل الاستفادة المباشرة لأبناء وأقارب المسئولين الكبار فى جهاز الحكم من مناصب وسلطات وعلاقات ذويهم!.

   خطة ممنهجة لتصفية الزراعة:

   وإذا كانت طبقة العمال والمستخدمين الصغار، وما شابهها، قد واجهت مصيراً بالغ الصعوبة بتنفيذ سياسات "الخصخصة" و"تسريح العمالة"،تحت شعارات مُخادعو وبرّاقة: "المعاش المُبكِّر" و"إعادة تأهيل العمالة "، و"تصحيح المسار"، ...، مع البدء فى تنفيذ سياسة واضحة تستهدف تصفية وجود ودور القطاع العام، فقد واجه القطاع الزراعى الفلاّحى المصرى خطة ممنهجة، موازيه، على امتداد العقود الأربعة الماضية، استهدفت تفكيك وإنهاء الوضعية القانونية والاعتبارية، لنتائج إلإجراءات المتخذة فى عهد الرئيس الأسبق "جمال عبد الناصر"، والمترتبة على تطبيقات قوانين وقرارات "الإصلاح الزراعى"، عام 1952 وما بعده.

المدماك الأساسى لتصفية مكتسبات الفلاحين:

   وكان أبرز المحطات فى هذا السياق، "تحرير القيمة الإيجارية للأرض الزراعية"، بإصدار القانون (96) لسنة 1992، المُسمّى "قانون إصلاح العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر"، والذى قضى برفع القيمة الإيجارية من سبعة أمثال الضريبة المربوطة على الأرض الزراعية، إلى 22 مِثلاً، قبل أن يتم إطلاقها، دون سقف، بعد مرور خمس سنوات (فى 1997).

   ويمكن النظر إلى هذا القانون، باعتباره المدماك الأساسى لتصفية مكتسبات الفلاحين من العهد الناصرى، (بعد أن جرت تصفية مُنَظَّمة لمكتسبات الطبقة العاملة والطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل)، فحقوق مثل الإيجار الثابت، واعتبار المستأجر والمُشارك حائزاً للأرض كالمالك، والتصويت فى الجمعية، والاستفادة من دعم الدولة للأسمدة والتقاوى، وحق الاقتراض من البنوك الزراعية بفائدة محدودة، وغيرها من المكاسب، تم الارتداد عنها، وهو ما أدى إلى طرد نحو904 ألف مستأجر، الأمر الذى عَنِىَ: "أنه من أصل الخمسة ملايين أسرة مصرية، تضررت 431 ألف أسرة من جراء القانون". (4)

    ولكن الأفدح، هو أن تطبيق هذا القانون، فد أدى إلى "زيادة تفتيت الرقعة الزراعية، حيث أن نسبة الحائزين أقل من فدان كانت 36 بالمائة عام 1990، من جملة الحائزين، وأصبحت 43 بالمائة عام 2000 . (5)

الحصاد المُر:

   والآن، وبعد مرور مايقرب من ربع قرن على إصدار القانون رقم (96) لسنة 1992، ماهى ملامح حياة الفلاحين المصريين، وماهى النتيجة التى آلت إليها أوضاعهم بعد عقدين من بدء سريان هذا القانون، (1997)، وفى ظل انتهاج نظام الحكم لسياسات "تحرير الزراعة المصرية"؟!.

    يوضح أحد أئمة الكفاح الفلاحى، المناضل الراحل "عريان نصيف"، مفهوم عملية "التحرير" هذه، فى خمسة ملامح أساسية (6):

(1) تفكيك المؤسسات الموحدة المحلية فى الإطار الزراعى والفلاحى:

ومثّلها فى مصر "الاتحاد التعاونى الزراعى" المركزى، الذى كان يضم 3 مليون فلاح من خلال حوالى 5000 جمعية، استجابةً لتوصيات "منظمة التنمية الأمريكية" وبرنامج الـ "أيد"، وتم حلّه  بموجب القرار رقم 824 لعام 1976.

(2) اتباع سياسة "التصدير من أجل الاستيراد":

وهو ما يعنى زيادة المساحة المنزرعة بالمحاصيل التصديرية غير الاستراتيجية، على حساب زراعة المحاصيل الرئيسية الضرورية لتغطية الاحتياجات الغذائية للشعب، أو اللازمة للصناعة الوطنية، وبموجب هذا الأمر فقد فُرض على مصر الانصياع لتعليمات "هيئة التنمية الأمريكية" التى اعتبرت أن: "التوسع فى مساحة زراعة القمح يُعدُّ إخلالاً بسياسات الإصلاح الاقتصادى، وانحرافاً عن نتيجة البحوث المشتركة"، وكذلك لتوصيات "البنك الدولى"، فى أكتوبر 1994، التى أمرت بتخفيض المساحات المنزرعة بقصب السكر !".

(3) رفع يد الدولة عن العملية الزراعية، عن طريق:

-        الإلغاء الكامل لدعم مستلزمات الإنتاج من بذور وتقاوى وأسمدة، وترك أسعارها تتحدد وفق آليات السوق وتحكُّم التُجّار والقطاع الخاص.

-        إلغاء الدور التعاونى فى المجال الزراعى، والاعتماد على "بنك التنمية والائتمان" وفروعه فى القرى، و"تحرير" سعر الفائدة على القروض المالية للفلاحين، ...

-        إلغاء عملية تخطيط الإنتاج الزراعى، وتحديد الدولة للتركيب المحصولى السنوى وفقاً للاحتياجات والضرورات المحلية .

-        إلغاء دور الدولة فى عملية تسويق المحاصيل الزراعية، وترك التعامل فيها، داخلياً وخارجياً، للقوى الاحتكارية التى هيمنت عليها بالكامل !.

(4) آليات السوق تحكم ملكية وحيازة الأرض:

وهو ماتم على نحو ما أشرنا إليه من خلال إصدار وتطبيق القانون (96) لسنة 1992، كما تم إلغاء القانون رقم (15) لسنة 1963، والقاضى بحماية الأرض المصرية من هيمنة الأجانب عليها، وإصدار القانون رقم (6) لسنة 1995، الذى يُبيح للأجانب حق ملكية أى مساحات من أراضى مصر الصحراوية بالمجّان أو بإيجار رمزى!.

(5) الاعتماد على معونات "المانحين" والالتزام بشروطهم:

وفقاً لتصريح"جاك هوفر"، أحد واضعى السياسة الزراعية والغذائية الخارجية لأمريكا، فالغذاء لا يُوزع على الدول الأخرى على أساس مدى الاحتياج، وإنما "على أساس الاعتبارات التى تُمليها السياسة الخارجية الأمريكية".

فسياسات الدعم الغذائى أداة رئيسية من أدوات الهيمنة، وفرض الإذعان وتنفيذ التوجيهات التى تخدم مصالح أمريكا فى المقام الأول، ولم تقدم الولايات المتحدة لمصر، فى هذا المجال، على امتداد ربع قرن (1975 – 2000)، إلا نحو ثلاثة مليارات دولار، أى بمتوسط لايزيد عن 120 مليون دولار كل عام، وهو مبلغ زهيد لا يستأهل كل ماقُدِّمَ من تنازلات، ويتم استرداد أغلبه تنفيذاً لشرط الالتزام بشراء كل الآلات والسلع اللازمة للمشروعات الممولة من أمريكا، مهما ارتفعت أسعارها، وإنفاق جانباً ملحوظاً منها فى المرتبات الخيالية للـ "خبراء" الأمريكيين !.

   والأخطر تمثّل فى خضوع حسابات "بنك التنمية والائتمان الزراعى المصرى"، لرقابة "الهيئة الأمريكية للتنمية"، وحصول الولايات المتحدة على "أكبر قدر من البيانات عن الهيكل الزراعى المصرى"، بموجب ماتم بينها وبين الحكةمة المصرية من اتفاقات!.

التفريط فى ركائز الزراعة المصرية:

   وقد ترتب على انصياع الحكومات والنظم المصرية المتتالية للشروط الأمريكية، والتطبيق العشوائي لسياسات "تحرير" الزراعة المصرية، هدم ركائز التميّز المصرى فى هذا المجال، مثل زراعة القطن طويل التيلة الذى حظى بسمعة عالمية، وتسبّب فى التفريط فى حماية السلالات الزراعية المصرية، وخبرات الزراعة العضوية، والزراعة المعتمدة على البذور المحلية والأسمدة البلدية، ومقامة الآفات بأسليب غير كيماوية، الأمر الذى أفضى إلى تلويث التربة والحاصلات الزراعية، ونشر أمراض الكلى والسرطان بين مستخدميها، فضلاً عن تراجع إنتاجية ونوعية الثروة الحيوانية والداجنة، وفتح أبواب استيرادهما، بدلاً من تطوير الإنتاج المحلى.

   وساعد هذا المناخ، المُعبأ باللامبالاة والرخاوة والبيروقراطية والفساد، على توفير الفرصة للانقضاض على الأرض الزراعية المصرية الخصبة، فزحفت المبانى السكنية العشوائية، والمعامل، والمنشآت الصناعية، لكى تلتهم مئات الآلاف الأفدنة، من أجود وأخصب الأراضى المصرية، دون إحساس بفداحة الخسارة، وبالذات فيما يخص الأجيال الجديدة.(7)

أزمة المياه:

وضاعف من مشكلات الزراعة التناقص التدريجى فى نصيب الفرد المصرى من المياه.

فحصة مصر من مياه النيل، محدودة، (55 مليار متر مكعب)، كانت بهذه القيمة حينما كان عدد سكّان مصر بضعة ملايين معدودة، وظلت على هذا النحو والعدد يزحف حثيثاً باتجاه المائة مليون مواطن !.

   وتشير الإحصاءات إلى أن نصيب المصرى من المياه كان 2200 متراً مكعباً عام 1800، انخفض إلى 1500 متراً مكعباً عام 1980، ثم انخفض إلى 1035متراً مكعباً عام 1993، وإلى 900 متراً مكعباً عام 1997. (8).

   ولن يزيد نصيب الفرد عام 2017، الذى تجاوز فيه عدد سكّان مصر رقم الـ 92 مليون نسمة، عن ستمائة متراً مكعباً، آخذةً فى التناقص، ولن يُعَوِضَ الحاجة المتزايدة للمياه، إلا الترشيد الشديد فى استهلاك المتوفر منها، ووضع حد لسفه الاستخدام الترفى فى القيللات، والمنتجعات السياحية، وملاعب الجولف، والبحيرات الصناعية، وحمامات السباحة، وما شابه، واستكشاف مصادر جديدة، للمياه، وتطوير أنظمة الرى التقليدية، التى تستهلك كميات ضخمة من المياه دون مقابل مكافىء، إلى طرق الرى الحديثة، والحفاظ على نقاء المياه وحمايتها من كل أشكال التلوث.

مصر من أكبر مستوردى الغذاء:

    وكان من أسوأ النتائج، وأشد آثار هذه السياسات الخرقاء ضرراً: تحول مصر إلى أحد أكبر المستوردين فى العالم للسلع الغذائية الحيوية: القمح، والزيوت، واللحوم، والسكر، وغيرها مما لا يُستغنى عنه من الضرورات الأساسية للمجتمع.

وهو ما لخّصه العالم الراحل "د. مصطفى الجبيلى": لم تؤد هذه السياسات "إلى تضييق الفجوة الغذائية، بل على العكس فقد أدت إلى اتساعها كثيرا". (9)

الفساد يضرب الزراعة فى مصر:

ويضاف إلى ماتقدم، ماهو معروف من ترهل وفساد ينخر فى العديد من القطاعات الرسمية المعنية بقضية الأرض فى مصر، وقد كان آخر ما تَسَرَّب فى هذا الشأن، هو ما كشفته "الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة" بشأن التحقيق فى تقاضى عدد من المهندسين الزراعيين لرشوة بلغت مليارى جنيه، لتسهيل استيلاء 37 شخصا على  85 ألف فدان، فى زمام محافظات البحيرة الإسماعيلية والجيزة !.(10)

المُحصّلة الختامية:

أدى التدخل النشط، من خلال آليات السيطرة الاستعمارية الحديثة، وأدواتها الاقتصادية بالأساس، وفى ظل تراجع الوعى الوطنى، والتفريط المستمر فى عناصر السيادة الوطنية، وأهمها القدرة على إنتاج الحاجات الأساسية للبلاد، وفى مُقدمتها الغذاء، وامتلاك القرار فى السيادة على الأرض والمياه، إلى تدهور مُريع فى أحوال الزراعة المصرية والفلاحين المصريين، الذين امتلكوا على مدار الزمن سر الزراعة ومفاتيح صناعة الحضارة الإنسانية، منذ فجر التاريخ وحتى الآن.

وقد رصد تقرير لـ"الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء" ملامح تدهور واقع الطبقات المحرومة فى المجتمع، وتفاقم معاناة القطاع الفلاحى والريفى المصرى، على النحو التالى:

-         تزايدت نسبة الفقر فى مصر من 25.2% عام 2010 – 2011، إلى 27.8% عام 2015.

-         ارتفعت نسبة "الفقر المدقع" إلى 5.3% من سكّان مصر خلال عام 2015.

-         56.7% من سكّان ريف الوجه القبلى لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من المواد الغذائية وغير الغذائية، مقابل 19.7% بريف الوجه البحرى. وقد شهد حضر وريف الوجهين: القبلى والبحرى ارتفاعاً فى مستويات الفقر بين أعوام 2012 – 2013 و2015.(11)

-         81.8% من المصريين غير مشتركين، ولا يتمتعون بغطاء التأمينات الاجتماعية، "ومن ثم لا أمل فى معاش أو دخل" . (12)

"تحرير" سعر الجنيه، وانعكاساته السلبية:

   ولم يقف الوضع عند الحد الذى أشرنا إليه فى السطور السابقة، وإنما ازداد الأمر تردياً مع التخفيض الأخير فى قيمة الجنيه المصرى بنحو نصف قيمته دُفعة واحدة، وهو مايعنى ارتفاعاً موازياً لأسعار كل مدخلات عملية الإنتاج الزراعى، دون استثناء: الآلات والمعدات والتقاوى والأسمدة والكيماويات الزراعية، وهو ما أشرنا إليه عاليه، وأقر به وزير الصناعة والتجارة، المهندس طارق قابيل، باعترافه أن المستلزمات الأجنبية للإنتاج المصرى، تتراوح مابين 30 و50 بالمائة، وشملتها جميعاً عملية رفع الأسعار الجنونية الأخيرة!.

   كذلك فإن الاستمرار فى تخفيض الدعم الرسمى للطاقة الكهربية ومشتقات البترول على نحو ماحدث مؤخراً، مواكباً لـ"تعويم الجنيه"، والإعلان عن النيّة المبيتة لرفع جديد لأسعار الكهرباء والوقود، على لسان "عمرو الجارحى"، وزير التجارة والمالية (13)،  يُشير إلى توقع المزيد من المشكلات والتعثر، كما أن رفع سعر الفائدة البنكية إلى آفاق غير مسبوقة (16 – 20%)،  يعنى تحميل المقترضين البسطاء أعباءً إضافية باهظة، ويؤكد استمرار معاناة قطاع الزراعة وطبقة الفلاحين المصريين، الذين يخوضون المعركة دون نصير فاعل، أو آلية حماية ذات كفاءة.

الخاتمة:

   تعكس الرؤية التى تضمنتها السطور الماضية، الشعور بحجم الإجحاف، التاريخى والراهن، الذى وقع، وسيقع، على ملايين الفلاحين المصريين، الذين يلقون، وسيلقون، رغم عِظم عطائهم وتضحياتهم، المزيد من العسف والإجحاف.

   نقطة الضعف الرئيسية التى تُشجِّع الطبقات والفئات المُستَغِلة على الاستهانة بأوضاع الفلاحين، هى انفراط عقدهم، وعجزهم (أى الفلاحين)، عن تشكيل هيئات قوية (أحزاب. نقابات. اتحادات. تعاونيات....)، تُجَسِّدُ حضورهم النسبى فى المجتمع، وتلم شملهم، وتدافع عن حقوقهم، وترعى مصالحهم، وتزود عن آمالهم المشروعة فى الحياة الكريمة .

   ولهذا الحديث الضرورى مناسبة اخرى.

     الهوامش:

(1) إبراهيم عيسى، المسئولون الذين يتنططون، جريدة "المقال"، 6 نوفمبر 2016.

(2) صقر النور، الفلاحون والثورة فى مصر: فاعلون منسيون، مجلة "المستقبل العربى"، السنة 37، العدد 427، أيلول/ سبتمبر 2014، ص: 29، و"تقرير التنمية البشرية": التغلب على الحواجز: قابلية التنقُّل البشرى والتنمية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، نيويورك، 2009.

(3) المصدر نفسه.

(4) كرم صابر، ملامح تغيرات جديدة فى ريف مصر، المصدر السابق، ص:31.

(5) محمد أحمد على حسانين، الهجرة الداخلية فى مصر، دراسة فى الجغرافية البشرية، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2010، مذكورة فى المصدر السابق، ص: 32.

(6) عريان نصيف، السياسات الزراعية مابعد التكيف الهيكلى، فصل فى كتاب "أحوال الزراعة والفلاحين المصريين فى ظل التكيف الهيكلى: (دراسة حالة مصر)، تحرير   د. حسنين كشك، مركز البحوث العربية والأفريقية – القاهرة، منتدى العالم الثالث – داكار، مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات، القاهرة، 2007،   ص ص: 15 – 29.

(7) لمزيد من التفاصيل: "الحزب الاشتراكى المصرى"، و"لجنة التضامن الفلاحى"، موجز لأشكال المقاومة والمهمات الفلاحية فى مصر، إعداد بشير صقر، (دراسة غير منشورة)، القاهرة، نوفمبر 2011.

(8) أحمد بهاء الدين شعبان، صراع الطبقات فى مصر المعاصرة: مقدمات ثورة 25 يناير 3011، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2012، ص:12.

(9) عريان نصيف، مصدر سابق، ص: 21.

(10) جريدة "البورصة"، 30 نوفمبر 2016.

(11) جريدة "الدستور"، 17 أكتوبر 2016.

(12) جريدة "الأهرام"، 5 نوفمبر 2016.

(13) جريدة "المصرى اليوم"، 29 نوفمبر 2016.

بطلاب الغربية وعمال المحلة وشباب الاسكندرية.

 

سلسة الأرض والفلاح العدد رقم (74) مارس 2017 أوضاع الفلاحين فى مصر مشكلات ورؤية للحل*

$
0
0

سلسة الأرض والفلاح

العدد رقم (74)

مارس 2017

أوضاع الفلاحين فى مصر

مشكلات ورؤية للحل*

إعداد الأستاذ/ عصام شعبان باحث فى الأنثروبولجيا الاجتماعية

تشمل الورقة أبرز المشكلات الفلاحية وهى:

-         مشاكل تتعلق بمستلزمات الزراعة (مشكلة الأسمدة نموذجا) وعلاقتها بالأوضاع الراهنة.

-         أوضاع الزراعة المصرية وعلاقتها بالبناء الاقتصادي.

-         الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للفلاحين والمرافق والخدمات.

-         بنك الائتمان الزراعي ومشاكل الديون.

-         نحو برنامج وطني لحل مشكلات الفلاحين والنهوض بالزراعة

تبرز أهمية الورقة المطروحة في فتح باب النقاش لمشكلات الفلاحين الحالية في ظل المستجدات والتغيرات المتعاقبة وهي تسعي للتعرف أيضا علي وضع وحالة الزراعة المصريهةوالمزارعين المصريين وما يعانونه من هموم وتحديات وتنتهي الورقة بتصور وبرنامج عمل يتضمن بعضا من مطالبهم العادلة.

يمكنكم الأطلاع على التقرير من : https://cdn.fbsbx.com/v/t59.2708-21/17017273_127967347729431_450300163907387392_n.docx/%D8%B3%D9%84%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B1%D8%B6.docx?oh=c67283f61cb74bb6e0782e26ecfa6845&oe=58C1FB86&dl=1

مركز الأرض: 76 شارع الجمهورية شقة 67 ـ الدور الثامن بجوار جامع الفتح ـ -القاهرة

ت: 01222492922 – 01128333586

lchr@lchr-eg.org:    بريد إلكترونى

www.lchr-eg.orgموقعنا على الإنترنت

http://www.facebook.com/pages/Land-Centre-for-Human-Rights-LCHR/318647481480115 صفحتنا على الفيس بوك:

صفحتنا على تويتر: https://twitter.com/intent/user?profile_id=98342559&screen_name=lchr_eg&tw_i=321605338610688000&tw_p=embeddedtimeline&tw_w=321586199514976256

سكايب   : 

  land.centre.for.human.rights

 

-          هذه الورقة قدمت بورشة المركز بمحافظة بنى سويف ونظرًا لأهميتها إن المركز يعيد نشرها.


من برامج "التكيف الهيكلى"إلى إجراءات "تعويم الجنيه المصرى"! * اعداد: أ/أحمد بهاء الدين شعبان*

$
0
0
من برامج

   يواجه الشعب المصرى، فى الفترة الأخيرة، ظروفاً بالغة الصعوبة، على كافة الأصعدة، ويعود هذا الوضع إلى قبول الحكومة للشروط والتعليمات الصادرة عن المراكز المالية العالمية، "صندوق النقد" و"البنك" الدوليين، وغيرهما، وتنفيذها، دفعةً واحدةً، لـ"حزمة" القرارات والإجراءات المطلوبة، وعلى رأسها إطلاق سعر الصرف للجنيه المصرى، (تعويم الجنيه)، وتَخَلَّى الدولة عن دعم الطاقة (بنزين، غاز، كهرباء،...)، وإلغاء دعم السلع الأساسية، وبيع جانب مهم مما تبقّى من شركات وبنوك الدولة، ورفع سعر الخدمات الأساسية، ... إلخ، مقابل الموافقة على منحها قرضاً بقيمة 12 مليار دولار، مُقسّماً على ثلاث سنوات، ووعود غائمة بتدفق الاستثمارات الأجنبية، وهو الأمر الذى يرى فيه النظام، والطبقة الرأسمالية الحاكمة، طوق النجاة من الأزمة الاقتصادية الخانقة، وخروجاً من النفق المظلم الذى يمر به الاقتصاد المصرى منذ سنوات عديدة !.

   وقد تركت هذه التطورات أكثر من أربعة أخماس المصريين يئنون من فداحة الضغوط التى أُخضعوا لها، دون تهيئةٍ مناسبةٍ، أو حمايةٍ حقيقيةٍ، أو استعدادٍ دقيقٍ، يقلل من حجم المعاناة، ويُسيطر على الآثار والتوابع السلبية، المُتَوقّعةَ، لمثل هذه الخطوات، وأبرزها الارتفاع الجنونى لأسعار السلع الأساسية، واختفاء مواد ضرورية لايمكن الاستغناء عنها كالأدوية، وتوقف حركة البيع لمستلزمات الإنتاج وقطع الغيار، وغير ذلك من مشكلات يرزح تحت عبئها المواطنون، فيما المسئولون: "لايبدو أنهم يشعرون بالأسى والألم مما اضطروا أن يفعلوه بنا، وإذ بهم يطربون لأنفسهم وأصواتهم، ويقهقهون كمن يضحك فى سرادق العزاء!"،(1)

 

هذه الورقة قدمت بورشة الارض ونقابة الاسماعلية باللقاء المنعقد ببيت الشباب 10/11 أغسطس 2017 ونظر لاهمية الورقة فأن المركز يعيد نشرها على صفحته .

وإذا كانت نتائج هذه الإجراءات القاصمة، التى نزلت نزول الصاعقة على الأغلبية العظمى من أبناء الشعب المصرى، قد ألقت بأعباء غير مسبوقة على كاهل عشرات الملايين من منتسبى  الطبقات الفقيرة، ومحدودة الدخل، بل وّمَسّت حياة الشرائح الوسطى والدنيا من الطبقة الوسطى، (بدليل تظاهر طُلاّب الجامعة الأمريكية احتجاجاً على بعض نتائجها)، فإنها عصفت، أول ماعصفت، بوضع الفلاحين المصريين، الذين دفعوا ضريبة هذه الإجراءات الخطيرة مرتين: الأولى لكونهم مواطنين مصريين، حل عليهم ماحلَّ على سائر أبناء الشعب من تدهور وتراجع، والثانية باعتبارهم الطبقة الاجتماعية الضعيفة، التى تعرضت لعسفٍ مستمرٍ، ولظلمٍ تاريخىٍ متواصل، على امتداد القرون والعقود، عدا فترات استثنائية محدودة !.

    الريف وسُكّانه:

   ووفقاً للإحصاءات الرسمية عن تعداد السكّان، الصادرة عام 2006 ، فقد بلغ عدد قاطنى ريف مصر 41 مليوناً، (57.36% من إجمالى عدد السكّان)، يُمارس منهم الزراعة 13 مليوناً، وقد مثّلوا، عام 2008 مايوازى نحو 27% من إجمالى قوة العمل فى مصر، كما تُشير البيانات إلى أن الإنتاج الزراعى المصرى، يوفر نحو ثلثى حاجات مصر الغذائية، وساهم فى تحقيق 13% من الناتج المحلّى الإجمالى عام 2009 – 2010، رغم التناقص المستمر فى نصيب الزراعة من الاستثمارات، وتراجعها من 9.4% عام 2003، إلى 4% عام 2008.(2)

   وقد توزعت حيازة الأرض الزراعية فى مصر، فى أول العقدين الأخيرين من القرن الماضى، عام 1981، إلى 90% بالمائة يملكون أقل من خمسة أفدنة، و9% بالمائة يملكون من خمسة إلى عشرين فداناً، فيما لم يزد مُلاك أكثر من عشرين فداناً عن واحد فى المائة فقط من حائزى الأرض الزراعية.

   ولم تتغير هذه النسبة كثيراً بعد عشرين عاماً، مع بداية الألفيّة الجديدة، عام 2000، فقد أصبحت: 90.4%، لحائزى أقل من خمسة أفدنة، و8.5% لحائزى من خمسة إلى عشرين فداناً، و1.1% لحائزى أكثر من عشرين فداناً.(3)

   إعادة الهيكلة:

وكما هو معلوم، ففى أعقاب تخلص الرئيس الأسبق "أنور السادات" من خصومه فى السلطة (مايو 1971)، ارتكن إلى التأييد الجماهيرى الواسع الذى تحصّل عليه فى أعقاب حرب 1973، لإحداث تحول اقتصادى وسياسى حاد، منذ منتصف عقد السبعينيات الماضى، بإعلان تبنيه لمجموعة السياسات الداخلية والخارجية (الجديدة)، المُغايرة لتوجهات النظام السابق: وأبرز ملامحها: الارتماء فى أحضان الولايات المتحدة الأمريكية، (مالكة الـ 99% من أوراق اللُعبة)، ومناهضة حركة التحرر العربى والعالمى، ومعاداة"الاتحاد السوفيتى"السابق، و"الكتلة الاشتراكية"، والصلح مع العدو الصهيونى وتوقيع "اتفاقيات كامب ديفيد"، ... إلخ.

   وأسس لهذا المسار، وواكبه، تطبيق السياسات المملاة، التى أطلق عليها مسميات عديدة، منها: "إعادة الهيكلة"، و"التكيف الاقتصادى"، و"تحرير الاقتصاد"، وغيرها من الأوصاف، التى تعنى فى النهاية، كف يد الدولة عن النهوض بأىٍ من أدوارها الاجتماعية لدعم الطبقات الضعيفة فى المجتمع، أو توجيه دفة الاقتصاد ولو عن بُعد، أو التصدى لتنظيم فوضى السوق، او للحد من الإضرار بحياة الملايين الغفيرة، أو التفريط فى المصالح العليا للشعوب والأوطان، مع بيع كل ممتلكات الشعب للقطاع الخاص الأجنبى، والمصرى (الذى كان قد تشكل فى ثنايا شبكة فساد عنكبوتية واسعة، تزاوج فيها رأس المال بالسلطة السياسية، مع بروز ظاهرة "رأسمالية المحاسيب"، التى انتعشت فى ظل الاستفادة المباشرة لأبناء وأقارب المسئولين الكبار فى جهاز الحكم من مناصب وسلطات وعلاقات ذويهم!.

   خطة ممنهجة لتصفية الزراعة:

   وإذا كانت طبقة العمال والمستخدمين الصغار، وما شابهها، قد واجهت مصيراً بالغ الصعوبة بتنفيذ سياسات "الخصخصة" و"تسريح العمالة"،تحت شعارات مُخادعو وبرّاقة: "المعاش المُبكِّر" و"إعادة تأهيل العمالة "، و"تصحيح المسار"، ...، مع البدء فى تنفيذ سياسة واضحة تستهدف تصفية وجود ودور القطاع العام، فقد واجه القطاع الزراعى الفلاّحى المصرى خطة ممنهجة، موازيه، على امتداد العقود الأربعة الماضية، استهدفت تفكيك وإنهاء الوضعية القانونية والاعتبارية، لنتائج إلإجراءات المتخذة فى عهد الرئيس الأسبق "جمال عبد الناصر"، والمترتبة على تطبيقات قوانين وقرارات "الإصلاح الزراعى"، عام 1952 وما بعده.

المدماك الأساسى لتصفية مكتسبات الفلاحين:

   وكان أبرز المحطات فى هذا السياق، "تحرير القيمة الإيجارية للأرض الزراعية"، بإصدار القانون (96) لسنة 1992، المُسمّى "قانون إصلاح العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر"، والذى قضى برفع القيمة الإيجارية من سبعة أمثال الضريبة المربوطة على الأرض الزراعية، إلى 22 مِثلاً، قبل أن يتم إطلاقها، دون سقف، بعد مرور خمس سنوات (فى 1997).

   ويمكن النظر إلى هذا القانون، باعتباره المدماك الأساسى لتصفية مكتسبات الفلاحين من العهد الناصرى، (بعد أن جرت تصفية مُنَظَّمة لمكتسبات الطبقة العاملة والطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل)، فحقوق مثل الإيجار الثابت، واعتبار المستأجر والمُشارك حائزاً للأرض كالمالك، والتصويت فى الجمعية، والاستفادة من دعم الدولة للأسمدة والتقاوى، وحق الاقتراض من البنوك الزراعية بفائدة محدودة، وغيرها من المكاسب، تم الارتداد عنها، وهو ما أدى إلى طرد نحو904 ألف مستأجر، الأمر الذى عَنِىَ: "أنه من أصل الخمسة ملايين أسرة مصرية، تضررت 431 ألف أسرة من جراء القانون". (4)

    ولكن الأفدح، هو أن تطبيق هذا القانون، فد أدى إلى "زيادة تفتيت الرقعة الزراعية، حيث أن نسبة الحائزين أقل من فدان كانت 36 بالمائة عام 1990، من جملة الحائزين، وأصبحت 43 بالمائة عام 2000 . (5)

الحصاد المُر:

   والآن، وبعد مرور مايقرب من ربع قرن على إصدار القانون رقم (96) لسنة 1992، ماهى ملامح حياة الفلاحين المصريين، وماهى النتيجة التى آلت إليها أوضاعهم بعد عقدين من بدء سريان هذا القانون، (1997)، وفى ظل انتهاج نظام الحكم لسياسات "تحرير الزراعة المصرية"؟!.

    يوضح أحد أئمة الكفاح الفلاحى، المناضل الراحل "عريان نصيف"، مفهوم عملية "التحرير" هذه، فى خمسة ملامح أساسية (6):

(1) تفكيك المؤسسات الموحدة المحلية فى الإطار الزراعى والفلاحى:

ومثّلها فى مصر "الاتحاد التعاونى الزراعى" المركزى، الذى كان يضم 3 مليون فلاح من خلال حوالى 5000 جمعية، استجابةً لتوصيات "منظمة التنمية الأمريكية" وبرنامج الـ "أيد"، وتم حلّه  بموجب القرار رقم 824 لعام 1976.

(2) اتباع سياسة "التصدير من أجل الاستيراد":

وهو ما يعنى زيادة المساحة المنزرعة بالمحاصيل التصديرية غير الاستراتيجية، على حساب زراعة المحاصيل الرئيسية الضرورية لتغطية الاحتياجات الغذائية للشعب، أو اللازمة للصناعة الوطنية، وبموجب هذا الأمر فقد فُرض على مصر الانصياع لتعليمات "هيئة التنمية الأمريكية" التى اعتبرت أن: "التوسع فى مساحة زراعة القمح يُعدُّ إخلالاً بسياسات الإصلاح الاقتصادى، وانحرافاً عن نتيجة البحوث المشتركة"، وكذلك لتوصيات "البنك الدولى"، فى أكتوبر 1994، التى أمرت بتخفيض المساحات المنزرعة بقصب السكر !".

(3) رفع يد الدولة عن العملية الزراعية، عن طريق:

-        الإلغاء الكامل لدعم مستلزمات الإنتاج من بذور وتقاوى وأسمدة، وترك أسعارها تتحدد وفق آليات السوق وتحكُّم التُجّار والقطاع الخاص.

-        إلغاء الدور التعاونى فى المجال الزراعى، والاعتماد على "بنك التنمية والائتمان" وفروعه فى القرى، و"تحرير" سعر الفائدة على القروض المالية للفلاحين، ...

-        إلغاء عملية تخطيط الإنتاج الزراعى، وتحديد الدولة للتركيب المحصولى السنوى وفقاً للاحتياجات والضرورات المحلية .

-        إلغاء دور الدولة فى عملية تسويق المحاصيل الزراعية، وترك التعامل فيها، داخلياً وخارجياً، للقوى الاحتكارية التى هيمنت عليها بالكامل !.

(4) آليات السوق تحكم ملكية وحيازة الأرض:

وهو ماتم على نحو ما أشرنا إليه من خلال إصدار وتطبيق القانون (96) لسنة 1992، كما تم إلغاء القانون رقم (15) لسنة 1963، والقاضى بحماية الأرض المصرية من هيمنة الأجانب عليها، وإصدار القانون رقم (6) لسنة 1995، الذى يُبيح للأجانب حق ملكية أى مساحات من أراضى مصر الصحراوية بالمجّان أو بإيجار رمزى!.

(5) الاعتماد على معونات "المانحين" والالتزام بشروطهم:

وفقاً لتصريح"جاك هوفر"، أحد واضعى السياسة الزراعية والغذائية الخارجية لأمريكا، فالغذاء لا يُوزع على الدول الأخرى على أساس مدى الاحتياج، وإنما "على أساس الاعتبارات التى تُمليها السياسة الخارجية الأمريكية".

فسياسات الدعم الغذائى أداة رئيسية من أدوات الهيمنة، وفرض الإذعان وتنفيذ التوجيهات التى تخدم مصالح أمريكا فى المقام الأول، ولم تقدم الولايات المتحدة لمصر، فى هذا المجال، على امتداد ربع قرن (1975 – 2000)، إلا نحو ثلاثة مليارات دولار، أى بمتوسط لايزيد عن 120 مليون دولار كل عام، وهو مبلغ زهيد لا يستأهل كل ماقُدِّمَ من تنازلات، ويتم استرداد أغلبه تنفيذاً لشرط الالتزام بشراء كل الآلات والسلع اللازمة للمشروعات الممولة من أمريكا، مهما ارتفعت أسعارها، وإنفاق جانباً ملحوظاً منها فى المرتبات الخيالية للـ "خبراء" الأمريكيين !.

   والأخطر تمثّل فى خضوع حسابات "بنك التنمية والائتمان الزراعى المصرى"، لرقابة "الهيئة الأمريكية للتنمية"، وحصول الولايات المتحدة على "أكبر قدر من البيانات عن الهيكل الزراعى المصرى"، بموجب ماتم بينها وبين الحكةمة المصرية من اتفاقات!.

التفريط فى ركائز الزراعة المصرية:

   وقد ترتب على انصياع الحكومات والنظم المصرية المتتالية للشروط الأمريكية، والتطبيق العشوائي لسياسات "تحرير" الزراعة المصرية، هدم ركائز التميّز المصرى فى هذا المجال، مثل زراعة القطن طويل التيلة الذى حظى بسمعة عالمية، وتسبّب فى التفريط فى حماية السلالات الزراعية المصرية، وخبرات الزراعة العضوية، والزراعة المعتمدة على البذور المحلية والأسمدة البلدية، ومقامة الآفات بأسليب غير كيماوية، الأمر الذى أفضى إلى تلويث التربة والحاصلات الزراعية، ونشر أمراض الكلى والسرطان بين مستخدميها، فضلاً عن تراجع إنتاجية ونوعية الثروة الحيوانية والداجنة، وفتح أبواب استيرادهما، بدلاً من تطوير الإنتاج المحلى.

   وساعد هذا المناخ، المُعبأ باللامبالاة والرخاوة والبيروقراطية والفساد، على توفير الفرصة للانقضاض على الأرض الزراعية المصرية الخصبة، فزحفت المبانى السكنية العشوائية، والمعامل، والمنشآت الصناعية، لكى تلتهم مئات الآلاف الأفدنة، من أجود وأخصب الأراضى المصرية، دون إحساس بفداحة الخسارة، وبالذات فيما يخص الأجيال الجديدة.(7)

أزمة المياه:

وضاعف من مشكلات الزراعة التناقص التدريجى فى نصيب الفرد المصرى من المياه.

فحصة مصر من مياه النيل، محدودة، (55 مليار متر مكعب)، كانت بهذه القيمة حينما كان عدد سكّان مصر بضعة ملايين معدودة، وظلت على هذا النحو والعدد يزحف حثيثاً باتجاه المائة مليون مواطن !.

   وتشير الإحصاءات إلى أن نصيب المصرى من المياه كان 2200 متراً مكعباً عام 1800، انخفض إلى 1500 متراً مكعباً عام 1980، ثم انخفض إلى 1035متراً مكعباً عام 1993، وإلى 900 متراً مكعباً عام 1997. (8).

   ولن يزيد نصيب الفرد عام 2017، الذى تجاوز فيه عدد سكّان مصر رقم الـ 92 مليون نسمة، عن ستمائة متراً مكعباً، آخذةً فى التناقص، ولن يُعَوِضَ الحاجة المتزايدة للمياه، إلا الترشيد الشديد فى استهلاك المتوفر منها، ووضع حد لسفه الاستخدام الترفى فى القيللات، والمنتجعات السياحية، وملاعب الجولف، والبحيرات الصناعية، وحمامات السباحة، وما شابه، واستكشاف مصادر جديدة، للمياه، وتطوير أنظمة الرى التقليدية، التى تستهلك كميات ضخمة من المياه دون مقابل مكافىء، إلى طرق الرى الحديثة، والحفاظ على نقاء المياه وحمايتها من كل أشكال التلوث.

مصر من أكبر مستوردى الغذاء:

    وكان من أسوأ النتائج، وأشد آثار هذه السياسات الخرقاء ضرراً: تحول مصر إلى أحد أكبر المستوردين فى العالم للسلع الغذائية الحيوية: القمح، والزيوت، واللحوم، والسكر، وغيرها مما لا يُستغنى عنه من الضرورات الأساسية للمجتمع.

وهو ما لخّصه العالم الراحل "د. مصطفى الجبيلى": لم تؤد هذه السياسات "إلى تضييق الفجوة الغذائية، بل على العكس فقد أدت إلى اتساعها كثيرا". (9)

الفساد يضرب الزراعة فى مصر:

ويضاف إلى ماتقدم، ماهو معروف من ترهل وفساد ينخر فى العديد من القطاعات الرسمية المعنية بقضية الأرض فى مصر، وقد كان آخر ما تَسَرَّب فى هذا الشأن، هو ما كشفته "الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة" بشأن التحقيق فى تقاضى عدد من المهندسين الزراعيين لرشوة بلغت مليارى جنيه، لتسهيل استيلاء 37 شخصا على  85 ألف فدان، فى زمام محافظات البحيرة الإسماعيلية والجيزة !.(10)

المُحصّلة الختامية:

أدى التدخل النشط، من خلال آليات السيطرة الاستعمارية الحديثة، وأدواتها الاقتصادية بالأساس، وفى ظل تراجع الوعى الوطنى، والتفريط المستمر فى عناصر السيادة الوطنية، وأهمها القدرة على إنتاج الحاجات الأساسية للبلاد، وفى مُقدمتها الغذاء، وامتلاك القرار فى السيادة على الأرض والمياه، إلى تدهور مُريع فى أحوال الزراعة المصرية والفلاحين المصريين، الذين امتلكوا على مدار الزمن سر الزراعة ومفاتيح صناعة الحضارة الإنسانية، منذ فجر التاريخ وحتى الآن.

وقد رصد تقرير لـ"الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء" ملامح تدهور واقع الطبقات المحرومة فى المجتمع، وتفاقم معاناة القطاع الفلاحى والريفى المصرى، على النحو التالى:

-         تزايدت نسبة الفقر فى مصر من 25.2% عام 2010 – 2011، إلى 27.8% عام 2015.

-         ارتفعت نسبة "الفقر المدقع" إلى 5.3% من سكّان مصر خلال عام 2015.

-         56.7% من سكّان ريف الوجه القبلى لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من المواد الغذائية وغير الغذائية، مقابل 19.7% بريف الوجه البحرى. وقد شهد حضر وريف الوجهين: القبلى والبحرى ارتفاعاً فى مستويات الفقر بين أعوام 2012 – 2013 و2015.(11)

-         81.8% من المصريين غير مشتركين، ولا يتمتعون بغطاء التأمينات الاجتماعية، "ومن ثم لا أمل فى معاش أو دخل" . (12)

"تحرير" سعر الجنيه، وانعكاساته السلبية:

   ولم يقف الوضع عند الحد الذى أشرنا إليه فى السطور السابقة، وإنما ازداد الأمر تردياً مع التخفيض الأخير فى قيمة الجنيه المصرى بنحو نصف قيمته دُفعة واحدة، وهو مايعنى ارتفاعاً موازياً لأسعار كل مدخلات عملية الإنتاج الزراعى، دون استثناء: الآلات والمعدات والتقاوى والأسمدة والكيماويات الزراعية، وهو ما أشرنا إليه عاليه، وأقر به وزير الصناعة والتجارة، المهندس طارق قابيل، باعترافه أن المستلزمات الأجنبية للإنتاج المصرى، تتراوح مابين 30 و50 بالمائة، وشملتها جميعاً عملية رفع الأسعار الجنونية الأخيرة!.

   كذلك فإن الاستمرار فى تخفيض الدعم الرسمى للطاقة الكهربية ومشتقات البترول على نحو ماحدث مؤخراً، مواكباً لـ"تعويم الجنيه"، والإعلان عن النيّة المبيتة لرفع جديد لأسعار الكهرباء والوقود، على لسان "عمرو الجارحى"، وزير التجارة والمالية (13)،  يُشير إلى توقع المزيد من المشكلات والتعثر، كما أن رفع سعر الفائدة البنكية إلى آفاق غير مسبوقة (16 – 20%)،  يعنى تحميل المقترضين البسطاء أعباءً إضافية باهظة، ويؤكد استمرار معاناة قطاع الزراعة وطبقة الفلاحين المصريين، الذين يخوضون المعركة دون نصير فاعل، أو آلية حماية ذات كفاءة.

الخاتمة:

   تعكس الرؤية التى تضمنتها السطور الماضية، الشعور بحجم الإجحاف، التاريخى والراهن، الذى وقع، وسيقع، على ملايين الفلاحين المصريين، الذين يلقون، وسيلقون، رغم عِظم عطائهم وتضحياتهم، المزيد من العسف والإجحاف.

   نقطة الضعف الرئيسية التى تُشجِّع الطبقات والفئات المُستَغِلة على الاستهانة بأوضاع الفلاحين، هى انفراط عقدهم، وعجزهم (أى الفلاحين)، عن تشكيل هيئات قوية (أحزاب. نقابات. اتحادات. تعاونيات....)، تُجَسِّدُ حضورهم النسبى فى المجتمع، وتلم شملهم، وتدافع عن حقوقهم، وترعى مصالحهم، وتزود عن آمالهم المشروعة فى الحياة الكريمة .

   ولهذا الحديث الضرورى مناسبة اخرى.

     الهوامش:

(1) إبراهيم عيسى، المسئولون الذين يتنططون، جريدة "المقال"، 6 نوفمبر 2016.

(2) صقر النور، الفلاحون والثورة فى مصر: فاعلون منسيون، مجلة "المستقبل العربى"، السنة 37، العدد 427، أيلول/ سبتمبر 2014، ص: 29، و"تقرير التنمية البشرية": التغلب على الحواجز: قابلية التنقُّل البشرى والتنمية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، نيويورك، 2009.

(3) المصدر نفسه.

(4) كرم صابر، ملامح تغيرات جديدة فى ريف مصر، المصدر السابق، ص:31.

(5) محمد أحمد على حسانين، الهجرة الداخلية فى مصر، دراسة فى الجغرافية البشرية، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2010، مذكورة فى المصدر السابق، ص: 32.

(6) عريان نصيف، السياسات الزراعية مابعد التكيف الهيكلى، فصل فى كتاب "أحوال الزراعة والفلاحين المصريين فى ظل التكيف الهيكلى: (دراسة حالة مصر)، تحرير   د. حسنين كشك، مركز البحوث العربية والأفريقية – القاهرة، منتدى العالم الثالث – داكار، مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات، القاهرة، 2007،   ص ص: 15 – 29.

(7) لمزيد من التفاصيل: "الحزب الاشتراكى المصرى"، و"لجنة التضامن الفلاحى"، موجز لأشكال المقاومة والمهمات الفلاحية فى مصر، إعداد بشير صقر، (دراسة غير منشورة)، القاهرة، نوفمبر 2011.

(8) أحمد بهاء الدين شعبان، صراع الطبقات فى مصر المعاصرة: مقدمات ثورة 25 يناير 3011، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2012، ص:12.

(9) عريان نصيف، مصدر سابق، ص: 21.

(10) جريدة "البورصة"، 30 نوفمبر 2016.

(11) جريدة "الدستور"، 17 أكتوبر 2016.

(12) جريدة "الأهرام"، 5 نوفمبر 2016.

(13) جريدة "المصرى اليوم"، 29 نوفمبر 2016.

بطلاب الغربية وعمال المحلة وشباب الاسكندرية.

 

نبذة مختصرة عن الزراعة

التركيبة الاجتماعية والأوضاع الراهنة في الريف

$
0
0
التركيبة الاجتماعية والأوضاع الراهنة  في الريف

     سلسلة الأرض والفلاح   

        العدد رقم (70)

 


التركيبة الاجتماعية والأوضاع الراهنة

في الريف

 

 

إعـــــــداد

أ.د/ الخولي سالم إبراهيم الخولي

أستاذ علم الاجتماع الريفي - كلية الزراعة – جامعة الأزهر


القاهـــرة فـــى

يوليو2013

 

 

مركز الأرض : 76 شارع الجمهورية شقة 67 ـ الدور الثامن بجوار جامع الفتح ـ الأزبكية -القاهرة

      ت:27877014     ف:25915557 

lchr@lchr-eg.org:    بريد إلكترونىwww.lchr-eg.orgموقعنا على الإنترنت

http://www.facebook.com/pages/Land-Centre-for-Human-Rights-LCHR/318647481480115صفحتنا على الفيس بوك:  :

صفحتنا على تويتر : https://twitter.com/intent/user?profile_id=98342559&screen_name=lchr_eg&tw_i=321605338610688000&tw_p=embeddedtimeline&tw_w=321586199514976256

سكايب    :   land.centre.for.human.rights


الفهرس

 

تمهيد ....................................................

 

3 

اولاً: الأوضاع الراهنة بالريف المصري...

 

4

ثانياً: الفقر والجريمة..............................................

 

5

ثالثاً: البذخ والإسراف............................

 

8

رابعًا: العلاقات الاجتماعية

9

خامسًا: الشباب ومشاكله

10

سادسًا: السياسة الزراعية

11

سابعًا: التركيبة الإجتماعية في الريف المصري

13

 

 

 

 

 


تمهيد[1]:

يمثل المجتمع الريفي في مصر أهمية بالغة سواء من حيث عدد السكان حيث يعيش فيه حوالي 55% من إجمالي سكان مصر، وهو مصدر إنتاج الغذاء والمواد الخام التي تقوم عليها معظم الصناعات، كما أنه مصدر للقوى العاملة لكافة القطاعات، ولهذا كان من الضروري الإهتمام بالريف وتنميته، ولعل أحد مجالات ومداخل تنمية الريف الجهود التي يقوم بها مركز الأرض لحقوق الإنسان والذي يهتم بدراسة الريف ومشاكله من خلال عقد الندوات وورش العمل لتسليط الضوء على المشكلات المختلفة التي يعاني منها الريف المصري، وفي هذا الإطار تأتي هذه الورقة والتي تتناول "التركيبة الإجتماعية والأوضاع الراهنة في الريف" وذلك من حيث تشخيص الواقع المعاصر الذي تعيشه القرية المصرية خاصة بعد ثورة 25 يناير سواء من حيث: الأوضاع الإقتصادية بالريف الفقر والجريمة، الصحة والتلوث البيئي، البذخ والإسراف، العلاقات الاجتماعية، الشباب ومشاكله، السياسية الزراعية وإنعكاساتها على الريف.

ولقد ساهمت كل هذه الأوضاع الراهنة بالقرية في تغيير التركبية الإجتماعية فيها لأن التركيبة الإجتماعية تتشكل وتتكون في إطار الأوضاع القائمة، إن حال القرية المصرية اليوم يدعوا إلى مزيد من الدراسة والتشخيص والتحليل لرصد الظواهر الجديدة والغريبة عن القرية المصرية والتي عرفت بأصالتها وهويتها الثقافية المميزة لها على مر العصور، وفي ظل موجات التغير المتلاحقة التي أصابت القرية غيرت كثيراً من هذه الهوية، وأصبحت في شكل ماسخ لا طعم له ولا لون، فلاهي بقيت قرية كما هي، ولا هي أصبحت حضرية من كافة الجوانب والمظاهر، ولا يجب أن يقتصر الأمر على البحث والدراسة والتشخيص بل يجب أن توضع في بؤرة إهتمام السلطات بالدولة خاصة التنفيذية والتشريعية، من أجل وضع القوانين والتشريعات التي تعيد للقرية مكانتها وتضمن حقوق ومصالح الريفيين، والعمل على استكمال كل مقومات تنمية القرية المصرية لتعود إلى سابق عصرها قرية منتجة يسودها الحب والتعاون والسلام ليعم الخير على المجتمع المصري أجمع.

 


أولاً: الأوضاع الراهنة بالريف المصري:

1-    الأوضاع الاقتصادية: يمكن رصد عدد من الأوضاع الراهنة في المجال الاقتصادي هي على النحو التالي:

أ‌-  البطالة والتشغيل: يشهد الريف المصري تزايد أعداد العاطلين عن العمل في السنوات الأخيرة، خاصة من الشباب المتعلم، وذلك لأسباب عدة منها:

- تناقص مساحة الأرض الزراعية التي في حيازة الأسرة بحيث لم تعد تتناسب مع قوة العمل الزراعي، والتي كانت من قبل قادرة على استيعاب كل العمالة الأسرية ولهذا كانت معدلات البطالة في الريف أقل من الحضر.

- وقد زاد الطين بلة كما يقولون بعد ثورة 25 يناير حيث الهجمة الشرسة على الأراضي الزراعية وزراعتها بالمباني الخرسانية بدلاً من المزروعات، وجاء في بعض التقديرات أن مصر فقدت حوالي ربع مليون فدان تم البناء عليها أثناء وما بعد الثورة، ولازالت حركة المباني مستمرة إلى وقتنا الحالي في غياب تام للدولة.

- إنعدام أو قلة الاستثمارات الموجهة للريف لإقامة مشروعات قادرة على استيعاب العمالة، حيث أن معظم الاستثمارات كانت توجه إلى المدن الجديدة والمناطق الحضرية، وبالتالي حرم الريف من توفر مجالات لفرص عمل جديدة.

- خروج أعداد كبيرة من العاملين بالشركات والمصانع تحت مسمى المعاش المبكر بعد أن أغروهم بعدة آلاف من الجنيهات ذهبت في ظل الإرتفاع الجنوني للأسعار، دون استثمارها لتوفر له ولأبنائه فرص عمل، وبالتالي زادت معدلات البطالة.

- صعوبة الحصول على فرص عمل بدول المهجر سواء العربية أو الأوروبية بل شهدت السنوات الأخيرة الاستغناء عن أعداد كبيرة من العمالة المهاجرة لبعض الدول العربية خاصة من ليبيا في ظل ثورات الخريف العربي وليس الربيع، وتلويح بعض دول الخليج بطرد العمالة المصرية.

- تنامي الأنشطة الهامشية على حساب الأنشطة الإنتاجية حيث زاد التوجه إلى أعمال السمسرة والتجارة والمضاربة على الأراضي الزراعية، والتي تحقق مكاسب كبيرة للقائم بها دون أي إضافة حقيقية إلى الاقتصاد المصري ولهذا نجد أن رياح التحضر الزائف قد هبت على القرية المصرية، وانتشرت بها المحلات على اختلاف أنواعها. خاصة لبيع السلع الكمالية والترفيهية، وهو ما ساعد على تفريغ القرية من تراثها الثقافي المصري الأصيل، وأصبحت ممسوخة لا معنى لها ولا قيمة.

- كانت الزراعة والعمل بها هو الرباط المتين لأفراد الأسرة الريفية، بل بين أبناء القرية الواحدة، فمجال العمل واحد والاهتمامات مشتركة، وبالتالي زيادة الروابط وقوة الأسرة والمجتمع، لكن اليوم لم تعد الزراعة النشاط الاقتصادي الغالب، بل هجرها حتى من تربوا فيها، وتفرق أفراد الأسرة إلى مجالات ومهن مختلفة وهو ما أضعف العلاقات الإجتماعية بين أفراد الأسرة، وكذلك بين أبناء القرية الواحدة.

- أكذوبة الدولة في توجهها ودعهما للمشروعات الصغيرة والتي لا تتعدى مشروعات على الورق تعكس قيمة القروض التي تم دفعها لإقامة مشروعات صغيرة في كافة الأنشطة الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية، والتي لو تحققت بالفعل لاستوعبت أعداد كبيرة من العمالة وإمتصت أعداد العاطلين، لكن معظم هذه المشروعات وهمية ووجهت القروض إلى مجالات أخرى تماماً يعلمها المانحون لهذه القروض، حتى من صدق وأقام مشروع كان مصيره الفشل ودخل صاحبه السجن أو مازال مطارد نظراً لعدم وجود استراتيجية واضحة ومحددة للمشروعات الصغيرة في مصر.

ثانياً: الفقر والجريمة:         

يعاني الريف المصري دوماً من إرتفاع معدلات الفقر فيه أكثر من الحضر وذلك لأسباب عدة لا يتسع المجال لذكرها، وجاءت ثورة 25 يناير وتنفس الناس الصعداء وظنوا أن شعارات الثورة عيش حرية عدالة اجتماعية كفيلة بإخراجهم من دائرة الفقر والقهر الذي عاشوه وعانوا منه لسنوات طويلة، لكن حدث العكس حيث زادت دائرة الفقر واشتد طوق القهر، وتضاعفت معدلات الفقر وفقاً لأحدث الإحصائيات حتى وصلت في بعض محافظات الصعيد إلى حوالي 70%، ولاشك أن الفقر هو الباب الواسع للجريمة، وهذا ما حدث، فما تشهده القرية المصرية اليوم من شتى ألوان الجريمة، حتى أصبح القتل والتمثيل بالجثث أمر هين ومألوف بين الناس. وما أكثر مثل هذه الحوادث التي تناقلتها الأخبار وتبثها شاشات التليفزيون.

ناهيك عن جرائم السرقة بالأكراه والسطو المسلح الذي يقوم به بعض الشباب وخطف الأطفال والنساء وطلب الفدية، وجرائم الإتجار بالمخدرات والتعاطي، حيث تباع المخدرات عيانا جهاراً نهاراً بكافة أنواعها في القرى وعلى الطرق السريعة دون رادع من ضمير أو عرف أو قانون.

ويضاف إلى رصيد الجرائم جريمة التعدي على الأرض الزراعية بالبناء، وسرقة التيار الكهربائي ومياه الشرب، والتعدي على أملاك الدولة، وكلها جرائم تتم على مسمع ومرأى من الجميع، وذلك بسبب ضعف الدولة بل غيابها تماماً، وأصبح الأمر مستباح لكل شخص يفعل ما يشاء حيثما يشاء.

وقد كان الساسة والمحللون يحذرون قبل ثورة 25 يناير من ثورة الجياع، غير أن الثورة قامت ولم تكن ثورة جياع بل كانت ثورة على الظلم والاستبداد، واستبشر الجميع خيراً بالقضاء على الجوع والفقر والمرض ثالوث التخلف الذي يحاصر الريف المصري، لكن هذا لم يحدث، بل حدث العكس حيث بدأت بشائر ثورة الجياع في الظهور بسبب غياب الرؤية والقيادة الرشيدة والارتفاع الجنوني للأسعار، وغياب الأمن والرقابة على الأسواق، ولازال المناخ ملائم لظهور أشكال جديدة من العنف والجريمة كلما زادت حدة الفقر والجوع.

ولعل من أخطر ما يواجهه الريفيون ويزداد خطره النقص الشديد في مياه الري والذي أصبح يهدد زراعات كثيرة بالموت والجفاف، وقد كان رد فعل المزارعين شديد في بعض المناطق منها قطع الطرق والتعدي على المصالح الحكومية، وإذا كنا لا نؤيد مثل هذه التصرفات بأي حال من الأحوال، لكن يجب على المسئولين سرعة التحرك بوعى لمواجهة هذه المشكلة، أما سياسة الهروب والتهرب بين المسئولين فسوف يزيد الأمر تعقيداً، ولا ندري ما سوف تصل إليه الأمور مستقبلاً بعد الإنتهاء من بناء سد النهضة الأثيوبي حيث على ما يبدو أن نهضة مصر إتسع نطاقها حتى وصلت إلى أثيوبيا.

أن الوضع الأمنى في القرية اليوم أصبح في غاية السوء وبعد أن كان الريفيون يتركون ماكينات الري ومواشيهم في الحقول، لم يعد هذا الأمر قائما في ظل السرقات المتكررة بسبب الجوع والفقر والغياب الأمني، وأصبح على كل أسرة أن توفر الأمن والحماية لها ولممتلكاتها، وبالتالي ظهرت تجارة السلاح وأصبح الكثير من الريفيين لديهم أسلحة نارية على اختلاف أنواعها. وهو ما ساعد على كسر حاجز الخوف وشجع على الاستخدام المفرط للقوة، وخرجت الأمور حتى عن سيطرة المجالس واللجان العرفية التي كانت كافية لحل المشكلات والصراعات التي كانت سائدة في القرية المصرية.

الصحة والتلوث البيئي:        

من المفترض أنه مع التقدم الصحي تنخفض معدلات الإصابة بالأمراض خاصة في الريف، لكن ذلك لم يحدث (على الرغم من إرتفاع العمر المتوقع عند الميلاد لكل من الذكور والإناث) حيث زادت الأمراض خاصة أمراض إلتهاب الكبد الوبائي (فيروس C)، والفشل الكلوي، وأمراض السرطان وأمراض الجهاز التنفسي، والضعف الجنسي وغيرها من الأمراض حيث سجلت مصر المرتبة الأولى على مستوى العالم في الإصابة بها، وترتفع نسب الإصابة بهذه الأمراض بالريف أعلى من الحضر، ولعل أحد أسباب إرتفاع معدلات الإصابة بهذه الأمراض ناتج عن التلوث البيئي بكافة صوره وأشكاله في الريف المصري، خاصة المجاري المائية من الترع والمصارف والتي أصبحت المكان المفضل للتخلص من الحيوانات والطيور النافقة، وصرف مجاري البيوت فيها، وإلقاء علب المبيدات الفارغة وغيرها من المخلفات، حتى أصبحت مصدر للإصابة بالعديد من الأمراض، ولعل المسئولية في ذلك مشتركة بين الريفيين والمسئولين سواء من حيث انخفاض الوعي البيئي لدى الريفيين بخطورة مثل هذه الممارسات، وعدم توفر البدائل لديهم للتخلص من المخلفات، ثم غياب الرقابة الحكومية بل إنتهاء دور الدولة خاصة بعد ثورة 25 يناير والغياب الكامل للدولة في كافة مناحي الحياة.

ثم التلوث الناتج عن الإفراط في إستخدام المبيدات والأسمدة الكيماوية والمخصبات ومنظمات النمو والهرمونات حيث أصبحت الزراعة المصرية حقل تجارب ومستباحة لاستخدام العديد من المبيدات المحرمة دولياً، وقد تزايد ذلك أيضا في ظل الغياب الكامل لدور الدولة بعد ثورة 25 يناير من الرقابة على أسواق الاتجار في مستلزمات الإنتاج الزراعي، ونتيجة لذلك زادت الأمراض الخطيرة وأصبحت تهدد صحة المصريين، إضافة إلى التأثير السلبي على الصادرات المصرية من الخضر والفاكهة بسبب تجاوز الحدود المسموح بها في نسب المتبقيات من المبيدات والأسمدة الكيماوية، ولو أفرطنا في الحديث عن التلوث وصوره ومصادره في القرية المصرية والآثار المترتبة عليه لاحتاج الأمر إلى جلسات وجلسات، ولكن تلك لمحة سريعة عن التلوث البيئي في القرية المصرية وأثره على صحة الريفيين.

إن جزء من مصادر تلوث البيئة الريفية يرجع إلى أساليب التخلص من المخلفات الزراعية والتي تكون إما بالحرق أو الرمى في المجاري المائية أو غيرها، على الرغم أن هذه المخلفات ثروة قومية لو أحسن استخدامها وتدويرها، لإنتاج أسمدة عضوية (الكمبوست) بدلا من الإفراط في إستخدام الأسمدة الكيماوية مرتفعة الثمن وتسبب أضرار صحية كبيرة، كذلك إنتاج أعلاف غير تقليدية مثل السيلاج وغيره، وكل ذلك من السهل أن يقوم به المزارع المصري وبأقل التكاليف ولكن غياب الرؤية وضعف الإرادة، وسوء الإدارة هما السبب في ذلك، على الرغم من توفر كل مقومات الإستفادة من المخلفات وتدويرها، بما يقلل من مصادر تلوث البيئة، ويحقق عائد مادي عالي للمزارع.


ثالثاً: البذخ والإسراف:

هناك ملاحظة هامة خرجت بها من معايشة المجتمع المصري بصفة عامة وهي أنه مجتمع التناقضات، حيث أنه من المفترض مع إرتفاع معدلات الفقر أن يزداد الترشيد في الاستهلاك والحد من البذخ والإسراف، لكن وما يحدث هو العكس، ويكفي دليلاً على البذخ والإسراف في القرية ما يحدث في الأفراح والمآتم، حيث المغالاة الشديدة في المهور وتكاليف الزواج، وتبدأ بالشبكة والتي يشترط فيها عدد من الجرامات ليس بقليل، ثم تكاليف الخطوبة من طعام وشراب ومسرح وفرقة وأنوار وزينات، وتجهيز المسكن وجهاز العروسين، والذي فاق كل ما يتخيله عاقل، فغسالات الملابس الأوتوماتيكية والعادية وغسالة الأطفال، والأثاث أقله ثلاث غرف وقد يصل إلى الست غرف، والمفروشات والملابس تكفي لفتح محل وليس فرش شقة عروسة، وصولاً إلى ليلة الزواج حيث تقام الموائد وتعلق الزينات ويحجز الاستوديو والكوافير، والفرقة الغنائية وكلها تكاليف باهظة وبذخ وإسراف ليس له علاقة بشرع أو دين ولكنه تسلل إلى ثقافتنا المصرية عبر بوابة الهجرة الخارجية والعودة بأموال طائلة في أيدي الكثير ممن لم يكن لهم قيمة أو وزن في مجتمعهم، وأرادوا الرفعة وعلو المكانة من خلال المظاهر والتظاهر، وتبعهم في التقليد باقي أفراد المجتمع حتى أصبحت كل مظاهر الإسراف والبذخ جزء من ثقافة المجتمع الريفي، حتى بعد أن جفت منابع الهجرة الخارجية، إلا أن تبعات البذخ والإسراف لازالت مستمرة، ولو أن جزء من تحويلات العاملين بالخارج تم توجيهه إلى أنشطة استثمارية واقتصادية لعادت بالخير الوفير على أصحابها وعلى المجتمع أجمع، لكن غياب الرؤية، والتخطيط الجيد جعل المغارم الاجتماعية والقيمية التي لحقت بالمجتمع المصري عامة والريفي منه خاصة أكبر بكثير من المغانم الاقتصادية التي حققتها، ناهيك عن ما أحدثته الهجرة الخارجية للريفيين من إعادة تشكيل التركيبة الاجتماعية للقرية المصرية، وسوف يتم إلقاء الضوء على هذه الملاحظة في الجزء الأخير من هذه الورقة.

أما عن البذخ والإسراف في المآتم فقد يكون أقل إلى حد ما عما يحدث في الزواج والأفراح، ولكن هناك بعض القرى لازالت تحرص على إقامة سرادقات العزاء، وتحضر المقرئيين، وتذبح الذبائح، أو يصنع اهل القرية الطعام (الصواني) وقد يستمر العزاء أيام، والكثير من هذه الطقوس والممارسات ليس لها أصل في شرع أو دين، ولكنه يندرج تحت أبواب التقليد والمظاهر المزيفة.


رابعًا: العلاقات الاجتماعية:

لقد كان أهم ما يميز القرية المصرية قوة العلاقات الاجتماعية بين أفرادها، حتى تشعر بأن القرية أسرة أو عائلة واحدة، كلهم على قلب رجل واحد، متعاونين متماسكين في كل المواقف والأزمات، تضيق بينهم الفوارق والمسافات حتى بين الأغنياء والفقراء من أبناء القرية، يراعون مشاعر ومصالح بعضهم البعض، ويدعمون هذا التماسك والتربط بعلاقات العمل (المزاملة) والمشاركة في المشروعات والآلات، ثم روابط النسب والمصاهرة، وبالتالي إمتزجت علاقات المصالح بعلاقات الدم والمصاهرة وقد تجسدت كل هذه المعاني والعلاقات القوية في استحالة أن تجد عرس ومآتم في يوم واحد بالقرية، بل يؤجل العرس إلى ما بعد الأربعين مراعاة لمشاعر الآخرين، لكن ما تشهده القرية المصرية هذه الأيام أمر غريب ولافت للإنتباه، حتى أصبح يصعب ملاحقة سرعة هذه التغيرات التي لحقت بالقرية، ولا الآثار المترتبة عليها.

لقد أصبح اليوم من الشائع والمألوف أن تجد مسرح العروس يبعد أمتار قليلة عن سرادق العزاء في نفس الشارع، بل ربما في نفس العائلة، ويخرج الناس من أداء واجب العزاء إلى تكملة السهرة والسمر في حفل الزفاف، أي قوة تغيير هذه قلبت الموازين وغيرت من نوع وشكل العلاقات الاجتماعية بالقرية المصرية بل حتى في الأسرة.

وإن كان ذلك على مستوى القرية فالوضع أشد على مستوى الأسرة فبعد أن كان الأب في الأسرة الريفية هو من يملك مقاليد القوة والنفوذ على باقي أفراد الأسرة، وذلك بسبب حاجتهم إليه، ولا يستطيع أحد خاصة من الأبناء الخروج على أمره وعصيان أوامره، إنقلبت الأوضاع خاصة بعد التحرر الاقتصادي للأبناء بعيداً عن الأسرة، فمن هاجر وعمل بالخارج عاد بالأموال ليبني بيتا مستقلاً بعيداً عن الأسرة، وليس للأب أو غيره سلطان عليه بل هو حر في إتخاذ قراراته بعيداً عن الأسرة، وهو ما أدى إلى ضعف علاقات الترابط داخل الأسرة كما أن عدوى التقدم في وسائل الاتصال والتقنيات الحديثة وصلت إلى القرية والأسرة الريفية فبعد أن كان الود والتواصل والتزاور والمشاركة بين الريفيين هو السمة الغالبة على حياتهم في المناسبات وغير المناسبات، تبدل الوضع وغلبت المصالح الشخصية والنزاعات الفردية وتقطعت أواصر التواصل والتزاور وإكتفى باستخدام وسائل الاتصال سواء بالتليفون أو الفيس بوك وغيرها من التقنيات الحديثة في الاتصال ولاشك أن هذا التواصل لا يرقى في قوته ومضمونه إلى الاتصال المباشر والتزاور والمشاركة لبعضهم البعض.


خامسًا: الشباب ومشاكله:

الشباب هم الثروة التي تمتلكها أي امة تسعى إلى الرقي والانطلاق شريطة أن تحسن إستثمار هؤلاء الشباب من حيث تعليمهم وتدريبهم وإعدادهم ليكونوا مواطنين صالحين، ورغم كل المشاكل التي يعاني منها الشباب المصري بصفة عامة والريفي منه بصفة خاصة إلا أنه أذهل العالم أجمع بثورته العظيمة التي قام بها في 25 يناير، والتي استطاع بعبقريته إستخدام أدوات التواصل الإجتماعي الحديثة ليحشد نفسه ويصمد حتى أجبر النظام القائم على السقوط، وتوقع الجميع أن مصر قد تحررت من قيود الذل والظلم وسوف تبدأ عهداً جديداً من الديمقراطية والإنطلاق نحو مستقبل أفضل غير أن ذلك لم يتحقق منه شيء، وأصبحنا نعيش في نفق مظلم لا نعلم له نهاية.

والشباب في القرية المصرية ليسوا أحسن حظاً من غيرهم حيث تزداد معاناتهم من مشكلات البطالة والفقر وإرتفاع الأسعار وعدم القدرة على الزواج وتكوين أسرة، وهو ما أضعف من إنتمائهم للمجتمع، وفضل البعض منهم خوض تجربة الهجرة غير الشرعية إلى بلدان أوروبا هروباً من الواقع الأليم والمستقبل المظلم حتى ولو كان ثمن ذلك المغامرة بحياتهم وهذا ما حدث للكثير منهم حيث مات غرقاً في عرض البحر، ولاشك أن جزء من المسئولية في ذلك تقع على عاتق الدولة والتي عجزت أن توفر الحياة الكريمة لهؤلاء الشباب في بلدهم وقراهم.

أن واقع الشباب في القرية المصرية يدعوا إلى الأسى نتيجة حالة الضياع التي يعيشها، فلا عمل يرتزق منه ويضمن له الحياة الكريمة، ويشغل فيه وقته، ولا مراكز شباب قادرة على استيعاب كل الشباب المتعطل لتفريغ طاقاتهم في أنشطة رياضية أو ثقافية، ولا مجتمع قادر على إحتضان هؤلاء الشباب وتعويضهم كما يحدث في البلدان الراقية والمتقدمة، وبالتالي لم يجد الشباب أمامه غير الانحراف بصوره وأشكاله المتعددة، فتجارة المخدرات والحبوب المنشطة أصبحت تباع جهاراً نهاراً في القرى وعلى الطرق الرئيسية، والقهاوي ومحلات البلايستشين تعمل على مدى 24 ساعة ويسكنها البعض من هؤلاء الشباب، وجرائم الخطف والاغتصاب والسرقة والتحرش والتي كانت غريبة على القرية المصرية أصبحنا نسمع ونقرأ عنها كل يوم تحدث في القري المصرية من أقصى الجنوب إلى الشمال، ومن حصل منهم على قرض من أي جهة من الجهات المانحة للمشروعات الصغيرة فشل مشروعه ودخل السجن أو مهدد بدخوله لتعثره في سداد القرض، إن هذا الوضع لا يبشر بخير أبداً، وسوف يكتوى الجميع بنار هؤلاء الشباب الضائع، وتتحمل الدولة المسئولية كاملة عن ضياع هؤلاء الشباب.

سادسًا: السياسة الزراعية:

منذ ثمانينات القرن الماضي وتخرج علينا وزارة الزراعة المصرية بما يسمى باستراتيجية وزارة الزراعة أولها كان في الثمانينات، ثم في التسعينات، ثم حتى عام 2017، وأخيراً استراتيجية الوزارة حتى 2030، والحقيقة أن خيرة علماء مصر في الزراعة شاركوا في وضع هذه الاستراتيجيات ولكن للاسف جميعها لا تعدو حبراً على ورق، ولم تحقق أي من هذه الاستراتيجيات أكثر من 20% من المستهدف منها، وكانت النكبة الكبري على الزراعة المصرية مع سياسات التحرر الاقتصادي والتكيف الهيكلي والتي أضرت بالزراعة المصرية أكثر من إفادتها. ويكفي دليلا على ذلك تدهور المساحة المنزرعة والإنتاجية من أهم محصول زراعي هو القطن الذي كان يسمى بالذهب الأبيض.

إن الزراعة والتي كانت عمل أصيل يفتخر به كل من كان يعمل بها، والأرض الزراعية التي كانت تحتل سلم القيم الاجتماعية لدى الريفيين حتى شبهوها بالعرض "الأرض زي العرض" اللي يفرط في أرضه يفرط في عرضه" تغير كل ذلك وأصبحت الزراعة اليوم طاردة حتى للمزارعين الأصليين، وذلك لأسباب عديدة يأتى في مقدمتها فشل السياسات الزراعية على مدى عقود طويلة في أن تجعل المزارع الصغير بؤرة إهتمامها وهم القاعدة العريضة، بل عانى المزارع في ظل هذه السياسات والتي جاءت كلها لتعمل ضده وفي غير مصلحته وأصبح العمل بالزراعة غير مربح بالمرة في ظل زيادة تكاليف مستلزمات الإنتاج الزراعي ودون أن يقابلها زيادة في سعر بيع المنتجات الزراعية وإن حدث يستفاد منه بالدرجة الأولى التجار والسماسرة وما أكثرهم بسبب تدمير التعاونيات الزراعية والتي كانت بيت الأمن والأمان للمزارع المصري على مدى عقود طويلة.

لقد أصبح المزارع في ظل هذه الأوضاع والسياسات مهدد بالسجن نتيجة الديون لبنوك التنمية، أو الجوع هو وأسرته لتدني العائد من الإنتاج الزراعي، ولهذا أصبح من السهل عليه ترك العمل بالزراعة لأي عمل آخر، بل والتفريط بالأرض الزراعية وبيعها وإستثمار سعرها في أي مشروع آخر يدر عليه دخل أكبر.

لقد كان المزارع المصري في الماضي حريص كل الحرص أن يزرع أرضه بمحاصيل الحبوب حتى يحقق الأمن الغذائي لأسرته على مدار العام ولكن في ظل سياسة التحرر الاقتصادي أصبح المزارع حر في زراعة المحصول الذي يحقق له أعلى عائد من الربح، ولماذا يزرع القمح وتقوم زوجته بالخبيز في البيت والأفران التي تبيع الرغيف المدعوم موجودة الآن في كل القرى المصرية، وبالتالي يرى انه من الأفضل أن يزرع أي محصول آخر، وقد وصل الأمر في ظل هذه الحرية إلى حيرة المزارعين في إختيار المحاصيل التي يزرعونها.

وإذا كنا بصدد الحديث عن الزراعة ومشاكلها فللا يمكن إغفال الكارثة الكبري المنتظرة والتي تهدد الزراعة المصرية، وهي كارثة مياه الري والتي بدأت بشائرها في الظهور مع زراعة الموسم الصيفي لهذا العام حيث النقص الشديد في مياه الري فكيف يكون الحال؟ وكيف يمكن التعامل مع هذه الكارثة والتي تشير بعض تقديرات الخبراء إلى تهديد حوالي نصف المساحة المنزرعة في مصر بالتصحر والجفاف، إن الكارثة كبيرة، والآثار السلبية المتوقع أن تنجم عنها فادحة، ومع ذلك يتسم التعامل الوطني معها حتى على مستوى رئاسة الجمهورية بالسذاجة حتى أن أول تصريح صدر عن رئاسة الجمهورية أن سد النهضة الأثيوبي لن يؤثر على مصر وأمنها المائي وذلك بناء على تصريحات وتطمينات من الحكومة الأثيوبية للحكومة المصرية إن هذا الأمر خطير ويهدد أمن واستقرار المجتمع المصري كله ويجب التحرك وبسرعة لوقف هذا الخطر.


سابعًا: التركيبة الإجتماعية في الريف المصري:

لكل مجتمع تركيبته الإجتماعية الخاصة به والتي تميزه عن غيره من المجتمعات وهي نتاج لأوضاع كثيرة إجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية ودينية تمتزج مع بعضها البعض لتشكل تركيبة المجتمع ومن هذا تشكلت التركيبة الاجتماعية للقرية المصرية متضمنة عدد من الطبقات الاجتماعية كان المحدد الرئيسي في تشكيلها عاملين أساسيين هما ملكية الأرض الزراعية والانتساب إلى عائلة، ورغم ذلك كانت الفوارق بسيطة بين الطبقات الاجتماعية في الريف، وكانت شبه جامدة حيث يصعب الانتقال من طبقة إجتماعية إلى طبقة إجتماعية أخرى بسبب المحددين الرئيسيين للوضع الطبقي (الأرض الزراعية والعائلة) وفي ظل هذا الوضع الطبقي يعرف كل شخص في المجتمع الريفي وضعه ودوره ولا يستطيع أن يتعدى حدوده، وعاشت القرية في سلام وأمان.

غير أن رياح التغيير التى هبت على القرية المصرية أصابت ضمن ما أصابت التركيبة الإجتماعية فتحولت وتبدلت وأصبحت الأن لا شكل لها ولا لون ويصدق عليها المثل القائل "القوالب نامت والإنصاص قامت" ولعل ما سبق الإشارة إليه من الأوضاع الراهنة في القرية المصرية سواء الاقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقافية كانت سبباً في تغيير شكل التركيبة الإجتماعية للقرية المصرية ويمكن رصد عدد من مظاهر تغير التركيبة الإجتماعية في الريف المصري هي على النحو التالي:

- إتساع المسافة بين الطبقات الإجتماعية في الريف وزيادة عددها، وأصبح التدرج الطبقي في الريف يشبه إلى حد كبير التدرج الطبقي الإجتماعي في الحضر من حيث عدد طبقاته الإجتماعية، وإتساع المسافة بين الطبقات.

- لم تصبح ملكية الأرض الزراعية والانتساب لعائلة معينة الأساس في تحديد الوضع الطبقي بل دخلت محددات جديدة أهمها حجم الثروة المادية لدى الشخص والتي حصل عليها بأي طريق شرعي أو غير شرعي وإمتلاك المشروعات والتعليم وشغل المناصب القيادية، والعمل بالسياسة وحالة المسكن وإمتلاك وسائل الترفيه والسيارات الخاصة.

- ضعف الروابط والعلاقات الماسكة للتركيبة الإجتماعية نظرا لإعلاء المصالح الشخصية والنزاعات الفردية على مصلحة الجماعة والعائلة، ولم يعد لكبار السن نفس القدر من الاحترام والتقدير الذي كانوا يلقونه من قبل، وكثرت الخلافات والمشاحنات حتى داخل الأسرة الواحدة والعائلة، وضعفت آليات الضبط الإجتماعي غير الرسمي (لجان المصالحات).

- أصبحت بعض القرى المصرية جاذبة لأعداد من المهاجرين من المدن القريبة منها نظراً لإرتفاع إيجارات المساكن بالمدن مقارنة بالريف، مع توفر الكثير من الخدمات بهذه القرى، وقد أدى ذلك إلى حدوث مزج ثقافي بين الريف والحضر، وبدت على القرى مظاهر التحضر المزيف، وأخرج القرية عن هويتها الثقافية المعروفة عنها حيث أصبح الكثير من الريفيين يقلدون الوافدين من الحضر في بعض سلوكياتهم وتصرفاتهم والتي لا يتناسب البعض منها مع ثقافة الريف.

- لعل من العوامل التي ساعدت على إضعاف التركيبة الإجتماعية بالريف تحرر الشباب من سيطرة الأسرة خاصة في الإختيار الزواجي، والذي كان يتم من داخل العائلة، أو حتى من العائلات الأخرى بالقرية، وهو ما كان يدعم الروابط ويقوى من التركيبة الإجتماعية بعلاقات النسب والمصاهرة إضافة إلى علاقات الدم، وأصبح الزواج الخارجي سواء من خارج العائلة أو من خارج القرية هو السمة الغالبة للإختيار الزواجي.

- لعل من أهم مظاهر تفكك التركيبة الإجتماعية في الريف أيضا تفكك الأسرة الممتدة والتي كانت النوع الغالب للأسرة الريفية وظهور وإنتشار الأسر البسيطة (النووية) حيث إستقلال الأبناء بعد زواجهم في أسر خاصة بهم، بل ربما في مسكن خاص بعيد عن بيت العائلة، إن لم يكن في بعض الأحيان خارج القرية والإقامة في المدينة.

القرية المصرية متدينة بطبيعتها سواء من يدين منهم بالدين الإسلامي أو الدين المسيحي، وتشعر أن تدين الريفيين بالفطرة، غير أنه مع ظهور التيار الإسلامي ووصوله إلى الحكم كان له تأثير واضح في القرية المصرية، وذلك بسبب عشق الريفيين للدين، وبالتالي اللعب على وتر ومشاعر الدين يلقى قبول جارف لدى الريفيين خاصة في المناطق الفقيرة والتي ترتفع فيها نسبة الأمية والجهل واستغلت المساجد في هذا الإطار، غير أنه في بعض القرى التي بها نسبة عالية من التعليم والوعى تم التصدي لهذه التيارات، ونشبت الخلافات والصراعات، والتي أثرت سلباً على قوة العلاقات الإجتماعية بالقرية، ويتطلب الأمر إبعاد المؤسسات الدينية (المساجد –الكنائس) عن الصراعات السياسية، فالدين أرقى وأنقى من أن يزج به في صراعات سياسية لتحقيق مصالح شخصية ودنيوية، وأصبحنا اليوم نرى قرى غلب عليها التيار الإسلامي وقرى أخرى هي متدينة بطبيعتها وربما فهمها للدين أصح من غيرها ولكنها تتصدى لمحاولات إقحام الدين في السياسة.

إنه على مر الزمان والعصور يعيش في كثير من القرى المصرية المسلمون والأقباط جنبا إلى جنب تربطهم علاقات الحب والتسامح والتعاون، تتجسد فيهم روح الوحدة الوطنية الحقيقية بكل معانيها وصورها، وشكل نسيج القرية وتركيبتها الإجتماعية على هذا الأساس، إلا أنه في السنوات الأخيرة وخاصة بعد ثورة 25 يناير بدأت تطل برأسها القبيحة الفتنة الطائفية، ويغذيها بعض التيارات المتطرفة والمتشددة من الجانبين وهو أمر خطير لن يؤثر على التركيبة الإجتماعية بالقرية، بل على أمن وسلامة المجتمع المصري عامة، ويجب أن يعلو صوت العقل والحكمة في وأد هذه الفتنة قبل ظهورها.


 

سلسة " الارض والفلاح "00000 تعمل عل

زيادة الوعى بأوضاع حقوق الفلاحين فى الريف المصرى ،والمساهمه

فى تحسين تلك الاوضاع ،وتحاول ان ترصد أهم الانتهاكات التى

تتعرض لها حقوق الانسان فى الريف المصرى ، وأن تبين الاسباب

المختلفة التى تقف وراء تلك الانتهاكات ، كما تحاول السلسة الكشف

عن رؤى واحتياجات الفلاحين فى الريف والمساهمة فى رفع وعيهم 0

 

 

صدر من هذه السلسلة :

  1. من يفض الاشتباك فى جنوب مصر 0 "حكاية الإبن الطيب توماس"
  2. منازعات الأرض فى ريف مصر 0
  3. أحوال الفلاحين فى ريف مصر          عام 1998 م
  4. اوقفوا حبس الفقراء000نحو إسقاط الديون الغير مستحقة على الفلاحين 0
  5. أحداث العنف ،وأوضاع الفلاحين فى الريف المصرى0فى النصف الأول من عام 1999م0
  6. قصــة نجــع العـــرب "كارثة الموت فجأة "
  7. منازعات الفلاحين ضحايا ،وانتهاكات النصف الثانى من عام 1999 م0
  8. أزمة المياه فى مصر 0
  9. حقوق الفلاحين فى مصر "قضايا غائبة "  فى النصف الأول من عام 2000 0
  10. أنهيار دخول الفلاحين والتعدى على حقوقهم 0
  11. أثار قانون تحرير الأراضى الزراعية على الأوضاع التعليمية فى ريف مصر 0
  12. حقوق الفلاحين بين دعاوى الاصلاح وأوهام السوق
  13. الفلاحة المصرية أوضاع متدنية ومصير مجهول
  14. الأوضاع الصحية فى الريف المصرى أوضاع تحتاج لعلاج
  15. قانون الارض واثره على اوضاع السكن فى ريف مصر
  16. أثر القانون 96 على ااوضاع الفلاحين فى الريف المصرى.
  17. اوضاع الفلاحين وقطاع الزراعة فى ظل العولمة
  18. اوضاع المزارعات فى مصر بعد تطبيق قانون الارض "دراسة حالة قرية العمارية الشرقية"
  19. أثر  القانون 96 لـ92 على اوضاع الفلاحين فى ريف مصر الجزء الثانى
  20. بنك التنمية بين الفساد وسياسات افقار الفلاحين
  21. أحوال المزارعات فى ريف مــصردراسة حالة لعزبة رمزى السبيل- محافظة الشرقية
  22. فى أرضنا يموت البرتقال أوضاع الفلاحين فى الريف المصرى
  23. أحوال المزارعات فى ريف مصر " دراسة ميدانية لمركز الارض"
  24. ادارة الارض الزراعية بمن ولمن ؟000الارض ان ماغنتكش تسترك
  25. مشكلات الفلاحين فى ريف مصر عام 2003 
  26. فقد الارض الزراعية والعنف فى الريف  المصرى –دراسة حالة لقريتين
  27. اهدار الأراضى الزراعية  فى مصر وانتهاك حقوق الفلاحين الزراعة مصدر الحياة  ( دراسة حالة لخمس قرى مصرية)
  28. السيد رئيس الجمهورية من يقاوم الجراد الاحمر قبل أن يلتهم أرغفة الفقراء  وزرع الفلاحين ومواردنا الطبيعية
  29. المرأة والارض والعنف فى الريف المصرى " صفط العرفا قرية تبحث عن النور"
  30. المياه مصر الحياة
  31. ماذا جري في الريف المصري عام 2004
  32. مشكلات المياة في الريف المصري"دراسة حالة لقريتين
  33. شكاوي الفلاح الفصيح لوالي مصر عام 2005
  34. زراعات التصدير واتفاقيات التجارة وسياسات السوق الحرة تؤدي لخراب  بيوت الفلاحين2006
  35. أزمة أنفلونزا الطيور فى مصر2006
  36. الحمي القلاعية وباء يهاجم العالم  بين الحين والاخر  .2006
  37. الجانب الزراعى فى منظمة التجارة العالمية  2006
  38. القطاع الزراعى وبرامج التحرر الاقتصادى          مارس 2007
  39. مقتل 92 وأصابة 257 والقبض على 465 فلاح "العنف ومنازعات الأرض وإهدار أمان الزراعة للفلاحين عام 2006            مارس 2007
  40.  الأمن الغذائى .. البعد الغائب الحاضر فى حياة الفلاحين                                  مايو 2007

                                           41-  اتفاقية المشاركة المصرية الاوروبية ( الزراعة ... الفرص والتحديات                يونيو 200

42. قرية الحرية بين فقر الخدمات والبطالة و غياب العدالة                          نوفمبر 2007

43.  أزمة الأسمدة فى مصر ( المشكلة والحل )                                         نوفمبر 2007

44- أوجاع الزراعة والفلاحين فى مصر

مقتل 126 و إصابة 445 والقبض على 634 فلاح  خلال عام 2007           يناير 2008

45- المبيدات فى مصر بين سندان السياسة ومطرقة المصالح                    مايو 2008

46- الاوضاع الصحية فى الريف المصرى                                            يونيو 2008

47- المياه فى مصر بين واقع اليم ومستقبل خطير                                 سبتمبر 2008

48- تداعيات الأزمة المالية العالمية على الغذاء في مصر                      مارس 2009

(الواقع والتحديات والآفاق المستقبلية)

49- سياسات البنك الدولي في مصرتاريخ من المؤامرات الزراعة نموذجا  مارس 2009

50- أثر السياسة الإئتمانية الزراعية على القطاع الزراعى المصرى                     ديسمبر 2009

51- رياح التغير فى العالم هل سقطت الحكومة المصرية فى اختبار تجاوز الأزمة      مارس 2010

   منازعات الأرض خلال عام 2009مقتل 151 فلاحاً وإصابة 899 مواطناً

      وحبس 1204 آخرين

 52- دراسة مقارنة عن آثار اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية على حقوق صغار الفلاحين  مارس 2010

53- التغيرات المناخية وآثارها على العائد الفدانى للمنتجين الزراعيين                  يونيو 2010

 ) رؤية مستقبلية لعام 205)

54- التوسع الافقى اضافة ام اهدار ( رصد لأهم مشكلات المجتمع المصرى ودور    يوليو 2010

مشروعات التوسع الافقى فى حلها                                                               

55- رؤية الخبراء..... الفلاح ـ البنك ـ الزراعة والفرصة الأخيرة                           يونيو 2010

56- منازعات الأرض خلال النصف الأول من عام 2010مقتل 130  فلاحاً

وإصابة 850 مواطناً وحبس 1234  آخرين                                                    يوليو 2010

57- مياه نهر النيل والعطاشى فى مصر                                                      سبتمبر 2010

58- سيناريوهات حول مستقبل العمالة الزراعية فى مصر                               سبتمبر 2010

59- حول عمالة الاطفال والنساء فى الريف                                     اكتوبر 2010

60- حقوق الفلاحين المصريين                                                                           نوفمبر 2010

61- جرائم الريف والضحايا الفقراء حول الأرض والرزق والشرف  خلال النصف الثانى من

عام 2010  مقتل 167 فلاحاً وإصابة 1285 مواطناً وحبس 1987 آخرين            يناير 2011

62- بنك الفساد والظلم وسرقة عرق الفلاحين  المسمى بنك التنمية والائتمان الزراعى   فبراير 2011

63- الحالة الصحية فى الريف المصرى –الوقاية والعلاج                                   مارس 2011.

64- مشكلات السكن فى الريف المصرى                                                        مارس 2011

65- الارض الزراعية الفرص الضائعة والامل المنشود                                      يونيو 2011

66- نهضة الزراعة المصرية فى ظل الازمة الاقتصادية الراهنة                           مايو 2012

68- الموارد الزراعية والاستفادة القصوى منها                                               أكتوبر 2012

69-نبذة مختصرة عن الزراعة المصرية                                                  فبراير 2013

 

 

 

مركز الأرض لحقوق الإنسان

 

 

 

 

 

 

 

 


مركز الأرض لحقوق الإنسان مؤسسة لا تهدف إلى الربح

أنشىء فى ديسمبر عام 1996

لماذا مركز الأرض

 أنشئ مركز الأرض للدفاع عن قضايا الفلاحين والريف المصري من منظور حقوق الإنسان، بعد     أن تبين لمؤسسي المركز خلو  ساحة العمل الأهلي في مصر من المنظمات التي تعمل في هذا المجال. ومن بين القضايا والاحتياجات الحقيقية التي دفعت في اتجاه إنشاء المركز:

-معالجة عدم التوازن في الاهتمام بحقوق الفلاحين والمسألة الزراعية في مصر وتصحيح المسار في ظل الأوضاع الجديدة المتعلقة بتحرير سوق الأرض والأسعار مع دراسة أثر ونتائج هذه السياسات على حياة الفلاحين والاقتصاد الزراعي .                           

-عدم وجود بنية تشريعية تنظم أوضاع العاملين في قطاع الزراعة، وبالتالي تعرضهم لانتهاكات عديدة شبه يومية، سواء على صعيد حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية أو على صعيد الحقوق المدنية والسياسية.                          

 - اتساع الفجوة بين الريف والحضر في مصر، خاصة على صعيد الخدمات، مما يجعل قطاعاً عريضاً من سكان الريف عرضة لانتهاكات مضاعفة بسبب تردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

- تفاقم مشكلة عمالة الأطفال في الريف في القطاع الزراعي أو غيره من القطاعات، وزيادة معدلات الأمية والتسرب من المدارس بينهم.

- الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة الريفية، على صعيد الأسرة والعمل، أو بسبب الأوضاع الاجتماعية العامة.

مجالات عمل المركز:

-الدفاع عن  الفلاحين والعمال الزراعيين بسبب أوضاع العمالة الزراعية الدائمة والمؤقتة الناجمة عن غياب التنظيم القانوني، وخاصة فيما يتعلق بعقود العمل والإجازات واللوائح التي تنظم حقوقهم وواجباتهم.

 - دعم وتشجيع دور التنظيمات النقابية والتعاونيات والجمعيات والروابط الفلاحية.

- مواجهة ظاهرة عمالة الأطفال من حيث أسبابها ومظاهرها وآثارها من منظور حقوق الطفل.

- العمل على تمكين المرأة الريفية، وخاصة العاملات في قطاع الزراعة، لمواجهة الانتهاكات التي تتعرض لها بسبب وضعها النوعي والاجتماعي.

- الدفاع عن البيئة الزراعية وبيئة المجتمع الريفي ضد مخاطر التلوث، وتوعية الفلاحين بقضايا التلوث البيئي.

أهداف المركز

-المساهمة في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلاحين في ريف مصر .

-رصد انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث داخل القرية المصرية وخاصة المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

-تنمية وعى المواطنين بنشر ثقافة حقوق الإنسان وتشجيع  العمل المشترك والتنسيق بين مؤسسات المجتمع المدني ودعم استقلالها وتعزيز قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان .

المساهمة في صياغة برنامج الإصلاح الاقتصادي الزراعي في مصر بحيث يكفل للفلاحين حقوقهم ويؤمنهم في زراعة أراضيهم..

 الكشف عن رؤى واحتياجات الفئات المهمشة والفقيرة في مصر وأشراكهم في صناعة القرار وصياغة البرامج التي تطبق عليهم

آليات عمل المركز:

-تقديم المساعدة القانونية للفلاحين في القضايا ذات الصلة بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية أو المدنية والسياسية.

-إصدار التقارير والدراسات والبيانات لكشف الانتهاكات التي يتعرض لها الفلاحون والريف المصري.

- تنظيم دورات تدريبية وإصدار المطويات من أجل تنمية وعى المواطنين في القرية المصرية بالحقوق المتعلقة بقضاياهم.

-  تكوين شبكة من المتطوعين والمهتمين والنشطاء لدفع العمل الأهلي والتطوعي في مجال حقوق الإنسان.

-تنظيم الندوات وعقد ورش العمل لمناقشة القضايا المتعلقة بأوضاع الريف المصري السياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية.

- السعى لإقامة علاقات وطيدة مع المؤسسات المحلية والدولية المهتمة بالعمل في مجال التنمية وحقوق الإنسان للمساهمة في تحقيق أهدافنا

المركز يقدم الدعم القانونى مجاناً ويتلقى جميع الشكاوى المتعلقة

بحقوق الفلاحين والعمال والصيادين والمرأة والأطفال

 

 

 



[1] هذه الورقة قدمت بورشة " الخريطة الإجتماعية للفلاحين داخل الريف" والتى عقدها مركز الأرض فى يوم الخميس الموافق 20/6/2013 ونظراً لأهميتها فان المركز يعيد نشرها ضمن هذه السلسلة .

 

 

قراءة سريعة فى أوضاع الفلاحين عام 2014

$
0
0
قراءة سريعة فى أوضاع الفلاحين عام 2014

تقديم:

غابت حقوق الفلاحين عن المشهد السياسى فى مصر خلال عام 2014 وتدهورت بشكل غير مسبوق رغم الحديث الناعم للسلطة السياسية تجاههم ، وعلى الرغم من تكرار إعلامها وادعائها بأن المطالب الفئوية ليس أوانها الآن لكنها اعترفت بحقوقهم فى العيش بكرامة وفى زراعتهم بأمان فى وثيقة الدستور الذى لم يتم تفعيله حتى صدور التقرير ، وأجلت التزامها بحقوقهم حتى تستقر البلاد وتمادت فى إعلامها المزيف لتبرر تعدى قوات الأمن على حقوقهم فى التظاهر والإضراب والتنظيم وطالبت المنتجين وذوى الدخول المحددة بالانتظار حتى يحين الفرج.

وقد عانى الفلاحون من سياسات السلطة الحاكمة تجاه قطاع الرزاعة حيث رفعت أسعار السماد لأكثر من 30% وكذا رفعت سعر السولار والبنزين لأكثر من 100% ورفعت سعر إيجارات أراضى الدولة لأكثر من 100%.

وهكذا تحول الريف إلى مرتع للفقر وتجاهلت السلطة تلبية احتياجات صغار الفلاحين وأهدرت حقوقهم فى الخدمات العامة ، فلا شبكات صرف صحى جديدة ولا تطهير لمحطات المياه ولا بناء مستشفيات أو مدارس جديدة بل تردت الخدمات العامة فى مؤسساتها المختلفة كأنها تؤدبهم لخروجهم عام 2011 محتجين على الأوضاع المتردية.

 

وسوف نحاول فى هذا التقرير استعراض مشكلات صغار الفلاحين وأثر سياسات الدولة فى أوضاع حقوقهم فى الزراعة الآمنة والعيش الكريم ثم ننهى التقرير ببعض الملاحظات ، وقد اعتمد التقرير فى الأساس على الشكاوى التى وصلت إلى مركز الأرض عام 2014 وكذا بعض ملفات القضايا التى تابعها المركز أو رفعها للفلاحين.

وبالتالى فإن النماذج التى تعرض لا تعبر عن كل الحقيقة لكنها تعطى مؤشرات أو ملامح لما جرى خلال العام لحقوق فلاحينا فى العيش الكريم أو الزراعة الآمنة.

 


أولاً: حقوق ضائعة وأمان مفقود

 

سوف نستعرض فى هذا القسم أهم هذه المشكلات التى عانى منها صغار الفلاحين فى عجالة وذلك على النحو التالى:

 

1-  صغار الفلاحين المتعثرين فى سداد ديون بنك التنمية مازالوا مهددين بالحبس ومنهم بالفعل من يقضى عقوبة جنائية بسبب هذه القروض:

حسب تصريح وزير الزراعة فإن أكثر من 250 ألفًا متعثرٌ فى سداد ديونهم لبنك التنمية ، وأكد الوزير أنه لا إسقاط لديون الفلاحين بعد اليوم.

واستخدم الدين والشريعة فى فتواه لتقنين قهر الفقراء وظلمهم قائلاً: " إنه لن يتم إسقاط الديون عن الفلاحين، ومن اليوم لن يجرؤ أى مسؤول بالحكومة على إسقاط الديون ، والتى تسببت فى خسارة بنك التنمية ما يقرب من 4 مليارات جنيه، نتيجة فوضى ووعود الأنظمة السابقة ، وإن كافة الأديان والشرائع تدين إسقاط الدين، فهو أمانة فى رقبة كل مدين ".

وتجاهل الوزير أن أصول وأموال هذه البنك هى أسهم صغار الفلاحين التى استولى عليها حين تم تأسيسه وأن الديون التى يتحدث عنها هى نتيجة فساد موظفيه واحتيال البنك على فقراء الريف الذين لا يعلمون القراءة والكتابة.

ومن متابعة ملفات مئات شكاوى وقضايا لفلاحين متعثرين يؤكد المركز أن الفلاح الذى يقترض عشرة آلاف جنيه يسدد أكثر من عشرين ألفًا ويظل عليه أكثر من خمسين ألفًا بسبب القروض الدوارة والفوائد المرتفعة [ تقارير مركز الأرض لحقوق الإنسان حول ديون فلاحي بنك التنمية – موقع المركز الإليكترونى].

هذه القصص التى يستعرضها تقرير المركز وملفات القضايا ليست خيالية ، إنها حكايات من لحم ودم لبشر يقفون الآن بملابسهم الممزقة يستجيرون ويستغيثون من الظلم وسياسات ومؤسسات الحكومة المنحازة للأغنياء والفاسدين ، ولا تجد أسرهم إلا الله كى تشتكى له ظلم العباد والسلطات التى لا تعرف إلا الاتجار فى حقوقهم.

الشىء الغريب أن الوزارة التى يترأسها الوزير أصدرت عشرات المرات تصريحات صحفية وقرارات وزارية تفيد بإسقاط الديون وجدولتها ، لكن الشاهد يؤكد أنه حتى قبل خلع مبارك إلى الآن لم تكن مثل هذه الإجراءات إلا لاستهلاك وتزييف وعى المواطنين ورشوتهم إزاء أى انتخابات تجريها السلطة التى تعبر عن الفاسدين واللصوص والتجار.

وكان آخر هذه القرارات القرار رقم 141 الصادر منذ عدة شهور عن البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى الذى جاء فيه " وتمشيا مع سياسة الحكومة نحو رفع المعاناة عن كاهل الفلاحين وخاصة العملاء المتعثرين منهم، وحفاظا من البنك على الاستمرار فى الوقوف بجانب عملائه ومساعدتهم فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد، يتم إيقاف السير فى الإجراءات القانونية التى اتخذها البنك ضد عملائه وذلك حتى تاريخ 31/12/2014 كمهلة تترك للعملاء لإجراء التسويات اللازمة مع البنك وذلك فى ضوء القواعد المعتمدة فى هذا الشأن ".

فهذه هى قرارات البنك الذى يترأسه الوزير كما صدر فى عهده عدة قرارات أخرى بإيقاف السير فى الإجراءات ومازالت سارية حتى نهاية عام 2014 ، فماذا حدث ليصرح مؤخرًا بأنه " لا إسقاط للديون " وكيف خالف قرار مكتب النائب العام المساعد للتفتيش القضائى الذى صدر منذ عدة شهور تحت اسم كتاب دورى (رقم1) لسنة 2014 ، ومازال ساريًا والذى جاء فيه الآتى :

-          إرجاء التصرف فى المحاضر المحررة من بنك التنمية والائتمان الزراعى قبل الفلاحين عن جريمتى إصدار شيكات لا يقابلها رصيد قائم ، وقابل للسحب ، وخيانة الأمانة اعتبارًا من 10/12/2013 حتى 31/12/2014 .

-          على ممثل النيابة العامة أمام المحكمة أن يطلب تأجيل نظر الدعاوى المرفوعة عن هاتين الجريمتين سواء من النيابة العامة أو بطريق الادعاء المباشر فى خلال الفترة آنفة البيان .

-          الإرجاء والوقف المؤقت لتنفيذ الأحكام النهائية الصادرة فى القضية المرفوعة من البنك اعتبارا من 10/12/2013 التى بدأ التنفيذ فيها أو لم يبدأ .

-          السير فى الإجراءات القانونية التى اتخذها البنك ضد عملائه عن الجرائم المنسوبة إليهم حتى يوم 9/12/2013.

-          التصرف فى الأقضية الموقوف السير فى إجراءاتها ، والمؤجلة ، والمرجئ التنفيذ لأحكامها فى نهاية الفترة آنفة البيان على ضوء ما يتم من تسويات أو صلح بين البنك وعملائه وفقًا للقواعد القانونية فى هذا الشأن ، وذلك بعد الاستعلام رسميًا من الآخرين بما اتخذ من إجراءات .

وطبقًا لبعض الشكاوى التى وردت للمركز فإن هناك مئات الفلاحين يعانون من تهديدات بحبسهم بسبب تعثرهم فى سداد ديون البنك يقول " حمد عمران " من الدقهلية "فلاح" فى شكواه : أخذت عشرة آلاف من البنك منذ عشر سنوات وسددت عشرين ألفًا ومازال على عشرة آلاف جنيه ، وأكد أن الفلاح فى مصر يعانى مشاكل عدة أهمها مشكلة عدم قدرته على تسديد ديونه لبنك التنمية والائتمان الزراعي، وترجع أسباب المشكلة إلى ضعف ثمن الحاصلات الزراعية في الآونة الأخيرة بالمقارنة مع زيادة التكلفة وضعف المحصول مما أثر فى دخل الفلاح المصري فأصبح غير قادر على السداد وقبل الانتخابات الرئاسية تم الوعد بإلغاء ديون الفلاحين.

وأوضح أن بنك التنمية والائتمان الزراعى  قد أطلق مبادرة "دورى أربعة" التي كانت تتيح للمتعثرين إلغاء الغرامات والفوائد المستحقة لكن الفلاحين رفضوا ذلك لأنهم كانوا يريدون تسديد أصل الدين الأساسي وليس الفوائد التى تحولت إلى أصول دين إلا أنه بعد فترة تم إلغاء "دورى أربعة"، وأصبح أمام الفلاحين المتعثرين غير القادرين على السداد إما أن يبيعوا أراضيهم ويسددوا ما عليهم من دين تجاه بنك التنمية أو يلقوا فى السجن.

وأشار طه العسيلى من الجيزة "فلاح " إلى قيام البنك بإقراضه مبلغ ثلاثين ألف جنيه ورغم أنه سدد نصف المبلغ تقريبًا لكنهم يطالبونه بخمسين ألفًا كفوائد ومصاريف ، وأشار إلى أن إجمالي ديون المزارعين لدى البنك بلغت 4 مليارات جنيه وأنه تم وعدهم بأنه سيتم جدولة ديون الفلاحين مع إعطائهم فترة سماح تصل إلى عام تنتهي بنهاية 2014 لكن ذلك لم يحدث.

وقال إن تصريحات وزير الزراعة تؤكد غيابه عن أرض الواقع ومشاكل الفلاح الحقيقية فإذا كان الفلاح لديه القدرة على تسديد الديون فما هي المشكلة؟! ولكن الواقع الفعلي يقول إن الفلاح غير قادر على سداد مديونياته بسبب عدة أسباب منها انخفاض أسعار الحاصلات الزراعية في ظل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعى من التقاوي والأسمدة ، والطريقة الوحيدة المتاحة أمام الفلاح الآن هي أن يبيع أرضه لتسديد هذه الديون أو تقوم الحكومة والبنك بإسقاط هذه الديون.

وفي السياق نفسه قال ناصر مغاورى فلاح من بنى سويف : إن تصريحات رئيس البنك لم تنفذ ولم يتم إسقاط ديون الفلاحين وهناك ملاحقات قضائية للفلاحين الذين أصبحوا يعيشون في متاهة من تصريحات المسئولين المتناقضة، والتي لا تحدث في الحقيقة ومازالت مشاكل الفلاحين كما هي وديونهم كما هي مطالبا الرئيس السيسي التدخل وإسقاط الديون.

 

2-  ارتفاع أسعار الأسمدة فى ظل سوق حرة بدون معايير حمائية لصغار الفلاحين:

 ازدادت أزمة نقص وارتفاع الأسمدة خلال عام 2014 والمستمرة منذ أعوام وخلال هذا العام قامت الحكومة برفع أسعارها بما يزيد 30% من أسعارها الحالية.

حيث فاجأنا وزير الزراعة بزيادة طن السماد نحو 500 جنيه ليصل إلى 2000 جنيه ويعد هذا القرار الأخير طعنة لحقوق صغار الفلاحين ونموذجًا لسياسات متضاربة ومنحازة لمصالح التجار ، حيث يتحمل المزارع الصغير هذه الزيادات وتؤدى إلى انخفاض دخله ورفع أسعار الخضر والغذاء بالنسبة للمواطنين.

وهكذا تستمر مؤسسات الدولة فى اتباع سياسات ورؤى تؤدى إلى إفقار الفلاحين متجاهلة دورها فى دستور 2014 والمتعلق بتحسين حياتهم وحماية أمان زراعتهم ودعمهم.

والجدير بالذكر أن أزمة السماد السنوية والمتعلقة بنقصها وارتفاع أسعارها لها أبعاد مختلفة أهمها يتعلق بانعدام رؤية الحكومة لتطوير قطاع الزراعة وتحسين حياة المزارعين مما يؤدى إلى إعادة إنتاج الأزمة التى يعمقها التجار وبعض الفاسدين ليزيدوا من أرباحهم على حساب قطاع الزراعة وحقوق الزراع.

هذا على الرغم من أن إنتاج مصر من السماد يصل إلى 16 مليون طن كل عام ولا تزيد احتياجات زراعتنا السنوية على عشرة ملايين طن وتقوم بإنتاجها 6 شركات : اثنتان قطاع عام و4 قطاع خاص بنظام السوق الحرة ، وتحصل هذه الشركات على الخام والغاز والكهرباء بسعر مدعم وتفضل تصديره إلى الخارج لارتفاع أسعاره عن السوق المحلية حيث يصل خلال هذا الموسم إلى نحو 400 دولار للطن.

وبدلاً من بيع الغاز والمواد الخام للشركات بأسعارها العالمية أو فرض رسوم على تصدير السماد ، تقوم الحكومة بتحميل صغار المزارعين عبء الأزمة وإعفاء أصحاب المصانع والتجار والمصدرين من أى رسوم إضافية ويكتفى الوزير بتهديدهم بقطع الغاز فى حالة عدم تسليم الحصص إلى الجمعيات الزراعية.

ويؤدى قرار الحكومة الأخير إلى حرمان المزارعين من التمتع بثروات بلادهم من الغاز والكهرباء والمواد الخام التى تستفيد الشركات والتجار وأصحاب المصانع من أسعارها المدعومة ويبيعون الأسمدة فى السوق الحرة بنحو مائتي جنيه للشيكارة أى بمبلغ يصل إلى ضعف ثمنها الجديد.

والبعد الثانى للمشكلة يتمثل فى إصرار الحكومة على ترك أمر توزيع السماد إلى الجمعيات والتجار والبنك بنسب متفاوتة ، متجاهلة مطالبات الفلاحين الدائمة بأحقيتهم بأنفسهم فى تسلم حصص السماد عن طريق نقابتهم وجمعيتهم الأهلية وتسليم شون البنك ومقرات الجمعيات الزراعية والإصلاح والائتمان والاستصلاح لممثلى الفلاحين مادامت غير قادرة على تحمل مسئوليتها وحل الأزمة ، بل على العكس تقوم بدعم الفاسدين والتجار ، فلماذا يتحمل الشعب مرتبات هؤلاء الموظفين الذين يعملون لحساب التجار وأصحاب المصانع؟!

ألا يستدعى إخفاق الحكومة السنوى فى حل الأزمة إلى تسليم مقرات الجمعيات الزراعية وبنك التنمية ومقراته إلى نقابات الفلاحين لتدير شئون الزراعة وتطور قطاع الزراعة وتحمى مصالح صغار المزارعين وتوفر الغذاء للمصريين؟

والمركز يطالب الحكومة بالإفصاح عن أسماء المستفيدين من التجار وأصحاب المصانع وأصحاب الشركات والمصدرين من دعم الأسمدة الذى تصل قيمته إلى أكثر من مليارى جنيه سنويا ولا يستفيد منها صغار المزارعين ، ألا يجب البحث عن طريقة لإيقاف سرقة ونهب موارد بلادنا؟ ألا يجب محاكمة المستفيدين من الأزمة كل عام باعتبارهم سارقى أقوات الشعب والمسئولين عن تخريب قطاع الزراعة ؟!

وفى هذا السياق تلقى مركز الأرض عشرات الشكاوى التى تفيد قيام بعض موظفى البنك بالتواطؤ مع بعض مسئولى الجمعيات وموظفى الإدارات الزراعية بالنصب على الفلاحين وحرمانهم من حصتهم فى السماد وسلمته إلى التجار بدعوى عدم وجود شون أو ممثلين عنهم لتسلمهم حصصهم ، ويتساءل المزارعون :" كيف تصل الحصص إلى كبار المزارعين ومخازن التجار ، ولماذا نتحمل وحدنا نتائج فشلهم المتكرر كل عام؟ "

ففى قرى مركز دكرنس وشربين بالدقهلية يصرخ مستأجرو الأراضى الزراعية من رفض ممثل الجمعيات التعاونية تسليمهم حصة الأسمدة لأنهم غير مالكين للأرض ، ويتكرر الوضع نفسه فى محافظة الفيوم بمركز يوسف الصديق وبمحافظة الغربية بمركز دسوق.

وعلى الرغم من قيام المستأجرين بزراعة الأرض فإن مسئولى الجمعيات يسلمون السماد إلى مدعي الملكية وبالتالى يخالفون قرارات الوزارة بتسليم السماد إلى الزراع الفعليين ، ولكن من يحاسب من فى دولة لا يعى إعلامها إلا بالصراخ والعويل كى لا تسقط مؤسسات الدولة ، دون أن يعوا بأن حماية مؤسسات الدولة ضرورة كى تقوم بدورها فى تنمية وتحسين نوعية حياة المواطنين؟!

ويستغيث مزارعو مركز القرنة بالأقصر من قيام مسئولى الجمعيات والبنك من عدم تسلم حصص السماد المخصصة لهم ويقومون ببيعها فى السوق السوداء والتى وصل سعر شيكارة اليوريا فيها لأكثر من 200 جنيه ورغم ذلك لا يجدها المزارعون.

وفى مقابلة مع مزارعي المحاميد قبلى بأرمنت الأقصر يؤكد المزارعون أن حصصهم من السماد موجودة بالمخازن ، ورغم ذلك يماطل المسئولون لعدم صرفها ويقولون تم تحويلها إلى جمعية الديمقراط الزراعية ، وعندما ذهبوا إلى الجمعية المحالين إليها ، أكد مسئولوها أن الوزارة أرسلت لهم إشارة بإيقاف الصرف على الرغم من وجود أكثر من 30 طنا بالمخازن ، والمؤسف أن هذه الحصة سوف تتعرض للتلف ، ويؤكد المزارعون أن التجار يسحبون السماد من الأسواق حتى يرفعوا سعر الشيكارة إلى 250 جنيهًا.

ومن محافظة المنوفية يؤكد فلاحو طملاى المشكلة نفسها وتواطؤ موظفى الجمعية والبنك لعدم تسلم حصصهم من السماد ، وهكذا تؤدى سياسات الوزارة إلى رفع أسعار السماد وتلاعب التجار والفاسدين بالأسواق.

كما شهد عام 2014 نموذجًا آخر للفساد فى مجال تسليم السماد حيث أكد فلاحو قرى الزربينى بمحافظة البحيرة رفض الجمعية الزراعية بناحية أبو حمص بحيرة تسليمهم حصتهم من الأسمدة وبيعها فى السوق السوداء بدعوى عدم ملكيتهم للأرض مخالفين القرار الوزارى بتسليم السماد لحائزى الأراضى الفعليين.

وقامت الجمعية نفسها بتسليم السماد للمزارعين أنفسهم فى العامين الماضيين على ضوء محاضر اللجنة قروية ولجان المعاينة والتسميد ، وقد أكدت تلك المحاضر أن الفلاحين هم واضعو اليد والحائزون الفعليون للأرض تقريبًا منذ مائة عام.

ويتضرر الفلاحون من التصرفات الباطلة لأعضاء الجمعية المذكورة والإدارة الزراعية بالبحيرة التى تواطأت مؤخرًا مع مدعي الملكية ورفضت تسليم المزارعين السماد وتبيعه للتجار.

 

3-  ارتفاع إيجارات الانتفاع بالأراضى المستصلحة وثمن تمليكها إلى خمسة أضعاف:

فى محافظة سوهاج بمنطقة أولاد يحيى يتضرر المزارعون من قيام وزارة الزراعة برفع قيمة إيجارات الأرض التى قاموا باستصلاحها ودق الآبار على حسابهم وتحويلها من صحراء قحطاء إلى واحة خضراء دون أى دعم من جانب الدولة ، ومؤخرًا فوجئوا بقيام هيئة الأملاك برفع إيجار الفدان من 175 جنيهًا إلى 1200 جنيه فى العام ، ويؤكد المزارعون أن الأرض لا تعطى فائض ربح يغطى هذه الإيجارات ، ويطالبون بقيام لجنة محايدة من مراكز البحوث لمعاينة أراضيهم وحساب مصاريف الزراعة وأرباحها التى لا تغطى تكلفتها ويستغيثون بالمسئولين والأحزاب للوقوف بجانبهم حتى لا يضطروا إلى ترك أراضيهم بورًا مما سيؤثر فى تدهور حال قطاع الزراعة.

وفى السياق نفسه قامت هيئة الاستصلاح وتعمير الصحراء برفع أثمان الأرض التى سلمتها للمزارعين المتضررين من تطبيق القانون 96 لسنة 92 من نحو 15 ألف جنيه للقطعة التى تبلغ مساحتها فدانين ونصف إلى 50 ألف جنيه وقد تقدم مركز الأرض بطلبات للجان القضائية بوزارة الزراعة لأكثر من مائة فلاح بمنطقة وادى النطرون بمحافظة البحيرة وتم تحديد يوم 20/5/2014 للفصل فى طلبات المركز لتمليك الفلاحين الأرض بأسعارها الأولى وإلغاء قرار لجنة التقدير المغالى فيه خاصة أنهم من المتضررين من تطبيق قانون الأرض الذى أدى إلى تشردهم.

والجدير بالذكر أن المشكلة بدأت منذ نحو 17 عامًا عندما قامت الدولة بتسليم المتضررين وشباب الخريجين قطعة أرض مساحتها فدانان و 12 قيراطًا ومنزلاً عبارة عن حجرتين بمبلغ 15000 جنيه فقط (خمسة عشر ألف جنيه ) ويقسط هذا المبلغ على فترة ثلاثين عاماً وسلمت الدولة للخريجين خمسة أفدنة ومنزلاً بمبلغ 11000 جنيه فقط (أحد عشر ألف جنيه) ويسدد على ثلاثين عاماً .

وحيث إن بعض المتضررين تنازلوا عن هذه الأرض لعدم استطاعتهم الصرف على استصلاحها وزراعتها إلى جيرانهم الذين قاموا بسداد قيمة الأقساط المستحقة للجمعية الزراعية ولم يتوانوا عن بذل الجهد والمال لتحويل الأرض البور إلى أرض زراعية قابلة للإنتاج ، وبعد سنوات من العرق بدأت الأرض تتحول إلى أرض خضراء وترمى ببشائر الخير من الفول السودانى والذرة والطماطم وغيرها فقامت وزارة الزراعة بتقدير جديد لقيمة الأرض وصل إلى نحو 20 ألف جنيه للفدان ؛ وحيث إن هذه التقديرات مبالغ فيها ولا تمثل الحقيقة والوضع القائم على الطبيعة لأن الفلاحين دفعوا ثمن الأرض منذ أكثر من عشرين عامًا وقاموا باستكمال البنية الأساسية واستصلاح الأرض لإنتاج الخير منها.

كما أن المزارعين يعيشون فى حالة من القحط والبؤس فالقرية لا يوجد بها مياه شرب نقية أو صرف صحى أو مدارس واضطر المزارعون إلى حفر الآبار للحصول على الماء الذى يأتى ملوثاً ومحملاً بكافة الشوائب ، كما لا توجد وحدات صحية أو صيدليات أو مركز شباب أو سوق أو خدمات أخرى ، وبالرغم من أن هؤلاء المزارعين محرومون من جميع حقوقهم فى التمتع بالخدمات الأساسية إلا أنهم قانعون وصابرون ويقومون بزراعة أراضيهم الصغيرة ، وراضون عن حياتهم فبدلاً من أن تتركهم الدولة ليستكملوا إنتاج الخير وزراعة أرضهم تطالبهم بشراء الأرض مرة أخرى بمبالغ  مالية طائلة لا يستطيعون سدادها .

وبدلاً من قيام الدولة بدعم هؤلاء الفقراء ومساندتهم وتقديم الخدمات والرعاية بما فيها أمان أراضيهم الزراعية تطبيقًا لنصوص دستور 2014 ليساهموا فى تطوير وتقدم الإنتاج الزراعى تقوم بمخالفة القانون وتفرض إتاوات عليهم وتسىء استعمال السلطة وترعى الفاسدين وتنتهك وتتاجر بحقوق المواطنين.

وقد طالب المركز بعدم الاعتداد بتقدير لجان التقدير المغالى فيه ومطالبة أجهزة الدولة بتعويض الفلاحين عن سوء استخدام الدولة لسلطتها وانحرافها عن دورها فى دعم قطاع الزراعة وحماية حقوق المواطنين فى العيش بكرامة وأمان.

 

4- تزايد الفساد بهيئة الإصلاح الزراعى وسرقة أراضى الفلاحين المنتفعين بالمخالفة للقانون:

تجدد الصراع على ملكية بعض الأراضى بين بعض مدعي الملكية المدعومين من بعض الفاسدين بوزارة الزراعة وهيئة الأوقاف وبين صغار المزارعين حيث يقف فلاحو قرى الزربينى بمركز أبو حمص محافظة البحيرة فى مواجهة عسف بعض لواءات الشرطة وبعض النافذين الذى يدَّعون ملكيتهم لمئات الأفدنة التى استصلحها الفلاحون منذ خمسينيات القرن الماضى وسلمتهم الدولة عقودًا تفيد انتفاعهم بتلك القطع ومؤخرًا قاموا برفع مئات القضايا على المزارعين على الرغم من حصولهم على أحكام قضائية تفيد أحقيتهم فى الأرض.

وتحدث نقيب الفلاحين سعد غريب فى مقابلة مع باحثى المركز قائلاً : " إن أهالي القرية يزرعون مساحة أرض زراعية تقدر بـ402 فدان ببركة غطاس محافظة البحيرة وتعاملوا كملاك مع هيئة الإصلاح منذ عام 1971 حتى عام 1984 ، وكانوا يزرعون الأرض بعد توزيعها عليهم من قبل الهيئة طبقًا للقانون رقم 178 لـ1952 وقاموا بسداد  بعض أقساط ثمن الأرض ، لكنهم فوجئوا عام 1984 بأن الهيئة قامت بالإفراج عن الأرض الزراعية لأشخاص يدعون ملكيتهم بعد تفويض شركة أراضى كفر الزيات لهم باستلامها مع العلم أن أصحاب الشركة  الحقيقيين يونانيين الجنسية عادوا لبلادهم قبل عام 1960 ".

واستكمل محسن عبد الباقى محامى الفلاحين بأن مدعى الملكية ومنذ تطبيق قانون طرد المستأجرين عام 1997  يستخدمون البلطجية بمعاونة بعض الضباط فى محاولة لتهديد الفلاحين وطردهم من أراضى العزبة ومنازلها على الرغم من أن أجداد الفلاحين هم الذين قاموا باستصلاح الأرض وبناء المنازل.

ومن المحلة الكبرى بالغربية وبقرية الخزان بسامول يتضرر الفلاحون من سياسات الإصلاح الزراعى التى تواطأت مع هيئة الأوقاف ليستولى بعض النافذين فى حكومة مبارك البائدة على أكثر من 43 فدانًا من أراضيهم التى تسلمتها الأوقاف من الإصلاح ليستكمل الفلاحون زراعتها إلا أن الفلاحين فوجئوا بقيام مدعي الملكية بالادعاء بشراء الأرض وقاموا بإرهابهم وتهديدهم لطردهم من أراضيهم مستخدمين قوات الشرطة والاتهام الجاهز طوال الوقت "الإرهاب".

ويتضرر أكثر من مائتي أسرة بعزبة السادات والنصر بالغربية من سياسات وزارة الأوقاف التى أدت إلى إفقارهم وللأسف استعان هؤلاء النافذون بقوات من الشرطة فى محاولة للضغط على الفلاحين لتوقيع إقرارات تفيد تنازلهم عن أراضيهم وقد حرر المزارعون ضدهم المحضر رقم 5564 لسنة 2014 إدارى طنطا.

فى محافظة الفيوم مازالت عائلة والى تهدد فلاحي قوتة قارون بإجبارهم على ترك أراضيهم عبر تلفيق القضايا واستخدام الشرطة وأجهزة الدولة لتنفيذ مخططهم وللأسف نشرت جريدة الأهرام اتهامات للمزارعين بالبلطجة والأخونة فى محاولة لإرهابهم على لسان أحد ورثة عائلة والى ، ورغم أن نقابة المزارعين بقوتة أرسلت ردًا إلى جريدة الأهرام على مزاعمهم الكاذبة إلا أنه حتى صدور التقرير لم يتم نشر رد النقابة.

وفى محافظة القليوبية بقرية كفر الشرفا تواطأت هيئة الأوقاف مع هيئة الإصلاح لتستولى على أراضى الفلاحين التى تسلموها من الدولة فى الستينيات بنية تمليكها لهم وقد تقاعست هيئة الإصلاح ولم تستكمل إجراءات تمليكهم الأرض وتسليمها لهيئة الأوقاف التى تطارد الفلاحين وتحاول طردهم منها ، وكذا فإن فلاحي عزبة الأشراك والعزب المجاورة بمحافظ الغربية يواجهون عسف وزارة الأوقاف التى تواطأت مع مدعي الملكية الذين قاموا برفع مئات القضايا على المزارعين لطردهم من أراضيهم التى تقتات منها آلاف الأسر ، كما يقوم موظفو وزارة الزراعة بغلق المياه على أراضيهم ويمتنعون عن صرف التقاوى والسماد ، يفعلون كل ذلك فى محاولة لإجبارهم على ترك أراضيهم رغم أن هيئة الإصلاح وزعت عليهم الأرض فى الستينيات واستلمت جزءًا من ثمنها.

يشرح محامى فلاحى قرية الأشراك بمحافظة البحيرة تطور قضيتهم خاصة بعد عودة مدعي الملكية بقيادة المدعو " طلعت فهيم خطاب " للاستيلاء على أراضيهم وقيامه برفع نحو 200 قضية ضدهم وتحرير محاضر كيدية ملفقة لإجبارهم على تركهم أراضيهم ومنازلهم ، وأفاد الفلاحون بأن معظم القضايا تم تأجيلها لشهر أكتوبر 2014 لتقديم المستندات.

واستعرض ممثل نقابة الفلاحين السيد عبد الباسط طه مشاكل نقص وتلوث مياه الرى حيث يتحكم أتباع مدعى الملكية وبعض الموظفين فى قواسين المياه ويحرمونهم من أخذ نصيبهم مما يؤدى إلى رى زراعاتهم بمياه المصارف وتأثير ذلك فى صحتهم ، وأضاف عبد الباسط أن مياه الشرب الملوثة تؤدى إلى تساقط عشرات المتوفين والمرضى ما بين مريض بالسرطان والفيروس الكبدى لدرجة أن هناك أسرًا بكاملها مصابة بهذه الأمراض.

كما أشار عضو مجلس إدارة الجمعية الزراعية السيد السعيد عبد العزيز إلى فساد إدارات وزارة الزراعة ( الإصلاح – الأملاك – الرى ) بعد قيامها بتجميع الفلاحين وتقديم الشكاوى لهذه الجهات لحل مشكلاتهم لكنهم تواطأوا مع مدعى الملكية فأدى إلى مزيد من التعدى على حقوق الفلاحين .

وبين السيد صبحى هنية محامى الفلاحين أن معظم أوراق مدعى الملكية مزورة ولا تصلح دليلاً لملكيته حيث تم الاعتراض على قرارات لجنة القسمة كما تم تقديم مستندات ملكية الفلاحين الصادرة من هيئة الإصلاح الزراعى للفلاحين ( استمارات البحث – أقساط دفع الثمن – طلبات بتسليم عقود الملكية ).

وأشار هنية إلى اعتراض الفلاحين على عقود الملكية المزورة وتجاهل هيئات الدولة جهودهم خاصة بعد قيام أجدادهم وآبائهم باستصلاح هذه الأرض وبناء المنازل منذ أكثر من مائة عام وللأسف يرفض الخبراء وممثلو وزارة الزراعة والعدل حقوق الفلاحين فى تملكهم الأرض بسبب وضع اليد الطويل المكسب للملكية ويضربون بنصوص الدستور عرض الحائط.

وفى لقاء آخر مع فلاحي الإصلاح الزراعى بالأبعدية بمحافظة الفيوم استعرض فيها الأستاذ ناصر عبد الجليل المستشار القانونى لنقابة صغار المزارعين بالفيوم "أحقية الفلاحين فى تملك أراضيهم من هيئة الإصلاح الزراعى " حيث بين أنهم يضعون أياديهم أبًا عن جد على مساحات مختلفة من الأراضى تتراوح بين عشرين قيراطًا وفدانين بحوض ظهر تونس وبطن تونس بناحية الأبعدية مركز يوسف الصديق بالفيوم بعد أن استصلحوها وزرعوها ومازالوا يزرعونها حتى اليوم.

وفى عامى 66 ، 67 قامت هيئة الإصلاح الزراعى باستخراج بطاقات زراعية لهم من جمعية كرم التابعة لهيئة الإصلاح الزراعى بعد أن استولت عليها ضمن أطيان محمد أمين والى تطبيقًا لقوانين الإصلاح الزراعى وسلمتها للفلاحين بنية تمليكها لهم.

واستمر وضع أيادى الفلاحين على الأرض هادئًا وظاهرا ومستمرا واشتروا كراسات شروط البيع التى تنطبق شروطها عليهم فى تاريخ 2/5/1989م من الهيئة التى تقاعست ولم تستكمل إجراءات تمليكهم الأرض وخالفت بذلك نصوص قوانين الإصلاح الزراعى.

وقد فوجئوا بقيام عائلة والى ومنهم محمود محمد أمين والى وعمر إسماعيل إبراهيم وأحمد إبراهيم أبو جبل ومنى عبد الرحمن متولى ويوسف أمين والى ومحمد محمود أمين وخالد محمود أمين وأحمد محمد أمين يطالبونهم بالإيجار بزعم أنهم ملاك للأرض متجاهلين أحقيتهم فى تملك أراضيهم ، وتقدم الفلاحون باعتراضات لهيئة الإصلاح الزراعى الذى بين خبيرها أثناء مباشرة مأموريته بانطباق شروط شراء الأرض عليهم ، وأصدرت اللجنة القضائية أحكامًا فى الاعتراضات المقدمة من الفلاحين بعدم اختصاصها تطبيقًا لنصوص قانون المرافعات وقانون مجلس الدولة الذى أعطى لمحاكم مجلس الدولة الاختصاص فى الفصل فى هذه المنازعات وذلك تطبيقًا لنص المادة 13 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952م.

واستطرد عبد الجليل مؤكدًا أنه كان يجب على الهيئة أن تستكمل إجراءات تملك الفلاحين الأرض لكنها خالفت القانون بقرارها السلبى رغم وضوح نصوص قوانين الإصلاح الزراعى فى أحقيتهم بالشراء حيث إن هذه القطع تم الاستيلاء عليها من الإصلاح الزراعى ولم يقم ورثة والى بالتقدم بطلبات الإفراج عنها فى المواعيد التى رسمها القانون وبالتالى أصبح هذا الاستيلاء وفقًا للقوانين نهائيًا وكان يجب أن تتخذ الهيئة الإجراءات اللازمة لتمليك الأرض لصغار الفلاحين واضعي اليد عليها.

لكن الهيئة خالفت نصوص القانون رقم 3 لسنة 86 الذي أعطى الحق للفلاحين فى تملك أراضيهم وذلك منذ تقدمهم بطلبات الشراء فى 2/5/89 .

وأشار عبد الجليل إلى قيام الهيئة فى سابقة غريبة باستصدار قرار مخالف للقانون بالإفراج عن أراضى الفلاحين لعائلة والى الأمر الذى يعد قراره إخلالاً بالقانون ويستوجب الإلغاء لأحقية المزارعين واضعي اليد على الأرض فى تملك أراضيهم التى يضعون أياديهم عليها منذ عشرات السنين.

والجدير بالذكر أن مركز الأرض تقدم عن الفلاحين بالطعن رقم13275 لسنة 69ق أمام محكمة مجلس الدولة مطالبًا بأحقية الفلاحين فى تملك أراضيهم.

 

5- نقص وتلوث مياه الرى فى مناطق عديدة:

يؤكد تقرير البنك الدولى الأخير أن نقص المياه يهدد أكثر من 80 دولة وأن 40% من سكان العالم يشربون مياهًا لا تتوافر فيها أبسط قواعد الصحة ، ومن مساوئ منطقتنا التى نعيش فيها هو ندرة المياه وهو ما تؤكده معظم الدراسات التى تناولت  موضوع  أزمة المياه واختلفت وجهات النظر في التعامل مع هذه المسألة حيث تنطلق بعض وجهات النظر من زاوية اقتصادية " ضيقة " تعد المياه سلعة يجب أن تحقق ربحاً ، و من ثم يجب أن تباع لمن يطلبها ، و يرى هؤلاء أن المياه عنصر يتسم بالندرة النسبية ، حيث كميات المياه العذبة المتاحة على الأرض لا تتجاوز 0.06% من حجم المياه الكلي ، وفى ضوء التزايد السكاني المضطرد ، فإن ندرة المياه تعد أحد محددات النمو  الاقتصادى بشكل عام وخاصة النمو الزراعي ، ولقد حذر معهد المصادر المائية البريطاني من أن جميع دول العالم عرضة لأزمة مياه خطيرة اعتبارا من هذا العام وأنه حتى الدول الغنية بالمصادر المائية قد لا تستطيع تجنب هذه الأزمة . وفي الشرق الأوسط ، تشير مراكز الدراسات إلى أن  دول المنطقة تقف على حافة أزمة موارد طبيعية ، حتى إنه يمكن للصراع على المياه أن يتسبب في حروب محتملة . وجدير بالذكر أن مسألة المياه تحتل مكانا هاما في بنود مفاوضات التسوية السياسية الجارية الآن على قدم وساق بين إسرائيل والدول العربية ودول الجوار.

وركزت تقارير صحفية حول قضية المياه على اعتبار أنها بدأت تشكل ملامح أزمة حقيقية خلال القرن الحادي والعشرين، وحاولت أن تلقي الضوء على مشكلة المياه في مصر بشكل عام، وكمية ونوعية المياه المطلوب توافرها للاستخدام الزراعي واللازمة لإنجاز عمليات التوسع الأفقي  والرأسي واستمرار عملية التنمية الزراعية قدماً.

وكشفت وزارة الموارد المائية مؤخراً أن 90 ألف مواطن سنوياً يموتون بسبب الأمراض الناتجة عن تلوث المياه، من بينهم 19 ألف طفل، تعاني 98% من القرى من عدم وجود شبكات صرف صحي ، واعترفت بإهدار 14 مليار متر مكعب من المياه سنوياً تضيع في الصرف الزراعي والصناعي. تقوم الوزارة بخلط 5,5 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعي لإعادة استخدامها في الزارعة فقط مع حظر استعمالها في الشرب، واعترفت الوزارة أيضاً بالانخفاض المستمر في منسوب المياه الجوفية نتيجة للسحب الجائر، مما يضر بمخزون المياه الجوفية على المدى الطويل. تفقد مصر سنوياً من 15 ألفًا إلى 20 ألف فدان نتيجة للتعدي على الأراضي الزراعية.

والجدير بالذكر أن مشكلات المياه في مصر تتفاوت ما بين عدم توافر مياه الري وتلوث مياه الشرب وانعدام خدمات الصرف الصحي... إلخ ، وفي واقع الأمر إن هذه المشاكل في أغلبها مرتبطة بإهمال حكومي وغياب دور السلطة المركزية في التخطيط وغياب أو فساد المحليات لتوفير خدمات المياه بمناطق على حساب مناطق أخرى في ظل غياب تخطيط مركزي وفساد موظفي المحليات. لعل أهم المشكلات المائية لدى الفلاح المصري والتي تؤثر بالأساس على إنتاجه الزراعي وعلى الاقتصاد ككل هي مشاكل الري والصرف. وتوجد مشاكل عامة مرتبطة بمياه الري تتكرر في جميع المحافظات والقرى في شمال مصر وجنوبها . تنحصر المشكلة الأساسية للري دوماً في نقص كمية مياه الري وعدم وصولها بالقدر الكافي إلى مزارعي نهايات الترع مع قلتها في الترع الرئيسية. ومن ضمن المشكلات الأطوال الكبيرة للترع العمومية والفرعية، مما يؤدي إلى صعوبة التعامل معها نظراً لقلة عدد مفتشي الري بالمحافظة، هذا إلى جانب سرعة نمو حشائش القاع والحشائش الجانبية بدرجة عالية لنفس السبب السابق. وكذلك الانهيارات المتعددة في أجناب الترع نتيجة الممارسات الخاطئة للمزارعين، والتوسع في استصلاح الأراضي خارج الزمام، وعدم وجود بيانات دقيقة عن الاحتياج المائي للتركيب المحصولي السنوي نتيجة التحرر من الدورة الزراعية ، وعدم العدالة في توزيع مياه الري بين المحافظات ، وعدم وضع مساحة الأراضي الزراعية في الاعتبار عند التوزيع، بالإضافة إلى عدم تطهير الترع في الأوقات المناسبة، وعدم وجود إدارة لتطوير الري بكل محافظة مما يؤدي إلى نقص واضح في مياه الري، وعدم وجود إدارة للتوجيه المائي بكل محافظة. ويؤثر الفساد بدوره فى سوء التخطيط، حيث يتم التمييز بين كبار المزارعين وصغار المزارعين عند تقديم الخدمات المحلية.

ويتدخل الفساد بشكل سافر في أزمة نقص مياه الري، فعلى سبيل المثال في البدرشين والعياط باتت آلاف الأفدنة مهددة بالبوار بسبب استمرار نقص المياه وصعوبة وصولها إلى القنوات الفرعية المتفرعة من ترعة الدهشورية ؛ حيث أدى قيام أحد الوزراء السابقين بتكسية الترعة أمام قصره ومزرعته إلى حدوث خلل في منسوب المياه وصعوبة مرورها في الجزء الذي تمت تكسيته وتحول التكسية إلى حاجز مانع لمرور المياه بسبب ارتفاعه عن مستوى مجرى الترعة، وقامت مديرية الري بمساعدة الوزير السابق في تنفيذ عملية التكسية الخاطئة ولتلافي الخطأ قامت المديرية بضخ كميات كبيرة من المياه لتسهيل تخطيها الحاجز الخرساني الذي أُنشئ للتكسية.

 يضطر الفلاحون في بعض الأحيان لاستخدام مياه الصرف الصحي في الري نتيجة نقص المياه، فمثلاً يقوم مزارعو قرية الشيخ خليفة – كبرى قرى بني هلال بمركز منيا القمح ويتجاوز تعداد سكانها 20 ألف نسمة – وهم يعتمدون بصفة أساسية على أراضيهم في توفير قوت يومهم وتلبية احتياجات أسرهم ، يقومون بري آلاف الأفدنة بمياه الصرف الصحي نظراً للنقص الحاد في مياه الري أو اختلاطها بمياه الصرف ، وهو الأمر الذي يهدد أراضيهم بالبوار ، هذا بالإضافة إلى أن شوارع القرية ومنازل الأهالي تعوم فوق بركة من مياه الصرف الصحي والمياه الجوفية مما يهدد بالانهيار المحقق لهذه المنازل.

ولا يتعلق الأمر فقط بقرى الريف التقليدية، ولكن أيضاً بالأراضي حديثة الاستصلاح التي تم تسليمها لشباب الخريجين حيث يعانون من عدم تنفيذ الدولة لوعودها بتوفير المياه اللازمة، فعلى سبيل المثال قُطعت المياه عن أراضي 15 ألف شاب من الحاصلين على الأراضي في منطقة بنجر السكر بالعامرية منذ 1986، ولا تأتيهم المياه إلا مرة كل 60 يوماً وقام مراقب المشروع بقطعها عنهم تعنتاً، وذلك يخالف بنود العقد مع الدولة التي كانت تتضمن حصولهم على المياه مرة كل 15 يوماً بالتناوب. توجد بمنطقة العامرية سبع قرى ، منها خمس تفتقر لوجود المياه حتى ماتت الزراعة وتراكمت الديون على المزارعين وأصبحوا معرضين لخطر السجن، وقد صدرت بالفعل ضد نحو 700 من أهالي هذه القرى أحكام حجز وتبديد بسبب العجز عن سداد الأقساط ، ومع غياب دور الدولة في حفر الآبار لتوفير المياه الجوفية للرى يلجأ الأهالي في بعض الأحيان لحفر الآبار بأنفسهم، مما يعرضهم لأخطار جسيمة. على سبيل المثال حاول بعض المزارعين في منطقة الاستصلاح بالمنيا حفر بئر ولكن انهارت البئر بعد أن وصلوا إلى عمق عشرة أمتار وكانت النتيجة وفاتهم تحت الرمال.

ويسبب تفشي ظاهرة الرشوة والفساد الإداري فى بروز مشكلة أخرى كبرى من مشاكل المياه في الريف، وهي مشكلة عدم العدالة في توزيع مياه الري ، حيث لا يحصل كل فلاح على نصيبه من المياه حسب احتياجاته الزراعية. ويسبب عدم العدالة في خسارة زراعية تترك أثرها فى عملية التنمية الاقتصادية على المدى القصير والبعيد، حيث تتسبب في موت وضعف إنتاج المحاصيل وتدهور وملوحة وتصحر بعض الأراضي، وبطالة العمالة الزراعية، وهجرة الفلاح من القرية إلى المدينة بالإضافة إلى تكرار حوادث التعدي والقتل بين المزارعين وانتشار الأمراض الاجتماعية مثل الحقد والكراهية. ويتضرر صغار الفلاحين وأسرهم بالأساس من عدم عدالة التوزيع فتتدهور حالتهم الاقتصادية والاجتماعية والنفسية على وجه السواء، وتكون النتيجة أن يفقد الفلاح الصغير الثقة بالإدارة الحكومية ، وليس هناك مسئول عن هذا سوى وزارات الري والتخطيط والزراعة. ومن مظاهر عدم تحقق العدالة في توزيع المياه : عدم وصول المياه إلى نهاية الترع، قلة عدد أيام المناوبات، عدم انتظام المناوبات، قلة منسوب المياه، وجود خلافات ومشاكل بين المزارعين، سوء العلاقة بين مسئول الري والمزارعين، وعدم زراعة المحاصيل في المواعيد المناسبة، وضعف الإنتاج الزراعي للأراضي. وفي محافظة سوهاج على سبيل المثال توجد أراضي قرى بأكملها تموت عطشاً، وتوجد أراضٍ أخرى تصل لها المياه 5 أيام في الأسبوع وأراضٍ أخرى يومين فقط.

بالإضافة لكل ما سبق، يعاني الفلاح من أن مياه الشرب ملوثة تلوثًا كيماويًا بسبب أخطاء الحكومة الجسيمة في معالجة المياه أو في شبكات الصرف التي تختلط فيها مياه الصرف بمياه الشرب..إلخ. والتلوث الكيماوي للمياه هو أشد أنواع التلوث ضرراً، فكثير من النفايات الكيماوية تبقى زمنا طويلاً إما في صورة ذائبة أو عالقة في المياه، ويترسب البعض منها للقاع تدريجياً مكونا مواد أشد سمية ، كما أن بعض المواد يزداد تركيزها من خلال الدورات البيولوجية المتكررة علاوة على تلوث المياه الجوفية بمياه المجارى والبيارات. وتعاني أعداد كبيرة من الفلاحين من أمراض متعلقة بتلوث المياه، حيث تؤثر السميات مثل المبيدات والفلزات الثقيلة في مياه الشرب والمنتجات الغذائية وهذا يؤثر فى الصحة البشرية وكذلك فى الحيوانات والطيور والأسماك ، ومن الأمراض الشائعة بسبب تلوث المياه مرض الفشل الكلوي والتهاب الكبد الوبائي الذي تصل نسبة الإصابة به إلى نحو 10% في أنحاء مصر.

وفى هذا السياق نظمت نقابة الفلاحين ببنى سويف أمام مكتب المحافظ وقفة احتجاجية خلال شهر مارس الماضى اعتراضًا على قرار وزارة الرى بغلق مأخذ المياه لأراضيهم الواقعة فى خارج زمام بياض العرب بنى سويف شرق النيل التى تبلغ مساحتها أكثر من ألف فدان ويتعايش على إنتاجها مئات الأسر الفلاحية ، وتطالب النقابة بإلغاء القرار حرصًا على حقوق المزارعين وحماية أراضينا الزراعية.

كما يعانى فلاحو قرى الظهير الصحراوى من نقص المياه وفى لقاء عقده المركز حول هذا الموضوع أكد الفلاحون معاناتهم من مشاكل نقص المياه وإهمال وزارة الزراعة والرى وفساد موظفيهما وأكدوا أنهم يعانون من:

·                                                    قلة المياه وطول فترة المناوبة.

·     عدم قيام الجمعيات الزراعية بتطهير المساقى الفرعية والاكتفاء بالفروع الرئيسية مما يعوق وصول المياه إلى أراضيهم.

·     فقدان العدالة فى توزيع مناوبة المياه.

·     سوء إدارة المسئولين على توزيع المياه لأنهم يراعون مصالح المستثمرين الكبار ولا يعنيهم صغار المزارعين لأن تسليم الأراضى فى الطبيعة يؤدى إلى وجود المستثمرين على أوائل المساقى الفرعية الرئيسية مما يؤهلهم لأخذ كل المزايا الجغرافية والإدارية.

·     عدم إصغاء المسئولين لمطالب الفلاحين فى المطالبة باستمرارية مياه الرى لطبيعة الأراضى الصحراوية لأن انقطاعها أو وقفها يؤدى إلى إتلاف المحاصيل وقلة الإنتاج وسوء معيشة الفلاح فى كل أمور حياته.

وطالب المركز المسئولين بحل مشكلات قرى الظهير الصحراوى لضمان وصول المياه إلى أراضيهم بشكل كاف ، وتعويض الفلاحين عن الأضرار التى لحقت بهم بسبب إهمال موظفى الجمعيات ووزارة الزراعة والرى فى حل مشاكلهم.

 


6- ارتفاع إيجارات الأراضى الزراعية إلى خمسين ضعف ما كانت عليه قبل تطبيق القانون 96:

يعانى مستأجرو الأراضى الزراعية ، خلاف ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج ، من ارتفاع بالغ لإيجارات الأراضى الزراعية حيث وصل سعر إيجار الفدان فى بعض المناطق إلى نحو عشرة آلاف جنيه فى العام ويتراوح إيجار الفدان فى معظم أراضى الدولة بين أربعة آلاف وعشرة آلاف جنيه.

ففى مقابلة مع أهالى نجع راتب بناحية النغاميش بسوهاج أفادوا بأن آباءهم يزرعون أراضيهم منذ بدايات القرن الماضى وقد ملكهم عبد الناصر تلك الأراضى إلا أنهم فوجئوا بمطالبة هيئة الأوقاف بإيجارات مرتفعة عن زراعتهم لأراضيهم ، ويستطرد الأهالى بأنهم كانوا يدفعون إيجارًا لا يزيد على 30 جنيهًا فى العام باعتبارهم من استصلحوا هذه الأرض وحولوها إلى واحة خضراء ، ثم فوجئوا برفع الإيجار إلى 1200 جنيه فى العام ، وللأسف رفعت الهيئة المذكورة سعر الإيجار إلى 4200 جنيه للفدان.

واللافت أن أهالى النجع الذين يزرعون تلك الأرض لا تزيد حيازتهم على فدان واحد يقتات منه العشرات من أسرهم مما سيؤثر فى دخولهم ويعرضهم للمجاعة على حسب قولهم ، كما قامت هيئة الأوقاف برفع أسعار إيجارات الأرض الزراعية لأكثر من أربعة آلاف جنيه .

كما رفعت هيئة الإصلاح الزراعى إيجارات الأرض إلى أكثر من أربعة آلاف جنيه إيجارًا للفدان الواحد وذلك حسب الشكاوى التى وردت للمركز من محافظات عديدة ، ويؤكد المركز مخالفة هذا القرار لنصوص الدستور والمواثيق الدولية وعدم رؤية مصدريه للوضع الاجتماعى والاقتصادى فى الريف مما يؤدى إلى تدهور حال المواطنين وانخفاض دخولهم .

 

7- ارتفاع أسعار الطاقة يؤدى إلى تدهور دخول الفلاحين:

أثر ارتفاع أسعار البنزين والسولار فى تدنى دخول الفلاحين حيث ارتفاع سعر حرث الأرض وريه بالإضافة إلى تأثير ذلك فى ارتفاع أسعار نقل الخضراوات والفاكهة ، وأدى تطوير آلات الزراعية واعتماد معظم الفلاحين عليها إلى ارتفاع تكاليف عملية الزراعة بداية من الحرث حتى الجنى وأدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف عملية الرى التى تعتمد على السولار والكهرباء التى ارتفع سعرها خلال عام 2014 إلى أكثر من 50% فى بعض المناطق وبالتالى قلت دخول المستأجرين نتيجة هذا الارتفاع.

وأدى رفع أسعار الطاقة بما يزيد على 70% فى السولار والبنزين والغاز الطبيعى إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج الزراعى بسبب ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية من أسمدة ومبيدات وتقاوٍ وغيرها وكذلك ارتفاع سعر الخدمة الزراعية لاعتماد الزراعة على الميكنة الزراعية من جرارات حرث وماكينات رى وحصاد ، وزادت تكلفة نقل المحاصيل الزراعية بنسبة 25% والأسمدة بنسبة تزيد على 30% ، مما أدى إلى أعباء كثيرة على الفلاح المصرى الذى يهدد بالإضراب عن الزراعة هذا العام بسبب الخسائر الكبيرة التى تعرض لها.

وأشارت شكاوى عديدة للمركز إلى أن ارتفاع أسعار المواد البترولية ضربة جديدة لقطاع الزراعة، حيث تعتمد الزراعة على الماكينات الحديثة فى الرى والحصاد ويؤدى ارتفاع أسعار المواد البترولية إلى إضافة عبء جديد على المزارعين، وهو زيادة تكلفة مستلزمات الإنتاج، ليس فقط فى عمليات الرى والحصاد ولكن أيضا فى نقل السلع والمواد الغذائية من وإلى الأسواق وبين المحافظات، ويمتد تأثير ارتفاع أسعار المواد البترولية إلى المواطن أيضا، حيث يؤدى القرار إلى ارتفاع أسعار السلع والمنتجات الغذائية ذات الأصل الزراعي، وجدير بالذكر أن ارتفاع أسعار المواد البترولية سوف يؤثر بالدرجة الأولى فى أصحاب الحيازات الصغيرة وصغار المزارعين الذين يعانون أصلا من مشكلات عدم توافر مستلزمات الإنتاج من أسمدة وتقاوٍ ونقص وتلوث مياه الرى.

وأكدت الشكاوى أن ارتفاع أسعار المواد البترولية سوف يؤثر بشكل مباشر فى قطاع الزراعة، وخاصة السولار الذى هو عماد الزراعة المصرية ، ويستخدم فى قطاع الزراعة فى أعمال الرى والحصاد والحرث ونقل البضائع من المزارع إلى الأسواق وبين المحافظات، وزاد استخدام السولار فى الفترة الأخيرة فى تشغيل ماكينات الرى بعد انخفاض منسوب المياه بالترع. كما يؤدى ذلك إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج الزراعي، ومن ثم ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة، ففى سوق العبور مثلا تم رفع تكاليف نقل المحاصيل الزراعية من النوبارية إلى سوق العبور من 150 إلى 300 جنيه ، وبالتالى فإن الزيادة فى الأسعار قد تتعدى الضعف، لأن هناك زيادة فى مصاريف الرى والحرث والحصاد والنقل والتسويق وهذه الزيادات المتراكمة سوف تشكل عبئا كبيرا على المزارعين ومن ثم على المواطنين.

وأشارت الشكاوى إلى أن تبرير رفع أسعار المواد البترولية بأنه خطوة لتحقيق العدالة الاجتماعية هو كلام غير منطقى وليس له أساس من الصحة، لأن سعر السولار ارتفع بنسبة 78%، علما بأن السولار لا يستخدمه سوى الفقراء ومحدودى الدخل، سواء فى قطاع الزراعة أو النقل والمواصلات، وكان يجب على الحكومة إن كانت فعلا تريد تحقيق العدالة الاجتماعية أن ترفع أسعار بنزين 92 فقط وليس بنزين 80 أو السولار، وسوف تشهد الشهور القليلة القادمة زيادة كبيرة فى أسعار السلع الغذائية والحاصلات الزراعية.

يقول أنور عبد المعطى "فلاح" بقرية إنشاص البصل بالشرقية ناعيًا همه : أدى ارتفاع أسعار الوقود إلى ارتفاع أسعار المحاصيل خاصة المحاصيل الصيفية المائية مثل الأرز الذى يحتاج إلى ري يومى ، وتواكب هذا القرار مع موسم زراعة الأرز الذى يجب أن يكون مغطى بالمياه فالفلاح هو أكثر المتضررين من تلك الزيادة في سعر السولار لاعتماده على تشغيل ماكينات الرى والجرارات الزراعية.

أما عويس محمد "فلاح" من الشرقية فيقول: نحن من يدفع فاتورة ارتفاع أسعار الوقود لاعتمادنا عليه فى تشغيل ماكينات الحرث والرى والحصاد والنقل والتوزيع فقد ارتفعت تكلفة نقل المحاصيل إلى 50% هذا غير أن السولار غير متوافر فالطوابير طويلة بمحطات الوقود وبعد كل هذا الانتظار يتعذر الحصول عليه.

ويؤكد كلام سابقيه سيد منصور "مزارع" بمحافظة أسيوط ويذكر أن ارتفاع أسعار الوقود يترتب عليه ارتفاع جميع أسعار المستلزمات الزراعية وخاصة ارتفاع تسعيرة الآلات الزراعية المستخدمة وارتفاع أسعار الرى والحرث والدرس وسؤالى للحكومة: ماذا يفعل الفلاح أمام هذه الزيادات؟ ولماذا ارتفع سعر وقود الغلابة؟

ويختتم إسماعيل عماد الطباخ "مزارع" بمركز البدارى محافظة أسيوط الحديث قائلاً : ارتفاع أسعار الوقود أتى بالسلب على الفلاح والطبقات الفقيرة هى المتضررة إضافة إلى ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات والتقاوى والنقل وبعد كل هذا سعر بيع المحصول لا يغطى تكليفه.

ومن جانبه يقول سكرتير الجمعية التعاونية المركزية بكفر الشيخ : إن ارتفاع أسعار السولار والبنزين سوف يؤثر بشكل سلبى فى الفلاح لأن جميع الآلات التى يستخدمها الفلاح فى عمليات الحرث والرى والحصاد تعمل بالسولار، فزيادة سعر السولار والبنزين سوف يؤدى ذلك إلى زيادة سعر إيجار المعدات الزراعية، فبعد ما كان الفلاح يستأجر ماكينة الرى بنحو 200 جنيه أصبحت تقريبا 300 جنيه، وهناك بعض المحاصيل يحتاج إلى الرى يومًا بعد يوم أو كل يومين كل ذلك مصاريف يتحملها الفلاح. مشيراً إلى أن الأنظمة تتعدد ويبقى حق الفلاح مهضومًا فكل الأنظمة السابقة أهدرت حق الفلاح مع العلم أن الفلاح هو من دعم الرئيس الحالى ومن دعم الدستور أيضا وأن الفلاح ليس له مطالب غير توفير احتياجاته.

ويضيف أن فدان الأرز يحتاج إلى ماكينة الرى يوما بعد يوم وأن الفدان يأخذ تقريبا 20 جالون سولار كل ذلك مِنْ زيادة يتحملها الفلاح وأن فدان الأرز تكلف هذا العالم نحو 1500 جنيه بزيادة كبيرة عن العام الماضى وأن الحكومة لا تسمح للفلاح بتصديره لكى ترفع العبء عنه.
ويحذر من أن الفلاح مهدد فى مصدر رزقه ويجب على الحكومة اتخاذ الإجراءات اللازمة لحل المشكلة، فالفلاح فعلاً فى معاناة شديدة، فهو لم يخرج من أزمة الرى حتى تلاحقه أزمة الأسمدة والسولار والبنزين.

ويقول عمران أبو بطة ، عضو الجمعية التعاونية بكفر الشيخ، إن الفلاح سوف يتأثر بشكل كبير بسبب زيادة أسعار البنزين والسولار؛ حيث إنه أكثر المتضررين من هذا القرار، وإن كل الأسعار فى ارتفاع كبير ما عدا المحصول هو الذى ينقص سعره فمحصول القطن كان العام الماضى نحو 1500 جنيه أصبح 1000 جنيه هذا العام.

وأكد محمود العقباوى من شربين دقهلية أن المواد البترولية وخاصة السولار منها هى العمود الفقرى الذى تقوم عليه عملية زراعة المحاصيل فقبل هذه القرارات كانت تكلفة الفدان فى عملية الحرث تبلغ من 100 إلى 120 جنيهًا ، أما بعد القرارات فأصبحت تكلفت حرث الفدان 240 جنيها حتى عملية التجهيز وفى عملية الرى الحديث، والذى يعد من أرخص أنواع الرى فى مصر فقد يأخذ الفدان 40 جنيها للسولار بالرية الواحدة فى حين متوسط رى المحاصيل قد وصل من 2 إلى 3 ريات فى الأسبوع خاصة فى فصل الصيف، وفى ظل ارتفاع درجات الحرارة، وذلك فى التربة الرملية التى تنتج البطاطس والفاصوليا واللوبيا والطماطم والفلفل، أما فى التربة الطينية يأخذ الفدان متوسط من ريتين إلى 3 ريات فى الأسبوع حسب درجة تحمل المحصول المنزرع بتكلفة 60 جنيها للسولار بالفدان فى الرية الواحدة ، فى حين كانت التكلفة قبل قرارات ارتفاع الأسعار تبلغ الرية 30 جنيها للفدان، وقد يكون بذلك إجمالى متوسط عدد الريات التى يأخذها الفدان فى الأرض الرملية 21 رية، أما فى الأرض السمراء "الطينية" فقد وصل عدد الريات إلى 14 رية.

وقال صابر سويلم بمركز أبنوب : إن أسعار السولار والكهرباء الجديدة تسببت في رفع مصاريف الري من 48 جنيهًا إلى 72 جنيهًا بالإضافة إلى ورود معلومات عن وجود زيادة في أسعار السماد من 75 جنيها إلى مائة جنيه ناهيك عن ارتفاع سعر نقل المحاصيل والأيدي العاملة وديون البنوك التي باتت تهدد الفلاح بدخول السجن في ظل تخلي الحكومة عن مساعدة صغار المزارعين وتقديم الدعم على البطاقات الزراعية.

 

8- تزايد مشكلات قاطنى العزب والنجوع وحبسهم بسبب إيجارات منازلهم:

مازالت مشكلة تمليك المزارعين منازلهم بالعزب والقرى مستمرة وأدى ارتفاع إيجارات أراضى أملاك الدولة وحق الانتفاع إلى ارتفاع إيجارات البيوت التى أقامها صغار الفلاحين منذ عشرات السنين ، كما أدى قيام هيئة الأوقاف برفع إيجارات أراضيها التى أقام عليها الفلاحون منازلهم فى العزب والنجوع إلى تدنى دخولهم وحبس بعضهم بسبب تعثرهم فى سداد إيجارات البيوت أو ثمن الأرض المغالى فيه ؛ ففى قرية الفرعونية بمحافظة المنوفية يتضرر الأهالى من قيام هيئة الأوقاف بتحرير محاضر ضد الأهالى لطردهم من منازلهم التى أقامها أجدادهم بدعوى عدم دفعهم الإيجارات المتأخرة ويرفضون السماح لهم بتوصيل المرافق إلى بيوتهم ، كما يرفضون إعطاءهم عقودًا تفيد ملكيتهم لمنازلهم ويستغيث مئات الأسر من سياسات البلطجة التى تتبعها الوزارة وتؤدى إلى حبس عوائلهم.

ويحكى صلاح يونس من نجع راتب بمحافظة سوهاج عن تراجع وزارة الأوقاف عن قرارها رقم 252 الصادر عام 2011 بتمليكهم منازلهم التى أقامها أجدادهم والذى نص على إجراء تسوية مالية مع ملاك البيوت على أن تخصم هذه المساحات من الأراضى الزراعية بحيازات الهيئة وقامت الهيئة بالفعل بعمل معاينات تؤكد قدم إنشاء هذه المنازل وتم إحالة ملفاتهم إلى لجان التصالح إلا أن اللجنة رفضت المعاينة وظل قرارها حبيس الأدراج ، ويطالبون أهالى القرية بمبالغ طائلة ثمنًا لإيجارات منازلهم المتأخرين عن سدادها متجاهلين قيام آبائهم وأجدادهم ببناء هذه البيوت.

ومازالت هيئة الأوقاف تطارد مزارعى عزبة رشوان بمحافظة بنى سويف وتحبس العشرات منهم بدعوى امتناعهم عن دفع إيجارات منازلهم التى بناها أجدادهم فى مخالفة واضحة للقوانين والدستور الذى كفل حقوق المواطنين فى مأوى لأسرهم.

 

9- ارتفاع أسعار العلف وتدهور نوعيته يؤدى إلى انتقاص دخول المزارعين:

تواجه الثروة الداجنة فى مصر كل عام عدة أخطار خاصة مع قرب حلول فصل الشتاء، التى تتمثل فى "مرض إنفلونزا الطيور" هذا الوباء الذي يهدد الثروة الداجنة في مصر بالانقراض، بل يهدد حياة الإنسان نفسه ، وتعد الثروة الداجنة فى مصر من مقومات الاقتصاد المصري حيث يعتمد عليها قطاع استهلاك اللحوم ، كما أنها تعد بديلاً للحوم الحمراء لرخص سعرها فى مصر، حيث يصل حجم الاستثمار فى هذا المجال من 15 إلى 20 مليار جنيه، ويعمل بها أكثر من 1,5مليون عامل مصري، ويعتمد على هذه الصناعة أكثر من 100 حرفة ومهنة.

ورغم ذلك فهي تعاني من تدهور ملحوظ وعشوائية تؤدي إلى خسارة قادمة للدولة ومستثمري قطاع الدواجن؛ مما يعود بالضرر على المستهلك الذى يشترى سواء دواجن للحم أو بيض مائدة عالى السعر ومنخفض الجودة.

يقول رجب عبد العظيم صاحب مزارع دواجن : قطاع الدواجن فى مصر يعاني العديد من المشاكل التى يجب أن يجد لها المسئولون حلاً ، وفى مقدمتها "ارتفاع أسعار الأعلاف" التي تؤثر بشكل كبير فى أصحاب المزارع مثل الفول الصويا والذرة التى يتم استيرادها من الخارج، حيث وصل سعرها إلى 3500 جنيه للطن بسبب قرارت الحكومة الأخيرة برفع الدعم عن الوقود والبنزين.

وأضاف أن أسعار بيع الدواجن متفاوتة، ولا تتناسب مع تكلفة الإنتاج، مشيرًا إلى أن الذي يتحكم فى سعر بيع الدواجن "البورصة" بدون رعاية للمنتج.

وأشار إلى أن تربية الدواجن تعتمد على العشوائية ، ولا يمكن للمربي أن يعمل دراسة جدوى للمشروع حتى تتطور وينعكس آثارها على الاقتصاد المصرى ؛ لذلك يجب على الدولة التدخل في تحديد سعر الأعلاف حتى يستقر سعر الدواجن؛ مما يؤدى إلى تحقيق أرباح معقولة، وتحقيق توازن بين التكلفة وسعرالبيع للدواجن في الأسواق المحلية، وحتي يمكن أن يتم تصديرها بصورة جيدة.

ومن جانبه، يقول حسين سيد صاحب مزارع دواجن : المشكلة الرئيسية للثروة الداجنة فى مصر تتمركز بصورة كبيرة فى عدم ثبات سعر مكونات الأعلاف وتفاوت أسعارها بصورة كبيرة، حيث ترتفع وتنخفض دون مراعاة للأسعار واحتياجات الأسواق من اللحوم البيضاء وبدون دراسة حقيقية للسوق؛ مما يسبب خسائر عدة.

ويقول "عثمان محروس" مهندس زراعى : الإدارة تربي دواجن لبيض المائدة، مشيرا إلى أن مستلزمات الإنتاج تسبب أزمة كبيرة فى تربية الدواجن سواء التسمين أو البياضة، فأسعار مكونات الأعلاف من ذرة صفراء وكسب وفول صويا يتم استيرادها بأسعار عالية جدا؛ حيث إن الذرة الصفراء تمثل 65% من صناعة الأعلاف، وهى الركيزة الأساسية فى الصناعة الموجودة، كما يوجد تعدد فى مصادر الشركات التى تطرح الأمصال واللقاحات مما لا يعطى جودة فى الإنتاج للمدى المطلوب.

وأشار إلى ضرورة تفعيل البروتوكول الذي تم بين كلية الطب البيطرى وقسم الإنتاح الحيوانى بوزارة الزراعة ؛ حتى يتم تقليل الخسائر لأصحاب المزارع.

ويقول الدكتور سوريال صليب طبيب بيطرى ومشرف على مزارع دواجن : هناك أزمة كبيرة فى صناعة الدواجن أبرزها وأهمها نظام الاحتكار المتبع فى استيراد مستلزمات الإنتاج للمزارع، وأهمها الأعلاف التى تمثل 90% من تكلفة الدورة، فالأعلاف هى العنصر الحاكم فى الميزانية.

يقول سعد حسين من الوراق بالجيزة مربى مواش : إن التسمين يحتاج لسلالات للإنتاج فى أقل وقت لتصل إلى "2" كيلو وربع فى 36 يوما، مضيفًا أن التربية الحديثة تحتاج إلى إمكانيات لتربية الدواجن تتمثل في بطاريات محددة للتسمين أو البياضة، ويكون المكان مكيفا بالهواء وله مصادر تهوية جيدة ، وأكد أن ارتفاع أسعار العلف من الردة والكسب والتبن يؤدى إلى زيادة أسعار اللحوم.

 

10- ارتفاع أسعار المبيدات وعدم الرقابة على توزيعها يؤدى إلى تلوث الغذاء وانتشار الأمراض الوبائية:

تعد مبيدات الآفات من أهم عوامل التلوث البيئي التي لها تأثير ضار فى الإنسان وصحته وفى جميع الكائنات الحية في الطبيعة حيث استخدمت هذه المبيدات (الكيماوية) على نطاق واسع عقب نهاية الحرب العالمية الثانية لمكافحة الآفات الحشرية والقوارض والفطريات والأعشاب.

وقد ازداد استخدام المبيدات الحشرية زيادة كبيرة فى كثير من دول العالم ومنها مصر خلال العقدين الأخيرين ، ويذكر أن هناك الآن نحو 250 آفة وحشرة زراعية على المستوى العالمي قد اكتسبت المناعة ضد معظم أنواع المبيدات المختلفة.

 ولا شك في أن تناقص الرقعة الزراعية في العالم كله من شأنه يؤدى إلى زيادة استخدام المبيدات بهدف القضاء على الآفات والحشرات التي تهاجم الزراعات المختلفة أملاً في الحصول على الإنتاج الوفير من المحاصيل الزراعية، حيث يبلغ نصيب كل فرد حالياً 2650 متراً مربعا ً(نحو 0.6 فدان) ستصبح في غضون الربع القادم من القرن الحالي نحو 1600 متر مربع (نحو 0.4 فدان)  أي سوف تتناقص إلى النصف تقريباً ، ومن جهة أخرى يبلغ عدد سكان العالم حالياً نحو ستة مليارات نسمة سيصبح عام 2025 نحو تسعة مليارات نسمة وهذه الزيادة تشهدها بلدان العالم الثالث في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، كما يقدر فاقد الزراعة العالمية بسبب الآفات والحشرات بنحو بليون دولار سنوياً ما يجعل العلماء في هذه الظروف إلى ضرورة البحث عن سبل لرفع الإنتاجية الزراعية ومنها استخدام المبيدات في عمليات المقاومة حتى لا ينتشر الجوع في دول العالم الثالث.

ومن هنا يتضح أهمية استخدام المبيدات في تعظيم الإنتاجية الزراعية، ولكن مع الوضع في الاعتبار عدد من المحاذير والاشتراطات الدولية والإقليمية والمحلية عند الاستخدام الآمن لضمان الوصول إلى نتائج مرضية تساعد على توافر الغذاء اللازم وفى الوقت نفسه يكون آمنًا صحياً.

وتبلغ نسبة استخدام المبيدات في الدول النامية 7% من حجم الإنتاج  العالمي  لكنها الأكثر سمية وخطورة على الإنسان والحيوان والنبات، حيث إن غالبيتها من المبيدات المقلدة التي تعد من أكبر المشاكل في صناعة المبيدات والمعروفة بأعلى نسبة سمية وبحلول عام 2010 ستكون 76 % من المبيدات في العالم مقلدة.

ويؤكد المركز أن تلوث التربة الزراعية يعنى الفساد الذى يصيبها فيغير من صفاتها وخواصها الطبيعية أو الكيميائية أو الحيوية بشكل يجعلها تؤثر سلباً بصورة مباشرة أو غير مباشرة على من يعيش فوق سطحها من إنسان وحيوان ونبات وتعد أهم مصادر التلوث :

التلوث بالمبيدات: بالنظر إلى تاريخ استخدام مبيدات الآفات فإن تطور المبيدات التاريخي يوضح بصورة قاطعة نوعيتها – طرق التطبيق – مجالات الاستخدام – كيفية إحداث الأثر السام Mode of action وذلك بداية من المواد غير العضوية كالزرنيخ والرصاص وغيرهما ثم المواد ذات الأصل النباتي Botanical والمدخنات الغازية Fumigation ثم انتهاء بالمركبات المخلقة التابعة للمجموعات الفعالة سواء كلورنية وفسفورية وكاربامتية وبيرثرينات مخلقة صناعياً، وهذه المبيدات قد تكون متخصصة لآفة معينة أو قد تكون عامة أو متعددة الأغراض وتكافح أكثر من آفة.

وحتى يمكن الحد من الأضرار الناتجة عن مخلفات (متبقيات) المبيدات فلابد من القيام بتحليل مخلفات هذه المبيدات ، والمقصود بتحليل المخلفات إنما يتمثل في الكشف عن محتوى المبيد من المادة الفعالة والتأكد من مطابقتها لما هو معلم ومكتوب على النشرات وعلى العبوات وفى بطاقات التسجيل، وكذلك التأكد من مواصفات المادة الفعالة وكذلك المستحضر وتحليل المخلفات (المتبقيات ) فقد تتماثل طرق الكشف فيها ولكن الفرق يتمثل فى الدقة المطلوبة للتقدير وحدود المستويات المطلوب الكشف عنها حيث يسمح بنسبة من الخطأ في تحليل المستحضرات ولا يسمح بذلك في المتبقيات (المخلفات).

ويجب أن تراعى الشركات المنتجة وضع هذه المعلومات على العبوة مثل: مبيد الآفة ، مخلفات المبيد،  وصف المخلفات، التناول اليومي للمخلفات ،  أقصى تناول يومي افتراضية،  التناول اليومي المحسوب ، أقصى تناول يومي محسوب ، التناول اليومي المقبول للمبيد، مستوى المخلفات التي لا تحدث تأثيرات معاكسة ملحوظة ، العمليات الزراعية الجيدة،  وثيقة أو دليل الحدود القصوى لمخلفات المبيدات ، والآفة .

حيث إن هناك بعض درجة ذوبان المبيد : تميل المبيدات قليلة الذوبان فى الماء إلى البقاء فى التربة فترة أطول من المبيدات كثيرة الذوبان، فعلى سبيل المثال يمكن لمبيد D.D.T  أن يبقى فى الأرض 30سنة بسبب قلة درجة ذوبانه في الماء،  في حين يمكث مبيد الكاربو فوران فى الأرض لمدة أسبوع واحد لأن درجة ذوبانه فى الماء عالية.

وتعد مياه الري مصدرًا غير مباشر لتلوث التربة الزراعية ويأتى هذا من إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى أو صرف مياه الصرف الصحى والصناعى على المسطحات والمجارى المائية المستخدمة فى رى الأراضى الزراعية التى بدورها تحوى على عناصر ثقيلة سامة ومبيدات وأسمدة كيماوية لها الأثر فى تلوث التربة الزراعية.

ويجب أن نشير إلى أن مشكلة المبيدات الزراعية في مصر تتراوح بين  سوء أساليب تداول استخدام المبيدات التى تسمح بحرية تداول واستخدام المبيدات في السوق المصرية ،‏ الأمر الذي يصعب معه السيطرة علي عدد وأنواع المحاصيل المسموح باستخدام مبيدٍ ما عليها‏ ، كما تصعب متابعة ومراقبة متبقيات المبيدات في المنتجات الزراعية المعدة للاستهلاك،‏ وكذلك فترة ما بعد الحصاد في محاصيل الخضر والفاكهة بالذات‏،‏ إضافة إلى التجاوزات والسلوكيات الخاطئة والتاريخ المَرَضى للمزارعين وعمال الرش‏، وهي أمور بالغة الأهمية والخطورة‏.‏

كذا تؤدى الفوضى في سوق المبيدات من خلال عدد من التقارير الرسمية منها :  تقرير لجنة الشئون الصحية والبيئية ،  تقرير المجلس القومي للتعليم والبحث العلمي،  مجموعة الثمانية إلى مزيد من المخاطر على غذائنا وجودة أراضينا.

بالإضافة إلى تسببها فى انتشار مرض السرطان إذ وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية فإن مصر مازالت في «المنطقة الخضراء» «اللون الأخضر الغامق» الأقل إصابة بمرض السرطان، وتمثل نسبة الإصابة بالمرض في مصر نحو ١٥٠ حالة لكل ١٠٠ ألف نسمة سنوياً، وتتراوح بين ١٠٠ و١١٠ آلاف حالة سنوياً ، وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، إذا استمر الحال كما هو عليه الآن ستصل نسب الإصابة بالسرطان إلى الضعف إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمكافحة هذا المرض خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة. وهو الأمر الذي أكدته أوساط علمية طبية أن ثمة زيادة في نسبة الإصابة بالأورام السرطانية في مصر طيلة السنوات الماضية.

وفي مصر تكمن المشكلة في عدم وجود إحصاء على مستوى الجمهورية يمكن به معرفة نسبة الأورام في السنوات الماضية إلا أنه من الملاحظ زيادة عدد مراكز الأورام في مصر خلال السنوات الأخيرة، وحتى هذه اللحظة يتم الحصول على نسب ومعدلات الإصابة بالسرطان من أعداد المرضى الذين يترددون على معهد الأورام.

وتقدر المصادر الرسمية عدد المصابين بأمراض خطيرة مثل الفشل الكلوي أو الفيروس (C)، الفشل الكبدي، السرطان بأنها تزيد على 8 ملايين مواطن.

‏وتشكل المبيدات الزراعية بأنواعها المختلفة خطراً كبيراً على الإنسان والبيئة ؛ ولا تختصر خطورتها للمستعمل لها فقط ؛ بل تتجاوز ذلك بعد فسادها والتخلص منها عشوائياً ؛ وتقول تقارير صحفية بوجود أكثر من (345) مخزناً في السودان تحتوي على مبيدات فاسدة لا يعرف كيفية التخلص منها ، وبعد تناول أجهزة الإعلام للقضية ، انتبهت أجهزة الدولة مؤخرا إلى خطورة الأمر ، وعقد المجلس الزراعي التابع لمجلس الوزراء ملتقى حول الكيمياويات الزراعية مستعرضاً حالة المبيدات ، وبين القائمون على الأمر أن هدف الملتقى هو توعية المواطن والشركات ومحاولة إيجاد محور تعاون بين الأطراف المهتمة لمعالجة الأمر.

وقال وزير الدولة بمجلس الوزراء فى أحد المؤتمرات التى عقدت بمناسبة ترشيد استخدام المبيدات : إن الاستخدام السيئ للمبيدات أدى إلى آثار سالبة للإنسان والحيوان والبيئة ، وزاد قائلاً : آثار المواد الكيمياوية سالبة على الإنسان إذا استخدمت بطريقة خاطئة تؤثر فى الماء والهواء والتربة وأدى ذلك الاستخدام السيئ إلى تفشي بعض الأمراض ، وكشف المؤتمر عن دخول وخروج بعض المبيدات للسودان عبر التهريب ، وعدد مشاكل المبيدات التي تكمن في المتابعة في الحقل ، ووجود مخازن كاشفة ، ووجود براميل بالقرب من مصادر مياه ، وأقر المؤتمر بمشاكل صاحبت مشاريع البيوت المحمية في استخدامها المبيدات ، منوهاً باندثار ثقافة الزراعة الطبيعي. 

 وقال الخبير الزراعي " نبيل حامد حسن" : من المفترض أن ترجع المبيدات الفاسدة إلى أمريكا باعتبارها الدولة المصنعة لها ولديها محارق مبيدات بمواصفات حديثة "، كاشفاً عن عدم وجود محرقة بالسودان ، موضحا ًوجود(5) أطنان ويكلف حرق الطن من المبيدات (4) آلاف دولار ، وعرف المبيدات من ناحية قانونية بأنها (سموم اقتصادية) والسّميّة تعتمد على الجرعة ، وأشار إلى أنه لا توجد مادة كيمياوية غير سامة ؛ سواء كانت (طبيعية أو مصنعة) ، ومنها واسع المدى ومتخصص ، وبين أنواع السميات (6) أنواع هي (فائقة السمية ، شديدة السمية ، عالية السمية ، معتدلة السمية ، نسبياً غير سامة، من ناحية علمية)، وقال لانسمح كـ( لجنة فنية تابعة للمجلس القومي للمبيدات بدخول ( الفائقة ، الشديدة) ، كما لا نسمح بدخول مركبات مسرطنة أو بها شبه سرطنة أو مسببة للتشوهات الخلقية في الأجنة أو مسببة للتطفر أو الإجهاضات أو المسببة للإضرابات الهرمونية.

وبين أن أنواع التسمم درجات ؛ تبدأ من الصداع ، الغثيان ، التدميع ، إفراز اللعاب ، التقيؤ وهي تشبه أعراض العديد من الأمراض المعروفة ، وتتدرج حتى التشنجات والتبول والتبرز لا إرادياً والشلل والاضطرابات الهورمونية ، الأورام السرطانية ، الإجهاضات، الزهايمر، باركنسون والموت.

وأكد نبيل : هناك سوء استخدام على المستوى الحكومي نسبة لعدم توافر المخازن المناسبة وتأخر فتح العطاءات ، موضحاً أنه لابد من وجودها بالمخازن قبل الخريف ، بجانب ضعف المخزنجية ، وعدم وجود إحصائية حقيقية عن الموجود من كل نوع حتى يساعد في الكميات الواجب استيرادها كل عام ، وأشار إلى أن الجهات المسئولة تخفي المعلومات الحقيقية عما يوجد بمخازنها ، وتبالغ في الكميات المطلوبة ؛ بجانب عدم توافر المعامل المتخصصة لضبط الجودة وتأكيدها وضرورة إضافة لوائح جديدة لقانون المبيدات ومنتجات مكافحة الآفات ، وقلة عدد المتخصصين في مجالات المبيدات والسميات بما في ذلك داخل عضوية المجلس ، وأشار إلى أنه لابد من تغيير طريقة التعاقدات بخصوص شراء المبيدات ورشها، وطالب بتشجيع الشركات القادرة على تصنيع المبيدات وتجهيزاتها محلياً ؛ مما يعود بالفائدة الكبيرة لكل الجهات بجانب دعم جهات الرقابة على بيع المبيدات ومكافحة التهريب بكل السبل الممكنة.

وعلى مستوى شركات المبيدات أكد المؤتمر ضرورة الاعتماد على كل المتخصصين فى المجال ، والمشاركة في تجهيز المعامل المتخصصة والمعتمدة ، وتبني العقود التي تضمن التخلص من العبوات ، والمساعدة في إعادة مدارس المزارعين لكل مشروع مروي.

وطالب الجهات البحثية بتوفير المعلومات الأساسية عن كل الآفات والعمل بمفهوم الفريق والتركيز على دراسات الجدوى الاقتصادية لكل آفة.

وطالب إدارة المشاريع الزراعية بضرورة تأهيل مطارات الرش وإعادة تدريب المفتشين والتأكد من الكميات المطلوبة والالتزام بالحزم التقنية وعدم التصرف في المبيدات التالفة دون الرجوع إلى المجلس القومي للمبيدات ولجانه الفنية والالتزام بالجرعات الموصى بها . 

أكد تقرير رسمى قدم إلى المؤتمر أن إجمالى استهلاك مصر من المبيدات يصل إلى 8200 طن سنويا ، ونبه إلى ضرورة البدء فى تنفيذ مدونة السلوك المصرية لتداول المبيدات لضمان حماية الصحة العامة وسلامة الأغذية وعرض المؤتمر للمشاكل التى تواجه الاستخدام الآمن للمبيدات خلال مراحل التداول تمهيدا لوضع قرارات قابلة للتطبيق وتحل مشاكل الاستخدام للحفاظ على البيئة والصحة العامة وضمان جودة الإنتاج الزراعى.

وأشارت شكاوَى للمركز وتقارير صحفية إلى أن المبيدات المسرطنة أصبحت كابوسًا لمزارعي الغربية بعد قيام تجار السوق السوداء وتحديدًا بقرى قطور وطنطا والمحلة والسنطة باستيراد كميات كبيرة منها عن طريق التهريب من أماكن غير معلومة المصدر، وإنشاء مصانع بدون ترخيص لتعبئتها، وكتابة علامات تجارية "مضروبة" وإغراق الأسواق بها رغم تحذيرات مديرية الصحة.

وأشارت الشكاوى إلى أن الأنواع الرديئة من هذه السموم تفتك بالمزارعين وتسبب تدميرًا للبيئة والمنتجات الزراعية، ونظرًا لعدم وجود برامج توعية حقيقية للفلاح حول الأدوية الخطيرة التي يلجأ المزارع إلى شرائها من السوق السوداء جاهلا بخطورة استعمالها.

وحذرت إحد الشكاوى من أن استخدام المبيدات الزراعية بطريقة عشوائية تؤدي إلى أمراض سرطانية وتفتك بالبيئة وتسبب آثارًا جانبية شديدة التأثير، حيث يمتصها النبات وتصبح جزءًا من عصارته".

من جانبه أشار وكيل وزارة الصحة بالغربية إلى أنه أعلن مرارًا عدم التعامل مع أنواع مسرطنة من المبيدات الحشرية مثل مبيد حشري دايمولثوايت 40%، ملاثيون لايف، داينتول مستحلب ، وبودرة "د.د.ت" ومبيد "كارول" و"الدنيماكور" وبروميد الميثيلو" وهى أصناف محرم استخدامها وفقًا لقوائم وزارة الصحة والزراعة.

وتشير بعض الشكاوى إلى اضطرار المزارعين للجوء إلى السوق السوداء حيث إن معظمهم لا يجد مصدرًا آمنًا لشراء المبيدات، ويستعملون أصنافًا لا يعرفونها ويتضح بعد إصابتهم بأمراض سرطانية، مشيرين إلى أن على الوزارة توفير البدائل الآمنة وحماية المزارعين من تجار السوق السوداء وعصابات المبيدات المسرطنة.

 وفى أحد التقارير الصحفية أشار مدير إدارة مباحث تموين الغربية ، أن الإدارة تسعى جاهدة لمحاربة مصادر تلك المنتجات، حرصًا على حياة المواطنين، ويتم الضبط بشكل يومي ، ومن أمثلة وقائع الضبط : تم ضبط مصنع بدون ترخيص لتصنيع وتعبئة المبيدات الزراعية مستخدمًا خامات رديئة ومواد غير مصرح بتداولها من وزارة الزراعة لخطورتها على الصحة العامة، لما تسببه من أمراض سرطانية، ومحظور تداولها دوليًا ومحليًا، وتعبئتها داخل عبوات عليها علامات وبيانات تجارية لكبرى الشركات العالمية والمحلية.

 وأكد المصدر السابق ورود معلومات لدى ضباط الإدارة تفيد بقيام تاجر سوق سوداء بقرية شنراق مركز السنطة بإنشاء مصنع بدون ترخيص لتصنيع وتعبئة المبيدات الزراعية المغشوشة، والتي تسبب الأمراض السرطانية، وبمداهمة محل نشاطه تم ضبط برميل زنة 110 كيلو جرامات بداخله كمية من المبيدات مجهولة المصدر، ومعدة للتعبئة و80 عبوة 500 كيلو غير مصرح بتداوله و12 عبوة مبيد حشرى دايمولثوايت 40% زنة العبوة 900 جرام و124 عبوة مبيد حشري مدون عليها زنة العبوة 250 جرامًا و12عبوة ومنظم نمو زنة العبوة 150 جرامًا و18 عبوة مبيد زراعي زنة العبوة 500 جرام و20 عبوة مبيد حشري داينتول مستحلب 20% زنة العبوة 500 جرام محظور استخدامه وغير مصرح بتداوله تم التحفظ على المضبوطات، وتحرر المحضر 20634 جنح قسم ثاني طنطا.

 وأكد أن رجال مباحث التموين استطاعوا كشف سر انتشار أصناف من المبيدات المسرطنة بمحلات وأسواق المحافظة بعدد من المدن الرئيسية، إثر قيام صاحب شركة بأول طنطا لتجارة وتوزيع المبيدات المسرطنة مجهولة المصدر والمحظورة دوليًا ومحليًا، وبتقنين الأوضاع ، تم مداهمة مقر الشركة بمنطقة شعبية بطنطا، وتم ضبط ٤٥ كرتونة، من العبوات المحظور استخدامها، والتي يعاقب عليها القانون واعترف بعلمه بخطورتها الصحية وإتجاره فيها تم تحريز المضبوطات وتحرر محضر ٦٢٥٨ أول طنطا وجارٍ العرض على النيابة.

وأوضح مدير إدارة مباحث تموين الغربية أن جهود المباحث قد توصلت إلى ضبط أكبر كمية من المبيد بقرية شبرا النملة بمركز طنطا ليتم ضبط 13 طنًا و140 كيلو مبيدات فاسدة و4000 عبوة مبيدات زراعية مفرغة لمنتجات فاسدة ومسرطنة محظور بيعها وتداولها.

 ويشير إلى أنه "حينما وردت إلينا المعلومات التي أفادت بقيام أحد التجار وشقيقه بتجميع كميات كبيرة من المبيدات الزراعية المنتهية الصلاحية بمخزن بقرية شبرا النملة مركز طنطا، بقصد إعادة بيعه بعد تعبئته في عبوات بتواريخ إنتاج جديدة وعلامات تجارية مزورة، رغم علمهم بعد صلاحيتها وخطورتها الشديدة على الصحة العامة، تبين قيامه بخلط المبيدات لإخفاء معالمها، وتم ضبط ملصقات مزيفة لشركات إنتاج كبرى، والتحفظ على المضبوطات، وتحرر محضر 2344 جنح مركز طنطا".

كما استطاعت مباحث تموين الغربية من ضبط تاجر سوق سوداء إثر قيامه بإنشاء مصنع للمبيدات منتهية الصلاحية، وإعادة إنتاجها من مواد مشعة وخطيرة صحيًا بمنطقة استاد طنطا، وتدوين ماركات "مضروبة" ووهمية وتم ضبط عبوات من مبيد سيكوبمول بلجيكى الإنتاج وتبين فساده و3000 عبوة مبيد جرين جرسيلك ومبيد كوبر دي والعشرات من الماركات المزورة لشركات منتجة في هذا المجال وتم تحرير محضر 13458 جنح طنطا.

وفى هذا الإطار أشارت بعض الشكاوى إلى أن هناك نسبة تقدر بنحو 50% من الطعام المطروح في الأسواق معدل وراثياً ولا يعيه المستهلكون. وهناك مخاطر على الأبعاد العلمية والصحية المرتبطة بالأثر المحتمل لهذه المنتجات على صحة مستهلكيها، خاصة أن بعض الشركات المتعددة الجنسية تحتكر إنتاج البذور المعدلة جينياً وتروجها في أسواق العالم الثالث وتساعدها على ذلك جهات كهيئة المعونة الأمريكية، وعدم قدرة القانون فى مواجهة هذه الهيئات والشركات بعد دخول مصر في اتفاقية التجارة العالمية وعدم قدرتها على غلق أسواقها أمام منتجات هذه الشركات الاحتكارية، مما يؤدي إلى فقدان مصر لنصيبها في سوق الاستيراد الأوروبي الذي يضع القواعد والقيود الصارمة على دخول مثل هذه المنتجات إليه، والأبعاد المرتبطة بحقوق الفلاحين الفقراء غير القادرين على مقاومة نفوذ هذه الشركات.

ويؤكد المركز بأن لا يمكن تبرير إنتاج بذور مهجنة بدعوى أنها سوف تحل مشكلة الأمن الغذائي، لأن العالم لا يزال ممتلئاً بمصادر الثروة الغذائية التي لم يتم استغلالها بعد، مثلاً هناك 2500 نوع من أنواع الطحالب الغنية بالمكونات الغذائية والتي تجعلنا لسنا في حاجة للتعديل الجيني. حيث إن مشكلة الأمن الغذائي تُحلّ بتغيير أنماط الاستهلاك الغذائي وإعادة توزيع الغذاء المُنتج على وجه الأرض، كما يجب التفرقة بين التهجين الوراثي الذى يستخدمه الفلاحون عبر مئات السنين، والمختلف مع التعديل الجيني الأمر المستحدث وغير معروف المخاطر بعد.

 

وطبقًا لمعلومات بحوث الهندسة الوراثية فإن هناك وجودًا للأغذية معدلة جينياً في السوق المصرية، بدعوى أن تعداد سكان مصر يتزايد في حين أن الموارد الغذائية في الأرض قليلة، وتؤكد تقارير صحفية رفض المستهلكين الأوروبيين رفضا تاماً للأغذية المعدلة جينياً وقيامهم بالتظاهر وتنظيم الإضرابات ضد الشركات الأمريكية المتعددة الجنسية المنتجة لها، وعددت بعضًا من الأمثلة على هذه المنتجات مثل الذرة والطماطم والبطاطس والفول والترمس وحبوب الصويا وزيتها، وأكدت أنها تضر بصحة الإنسان والبيئة ضرراً شديداً. وأشارت هذه التقارير إلى أن السوق المصرية مليئة بالفعل بالمحاصيل المعدلة جينياً، مثل الذرة والفول والبطاطس والترمس بالإضافة للهامبرجر نفسه وهو مصنوع من حبوب الصويا المعدلة جينياً ويسبب السرطان. وأكدت أيضاً أن تجارب معهد الهندسة الوراثية الزراعية تترك أثرها فى الحقول المجاورة وتضر بالبيئة والصحة. وأشارت هذه التقارير إلى أن الفلاحين في الكثير من مناطق العالم يواجهون خطر الشركات المتعددة الجنسية التي تفرض عليهم زراعة البذور المعدلة جينياً.

ويهمنا أن نشير هنا إلى بحث قدمه المرحوم عريان نصيف محامى الفلاحين لمركز الأرض ذكر فيه أن مصر تحتاج إلى 700 ألف طن من البذور والتقاوي سنوياً بما يعادل 200 مليون جنيه، ومع تطبيق سياسات تحرير الزراعة في مصر تم تهميش دور الهيئات الزراعية في ضبط سوق البذور وصدر قرار وزاري ينص على حق أي شخص طبيعي أو معنوي في إنتاج أو إصدار أو تداول البذور. وتم بعد ذلك تطبيق سياسة الاستيراد من أمريكا من أجل التصدير لأوروبا، ويتم استيراد حبوب أمريكية من سلالات مستحدثة تعطي زيادة كبيرة في المحصول في العام الأول لكن هذه الزيادة تتدهور في العام التالي وتنقل الأمراض والآفات في العام الثالث- طبقاً لأبحاث د. طه الإبراشي. إن نقص الحبوب في العالم من شأنه أن يمنح الولايات المتحدة السلطة للسيطرة على العالم، وقد أسس وزير الزراعة الأسبق يوسف والي علاقة تبعية وثيقة بين سوق الحبوب المصرية والمورِّد الأمريكي ، حتى إن وزارة الزراعة فرضت على الفلاحين بذور قطن أمريكية. ولذلك لابد على السوق المصرية من مقاومة البذور والتقاوى الأمريكية من خلال الالتزام الحقيقي بمواد القانون رقم 53 لسنة 1956.

ويهمنا فى هذه السياق استعراض مشكلة تقاوى البطاطس التى أدت إلى إفقار مئات الفلاحين بمحافظة البحيرة حيث سلمتهم إحدى الشركات بذور البطاطس باعتبارها من أجود الأنواع ولكنها لم تنبت فى الأرض وأخرجت رائحة نتنة لم يتحملها أهالى المنطقة واضطر الفلاحون إلى تحرير محاضر بأقسام الشرطة ضد شركة البذور [ من شكاوى الفلاحين لمركز الأرض].

 

11- هدر مورد الأرض الزراعية وتأثير ذلك فى قطاع الزراعة وحقوق الأجيال ومستقبل بلادنا:

السمة التى امتازت بها مصر منذ فجر التاريخ تضيع ويتم إهدار جودة الأراضى الزراعية وخصوبتها التى تراكمت عبر الآلاف السنين على جانبى النيل.

تضيع الأراضى الآن بمنتهى السهولة ويتم اغتيال مستقبل الأجيال القادمة ومستقبل بلادنا ويتم هذا الهدر بسبب البناء على الأرض الزراعية وزحف العمران عليها مما أدى إلى ضياع أكثر من مليون فدان على مدار عشرات السنين الماضية وذلك بسبب تولى حكام فاسدين ومنحازين إلى رجال الأعمال وكبار الملاك والفاسدين.

مما أدى إلى تبوير الأرض الزراعية وخداع الفلاحين لبيع أراضيهم للتجار الذين بنوا عليها الأبراج السكنية والمصانع.

ولأن السياسات التى تطبق والثقافة السائدة تعظم الربح فقد اضطر الفلاحون أمام انخفاض دخولهم الزراعية وتردى مستوى معيشتهم وعدم وجود فرص عمل لأسرهم إلى بيع أراضيهم لعمل مشروعات أخرى تساعدهم على الحياة.

وأمام هذه السياسات المتجاهلة بناء مستقبل آمن للمصريين ضاعت أكثر من خُمْسِ مساحتنا الزراعية خلال الخمسين سنة الماضية ورغم محاولات الدولة منذ خمسينيات القرن الماضى استصلاح الصحراء وتعويض الأراضى المفقودة لكن التجار ولصوص المستقبل والفاسدين طبقوا نفس السياسات على الأراضى الجديدة.

فيكفى السير على طريق مصر إسكندرية الصحراوى لتكتشف المنتجعات التى يشرعون فى بنائها بدعوى تعمير الصحراء بعد صرفنا على استصلاح هذه الأراضى ملايين الجنيهات وضياع عرق وجهود آلاف الفلاحين ومادامت الدولة تطبق منهج الربح فلا حل لتلك الأزمة.

ومادام لا توجد رؤية واضحة لاستصلاح الأرض وزيادتها والمحافظة على الرقعة الزراعية ومعالجة الأسباب التى تؤدى إلى بناء المواطنين على الأرض فإن الأزمة ستظل مستمرة وتعيد إنتاجَ نفسِها بطرق مختلفة.

ويكفى أن نذكر أن معظم القرى المحيطة بالقاهرة الكبرى والمدن الرئيسية بالمحافظات قد تم هدر معظم أراضيها ، ومثالاً لذلك نقول إن قرية الوراق بالجيزة التى كان تزيد حيازتها الزراعية على خمسة آلاف فدان من أجود الأراضى الزراعية قد اضمحلت لتصل إلى مساحة لا تزيد على مائتي فدان بسبب الإتجار فى الأراضى ، وفى هذه الإطار يجب أن نذكر أن القوانين وحدها لا تكفى لإيقاف هدر الأرض الزراعية ، فالفاسدون بأجهزة الدولة يتمكنون من التحايل على النصوص ويهدرون مواردنا التى توارثناها عن أجدادنا بالمخالفة لكل أعراف وقوانين وثقافة بلادنا.

 

12- التعاونيات الزراعية جثث ميتة فى الريف وتؤدى عملها كملحق لوزارة الزراعة:

شهدت الفترة الأولى من خمسينيات القرن الماضى وحتى نهاية الستينيات سيطرة شاملة من الدولة على التعاونيات الزراعية، والتى استهدفت تعبئة الطاقات الإنتاجية والتجميع الزراعى فى محاولات لزيادة الإنتاج لاسيما فى إنتاج القطن، وكان ثمة استبعاد للمزارعين الصغار بالجمعيات التعاونية؛ مما أدى سيطرة كبار المزارعين على التعاونيات الزراعية فى المستوى المحلى للقرى وقدرتهم على التهرب من الدورة الزراعية.

وشهدت فترة التحول التى سميت بالانفتاح الاقتصادى فى بداية سبعينيات القرن الماضى تهميش التعاونيات الزراعية واستمرار سيطرة كبار المزارعين.

ثم شهدت فترة تطبيق برامج التكيف الهيكلى الاستبعاد التام للجمعيات التعاونية، خاصة بعد انتقال بعض أدوار الجمعية الزراعية إلى بنوك القرى فى نهاية سبعينيات القرن الماضى ، وأدى هذا الوضع إلى تدهور حال الجمعيات التعاونية الزراعية.

ورغم أن التعاون الزراعى يعد أحد الحلول المهمة التى يمكن أن تعمل على الخروج من أزمة بلادنا وحماية حقوق المزارعين لاسيما فى ضوء محدودية الموارد، وأيضًا تساعد على علاج بعض الاختلالات الاجتماعية وتدهور المخزون والرصيد الاجتماعى والقيمى التى جاءت كنتيجة للاعدالة واللامساوة فى شتى المناحى الاجتماعية والاقتصادية، وانتشار الفقر - إلا أن الواقع العملى ومنهج الدولة وسياستها تجاه هذا القطاع يؤكد أنها ماضية لقتل الميت المدفون بأركان القرى والمسمى بالجمعيات الزراعية.

ويعود الخلل فى دور التعاونيات إلى تخلى الدولة عن أدوارها منذ السبعينيات وحتى الآن فى دعم مختلف قطاعات الاقتصاد القومى وعلى رأسها القطاع الزراعى وتباهِى المسئولين بأن دور الدولة فى هذا القطاع أصبح مقصورًا على ميدان الإرشاد والبحوث الزراعية ، وتركت للقطاع الخاص مهام التمويل والتسويق والإنتاج وكافة المهام الأخرى المتعلقة بالإنتاج الزراعى وبذلك تقلص دور التعاونيات التى كانت تمثل ذراع الدولة فى القطاع الزراعى فى فترة الستينيات وانحصر فى بعض المهام الطارئة التى كانت الدولة تضطر للتدخل لإنجازها- أزمات السماد والتقاوى وأحيانا التسويق – معتمدة فى ذلك على التعاونيات.

وكنتيجة منطقية لهذا كله فقدت التعاونيات مكانتها وانحسرت قدراتها وتضاءل مدى أنشطتها وحلت محلها مؤسسات ومنظمات خاصة لا تستهدف إلا الربح.

وتعكس المؤشرات الواردة فى جدول (1) حجم التدهور الذى أصاب النشاط التعاونى خلال فترة التحول الأساسية بين أعوام 1996 – 2005.

جدول رقم (1)

المؤشر

1996

2005

عدد الجمعيات

عدد الأعضاء بالألف

حجم الأعمال بالمليون جنيه

عدد الجمعيات

عدد الأعضاء بالألف

حجم الأعمال بالبليون جنيه

المطلق

القياسي

المطلق

القياسي

الأسعار الجارية

الأسعار الثابتة

الزراعية

5502

3530

30000

6598

119

4000

113

25

13.00

الأسماك

95

90

1300

90

94

90

1

1

0.54

الإسكانية

1660

1500

10000

1987

119

2000

130

8

4.3

الاستهلاكية

7334

5100

700

4005

54

4000

78

1

0.54

الإنتاجية

464

67

474

482

103.8

58

86

1

0.54

الإجمالي

15055

10287

42474

13162

87

10148

98

36

19.5

 

ومن خلال الشكاوى والملاحظات الميدانية لمركزالأرض عام 2014 يتضح أن هذه الجمعيات ليست لها علاقة بتنمية زراعية أو دعم لحقوق المزارعين، ويقتصر دورها فى الحصر الذى تتطلبه وزارة الزراعة ، واستخراج الشهادات للمزارعين ، وتعد فى النهاية مراكز إدارية ملحقة بوزارة الزراعة وليست مجالس الإدارة التى يتم تغييرها كل فترة إلا مجموعة أسماء يتم ضبطها من قبل مديرى الجمعيات العاملين بالوزارة ، وللأسف فإن المئات من أعضاء مجالس إدارات الجمعيات الزراعية قد وافتهم المنية ومع ذلك مازالوا أعضاء بمجالس إدارة لجمعيات وهمية.

وفى رأينا أن الجثث الميتة لا يمكن بعث الروح فيها من جديد إلا من خلال سياسات بديلة تطبقها الدولة بهدف نهضة قطاع الزراعة وحماية حقوق الفلاحين وأن تتخلى بشكل نهائى عن انحيازها للشركات والتجار وكبار الملاك أو على الأقل توازِنْ بين مصالح صغار المزارعين وهؤلاء.

وفى رأينا أيضًا أن ذلك لا يمكن أن يتم فى ظل سيطرة حلف الفساد على أجهزة الدولة والذى أدى خلال السنين الماضية إلى تدهور القطاع وخراب بيوت الفلاحين ، ويمكننا فى هذا الإطار أن نتبين أن تجربة النقابات المستقلة يمكن أن تؤدى دورًا كبيرًا فى دعم هذا القطاع وتفعيله من أجل نهوض قطاع الزراعة ودعم حقوق الفلاحين فى العيش الآمن والزراعة الآمنة.


ثانيًا: الدور السلبى لوزارة الزراعة والرى وفساد بعض موظفيها وانحيازهم لكبار الملاك

 

أدى دور الحكومة السلبى تجاه حقوق الفلاحين فى الإرشاد ودعم قطاع الزراعة ورفضها شق قنوات جديدة وتوفير مياه الرى لأراضى المزارعين ودعم وتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعى وحماية أسواق صغار المزارعين من احتكار الشركات الكبيرة إلى تدنى دخول صغار المزارعين فمئات الترع فى المحافظات المختلفة لم يتم تطهيرها بدعوى عدم وجود ميزانيات.

كما أن الأراضى الزراعية المستصلحة تعانى مشاكل لا حصر لها بسبب نقص مياه الرى فى الترع وعدم انتظام المناوبات مما يؤدى إلى عدم وصول المياه إلى معظم الأراضى، أضف إلى ذلك ارتفاع أسعار السماد والكهرباء ومواتير ضخ المياه خاصة فى المناطق المستصلحة الأمر الذى أدى إلى حبس الفلاحين وموت زراعاتهم.

هذا بالإضافة إلى فساد بعض موظفي وزارة الزراعة الذى أدى إلى تسليم كبار الملاك عشرات الآلاف من الأفدنة بأثمان قليلة وفى الوقت نفسه تقوم فيه الوزارة بتحديد أسعار مغالى فيها لأراضى صغار المزارعين.

وفى الوقت الذى تدعى فيه الحكومة قلة مواردها وترفع أسعار الطاقة والكهرباء والسلع الأساسية لمعيشة المصريين تتجاهل مطالب اتحاد الفلاحين وشكاواهم المتعددة لإعادة تقييم أراضى الشركة المصرية الكويتية وجمعيات رجال الأعمال والشرطة وأصحاب النفوذ الذين استولوا على أكثر من 30 ألف فدان بمنطقة العياط بمبالغ زهيدة ، الأمر الذى دفع مركز الأرض ممثلا عن اتحاد الفلاحين بتقديم  بلاغ للنائب العام ضد وزير الزراعة الذى رفض مطالب الاتحاد بإعادة تقدير أسعار الأراضى التى استولت عليها الشركات المذكورة وإعادة فروقات الأسعار المقدرة بأكثر من خمسين مليار جنيه وإعادة توزيعها على صغار الزراع بالمنطقة.

والشىء المؤسف أن الوزارة التى تستغل ظروف البلاد والتهديدات والمخاطر التى تلاحقها تهدد عشرات الآلاف من صغار المزارعين فى مناطق مختلفة بدفع أثمان باهظة لأراضيهم التى تسلموها منذ عشرات السنين وتقدر مساحة هذه القطع بفدانين ونصف بمنطقة بنجر السكر بالإسكندرية ووادي النطرون بالبحيرة.

حيث رفعت ثمن القطعة من نحو 10 آلاف جنيه لأكثر من ستين ألف جنيه وتهدد غير القادرين بالحبس والاعتقال والتحريض على التظاهر، ويؤكد المركز مخالفة سياسات الوزارة لنصوص الدستورالتي أقرت حقوق المواطنين في الكرامة والعيش بأمان ودعم الدولة لاحتياجاتهم.

فى ظل هذا كله تترك رجال الأعمال يعبثون فى الوطن بنفس طريقتهم القديمة ، ولعل ملف نهب أراضى الدولة مازال واضحًا لمن يرغب فى معرفة توجهات السلطة الراهنة وليس أدل على ذلك مما نشر عن الحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر والتى تقدر قيمة الفروقات التى نهبت من أموال الدولة ما يزيد على 30 مليار جنيه.

والجدير بالذكر أنه وبتاريخ25/5/ 2014 تقدم مركز الأرض بشكوى لوزير الزراعة عن اتحاد الفلاحين مطالبا الوزير بتسلم أموال الدولة التى تركتها حكومة مبارك المخلوع من الوليد بن طلال فى منطقة توشكى حيث كلفت الدولة الفدان الواحد أكثر من 11 ألف جنيه وباعته للوليد بـ 50 جنيهًا وللأسف فإن السيد وزير الزراعة رد على شكوى المركز قائلاً " بخصوص الطلب المقدم من مركز الأرض أتشرف بإحاطة سيادتكم بأن هذا الموضوع منذ عام 1997 أى أكثر من 17 عامًا، وأن مجلس الوزراء قرر بجلسته المنعقدة بتاريخ 21/9/1997 أن يتم التصرف فى المساحات بغرض الاستصلاح والاستزراع ويكون سعر الفدان خمسين جنيهًا دون أن تتحمل الدولة أية تكاليف لمرافق البنية الأساسية الخاصة بمساحة مشروع جنوب الوادى ".

وكأن قرار مجلس وزراء المخلوع مبارك محصن عن الطعن ويمنع الوزير من المطالبة بحق الدولة الذى يزيد بأسعار اليوم عن أكثر من مائتى مليار جنيه ، ويكشف رد الوزير عن انحيازه للفاسدين خاصة أن موظفيه يطاردون الفلاحين فى مناطق وادى النظرون الذين يتأخرون عن سداد أقساط قطعة الأرض التى لا تزيد على فدانين ونصف وتقدر الوزارة ثمنها بمبلغ يزيد على ستين ألف جنيه ويستخدمون كافة الوسائل للضغط على المواطنين لنهب دخولهم.

والجدير بالذكر أن عقد الوليد المحرر لشركة الوليد يقضى بأن من حق الوليد فى حالة رغبته فى التوسع أن يشترى أى مساحة أخرى بسعر 50 جنيهًا فقط للفدان ، وله حق الامتلاك المطلق ، وغير خاضع لأية ضرائب أو رسوم من أى نوع ، وقد حصل بموجب العقد على ضمانات تؤمنه وتحميه من المصادرة أو نزع الملكية فى الحاضر أو المستقبل ، ونص العقد على إعفاء شامل وكامل من كافة الالتزامات أو الضرائب أو المسئوليات ، وأن الدولة هى المسئولة وحدها عن توفير المياه وتشغيل وصيانة القنوات وتوفير المضخات والبنية الأساسية من كافة النواحى خاصة المالية !!

ونص العقد أيضًا على أنه لا رقابة على الأرض والمشروعات من أية جهة مثل الحجر الصحى أو وزارة الزراعة ، والدولة مسئولة عن استخراج التراخيص وتوصيل المرافق عندما يطلب منها الوليد أو ممثلوه ذلك!!

ونصت بعض الملاحق على أن الدولة تلتزم بإدخال المرافق وتوصيل الطرق ( خط سريع بمسارين ) والكهرباء والصرف وأن شركة الوليد غير مقيدة فى العمليات الزراعية مثل اختيار المحاصيل واستخدام المدخلات والمخرجات وإدخال المعدات والطائرات وكافة التطبيقات الأخرى ، ولها أن تقوم بكل ذلك دون موافقات من الدولة ، ولن تخضع لأية قيود تتعلق بالرقابة أو الحجر الصحى ، ولا تحتاج لممارسة نشاطها فى كل المجالات المذكورة لأية موافقات رسمية ويكفيها خطاب صادر من شركة الوليد مكتوب على ورق أبيض بخط اليد ودون رسوم لأجهزة الدولة لتمنحها كافة الشهادات والسجلات والإعفاءات!!

وقد نشرت عشرات التقارير الصحفية المدعمة بالمستندات مئات الفضائح لأراض تمت سرقتها بتواطؤ فاسدين وأجهزة داخل الدولة وقد نشرت جريدة الأهرام على صفحاتها العديدة هذه الفضائح كان آخرها ما نشر يوم 22/12 والتى جاء فيه : واجهنا كبار المسئولين المختصين فى حماية أملاك الدولة ، الذين أكدوا أن الأوراق بعضها مزور وجزء منها صادر بالتواطؤ من بعض ضعاف النفوس ومنعدمى الضمير بالشهر العقارى وهيئة المساحة المصرية مع المافيا التى تجيد ترتيب أوراقها جيدًا، حيث بدأ نسج خيوط الواقعة منذ عدة أشهر للاستيلاء على مساحة ٢٩٤ألف متر مربع "٧٠فداناًبمنطقة كارفور خلف مستشفى الشرطة بالحديقة الدولية تصل قيمتها إلى أكثر من ٥ مليارات و٨٠٠مليون جنيه تمهيداً للاستيلاء على المنطقة بالكامل التى تصل مساحتها إلى ١٨٠فداناً

وبمواجهة المهندس السيد عبدالعظيم وكيل الوزارة ورئيس الإدارة المركزية للهيئة العامة للمساحة المصرية لمحافظات غرب الدلتا والصحراء الغربية بالمستندات قال:إن واقعة الاستيلاء على هذه المساحة ٧٠فداناً بمنطقة الحديقة الدولية التى يصل سعر متر الأرض بها حالياً إلى نحو٢٠ألف جنيه ، بدأت بصدوركشف تحديد مساحة لتعامل متعد على منافع عامة من هيئة المساحة بالطلب رقم ٢٧٨لسنة ٢٠١٣ قسم محرم بك وجاء ببياناته أن هذه الأرض تقع بمنطقة تخطيط كارفور خلف مستشفى الشرطة وهى مردومة من بحيرة مريوط وهذه البيانات لصالح التشكيل العصابى الذى يهدف إلى الاستيلاء على أراضى الدولة ، وعندما علمت بشبهة التواطؤ بصدور هذا الكشف أبلغت النيابة التى تجرى تحقيقات موسعة فى هذه الواقعة حيث إن الموظف الذى أصدر كشف التحديد حصل رسوماً (تقدر بألفي جنيهفقط فى حين رسومه تبلغ أكثر من ٢٢٠ ألف جنيه وعندما اجتمعت اللجنة العليا بهيئة المساحة بالقاهرة لاعتماد هذا الكشف رفضت التوقيع لعلمها أن الإشهار رقم ٧لسنة ١٩٤٧مزور وأتى به من الشهر العقارى بالمنصورة بعد رفض شهر عقارى الإسكندرية تلبية مطالب العصابة وأرسل خطاباً لرئيس القلم الهندسى موضحاً فيه أن مكتب المنصورة أفادهم بأن العقود أرقام ٧و٨و٩لسنة ٤٧ ليست سند ملكية وإنما هى أرقام تسلسل فى دفاتر الوارد للمكتب من محكمة كفر الدوار بالإضافة إلى أن الرسوم الحقيقية للكشف تم تحصيلها بتاريخ لاحق من صدوره وهذا مناقض للعمل المساحى مشيراً إلى أن بعض أعضاء اللجنة أحيلوا للنيابة للتحقيق معهم.

وليس الحال فى الإسكندرية ببعيد عن الغربية ، فالأرض التى تم تخصيصها لإقامة مركز شباب لأهالى قرية القرشية التابعة لمركز السنطة والبالغ مساحتها ٣ فدادين و١٢ قيراطا وتم دفع مبلغ ٥٠ ألف جنيه كدفعة من ثمن الأرض دفعتها وزارة الشباب والرياضة لصالح هيئة الأوقاف المالكة لتلك الأرض وقبلت الأوقاف ذلك البيع وتسلمت شيك الدفع ، مشفوعة بقرار تخصيص لصالح مركز الشباب أصدره ماهر الجندى محافظ الغربية آنذاك فى عام ١٩٩٧ ، إلا أنه ما من شفيع لهم عند بلطجية رجال الأعمال بعضهم نواب برلمان سابقون من فلول الحزب الوطنى الذين راقت لهم قطعة الأرض التى خصصت للشباب لعلهم يجدون فيها متنفسًا من ضيق الحياة التى أفسدوها ، وما عاد للحالمين بإيجاد مركز رياضى للشباب إلا أن يشمروا عن أيديهم ويواجهوا بصدور عارية بلطجة "الكباربعد أن تركتهم أجهزة الدولة ، متعففة عن الدخول فى صراع مع أصحاب النفوذ والقوة على قطعة أرض تعلق بها الحالمون ، ودفعت الدولة متمثلة فى وزارة الشباب والرياضة ثمنها.

وفى مقال لفاروق جويدة بجريدة الأهرام يوم 5/12/2014 مخاطبًا رئيس الوزراء " أولى هذه القضايا هو توزيع الأراضى على أصحاب المصالح والمنتفعين وكيف تم توزيع ثروة الأجيال القادمة بهذه الصورة الوحشية.. منذ سنوات حين كتبت عن أرض العياط الشهيرة ومساحتها 35 ألف فدان كنت أتصور أن هناك حكومة سوف تحاسب أو تسأل .. ولم أكن أتصور أن يدور ملف هذه الكارثة فى مكاتب المسئولين حتى الآن رغم أن أحد التقديرات أكد أن سعر هذه المساحة من الأراضى يتجاوز 50 مليار جنيه وفى رواية أخرى 74 مليار جنيه .. إلى أين وصلت هذه القضية لا أحد يعلم.

إن ملف الأراضى مازال حائرا بين المسئولين وحين خرج القاضى المستشار هشام جنينة معلنا حقيقة ما حدث فى الحزام الأخضر قامت عليه الدنيا ولم تقعد حتى الآن .. لا أحد يريد استرداد هذه الأراضى من أصحابها ولكننا فقط نريد حق الشعب فيها ..

أقول للمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء إلى متى تفتش الحكومة فى جيوب الغلابة والفقراء وبأى منطق تبيع شقة مساحتها 100 متر للشاب بسعر 600 ألف جنيه ومن أين يأتى بهذا المبلغ؟! وبأى منطق تطاردون الناس فى العشش الريفية تطالبونهم بالضريبة العقارية ويتسلل مأمورو الضرائب فى خرائب الريف كل ليلة لإثبات الضريبة .. أيهما كان أحق وأجدر بالحساب الذين حصلوا على مئات الآلاف من الأفدنة بأسعار زهيدة أو الذى أقام لأبنائه عشة تحميهم من برد الشتاء .. إن الرئيس عبد الفتاح السيسى وهو يطرح نفسه رئيسا جمع حوله فقراء هذا الوطن وقد تجاوزوا الآن 60 % من أبناء هذا الشعب .. فهل من العدل أن تباع لهم الشقة بسعر 600 ألف جنيه .. وهل من الحكمة أن تدخل الدولة فى منافسة مع القطاع الخاص لإشعال أسعار العقارات بهذه الصورة الوحشية؟!

يحدث كل هذا التواطؤ والفساد فى الوقت الذى تحرم فيه مؤسسات الدولة غالبية الفلاحين من تملك أراضى الإصلاح أو الأوقاف أو الاستصلاح بل تقوم بتأجيرها لهم بإيجار سنوى يقدر بنحو خمسة آلاف جنيه وكما تندر بعض الفلاحين قائلين : " يا ريتنا كنا أجانب أو عندنا جنسية تانية علشان يدونا قطعة أرض ببلاش".

ويؤكد المركز أن رائحة الفساد تملأ سماء البلاد وللأسف تنتشر فى كل المجالات والهيئات إذ لا يعقل فى بلد تدعى سلطاتها أنها أم " الوطنية " وأبوها أن تدير مصالحها بعض المكاتب الاستشارية التى تتبع جهات وحكومات غربية وعربية [ ملفات الغاز والأسمنت والبترول نماذج مثلاً ].

وتقول بعض الشكاوى لمركز الأرض إن هذه المكاتب الاستشارية هى من ترشح الوزارات وتقوم بدارسات الجدوى للمشروعات الكبرى وترشح القائمين بتنفيذها وتتلقى المليارات نتيجة هذه الجهود!


ثالثًا : انتهاك حقوق المزارعين فى العيش الكريم الآمن

 

خلال 2014 تزايد التدهور فى دخول المزارعين وكذا أوضاعهم التعليمية والصحية ورغم صدور دستور 2014 الذى أفرد نصوصًا كثيرة تكفل حقوق المواطنين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومع ذلك مازالت نسب الأمية فى تزايد مستمرة كما أن أوضاع المدارس وحالة التعليم العام والخاص والجامعى تزداد سوءًا من حيث جودة العملية نفسها أو أوضاع المبانى وأحوال المدرسين.

ولا يختلف الأمر بالنسبة للرعاية الصحية حيث لا يتم بناء مستشفيات جديدة وتترك الدولة العيادات الخاصة لتقوم بالرعاية الصحية دون رقابة أوتجهيز ، وبالطبع فإن المريض الذى لا يمكنه دفع ثمن علاجه فإنه سوف يموت من المرض أو يعجز.

هذا بالإضافة إلى سوء أوضاع الرعاية الصحية داخل المستشفيات العامة ويكفى أن نشير إلى وجود آلاف المرضى الذين ينتظرون دورهم لاستئصال عضو تالف أو إجراء جراحة عاجلة.

كما تشير المؤشرات والتقارير الصحفية إلى تزايد أعداد مرضى الفشل الكلوى والكبد الوبائى والسرطان بشكل بالغ فى ظل تجاهل مؤسسات الدولة أو عجزها عن مواجهة هذه الأمراض ، ولعل أبرز أسباب هذه الأمراض المتفشية هو تلوث مياه الشرب واختلاطها بالصرف فى معظم قرى مصر.

وتلقى مركز الأرض عشرات الشكاوى عام 2014 من مناطق مختلفة تفيد تدنى أوضاع الحقوق الاقتصادية والخدمات العامة ، فيصرخ أهالى قرية حاجر أبو داغر التابعة لأرمنت بمحافظة الأقصر قائلين " نعيش فى ظلام دامس رغم أن الكهرباء تمر فوق منازلنا ، ونشرب مياهًا ملوثة من الآبار رغم أن مياه الشرب النقية تمر من أمام قريتنا ... أغيثونا ، أولادنا يموتون من الفشل الكلوى والكبد ، ويهاجمنا الذباب والحشرات والعقارب والثعابين ، والمسئولون فى غياب ونائمون ، نشرب من الترع والمصارف رغم أن محطة المياه بأرمنت تكفى كل القرى ، لكن لا أحد فى هذه المدينة يسمع شكوانا ".

ويتساءل الأهالى : " أليست الكهرباء والمياه حقوقًا آدمية يكفلها الدستور والقانون ، نحن لا نطالب بتوصيل الصرف الصحى إلى منازلنا ، نحن نطالبكم بتوصيل المياه والكهرباء إلى الخرابة التى نعيش فيها وتسمونها نجعًا وتحكمونها بالنار والحديد؟! "

وفى محافظة سوهاج يتعرض نجع المصلحة بمركز دار السلام إلى حرائق مستمرة بسبب حريق محول الكهرباء يوم 13/8/2014 ، ورغم إخطار المطافى التى قامت بإطفائه فقد توجه الأهالى إلى رئيس إدارة الكهرباء ورئيس قطاع كهرباء سوهاج ليقوم بإصلاح المحول ، لكن الجميع أكد أن المحول متهالك ولا يكفى أحمال النجع.

يقول الأهالى : " النيران تشتعل باستمرار فى بيوتنا وأولادنا يتم كهربتهم من الأسلاك العارية والمحول تهالك لقدمه فعمره يزيد على 33 عامًا ولم يتم عمل صيانة أو تغير لأسلاكه خلال هذه المدة ، ولا يمر شهر إلا تتلف أجهزتنا وتشتعل النيران فوق أسطح منازلنا ، وهل يكفى رد الحكومة أن المحول لا يتحمل استهلاكنا وأن الأحمال زائدة ، لماذا لا تقومون بتزويد طاقته ، ومن مسئول عن تعويضنا عن أثاثنا وأبنائنا الذين يتم حرقهم كل شهر؟! أغيثونا من فضلكم ".

ومن ساحل سليم بمحافظة المنيا يقول الأهالى فى شكواهم للمركز : نحن سكان إحدى المناطق المجاور للمركز ونعيش فى ظلام دامس ودون مياه شرب نظيفة ، والمشكلة أنه بمجرد وصول الظلام فإن منطقتنا تتحول إلى وكر للعصابات ، وقد طالبنا المحافظ والمركز عشرات المرات بإدخال الكهرباء إلى منازلنا لكن لا حياة لمن تنادى.

ومن محافظة الجيزة بمنطقة بشتيل يصرخ أهالى عزبة أبو سعدة وشارع المسبك ولعبة من عدم توصيل الكهرباء أو مياه الشرب نظيفة أو صرف صحى إلى منازلهم ويضطرون لعدم خروج نسائهم وبناتهم وأطفالهم بعد المغرب ، مما يؤثر فى تعليمهم ومصالحهم ، ويؤدى ذلك إلى حبسهم فى بيوتهم منذ حلول الظلام ، ويتساءل الأهالى : " لِم لا يتم توصيل الكهرباء والمياه والصرف إلى منازلنا ، نحن لا نطالبكم بتوصيلها بشكل مجانى كما نص الدستور ولكن نقول لكم خذوا ثمن توصيلها إلينا .. ألا يهمكم سلامتنا وأمننا وصحة وتعليم أولادنا ، ألسنا مسئولين منكم باعتباركم حكومتنا الرشيدة؟! "

ويطالبنا أهالى قرية أولاد خلف بسوهاج برفع مطالبهم إلى المسئولين حيث يعانون من عدم وجود المرافق فى بيوتهم التى تتألف من حجرة وحمام وزريبة للمواشى، ومعظم البيوت مسقوفة بجريد النخل والبوص وقد فوجئوا بموظف الضرائب العقارية يطالبهم بمبالغ سنوية باهظة باعتبار أثمان بيوتهم تتعدى الـ200 ألف جنيه ، وقد حاولوا معه أن يقلل التقدير لأن بيوت قرية لا يوجد بها أنشطة تجارية أو صناعية أو ورش أو عيادات أو مكاتب أو مصانع أو أى نشاط سوى الفلاحة التى ضاقت على أولادهم فهجوا إلى المدن.

ويقولون : " نحن لا نطالبكم بتوصيل المرافق أو فتح مستشفيات أو مدارس أو جامعات فى قرانا ونجوعنا ، نحن نطالبكم بالكف عن فرض إتاوات جديدة علينا ".

كما أفادت بعض الشكاوى أن الحكومة تسعى بدأب فى السير بخطتها لاستنزاف قدرات المواطنين عن طريق إجراءات عديدة تستعد لتنفيذها وليس أدل على ذلك من قانون الضريبة العقارية الذى ستستولى فيه على 10% من قيمة الإيجارات وكذا مشروع قانون التصالح مع المخالفين فى إنشاء المبانى والذى تأمل بجمع أكثر من 100 مليار جنيه من جيوب المواطنين.

وفى هذا السياق قام موظفون تابعون للهيئة العامة لمياه الشرب والصرف الصحى بمحاولة لغلق المياه عن منازل قرية الرهاوى مركز إمبابة جيزة ، وذلك بعد رفض العديد من الأهالى دفع الرسوم التى فرضتها الشركة عليهم ، وهدد الموظفون الأهالى بضرورة دفع فواتير استهلاكهم لمياه الشرب الملوثة وإلا قاموا بإبلاغ مركز الشرطة بالقبض عليهم والحجز على منازلهم واضطروا إلى حبسهم.

هذا والجدير بالذكر أن الشركة تحركت بعد قيام عشرات الأهالى فى شهر نوفمبر بالتقدم بشكوى لمحافظ الجيزة لإصلاح ونقل محطة المياه التى تضخ مياهًا ملوثة لإنشائها بجوار مصرف الرهاوى الملئ بصرف ومخلفات مناطق الهرم وفيصل ، بالإضافة إلى اعتماد المحطة على مياه الآبار الارتوازية التى لا تبعد عن المصرف أكثر من 10 أمتار ويوجد بجوار المحطة مجمع سكنى شعبى يقوم بالصرف فى باطن الأرض مما يؤدى إلى اختلاط المياه الجوفية بمياه المجارى وبمياه الشرب وأدى ذلك إلى إصابة أكثر من 1900 مواطن بالعديد من الأمراض الوبائية مثل الفشل الكلوى والكبد الوبائى وانتشار الأمراض المعدية والمعوية وذلك بسبب مخالفة شروط إنشاء المحطة للقانون ومعايير الصحة والبيئة.

كما تقدم الأهالى بشكوى مماثلة منذ عدة أيام يتهمون فيها المسئولين بالمحافظة بإهدار 16 مليون جنيه على الدولة بعد شرائهم أربعة فدادين داخل الكتلة السكنية بالمناشى بدعوى إنشاء محطة مياه شرب ، وبتواطؤ من بعض التنفيذيين استولى بعض أصحاب النفوذ على قطعة الأرض وقاموا ببنائها وبدلاً من قيام محافظ الجيزة بدوره فى التحقيق مع الفاسدين وإصلاح محطة المياه بالرهاوى ونقلها من مكانها القذر إلى جوار نهر النيل يقوم عبر تابعيه بتهديد المواطنين بقطع المياه الملوثة وإجبارهم على دفع ثمنها وحبسهم لأنهم تجرأوا وتقدموا بشكاوى تفضح سياساتهم الفاشلة.

وقام عدد من المواطنين وعلى رأسهم ممثلو نقابة عمال حفر الآبار وجمعية تنوير الرهاوى بمناقشة الموظفين لوقف قطع المياه والتحقيق فى شكواهم ، لكن أحد الموظفين قال لهم " سوف تشربون الآن المياه الملوثة وتدفعون ثمن استهلاكهم وعندما نتحقق من صحة شكواكم سوف ننقل المحطة ".

وللأسف تجاهلت هيئة مياه الشرب الدعوى المرفوعة من مركز الأرض أمام القضاء الإدارى رقم 27635 لسنة 63ق والمحدد لنظرها جلسة 4/11/2014 والتى يطالب فيها بإلغاء قرار فرض رسوم تحصيل من جانب شركة المياه على أهالى قرية الرهاوى وذلك حتى يتم تشغيل المحطة بشكل صحى وسليم وتحرير عقود بين الهيئة وبين المواطنين خاصة أن تلوث المياه الشديد أدى إلى إصابة المئات بفيروس C والفشل الكلوى.

كما تجاهلوا البلاغ المقدم للمحامى العام لنيابات الجيزة للتحقيق مع الفاسدين بالهيئة الذين أهدروا ملايين الجنيهات بإنشاء محطة فاسدة لا تصلح مياهها للاستخدام الآدمى.

وتؤكد الشكاوى المقدمة للمركز بأن أحد أسباب تدهور الحالة الصحية وتدنى الدخول يعود إلى عدم العدالة وسوء التخطيط القومي وفساد المحليات على سبيل المثال : تعاني قرية الصوامعة غرب- إحدى قرى مركز طهطا بسوهاج ويبلغ تعداد سكانها أكثر من 12 ألف نسمة ويتبعها العديد من القرى، من تدهور الحالة الصحية لسكانها وكذا العديد من المشكلات منها المياه الملوثة التي تحمل نسبة كبيرة من المواد السامة وتتضرر القرية من عدم توصيل المياه النقية من "مرشح طهطا" وأصبحت المياه الجوفية الملوثة خطراً على الأهالي، ويغيب دور السلطة المحلية في حل هذه المشكلة. ويرجع سبب التلوث إلى زيادة المنجنيز عن الحد الأقصى للمواصفات القياسية لصلاحية مياه الشرب، وقد يساعد ذلك على انتشار أمراض الفشل الكلوي بين أهالي القرية.

ووصل الأمر إلى حرمان المدارس التي تخدم أطفال القرى من المياه، فعلى سبيل المثال يعاني الأطفال الملتحقون في أسيوط وصدفا وأبنوب وأبو تيج وديروط وساحل سليم والغنايم والقوصية ومنفلوط والفتح من انقطاع المياه والكهرباء أيضاً عنهم. بالإضافة لذلك، تم اكتشاف أن المواسير المؤدية للمدرسة الابتدائية بقرية شريف باشا ببني سويف مملوءة بالرمال مما يعوق سير المياه بها، وذلك يعني حرمان الأطفال في المدرسة من مياه الشرب والصرف الصحي أيضاً. ومثال آخر من عزبة السفير وعزبة شكري بالخانكة، حيث إن المدرسة الابتدائية الوحيدة بالمنطقة لم يتم مد وصلة المياه لها، ومقاول التنفيذ اعتمد على ضخ مياه الشرب للمدرسة من طلمبة "حبشية" جوفية المياه فيها نسبة ملوحة عالية جداً وغير مقبولة اللون والطعم، والأكثر من ذلك أن محطة مياه الخانكة لا تبعد إلا أمتاراً عن عزبتي السفير وشكري ولم يتم توصيل المياه إلى الأهالي رغم ادعاءات الحكومة بتوصيلها.

وتنتشر في الكثير من القرى ظاهرة بيع مياه الشرب مع غياب دور الدولة الرئيسي في توفير خدمات المياه ، في قرى البدرشين على سبيل المثال انتشرت ظاهرة بيع المياه في جراكن بواسطة شركات قطاع خاص ، وذلك بعد أن حرمتهم الدولة من حقهم في خدمات المياه المدعمة وجعلتهم يلجأون لشرائها. والمياه المباعة لا تتوافر فيها الشروط الصحية، فما يباع منها في قرية كفر طحا على سبيل المثال رديئة اللون والطعم وغير معروف درجة نقائها ونسبة الأملاح فيها ومعبأة في عبوات متسخة. يقوم الفلاحون في القرى التابعة لمركز الخانكة مثلهم مثل أهالي البدرشين بشراء احتياجاتهم من المياه المعبأة ، بل إن الأمر لديهم أسوأ من ذلك حيث إن من لا يقدر على شراء المياه المعبأة يشتريها في صفائح وجراكن بلاستيكية، وتنتشر في الشوارع سيارات وعربات كارو محملة بفناطيس للمياه أحضرها التجار من خارج حدود الخانكة، ويتكرر هذا المشهد يومياً في قرى مثل كفر عبيان وأبو زعبل وتوابعها عزبة الرمل وعزبة الأبيض وعزبة الصفيح. وبالطبع تزداد نسبة التلوث وعدم النقاء في هذه المياه وتهدد بأمراض الفشل الكلوي وخلافه.

تعاني أغلب القرى من مشكلة انقطاع المياه لأسباب فنية ويغيب دور الدولة في التخطيط لحلها ، وفي أغلب الأحيان يتدخل فساد المحليات والوزارات في عدم الحل. فمثلاً قرية هاو في قنا- وهي من أقدم قرى صعيد مصر وكان يطلق عليها "طيبة الصغرى" محرومة من كل الخدمات الأساسية في أية قرية بالإضافة لانقطاع مياه الشرب عنها، يقول أحد مواطنيها إن المياه في حالة انقطاع دائم صباحاً ومساءً وأن مرشح المياه الذي يغذي نجع حمادي بأكمله ليس ببعيد عن القرية ، ولكن المشكلة تكمن في أن نواب مجلس الشعب جعلوا مركز فرشوط يتقاسم المياه مع مركز نجع حمادي وتفوز فرشوط بالنصيب الأكبر من المياه لأنها تنخفض نسبياً عن نجع حمادي التي تبقى هي وقراها بلا مياه.

ومن المشاكل الجسيمة المتعلقة بمياه الشرب اختلاطها في الكثير من القرى بمياه الصرف الصحي. وأبلغ مثال على ذلك معظم قرى مركز أطفيح ، فهي تعاني من عدم وجود مياه صالحة للاستخدام الآدمي بسبب اختلاطها بمياه الصرف الصحي حيث لا توجد شبكة صرف صحي بالمركز، كما أن محطة المياه التي بدأ إنشاؤها منذ عامين لم يتم الانتهاء منها حتى الآن. ويرفع أهالي القرى صوتهم بالشكوى مؤكدين أن أزمة نظافة مياه الشرب أصابت سكان أطفيح بالفشل الكلوي وأمراض الكبد، وكالعادة لا يستمع أي من المسئولين لشكواهم كأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، على حد تعبير أحد المواطنين بقرية عرب منشأة سليمان التابعة لأطفيح.

وهذا يقودنا إلى مشكلة أخرى كبرى وهي أزمة الصرف الصحي، حيث يعاني الكثير من القرى من عدم توافر شبكات الصرف مما يجلب الكثير من الأزمات الصحية وغيرها المصاحبة لذلك. على سبيل المثال، في صعيد مصر قرية الكراتية – إحدى قرى مركز قوص وتعداد سكانها أكثر من 25 ألف نسمة وهي من القرى الزراعية الهامة بالمركز- ليس بها شبكة صرف صحي مما يهدد جدران المنازل بالانهيار خاصة أن هناك العديد منها بالطوب اللبن. والقرية واقعة في قوص لكنها تتبع مركز قفط انتخابياً ولذلك فإن المسئولين لا يهتمون بها سواء في قفط أو قوص. وتتصدر مشكلة الصرف الصحي واستمرار غرق الشوارع في المستنقعات وانهيار شبكة مياه الشرب قائمة القضايا التي تعاني منها قرية الراهب التابعة لمركز شبين الكوم بالمنوفية. فقد قامت الحكومة بإنشاء مشروع للصرف الصحي بالقرية ولكنه فشل بسبب انسداد الخطوط الرئيسية والفرعية وحاجة الشبكة إلى صيانة دائمة حتى لا تحدث انفجارات أو انسدادات خاصة بالخط الرئيسي. وقد تسبب انسداد المواسير في هذه القرية إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية داخل المنازل مما يهددها بالانهيار، كما تسبب تسرب المياه في ارتفاع منسوبها أسفل المباني. والأدهى من ذلك هو وجود أرض فضاء تابعة لسنترال القرية لم يتم استغلالها وأصبحت بركة للمياه وتهدد مباني السنترال بالتصدع وتبعث على أهالي القرية بالحشرات والتلوث البيئي. ويتقدم الأهالي بشكاوى مستمرة إلى المسئولين بالمحافظة إلا أن السلطات المحلية تقابل شكاواهم بإهمال شديد ، الأمر الذى يؤدى لانتشار الأمراض.

وبدلاً من قيام الشركة بدورها فى تطهير المحطة وضخ مياه شرب نظيفة قامت باتهام رئيس نقابة عمال الرهاوى بتحريض المواطنين على التظاهر وعدم دفع ثمن استهلاك المياه، وهددت باقى الأهالى بتحرير محاضر تظاهر ومقاومة سلطات حال عدم دفعهم أو اعتراضهم على المياه الملوثة التى تضخها المحطة.

وقد تقدم المركز بشكاوى المواطنين إلى رئيس الجمهورية ضد محافظ الجيزة ورئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحى وتابعيه بمحافظة الجيزة وطالبهم بوقف البلطجة والإتجار فى حقوق المواطنين ووقف فرض الإتاوات عليهم وتهديدهم بالحبس واتخاذ خطوات عاجلة لتجديد محطات المياه فى الريف المصرى وتوصيل مياه الشرب النظيفة إلى جميع القرى وعلى رأسها محطة مياه قرية الرهاوى بالجيزة كفالة لحقوقهم فى الرعاية الصحية والحياة الآمنة.

ويود المركز أن يشير إلى أن تلوث مياه الشرب وعدم توصيل المياه النظيفة إلى معظم القرى وعدم توصيل شبكات الصرف الصحى إلى أكثر من نصف قرى الريف يساهم فى تدهور الأوضاع الصحية ، الأمر الذى يؤدى إلى إصابة الفلاحين وأسرهم.


رابعًا : ملاحظات ختامية

 

لا يسع المركز فى النهاية إلا أن يؤكد ما جاء بالمقدمة من أن هناك انتهاكًا متواصلاً لحقوق الفلاحين وتعديًا على حقوقهم فى العيش الكريم الآمن ، ولا يسعنا إلا أن نعيد ما جاء ببيان اتحاد الفلاحين إبان الانتخابات الرئاسية كمطالب مشروعة بحقوقهم ، ونحن نعلم أن الرئيس الحالى وحكومته تعلم كيف يمكنها تحقيق هذه المطالب وتنزع فتيل الأزمة وإزالة الاحتقان الاجتماعى لينعم جميع المصريين بالأمان والاستقرار وسوف نعرض أهم هذه المطالب التى جاءت بمطالب اتحاد الفلاحين إبان الانتخابات الرئاسية التى جرت عام 2014:

1-    الاتحاد ونقاباته غير مسئول عن تصريحات النقابات الفلاحية التى تدعى تمثيل الفلاحين بخصوص انتخاب رئيس الجمهورية القادم.

2-    يؤمن الاتحاد بحق كل عضو ومزارع فى اختيار من يمثله بالانتخابات الرئاسية القادمة مع مراعاة معيار الاختيار السليم المتعلق بتطبيق مصالح صغار المزارعين ودعم حقوقهم فى الزراعة الآمنة وتوفير معيشة كريمة لأسرهم.

3-    يؤكد الاتحاد مطالب صغار المزارعين التى يجب على أى رئيس قادم تحقيقها وهى توزيع الأراضى الصحراوية على صغار الفلاحين وشباب الخريجين ، ومد هذه المناطق بالخدمات اللازمة للعيش الكريم على حساب الدولة تطبيقًا لنصوص الدستور ، وكذا تمليك فلاحي الإصلاح الزراعى والعزب والأوقاف الأراضى والمساكن التى يعيشون بها ، وكفالة حقوق صغار المزارعين فى العمل الزراعى الآمن بتوفير مياه الرى والأسمدة ومستلزمات الزراعة المدعومة من الدولة.

4-    حق صغار المزارعين فى معيشة كريمة بتوفير السكن الملائم والرعاية التعليمية والصحية لهم ولأسرهم وتوصيل مياه شرب النظيفة والصرف الصحى والكهرباء لجميع قرى الريف المصرى ورفع قيمة المعاشات للمزارعين الذين لا يحوزون أراضى زراعية ولا يستطيعون العمل نتيجة بلوغهم سن الستين.

5-    إلزام الرئيس القادم بعمل خطة محددة واضحة بوقت وإمكانيات لاستصلاح ملايين الأفدنة بمنطقة مرسى مطروح والصحراء الغربية ، وإلزامه بعمل محطات تحلية لمياه البحر المتوسط وتوزيع هذه الأراضى على صغار المزارعين وشباب الخريجين ودعمهم بوسائل المعيشة الكريمة لتطوير قطاع الزراعة وتحسين حياة أكثر من نصف سكان مصر.

6-    إلزام رئيس الجمهورية القادم فى برنامجه بتطوير قطاع البذور والتقاوى والبحوث الزراعية وعمل بنوك للحفاظ على نوعية البذور وإكثارها وإنتاج سلالات جديدة ودعم قطاع الثروة الحيوانية وضمان وصول هذا الدعم لصغار المزارعين لتحسين نوعية حياتهم وتطوير قدراتنا الزراعية وثرواتنا الحيوانية.

7-    تطوير وتحديث بنك التنمية والائتمان الزراعى بحيث يخدم قطاع الزراعة ويطورها ويحسن نوعية حياة الفلاح مع إسقاط جميع الأحكام الصادرة على صغار المزارعين وإعدام ديونهم أسوة بتجارب مصر فى الستينيات وتجارب الهند وشرق أسيا وأمريكا اللاتينية الحالية بإسقاط جميع ديون صغار المزارعين مع توفير وتسهيل القروض الجديدة بحيث لا تزيد على 4% كل عام أسوة بجميع تجارب التنمية فى العالم.

وهناك عشرات المطالب الفلاحية التى يجب على أى رئيس قادم الالتزام بها أمام مجتمع الريف الذى يزيد على نصف سكان مصر ، ولن نعدد فى رسالتنا هذه المطالب خاصة المتعلقة بعدم وجود بدائل وسياسات تكفل الأمن الزراعى للمصريين وتحسن نوعية حياتنا ومواجهة الفساد بقطاع الزراعة ... إننا نكتفى بهذه الرسالة لنبلغ السلطات والرئيس القادم أيًا كان ليضع حياتنا وأراضينا ومستقبل بلادنا ورؤيتنا ووجهة نظرنا ضمن برنامجه كى نضمن مستقبلاً آمنًا مستقرًا لبلادنا وحياة أفضل لجميع المصريين.

وختامًا لهذا التقرير وبعد استعراض المشاكل التى تعرض لها الفلاحون خلال عام 2014 يؤكد المركز لعلاج تلك المشاكل وكفالة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للريفيين يجب تبنى سياسات زراعية بديلة تحمى حقوقهم وتنهض بقطاع الزراعة وتوقف حبس المتعثرين فى سداد ديون بنك التنمية وتسعى إلى تملكهم أراضيهم ومنازلهم، وتمكنهم من عمل تعاونيات فى الأراضى المستصلحة الجديدة وتوفر مستلزمات الإنتاج الزراعى ومياه الرى وتخفض أسعار الإيجارات الزراعية وتكفل لهم الزراعة الآمنة.

كما يؤكد المركز ضرورة وضع خطة قومية لحل مشكلات التنمية وعلاج غياب العدالة الاجتماعية وتحسين دخول الفلاحين وتضمن تعليم أبنائهم ورعايتهم الصحية وتكفل لهم جميع الخدمات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية ؛ حيث يعيش أكثر من نصف سكان مصر بالريف والمناطق العشوائية التى تفتقر لمقومات الحياة الآدمية.

ويرى المركز أن طموحات المواطنين بعد ثورة 25 يناير تتلخص فى تحسين الخدمات العامة وتوفيرها وحل مشكلات البطالة التى تفاقمت وليس من العدالة تأجيل حل مشكلاتهم بدعوى مواجهة الإرهاب لأن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية تعتبر جزءًا من أسباب تفشى الجهل والعنف والإرهاب ، ويجب أن تعمل السلطات على تحسين نوعية حياة المواطنين وتحقيق مطالب ثورة يناير فى العيش والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.

وفى رأينا أنه لن تتحقق كل هذه المطالب إلا عبر تنظيمات الفلاحين المستقلة والفاعلة والديمقراطية.


 

سلسلة " الأرض والفلاح " تعمل على

زيادة الوعى بأوضاع حقوق الفلاحين فى الريف المصرى ، والمساهمة

فى تحسين تلك الأوضاع ، وتحاول أن ترصد أهم الانتهاكات التى

تتعرض لها حقوق الإنسان فى الريف المصرى ، وأن تبين الأسباب

المختلفة التى تقف وراء تلك الانتهاكات ، كما تحاول السلسة الكشف

عن رؤى واحتياجات الفلاحين فى الريف والمساهمة فى رفع وعيهم..

 

 

 

صدر من هذه السلسلة :

  1. من يفض الاشتباك فى جنوب مصر . "حكاية الإبن الطيب توماس"
  2. منازعات الأرض فى ريف مصر .
  3. أحوال الفلاحين فى ريف مصر    عام 1998 م.
  4. اوقفوا حبس الفقراء... نحو إسقاط الديون الغير مستحقة على الفلاحين .
  5. أحداث العنف ، وأوضاع الفلاحين فى الريف المصرىفى النصف الأول من عام 1999م.
  6. قصــة نجــع العـــرب "كارثة الموت فجأة "
  7. منازعات الفلاحين ضحايا ، وانتهاكات النصف الثانى من عام 1999 م.
  8. أزمة المياه فى مصر .
  9. حقوق الفلاحين فى مصر "قضايا غائبة "  فى النصف الأول من عام 2000 .
  10. انهيار دخول الفلاحين والتعدى على حقوقهم .
  11. آثار قانون تحرير الأراضى الزراعية على الأوضاع التعليمية فى ريف مصر .
  12. حقوق الفلاحين بين دعاوى الإصلاح وأوهام السوق.
  13. الفلاحة المصرية أوضاع متدنية ومصير مجهول.
  14. الأوضاع الصحية فى الريف المصرى أوضاع تحتاج لعلاج.
  15. قانون الأرض وأثره على أوضاع السكن فى ريف مصر
  16. أثر القانون 96 على أوضاع الفلاحين فى الريف المصرى.
  17. أوضاع الفلاحين وقطاع الزراعة فى ظل العولمة.
  18. أوضاع المزارعات فى مصر بعد تطبيق قانون الأرض "دراسة حالة قرية العمارية الشرقية".
  19. أثر  القانون 96 لـ92 على أوضاع الفلاحين فى ريف مصر الجزء الثانى.
  20. بنك التنمية بين الفساد وسياسات إفقار الفلاحين.
  21. أحوال المزارعات فى ريف مــصر دراسة حالة لعزبة رمزى السبيل- محافظة الشرقية.
  22. فى أرضنا يموت البرتقال ... أوضاع الفلاحين فى الريف المصرى .
  23. أحوال المزارعات فى ريف مصر " دراسة ميدانية لمركز الأرض".
  24. إدارة الأرض الزراعية بمن ولمن ؟... الأرض إن ماغنتكش تسترك .
  25. مشكلات الفلاحين فى ريف مصر عام 2003  .
  26. فقد الأرض الزراعية والعنف فى الريف  المصرى – دراسة حالة لقريتين.
  27. إهدار الأراضى الزراعية فى مصر وانتهاك حقوق الفلاحين ... الزراعة مصدر الحياة  ( دراسة حالة لخمس قرى مصرية) .
  28. السيد رئيس الجمهورية ... من يقاوم الجراد الأحمر قبل أن يلتهم أرغفة الفقراء وزرع الفلاحين ومواردنا الطبيعية.
  29. المرأة والأرض والعنف فى الريف المصرى " صفط العرفا قرية تبحث عن النور".
  30. المياه مصدر الحياة .
  31. ماذا جري في الريف المصري عام 2004.
  32. مشكلات المياه في الريف المصري"دراسة حالة لقريتين .
  33. شكاوى الفلاح الفصيح لوالي مصر عام 2005.
  34. زراعات التصدير واتفاقيات التجارة وسياسات السوق الحرة تؤدي لخراب  بيوت الفلاحين2006 .
  35. أزمة إنفلونزا الطيور فى مصر2006 .
  36. الحمي القلاعية وباء يهاجم العالم  بين الحين والآخر  .2006.
  37. الجانب الزراعى فى منظمة التجارة العالمية  2006.
  38. القطاع الزراعى وبرامج التحرر الاقتصادى مارس 2007 .
  39. مقتل 92 وإصابة 257 والقبض على 465 فلاح "العنف ومنازعات الأرض وإهدار أمان الزراعة للفلاحين عام 2006                                                                     مارس 2007 .
  40.  الأمن الغذائى .. البعد الغائب الحاضر فى حياة الفلاحين                                  مايو 2007

       41-  اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية ( الزراعة ... الفرص والتحديات    يونيو 200

42. قرية الحرية بين فقر الخدمات والبطالة و غياب العدالة                           نوفمبر 2007

43.  أزمة الأسمدة فى مصر ( المشكلة والحل )                                        نوفمبر 2007

44- أوجاع الزراعة والفلاحين فى مصر

مقتل 126 وإصابة 445 والقبض على 634 فلاح  خلال عام 2007           يناير 2008

45- المبيدات فى مصر بين سندان السياسة ومطرقة المصالح                      مايو 2008

46- الأوضاع الصحية فى الريف المصرى                                         يونيو 2008

47- المياه فى مصر بين واقع أليم ومستقبل خطير                              سبتمبر 2008

48- تداعيات الأزمة المالية العالمية على الغذاء في مصر                       مارس 2009

(الواقع والتحديات والآفاق المستقبلية)

49- سياسات البنك الدولي في مصرتاريخ من المؤامرات الزراعة نموذجا                  مارس 2009

50- أثر السياسة الإئتمانية الزراعية على القطاع الزراعى المصرى                        ديسمبر 2009

51- رياح التغير فى العالم هل سقطت الحكومة المصرية فى اختبار تجاوز الأزمة          مارس 2010

   منازعات الأرض خلال عام 2009مقتل 151 فلاحاً وإصابة 899 مواطناً

      وحبس 1204 آخرين

 52- دراسة مقارنة عن آثار اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية على حقوق صغار الفلاحين  مارس 2010

53- التغيرات المناخية وآثارها على العائد الفدانى للمنتجين الزراعيين                     يونيو 2010

 ) رؤية مستقبلية لعام 205)

54- التوسع الأفقى إضافة أم إهدار ( رصد لأهم مشكلات المجتمع المصرى ودور           يوليو 2010

مشروعات التوسع الأفقى فى حلها                                                                       

55- رؤية الخبراء..... الفلاح ـ البنك ـ الزراعة والفرصة الأخيرة                                   يونيو 2010

56- منازعات الأرض خلال النصف الأول من عام 2010مقتل 130  فلاحاً

وإصابة 850 مواطناً وحبس 1234  آخرين                                                             يوليو 2010

57- مياه نهر النيل والعطاشى فى مصر                                                 سبتمبر 2010

58- سيناريوهات حول مستقبل العمالة الزراعية فى مصر                              سبتمبر 2010

59- حول عمالة الأطفال والنساء فى الريف                                  اكتوبر 2010

60- حقوق الفلاحين المصريين                                                                     نوفمبر 2010

61- جرائم الريف والضحايا الفقراء حول الأرض والرزق والشرف  خلال النصف الثانى من

عام 2010  مقتل 167 فلاحاً وإصابة 1285 مواطناً وحبس 1987 آخرين            يناير 2011

62- بنك الفساد والظلم وسرقة عرق الفلاحين  المسمى بنك التنمية والائتمان الزراعى   فبراير 2011

63- الحالة الصحية فى الريف المصرى –الوقاية والعلاج                                   مارس 2011.

64- مشكلات السكن فى الريف المصرى                                                     مارس 2011

65- الأرض الزراعية الفرص الضائعة والأمل المنشود                                      يونيو 2011

66- نهضة الزراعة المصرية فى ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة                             مايو 2012

67- تحديث الزراعة أمان الحاضر وضمان المستقبل                                        أكتوبر 2012

68- الموارد الزراعية المصرية والاستفادة القصوى منها                                                نوفمبر 2012

69-نبذة مختصرة عن الزراعة المصرية                                                     فبراير 2013

70- التركيبة الاجتماعية والأوضاع الراهنة في الريف                                      فبراير 2013

 

 

 


مركز "الأرض " لحقوق الإنسان مؤسسة لا تهدف إلى الربح

أنشئ في ديسمبر عام 1996

لماذا مركز الأرض؟

أنشئ مركز الأرض للدفاع عن قضايا الفلاحين والريف المصري من منظور حقوق الإنسان، بعد أن تبين لمؤسسي المركز خلو ساحة العمل الأهلي في مصر من المنظمات التي تعمل في هذا المجال؛ ومن بين القضايا والاحتياجات الحقيقية التي دفعت في اتجاه إنشاء المركز:

- معالجة عدم التوازن في الاهتمام بحقوق الفلاحين والمسألة الزراعية في مصر، وتصحيح المسار في ظل الأوضاع الجديدة المتعلقة بتحرير سوق الأرض والأسعار، مع دراسة أثر ونتائج هذه السياسات في حياة الفلاحين والاقتصاد الزراعي.             

- عدم وجود بنية تشريعية تنظم أوضاع العاملين في قطاع الزراعة، وبالتالي تعرضهم لانتهاكات عديدة شبه يومية، سواء على صعيد حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية "أو "على صعيد الحقوق المدنية والسياسية.             

 - اتساع الفجوة بين الريف والحضر في مصر، خاصة على صعيد الخدمات، مما يجعل قطاعًا عريضًا من سكان الريف عرضة لانتهاكات مضاعفة بسبب تردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

- تفاقم مشكلة عمالة الأطفال في الريف في القطاع الزراعي أو غيره من القطاعات، وزيادة معدلات الأمية والتسرب من المدارس بينهم.

- الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة الريفية، على صعيد الأسرة والعمل، أو بسبب الأوضاع الاجتماعية العامة.

مجالات عمل المركز:

-الدفاع عن الفلاحين والعمال الزراعيين مما يتعرضون له من أوضاع العمالة الزراعية الدائمة والمؤقتة الناجمة عن غياب التنظيم القانوني، وخاصة فيما يتعلق بعقود العمل والأجازات واللوائح التي تنظم حقوقهم وواجباتهم.

 - دعم وتشجيع دور التنظيمات النقابية والتعاونيات والجمعيات والروابط الفلاحية.

- مواجهة ظاهرة عمالة الأطفال من حيث أسبابها ومظاهرها وآثارها من منظور حقوق الطفل.

- العمل على تمكين المرأة الريفية، وخاصة العاملات في قطاع الزراعة، لمواجهة الانتهاكات التي تتعرض لها بسبب وضعها النوعي والاجتماعي.

- الدفاع عن البيئة الزراعية وبيئة المجتمع الريفي ضد مخاطر التلوث، وتوعية الفلاحين بقضايا التلوث البيئي.

أهداف المركز:

-المساهمة في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلاحين في ريف مصر.

-رصد انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث داخل القرية المصرية وخاصة المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

-تنمية وعى المواطنين بنشر ثقافة حقوق الإنسان، وتشجيع العمل المشترك، والتنسيق بين مؤسسات المجتمع المدني ودعم استقلالها وتعزيز قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.

- المساهمة في صياغة برنامج الإصلاح الاقتصادي الزراعي في مصر، بحيث يكفل للفلاحين حقوقهم ويؤمنهم في زراعة أراضيهم.

- الكشف عن رؤى واحتياجات الفئات المهمشة والفقيرة في مصر وإشراكهم في صناعة القرار وصياغة البرامج التي تطبق عليهم.

آليات عمل المركز:

-تقديم المساعدة القانونية للفلاحين في القضايا ذات الصلة بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو المدنية والسياسية.

-إصدار التقارير والدراسات والبيانات لكشف الانتهاكات التي يتعرض لها الفلاحون فى الريف المصري.

- تنظيم دورات تدريبية وإصدار المطويات، من أجل تنمية وعى المواطنين في القرية المصرية بالحقوق المتعلقة بقضاياهم.

- تكوين شبكة من المتطوعين والمهتمين والنشطاء لدفع العمل الأهلي والتطوعي في مجال حقوق الإنسان.

-تنظيم الندوات وعقد ورش العمل لمناقشة القضايا المتعلقة بأوضاع الريف المصري السياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية.

- السعي لإقامة علاقات وطيدة مع المؤسسات المحلية والدولية المهتمة بالعمل في مجال التنمية وحقوق الإنسان؛ للمساهمة في تحقيق أهدافنا.

المركز يقوم بأنشطته بشكل تطوعى ويقدم الدعم القانوني ، ويتلقى جميع الشكاوى المتعلقة بحقوق الفلاحين والعمال والصيادين والمرأة والأطفال في الريف.

 

 

"هاوية السقوط "لماذا يتستر النظام الحاكم على جرائم الفساد ونهب ثروات المصريين؟

$
0
0

تقرير جديد لمركز الأرض

" هاوية السقوط "

لماذا يتستر النظام الحاكم على جرائم الفساد

ونهب ثروات المصريين؟

                                                          إلى أرواح الشهداء

لماذا نصدر هذه التقرير الذى يعتمد على معلومات وردت فى صفحات ومواقع وصحف مصرية بعد ثورة 25 يناير؟ لماذا نذكر بعض وقائع نهب ثروات المصريين ونستعرض اسماء هؤلاء اللصوص دون غيرهم من الآلاف الذين نهبوا وخربوا اقتصاد بلادنا وما زالوا أحرار يمارسون فسادهم فى حماية السلطة الراهنة، ولماذا لم تحقق تلك السلطة عبر أجهزتها الرقابية فى وقائع هذا الفساد وتحاكم الفاسدين وتعيد ثرواتنا؟

إلا تكفى هذه الثروات المنهوبة التى تزيد عن 1000 مليار جنية لبناء الآلاف المصانع واستصلاح ملايين الأفدانة وبناء محطات لتحلية مياه البحر المتوسط والأحمر وتوفير احتياجتنا من المياه؟ إلا تكفى لبناء شبكات صرف صحى ومحطات مياه شرب نقية ومحطات توليد كهرباء وتتيح الخدمات العامة لكل المصريين؟ إلا تكفى لبناء مئات المستشفيات وتجهيزها بأطقم بشرية والآلات طبية وأدوية تكفى لعلاج كل المصريين من الأمراض المزمنة التى زرعتها أنظمة الحكم المتوالية فى أجسادنا؟ إلا تكفى لبناء مئات المدن السكنية واتاحة السكن اللائق لجميع المصريين؟

لماذا أذن تصر هذه السلطات المتوالية لحكم بلادنا على إعادة أنتاج الأزمة رغم توافر مواردنا المتنوعة التى يمكنها أن تجعل من المحروسة واحة للخير والنماء والحب والسلام؟

كل هذه الأسئلة وغيرها هى ما دعتنا لإصدار هذه الورقة التى تحتوى على معلومات قديمة لكنها صالحة لآثارة الدهشة.

نعلم أن الفساد طال معظم قطاعات الدولة مثل المحليات، الصحة، التعليم، العدل، البيئة، الرى، الزراعة، الصناعة، الثروة المعدنية، الطاقة، الأمن، الثقافة، وغيرها من القطاعات، لكننا أثرنا أن نثير نموذج صغير للفساد المتفشى فى قطاع الأراضى لنكتشف سويًا حجم الدهشة من صمت وتجاهل وتبرير المدافعين عن النظام الذى يحمى الفاسدين، ويرفض استعادة أموالنا المنهوبة ويترك أجسادنا وعقولنا كى ينخر فيها الجهل والمرض والفقر.

فهل يحتاج المبرراتية المدافعين عن سياسيات السلطة إلى معلومات أكثر عن حجم الفساد وتواطئ رجال النظام فى تخريب بلادنا كى يعيدوا النظر فى موقفهم من أجل صالح بلادنا وحياة أهالينا؟

ما دعنا إلى أصدار هذه الورقة هو محاولة لحث منظمات المجتمع المدنى للإجابة عن هذه الأسئلة، ومعرفة اسباب تواطئ وعلاقة هؤلاء المدافعين عن سياسيات النظام الذى يهدر حقوق المصريين لصالح اللصوص الذين نزفوا عرق المصريين وثرواتهم ولا زالوا يتمتعون بنفس نفوذهم لمواصلة النهب.

والجدير بالذكر أن الرصد السريع داخل التقرير يحتوى على عناوين فقط لحجم الثروة المنهوبة واسماء بعض النهابين، إذا يكفى للقارئ أن يكتب اسم الناهب على الإنترنت ليكتشف حجم المعلومات عن الأموال والثروات التى سرقها أى لص منهم، وعلاقته بسلطة المخلوع، وتواطئ الأنظمة الحاكمة منذ يناير 2011 وحتى اليوم حتى لا تتم محاكمتهم وإعادة ثرواتنا المنهوبة.

ويأمل المركز بإصداره هذه الورقة أن يفتح مناقشات مع المهتمين بدعم حقوق المنتجين فى جدوى "حديث الإصلاح" وحقيقة "الإصطفاف" وطبيعتهما ومضمونهما خاصة فى ظل سيطرة هؤلاء النهايبن وغيرهم على مقدراتنا، ومواصلتهم الفساد دون رادع وبحماية نفس الفاسدين الذين داعموا فسادهم فى الماضى.

نعلم أن اللصوص تمكنوا عبر السنوات القليلة الفائتة من إتباع حيل قانونية تمكنهم من الاحتفاظ بثروتهم وعدم المسألة أمام القانون، ولكن أى قانون قادر وحده ليكون معايرًا للعدالة بين طبقات الشعب .. وأى قانون إذا كانت السلطة نفسها لا تحترم دستور أو قانون.

نصدر هذه الورقة كى نعلن موقفنا من سياسة "هاوية السقوط" التى تتبنها السلطات المتوالية منذ يناير 2011 وحتى اليوم لنحث أصدقائنا من النقابين وأعضاء الجمعيات على إعادة النظر فى رؤيتهم لطبيعة السلطة وحلفائهم وخصومهم، ومن آليات عملهم وبناء أسس ومعايير للعمل المشترك لبناء مستقبل أفضل لكافة المصريين.

ونأمل أن تهتم منظمات المجتمع المدنى بالبحث والنقاش لخلق رؤية وأطر وبدائل جديدة لتنظيم المواطنين من أجل حماية بلادنا من الخراب والنهب وتحقيق مطالب المصرين الذين خرجوا للشوارع فى يناير 2011 حالمين بالعيش والحرية والكرامة والمساواة وسوف نستعرض فى عجالة بعض قضايا الفساد التى نشرتها الصحف ومواقع الإنترنت، وذلك على النحو التالى:

أولاً: فساد بالوكالة

هناك العديد من الوسطاء التى تستخدمهم السلطة لتهريب أموالنا بطرق وحيل قانونية، وكان من ضمن هؤلاء، شخص يدعى سليمان البدرى، وهو أحد أهم الرجال المقربين إلي وزير الإسكان الأسبق إبراهيم سليمان، وحصل على 25 فدانا بالقاهرة الجديدة بثمن بخس، وحصل على قرض كبير من بنك مصر إكستريور بضمان تلك الأرض بعد إعادة تقييمها بالأسعار الفلكية، يذكر أن البدرى عين من قبل الوزير المذكور رئيسا لمجلس أمناء مدينة الشروق، كما يملك مقهى "العقاد" وهو المكان المخصص لرجال سليمان، كما يملك البدرى شركة للاستثمار العقارى تسمي  BDH ويقال أنه كان وراء إدارة توزيع القصور والأراضى على المسئولين، وقد خصصت الحكومة وبثمن بخس أراضى وفيلات وقصور إلى عدد كبير من المسئولين ومنهم:

عاطف عبيد:

رئيس الوزراء الأسبق، خصص له قصر فخم فى مارينا بالإضافة إلى فيللا ضخمة أشبه بالقصر فى قرية رمسيس بالكيلو 44 من طريق مصر الإسكندرية الصحراوى، كما منح عدة أراضى فى مناطق مختلفة اشتراها جميعها بثمن بخس.

 اللواء هتلر طنطاوى:

رئيس سابق لأكبر جهاز رقابي في مصر لمكافحة الفساد وهو هيئة الرقابة الإدارية، خصصت له أراضى شاسعة فى عدة مناطق، وقصر فخم فى التجمع الخامس تم بناؤه بالمخالفة، وقصر ثان لا يقل فخامة فى مارينا، وقصر ثالث فى قرية بدر المجاورة لمارينا، وفيلتان فى 6 أكتوبر، كما تسلم أولاد هتلر من ممتلكات الدولة ما يلى: 

-        تسلمت ابنته سما هتلر وزوجها محمد محمود وأولادهما ندى ونوران أرضا مساحتها 40 فدانا.

-       تسلمت ابنته منى هتلر وشقيقتها سما هتلر أرضا مساحتها 10 أفدنة.

-       تسلم ابنه وليد هتلر أرضا مساحتها 10 أفدنة.

يذكر أن مبارك كان قد منح هتلر طنطاوى وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عند إحالته إلى المعاش .

 

فاروق سيف النصر:

  وزير العدل الأسبق، خصص له قصر ضخم فى مارينا .

سيد طنطاوى:

شيخ الأزهر الأسبق، خصص له ولولديه، عمرو وأحمد، ثلاثة قصور فخمة وعلى مساحات واسعة بالتجمع الخامس، كما حصل ولداه المذكوران على 220 ألف متر بالدخيلة بسعر 35 قرشًا للمتر، علما أن الأرض المذكورة قد نزعت ملكيتها من مالكها الأصلي، لكنه مثل خالد فوده فى الفقرة (5) لا يملك أى جنسية أجنبية، كالتى يتمتع بها وجيه سياج، كى يستعيد حقه! يذكر أن سيد طنطاوى نشأ فى عائلة معدمة فى قرية سليم شرقى بمركز طما بمحافظة سوهاج.

الفريق أحمد شفيق:

وزير الطيران المدنى ورئيس الوزراء الأسبق، خصص له قصر فخم بالتجمع الخامس بجوار قصر هتلر طنطاوى .

سامح فهمى:

 وزير البترول الأسبق، خصص له قصر فخم على ربوة مرتفعة بالتجمع الخامس .

زكريا عزمى:

وزير ديوان مبارك، خصص له قصر فخم على مساحة 3000 متر مربع بالتجمع الخامس .

فتحى سرور:

رئيس مجلس الشعب فى عهد المخلوع، تسلم عدة قطع اشتراها بثمن بخس وأعاد بيعها بأسعار عالية بمساعدة سمير زكى وحقق من وراء ذلك ربحا قدره 15 مليون جنيها، خصصت الحكومة له قصرين بنفس الأسعار فى رويال هيلز وأعاد بيعهما بنفس الطريقة، كما خصصت الحكومة له قصرين بثمن بخس فى التجمع الخامس ويحتفظ بهما.

كمال الشاذلى:

عضو مجلس الشعب وأمين التنظيم السابق بالحزب الوطنى المنحل، تسلم وقبل أيام من خروجه من الوزارة مساحة 40 فدانا بمنطقة الحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر، واستثنى من شرط نسبة المبانى، أعاد الشاذلى بيع تلك المساحة بسعر 280 ألف جنيها للفدان (أى أنه حقق ربحًا صافيًا قدره 10 مليون جنيها) إلى الأمير السعودى مشعل عبد العزيز بمساعدة سمير زكى، كما خصص للشاذلى ولأولاده أيضا منتجع ضخم فى التجمع الخامس يضم ثلاثة قصور يحيطها سور فخم. 


 
اللواء حبيب العادلى:

وزير داخلية المخلوع، تسلم 32 فدانا بثمن بخس، وتم إمداد الأرض المذكورة بخط مياه على نفقة الدولة .


 
صفوت الشريف:

رئيس مجلس الشورى ووزير الإعلام السابق لمدة ربع قرن، تسلم وأولاده 33.5 فدانا على الطريق مباشرة، كما خصصت الحكومة لأحد أبنائه مساحة من شاطئ مارينا أقام عليه ما يسمى بشاطئ البشمك للمحميات وشاطئ الأبلاج الذى به كانترى كلوب وسباقات خيول وحمامات سباحة.

محمود محمد علي:

رئيس مصلحة الضرائب  السابق تسلم 40 فدانا بنى فى بعض مساحتها ثلاثة قصور، ويقدر قيمة كل قصر بمبلغ 15 مليون جنيه، بالإضافة إلى فيلا فى الساحل الشمال قيمتها 17 مليون جنيه،  وزع رئيس المصلحة بعض المساحة على عائلته كما يلى:

نشوى عبد الغنى محمود:

هى زوجة رئيس مصلحة الضرائب، وتسلمت خمسة أفدنة وهى موظفة فى البنك المركزى فرع الألفى، ومخصص لها سيارة فاخرة BMW سوداء بسائق على نفقة مصلحة الضرائب.

 

محمد محمود محمد على:

ابن رئيس مصلحة الضرائب، وتسلم 10 أفدنة ويملك سيارة شيروكى بيضاء .

ناصر الخرافى:

يحتل المرتبة الأربعين فى قائمة أغنى أغنياء العالم، فى منطقة مركز العياط بالجيزة، استولى بالفساد على الآلاف الأفدانة بسعر 200 جنيهًا للفدان، يذكر أن الفدان كان يباع للفلاحين فى هذا الوقت بالمنطقة المذكورة بسعر 15 ألف جنيها، الكارثة أن المساحة المذكورة عبارة عن منطقة أثرية وبها هرمان منهما هرم "سنوسرت" وتقدر قيمة فروقات الفساد بأكثر من 100 مليار جنية.

ثانيًا: 16 مليون فدان تم الاستيلاء عليها من مافيا الأراضى

وتقدر قيمتها بنحو 800 مليار

أتهم جمال زهران، نائب مجلس الشعب الحكومة بإهدار 800 مليار جنيه، شرح زهران المبلغ بأنه عبارة عن مساحات كثيرة وكبيرة من أراضى مصر وزعت على كبار المسئولين بالدولة ورجال أعمال يدورون فى فلكهم.

ودلل على كلامه بما أعلنه اللواء مهندس عمر الشوادفى، رئيس جهاز المركز الوطنى لاستخدامات الأراضى، حين قال أن نحو 16 مليون فدان قد تم الاستيلاء عليها من مافيا الأراضى وتقدر قيمتها بنحو 800 مليار جنيه وتمثل المساحة المنهوبة، أى الـ 16 مليون فدان، ما قيمته 67.2 ألف كم مربع، وهو ما يزيد عن مساحة الدول الخمس التالية مجتمعة، فلسطين التاريخية 26.6 ألف كم مربع، الكويت 17.8 ألف كم مربع، قطر 11.4 ألف كم مربع، لبنان 10.4 ألف كم مربع، البحرين 5.67 ألف كم مربع، يقع ضمن المبلغ المذكور، أى الـ 800 مليار، مبلغ يقدر بحدود 80 مليار جنيها، وهو عبارة عن الأسعار السوقية للأراضي التى باعتها الدولة بثمن بخس إلى ست مؤسسات وشخصيات وهم:

أحمد عز، مجدى راسخ، هشام طلعت مصطفى، محمد فريد خميس، محمد أبو العينين، الشركات الخليجية، الفطيم كابيتال الإماراتية، إعمار الإماراتية، داماك الإماراتية qec ،القطرية.

ثالثًا: نهب منظم لأراضي مصر من رجال المخلوع مبارك

خصصت الحكومة 100 كيلو متر ( 100 مليون متر مربع ) شمال غرب خليج السويس، وقسمها بين خمس جهات دون الإعلان عن مناقصات أو مزايدات، وذلك بواقع خمسة جنيهات عن كل متر مربع، إلا أن هذه الجهات لم تدفع جنيهاً واحدًا عن كل متر، وخصصت المنطقة المذكورة تحت ذريعة تنميتها .

وأكد هذه المعلومات دكتور ممدوح حمزة، الذى ذكر أن المنطقة المذكورة لم تشهد أى تنمية وما يحدث ما هو إلا تسقيع للأراضى وقدم إلى رئاسة الجمهورية ملفًا كاملاً عن الفساد فى وزارة الإسكان، ذاكرًا الجهات الخمس التى نهبت المنطقة المذكورة فى عهد المخلوع وهم:

أحمد عز:

تسلم 20 مليون متر مربع ( قيمتها السوقية 2.4 مليار جنيه ) أنشأ مصنعًا للصاج بمساحة 150 ألف متر مربع، وباع 150 ألف متر مربع إلى الملياردير الكويتى ناصر الخرافى بمبلغ 1500 جنيهًا للمتر المربع، ومازال يحتفظ بالمساحة المتبقية.

محمد فريد خميس:

تسلم 20 مليون متر مربع ( قيمتها السوقية 3.5 مليار جنيه ) وهو أحد كبار رجال الأعمال، ويملك شركة النساجون الشرقيون، أنشا مصنعًا للكيماويات بمساحة 20 ألف متر مربع وباع باقى المساحة فى صفقة ضخمة حققت عدة مليارات، كما تذكر بعض المصادر أن الوزير سليمان قد خصص أيضا لخميس 1500 فدانا .

محمد أبو العينين:

تسلم 20 مليون متر مربع ( قيمتها السوقية 1.3 مليار جنيه ) وهو عضو الحزب الوطنى ورجل الأعمال المعروف، وصاحب شركة كليوباترا للسيراميك، أنشأ مصنعًا للبورسلين على قطعته بمساحة 150 ألف متر مربع وممرا لهبوط طائراته الخاصة ( يملك ثلاث من نوع جولف ستريم ويقودها بنفسه، وتقدر مساحتها بنحو 50 ألف متر مربع، وباع كل المساحة الباقية فى صفقة بعدة مليارات.

 

نجيب سايروس:

تسلم 20 مليون متر مربع ( تقدر قيمتها السوقية بمبلغ 1.3 مليار جنيه ) أنشأ مصنعًا للأسمنت على قطعته بمساحة 200 ألف متر مربع، وباع كل المساحة الباقية فى صفقات بعدة مليارات .

الشركة الصينية:

وكان نصيبها أيضا مثل السابقين 20 مليون متر مربع، ولم يتم استغلالها حتى الآن .

رابعًِا: حيتان الفساد

هناك المئات من الفاسدين التى نشر الإعلام فضائح الصفقات والأراضى التى نهبوها، وكان من أبرزهم:

إبراهيم سليمان:

وزير الإسكان فى عهد المخلوع، وصاحب قرار البيع فى الأراضى والفيلات التى تبنيها الدولة،  دخل الوزير المذكور الحكومة فى أكتوبر 1994، وكان يعمل قبل ذلك أستاذًا فى كلية الهندسة بجامعة عين شمس بمرتب 585 جنيها، وخرج سليمان من الوزارة فى ديسمبر 2005، لكنه كان يمتلك عند خروجه ما يلى:

- عدد تسعة من السيارات الفاخرة .

- قصران بمصر الجديدة بجوار قصر الدكتاتور حسنى مبارك ( باع إبراهيم سليمان أحدهما فى 2006 إلى شريكه الجديد رجل الأعمال يحيى الكومى بمبلغ 45 مليون جنيه، ويسمى قصر النقراشى لأنه شيده على أنقاض قصر النقراشى باشا رئيس وزراء مصر الأسبق بعد هدمه بالمخالفة للقانون، ويذكر أن يحيى الكومى هو شريك الآن مع الوزير المذكور فى مصنع لإنتاج غاز الميثونول، وهو مشروع يحقق أرباحا فلكية .

- قصر فى "أبو سلطان" بمنطقة لسان الوزراء بمدينة فايد بالإسماعيلية .

- قصر فى مارينا يطل على البحر مباشرة .

- قصر بجزيرة الشعير بالقناطر الخيرية .

- قصر بمنطقة الجولف بالتجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، مقام على مساحة 6000 متر مربع بجوار قصور سيد طنطاوى الثلاثة.

-  قطعة أرض باسم زوجته منى المنيرى بالتجمع الخامس، ومساحتها 1393 مترًا مربعًا بثمن 842 ألف جنيهًا ويبلغ ثمنها السوقى 10 مليون جنيهًا .

- قطعة أرض باسم ابنه شريف بالمنطقة المميزة بأرض الجولف بالتجمع الخامس، ومساحتها 4458 مترا مربعا بثمن 1.5 مليون جنيهًا ويبلغ ثمنها السوقى 12 مليون جنيهًا.

- قطعة أرض بإسم إبنته جودى بالمنطقة المميزة بالتجمع الخامس، ومساحتها 733 مترًا مربعًا بثمن 752 ألف جنيهًا ويبلغ ثمنها السوقى 5 مليون جنيهًا .

- قطعه أرض بإسم إبنته دينا بالمنطقة المميزة بالتجمع الخامس، ومساحتها 2243 مترًا مربعًا بثمن 760 ألف جنيهًا ويبلغ ثمنها السوقى 13 مليون جنيهًا .

-30  ألف متر مربع فى مرسى علم بجوار قطعة صديقه محمد أبو العينين .

يذكر أن قانون هيئة المجتمعات العمرانية الجديد ينص على أنه لا يجوز للفرد الواحد وزوجته وأبنائهما القصر الحصول على أكثر من شقة واحدة أو قطعة أرض واحدة فى المدن الجديدة عن طريق التخصيص، ولكن الوزير الأسبق منح زوجته وأبنائه القصر 7 قطع وفيلات مساحتها جميعًا 10 آلاف متر فى القاهرة الجديدة ومارينا.

وكما منح مبارك المدعو هتلر طنطاوى وسام الجمهورية من الطبقة الأولى، فإننا نجده هنا أيضًا يمنح إبراهيم سليمان نفس الوسام فى فبراير 2006 غير عابئ بإدارته للفساد والتى جعلته على رأس قائمة الوزراء الأكثر فسادًا وتخريبًا لأراضى مصر، كما عينه مبارك فى عام 2008 رئيسًا لمجلس إدارة شركة الخدمات البحرية براتب شهرى 1.3 مليون جنيهًا رغم عدم خبرته فى هذا المجال.

إبراهيم كامل:

 أحد أقطاب الحزب الوطنى المنحل، ما أمكن حصره من أراضى مصر التى نهبها هو يلى:

- خصصت له الدولة أرضا فى الساحل الشمالى اشتراها بقروش عديدة، أنشأ كامل عليها قرية غزالة السياحية وقفز ثمن متر الأرض بها إلى عدة آلاف من الجنيهات .

- منحته الدولة 64 كيلو متر مربع لإنشاء مطار العلمين، رغم معرفة الحكومة جيدًا أن مساحة المطار لا تزيد عن 10% من المساحة المذكورة، لكن المخططين لإبراهيم كامل يعلمون أن المساحة المتبقية سيتم بيعها كقرى سياحية بأسعار فلكية، لم يدفع إبراهيم كامل فى تلك المساحة الكبيرة إلا مليونى جنيه من خلال قرض من أموال المودعين، خصصت له الدولة أرضًا فى منطقة سهل حشيش فأنشأ عليها شركة يرأس مجلس إدارتها لتطويرها سياحيًا .

لابد أن نذكر هنا أن إبراهيم كامل مدين بثلاثة مليار جنيهًا تقريبًا إلى بنك القاهرة، وتحديدًا فرع الألفى، ويتمتع بحماية مبارك شخصيًا، وكان رئيس بنك القاهرة السابق أحمد البرادعى، أحد رجال جمال مبارك، قال ما نصه " إبراهيم كامل خط أحمر لا يجرؤ أحد على تخطيه، خلاص، لا يأخذ قروضًا جديدة ولا نسأله عن القروض القديمة! ".

محمد أبو العينين:

أحد رجال نظام مبارك وحصل فى منطقة شمال غرب خليج السويس على القطع التالية: 

- تخصيص 5000 فدان فى منطقة شرق العوينات غير معلوم تفاصيلها .

- تخصيص 1520 فدان فى منطقة مرسى علم، وقد اشتراها بسعر دولار للمتر وسدد 20 % من المبلغ، ثم أعاد بيعها بأسعار فلكية للملياردير الكويتى ناصر الخرافى، وقدرت القيمة السوقية لهذه الأرض بمبلغ مليار و260 ألف جنيه .

- وضع يده على 500 فدان على طريق مصر الإسماعيلية، وهى أرض ملكًا للدولة ممثلة فى شركة مصر للإسكان والتعمير .

- تم تخصيص له 1500 فدان ( 6.3 مليون متر مربع ) بمنطقة الحزام الأخضر بمدينة العاشر من رمضان .

مجدى راسخ:

 والد زوجة علاء مبارك هايدى راسخ  ابن المخلوع، وخصصت الحكومة له مساحة 2200 فدان ( 9.2 مليون متر مربع ) وذلك فى أفضل أماكن مدينة الشيخ زايد بسعر 30 جنيها للمتر، لكن راسخ دفع مقدما بسيطًا ولم يسدد المبلغ المتبقى، تردد فى بداية عام 2006 عن وجود عرض من شخصية خليجية كبيرة بشراء تلك المساحة بمبلغ 10 مليار جنيها ( أى بسعر يزيد عن 1000 جنيها للمتر المربع )، ويذكر أن مجدى راسخ هو صاحب مشروع بيفرلى هيلز بمدينة الشيخ زايد، والذى حقق من ورائه المليارات الكثيرة، وله مساحات أخرى منتشرة فى عدة أماكن إستراتيجية بمصر .

هشام طلعت مصطفي:

أحد رجال المخلوع وقريب زوجته، وخصصت الحكومة 9 آلاف فدان ( 37.8 مليون متر مربع) فى منطقة شرق القاهرة لإنشاء منطقة سكنية باسم مدينتى بسعر يبلغ 5 جنيهات للمتر، تقدر القيمة السوقية للمتر المربع بها بمبلغ 3500 جنيه مما أهدر على الدولة مبلغًا قدره 28 مليار جنيه.

حسين سالم:

عراب المخلوع وخصصت الحكومة وبطريقة البلطجة ووضع اليد جزيرة نيلية بالأقصر إلى المدعو حسين سالم تسمى جزيرة التمساح، وذلك بمبلغ 9 مليون جنيها، وأنشأ عليها شركة التمساح للمشروعات السياحية .

تضم الجزيرة عشرات الأفدانة وسعرها الحقيقى لا يقدر بمال، وإن كان قد قدر من قبل المختصين بأكثر من مئة ضعف ليقترب من مليار جنيه، جزيرة التمساح تعتبر جوهرة لا تقدر بثمن بسبب موقعها الإستراتيجي المطل على مدينة الأقصر، والتى تضم وحدها ثلثى آثار العالم ويتقاطر عليها السياح من أرجاء المعمورة .

كما حصل وبنفس الأسلوب على أراضى شاسعة ومميزة فى شرم الشيخ وسدر، ويذكر أنه يمتلك خليج نعمة المنياء الأشهر بمدينة شرم، كما خصص لحسين سالم قصر ضخم أسطوانى الشكل مقام على مساحة 6000 متر مربع فى التجمع الخامس، هذا بالإضافة إلى عدد كبير من المساحات تنتشر فى مختلف الأماكن فى مصر، يذكر أن مبارك نزع فى منتصف التسعينات ملكية أحد الأراضى فى سيناء من ماليكيْها خالد فودة ووجيه سياج، صاحب فندق سياج بالهرم وأعطاهما إلى حسين سالم بثمن بخس، وأمضى سياج عشر سنوات فى المحاكم المصرية، وحصل على أحكام منها كثيرة لتمكين من أرضه، ورفضت سلطة مبارك تنفيذها وقامت بقطع الخدمات عن فندق سياج بالهرم، وتوجه سياج إلى المحاكم الدولية، وفى يوليو 2009 حكمت لصالحه بتغريم مصر بمبلغ 134 مليون دولار ( حوالى 750 مليون جنيه )، وأذعنت سلطة مبارك إلى تنفيذ الحكم، لكنه دفع هذه المبالغ، كما هو الحال دائمًا، من دماء الشعب المصرى!

ويعتبر حسين سالم شريك المخلوع فى شركة السلاح التى أنشأها فى باريس باسم "الأجنحة البيضاء"، وقد وردت تفاصيل تلك القصة فى كتاب "الحجاب" للصحفى الأكثر شهرة فى العالم بوب وودوارد والذى صدر فى عام 1985، كما استولى حسين سالم على مبالغ كبيرة من البنك الأهلى فى ثمانينات القرن الماضى وأخرجه مبارك من القضية ومن الأضواء حتى ينسى الناس القضية بعد أن أثارها النائب علوى حافظ البرلمان عام 1986، وعاد سالم فى التسعينات بأقدام ثابتة ليعمل فى السياحة فى سيناء من خلال تخصيص الأراضي له بثمن بخس، يدير بعضًا من المال الذى نهبه آل مبارك من خلال شركة شرق المتوسط التى قامت بتصدير الغاز إلى إسرائيل، ويقال أنه هرب أموالاً تقدر بمئات المليارات إلى بنوك أوروبا أبان ثورة 25 يناير.

شركة أرتوك:

خصصت الحكومة 1500 فدان للشركة بثمن بخس على طريق مصر الإسكندرية الصحراوى، والتى يمتلكها كل من إبراهيم نافع رئيس مجلس إدارة جريدة الأهرام وحسن حمدى عضو مجلس إدارة الجريدة ورئيس النادى الأهلى، وقد تمت الصفقة على أن يترك حسن حمدى أرض النادى الأهلى فى مدينة 6 أكتوبر فى مقابل إتمام تلك الصفقة .

دفعت الشركة جنيهات قليلة فى ثمن الفدان الواحد ثم قسمت المساحة الكلية إلى قطع متساوية بمساحة 30 فدان مع فيللا لكل قطعة، تم البيع بسعر 2 مليون جنيهًا للقطعة، وكان من ضمن العملاء المليونير السعودى عبد الرحمن الشربتلى، وكذلك السفير أحمد القطان مندوب السعودية فى الجامعة العربية.

أحمد بهجت:

أحد رجال نظام المخلوع، وخصصت الحكومة 2045 فدانا بمبلغ 454 مليون جنيه لأحمد بهجت من خلال شركته دريم لاند فى عام 1994، كان بهجت قد اقترض عدة مليارات من البنوك المصرية ولم يتمكن من سدادها ووضع اسمه ضمن قوائم الممنوعين من السفر للخارج، إلا أن جمال مبارك ابن المخلوع أخرجه للسفر إلى أمريكا للعلاج،  وتفجرت قضية أراضى دريم لاند بصورة سريعة فى 2 يونيه 2008، وأضطرت الشركة المذكورة لبيع 831 فدان وتقدر قيمتها السوقية بمبلغ 12 مليار جنيه، وهو جزء قليل إذا ما قورن ببقية الأراضى المذكورة.

 

أشرف مروان:

أحد رجال مبارك، وخصصت الحكومة 55 فدانًا لتأسيس نادى بالقاهرة الجديدة وفى قلب التجمع الخامس بتاريخ 29 أكتوبر 2000، ومورست الضغوط علي مروان من رجال إبراهيم سليمان وزيرالإسكان حينها حتى ترك المشروع، كانت عصابة الإسكان جاهزة فقد أصدر الوزير قرارًا بتكوين مجلس إدارة جديد للنادى برئاسة حسن خالد نائب الوزير للمجتمعات العمرانية الجديدة وعضوية خالد سويلم، الشريك الواجهة فى مكتب الوزير، ومحمد حسنى وداكر عبد اللاه وجاد محمد جاد.

قام أعضاء مجلس إدارة النادى بتسليم الأرض المذكورة إلى صديق الوزير عماد الحاذق لإقامة مشروع إستثمارى كبير مكون من فيللات، وتم بيع الفيللا فيه بمبلغ 850 ألف جنيهًا، قام أولاد حاذق بتعليق لافته كبيرة على المشروع، شارع 90 بالتجمع الخامس، تقول أن المشروع مكون من 100 فدان، وعندما قام مكتب هندسى بقياس المساحة الكلية وجد كارثة أكبر وهى أن مساحته تزيد عن 900 فدان، أكد المهندس المصيلحى، مسئول المساحة بالقاهرة الجديدة، صحة تلك المساحة الجديدة، وقال أن الوزير سليمان يملك الإجابة على ذلك!!، يذكر أن أولاد حاذق قد أنشئوا منطقة مميزة داخل تلك المساحة الكبيرة تسمىLakeView  وهى أغلى مناطق التجمع الخامس.

شركة المهندسين المصريين:

خصصت لها الحكومة 770 فدانا فى 27 يوليو 1994 وبسعر 50 جنيهًا للمتر على أن يسدد المبلغ بالتقسيط المريح ( 10 % عند التعقد ثم 15 % خلال سنة من التوقيع على العقد ثم فترة سماح مدتها ثلاث سنوات ثم يسدد الباقى على 5 أقساط متساوية ) المساحة المذكورة كانت 450 فدانًا بمدينة العبور، 240 فدانًا بمدينة الشروق، 80 فدانًا بالقاهرة الجديدة .

دفعت الشركة المذكورة خمسة جنيهات للمتر على أن يسدد الباقى على خمسة أقساط، لكن الشركة المذكورة دفعت 16 مليون جنيهًا فقط، وتم إعادة البيع للجمهور بسعر 750 جنيهًا للمتر المربع رغم أن الشركة المذكورة لم تسدد إلا القسط الأول فقط والمقدر قيمته 10%.

حققت الشركة أرباحًا صافية تزيد عن ثلاثة مليار ونصف المليار جنيها إلا أن الكارثة الأكبر كانت أنها اقترضت مليارى جنيه من البنك العقارى العربى، رئيس مجلس إدارته هو فتحى السباعى وهو من رجال إبراهيم سليمان وزير الإسكان حينها، مما عرض أموال المواطنين للضياع، وهو ما دفع البنك إلى شراء جزءًا من الأرض بسعر ألفى جنيه للمتر، ويذكر أن حوت السكر عاطف سلام كان قد اقترض من البنك المذكور 850 مليون جنيهًا وفعل المليونير الهارب عمرو النشرتى نفس الشيء، وهما من صبيان المخلوع، وحضر العديد من الوزراء زفاف ابنة النشرتى منذ شهور.

يحي الكومي:

خصصت الحكومة إليه قطعتى أرض فى التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة مساحتهما نحو 200 ألف متر بالقرب من الجامعة الأمريكية بالرغم من تخصيصهما كحدائق عامة، وقد اشتراهما الكومى بثمن بخس وتبلغ قيمتهما السوقية 300 مليون جنيه .

يذكر أن الكومى ظهرت عليه فجأة علامات الغنى الفاحش وأصبح من رجال أعمال المخلوع حيث انضم إلى قائمة رجال البترول وأصبح مديرًا لنادى الإسماعيلى، وفى ديسمبر 2009 تناولت الصحف تهمًا متبادلة بين الكومى وأميرة سعودية تدعى خلود بن العنزى، فقد اتهمته خلود، وهى طليقة الملياردير الوليد بن طلال، باقتحام منزلها وحررت محضرا بذلك فى قسم شرطة الدقى فى يوم 23 ديسمبر 2009، بينما اتهما الكومى فى بلاغ بقسم شرطة الشيخ زايد فى يوم 30 ديسمبر 2009 بسرقة مشغولات ذهبية وساعات مرصعة بالماس تقدر قيمتها بـ 20 مليون جنيهًا .

سمير زكي:

خصصت الدولة إليه الكثير من الأراضى وبأسعار شبه مجانية  ويعتبر سمير زكى حامل أسرار العقارات لمعظم وزراء المخلوع وسمسارهم المفضل، خاصة عند الرغبة فى تحويل ما نهبوه إلى نقد، بدأ حياته العملية كعامل فى أحد المجمعات الاستهلاكية ثم تركه، والتحق بمصنع اللؤلؤة لصناعة الزجاج فى ثمانينات القرن الماضى، تعرف زكى على أحد العاملين فى جهاز مدينة 6 أكتوبر ومنه إلى رئيس الجهاز ثم إلى سكرتارية كبار المسئولين بالدولة، ثم انفرج الباب على مصراعيه  حصل على ترخيص بإنشاء جمعية تعاونية باسم شركة 6 أكتوبر لاستصلاح الأراضى والتى حصلت علي:

-17  ألف فدان بسعر 5 ألاف جنيه للفدان، ثم باعها بـ 2 مليون جنيه للفدان بعد بناء فيلا عليه، كما حصل على ترخيص بإنشاء جمعية تعاونية تسمى الوادى الأخضر، والملفت للنظر أن كبار المؤسسين بتلك الجمعية هم من كبار رجال الدولة ،  وضع زكى يده على 5 آلاف فدان من هيئة التنمية الزراعية ودفع 200 جنيهًا ثمنًا للفدان الواحد، قام ببناء 56 فيللا على المساحة المذكورة بواقع خمسة أفدنة لكل فيللا .

-  وضع زكى يده على 35 ألف فدان فى أفضل مواقع مدينة 6 أكتوبر، كان الغرض المعلن لذلك هو استصلاح الأراضى، وأما الواقع فهو وزارة إسكان مصغرة يخصص ريعها لكبار رجال الدولة، دفع سمير زكى خمسة آلاف جنيه ثمنًا للفدان الواحد ثم أعاد بيعه بمبالغ فلكية وصلت فى بعض الحالات إلى مليون ونصف المليون جنيهًا، وخص كبار رجال الدولة بنصيبهم من القيمة الدفترية التى اشترى بها، وخصص لأحد أبنائه مساحة قدرها 140 فدانًا بأرض مدينة 6 أكتوبر وأقام عليها ميناء للبضائع .

الشركة الكويتية:  

خصصت الحكومة 26 ألف فدان من أجود الأراضى لشركة كويتية فى عام 2001 بسعر 200 جنيه للفدان، لم تقم الشركة باستزراع تلك المساحة مهدرة أكثر من 100 مليار جنيه، وهو الثمن الواقعى لتلك الأرض .

الشركة السليمانية:

 خصصت الحكومة 750 فدانا إلى الشركة على طريق مصر الإسكندرية الصحراوى التى يملكها سليمان عامر بسعر 50 جنيها للفدان، حيث حول تلك الأراضى إلى منتجعات سياحية وأراضى للجولف .

أميرة سعودية:

خصصت الحكومة لها 10 أفدنة فى القاهرة الجديدة لبناء مجموعة من القصور للأميرات، وقد دفعت 400 جنيهًا للفدان الواحد وقدرت القيمة السوقية للمتر الواحد بمبلغ 4500 جنيهًا، وقد حدث ذلك بالأمر المباشر وتم التنفيذ فى يوم واحد .

أحمد عبد الوهاب:

 خصصت الحكومة له 547 فدانًا، صاحب شركة كنوز للأنتيكات على طريق مصر الفيوم تقدم كمال أحمد باستجواب فى مجلس الشعب حول الصفقة لكن كمال الشاذلى، زعيم أغلبية حزب مبارك، تصدى له وأوقف الاستجواب، وهو ما يدل على أن المشترى واجهة لأحد كبار المسئولين بالدولة .

معتز رسلان:

 خصصت الحكومة له وهو سعودى كندى وكان تلميذا لإبراهيم سليمان فى هندسة عين شمس 63 فدانًا فى التجمع الخامس بسعر 150 للمتر المربع، دفع رسلان 10% عند التعاقد ثم 15% بعد عام من التعاقد وبقية المبلغ على عشر سنوات، علمًا أن الغرض من ذلك كان إنشاء مدينة للملاهى، لم يلتزم رسلان بإنشاء مدينة للملاهى ولم تسحب منه الأرض، فى عام 2008 عرض رسلان الأرض المذكورة للبيع بسعر 4500 جنيهًا للمتر المربع وهو ما يعنى تحقيق ثروة تقدر بمبلغ 1.2 مليار جنيه.


الخلاصة

تهدف الورقة بعد عرض هذه المعلومات المتوفرة على صفحات التواصل الاجتماعى بتفصيل أكبر إلى التساؤل عن مستقبلنا المجهول بعد قيام السلطات بممارسة الاستبداد والقهر والنهب دون رادع أو التزام بقانون أو دستور.

تطرح الورقة تسأولات عديدة يحتاج الإجابة عليها إلى تضافر جهود الحالمين بعالم أفضل لبلورة رؤية بديلة، وخطط للعمل المشترك للتخلص من هذا الفساد وتطهير وإعادة بناء المؤسسات خاصة فى ظل الحروب الأقليمية وصراعات القوى الاستعمارية التى نهبت وما زالت تواصل نهب ثرواتنا عبر وكلائها المحليين، ومن ضمن هذه الأسئلة:

هل يجب الاستمرار فى تبنى نفس الأفكار حول دور الطبقة المسيطرة فى حمل راية التغير وبناء مستقبلنا؟

من هم المستفيدين من بلورة هذه الرؤية البديلة، وإلا يجب طرح مبادرة جديدة لإيقاف السقوط وتدهور حقوق أهالينا، وأوضاع بلادنا من قبل المدافعين عن مصالح المهمشين والعمال وصغار الفلاحين والصيادين؟

وهل يمكن أن يهتم المستفيدين من استمرار هذا الفساد فى تغير الأسس والمفاهيم التى تعيد إنتاج الجهل والفقر والمرض فى أجساد غالبية المواطنين؟

وأى شراكة يمكن أن تبنى مع سلطة تتلاعب وتتحايل بالقانون وتستبد بحقوق المواطنين جهارًا نهارًا وتواصل سياسيات أفقارهم وتجويعهم؟

وهل يمكن أن يتم البناء والهدم والتطهير تحت وصاية وإشراف، وبمشاركة الفاسدين أو المتورطين بأشكال مختلفة فى الدفاع عن استمرار هذه السلطة فى ممارستها اللإنسانية؟

تحتاج الإجابات عن هذه الأسئلة وغيرها التنسيق والعمل المشترك بين المنظمات والنقابات والقوى السياسية من أجل بناء مستقبل أفضل لأبنائنا وكفالة شعارات ثورة يناير فى العيش والحرية والكرامة والعدالة الإنسانية، ومن جانبنا سوف يعمل المركز خلال عام 2016 فى المساهمة فى وضع أجابات لتلك الأسئلة وذلك من أجل غد ومستقبل أفضل لكل المصريين.

المجد للشهداء

عاش كفاح الشعب المصري

76 شارع الجمهورية شقة 67 ـ الدور الثامن بجوار جامع الفتح ـ الأزبكية -القاهرة

      ت:27877014     ف:25915557 

lchr@lchr-eg.org:    بريد إلكترونىwww.lchr-eg.orgموقعنا على الإنترنت

http://www.facebook.com/pages/Land-Centre-for-Human-Rights-LCHR/318647481480115صفحتنا على الفيس بوك: :

صفحتنا على تويتر: https://twitter.com/intent/user?profile_id=98342559&screen_name=lchr_eg&tw_i=321605338610688000&tw_p=embeddedtimeline&tw_w=321586199514976256

سكايب   :   land.centre.for.human.rights

 

Viewing all 1888 articles
Browse latest View live